|
Re: ما فهمتني (Re: Maysoon Nigoumi)
|
Quote: كتب الصحفي جعفر عباس في عموده (زاوية حادة) ما يلي :-
عن مكوار التي هي سنار
نعم هناك تدنٍ في المستويات التعليمية في كافة أنحاء العالم تقريبا، ولكن ومنذ ان دشن أب عاج أخوي، المشير جعفر نميري «السورة التعليمية»، - وكلنا مثله نقبل الثاء سيناً، والسورة لغةً، تعني الاندفاع والهياج والغليان، والله أعلم- منذ تلك السورة وقف نظامنا التعليمي عند رأس المزلقان ويواصل انحداره عاما بعد عام، حتى صار عندنا جيل من المتعلمين يحسب ان سلمان الفارسي لاعب سابق في نادي الهلال، وأن السد العالي هو سليمان فارس عبقري الكرة السودانية الراحل الذي أطرب الجماهير في الخرطوم والقاهرة،.. وليس على شبابنا كثير تثريب او حرج، ففي استطلاع للرأي أجرته مجلة مصرية مؤخرا، اختار غالبية المشاركين المطربة روبي مثلا أعلى، رغم ان المتخلفين من أمثالي يعتبرونها "مثلا أوطى"، وجاء عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية بعد روبي بسنة ضوئية، ولكن يكفي عمرو موسى ان شعبان عبد الرحيم (شعبولا) يحبه ويكره اسرائيل،... وتقع بين يدي بين الحين والآخر سيرة ذاتية لأحد خريجي الجامعات البروس، لأساعده في الحصول على وظيفة، فيرتفع ضغط الدم عندي عندما اكتشف الجرائم البشعة التي ارتكبها بحق اللغة، عربية كانت أم إنجليزية، وتعود بي الذاكرة الى مدرسة سنار الثانوية التي مارست فيها التدريس فور تخرجي من الجامعة،.. كان جميع طلابها تقريبا من الغبش المزلطين فقراء الريف، ولكنهم جميعا كانوا في منتهى الجدية والذكاء والأدب والرغبة في التعلم،.. وعملت فيها مدرسا للغة الانجليزية، في آخر سنة كانت فيها المرحلة الثانوية تتألف من أربع سنوات، واكتشفت ان من بين طلاب السنة الثالثة الذين بقي أمامهم عاماً كاملاً للجلوس لامتحان الشهادة الثانوية، من منهم مثلي او أفضل مني فهما لخبايا الإنجليزية، فألقيت بالمنهج المرسوم جانبا وشرعت أعدهم لامتحان الشهادة الثانوية ودرَّستهم مقرر السنة الرابعة، وكان استيعابهم مدهشا، ثم لقنتهم أصول علم النطق حتى يتسنى لهم استخدام الدكشنري (القاموس)، ليس فقط لمعرفة معاني الكلمات بل نطقها بالطريقة الصحيحة، ولا أظن ان في المناهج الأكاديمية ما هو "أبيخ" من علم النطق سوى الجبر والفيزياء، ولكن أولاد سنار هضموا أساسيات ذلك العلم الذي لا أزعم ان إلمامي به كان كبيرا،.. ولا شيء أمتع من التدريس عندما يكون الطلاب قادرين على الاستيعاب والتفاعل، وغادرت سنار بعد قضاء عام واحد في مدرستها الثانوية، ولكنني ما زلت اعتبر تجربتي فيها علامة فارقة في سيرتي الذاتية، فمعلمون قليلون تسنى لهم العمل في مدرسة مثل سنار الثانوية الحكومية التي كان طلابها جميعا يدخلون الجامعات (بالمزيكة)، وكان هناك أمر آخر حز في نفسي عند فراق سنار، وهو "الأكل"، فقد شبعت في سنار من السمك والدجاج، وعشت لبضعة أشهر مع مدرسين مصريين كان أحدهم يجيد طبخ اللسان، وكان يذهب الى الجزارة فيعطونه رأس البقرة كاملا بلا مقابل، وكنت آكل اللسان بشراهة، وأغادر البيت فور شروعهم في أكل مخ البقرة، لأنه أهون على قلبي أن آكل حبة كوسا نيئة - على كرهي لها- وأنا جالس قبالة شارون، من ان انظر الى شخص يأكل المخ! وذات مرة استدرجنا الزميل عثمان عبد المجيد وهو محسي من عندنا ومدرس رياضيات بارع وشاعرمتمكن، ولسانه متبري منو،.. استدرجنا لصيد السمك بالقرب من الخزان، وأمضينا نحو سبع ساعات دون ان نصطاد ضفدعة،.. ووقع عثمان في حيص بيص: هل ستصدق المدام انه جلس سبع ساعات قرب النهر ولم يصطد سمكة واحدة بينما صيد السمك في سنار لا يتطلب حتى استخدام الطعم؟.. هنا مر بقربنا حاج أبكر وعلى حماره قفتان ممتلئتان بالسمك: بكم القفتين يا حاج؟ قال: بسبعة قروش، فأعطاه عثمان عشرة قروش وهو يقول: حلال عليك، هنا طمع الفلاتي وقال: جيب خمسين قرش وخد الحمار ذاتو!! وهكذا عدنا بصيد وفير حفظ ماء وجهنا وعصم عثمان من البهدلة.
