روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-26-2024, 07:23 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-21-2007, 02:00 PM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !!

    ملحوظه:-
    بدأت فى انزال هذه الروايه وقبل أن أتقدم فيها خطوتين للأمام حدث ما لا يحمد عقباه كالعادة، لذلك اعيده انزالها مرة أخرى!!
    __________________________________

    دمـــــــوع






    الغـــــربة




    تاج السر حسين
                  

05-21-2007, 02:06 PM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    الإهــــــــــــــــــداء

    إلى الأنسانه العظيمه .. أمي، "آمنه بنت صالحه"، التي أرضعتني لبن الإنسانية والصبر والتضحية وأورثتني عزة النفس !!

    ثم
    .
    .
    .
    الى امرأة استثنائية لن تتكرر ..

    ألهمتني حب الجمال وعشق الأرض

    وحرضتني على إعلاء قيم الحق والعدل،

    وحضتني على رفض الظلم وأنصاف الآخرين

    حتى من نفسي الأمارة بالسوء !!

    إلى تلك الأم وتلك المرآة الاستثنائية ..

    التي كلما سموت إليها عرجت إلى سماء أعلى ..

    أهدى نبض حروفي ورحيق كلماتي.
                  

05-21-2007, 02:10 PM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    ونة قلب

    يا القضيت عمرك فى غــربة وكل زماناتك غريبه

    ما النسائم الحلوه عدت كيف تعيده وكيف تجيبه

    (ما تكتر الطله وما تطول الغيبه)

    الغـربــة نار حــرمــان يا ربـنـا نسـيبه

    ***

    ناس بتسعد بى حبيبه وقصـــة افراحـم عجيبه

    وناس بتشــقـى وكــل يــوم زايـد لـهيبــه

    وناس بتقبل بالبصيبه وترضى بالقسمه ونصيبه

    مـر عـيـدى وفات وروح والفـراق أكبر مصيبه
                  

05-21-2007, 02:15 PM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    همســـــة

    إلى المرأة .. "أم وحبيبة وزوجة وبنت وأخت وصديقه"

    أروع من خلق .. وأبشع من ظلم !!!

    أقدم هذه المحاولة المتواضعة، لعلها تنصفها وتزيل شيئا

    قليلا من الظلم عنها.
                  

05-21-2007, 02:17 PM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    خاطــرة

    الغربة الحقيقية، ليست هي غربة المكان والزمان والأبدان

    وإنما هي

    غربة الروح والوجدان ووحشة الفكر والسلوك والمبادئ

    والقيم.
                  

05-21-2007, 02:22 PM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    دعـــــــوة

    من أجل أن تحيا النساء، وهن أجمل مخلوقات الله فى أمن وسلام وطمأنينه ..

    ومن اجل الا تزهق روح طفل برئ أو ان يعاق بسب الحروبات المجنونه ..

    ومن اجل الا تبكى وردة أو تذبل على اوراق الشجر ..

    هذه دعوة من القلب ،

    دعوة لأفشاء الحب والجمال .. والسلام والتراحم

    دعوة لنبذ العنف والإرهاب والتطرف

    دعوة للتسامح وللصفح والغفران

    دعوة للعفو،

    عمن ظلمنا أو حرمنا أو أساء إلينا أو أساء فهمنا.
                  

05-21-2007, 03:14 PM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    اضــــــــــــــــاءات

    - من عشق فعف فمات فهو شهيد

    "حديث شريف"
    ______________________________________

    - أعقل الناس أعذرهم للناس.

    "الأمام على بن أبى طالب"
    ______________________________________

    - وجودنا الفاني على وجه الأرض، ما هو الأ وجود مسافر في صالة (الترانزيت)، وهذه

    الدنيا بأكملها ليست سوى قاعة إنتظار كبيرة يحل فيها المسافر قادما من حيث لا يدري،

    يقضي ساعات فيها، يحب، يضحك، يقاتل يبكي، يرقص، يكتب الأشعار، ثم فجأة ينادون اسمه،

    ولا يملك الآ أن يطيع ويمضي إلى الأبد مع طائرة أخرى إلى حيث لا يدري... يصعد إليها

    عاريا إلا من كفن ابيض يشيعه محبوه وأعداؤه من نوافذ (صالة الترانزيت) باكين أو

    شامتين .. ثم ينسونه جميعاً،،

    "غادة السمان"
    _________________________________

    - دنياي انت وفرحتي ومنى الفؤاد إذا تمنى

    أنت السماء بدت لنا

    وأستعصمت بالبعد عنا

    "أدريس جماع"
    ___________________________________

    - لو كنت أعرف أنك تهوي الكتب إلى هذا الحد

    لأشتريت أثوابي من المكتبات

    الدكتورة "سعاد الصباح"
    _____________________________________

    -انت تكن انت بعيد فى الثرى
    فخيال الشعر يرتاد الثريا
    انت تكن انت جميل
    فانا شاعر يستنطق الصخر العصيا
    "صديق مدثر"
    ______________________________________

    - هم البسوك دسار خز .. ناعم الأسلاك منغوم الحفيف

    ودعوك تاج العز.. شمس العز .. مجد العز .. عز العز،

    صبو في دمائك عصارة الكذب المخيف

    "مصطفى سند"
    ______________________________________

    - الحكمة هي أسوأ طبق نقدمه لامرأة نحبها

    نزار قباني"
                  

05-22-2007, 08:33 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    استدراك

    الآن فقط، تعرفين لماذا أهرب منك إلي!!!

                  

05-22-2007, 08:42 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    انحناءة تقدير واجلال

    للدكتوره (نوال السعداوى) ..

    وهى تناضل وتنجح فى أن تقنن لوضع اسمها "كأم" الى جانب اسم "زوجها" فى شهادة

    ميلاد بنتها فى مساواة تامة مع الأب، فاتحة بذلك التصرف الحضارى المستنير الناضج

    نافذة لحل مشكلة الأبناء الذين لا تعرف اسماء ابائهم خاصة ضحايا الزواج العرفى، وقد

    نجمت من وراء ذلك العديد من المشاكل !!
                  

05-22-2007, 08:56 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    كانت .. صبية لم يدخل عامها الرابع عشر ليلة محاقه بعد، كانت كما القمر مستديرة الوجه، خمرية اللون معسولة الفاطر، شعرها يشبه ليل حالك السواد، ولدت على ضفاف (النيل الأبيض) ألا أنها تشبه الفاتنات من حسناوات منابع (النيل الأزرق) اللاواتى عرفن بجمالهن الأخاذ وقوامهن الفارع الممشوق وفتنتهن الناطقة في صمت قاتل.
    عيناها تحير كل عيون ...
    إذا غضبت زادت فتنة وجمالاً ...
    وإذا ضحكت أصبحت مثيرة لدرجة الدهشة والغليان ...

    تخرج الكلمات من ثغرها الهائم (ناعسة، كسولة) كأنها ترفض الخروج، سمّاها أبوها (عازة) حباً للوطن ووفاء لفنان شبابه (خليل فرح)، أما أهل البلدة فكانوا ينادونها (عزَّة) تخفيفاً للاسم وتدليلا لها.

    في خلال إحدى الأيام المتبقية لها لتكملة دراستها المتوسطة وبعفوية أهل المدن القروية قالت لها أمها (حاجة زينب) وهي تداعب سبائب شعرها الحر المنسدله على كتفيها:-

    - بعد ده يا (عازة) يا بنتي دايراك كلامك وهزارك الكتير ده تبطلي مع ود خالتك (علي) اصلو امبارح رسل جواب لي أبوك وطلبك منو.
    ما كان أمام (عازة) غير أن توافق بحركة من رأسها لا تخلو من دهشة وأمتعاض واعتراض مكبوت في داخلها، لا تستطيع أن تفصح عنه، فمثل تلك الأمور عادة ما يتم حسمها بواسطة الأب ومن العيب أن تدلي البنت بأي رأي، رفضاً كان، أم قبولاً.
    كلما في الأمر يصلها الخبر لمجرد العلم والحرص في التعامل مع العريس.

    والعريس .. هو ابن خالتها (علي) شاب في الخامسة والعشرين من عمره ينادونه في (الحي)، (بمولانا علي) أو (الحاج علي) وذلك قبل أن تطأ أقدامه أرض الحرم المكي أو المدنى، بسبب توجهه الديني المبكر ومداومته على ارتياد المساجد منذ صغره وكان يؤدي فريضة الصبح حاضراً.. ولا يفتر لسانه عن الإدلاء بالفتاوى عن (الحرام) و (الحلال) فى كل شئ، حتى أكل (البسكويت) له فيه فتوى، وهل هو حرام أم حلال !!
    وعندما كبر قليلا وفي الوقت الذي انشغل فه أنداده بلعب (كرة الشراب) أو (الورق) أو انشغالهم بتكوين جمعيات أدبية وثقافية، انكب (علي) ينهل من معين الكتب الفقهية بكل فروعها وترك للحيته العنان تكبر الى ما شاء الله ووأحف الشارب، ومن يومها أصبح لقب (حاج علي) أو (مولانا علي) مرادفاً لاسمه.

    أتم (علي) دراسته الثانوية، وفي نفس ذلك العام تم تعيينه معلماً للغة العربية والتربية الإسلامية بإحدى مدارس القرى المجاورة، وبعد مضي عام لا أكثر، زفت (عازة) زوجا لابن خالتها (علي)، وكما تلتقي أقطاب المغناطيس غير المتماثلة، التقت (عازة) به فهي تحلم بدنيا لا توجد إلا في القصص والروايات ولا تعشعش إلا في خيال الفنانين والشعراء، ويبتعد حلمها عن الواقع أكثر كلما نظرت إلى وجهها في المرآة .. كانت وهي شاردة مع خيالها تهمس لنفسها في (نرجسية) وغرور قائلة:-
    (هل يسـتأهل هذا الجمال إلا فارس ذو أخلاق فاضلة يحبها وتحبه إلى آخر العمر)؟؟
    وكثيراً مالمحتها أختها الصغرى (عديله) على ذلك الحال، فكانت تسخر منها وتناديها ضاحكة .. (يا مجنونة).
    أما (الحاج علي) فكانت كل أماله امرأة ودود وولود يكمل بها نصف دينه تجيد الطبخ وغسل الملابس وأطاعه الأوامر.

