|
سرد: ابومقـشاشــــه
|
صفحة جديدة 1
ابومقشاشة
ـــــــــــــــــــ
أبو مقشاشة ليست أكثر من محاولة لإزالة القاذورات التي تراكمت حتى حجبت عنا جوهر الأشياء النظيفة وأفقدتنا حاسة أن نعيش في واقع يطابق الدواخل.
أشرف السر
فلسفته الخاصة تتلخص في أن تكنس نفسك أولاً...
ثم تكنس ما.. ومن حولك
فمقالب القمامة ليست أحق بالكنس من بعض (الأشياء) في هذا الكون..
(( مقولة لأحد الفضوليين عن أبو مقشاشة))..
لم يحدث أن نملةً ثارت على مملكة النمل ولذا لا يزال النمل نملاً وسيظل هكذا حتى يكنس من الوجود يوماً..
((كلمات وردت على لسان أبو مقشاشة عقب انتهائه من كنس ميدان الحرية))..
كن نظيفاً ترى بعض القذارة قد زالت..
((أحد النظيفين نسبياً))..
النص
(1)
((قضى فيه أياما تعسة، يتعلم فيها قتل الحياة تحت غطاء أخلاقي من الشعارات الطنانة التي تصم آذان الضمير...
لكنه تعلم حب الحياة.. عندما أتم مدة التدريب أعطى ظهره لمهنة القتل))
عسكريةٌ هي الحياة في هذا المعسكر القابع تحت أقدام المدينة الصغيرة.. عسكريةٌ تماماً رغم أن القوات المتدربة هي قوات شبه عسكرية.
يتذكر بوضوح كلمات قائد السرية، الرقيب أول "الغائب" ( لا بد أن تعامل البندقية كجزء من جسمك، اعتبرها يدك أو قدمك). عجيبٌ أمر هذا الرقيب، اسمه "الغائب" والبندقية كانت فعلاً جزءاً من جسده، ولكنها لم تكن عضواً طرفياً، بل كانت رأسه..
طالما راودته الأسئلة؛ هل لهذا الرقيب زوجة وأبناء ؟ هل يعرف هذا الرجل الحب ؟ أي تفاحةٍ محرمة أكلها فخرج من جنة الإنسانية إلى حيث لا شيء سوى التدمير وقتل الحياة مقابل شريط من القماش يعلقه على ساعده بزهو من قطع مفازة على ظهر سلحفاة عمياء..
رغم بشاعة هذا الرقيب لم يكرهه يوماً، بل كان يميل إليه أو بالأحرى كان يعطف عليه، فهذا الرجل واجه الموت مراراً في غابات الجنوب وخرج منتصراً لحياته، هو إذا يحب الحياة ولو كان هذا الحب محصوراً في حب الذات.
أحس في قرارة نفسه بالراحة لأنه اكتشف أن هذا المخلوق يحب شيئاً حياً ولو كان هذا الشيء هو ذاته..
تعمقت علاقته بالرقيب وصار يدعوه "البطيخة" لأن رأسه مغلقٌ تماماً، وبادله الرقيب الود وأصبح يناديه "المستهبل".
زاد ارتياحه فصار عميقاً، فتصالح مع ذاته....
... يتسلسل.....
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: سرد: ابومقـشاشــــه (Re: اشرف السر)
|
(4)
((الرسم والحلم
الرسم هو آلية قصوى عند الجمود لتنظيف المجسمات – على بعدين فقط-
الحلم هو واقع أكثر نظافة))
رياح الشتاء تنسج أثوابها في عظامه بدراما عنكبوتيه. ينهض في تثاقل. يمضي نحو البحر.الرمل يتماوج تحت قدميه خوفاً من الكنس. هدير البحر يغني معزوفة المسافات الطويلة.
رنا ببصرة نحو الأفق المعطر بالشجون – شجونه هو-. القمر مكتمل، يخرج في تثاقل من عرض البحر. ذلك الجبل في منتصف البحر لا يبدو مكترثاً لشيء، فهو مغطى في أعاليه بثوب من الغمامات المرحة التي تودع الريح الشتوية.
انكسر ضوء بلون التبر من وجه القمر على سفح الغمامات. فظهر وجهها "هي" في منتصف المسافة بين القلب والغمامات. تكاثف وجهها "هي" يعتصر أطراف الغمامات حتى ذرفت دموعاً على قمة الجبل...
هبت عليه في موقفه ذاك نسمة من ناحية الجبل فتناثر طيبها "هي" في أقصى زوايا رئتيه. أخذ نفساً عميقاً واستدار فجأةً..