ولكن كان لابد من مفارقة سنار، بأسرع ما يمكن، فهناك شيئان أخاف منهما "موت": السير وسط المقابر ليلا، والوطاويط، وكان بمدرسة سنار الثانوية نحو خمسين الف وطواط، تسكن بين سقف الزنك الجملون و"التلقيمة" التي هي العازل الحراري البدائي، وجعلوني مشرفا على داخلية "جَمَّاع"، وذات يوم أطفئت الأنوار في الموعد المحدد لتطبيق حظر التجول ومصادرة حرية الكلام إيذانا بالنوم، وفجأة ساد هرج ومرج في أحد العنابر فاضئت الأنوار مجددا وهرولت الى مصدر الصوت، ثم هرولت خارجا مبتعدا عن الداخلية والمدرسة، فما حدث هو ان التلقيمة انهارت تحت وطأة الوطاويط التي كانت تقيم فيها، وامتلأ العنبر بمئات الوطاويط بينهم عشرات البيبيات أي الوطاويط الصغيرة، كان جسمي كله يرتعد، ثم توجهت الى بيت الزميل عثمان عبد المجيد وشرحت له ما حصل، وطلبت منه ان يضع لي سريرا في الحوش، وشاع أمر خوفي من الوطاويط وعم القرى والحضر، وصار بعض الطلاب العفاريت يخبئون الوطاويط في درج مكتبي .. وأذهب الى مطعم فيصيح الجرسون: واحد وطواط وصلحو للاستاذ.. حتى اسحق الحلاق وضع صورة وطواط في دكانه نكاية بي!! وبعدها بأيام قليلة كنت انظر الى ساحة المدرسة عبر الشباك عندما رأيت الزميل م.م. يغادر بيته المتاخم للمدرسة وفجأة توقف وشرع في خلع بنطلونه.. أي والله العظيم، ثم استدار راجعا وهو يركض حتى دخل بيته، وحسبت انه فقد عقله لأن التدريس لأكثر من عشرين سنة يؤثر على القوى العقلية والجسدية، وعندما التقيت به لاحقا سألته بحذر عن العملة المهببة التي فعلها في حوش المدرسة، فقال انه أحس بشيء يتحرك داخل بنطلونه واكتشف لاحقا ان ذلك الشيء كان وطواطا،.. عندها قلت: يا ابو الجعافر ما بدهاش.. ورجعت الى غرفتي وحملت حقائبي وخرجت ولم أعد حتى الآن.. ولكن سنار الثانوية تبقى في الوجدان كمحطة وجدت فيها الرضا المهني، وكمؤسسة تعليمية لا تحلم جامعات اليوم ببلوغ مستواها الأكاديمي!
|
وين ناس الدندر ؟ شيقوق انت كنت هناك ... الكلام القالو الطاهر ارجو ان يكون فزورة
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
سنار فى الرمق الاخير ... و شقيقتها سنجة عبدالله ... و تومتها الدندر.. ليستا باحسن حال منها | احمد حامد صالح | 01-10-07, 10:59 PM |
Re: سنار فى الرمق الاخير ... و شقيقتها سنجة عبدالله ... و تومتها الدندر.. ليستا باحسن حال منها | yagoub albashir | 01-10-07, 11:32 PM |
Re: سنار فى الرمق الاخير ... و شقيقتها سنجة عبدالله ... و تومتها الدندر.. ليستا باحسن حال منها | الطيب اسماعيل | 01-11-07, 10:07 AM |
Re: سنار فى الرمق الاخير ... و شقيقتها سنجة عبدالله ... و تومتها الدندر.. ليستا باحسن حال منها | احمد حامد صالح | 01-11-07, 04:08 PM |
WHAT R U TALKIN ABOUT | Maysoon Nigoumi | 01-11-07, 04:44 PM |
Re: WHAT R U TALKIN ABOUT | احمد حامد صالح | 01-11-07, 06:02 PM |
Re: سنار فى الرمق الاخير ... و شقيقتها سنجة عبدالله ... و تومتها الدندر.. ليستا باحسن حال منها | ست البنات | 01-11-07, 05:56 PM |
Re: سنار فى الرمق الاخير ... و شقيقتها سنجة عبدالله ... و تومتها الدندر.. ليستا باحسن حال منها | Alshafea Ibrahim | 01-11-07, 06:00 PM |
Re: سنار فى الرمق الاخير ... و شقيقتها سنجة عبدالله ... و تومتها الدندر.. ليستا باحسن حال منها | احمد حامد صالح | 01-12-07, 00:10 AM |
ما فهمتني | Maysoon Nigoumi | 01-11-07, 06:18 PM |
Re: ما فهمتني | احمد حامد صالح | 01-11-07, 10:19 PM |
Re: ما فهمتني | احمد حامد صالح | 01-11-07, 10:47 PM |
Re: ما فهمتني | احمد حماد ادريس | 01-12-07, 12:21 PM |
Re: ما فهمتني | عبدالكريم الامين احمد | 01-12-07, 12:34 PM |
Re: ما فهمتني | احمد حامد صالح | 01-12-07, 02:22 PM |
Re: انهيار ... تدهور ... نظرة لحظيرة الدندر | احمد حامد صالح | 01-13-07, 01:48 PM |
|
|
|