    رغم ذلك التباين والأختلاف إلا أن حياتهما مضت في بدايتها على أحسن حال خصوصاً وقد كان بينهما في ماض ليس ببعيد شئ من الألفة والمزاح البريء.
    كانت (عازة) تمازحه قائلة:-
    "بالله شاب قيافة زيك كدا عاملها كلها صلاة وصيام وحلال وحرام وعدم كلام يا خي ما تفكها شويه.. والله هسه تقوم تغير جلابتك القصيرة دي وتلبس ليك بنطلون وقميص (شيك) وتمشي الحفلة بنات الحلة كلهم يموتوا فيك".
    وكان (علي) يجيبها ضاحكاً:-
    (أنكن صويحبات يوسف، اصلو ما ممكن يجي منكن خير).
    اعتقدت (عازة) أن حياتها سوف تستمر مع زوجها على نفس ذلك الحال، لكنها نسيت بأن الرجل الشرقى يخاصم نفسه وشخصيته التى كان عليها قبل الزواج ويتنكر لها، خصوصاً اذا كان مثل ابن خالتها (علي) المشهود له بالتزمت والتشدد والذي أضحى لا يروقه مزاح (عازه)، بل أصبح يظهر ضجره لذلك المزاح وصار دائم الانتقاد لكل تصرفاتها وطريقة حديثها، ولبسها، كل شيء تفعله (عازه) اضحى لا يرضيه.
    و(عازة) لا تعبأ لذلك كثيرا بل كانت تسعى لدفعه للاعتدال والمرونة على الأقل داخل بيته ومع أهله.
    وفي مرة من المرات أدارت مؤشر المذياع وغنت مع الفنان بصوتها الجميل:-
    لو بهمسة قول أحبك
    لو ببسمة قول أحبك
    لو بنظرة حتى عابرة
    قول أحبك
    لو بتحلم في منامك قول ...

    وقبل أن تكمل هب (علي) غاضباً وأخذ من يدها بالمذياع فى غلظة وعنف وأوشك أن يضرب به الأرض ، لولا أن تدخلت (حاجة زينب) في وقت مناسب حيث أخذت من يده المذياع طالبة منه أن يهدأ ويلعن الشيطان وأن يصلى على النبى، فما حدث لا يستحق منه كل ذلك الغضب.
    لكن ثورته ما خمدت نيرانها إلا بعد أن تأسفت (عازة) وتعهدت بعدم فتحها للمذياع مرة أخرى إلا عند ميعاد نشرة الأخبار أو التفسير الميسر، إما (التلفاز) فمشاهدته عند (على) تعد أحدى الكبائر واشد المحرمات، فبحسب رأيه يأتي بالأجانب إلى داخل المنازل غصباً عن أهلها ودونما استئذان منهم!!!
                  

05-23-2007, 10:17 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    انقضت أجازة الزواج المعطاة (لعلي) فودع زوجته بعد أن تركها حبلي في شهرها الأول ووعد بالمجيء عند كل يوم (خميس) وذلك حتى يتمكن من تأسيس منزله بصورة مناسبة ثم يأتى بها كى تقيم إلى جانبه بصورة دائمة.
    في مرة من المرات عاد "حاج علي" من القرية دون توقع، وطرق الباب ففتحت له خالته "حاجة زينب" وعندما رأته بأن على ملامحها نوع من الارتباك والأضطراب ثم أصلحت من وضع ثوبها على رأسها وقالت له:-
    - أدخل يا عشاي، حمد الله على السلامة.
    رد عليها التحية ثم دلف إلى داخل حجرته ولما لم يجد "عازة" .. خرج مسرعا وسأل عنها (حاجه زينب) وعلى حدة واضحه :-
    أين (عازه) يا حاجه ؟؟
    أزداد ارتباك (حاجة زينت) ترددت ثم ردت عليه متلعثمة:-
    - والله يا ولدي بعد ما (عديله) روحت المدرسة مشيت أعزي في وفاة حاج (أحمد سيد الطاحونة) القدام، تعيش أنت، مات البارح بالليل وخليت معاها بت (الطيب سميرة) ولمن رجعت ما لقيتهم، تكون ساقتها (سميرة) معاها ولا يكونن مشن بيت جاره من الجارات .. تمتم (على) بكلمات غير مفهومة لم تسمع عنها غير كلمة واحده رددها بغضب شديد، مع هزة من راسه الذى يربطه بعمامه مميزه (سميرة) !! .. (سميرة) !!

    (سميرة) تلك التي لا يرتاح لها (على) بل يمقتها كثيراً، امرأة تشقف لها قلوب رجالات البلدة جميعا ودون أستثناء في سرهم فهي جميلة وفاتنة وتنز أنوثة، لكنهم يظهرون عدم ارتياحا لها في جهرهم لبعضهم البعض ولا يحبذونها صديقة لزوجاتهم أو أخواتهم، لأنها جرئية وعنيدة ومتمردة، (فهي تخالط الرجال وتحاورهم وتجادلهم وتتفوق عليهم وتنتصر لبنات جنسها وترفض أى مظهر من مظاهر التفرقة أو الأستعلاء الذى يمارسه الرجال عليهن تحت أي ذريعة كانت تتصدر الندوات الأدبية والسياسية وتحارب الطهارة الفرعونية وتتعرض إلى سلبياتها، الجنسيه والبيولوجية، وهي لا تقف عند ذلك الحد بل تتابع مباريات كرة القدم من خلال (الراديو) أو (التلفاز)، وتقرأ بنهم الصحف والمجلات المحلية والعربية وتتابع أخبار العالم من خلال اذاعة (لندن) وتلقي الشعر وتترنم بأغنيات "محمد وردي" وتطرب لسماع اغنيات (أم كلثوم وعبد الحليم حافظ).. أنها امرأة شاملة ومثقفه لا يخفى عليها شئ، رغم كل ذلك فأنها لا تأوي إلى فراشها إلا بعد أن تصلي الشفع والوتر، وتغفو قليلا ثم تستيقظ لتقوم الليل وتقرأ حزباً أو حزبين من القرآن الكريم ثم تستغفر ربها وتطيل في دعائها متضرعة منكسرة حتى تدمع عيناها باكية خصوصاً عندما تقف على الآية القرآنيه (طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ..) وذلك حينما تستشعر حجم العنت والمعاناة التي عاشها سيد البشر من اجل أن يوصل رسالته الخالدة الزكيه.

    الرجل الوحيد إلى يحترم (سميرة) ويقدرها تقديرا تستحقه، هو العجوز (عم صابر)، رغم ادمانه للخمر منذ أكثر من ثلاثين عاماً إلا أنه يكره الكذب والنفاق والأضرار بالناس، وفي كل ليلة يعاتب نفسه على شرب الخمر ويبكي ويتعذب ويستغفر ربه حتى تتورم عيناه ويقرر أن يتوقف عن شربها لكنه يفشل .. فما أن تأتي سيرة (سميرة) إلا ووقف يدافع عنها حتى تظهر عروق رقبته قائلا:-
    (سميرة بت الطيب .. علي الطلاق بالثلاثة أرجل من مية راجل، الحمل الشايلاه يشرد الفرسان).
                  

05-23-2007, 01:56 PM

Nadia Elsir

تاريخ التسجيل: 12-26-2005
مجموع المشاركات: 1396

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    استاذى تاج السر ,

    تحياتى ,

    حروف انيقة و سرد ممتع

    نظل قيد انتظار بقية الرواية !
                  

05-23-2007, 02:01 PM

محمد عكاشة
<aمحمد عكاشة
تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 8273

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: Nadia Elsir)

    الاخ التاج..
    تحياتى..
    ارجو ان تكون(دموع الغربة)وجدت طريقها الى المطابع..فى مصر..
    مودتى وتقديرى
                  

05-23-2007, 02:21 PM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: Nadia Elsir)

    العزيزة/ نادية السر
    اشكرك على هذه الكلمات الطيبات واشكرك على المتابعه والأهتمام بالرواية.
                  

05-23-2007, 02:25 PM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    الحبيب/ محمد عكاشه
    "دموع الغربه" الظاهر انها ح تطبع دون أن نراها على المكتبات!!
    فكلما شمرنا لذلك الأمر ظهرت مستجدات منها ما هو أكثر فائدة من الناحية العامة سوف تسمع به فى حينه.
                  

05-23-2007, 02:44 PM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    "عم صابر" .. له ألف حق فيما يقول عن "سميرة" التى توقفت عن مواصلة تعليمها الجامعي بعد وفاة والدها مباشرة وتركه لها خمسة من الأخوان والأخوات .. رغم تفوقها فى دراستها لكنها أبت أن تلتحق بالجامعة وفضلت أن تعمل سكرتيره تنفيذية بإحدى الشركات الاستثمارية الكبرى ومنحوها راتبا جيداً بسبب اخلاصها لعملها وإتقانها للغة الإنجليزية، وعند الأمسيات كانت تجمع أطفال "الحي" وتعطيهم دروس تقوية بمقابل مادي بسيط وتنفق ما تحصل عليه من مال على أمها وأخوتها لذلك يحترمها "عم صابر"، العجوز "الأمي المثقف"!! وخير ما قاله عنها:-
    "الرجالة ما ها عضلات .. الرجالة مواقف .. الرجاله حرم ياها رجالة سميره بت الطيب دى يا بلاش" .. ثم يضيف (عم صابر) .. " (سميرة) دي (جابداها) حبوبتها (ست الكل) الله يرحمها، كانت امرأة جميلة تبيع الشاي في موقف (البصات) وتسمع (الزين والشين) من (الصعاليك) وضعاف النفوس، حنى رسخ في أذهان أهل (البلدة) أنها امرأة سيئة السمعة بل أصبحت مضربا للأمثال ومجالا للتهكم وتنسج حولها القصص والإشاعات، حتى جاء ذلك اليوم الذي تم فيه افتتاح (الجامع) وخرجت البلدة بكاملها كباراً وصغاراً، رجالا ونساءاً .. أنه يوم لا ينسى، أحضر (حاج الصافي) الذي بني المسجد مصحفا وخاطب الناس جميعاً قائلاً:-
    (يا ناس هووى كلكم أسعمو الكلام الداير اقولو ليكم ده .. حرم أنا نذرت نذر بالا يحمل حجر افتتاح هذا المسجد راجل ولا مره الآ يخت يدو فوق المصحف ده ويحلف بأنه لم يفعل فاحشة فى يوم من الأيام ولم يتعمد الخطيئة ولم يؤذ أحداً من خلق الله).
    كان علية القوم يتأهبون لأداء ذلك العمل وقد ارتدوا فاخر الثياب وتعطروا بأطيب العطور، لكنهم تراجعوا واحدا بعد الأخر (المحافظ والقاضي الشرعي والضابط الإداري وناظر المدرسة)، لم يتقدم أحد سوى (ست الكل)، التي وضعت يدها على المصحف وأدت القسم في ثبات مهيب، ومن بعد أخذت الحجر ووضعته في المكان المحدد له ثم رجعت أدراجها بخطى أكثر ثياتا وراسها مرفوعة نحو السماء كنخل باسقة شامخة، وسط دهشة الجميع رجالاً ونساء ، الذين الجم الصمت ألسنتهم و فتحوا افواههم فاغرة من شدة الدهشه وعم السكون أرجاء المكان حتى تشعر وكأن الزمن قد توقف عند تلك اللحظة وتوقفت الحركه تماما .. وكأن المسيح تنزل من السماء يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا، إلى أن هد جدار ذلك الصمت صوت الدرويش (سعدالله) صائحاً:-
    (هو.. هو.. هو .. حي ... حي... حي.. حي .. مدد .. مدد) .
    وعلق (حاج السماني) المنتمي للطريقة القادريه قائلا:-
    (سبحان الله .. سبحان الله .. كرامه يا قوم .. مدد.. مدد.. جلت قدرتو)."