لسعه ضوء الشمس في وجهه، أدرك أن الظل انحسر عن مكان نومه قرب الجدار – كان هذا الإدراك في المنطقة بين النوم واليقظة -. وضع يده على وجهه مُركزاً تفكيره في عبارةٍ لا يدري أين سمعها ( ما أقسى الجدار حين ينهض في وجه الشمس) لكن جداره هذا من فصيلة أخرى من الجدران، فأشعة الشمس تتجاوزه في يسر.
أحس باليقظة في ذهنه تغطي على مساحة النوم. انقلب على جانبه الأيسر وأضاف مزيداً من اليوريا لأسفل الجدار. نهض واقفاً. دقق النظر جيداً في الحائط ليرى التغيير في سطح الجدار.
قذارة، هذا ما يراه المارة، أما هو فكان يراها لوحات رائعة من البوتاس واليوريا تضاهي في سرياليتها أعظم أعمال "سلفادور دالي" بل تفوقها. فهذه الأشكال تبين عظمة أن نضع هذا السائل "اليوريا" في متحف مفتوح للجميع في كل فصول السنة، خصوصاً فصل الخريف الذي تعطي أمطاره لهذا المتحف نكهة الأصالة المجردة من الروائح المُستأنِسة للأنوف، حيث تتيح التفاعلات للنشادر أن يخنق مواطن النفاق في الأنوف.
نهض بقامته المديدة ليمارس تنقيحه اليومي. نظر إلى مساحة الجدار العلوية من المتحف- والمساحة العلوية هي مكمن الشاعرية- فقد نذر أن يكنس قاذورات "شعر النفاق" من حيث ابتدأ النابغة والمتنبئ وأحمد شوقي إلى آخر ما ابتدعه شعراء التباديل والتوافيق لحروف اللغة وعلم العروض.
أحس بضرورة تنقيح ما كتبه البارحة. انتقل يميناً والتقط قطعة فحم صغيرة ليبدأ "الكنس الذاتي". بدأ يقرأ جهراً قصيدة كتبها اليوم السابق:
قد أتينا كي نغني الحب نبراس الحياة
قيثارتي أملٌ وأملي أطواق النجاة
وحبنا عهدٌ
وعهدي اليوم أجدر بالوفاء
أدرك ضرورة كنس بعض المفردات الغبية من القصيدة، فصارت:
قد أتينا نغني "الكنس" نبراس الحياة
كنسي أملٌ وكنسي أطواق النجاة
وكنسنا عهدٌ
وكنسي اليوم أجدر بالوفاء
أخرج "مقشاشته" من جيب "الجلابية". نظر إليها بوقاحة وإجلال في نفس الوقت، فهي جزء من جسمه لم يستغله الاستغلال الأمثل بعد.
رنّت في أذنيه كلمات الرقيب "الغائب" – بعد كنسها – (لا بد أن تعامل "المكنسة" كجزء من جسمك).
قذف المكنسة في الهواء. دارت عدة دورات. التقطها. مسح بها الحائط عدة مرات حتى اختفت قصيدة الأمس. أخذ قطعة الفحم وبدأ يكتب:
أعد نجومها ليلاً
وأحلم فوق بركاني
ففي حُلمي ما يشفي جراحاتي
وكم في خاطري ذكرى
سترويها حكاياتي
ابتسم في خبث، وهو يحس بتمام الرضا عما سطره. وضع المكنسة في وضع أفقي تحت إبطه. شدّ قامته، وبدأ جولاته اليومية وهو يردد:
سترويها حكاياتي،،،، سترويها حكاياتي،،،، سترويها حكاياتي،،
... يتسلسل ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: سرد: ابومقـشاشــــه (Re: اشرف السر)
|
الأخ أشرف السر كل التحايا الطيبة
وبعد هذا السرد وصلت الى
Quote: لكنه تعلم حب الحياة |
Quote: حاول أن يكنس ماضيه فاصطدم بالواقع. |
Quote: حسناً فلأكن مجنوناً |
Quote: ألقى بنفسه في الماء |
Quote: لي أن اختار هذا النهر لحياة أنظف.
|
مواصلين معاك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: سرد: ابومقـشاشــــه (Re: salma subhi)
|
الاخت سلمى صبحي
من يصل، ليس كمن ينبت.. التعلم والمحاولة/ التسليم و ان تلقي بنفسك/ وكينونة الاختيار
ان وصلت فهنيئا لكاتب مثلي ما زال يتلمس خطاه.. وهو لاستعداد ذاتي فيك ولا انسب فضلا لتعبيري.. سلمت،، وشكرا على المتابعة.
| |
|
|
|
|
|
|
|