من المشروع الحضاري إلى المشروع الوطني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-23-2024, 10:13 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-29-2007, 08:07 AM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
من المشروع الحضاري إلى المشروع الوطني

    الأخوة أعضاء وقراء المنبر
    تحية وتقدير
    كتبت هذا الموضع في نوفمبر الماضي ودفعت به إلى إحدى الصحف ولم يتم نشره حينها- ربما لديهم من الأسباب ما يكفي. وبعد إزالة غبار الكسل وما يجري من أحداث ووثيقة مهمة سأنشرها في نهاية المقال قررت ان أثقل عليكم بقراءته.

    إيديولوجيا الدولة ... عنف السلطة
    من المشروع الحضاري إلى المشروع الوطني

    أمير بابكر عبدالله

    "ومتى استطاع العنف أن يحقق شيئاً آخر سوى الدمار. تحسبون أنكم إذا كشرتم عن نيوبكم، تصبح الأرض جنة. لكن أقول لكم: بهذا لا تبنى الجنة، بل تعم الفوضى."
    جان دارك قديسة المسالخ
    مسرحية لبرتولد بريخت

    روى لي صديقي العزيز محمد حب الدين، أن (مختلاً عقلياً) في مدينة ما بالسودان يسير في طرقات سوقها بصورة يومية، وهو يرفع يديه إلى السماء داعياً: "يا رب غِنى"، ثم يميل برأسه على كتفه اليمنى ليسمع ما سيقوله المَلَك، يرفع رأسه ويقول بصوت عالٍ لمن حوله: "ماااااافي غِنى". ويسير قليلاً ليرفع يديه بالدعاء مرة أخرى: "يارب موت"، ثم يميل على كتفه اليسرى ليسمع رأي الملك على اليسار، ويعيد ذات المشهد الأول ليخاطب من حوله بصوت مرتفع: "مااااااافي موت"، ثم يقف في منتصف الطريق ليصيح بأعلى صوته: "طيب في شنو يا ربنا!" ويصيخ السمع لأعلى، ليعود إلى الأرض وهو يمشي في خطوات عسكرية والنظر (الساعة اتناشر)، مخاطباً نفسه بصوت مسموع للجميع "تِتلتلوا وتتعذبوا .. تتلتلوا وتتعذبوا .. تتلتلوا و..." ويواصل السير في الطريق الممتدة وسط السوق إلى أن يغيب.
    لن أدعكم "تتلتلوا وتتعذبوا" معي، ولكن هل استطاعت الانقاذ أن تؤدلج الدولة؟ أسأل نفسي فقط ولن أميل إلى أي من الكتفين على الأقل الآن.
    إذا كانت الأيدلوجيا لا تتكون من منظومة الأفكار والتصورات فحسب، بل تنصب على سلسلة من الممارسات المادية والأعراف والعادات وأسلوب الحياة، وتختلط كالأسمنت، مع بنية مجموع الممارسات الاجتماعية، بما فيها الممارسات السياسية والاقتصادية. حسبما يقول نيكولاس بولانتزاس في كتابه نظرية الدولة، فقد استطاعت الإنقاذ أن تؤدلج الدولة بما يضمن لها السطوة والاستمرار -طوال الفترة الماضية- ولفترة أطول، وأخشى من لعبة الرقمين 1 و 6 وقراءة الودَّاعية للمستقبل (أتمسك بكذب المنجمون ولو صدقوا).
    لنأخذ الأجهزة الأيدلوجية للدولة أو بنية الدولة المفروض فيها خدمة أهداف عامة تعود بالفائدة، في خاتمة مطافها، للجميع وليس لفئة محددة أو شريحة معينة. وإذا كانت هذه الأجهزة متمثلة في الخدمة المدنية كجهاز قومي وأحد الدعائم المكونة لبنية الدولة المنوط به تسيير دولابها، وكذا المؤسسة التعليمية والجهاز الإعلامي والجهاز الثقافي ثم المؤسسة الدينية، فإنها جميعاً ظلت تتشكل داخل رحم ورحمة إيدولوجيا الإنقاذ وسلطتها، والتي صارت مظهراً عاماً لأيديولوجيا الدولة في السودان منذ انقلاب يونيو 89م. أي شخص لا يعرف أبجديات السياسة ولا أصول العلوم السياسية يعلم ذلك بداهة من خلال التجربة، فهو إن لم يطله التشريد والفصل التعسفي فقد طاله سوط البطالة، وإن لم يهاجر فقد وقع تحت نيران الفقر، وإن لم تؤثر فيه المناهج التعليمية فلم يسلم من حصار الجهاز الإعلامي والثقافي.
