خواطر تاريخية حول أزمة الديمقراطية : د.محمد سعيد القدال

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-07-2024, 12:52 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-18-2007, 07:10 PM

elsharief
<aelsharief
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 6709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
خواطر تاريخية حول أزمة الديمقراطية : د.محمد سعيد القدال







    خواطر تاريخية حول أزمة الديمقراطية (1-7)

    د.محمد سعيد القدال

    السوداني 11-11-2007

    لعله من نافلة القول أن نسأل إن كانت الديمقراطية في أزمة أم لا، فقد أصبح الأمر جليا لكل ذي بصر وبصيرة. فالانقلابات العسكرية، وبقاء الحكام في مواقعهم لفترات تبعث على الملل والسأم، والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان، والتدمير المتلاحق لمؤسسات المجتمع المدني، وتيار الهوس الديني الجارف، والأحزاب السلطوية الخاوية، والفساد المستشري، وتصريحات الحكام التي هي عبارة عن مونولوج مع الذات أكثر منها حديثا سياسيا راشدا، وأجهزة القمع التي تتصدى لكل صوت حتى ولو كان صرخة طفل. والاعتماد على شرعية السلطة بدلا من سلطة الشرعية، وتزييف الانتخابات، وتزييف الوعي بأموال الطفيلية.. كلها تصيح بالصوت العالي معلنة عن أزمة الديمقراطية.

    إنه واقع بائس هذا الذي يعيش فيه السودان وبلاد العالم الثالث. وبلغ التشاؤم مداه لدى البعض فسأل إن كانت هناك ديمقراطية أصلا حتى تكون هنالك أزمة؟ بل أخذ البعض يسأل في ريبة إن كانت الديمقراطية هي نظام للحكم يصلح لبلادنا. ووصل هذا البؤس مداه الهزلي في إعلان نظام الجبهة الإسلامية في السودان عن وجود ديمقراطية تتمثل في حرية الصحافة والسماح للأحزاب بممارسة نشاطها. ولكن إذا كانت حرية الصحافة والسماح للأحزاب بممارسة نشاطها هي الأمر الأفضل، فلماذا قهرتموه في البداية، ثم عدتم إليه؟ ولماذا تقدمونه مثل الدواء ملعقة في الصباح وملعقة في المساء؟ ولماذا تظل أجهزة القمع رقيبا على الحرية السياسية وكأنها هي التي تمتلك القدرة على التمييز بين ما يصلح وما لا يصلح لهذا البلد، وليس لها من قدرة على التمييز سوى سلاح البطش. إن المنهج التجريبي والتبريري أصبح ممجوجا بعد أن خاض العالم لجته في بحار من دماء وعنت.

    نتناول في هذه الورقة الجذور التاريخية التي أدت إلى أزمة الديمقراطية في السودان، أما حاضرها ومستقبلها فنترك أمره حتى نستبين ماضيه، لأن الحديث عن الحاضر بلا تاريخ تهريج، والحديث عن المستقبل بلا تاريخ نوع من التنجيم. البداية من التاريخ، لأن الإنسان حيوان ذو تاريخ.

    تركز هذه الورقة أساسا على تلك الجذور ولا تتناول تطور التجربة عبر مراحلها المختلفة. على أن تناول ذلك الحاضر والمستقبل يصبح أكثر يسرا إذا وقفنا على جذوره التاريخية، ليس في تجربة السودان وحده، أو تجربة العالم الثالث، بل نعود أولا إلى الجذور التي نبعت مهنا الديمقراطية الليبرالية في أوروبا، ثم نتابع جذور الأزمة في السودان.

    الديمقراطية الليبرالية هي من نتاج الثورة البرجوازية في أوروبا. وكان للثورة البرجوازية تجلياتها في المجال الاقتصادي والثقافي والاجتماعي، وفي فصل الدين عن الدولة وسيادة العلمانية التي رفع ألويتها عصر الاستنارة. والديمقراطية الليبرالية هي الإنجاز السياسي للثورة البرجوازية. إن القاعدة الاجتماعية الثابتة هي التي هيأت للديمقراطية اللبرالية السير في يسر دون عوائق. وبدون هذه القاعدة تصبح ممارسة الديمقراطية صعبة وتعترضها عقبات. هذا لا يعني أن الديمقراطية الليبرالية نظام كامل لا تشوبه نقائص. إنها قطعا ليست كذلك، ولكنها أفضل ما توصلت إليه التجربة السياسية البشرية حتى الآن. والطريق مفتوح للمضي قدما وابتداع أنظمة أفضل.