    (عدل بواسطة تاج السر حسن on 05-30-2007, 04:24 PM)

                  

05-24-2007, 04:14 PM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    ثم أضاف "حاج السمانى" قائلا:-
    (يجعل سرو في أضعف خلقو)!
    ومن بين صفوف الحاضرين تحركت "التومه الوداعية" واتجهت نحو (ست الكل) احتضنتها باكية ساكبة دموعا غزيرة، طالبة منها (العفو والعافيه) وأن تسامحها على ما أشاعته في حقها بالكذب ، فقد ضللها الشيطان وأعماها الحسد وتملكتها الغيرة من (ست الكل) التي تفوقها جمالاً منذ صغرها وقد كانت "التومة" من أكثر الناس الذين رددوا الإشاعات المختلفة والكاذبة حولها، وذلك لأن زوجها (عبدالله) كان يغيظها بها ويتحسر على عدم زواجها منها، وبعد (التومة الوداعية) اتجه نحوها راكضا (فضل السيد) كمساري الحافلة الذي نسج حولها كذلك العديد من القصص والإشاعات المختلقه، قبل يديها وراسها وتوسل لها أن تسامحه وتغفر له عثرات لسانة.

    أما (علي) فلا يعترف بمثل تلك "الكرامة" ولا تهز شعرة من سبيب راسه ولا يهمه كلما حدث خلال حفل افتتاح المسجد .. حتى تلك اللحظه التى لم ينساها جميع أهل البلدة بعد أن وضعت (ست الكل) حجر الأساس فى مكانه مباشرة هبت نسائم لم يعهدوا مثلها من قبل وتجمعت السحب وهطل المطر غزيرا دون رعد أو برق وفي غير موعده، وكأن السماء في ذلك اليوم قررت أن تغسل خطايا أهل الأرض جميعاً، (علي) لا يعبأ بذلك كله ولا يهمه فى قليل أو كثير ويعتبر كلما حدث نوع من البدع والضلالات والدجل والشعوذة وكأن هذا الكون الذى يعيش فيه قد شيد وبرز إلى الوجود عن طريق الصدفة، وفي رأيه أن امرأة تخالط الرجال وتجادلهم يجب وأدها حية!!

    وما جعله أكثر كراهية (لسميرة) هو رأيها الواضح في حرب الجنوب والذي يخالف رأي الكثيرين من أهل البلدة فهي تعتبرها حرب بلا نهاية تستنزف المال والرجال والقتلي في الأخر سودانيين مهما اختلفت رؤاهم أو دياناتهم وكانت تقول:-
    (أن أهل الجنوب ليسوا بغزاة جاءوا كى يخرجوننا عن ديارنا أو إكراهنا على تبديل ديننا) .. وهي تشعر بالراحه وتنفرج اساريرها عند قراءة الآيات القرآنية من سورة النحل، التي تقول:-
    "أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن أن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو بالمهتدين، وأن عاقبتهم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين، وأصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون، إن الله مع الذي اتقوا والذين هم محسنون".

    (عدل بواسطة تاج السر حسن on 05-30-2007, 04:21 PM)

                  

05-25-2007, 11:23 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    وترى (سميره) في صلح (الحديبية) نموذجاً رائعاً يشهد بعظمة الإسلام وأعجازه وتعتقد بأن ذلك الفهم الحضارى الناضج السابق لزمانه والذي تم به، يبرئ المسلمين الحقيقيين والآسلام من التهم الجائرة التي تربطه بالإرهاب، وتضيف:-
    "إن الأسلام اذا فهم جيدا لأدرك الناس أنه دين المحبة والسلام" لا دين "السيف" والقتال وسفك الدماء !!

    تلك هي (سميرة) التي يمقتها (علي) ويرفض أن تصادقها زوجته، ويتمنى لنفسه الموت بدلا من أن يلمحها تسير على طريق يجمعها به عن بعد أو قرب !!
    جلس (علي) محاولاً الهدوء لكنه تشنج وصاح غاضباً:-
    "البت دي ابدأ ما عاجباني .. وأنا مانعها مية مرة ما تختلط بيها .. ثم اضاف:-
    "يظهر أنها ناشذ ما بتسمع الكلام .. في تلك الأثناء وقفت عربة (تاكسي) أمام باب المنزل نزلت (عازة) متثاقله وبعدها نزلت بنت الجيران (سميرة) فاستقبلهما (علي) والشرر يتطاير من عينيه سائلا:-
    أين كنتى؟
    أجابته (سميره):-
    "أرجوك دعها تدخل وترتاح الآن فهي متعبة قليلاً، ثم نخبرك بالمكان الذي كنا فيه".
    أغتاظ (علي) فأتجه الى ناحيتها قائلااً:-
    اصمتى يا أيها الشيطان الرجيم، فأنا لم اوجه لك سؤالا.
    تحاملت (عازه) على نفسها وعضت بأسنانها على شفتيها ثم قالت لزوجها:-
    أرجوك لا تسئ الظن بنا فكلما حدث هو شعورى بألم مفاجئ أخذتني على أثره (سميرة) للمستشفي المركزي، ولما لم نجد طبيبا فى المستشفى ذهبنا لعيادة خاصة فقد كاد الألم أن يقتلني.
    كرر (علي) السؤال مرة أخرى مستهجنا، أين كنتى؟!
    ثم قال مخاطبا نفسه في صوت مسموع:-
    مرتى أنا تذهب لمقابلة (دكتور) في عيادته الخاصة لوحدها ودون علمي وأخذ الأذن مني؟ ومع من؟؟ مع سميرة ؟ !! ثم واصل "والله ده الفضل" ثم التفت ناحية (عازة) وقال لها:-
    أنت (طلقانة) وحرمانه على والى الأبد .. وكان فعلا فراقا أبديا بين (عازة) وابن خالتها (علي) رغم المحاولات المتواصلة من جانب الأهل لإصلاح ذات البين بينهما وجمع شملهما من جديد لكن تعنت (علي) وتصلبه وقفا عائقا أمام جميع تلك المحاولات.

    وبعد مضى أربع سنوات منذ طلاق (عازة) وإحساس قاتل بالوحدة خصوصاً بعد نجاح (عديله) وانتقالها للمرحلة الثانوية مما اقتضي تواجدها المستديم بداخليه المدرسة، إضافة للقيود التي تفرض على المرأة المطلقة في مثل تلك المدن القرويه، فهى دائماً مذنبة ومشكوك فيها حتى تثبت العكس، والخطوات محسوبة والسؤال المستمر دائما وأبدا:-
    "إلى أين تذهبين ؟ ومع من ؟ ومتى تعودين؟"
    ومما خفف عنها ذلك العذاب، لحظات الأنس والملاطفة التي كانت تمضيها مع طفلتها الحلوة (سماح)، والأطفال في مثال ذلك العمر يتصفون بشقاوة محببة كمحاولة تقليد الكبار في أحاديثهم وطباعهم.