    ولحراسة هذه الأجهزة، وبالتالي تمكين الأيديولوجيا، لابد من تنظيم الأجهزة المكلفة بحراستها وممارسة العنف الفيزيائي الشرعي، والمتمثلة في الجيش والأمن والشرطة والقضاء والسجون، إضافة للأجهزة (الشعبية) التي صنعتها خارج الإطار الرسمي لأجهزة الدولة (الدفاع الشعبي، الشرطة الشعبية).
    وهي -أي دولة الإنقاذ- لا تستطيع إعادة انتاج وتوطيد السيطرة السياسية بالقمع والعنف لوحدهما، لذلك تستعين بالدين غلافاً لأيديولوجيتها وتلوين الأجهزة المختلفة المكونة لبنية الدولة بذلك، لإضفاء الشرعية على العنف. وفي سبيل ذلك جاء مخططها متكاملاً، حتى قبل استيلائها على السلطة، وهي تعلم المفاصل الواجب السيطرة عليها وكيفية تغذيتها حتى لا ينقطع ماؤها فتتهاوى دعائمها.
    نحن أمام دولة مؤسسة على أيدلوجيا أحادية لتحقيق مصالحها، يحرسها العنف من خلال أجهزة رسمية وغير رسمية، وبقوانين تحكم عملها فصلها (ترزي قانوني) وحدد علاقتها بأجهزة الدولة الأخرى. الكل يعلم.
    إذاً هو استلاب كامل قد حدث لكل مقومات الدولة القومية التي تتيح مؤسساتها استيعاب الآخر، سياسة وثقافة وتنمية، ويحرم أي تلاقح يفرخ رؤى مغايرة تحدث شرح في الجدار الأيدلوجي الأسمنتي الذي صبته الانقاذ بواسطة خيرة مهندسيها. ولأنهم خيرة مهندسيها، لم يتركوا الجدار يقوم على قوائم صلبة فقط، بل وضعوا مصدات تمنع بلوغ قشرة ذلك الجدار، ترسانة من القوانين المقيدة للحريات، أجهزة تنفذ تلك القوانين (كلُّوا بالقانون)، ولكن أي قانون؟.
    هل يعتقد أحد ما أن (الإنقاذ) لم تضع في اعتبارها، وهي تصوغ أيدلوجيتها وتعيد تركيب أجهزة الدولة –بعد السيطرة عليها- بناءً عليها، الحراك الجماهيري والمؤسسات السياسية التي يمكن عبرها أن تتم المقاومة؟ أنا شخصياً لا أعتقد ذلك، فهي صاغت قوانينها ودساتيرها لتحكم وتتحكم في تلك الجماهير من أجل خدمة مصالحها فقط، بالتالي فهي تحسب حسابها في كل خطواتها. لذلك فإن العنف الذي تمارسه هو عنف ضد الجسد وضد العقل، والجسد ليس مجرد عنصر طبيعي بيولوجي، بل هو مؤسسة سياسية مثلما العقل كذلك، ولا غرابة في "اتباعها الاسلوب الفرانكوي (نسبة لفرانكو ديكتاتور اسبانيا)، "الصدمة الفجائية" وذلك باستخدام "العنف بمقدار" ترهيباً، و"الإغراء بإسراف" ترغيباً، وهو المنهج الذي استمر لعدة سنوات بعد الانقلاب. كما جاء في كتاب الأستاذ فتحي الضو "السودان سقوط الأقنعة". فالترهيب والترغيب شكلان من أشكال العنف يهدفان في النهاية إلى السيطرة.
    القضية ليست وليدة اللحظة ولا وليدة انقلاب (الانقاذ)، وهو الأمر الذي فطن له المجتمعون في أمبو الأثيوبية في فبراير 89م. وقبلهم تنادت الجماهير إلى التصدي لها بأشكال وآليات مختلفة بعضها نجح مؤقتاً، لعدم تبني الأنظمة السابقة لمفهوم أدلجة الدولة بالكامل واعتمادها على عنف السلطة بشكل أكبر، واعتمدت على إعادة انتاج وتوطيد السيطرة السياسية بالقمع والعنف لوحدهما دون إجراءات منهجية تضبط أيقاع الدولة والسلطة، وانتكس هذا النجاح بفعل اختلال موازين القوى وتمركز أجهزة القمع في أيدي النخب الحاكمة. وفشل في أحايين كثيرة لغياب الرؤى الواضحة التي تحدد مآلاته.
