|
مر الكلام حركات دار فور المسلحة في الميزان
|
مر الكلام(2)
حركات دار فور المسلحة في الميزان
لا نريد ان نحمل مبضع الجراح لتشريح هذه الحركات فمازال الوقت مبكرا لذلك ولكن قصدنا ان نكشف عن الخلل الذي يعتري هذه الحركات في هذا الوقت بالذات ، فبعد كل الذي جرى خلال السنين الماضية منذ تفجر الثورة في دار فور كان يجب على الحركات ان تستفيد من التجارب وتكتسب مزيد من الخبرات تساعدها في تقويم عملها وتحديد مسارها بصورة أفضل ، ولكن الحاصل عكس ذلك تماما ، تشرزمت الحركات واستنسخت حركات جديدة لا يعرف الناس عنها كثير من الصعب بل المستحيل الحديث عن عديد هذه الحركات في الوقت الحالي فالثورة التي بدأت بحركتين تحرير السودان والعدل والمساواة أصبحت الآن حركات كثيرة بأسماء لا يكاد المرء التمييز بيننا فكما قال الرئيس في مؤتمره الصحفي بروما وهو يسخر من هذه الحركات بقوله بعض هذه الحركات تملك ثلاث عربات وبضع من الأفراد وهكذا كثرت الحركات ومعظمها لا لون لها ولا طعم ولا رائحة شئ هلامي أقرب الى (الشفته) السؤال الذي يطرح نفسه على ماذا تختلف هذه الحركات ؟
كل يدعي انه يدافع عن قضايا دار فور وبعضها تتجاوز دار فور الى السودان كله فلماذا لا تتحد تحت مظلة واحدة ان كان الهدف تحقيق المصلحة العامة .
والاعجب من ذلك ان هذه الحركات تقاتلت فيما بينها قتالا شرسا حول ماذا ؟ حول الأرض الخلاء التي لا تمسك ماءا ولا تنبت زرعا تقاتلت حول الزعامة كل يريد أقصاء الآخر للانفراد في ساحة دار فور واستخدم في ذلك كل الأساليب ، تناصرت الحركات بقبائلها وفي القبيلة الواحدة تناصرت بالعشائر وفي العشيرة تناصرت بالاسر والبطون والافخاذ ، ما هذا الذي يجري ، في مفاوضات أبوجا التي اسفرت عن اتفاقية أبوجا اتفقت الحركات وكانت اثنتان ، انشطرت احداها الى زعامتين اتفقت كلها على وفد مفاوض واحد وكانت تجربة ثرة بشاهدتهم هم انفسهم وكانت فرصة سانحة لتطويرها الى الوحدة الكاملة ولكن بدأت المشاكسات وظهرت الأجندة الخفية واجهضت التجربة وكانت النتيجة ان تفرقت الحركات أيد سبأ فغابت تسمية الحركات المعروفة الى أجنحة وتيارات تيار مني وعبد الواحد ومجموعة "19" ومجموعة إبراهيم مادبو وهلمجرا ..... ، وبعدها أدركت القادة الذين ظهروا فجأة كالنبت الشيطاني ان لا مكان لهم في الاحراش فهم لم يتعودوا على حياة البؤس والشقاء فضربوا اخماسا في اسداس وقلبوا وجوه النظر ليس لمصلحة أهل دار فور ولكن لمصلحتهم الشخصية ولمصلحة قبائلهم وعشائرهم وأهليهم الأقربين فتوصلوا الى نتيجة تتفق مع أهواءهم فهرولوا نحو الخرطوم بدون برنامج وبدون اتفاق حتى ان بعضهم لم يوقع على شئ فقط التحق بالموجود وركب التيار المسمّى بتيار السلام ، اما بقية الحركات فعادت الى مواقعهاسهولا وجبالا واودية فبدلا من اعادة ترتيب حالها ولم شعثها بدلا من ذلك اطلت الخلافات برأسها لاسباب غير منطقية وغير موضوعية فقط الصراع حول القيادة والبحث عن المكاسب والسيطرة فبدأت الحركات تنتج اجساما باسم فلان وعلان وفلتكان وهذه الاجسام لا تقوى على الصمود لانها ولدت شبه ميتة فهي تحتاج الى من يمدها بأكسير الحياة لتستمر وليس مهما من يكون هذا الغير ، دول الجوار ، مخابرات أجنبية ، منظمات مشبوهة ، حكومة الخرطوم واستخباراتها اما قضية دار فور أصبحت خظها لدى هذه المجموعات مجرد بضاعة مزجاة ، وبما ان دول الجوار لا تعطي لوجه الله بل لها مصالحها التي تريد تحقيقها من خلال هؤلاء ما كان لها ان تستمر في دعم هذه المجموعات الفاقدة لاي تاثير فلفظتها فعادت بعضها الى حضن الحكومة الدافئ التي تستقبل كل قادم بالترحاب وبقليل من الثقة فيظن القادم ان أبواب المال والسلطة سوف تفتح على مصراعيها فتراودهم الاحلام الوردية ولكن سرعان ما تنكشف الحقيقة المرة ان الحكومة ليست بالغباء الى الدرجة التي تعطي شئ مفيدا لامثال هؤلاء فتركتهم لحالهم وطبقت عليهم المثل (جوع كلبك يتبعك) .
ومسلسل دار فور لم يرواح مكانه والحركات تتقزم والزعامات الوهمية تنتفخ كالبالون وتظن ان لها شأن وتمارس كل الأساليب المرفوضة التي من أجلها خرجت ولعلم القارئ ان هذه الزعامات لا تتورع في قتل اتباعها وسجنهم لمجرد الرأي ولهذه الزعامات سجون وبلاوي ما انزل الله بها من سلطان كل ذلك بغرض التكريس لسلطة الفرد ويستعان لتحقيق ذلك استنفار الأسر والبيوتات عبر النفرات الصغرى والكبرى ، الم أقل لكم ان هذه الحركات تضع نصب أعينها على تجربة الحكومة كيف تمردت على حزبها وجماعتها مستغلة امكانيات الدولة، كيف اقصت قيادة معتبرة صادقة وكيف استفادت من امكانيات الدولة بعيدا عن المحاسبة والرقابة ، هذه التجربة أصبحت جاذبة لزعامات الحركات فهي تقصى من ترى فيه بذرة المنافسة ومن ترى فيه التفاف الناس حوله ، نفس التجربة نعلا بنعل واقتباسا حتى بالشولة ولله في خلقه شئون ، أيظن احد ان هذه الحركات سوف تحقق شيئا لدار فور ولأهلها ؟ مع الأخذ في الاعتبار تجربة الذين أتوا وانخرطوا في الحكومة (حكومة الوحدة الوطنية) هذا هو اسم الدلع للحكومة اما اسمها الحقيقي (حكومة المؤتمر الوطني المنشق) هؤلاء أصبحوا نسيا منسيا لا نسمع لهم لا همسا ولا ركزا ، حتى لو بحثت عنهم يصعب العثور عليهم ذابوا كالجليد !! .
كل المآسي في دار فور لم تحرك في هؤلاء القادة ان يفكروا مرة واحدة ويعيدوا النظر في مسيرتهم ان فعلوا ذلك بحسن نية وبتجرد لنزلوا من أبراجهم العاجية وتواضعوا للجلوس مع أهليهم واتباعهم ومتعاطفيهم والحادبين من أهل السودان لترتيب الاوضاع ولملمة الاطراف تحت قيادة واحدة للدخول في التفاوض بروح المسئولية حينها تعلم الحكومة ان الامر جد وتقدم على تنازلات حقيقية تكون ثمرتها سلاما حقيقيا يرد الحق لمستحقيها وتستقر الاوضاع اما الذهاب الى التفاوض وفي ليبيا وما ادراك ما ليبيا بهذه الصورة المزرية فان الحصيلة تكون اسوأ من أبوجا والحكومة مدركة لذلك فاعدت عدتها بصورة جيدة لاستقطاب الحركات والزعامات باساليبها لمتعددة فالتفاوض الحقيقي سوف لا تجري في القاعات المشهورة بل في غرف الفنادق وفي الردهات والممرات وفي السفارة السودانية وفي اماكن أخرى تجري إعدادها منذ مدة والطعم جاهز دولارات ، يورو ومناصب وأشياء أخرى ...!! الخاسر الاكبر في هذه المفاوضات المواطن المسكين الذي أعطى التأييد لهذه الحركات على بياض أملا في تحقيق مطالبهم المشروعة ولكن خاب ظنهم ، المسألة أصبحت واضحة خيارين فقط الأول ان تعود الحركات والزعامات الى رشدها تاركة احلامها وطموحاتها التي لا تتحقق في ارض الواقع فتلملم أطرافها تحت مظلة واحدة وبرنامج واحد للدخول في التفاوض والا فلتذهب هذه الحركات والزعامات الى الجحيم بحسبان ان أهل دار فور لا تخسر شيئا بذهابهم غير الزمن الضائع والحسرة وسوف يقيد الله من يحمل همهم ويحقق مطالبهم المشروعة وليس ذلك على الله بعزيز .
﴿الذين ان مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور﴾
يتبـع ،،،
بارود صندل رجب
المحامي
|
|
|
|
|
|