رسالة من داخل المعتقل والحاج وراق- خالد فضل- حيدر المكاشفي يهاجمون الشرطة في قضية النيلين

Quote: مسارب الضي أيتها الشرطة: تجنبي هذا الطريق! الحاج وراق * أيا تكن الخلافات مع الطلاب الاسلاميين الوطنيين، فإن مقتل الطالب عبد المعز حسن ـ ابان احداث جامعة النيلين في الخامس من فبراير الماضي ـ لم ولن يفرح احدا سوياً. ولكن في المقابل، فإن الحملة التي شُنّت على مؤتمر الطلاب المستقلين (المؤتمر السوداني) والحركة الشعبية، عقب تلك الاحداث، حملة غير اخلاقية وغير قانونية وخاطئة سياسياً. * حملة غير اخلاقية لأن الأخلاق تقوم على قاعدة «لا تزر وازرة وزر أخرى»، وإن لم تكن الحركة الشعبية والمؤتمر السوداني قد اتخذا قرارا باغتيال عبد المعز حسن، وهذا لا ينهض عليه دليل، بل ولا يمكن أن يتبناه عاقل، اذن فمن غير الأخلاقي شن حملة ثأر ضد طلاب المؤتمر السوداني والحركة الشعبية لمجرد انتمائهم السياسي، وغض النظر عن دورهم الفعلي فيما حدث! * وهناك شواهد عديدة على حملة الانتقام الجماعي هذه ، فقد وصل عدد المعتقلين الى ثلاثين معتقل ، تم اقتياد العديدين منهم بجهات غير الشرطة الى اماكن احتجاز تعرضوا فيها لمعاملة وحشية ، تشمل التعذيب البدني والنفسي بما في ذلك الإساءات والبذاءات العنصرية ، ومن بين المعتقلين من لايمكن النزاع حول براءته، أذكر منهم واحدا فقط ، محمد المصطفى ابراهيم من القيادات الشبابية في المؤتمر السوداني، كان في مدني ابان الاحداث، ومع ذلك تم احتجازه من يوم الثلاثاء2/13 وظل تحت الاحتجاز حتى يوم 4/12 وبعدها اطلق سراحه دون توجيه اي تهمة !! . * وأحداث جامعة النيلين ليست أول ولن تكون آخر حوادث العنف الطلابي، سبقتها وستتلوها الكثير، ولسبب اساسي، فمن بين المنظمات الطلابية من يشكل العنف آلية اساسية من آليات عملها السياسي، وعلى رأس هذه المؤتمر الوطني، ولذا شكّل القاسم المشترك الاعظم في حوادث العنف بالجامعات! وكان المتوقع من حزب حاكم، كالمؤتمر الوطني، أن يحفظ مسافة ما، بينه وبين طلابه، مسافة تسمح بالتوجيه والتربية والمساءلة، ولكن أن يندغم الحزب في طلابه، ويعبيء اجهزة تطبيق القانون في حملة تأديبية لتهدئة قواعده من الطلاب فهذا لا يجوز، ويعبر عن غياب الرشد السياسي والمسؤولية، بل وعن ضعف الاستقامة الاخلاقية! * ولو أن اجهزة تطبيق القانون تتعامل مع حوادث العنف الطلابي بمعايير موحدة لما ثارت مشكلة، ولكن هناك ممارسات عديدة تؤكد السير في الاتجاه الخاطئ ، ابرزها حرق جامعة ام درمان الاهلية قبل عامين، فحينها لم تعبأ الاجهزة للتحري عن الجناة وملاحقتهم، ولسبب واضح، فقد كانوا معروفين بالاسم والصفة والاتجاه! * ولا يستطيع الفريق شرطة/ محمد نجيب تأسيس ما زعمه في مؤتمره الصحفي عن تعاملهم «القانوني» مع المتهمين، فأولى متطلبات القانون، وحسب ما تنص المادة «56» من قانون الاجراءات الجنائية، مواجهة المتهمين بصحيفة اتهام واضحة، وهذا لم يحدث، وقد اخبرني