    في تلك الفترة ظهر بالبلدة (لؤي) ابن عم (لعازة) يسكن مدينة (الخرطوم) ويعمل والده بالتجارة .. سافر (لؤي) إلى (امريكا) لدراسة الطب ومنذ أن غادرت طائرته مطار الخرطوم أصبح والده (حاج عبد الله) ينادي بـ (أبي الدكتور) ولا يرضي عن أي شخص إذا لم يناديه بتلك الكنية والسؤال الدائم على الشفاه، ماذا فعل (الدكتور) وما هى أخبار (الدكتور)؟
    و(حاج عبدالله) يضحك مسرورا ثم يجيب سائله:-
    والله (الدكتور) من نباهتو وشطارتو من أول شهر عمل عمليه زايده عليك أمان الله قربت تنفجر .. (والله حير الخواجات فى نفسهم) ثم يعلق بزهو ويعدل عمامته:-
    "يعنى الدكتور ده كان تم سنه فى قراية الطب حرم كان زرع حواشة كلى ما كليه واحده) ، ويضيف :-
    (الجنا ده الشطاره وارثها من ابوهو)!!
    ثم يكمل:-
    "والله ابوهو كان اتعلم كان عمل البدع وكان صنع القنبله الذريه ذاتها"!!
    واصحابه يضحكون ويمازحونه.
    الى أن عاد (لؤى) ذات يوم وبعد مضى ثلاث سنوات فشل خلالهن أن يتعدى المرحله الأعداديه فى دراسة الطب ، لكنه رجع بشعر يصففه على طريقة كريهه تجعله يتشبه بالنساء .. وعشق لأغانى (الراب) ولغة انجليزيه (شوارعيه) لا باس عليها يقحم مفرداتها بين كل كلمة عربية وأخرى ، يستعرض بها عضلاته.
    وعندما أدرك والده (الفنجرى) الذى كان يعتز ويفتخر به حقيقة أمره أصيب فى الحال بصدمة سكرى وارتفاع شديد فى ضغط الدم، خصوصا بعد علمه بأن (لؤى) كان قد تزوج خلال تلك الفترة من فتاة أمريكيه طلقها لصعوبة الحياة بينهما وقد كان يمنى نفسه لتزويجه من بنت أحد اصدقائه تجار السمسم الأغنياء .. وبما أن لؤى كان متعثرا فى دراسته وانتقاما منه تقدمت زوجته ببلاغ للسلطات اتهمته فيه بالكذب والتزوير وادعائه بأنه تعرض الى ظروف قاهرة حولته الى (لاجئ سياسى)، وبعد أن فحصت مستنداته واكتشف كذبه تم طرده وابعاده واعادته الى بلده.
    وحينما رجع (لؤى) اصبح يتحاشى الجلوس مع انداده خوفا من نظراتهم الشامته والسؤال الصامت داخل كل منهم عن حقيقة أمره، وكثيرا ما غمزه احدهم قائلا:-
    (عندى حمى يادكتور عندك لى علاج)؟؟
    وينفجر الباقون فى ضحك وسخرية واستهزاء منه، بينما يحاول (لؤى) اصطناع عدم الأكتراث ببسمات باهته والحزن يمزق احشاءه تمزيقا، يتجه بعد ذلك نحو بيته ليجد سلوته فى العزف على آلة العود وترديد الأغنيات الحزينه.
    فكر (لؤي) في طريقة يهرب بها من عيون أهل منطقته وكذلك ليهرب من أحساسة بالذنب تجاه كلما حدث لوالده من مرض وكآبة، لذلك وعندما قرأ أعلانا عن وظائف شاغرة في أحدى (مشاريع النيل الأبيض) الاستثمارية الكبرى، فرح فرحا شديدا وقرر أن يذهب ويتقدم بطلب يجعله يحصل على وظيفة من تلك الوظائف ويستغل تلك الفرصة كى يشاهد عمه (سالم)، والد (عازة)، الذي ما حدث أن رآه منذ صغره، وذلك بسب خصام قديم بينه وبين والده في ارث تنازعاً عليه، وكانت المياه قد عادت إلى مجاريها بعد تدخل من الأهل عند وفاة جدة (لؤي) أثناء فترة غيابه بأمريكا.
    خلال سير القطار نحو الجنوب الغربى استرجع (لؤي) شريط حياته السابقة .. وأدرك أنها مليئة بالفوضى وعدم الجديه أو المسوؤليه وقرر أن يبدأ عهدا جديدا ينسى فيه كلما مضى وأن يغير من أسلوبه وسلوكه وأن يبدأ ذلك بحلاقة شعره على نحو مقبول يمنحه قدرا من الوقار والأحترام .
    وصل (لؤي) إلى منزل عمه، فرحبوا به خير ترحاب، وأكرموه بالصورة التقليدية المبالغ فيها (عصائر، شاي، قهوه، ذبائح، وولائم مستمرة .. "عجيب أمرأولئك الناس يتغير كل شيء فيهم ألا الكرم تسمع عن المجاعة وعن قوافل الإغاثة لكن ما أن تحل عليهم ضيفاً حتى تحسبهم اثري أثرياء العالم" !!
    حاول(لؤي) أن يقلل من ذلك الوضع في بيت عمه وخلال إحدى جلسات شرب (شاي المغربيه)، خاطب (حاجة زينب) و (عازة) تتابع حديثه وهى جالسه الى جانب أمها:-
    "يا والده بصراحة كدا عاوز أقول ليكم أنا ما ضيف والبيت دا بيتي وأنا في الحقيقة جيت عشان أشوف لي شغل في مشروع السكر الجنبكم دا يعني من هنا ورايح وقتي كله حيكون معاكم وافتكر حقو تعاملوني زي أي واحد من ناس البيت".
    ردت عليه (حاجة زينب):-
    "يا ولدي نحنا ما قاعدين نسوى ليك حاجة زيادة .. وياهو دا الموجود).
    تدخلت (عازة) مضيفة:-
    "خلاص أنت ح تكون ضيفنا لحدي ما تستلم شغلك وبعد داك ليك على نعاملك كسيد بيت واكتر شويه اتفقنا"؟.
    ضحك (لؤى) ونظر اليها مليا ثم قال:-
    "خلاص اتفقنا، وعشان أكون سيد بيت من بكره حأمشي أقدم أوراقى لإدارة المصنع".
    وفعلاً تقدم (لؤي) بطلب تعيينه، والحق بوظيفة مترجم ليكون وسيطاً بين العمال والخبراء الأجانب.

    رغم توفر السكن الملائم له وبعد المسافة قليلاً بين منزل عمه وبين المصنع ألا أن ارتباطه بمنزل عمه صار كبيرا جدا، خصوصا بعد إحساسه بانجذاب شديد نحو بنت عمه (عازة) وطفلتها الحلوة (سماح) التي ما أن تسمع صوت محرك سيارته حتى تسرع إليه في مودة وفرح غريبين.
    (عازة) نفسها لم تستطع اخفاء ارتياحها لا بن عمها خصوصا طريقته البسيطة في الحياة فهو دائم الابتسام وبلا هموم وكما يقال:-
    (الفى قلبو على لسانو).
                  

05-26-2007, 00:51 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    حقيقة لم تجد "عازه" في " ابن عمها "لؤى" ذلك الحلم القديم الذى ظلت تنتظره وتبحث عنه فى صمتها وحزنها، لكنه يمتاز بكثير من الصفات الطيبة، أما أكثر ما كان يخيفها فيه، هو تعلقه الشديد "بأمريكا" رغم كل ما حدث له فيها من مشاكل إلا أنه وما أن ترد أي مناسبة إلا وحكي عنها بانبهار شديد يظهر على عينيه خصوصا المرأة (الأمريكية) ثقافتها، واقعيتها، جديتها تحررها واندفاعها كما يحلو له وصفها.
    وسط ذلك الجو المشحون عاطفة وميل في المشاعر .. خوف وتردد .. أمل ورجاء، تطور الأمر إلى إعلان الزواج الثاني لكل من (لؤي) و (عازة) وتوالت الأيام والشهور بينهما في حب وهناء ومودة ووئام!!

    يستيقظ (لؤي) عند الصباح الباكر ويقود عربته (الأندروفر) متجها إلى موقع عمله ثم يعود بعد الظهر ليجد زوجته وابنتها في انتظاره على لهف وشوق شديدين .. يتناول طعام الغذاء معهن وينام قليلا ثم يستيقظ بعد العصر ليأخذهن بالسيارة في جولة مرة حول البلدة ومرة أخرى لرؤية أقسام المشروع وتارة يوقفون السيارة ويمشون بجوار ضفاف (النيل الأبيض) يشاهدون مياهة القادمة من أقصى الجنوب متدفقة بين اندفاع وخمول لتواصل سيرها شمالا حتى تلتقي بمياه (النيل الأزرق) العكرة بفعل الطمى والقادمة من أثيوبيا بفعل الطمى ويتم ذلك اللقاء الحميم فى مدينة (الخرطوم) الساحرة البديعة وبالتحديد عند منطقة (مقرن النيلين) ثم يمتزج النهران في نيل واحد وفي مشهد أسطوري رائع وبديع وساحر يأخذ بلب كل فنان و شاعر و رسام أو أى مبدع فى أى مجال من مجالات الأبداع ويستمر جريان ذلك النيل حتى المصب، وكأن النهرين في تلك الرحلة يمثلان قصة الحياة أو قصة حياة الأنسان.

    استمرت الايام بين "عازة" و"لؤى" على ذلك الحال، يتخللها المرح والفرح والسرور وفيها كثير من الرضاء والقبول، وفي قمة انبساطه كان (لؤي) كثيراً ما يمازح (عازة) قائلاًٍ:-
    "زمان يا (عزة) كنت بجيب لي (سماح) قوالب السكر من المصنع وهسة بشيل لي ناس المصنع سكر من البيت، الله يستر بكره ما يقفلوا المصنع ونبدأ نصدر من سكرنا".
    فتضحك (عازة) لذلك المزاح وتظهر (النونتان) القاتلتان، لكنها سرعان ما تتوقف وفي نبرة حزن تقول له:-
    (أنا خايفة بكرة تنسانا وكلامك ده كلو تشيلو الريح).
    فيجيبها (لؤي):-
    معقول أنساك يا (اعز الناس) ؟
    يبتسم لها ابتسامة تسعدها وتزيل ملامح الحزن عن وجهها، ثم يأخذ آلة (العود) فى يده ويبدأ فى ترديد مقاطع من اغنية رائعة تقول:-
    (يا أعز الناس حبابيك نحنا زدنا قليل حنان).
    تنفرج اساريرها منتشيه وهى تتابع معه بأذنيها وأحاسيسها كلمات تلك الأغنيه الرائعه ، وبعد أن يضع (العود) على الطاوله تصمت وتنظر الى الأرض مليا ثم تقول له:-
    (ما عارفه ليه عندي إحساس ذي دا .. أنو الفرح ما بطول معاي كثير).
                  

05-26-2007, 09:27 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    فيعاتبها (لؤي) على ذلك الحديث بحنيه ولطف ويتواصل المشوار بينهما سرور وسعاده.
    ولكن !!!!
    أن إحساس المرأة لا يخيب ابدا، فقد بدأ غياب (لؤي) عن منزله يزداد يوما بعد يوم بأسباب معظمها واه ومكذوب، أما الحقيقة فكانت هي نوع من الفتور والملل أصاب (لؤي) من ايقاع الحياة الروتيني البطئ في الريف.
    "الحياة هناك لا يطيقها إلا أهلها المشبعين بالصبر والجلد وحب الأرض، أما الدهشة التي يظهرها الوافدون القادمون من المدن، فما هي إلا لحظات لكسر الروتين، سرعان ما تتحول لضيق وتذمر"

    ومما جعل (لؤي) يكثر من ابتعاده عن بيته، تكوينه لشلة أصدقاء من الخبراء الأوربيين والآسيويين الذين يعملون معه أو في مشاريع مجاورة للمصنع الذى يشتغل فيه، وكأن الحنين قد عاوده لحياة الفوضى و (العربدة).

    كانت (عازة) تتحاشى مضايقته بالأسئلة وعن سبب غيابه المستمر عن المنزل وتقول في نفسها:-
    ربما تغير الحال فى الغد أو بعد الغد .. وكانت تكتفى بتذكيره في لحظات الهدوء والصفاء بأيامهما السابقة وحديثه عن السعادة والسكر والكلمة التي يرددها دائما (يا عسل) عند مناداته إلى أي أنسان خصوصاً (عازة)، وأغنيته المفضلة التي يشدو بها و العود بيده:-
    يا عسل رايق مصفى ويا عيون زايدانا الفه
    فيك شفا للناس ونحنا بالقليل منك بنشفي

    لكن الكيل فاض بها عندما أصبح (لؤى) فى بعض المرات ينام خارج المنزل دون أكتراث لها أو احساس بمشاعرها، وتارة أخرى يعود في وقت متأخر من الليل ورائحة الخمر تنبعث من فمه كريهة ومنفرة فيهوى على سريره والدمع بعينيها ثخينا يابي السقوط.

