حــكايات ( صلاح النجــار) ..... سرد قصصى
مشهد أول للغياب ... ممعنا فى تهكمه وتسلطه كان...،وكانت رياح الشتاء تتمطى وتعبث باجسادنا المنهكة،وكنا نلملم أحلام الطفولة الطرية ونتكور فى حلقات صغيره فى موقع قصى من كوخه الخشبى ...غير مكترثين بتحذيراتبعض الكبار من مجالسته يحلق بنا بعيدا بحكاويه وأحاجيه ،نطوف مع الغيوم والسحب الملونة بقوس قذح وانفجارات الهطول. نتوافد اليه فيملأ أقداحنا كأسا بعد كاس ،حتى تفيض على جدار كوخه السريالى ويغنى ثملا،تزداد نوبات الجنون والصرع فى أزقه المدينة كلما ازداد البالون فى أحشائه انتفاخا ،يتدلى الفرح المنسدل على الأماسى باهتآ خلف المواويل الحزينة وتمر الايام والسنوات فارغه ،وينفض الصغار من حوله ،يكبرون ،تترائ الأشياء تنفلت من مدارها وتتعتق الأجساد من هول التجارب ،تضرب العزلة أوتارها السميكة عليه وتحاصره الريح الموحشه بصفيرها ،يتوسل الأيام الماضية والأمنيات ... الفات...الفات ... وفى ايدينو ...سبعه لفات ... والجبه وقعت فى البير وصاحبها ...واحد خنزير وفى الهول...ضرب التلفون والعسكر ...واقف طابور ... ...العسكر واقف طابور ...وصلاح النجار ...يسلك طرقا متعرجة ممعنا فى عناده وتسلطه ...يمشى بين الغابات والسهول باحثا عن اله جديد وأطفال صغار يلتفون حوله ومدينه فاضله على تخوم خط الاستواء وغابات السافنا الغنيه . كانت عيون قطته المرقشة بالسواد والبياض تهز ذاكرته فيتحسس جبينه ،حيث أنه وعندما اختمرت لحظه السقوط فيه قرر الهروب الى عالمه السرمدى يحفه نفر من العاطلين فى المدينة ،أشاعوا انهم عثروا على قمر مستطيلا غير هذا الزى نعرفه ،قمرلا يغيب ولايختفى ، كان قد تأخر فسبقوه بيومين الى مجاهل خط الاستواء وغابات السافنا الغنيه وصباح ذاك اليوم وقبل خمسة عشر عاما ونيف قام بترتيب أشياءه التى لاتعنى شيئا لسواه فجال ببصره فى أرجاء كوخه الخشبى شبرا...شبرا ...وحينما أخذ حقيبته المخيطه بأسلاك رفيعة وبلاستيك ونتف من خيوط متعددة الالوان والمصادر ...داهمته رعشه عنيفة كلسعه التيار رعشه اهتز لها بدنه من شعر رأسه حتى ...تصاعدت أنفاسه ..تناول عود الثقاب بيمناه وصب ما تبقى من وقود (فانوسه)فى جوف كوخه الخشبى ...،بدأت ألسنه اللهب ترتفع ويرتفع معها صراخه والدخان ومواء القطه المرقشة ،فانهال عليها بطرف عصاه مدببه حتى انشق رأسها الى نصفين وسالت دماؤها ودموعه بين عينيه تخط خيطا رفيعا أحمرآ على الشارع الغربى المؤدى الى تخوم خط الاستواء وغابات السافنا فأطلق ساقيه الى أعلى منجزبا الى السماء فى اغماءه طويلة بطول هذه السنوات ...