    ونشأت الديمقراطية الليبرالية في صدام دموي مع الحكم المطلق والحق الإلهي والتسلط وهزمتها واحتلت مكانها في التاريخ على أنقاضها وفتحت المجال للتداول السلمي للسلطة. إن الديمقراطية تقوم أساسا على هذا التداول السلمي للسلطة، إذ بدونه يصبح الحكم نوعا آخر من التسلط. وهناك مثال لعل له دلالته. فعندما فاز الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت ثلاث مرات متتالية (1933 ـ 1945)، انزعج الأمريكيون لأنهم خشوا أن يكون هذا نذير حكم مطلق مغلف بالديمقراطية. فتم تعديل الدستور الأمريكي لتصبح فترة الرئاسة فترتين فقط. فالقاعدة الاجتماعية الثابتة والتداول السلمي للسلطة هما ركيزتا الديمقراطية الليبرالية.

    وتكتمل الديمقراطية الليبرالية بقيام مؤسسات المجتمع المدني، فهي ركيزتها الثالثة. فالديمقراطية ليست فقط انتخابات وبرلمانا، وإنما أيضا مؤسسات مجتمع مدني تكمل هذا البنيان في ما يمكن أن نسميه constellation complex. من تلك المؤسسات الأحزاب السياسية التي تسعى لاستلام السلطة سلميا في إطار القاعدة الاجتماعية الثابتة. والأحزاب تجمّع طوعي لمجموعة من الناس تؤمن بأهداف مشتركة ولها برنامج معلن تسعى لإقناع الناس به سلميا، لتصعد إلى السلطة سلميا.

    فالأحزاب في ظل النظام الديمقراطي تؤمن بهذا النظام وتعمل على توسيع نفوذها مستغلة مناخ الحريات الذي يوفره، وليست منظمات تستغل ذلك المناخ الحر، وتتحين الفرص لتنقض عليه. حدث هذا في إيطاليا على عهد الحزب الفاشي، وفي ألمانيا على عهد الحزب النازي، وعلى أيامنا هذه عند بعض الأحزاب التي تلتحف بدثار ديني وتخفي في أحشائها تربصا ختولا وهو نذير شر مستطير.

    ومن ركائز الديمقراطية الأحزاب. إن الحزبين الكبيرين في السودان (الأمة والاتحادي الديمقراطي)، يعتمدان على الطائفية والقبلية، وهما مؤسستان صادم الفكر المستنير في أوروبا شبيهاتهما صداما لا هوادة فيه، حتى استقام أمر الديمقراطية. ولكنّ المؤسستين لهما دورهما في المجتمع السوداني، ولم تتهيأ الظروف بعد للقضاء عليهما. ويقفان حجر عثرة في سبيل الممارسة الديمقراطية. وهذا تناقض أساسي ينهش في كبد التجربة الديمقراطية. فقد شهد السودان مع بداية الديمقراطية تجارب لا علاقة لها بالديمقراطية، وهي ما عرف بالتصويت بالإشارة حيث يختار الزعيم مرشحا في دائرة لم يرها طوال حياته العملية، وما على الناخبين إلا التصويت له. فمن العسير ممارسة الديمقراطية مع هيمنة الطائفية والقبلية، ولكن ما يزال المجتمع بحاجة لتينك المؤسستين ولا يمكن إلغاؤهما بجرة قلم وبإجراء إداري.

    كما أن قيام الأحزاب في مجتمع ما يزال الصراع فيه مفتوحا، يفجر بينها صراعا قد يكون أحيانا دمويا. فالأحزاب في النظام الديمقراطي الليبرالي مؤسسات لتداول السلطة سلميا دون أن يؤدي ذلك التداول إلى تغيير التركيب الاجتماعي أو إلى هزه. فالقاعدة الاجتماعية الصلبة تضمن عدم وقوع اهتزاز اجتماعي.