    وفي يوم من الأيام دعي (لؤي) شلته بالمنزل وطلب من (عازة) أن تشاركهم الجلوس حسب (الأوتوكيت) الغربي وعندما رفضت بحجة أنها لا ترتاح لذلك ولا يمكن أن تجالس رجالاً أغراباً مهما كانت الأسباب، انطلقت الثورة المكبوته دخل صدر (لؤي) طيلة تلك الفترة صائحاً فى وجهها:-
    "أنت أصلك ما ممكن تتقدمي أو تتحضري أصلو الرجال ح يأكلوك .. عاوزاهم يقولوا زوجتى متخلفه".

    وعندها شعرت (عازة) بجرح عميق وكبرياء مهزوم لكنها صمتت دون أن ترد عليه .. ويوما بعد يوم بدأت تتسع الفجوة بينهما ووصل النهر إلى مصبه ولم ينفع غير الانفصال الذي أشعل نيران الخصام القديم من جديد بين الأسرتين.
    "هكذا الحياة، مرة تطلق (عازة) من أبن خالتها لسبب بسيط هو خروجها لمقابلة الطبيب بعد شعورها بمرض مفاجئ في عدم وجود زوجها، وفي المرة الثانية تطلق من ابن عمها لدفاعها عن كرامتها وخصوصياتها وعزتها وما تراه صحيحاً، ومن جانب زوجها يعتبر ذلك الأمر تخلفاً ورجعية، هكذا الحياة الوانا متعددة من التناقضات يضيع خلالها كثير من الأبرياء".
                  

05-26-2007, 06:59 PM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    مرت الأيام .. واختلفت الأحوال كثيرا .. هاجر (لؤي) من جديد هذه المرة قاصدا ديار المستعمر القديم (انجلترا) بعد أن صعبت عليه حياة الريف ومن قبل حياة العاصمة، وواصلت (عديلة) مسيرتها التعليمية حتى التحقت بالجامعة منتسبة لكلية القانون، أما (عازة) فلم يتبدل حالها إلا بعد وفاة والدها (حاج سالم) وانتقالها مع أمها وبنتها (سماح) إلى منزل جدها (حاج عمر) والد (حاجه زينب) بمدينة "أم درمان" رافضين طلب عمها (عبدالله) غير الجاد للذهاب والعيش معه وقد وصفت أمها طلبه (بعزومة المراكبية)!!.

    والجد كان يعمل في الأصل بالزرعة وترك زراعته بعد أن زوج بنتيه وتوفيت امرأته وتقدمت به السنين، فأبى أن يعيش عالة على أي بنت من بناته، لذلك جمع ما تبقى له من مال وباع مزرعته ثم نزح إلى مدينة (أم درمان) حيث اشترى منزلاً بحي (الموردة) العتيق وفتح بالمنزل دكانا صغيراً يوفر له احتياجاته الضرورية وعندما انتقلت (عازة) وأمها وبنت حفيدته الصغيرة (سماح) إلى العيش بجانبه، فرح بهن فرحاًٍ شديدا غير مهتم أو عابء أو مكترث للمسوؤليه التى سوف يتحملها أو الصرف المادى الباهظ الذى سوف يقع على عاتقه، وصار الجد يغلق دكانه مبكراً حتى يجد فرصة كافية للتمتع بالأنس والحديث معهن وما يرويه لهن من حكم وحكايات خلال فترة صباه وما يحفظه من شعر الفروسية والحماسة ولا ينسى أن يحكى بعض الأحاجى المضحكة المسلية (لسماح) قيل أن تنام ويذهب بعدها كذلك لينام مبكرا حتى يستيقظ لأداء ضلاة الفجر حاضرا.

    وكان (لحاج عمر) صديق يصغره في العمر هو المقاول (سيد) .. الذى تعرف عليه بحكم تردده على (الدكان) لشراء السجائر و(الصاعوط) .. و(المعلم سيد) كما ينادونه رجل بدين في بداية الستينات من عمره، تظهر عليه علامات التبلد والغباء والبله، وحينما يتحدث يسيل ماء من فمه .. توفيت زوجته دون أن تنجب له طفلا بعد زواج دام أكثر من سبع عشرة عاماً لم يفكر بعدها في الزواج مرة أخرى !!

    كان البعض يشيد باخلاصة ووفائة لزوجته والبعض الأخر يتهامسون بخبث مؤكدين أنه رجل غير فحل ولولا ذلك فلماذا لم ينجب طيلة تلك الفترة ثم كيف يعيش دون امرأة بعد وفاة زوجته الأولى والرجال هنا تعودوا أن يتزوجوا (مثني وثلاث ورباع)، والأجهزة الرسمية تطالبهم بذلك!! وتشجعهم عليه، وتدعمهم بالفتاوى والإرشادات والمغريات والحوافز!!

    حياة (المعلم سيد) تتخلص فى نهج محدد وممارسة (معلبه) ومحفوظه، يبدا يومه منذ الصباح الباكر بمراجعة (الأسطوات والعمال) الذين يستخدمهم فى بناء حجرة دراسة تهدمت أو (باب من الحديد) تم تغييره أو توسعته بعد أن أحضر أحدهم عربة فارهة من ديار الغربه او فى بناء حمام أو ما يشبه مثل هذه الأعمال الصغيره التى تدر عليه عائدا جيدا .. يتجه بعد ذلك إلى اقرب مطعم لتناول طعام الغداء ثم يقود دراجته المميزة الشكل ليحضر مباراة فى كرة القدم على ملعب (دار الرياضة بأم درمان) ذاك المبنى الأثرى الذى تحول الى ملعب (لكرة القدم) وتلعب فيه المباريات عند وقت العصر ولمع من خلاله مشاهير ونجوم كبار فى مجال كرة القدم السودانيه .. و(للمعلم سيد) ركن محدد وشلة معينة يدخلون الملعب ويجلسون في مكان خاص بهم ولا يتجرأ أى كائن من كان أن يجلس في مكانهم حتى لو غابوا جميعا عن حضور مباراة من المباريات وهذا امر لا يحدث مطلقا .. (شلتهم) لا تهتم كثيرا بأسماء الفرق المتبارية، وأنما يأتون فقط من أجل الأنس واللهو البرئ ويضعون أمامهم (جرادل) الماء البارد وتمر عليهم (أقداح) الشاي (السادة)(مثنى وثلاث ورباع) بين كل فترة وأخرى وإثناء ذلك يتبادلون النكات والقفشات والسخرية من بعضهم البعض وتدبير المقالب الطريفة ويضحكون بصوت عال وعلى نحو متواصل وكثيرا ما خرجوا من ذلك الملعب دون أن يتذكروا من كان يلاعب الآخر من الأندية، أو كم كانت نتيجة مباراة حضروها بأجسادهم ولم يتابعوها بأعينهم، وأجمل ما يتميزون به تواصلهم لبعضهم البعض عند الأفراح والأتراح ومساهماتهم الفاعله عند زواج أحدهم أو وفاة عزيز له.

    بعد نهاية المباراة يودع المعلم (سيد) شلته ويمتطي صهوة دراجته وقبل أن يصل كنتين (حاج عمر) يصيح مناديا من بعيد:-
    "أنا هنا يا حاج .. حضر الضمنه"، ثم ينزل من دراجته ليلاعب (حاج عمر) جولة أو جولتين يغلق بعدها (حاج عمر) (بقالته) متجها إلى داخل المنزل ويقود (المعلم سيد) دراجته بعد أن يتزود بعلب (السجائر) وأكياس (الصعوط)، عابرا كبري (النيل الأبيض) قاصدا منزله (بحي المقرن) المؤسس على أحسن طراز .. وفي لحظات تغمض عيناه ويرتفع صوت شخيره.
    وهكذا تدور عجلة سنينه بغير أحلام أو طموحات، رغم وضعه الميسور وماله الوفير.
                  

05-27-2007, 09:36 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    وعندما قدمت عائلة (حاج عمر) من الريف وأستقرت بالعاصمه تحول لعب (الضمنه) إلى داخل المنزل فزادت سخونة مباريات (الضمنه) مع سخونة أكواب شاي (اللبن المقنن)، الذي تجيد اعداده (حاجة زينب) وتقدمه فى أكواب تفوح منها رائحة (المستكه).

    أما (عازة) فقد تغير حالها في منزل الجد كثيراً، فقد أصبحت مدمنه للقراءة خصوصا مطالعة المجلات الأسبوعية والقصص والروايات التي تعالج مشاكل وقضايا اجتماعية وإنسانية.
    وتنفعل بشدة مع أبطال رواياتها خصوصا إذا أصاب أيا منهم مس من ظلم أو ألم، وكانت كثيراً ما تأخذ قلمها لتعلق على موقف معين أو تجيب على سؤال حائر ونتيجة لذلك كونت حصيلة ثقافية جيده.

    في يوم من الأيام كانت تطالع قصة قصيرة اسمها (السراب) .. عاشت معها وانفعلت بأحداثها ايما انفعال، حتى أنها كثيراً ما تناست تناول طعامها لتواصل قراءتها والوصول الى خاتمتها.

    و(السراب ) !!
    تحكي قصة (مهيرة) فتاة جميلة أكملت دراستها في كلية الزراعة منذ فترة،أحوالها المادية على أحسن ما يكون، والدها (ضرار) رجل من إعلام المجتمع كان يعمل في وظيفة حكومية كبيرة استقال منها وتفرغ لعمل خاص، وخلال فترة وجيزة تضاعفت ثروته بصورة مريبه ليصبح من أصحاب الأموال والأملاك التى تحير العقول.

    كانت (مهيرة) فخورة جدا بوالدها (العصامي) المستنير كما تظنه فهو كثيرا ما حدثها أثناء جريان حبات (السبحة) بين يديه عن الشرف والأمانة وأكل الحلال وكثيراً ما حاورها في مختلف المجالات بروح (ديمقراطية) عالية .. لكن (مهيرة) ما كنت تعلم بأن والدها منذ أن ترك الوظيفة لم يكسب مليما واحدة بالحلال وما كانت تعلم بان اسم شهرته في السوق هو (التمساح العشارى) .. حتى أن كبار دهاقنة (السوق الأسود) كانوا يتبادلون نوادره
    و(خبطاته) بدهشة واستغراب!!!

    حكوا مرة عن إحدى ضرباته القوية المتقنة التخطيط وذلك عندما قام بتخزين كمية من (الذرة) وعندما ارتفع سعر الإردب إلى خمسين ألف جنيها، أخرج مخزونة الوفير وبدأ فى بيعه بمبلغ ثلاثين ألف جنيه فقط ، مما جعل بقية التجار يضطرون لبيع ما لديهم من ذرة بنفس سعره ، حتى لا يتدنى السعر أكثر من ذلك ويتعرضون لخسارة أكبر .. وفى ذلك الوقت أرسل رجاله كى يشتروا كل الكميه المطروحة في السوق ثم خزنها لفترة وجيزة وبعد أن شحت الذره من السوق تماما أخرجها مرة أخرى وباع الإردب بمائة ألف جنيهاً وكسب في تلك العملية وحدها ثلاثمائة مليون جنيهاً!!
    وهو معروف بأنه أفضل من يشتري ويبيع البضائع (المكسورة) ذلك الأسلوب الذى خرب البيوت وهدم اقتصاد البلد، أضافة إلى كل ذلك فأن والدها (ضرار) معروف بأنه مرابي من الدرجة الأولى، يجتهد في صنع الحيل التي تخارجه من الأحساس بالذنب ومن عقوبه تلك الأعمال الربوية .. مرة بعقودات بيع صورية لبضائع وهمية ومرة ببيع (الدولار) بسعر مرتفع وشراءه من نفس الشخص بسعر متدن وهكذا وعندما يتورط نتيجة لعمله ذلك في قضية أو مخالفة، فالأمر عنده سهل للغايه فحوله شهود زور جاهزين لأداء القسم لتبرير عمله ذاك
    و(تحليله) مقابل مبالغ زهيدة يستغل حاجتهم فينفحهم بها عند كل معضلة أو مصيبة تلم به، بل كان من بينهم من هو جاهز لدخول السجن بدلا عنه فى مصيبة أكبر طالما دفع أكثر وتولى أمر الصرف على أسرة (البديل) ، وعند كل مساء يجتمع بعصابته تلك يضحكون ويقهقهون ويجترون ذكري من أفلسوه أو (دوروه) كما يقال بلغة السوق في ذلك الوقت.

    ما كانت (مهيرة) تعرف كل ذلك عن أبيها لذلك عندما جمعتها ظروف الدراسة (بفائز) .. وهو شاب مثقف من أسرة متوسطة الحال، زميل لها بنفس الكلية .. في إحدى الندوات التي تعقد بالجامعة كان (فائز) أحد المتحدثين عن مشكلة الزواج وتفشى ظاهرة (الزواج العرفى) بين طلبة الجامعه ومن بين المتحدثين كذلك (مهيرة)، فتطابقت أفكارهما تماما خصوصا حول مسألة غلاءالمهور ومحاربته والبذخ والإسراف والصرف التفاخري وكان كلا منهما يؤمن ويؤيد وجهة نظر الأخر بقوة وحماس، وفي نهاية الندوة تم التعارف بينهما، وصارا كثيراً ما يتناولان شرب الشاي أو المرطبات بدعوة من أحدهما للاخر ويستمر نقاشهما حيويا ومتجددا وفي عديد من المجالات، ووجد كلا منهما في الأخر ضالته ومبتغاه.
                  

05-28-2007, 03:42 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    (فائز) إضافة لفكره الثاقب وثقافته العاليه ووعيه الذى يسبق عمره بكثير، كان أنيقا ومهذبا وشديد الحساسية لكل ما يجرح شعوره وكبرياءه .. أما (مهيرة) رغم أحوالها المتيسرة إلا أنها تحبذ الاعتماد على نفسها وتسعى لتكوين شخصيتها المستقلة اضافة إلى انها جميلة وظريفة ومجاملة إلى أقصى حد.

    تطورت العلاقة بينهما إلى حب عنيف ولثقتهما المفرطة اتفقا على الزواج وخططا لكل شيء بدقة متناهية حتى طريقة الحفل والفنان الذى يغنى فى حفل تتويج حبهما بالزواج، ومكان تمضية شهر العسل، وحددا لذلك مدينة (اركويت) فى شرق السودان لاستعادة ذكري (تاجوج) و(المحلق) إحدى ثنائيات الحب العذري المشهورة قصتهما كشهرة (قيس) و (ليلي) و (روميو)
    و(جوليت).

    حتى أسماء البنيين والبنات لم يغفلا اختيارهما في بهجة وسرور، وفي الوقت المناسب ذهب (فائز) لمقابلة ضرار والد حبيبته (مهيرة) بمكتبه التجاري، ولم يكن يعرف عنه أكثر مما أخبرته به (مهيرة).
    دخل عليه فوجده وكأنه فى نهاية الخمسينات من عمره تبدو على مقدمة رأسه شعيرات بيضاء تمنحه نوعاً من الوقار والرهبة وشئ من الوسامه.

    في تلك اللحظة كان "ضرار" يجلس على كرسيه يدور به ذات اليمين وذات اليسار يمسك على يده اليمنى سماعة هاتفه العادى وعلى يده الأخرى هاتفاً (جوالا) غالي الثمن يحادث طرفا آخر وبين كل فترة واخرى يقهقه بصوت عال فتظهر سنه الذهبية بوضوح، وعندما لمح (فائز) أشار إليه بالجلوس على الكرسي المقابل له، جلس (فائز) في شيء من الارتباك والحيطة والحذر، تطلعت عيناه تتفحص ذلك المكتب البائن الأبهة والفخامة وواضح أن كل محتوياته قد جلبت من الخارج انهي (ضرار) المحادثة (التليفونية) الأولى والثانية ثم التفت مخاطباً (فائز) قائلا: -
    (أهلاً وسهلاً مرحبا بك تفضل) .. وهو يحسبه حتى تلك اللحظة أحد الشبان الذين كثيرا ما أتوا إليه باحثين عن وظيفة بالمكتب، ثم أخذ (غليونه) وبدأ يحشوه تبغاً وأخرج ولاعة ذهبية وشرع يدخن ذلك التبغ المميز الرائحة وبدأ تصاعد الدخان في رحلة تبدأ من (الغليون) ولا يدري أى أحد إلى أين تنتهي!!

    خلال تلك اللحظات التى مرت وكأنها مائة عام، ازداد ارتباك (فائز) وبذل جهدا كبيراً كي يجد طريقة تجعله يشرح الهدف الذى جاء من أجله وفي داخله بدأت تتشكل صورة تناقض تماما تلك الصورة التي رسمتها له (مهيرة) عن ابيها ولبرهة فكر أن يهرب بأي وسيلة ويتخلى عن الهدف الذي أتى من أجله إلا أن (ضرار) أدرك بفراسته ومن تصرفات (فائز) بأنه الشاب الذي أخبرته عنه ابنته (مهيرة)، لذلك ابتدر الحديث، قائلا:-
    نعم يا ابنى .. أخبرتني (مهيرة) عنك وعن وضعك المادى وظروفك الاجتماعية وأفكارك السامية لكن يا ابني دعنى اكون معك صريحا وأوضح لك شيئا مهما .. لقد كنت شاباً في مثل سنك وكانت الأفكار الخيالية والمثالية تملأ جوانحي .. لكن يا ولدي مثل هذه الأفكار ما عادت تجدي في هذه الأيام، هذا الزمن الذي نعيشه لا ينجح فيه إلا الرجل الطموح والجسور والمصادم، أما الرجل الضعيف فإنه وعلى أحسن حال تدوسه الأقدام وتمشي عليه كما تمشي الأفيال على العشب الوديع.

    استمر "ضرار" مواصلا حديثه دون أن يترك (لفائز) أي فرصة للرد عليه أو ابداء رأى معارض أو مؤيد، وأخيراً قال له:-
    عشان كدا يا بني أنا كأب بقول ليك لو أنت فعلاً صاحب أفكار وقيم سامية و نبيلة أرجوك ابتعد عن طريق ابنتي الوحيدة حتى لا تتعب في حياتها معك .. صدقنى انا لا أحب أن انكسر لأى مخلوق فى هذه الدنيا .. لكن "مهيرة" هى ابنتى الوحيده ويهمنى أن اراها سعيده ولن أسمح لأى انسان مهما كان أن يمنعنى من أن اراها فى الوضع الذى اتمناه لها.
    ثم واصل :-
    "وأرجو منك أن تقدم لى خدمة لا انساها لك طيلة حياتى بالا تخبرها عما دار بيننا الآن، وأنا على أتم استعداد لمساعدتك في أي شيء تطلبه من عون أو مال او خلاف ذلك".

    تماسك (فائز) في ذلك الوقت ومد يده مودعا (ضرار) ثم قال له:-
    "أعدك يا عمى بأن أنفذ كلما قلته وبالحرف الواحد، وأشكرك كثيراً فأنا لا ينقصني شيء حتى أحتاجك أن تساعدني فيه"، ثم أضاف:-
    "هناك يا (سيدى) أشياء لا تشتري بالمال أو المجوهرات ولا تستبدل بكنوز الدنيا والآخره".

    خرج (فائز) إلى الشارع العريض محبطاً حزينا متجهاً نحو منزله وفي طريقه بدأ يسترجع شريط أحلامه وأمانيه واتفاقه مع (مهيرة) بأن يعمل في إحدى شركات القطاع الخاص الزراعية ثم يجمع قليلا من المال ليشترى قطعة أرض خارج العاصمة يشيد فيها مزرعة للدواجن وبيتا صغيراً تحيط به شجيرات (المانجو والجوافة) وبعض شتلات (البنفسج والياسمين).
    وتذكر قول (مهيرة):-
    "خلاص يا (زعيم) أنت عليك الاهتمام بمزرعة الدواجن أما أنا فستكون شتلات البنفسج والياسمين على رأسي وعيوني".
    وتذكر رده عليها:-
    "دائما انتو كدا ما بتحبو إلا الحاجة الهينة ولينه ... ولما يكون في نقاش عن الحقوق تطلبوا المساواة الكاملة ودون أي نقصان"، ويضحك الاثنان في نشوة وانبساط.
    صار ذلك الحلم وهما وسرابا .. وأدرك (فائز) أن حبيبته (مهيرة)، كانت مخدوعة في حقيقة والدها (ضرار) الذي تحسبه شريفا ونزيها و (ديمقراطيا) متفتحاً.