قضاها متجولا فى الأسواق والميادين بين الفضلات والكلاب الضاله ... مشهد اخر للفجيعة ... كنا واسماعيل وجها لوجه بعد خمسة عشر عاما بالتمام من الفراق المستبد ،وكنت أظن أن تباريح تلك السنوات قد ساقطت من ذاكرته كثير م الأحداث والمشاهد ،الا أنه يبدوا محتفظا بذاكره ناصعة وجليه فيسألنى عن تامدينة القديمة متلهفا اختلينا ببعضنا جوار شجرة حاجه(الليمونة)صانه (الطعميه)الشهيرة،وجلسنا فى بدايات الشارع الغربى المؤدى الى تخوم خط الاستواء وغابات السافنا لغنيه ...،توغل بنا الليل فى أحشائه وصوت (صلاح النجار )يأتى منسربا منبين شقوق المازل الطينية المتهالكة مرتفعا ومنخفضآ وهو يشعل النار على كوخه الخشبى ومواء القطه المرقشة واصطكاك أسنانها لحظات الحشرجه الاخيرة ... اتكأنا جهة اليسار ،وكان الشارع الغربى منمقآ بالهدوء والاضاءات الخافتة ،واسماعيل يتناول حبات (الطعميه )بشراهة فالتفت الى هازئآ...(لم ترق لى هذه القشور التى أحدثوها على وجه المدينة، قد يظنها البعض هنا تطورآ الا أنها خاليه من أى نبض بالحياة والخذور ،وهى تخفى ماخلفها تطمس ملامح المدينة الحقيقية التى تعكس ملامحنا وأنفاسنا والتاريخ ...التاريخ المسكوت عنه يا صديقى...؟). قلت :هل ترى مثلا أن مشهد خدى وهو جالس على كرسى الخيزران يحصى مسبحته ووجوه العابرين ولساعات طوال يحمل قدرا من الحياة؟ قال: اه ينبض بهدوء وشموخ الماضى الجميل فى الذاكرة متباهيآ أمام تصدع الراهن التائه بلا ملامح وبلا هويه . قلت: أن خلعنا منظار (قفا نبك ...من حبيب و...)يمكننا أن نميز تداخل الأزمنة . قال: أين صلاح النجار و(زوزو)بنت حاجة الليمونه؟ قلت : اختفى من المدينة بعد أن أصابه الجنون وعاد اليها قبل ثلاثه أعوام ،لم يعرفه أحد الا القليل منهم ،أما (زوزو)فقد تزوجت من سائق شاحنه ورحلت معه الى جنوب النيل الازرق . قال: مازلت اذكرها الان جيدآ وكيف كانت تملأ الشارع من بدايته حتى أخره بعطرها الأخاذ المثير تتناثر أردافها مهتزة معلنآ عودتها أخر الليالى،و(حمدان السكران ) يقفز صائحآ ...(وحدوه ..صلوا على النبى...وحدوه)،... ضحكنا حتى أخر العظم ،ولكزته مازحآ:ما عليك وذاكره المدينة ،لماذا لا نقف على ذاكرتك أنت؟...مثلا أن نتسكع على شارع عشيقتك الأخيرة ،ليست الأخيرة من الان ولكن الأخيرة قبل خمسة عشر عام مضت ... قال: قد أتوه م منزلهم كما تاهت الملامح العتيقة والأشياء والناس هنا ،لكننى مازلت احتفظ بها ضمن واجباتى الخاصة جدآ ،كنت عندما يشتد الوجد بى الهث خلفها بين فتيات المدارس اللائى يخرجن فى الصباح الباكر متراصات ومتموخات كأناناس برى لم تمسه عين بشر . ظل اسماعيل منكسآ رأسه فى زهول ...تملكه الأسى من هول المفارقات التى صدمته بعد هجرته الطويلة بعمر جيل ...،رجعنا وطوينا هذه الليلة التى توافق الحادى عشر من فبراير للعام 2001فى أحد الأحياء العتيقة من مدينه (كوستى) على أن نعاود جولتنا غدآ بعدد من الزيارات الى ما تبقى من أطلال وأحبه. كوستى 11فبراير 2001

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]