    كما شهدت بعض بلدان العالم الثالث قيام أحزاب في ظل السلطة الحاكمة. فهذه أحزاب سلطوية. وهذا النوع من الأحزاب أسوأ أنواع الأحزاب، لأنها تضم العناصر الانتهازية الفاسدة، التي تريد فقط استغلال السلطة. ولعل أسطع أمثلة ما حدث في السودان على عهد دكتاتورية نميري وتكوين الاتحاد الاشتراكي، فكان بؤرة فساد. وفي عهد الجبهة الإسلامية تكون حزب المؤتمر الوطني، وأصبح أيضا بؤرة فساد أصبحت رائحته تزكم الأنوف ويتحدث عنه الناس في مجالسهم بلا وجل.

    فما هو المخرج؟ لا أحد يملك حق إلغاء الأحزاب أو منع قيامها. فالأحزاب لم تقم برضا أحد، وهي لا تطلب إذنا لتنشأ. ولكن قيامها على مؤسسات تقليدية وتكاثرها، وأحيانا بشكل سرطاني، كما في بعض بلدان الشرق الأوسط، يجعل التجربة الديمقراطية عرضة للاهتزاز، بل وربما للفشل. والحل لا يأتي منفردا بالنسبة للأحزاب فقط. لا بد من تناول كل التجربة الديمقراطية.


                  

11-18-2007, 07:13 PM

elsharief
<aelsharief
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 6709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خواطر تاريخية حول أزمة الديمقراطية : د.محمد سعيد القدال (Re: elsharief)



    خواطر تاريخية حول أزمة الديمقراطية (2-7)