    وبما أن (فائز) يتمتع بحس رقيق مرهف فقد آثر أن يبتعد عن (مهيرة) دون أن تعرف الأسباب التي جعلته ينسحب من حياتها فجأة وعلى ذلك النحو وبدون إيضاحات كما طلب أبوها، وفضل أن تهون شخصيته في عينيها بدلا ً من أن تدرك حقيقة والدها فتتعذب وتتألم أو تحدث بينه وبينها مشاكل وخلافات يكون هو المتسبب فيها.

    وأكثر ما أحزنه حينما أستشعر بانها ربما اتهمته ظلماً بأنه من النوع السافل الحقير الذي يلعب بمشاعر الفتيات وحينما تحين ساعة الجد ينسحب بطريقة قذرة ووقحة ...
    "أنها فعلاً مأساة أن نحكم على إنسان دون أن نعلم حقيقة أمره"!!
    تأوه (فائز) حينما رمى نفسه على سريره دون أن يبدل ملابسه أو أ، يخلع حذاءه، وتابع بأذنيه من بعيد صوت المذياع تنطلق منه أغنية تقول:-
    (بيقولو الغائب عذرو معا ... وفى غيابك يا ما نشيل اللوم).
                  

05-28-2007, 10:58 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    شكرا بكرى ... نواصل
                  

05-28-2007, 07:19 PM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    في تلك اللحظة نزلت دمعتان على خدي (عازة)، وتزامن ذلك البكاء مع دخول جدها "حاج عمر" الى غرفتها دون أن تشعر به، ولما رأها على ذلك الوضع قال فى نفسه:-
    "لا بد أن تتزوج (عازه) والا حدثت طامة كبرى ومصيبة أكبر .. وتذكر قصة الشيخ (فرح ود تكتوك حلال المشبوك) حينما (بلغت) بنته فاخذ يصيح فى السوق (الداير لى حمامه قبل لا تقع الندامه ... !! تصور (حاج عمر) الأمر وكأنه لحظة (شبق أو اشتهاء)، أو بلغتهم المباشرة (عرمة) امرأة جربت الزواج من قبل .. وعلى ضوء تصوره ذاك، حسم القضيه فى دواخله وتوكل.

    بعد أن مسحت (عازة) دموعها أخذت القلم وبدأت تكتب على شكل أسئلة وأجوبة.
    ما هي السعادة؟
    - هل هي الحصول على المال والجاه والثروة وحلو المسكن والمأكل والملبس ؟
    - هل هي معايشة الواقع ومسايرته والرضاء به دون التطلع لتحقيق الخيال والأحلام؟
    - أم هي الإحساس بالآخرين والتضحية من أجلهم، حتى لو كان ذلك على حساب آمالنا وأحلامنا وطموحاتنا؟
    أخيراً ربما تأثراً بمخزون عقلها الباطن علقت:-
    "كل ذلك يمثل لوناً من ألوان السعادة، لكن السعادة الحقيقة تتجسد في .. شريك الحياة الذي ترسله العناية الإلهية مطابقاً فكره لفكر شريكه .. منسجماً معه عاشقاً لاهتماماته الكبرى والصغرى، مزهوا بنجاحاته وإنجازاته، غافراً سلبياته وأخفقاته شاعراً بأحزانه حتى لو أخفاها بالابتسامات .. سعيداً لافراحة وأن أغرقته الدموع"، ثم أضافت:-

    "السعادة هي أن تجد شخصاً يحب نفسه إليك، لا أن يحبك لنفسه).

    في تلك اللحظات التي توصلت فيها (عازة) لمعني من معاني السعادة.
    كان جدها وخلال لعب الضمنة يطرح على صديقة (المعلم سيد) سؤالا فاجأه به:-
    - يا معلم (سيد) ما عاوز ليك عروس؟
    أجابه (المعلم سيد):-
    - انت جنيت يا (حاج عمر) في (مره) تقبل ليها بي راجلا (مكركب) في متل عمري دا؟
    ردعليه (حاج عمر):-
    - ليه أنت مالك ؟ مالسه شباب، (والراجل راجل حتي كان وصل المقابر).
    أجابه (معلم سيد) :-
    - غايتو يا (حاج) إلا تكون ساكت زهجت مني، ولا كترت غلبي ليك خلتك تفكر لي في (مرة) تشغلني وتبعدني منك ولا شنو؟
    رد عليه (حاج عمر) ضاحكاً:
    - بالعكس أنا عاوزك تقرب مني أكتر وعشان الضمنة تبقي ليل نهار، عاوز (اديك) بنية بتي (عازة)، وأنا متأكد أنها حتعجبك – اهاشن قولك؟
    لم ير (المعلم سيد) (عازة) من قبل رغم تردده المتواصل على منزل جدها (حاج عمر) وحتى لا يحرجه انسحب من الموضوع بدبلوماسية قائلا:-
    - خلاص يا (حاج) ما في عوجه إن شاء الله خير بس اديني يومين تلاته أفكر فيهم بي مهله واديك رأيي .. أتفقنا؟
    رد عليه (حاج عمر):-
    على خيرة الله اتفقنا.
    بعد ذلك النقاش بدأ (المعلم سيد) يقلل من زياراته لصديقه (حاج عمر) تهرباً من موضوع الزواج الذي طرح عليه.
    ولقد كان هذا هو ديدن (المعلم سيد) مع كل من يقدم له أقتراحاً بخصوص الزواج، حتى شقيقته (علوية) التي كان يحبها كثيراً، ولا يرضى مطلقا أن يراها غاضبة، أصبح يغيب عنها لفترات طويلة بسبب اصرارها وأقتراحاتها المستمرة لتزويجه بعدد من النساء المطلقات أو الأرامل، أو اللاواتي فاتهن قطار الزواج، وتتحدث له عن محاسن كل واحده منهن فهذه جميله والثانيه اخلاقها طيبه وروحها مرة والأخيره احوالها الماديه على أحسن حال بعد أن ورثت أموال وأطيان من أبيها، لكنها لم تجد زوجا يسترها !!!
    بسبب ذلك الحديث المتواصل عن الزواج الذى تتمناه (علويه) لشقيقها (المعلم سيد) أصبح يتغيب عنها كثيرا، حتى صارت تبكي حينما تلتقيه، وتوقفت عن أصرارها ومحاولاتها لتزويجه حتى لا يبتعد ويطول غيابه عنها.

    رغم الهموم التي كانت تشغل بال (حاج عمر) بخصوص (عازة) الا أن كبرياءه لم يسمح له بتكرار ذلك الطلب الذي قدمه (للمعلم سيد) من قبل وهو يشعر بأنه من العيب أن يطلب رجل من أى أنسان آخر مهما كانت علاقته به كى يتزوج من أحدى بناته أو حفيداته.

    وفي ذات ليلة أتي (المعلم سيد) بعد غياب طويل، للاستفسار عن صحة (حاج عمر) ومشاركته لعب( الضمنة)، لكنه فوجئ بعدم وجود أهل الدار جميعا، ولما اشتد طرقه على الباب، خرجت طفلة من أحد المنازل المجاورة وأخبرته بأن (حاج عمر) ألمت به وعكة طارئة أخذوه عل أثرها للمستشفي.
    لم ينتظر (المعلم سيد) كثيراً بل قفز على دراجته كشاب في العشرين من عمره قاصداً مستشفي الحوادث وعندما وصل كان (حاج عمر) قد أخرج لتوه من غرفة العمليات ووضع في غرفة الانعاش بعد نجاح استئصال زائدته الدودية، وعلى باب الحجرة وقف (المعلم سيد) شارد الذهن نازلة دموعه بصورة طفولية مؤثرة للغاية، تكشف عن براءة وطيبة قلب وغباء في نفس الوقت.
    ما أنتبه (المعلم سيد) لوجود (حاجة زينب) إلا حينما نادته قائلة:-
    (حمدا لله .. سلامة يا خوي .. ربنا بارك ولطف).
    مد (المعلم سيد) يده مصافحاً حاجة (زينب) ثم التفتت الأخيرة وقالت لابنتها:-
    مدي يدك يا (عازة) سلمي على عمك (سيد).
    مدت (عازة) يدها نحوه وفي تلك اللحظات ورغم جو الحزن الغالب إلا أن (المعلم سيد) ما أن وقعت عيناه على عيني (عازة) حتي تناسي كل شئ.
    وبدأ يسترجع شريطاً طويل الأمد، أيام تكوينه مع بعض الرفاق شلة للطرب كانوا يسمونها في تلك الفترة (شلة الصعاليق).
    "هكذا دائماً كعادة السودانيين تمتزج الأحزان بالأفراح وتختلط الأفراح بالأحزان"!!
    تذكر (المعلم سيد) اغنيات الحقيبة واسترجع أبياتا تقول:
    حاول يخفي نفسو
    وهل يخفي القمر في سماهو
    ابداً وطبعاً لا .. لا .. لا ..
    شفناهو شفناهو

    وتذكر (أغنية) تقول :
    سيده وجمالا فريد
    خلقوها زي ما تريد
    في خديدا وضعوا الريد

    و تذكر (أغنية رائعة) أخري قول :
    غضبك جميل ذي بسمتك
    على كل حال طبعك جميل
                  

05-29-2007, 09:17 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    كان المعلم (سيد) عاشقاً للجمال بصورة كبيرة، إلا أن ميوله للمرأة كأنثى كان أقل وأضعف، وما كان له أن يفكر في الزواج في المرة السابقة لولا أنه وصل السن التي يعاب فيها الرجل غير المتزوج، لكن ما أن وقعت عيناه على عيني (عازة) حتى أصبح على حال أخر من التوهان وشرود الذهن وتصبب جسمه بكثير من العرق، وفي أثناء سرحانه ذاك طلبت منه حاجة (زينب) أن يذهب ليستريح لأنه ومنذ الصباح الباكر لم يرجع لبيته.

    ودعهم المعلم (سيد) وذهب .. وترك قلبه معهم .. وصار يعاود صديقة (حاج عمر) في كل يوم محملاً بأنواع الفاكهة المختلفه "منقه، موز، برتقال" وشئ من الحلوي ومن وقت لآخر يدخل يده في جيبه ليدس مبلغاً من المال تحت وسادة (حاج عمر) بينما تحاول حاجة (زينب) أن تثنيه عن ذلك دون جدوي .. استمر الأمر على ذلك الحال، وكان (المعلم سيد) كثيراً ما يسرح وهو ينظر في وجه (حاج عمر) مسترجعاً حديثة عن الزواج وعن حفيدته (عازة).