الاستاذ/ ساطع احمد الحاج ـ من هيئة الدفاع عن المتهمين ـ بأنه حتى اول امس لم تعرض على المتهمين أية صحيفة اتهام، وأنهم كهيئة دفاع سمعوا «سماعا!» عن الاتهامات!! وفي هذا مخالفة صريحة للقانون واجهاض لحق اساسي من حقوق المتهمين، حقهم في تحضير دفوعهم وفي الاستئناف الى وكيل النيابة الاعلى ما قبل تقديم اوراق القضية الى المحكمة!! والانكى ان المؤتمر الصحفي الذي عقده الفريق شرطة محمد نجيب في يوم 5/6 مؤتمر سياسي حزبي بامتياز، يوزع الادانات السياسية، والمأساة انه لا يتحدث كمنتمٍ الى حزب، وانما كأحد قيادات الشرطة! ثم انه، وفي قضية لم تحكم بعد، يتهم ويجرم قبل المحاكمة، وبالطبع فإن القانون يقضي بأن المتهم بريء الى ان تثبت ادانته، وكذلك يتناقض القانون والمحاكمات الاعلامية! حتى ولو صدرت من قائد شرطة محايد، فلا احد يحق له اعتلاء منصة اصدار الاحكام سوى القضاة!! ثم ان روايته عن الاحداث لاتنطلي على طفل : إطلاق رصاص لينبطح الناس على الارض ومن ثم يطعن الجاني المفترض الضحية بالسكين !! فلم هذا التعقيد في عملية اغتيال مخططة ؟! وما الغرض من دفع الناس الى الانبطاح؟! لكي لايروا؟! فهل الانبطاح يعمي البصر ؟! ان ما يعمي البصر والبصيرة حقا الغرض، وكما قيل الغرض مرض!! * انني اورد هذه الوقائع حرصا على الشرطة، والتي ظلت تحظى باحترام واسع من اهل السودان لحياديتها من التسييس والتحزب، ولكن يبدو ان البعض، خصوصا بعد تقييد دور جهاز الامن، عقب اتفاقية السلام واجازة الدستور، يريد اعادة تكييف دور الشرطة لتلعب الدور السياسي السابق لجهاز الامن! وفي هذا اضرار بالشرطة، بل واضرار بالبلاد، فالمؤسسات المرجعية، كالقوات المسلحة والشرطة لا بد وأن تظل مؤسسات قومية يفزع لها كل السودانيين، غض النظر عن انتماءاتهم السياسية او العرقية او الجهوية، ويجدون عندها التعامل بالسوية والانصاف. ولو أن الانقاذ تتعامل بسعة الافق اللازمة لرجال الدولة، ومن ارضية المصالح الوطنية الكلية، لما سعت الى الزج بالمؤسسات المرجعية في القضايا الحزبية، فهذا يتناقض ومصلحة البلاد، بل ومصلحة الانقاذ نفسها، لأنه حين تغلق على المختلفين كل المساحات المحايدة فإنهم يدفعون دفعا الى اعتماد الخيارات الصفرية ـ وهذه خيارات مهما كان الزهو بالقوة لا احد في منجى منها ولو تحصن في برج مشيد!! * والشرطة جهاز حيوي لا يرتبط بالاستبداد، بل على العكس، يرتبط بالحكم المدني وسيادة حكم القانون، واجدر بقيادة الشرطة الا تتنكب بها في الدروب الخاطئة. وفي هذه اللحظة الفارقة من تاريخ البلاد، فأمن البلاد واستقرارها يستوجب اول ما يستوجب شرطة قومية مهنية، شرطة تعيد تكييف دورها في اطار التحول الديمقراطي، والذي من اهم استحقاقاته التمييز الواضح بين ما هو حزبي وما هو شرطي، وكذلك توطين الشرطة في مناخ الحريات وحقوق الانسان، مما يتناقض بداهة مع الممارسات الراتبة حاليا في قمع التظاهرات السلمية وفي استسهال فتح النار على العزل!!