    الذي توصل إليه المجتمعون في (أمبو) –أرجو ملاحظة أن ندوة أمبو عقدت إبان الديمقراطية الثالثة- يمثل خلاصة ما ترمي إليه تلك النضالات، فقد توصلت الندوة التي سبقت انقلاب (الإنقاذ) بأشهر قليلة، إلى أن فترة ما بعد الاستقلال اتسمت الدولة والسياسة والثقافة بسمات منها ما يلي:
    1. اشتداد الطبيعة القمعية للدولة سواء أكانت عسكرية أو مدنية.
    2. استمرت الطبقات الحاكمة في استغلال الدين لأغراض السياسة والهيمنة الثقافية وهو أمر انتهى بالدعوة الإسلامية الأصولية.
    كما توصل المجتمعون إلى أسباب فشل الجهود الجماهيرية الشجاعة في تحقيق هدف الوصول إلى السلطة، منها:
    1. غياب قيادة سياسية قادرة على توجيه الجماهير سياسياً توجيهاً ملائماً.
    2. عدم وجود برنامج موحد للقوى الوطنية الديمقراطية يحدد أهدافها المشتركة ويوضح وسائل تحقيقها.
    3. عدم وجود دعم مسلح منظم مناسب في تلك اللحظات الحرجة يتماشى مع هدف الوصول إلى السلطة السياسية.
    وهم توصلوا –في إطار قضايا البناء الوطني وبنية السلطة- إلى حقيقة مفتاحية، وهي "أن السودان لم يتشكل تاريخياً كأمة، وهو بلد متعدد القوميات والثقافات، لذا لا يحق لأي قومية من القوميات السودانية –أياً كان حجمها- أن تفرض هويتها على القوميات الأخرى."
    إذاً هناك هوية وهيكل لدولة مهيأة أصلاً لحقنها بمزيج إيديولوجيا (الإنقاذ)، وهي ساهمت في تشكله إلى حد كبير عبر تطور الدولة السودانية ما بعد الاستقلال، أثناء كمونها وتكونها وانتشارها بتوسيع رقعة العباءة الدينية التي تكسو كعبة الدولة، وعينها على تمكين نفسها مالياً وعين أخرى على السلطة الساعية لبلوغها بشتى السبل.
    في مقابل ذلك هناك قوى جماهيرية كانت ترى ذلك، ولكنها لا تقوى على فعل شيء في إعادة تشكيل وبناء الدولة بما يحقق تمتع الجميع بحقوقهم فيها، على مستويات الحقوق المختلفة، في ظل غياب تلك القيادة السياسية القادرة على توجيه الجماهير توجيهاً سياسياً ملائماً، وكذا غياب ذلك البرنامج الواضح الذي يمكن تعبئة الجماهير خلف أهدافه.

    يتبع
                  

العنوان الكاتب Date
من المشروع الحضاري إلى المشروع الوطني أمير بابكر03-29-07, 08:07 AM
  Re: من المشروع الحضاري إلى المشروع الوطني أمير بابكر04-01-07, 07:23 AM
    Re: من المشروع الحضاري إلى المشروع الوطني أمير بابكر04-01-07, 07:25 AM
      Re: من المشروع الحضاري إلى المشروع الوطني أمير بابكر04-02-07, 08:06 AM
        Re: من المشروع الحضاري إلى المشروع الوطني أمير بابكر04-04-07, 01:25 PM
  Re: من المشروع الحضاري إلى المشروع الوطني أيمن عادل أمين04-06-07, 05:37 PM
    Re: من المشروع الحضاري إلى المشروع الوطني عبد المنعم ابراهيم الحاج04-06-07, 06:47 PM
      Re: من المشروع الحضاري إلى المشروع الوطني أمير بابكر04-07-07, 10:36 AM
        Re: من المشروع الحضاري إلى المشروع الوطني غادة عبدالعزيز خالد04-07-07, 02:02 PM
          Re: من المشروع الحضاري إلى المشروع الوطني أمير بابكر04-08-07, 07:32 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de