** دخل مكتبه فجرا فوجد تقريرا مرضيا مهما لأحد المرضى ملقيا على الأرض ، فحدثه ضميره اليقظ بأن هذا التقرير كان سيكون محفوظا في مكان آمن أو موضوعا فوق المكتب ، ولكن خللا ما في آدائه أوقع التقرير المهم على الأرض ، وظل هناك طوال الليل حتى الفجر ، وهذا الخلل هو ما يعرف بالاهمال ، وعليه جلس مدير المستشفى الايطالى على مكتبه حزينا ثم تناول ورقة كتب فيها استقالته، موضحا تقصيره في آداء واجبه وأن هذا الواجب يجب أن يذهب لمن لا يهمل تقارير المرضى ، ثم خرج من المكتب والمستشفى ولم يعد اليهما حتى اليوم ... تلك قصة واقعية لضمير يقظ ، أخطأ ثم حاسب نفسه بنفسه ، واذا بحثت عن ذاك الضمير أوغيره سوف تجد نماذج من القصص الواقعية لاتحصى ولاتعد ، كل أبطالها ضمائر يقظة تراقب ذاتها بذاتها وتحاسبها ان أخطأت ، ولكن كل ذوي هذه الضمائر اليقظة أو السواد الأعظم منهم ليسوا من بنى جلدتنا ، لاهم بعرب ولا هم بأفارقة ، وبالتأكيد ليسوا من هنا ، انهم من الذين نلعنهم صبحا ونسب قيمهم مساء ونشتم حضارتهم ضحى ، اولئك هم ذوو الضمائر التى حين تخطئ تعاقب ذاتها ، منهم من ينتحر ومنهم من يستقيل ، والقارئ ليس بحاجة الى ذكر نماذج ، وفى ذاكرته وزير الزراعة اليابانى الذي عاقب نفسه بالانتحار في يونيو الماضي بعد أن اتهم بالفساد ، وهناك الكثير المثير الذي يعكس أن قيمة القيادة هى ضميرها ، اذا صلح صلحت أعماله واذا فسد فسدت أعماله وأفسد... « حياة الناس » ..!! ** نحن في هذا البلد لا نتمنى ولا نقبل أن يكون العقاب انتحارا ، فهذا لايرضاه الله ولا يرضى الناس جميعا ، وكذلك لم نعد نطمح بأن يكون العقاب استقالة ، لم نعد نطمح فى هذا أبدا ، لانه يبدو لنا ك « عشم ابليس فى الجنة » ، حيث لن نصدق أن يستقيل قيادي- أو يقال- حين يخطئ ، فالمناصب في بلادى صنعت خصيصا ليتمادى فى البقاء عليها المخطئون ، واذا حدثتهم الصحف بأخطائهم يخطئون في حق الصحف ثم يتمادون في البقاء كيدا في الصحفيين ، وعليه لم يعد المطلب هو أن من يخطئ عليه أن يستقيل ، لم يعد هذا طموحا ، لقد تقزم الطموح منذ زمن ليس ببعيد ، وبلغ حدا صار فيه أمل الناس في بلدى هو أن يعتذر القيادى حين يخطئ لمن أصيب بنيران أخطائه وليس خطأه ، إذ قل أن تجد قياديا يخطئ مرة في عمر قيادته ، بل البعض يخطئ كل أول الشهر ونصفه وأخره ، ومع ذلك لايستقيل ولا يقال ، ولا يعتذر ، والأخير هذا صار طموحا شعبيا ، وعليك أن تتخيل حال شعب كل طموحه في الحياة أضحى هو أن يعتذر له القيادى الذي يخطئ في حق من حقوقه أو ..« كل حقوقه » ..!! ** وعليه نطالب السادة والي الخرطوم ووزير التخطيط العمرانى و معتمد أم درمان ، نطالبهم - حفظهم الله - بالاعتذار لمواطنيهم بقرية العتيق الذين أزالت ألياتكم بيوتهم ليس تخطيطا وتنظيما لقريتهم ولكن بالخطأ ، وهكذا اعترف - أخيرا - مجلسكم التشريعي ، نعم أعترف بعد ان تهدمت البيوت وتعرت الأسر الكريمة وتفرق أهلها ما بين افتراش الثرى و التحاف السماء .. بعد كل هذا يأتي مجلسكم التشريعي المؤقر ليحدث الرأي العام بأن قرية العتيق أزيلت بالخطأ ولم تكن مستهدفة .. هذا الخطأ لو حدث في ديار قيادات ذوي الضمائراليقظة - التى ذكرنا بعض نماذجها - لانتحر نصفها ولاستقال النصف الآخر .. لا نريد منكم هذا ولا ذاك يا ولاة أمر مواطنى العتيق .. فقط أعتذروا ... فالاعتذار أصبح ..« أمل الأمة » ...!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
الطاهر ساتي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست