|
Re: كلب سراماغو...د/لمياء شمت (Re: فيصل محمد خليل)
|
كثيراً ما ذهب خوزيه ساراماغو - في أعماله الروائية - الى التشكيك في قناعة البشر بأنهم قد وصلوا الى مرتبة "الإنسانيّة" ، تلك المرتبة التي تفصلهم تماماً ، وتميّزهم عن بقيّة مملكة الحيوان ! ولقد تبدّت وجهة نظره هذي ، ليست في أعماله الأدبيّة وحسب ، بل تعدّتها الى التصريح المباشر بها الى وسائل الإعلام . فلدى زيارته الى الولايات المتحدة الأمريكيّة ، بُعيْد نيله جائزة نوبل في العام 1998 ، أثار حنق وحفيظة الكثير ممن كانوا يقيمون معه اللقاءات والحوارات من محرري أبواب الأدب في كبريات دور الصحافة والإعلام - حين كان يردّد ، بمناسبة ودونما مناسبة مقولة عالِم الطبيعيّات وعلم سلوك الإنسان ، النمساوي / كونراد لورنز : [ لقد اكتشفتُ أنّ الحلقة بين الحيوان والإنسان المتحضّر ، هي نحن ُ ] واتهموه بأنّه كان يتعمّد استفزازهم ، استفزاز بني البشر ..
فإلى أيّ مدىً كانت ، وستظل ، تلك المقولة / الإكتشافُ صائبة ً : من الناحية الطبيعيّة / البيلوجيّة ، ومن الناحية الإجتماعيّة / السلوكيّة ؟!! المتمعّن ، برويّة ، في التاريخ وحال اليوم سيجد أنّ الإنسان قد كدّ ، كدَح وحقّق الكثير ، والمُدهش مِن الإنجازات .. إلا أنّ تلك " القفزة الشاملة " والنوعيّة نحو عالَم ٍ أكثرَ رحابة ًوإنسانيّة - يكفّ فيه بنو آدم عن قتل بعضهم البعض ، يعمّ فيه التآخي والمحبّة بدل البغضاء والكره ، يذهب فيه الناسُ نحو فكّ شفرة الكون المحيط بنا ، مداواة عِلَلِنا وإقصاء المرض والعاهات عن حياتنا - ما زالت بعيدة المنال ..
وأنّ الذي يؤكّد على حمَق الإنسان - هو أنّ كلّ ذلك من الممكن تحقيقه ، إلا أنّه ما يزال يراوح بين منزلتين ، مغلولٌ بتلك "الحلقة المفقودة" التي تكبّل كاحليه / يبحث عنها ولا يراها ؛
وليتمَلمَل "داروين" في قبره ما شاء له التملمُل : فهو لم يصدّق تلك الحقيقة التي كانت ماثلة أمام عينيه .. فبدّد ما تبقّى له من العمر بحثاً عنها في غياهب الآركيولوجيا ؛
[ ... أنّ الحلقة بين الحيوان والإنسان المتحضّر ، هي نحن ] أرجو أنْ يكون ذلك صائباً ، وهو صائب ، بدَل أن نكون الحلقة بيننا ، والإنسان المُحتضر .. !
|
|
|
|
|
|