    ومن مؤسسات المجتمع المدني الصحافة. وهي مؤسسة تتمتع بدرجة كبيرة من الحرية في إطار التركيب الاجتماعي. ولكنها حرية نسبية وليست مطلقة. وهذه الحرية النسبية هي التي تمكنها من أن تلعب دورها في المجتمع. ويتمثل دورها أساساً في بلورة الرأي العام تجاه القضايا المهمة. والمقصود بالصحافة ليس الصحافة الحكومية أو الحزبية وإنما الصحافة المستقلة. ولكنها مستقلة عن ماذا؟ مستقلة عن المؤسسات والجهات التي تجعل أداءها محكوماً بأشياء محددة مما يضعف من دورها. ولكنها ليست مستقلة عن النظام الاجتماعي، ولا هي تسعى لتدميره. هدفها أن تخلق توازناً في النظام الاجتماعي، وأداة للنقد، وتنفيساً اجتماعيا يقلل من الانفجارات العفوية المدمرة.
    لنأخذ مثالاً واحداً ساطعاً هو جريدة الواشنطون بوست (Washington Post) الأمريكية. والجريدة ليست ضدّ النظام الأمريكي ولا هي عدوة له، بل هي من ركائز النظام الرأسمالي الأمريكي. ولكنها لعبت دوراً حاسماً في إسقاط الرئيس الأمريكي نكسون وإرغامه على الاستقالة من منصبة عام 1974، وهي المرة الثانية التي تحدث في تاريخ الولايات المتحدة. ودخلت الجريدة نفسها في مشكلة مع الرئيس جيمي كارتر. فقد حصلت الجريدة على خبر مفاده أن الملك حسين ملك الأردن يأخذ مرتباً ثابتاً من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. فقابل رئيس تحريرها الرئيس الأمريكي مستوضحاً، فأخبر رئيس التحرير بأنه على علم بالأمر وسوف يصدر أمراً بإيقافه، ويرى أن نشر الأمر مضر بمصلحة البلاد. ولكن عندما استشار رئيس التحرير هيئة الصحيفة رأوا أن ينشر الخبر. وعند نشره أرسل كارتر رسالة إلى رئيس التحرير منتقداً النشر لأنه يضر بمصالح أمريكا وأنه عاتب عليه ليس كرئيس جمهورية وإنما كمواطن. لم يرسل قوات الأمن لمصادرة الجريدة وحرقها، ولم يأمر باعتقال رئيس التحرير. وانتهى الأمر عند هذا الحد. ويرى البعض أن التجربتين قوّتا من النظام الديمقراطي ولم تهزاّ ثباته. على أن الشيء المهم هو أن مؤسسة صحفية وقفت ندّاً لرئيس البلاد وأسقطته من منصبه. ثم خالفت نصيحة رئيس آخر. ولم تمارس نفوذها ذاك عن طريق البرلمان أو الجيش أو الخدمة المدنية، وإنما عن طريق وضعها كمؤسسة مستقلة من مؤسسات المجتمع المدني. ودونكم والمؤسسات الصحفية في الأنظمة الديمقراطية الأخرى. إن الصحافة تستطيع أن تمارس دورها بكفاءة، إذا تمتعت بالاستقلال، ما دام ذلك الدور لا يدمر المجتمع. هذا لا يعني أن الصحافة في بلدان الغرب تتمتع بالحرية الكاملة. فهاهم الصحفيون يتظاهرون في فرنسا في نوفمبر 2007 مطالبين بحرية الصحافة وحمايتها من تغول السلطة.
    ونجد في بلدان العالم الثالث تشويهاً كبيراً للمؤسسة الصحفية. فتصدر في كثير من تلك البلدان صحف حكومية. وهي عبارة عن نشرات رسمية باهتة وفي كثير من الأحيان ممجوجة. وقد بدأ هذا النوع من الصحف الحكومية في السودان في عهد دكتاتورية عبود (1958 ـ 1964)، حيث صدرت جريدة باسم الثورة. ورغم أنها لقيت دعماً من الدولة، وصدرت بحجم كبير بالنسبة للصحف الأخرى، وبسعر زهيد نسبياً، إلا أنها لم تلق رواجاً. ويقال إن أحد باعة الصحف كان يصيح بها قائلاً: "البرش بقرش". ثم صدرت صحيفة أخرى على أيام دكتاتورية نميري باسم "الأحرار"، وكانت أيضاً فاشلة. فقام نميري بتأميم كل الصحف. وأقدمت الجبهة الإسلامية على إيقاف كل الصحف، وأصدرت صحفاً حكومية خاصة بها. وتراجعت أخيراً وسمحت لبعض الصحف المستقلة بالصدور، ولكن بقيت لها أصابعها التي تجوس بها في دنيا الصحافة، ولكن ما زالت الصحف تكبلها بعض القيود. وكلها تجارب تعكس جنوحاً عن الصحافة المستقلة، لأن الأنظمة الدكتاتورية لا تحتمل الرأي الآخر، بالذات إذا كانت أنظمة عسكرية.
    ومن مؤسسات المجتمع المدني النقابات العمالية والمهنية. والنقابات منظمات ديمقراطية مفتوحة لكل أفراد المهنة أو العمل على اختلاف انتماءاتهم الطبقية، من أجل تحسين أوضاع عضويتها بالأساليب النقابية. وهناك نقابات ليست مطلبية مثل نقابة المحامين، التي تعمل من أجل ترقية المهنة وحماية الديمقراطية. إنها ليست أحزاباً سياسية. فإذا تحرشت بها السلطة أو أخضعتها لسلطانها، فإنها تفقد دورها وتتحول إلى مسخ شائه. وقد دخلت بعض الأنظمة في البلاد الرأسمالية في مجابهات عنيفة مع النقابات، مما أوشك أن يفقد المجتمع توازنه، لولا منعة الدولة الرأسمالية التي استطاعت أن تحافظ على بعض التوازن. وكانت تجربة الاتحاد السوفيتي مع النقابات فاشلة. فقد أصبحت النقابات خاضعة لسلطة الحزب، وفقدت استقلالها، رغم أن لينين أصدر كتابه الشهير "ما العمل؟" ليضع حداً فاصلاً بين العمل الحزبي والعمل النقابي. ولكن الاتحاد السوفيتي وقع في منزلق الخلط بين النظرية والتطبيق.

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de