    وأَضحي ينتظر الفرصة المناسبة التى ييفاتح فيها (حاج عمر) بما يشغل باله ويحيك فى نفسه، لكن منعه من ذلك تواجد (عازه) وأمها المستمرين مع (جدها) .. وكذلك لاحظ (حاج عمر) بحنكته وخبرته فى الحياة أن أمرا ما جلل يشغل بل صديقه (المعلم سيد)، لكنه أبي أن يستفسر عن ذلك الشئ، حتى جاء اليوم الذي تقرر فيه خروج (حاج عمر) من المستشفي .. في ذلك اليوم حضرت (حاجة زينب) لوحدها واستاذنت في الرجوع مبكراً حتى تلحق (بعازة) لتهيئة المنزل وترتيبه وكانت فرصة جيدة أغنتمها (المعلم سيد) وكاشف صاحبه عما يجول بخاطره قائلاً:-

    "في الحقيقة (يا حاج) أنا فكرت في كلامك بتاع اليوم داك وشعرت أني في السن دي محتاج فعلاً لى شريكة تقاسمني باقي عمري قبل ما يعدي والظروف ما معروفة جائز الواحد يوم يقع من طولو وما يلقي اليسندو، وطبعاً يا (حاج) أنت اخترت لي وأنا رضيان باختيارك وربنا يديم بيننا المعروف".

    ابتسم (حاج عمر) فرحاً لخروجه من المستشفي ولانفراج همه فيما يخص حفيدته (عازة) ثم أجاب صديقة:-
    "خلاص اعتبر الموضوع منتهي بس (أديني يومين تلاته) افتح الموضوع مع أمها وما اظنها ترفض لي طلب وربنا يجعل ما فيه خير".. في أثناء ذلك الحديث الذى كانا يتبادلانه دخل الطبيب مهنئا (حاج عمر) بالسلامة ومكملاً إجراءات الخروج الروتينية وعلى الفور أسرع (المعلم سيد) واحضر (عربة تاكسي) حملت (حاج عمر) إلى منزله ثم ذهب واشتري علب الحلوي وصناديق (البيبسي كولا) وبدأ يشرف على استقبال الزوار بنفسه وعند منتصف الليل عاد لمنزله ولاول مرة في حياته تعرف عيناه السهر وينشغل باله بالهم والأمل والرجاء ويتوقف صوت شخيره العالى.

    مضى الأسبوع سريعا على خروج (حاج عمر) من المستشفي وانقطاع معاودة الأهل والجيران له، فانتهز (حاج عمر) فرصة وجوده لوحده مع بنته وحفيدته وابتدر حديثاً وجهه لأبنته قائلا:-
    يا (زينب) بابنتي طبعاً أنت كبيرة وواعية وعارفة كل شئ وماك محتاجة لي حديث كتير وكل العاوز أقولوليك أنه (عازة) اتقدم ليها عريس وأنا أخترتوا ليها بي نفسي، وهو موافق ومنتظر موافقتك.
    في تلك الأثناء خرجت (عازة) من الغرفة مظهرة نوعاً من الحياء والارتباك لا تدري هل هي فرحة، أم قلقة لما سمعت... أما (حاجة زينب) فقد تملكها فرح عظيم فى بداية الأمر فهي انثى وتعرف تماماً معاناة المرأة التي تعيش لوحدها دون رجل خصوصاً إذا كانت في مثل عمر ابنتها (عازة) لذلك قالت لأبيها:-
    - يا (الحاج)، (عازة) بتك وما في راياً بعد رأيك وأنت ياك صاحب الميز والعدل .. بس العريس الجاي دا منو ومن وين؟
    تابعت (عازة) ذلك الحوار الداير بين أمها وجدها بأذنيها، حتي سمعت جدها يقول:-
    العريس صديقي "المعلم سيد" تعرفينه راجل أبن حلال ومبسوط ثم واصل:-
    المعلم سيد كان مضرب عن الزواج بعد وفاة مرتو وفاء وتقديرا لها وعشان ما لقى مره تانيه تشبه المرحومه مرتو فى اخلاقا ومعاملتا ليهو.
    أصابت الصدمة كلا من (حاجة زينب) و (عازة) في وقت واحد .. تماسكت (حاجة زينب) ثم قالت:-
    - هي لكن يا (الحاج) (المعلم سيد) ما كبير شوية على (عازة).
    رد عليها (حاج عمر):-
    - كلامك في محلو يا (زينب) يا بتي، (المعلم سيد) ما هو صغير لكن أنت عارفة المرة الفي سن زي سن (عازة) دي، لازم يكون ليها راجل وزي ما بقولو (ضل راجل ولا ضل حيطة) والمتل (سيد) ده أخير لديها من شباب الزمن دا لا مسؤولية ولا قدرة على فتح البيوت وبراك شفتي عمايل ودعمها الطائش السجمان "لؤى" وكمان أنت عارفة أنه (عازة) ما براها معاها (سماح)والمعلم (سيد) راجل طيب وما عندو جنا واهو (سماح) حتبقي زي جناهو.

    في تلك اللحظة نزلت دمعتان على خدي (عازة) وقالت لنفسها:-
    (هل أصبحت غير ذات قيمة للدرجة التي اتزوج فيها المعلم سيد)؟
    ثم واصلت:-
    (إلى متي غدرك يا زمان؟)
    لكن خطر ببالها خاطر وسؤال يقول:-
    هل صعب الحمل على كاهل جدها العجوز؟
    لذلك مسحت دمعتيها ورسمت ابتسامة مصطنعة على شفتيها ثم دخلت موجهة الحديث نحو أمها:-
    "كلام جدي في محلوا يا أمى أنا موافقة على الزواج من المعلم سيد".

    وحدد اليوم لعقد القران .. احضر (المعلم سيد) المأذون بعد أن دعي نفراً من أهله واصدقائه وفي مقدمتهم أخته (علوية) التي كادت أن تطير من الفرح، بسبب زواج شقيقها أخيرا، إضافة إلى ما لاحظته من جمال ( عازه) الذى لا تخطئه عين، فمازحته قائلة:-
    "قول كده من زمان ماداير أعرس .. وأنت داسي ليك قنبلة ذي دي" .. فبادلها الابتسام والضحك ووزعت الحلوي والتمر وقرئت الفاتحة وانقضي كل شئ كلمح البصر.
    وفي اليوم الثاني أخذ (المعلم سيد) زوجته إلى منزله وبدأت زيارات الجيران للساكنه الجديدة (عازة) التى كانوا يتوقعونها امرأة كبيرة فى السن قبيحة ودميمه الشكل فاتها قطار الزواج تناسب (المعلم سيد)، وعمره الكبير .. لكن الهمس والغمز بدأءا بعد أن انكشاف المستور وانبهارهم بالجمال الرهيب الذي تتصف به (عازة) .. فمنهم من قال:-
    "أنها دون شك من أسرة فقيرة طمعت في إرث الرجل الطاعن في السن، تزوجته لكي يموت بعد فترة وترث ماله وعقاره"، ومنهم من قال:-
    "أنها بالتأكيد صاحبة ماض سئ وجدها (المعلم سيد) في مكان مشبوه ولولا ذلك ما رضيت برجل على حالته".
    وفي نفس الوقت عرفت الغيره قلب (المعلم سيد) وتحولت تلك الغيره إلى شك يأرق منامه.
    "فالحب الذي يأتي في زمن الكبر عادة ما تشوبه غريزة حب التملك التي يتصف بها الإنسان خلال مرحلة الطفولة".
                  

05-30-2007, 12:59 PM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    في يوم من الأيام كان عدد من (أبناء الحي) يجلسون عل دكة منزل (المعلم سيد) كعادتهم، وعندما عاد (المعلم سيد) من عمله فؤجئوا به ينفجر فيهم شتيمة وتوبيخا ما عهدوهما فيه طيلة فتره وجوده (بالحارة)، على العكس تماما من ذلك كان كثيراً ما يسليهم ويضحكهم وهو في طريقه إلى داخل بيته، ويبادلهم القفشات والطرائف، يركض أحيانا كي يلحق بكرة صوبها له هذا أو ذاك وهم يضحكون على شكله (الكروكي) و (كرشه) المتدلية.

    وعندما ارتفع صوت (المعلم سيد) أنزعجت (عازه)، و فتحت الباب لتري ما يجرى، دون أن تفكر لنفسها وهي ترتدي فستاناً قصيراً، وعلى التو انتهزها (المعلم سيد) بصورة عنيفه لأول مرة منذ أن تزوجها ثم دخل وأغلق الباب من خلفه بحدة واضحة وبدأ يحقق معها:-
    - ما الذي جعل أولئك (الأوغاد) يجلسون على دكة المنزل؟
    - ما هو غرضهم؟
    - وهل فتحت الباب من قبل؟
    - ولأي سبب من الأسباب؟
    - ولماذا فتحتى الباب ووقفتى تنظرين مرتدية ذلك الفستان القصير المثير؟؟
    أجابته باكية بأنها ما كانت تدري عن أمرهم شيئاً وما فتحت الباب إلا بعد أن سمعت صوته يعلو بصورة مزعجة، ولم تنتبه لنفسها وما ترتديه.
    وبعد فترة هدأ (المعلم سيد) معتذراً لها عما حدث في رقة ولطف، متأسفا وموضحاً بأنه ما فعل كل ذلك إلا غيرة عليها.

    وعلى تلك الوتيره استمرت حياة (عازة) مع زوجها (المعلم سيد) غيرة وشك، صراخ وهياج ثم ندم واعتذار .. "وكما ردد المغنى الريدة الشديده يا حنين شقاوة، كذلك الغيره، فهى "ملح الحب" أما الشك فهو لا ينشأ، إلا بسبب نقص أو تقصير في ناحية من النواحي مهما أكتملت باقي الجوانب ولا يصاب الشخص بمرض الشك إلا إذا كان هاجس أفعال غير حميدة مارسها من قبل تأرقه ولا يرضي أن تحدث لمن تربطهم به صلة قربى أو زواج، وتلك هى النفس الأنانيه الأمارة بالسوء".

    نتيجة لذلك الشك القاتل والغيره المدمره تغيرت حياة (المعلم سيد) تغيراً كبيراً .. أصبح يحصر نطاق حركته بين عمله و بيته .. حرم نفسه من مشاهدة مباريات (كرة القدم) وقت العصر .. وترك زيارة الأصدقاء حتي لا يردون له الزيارة فتقع أعينهم على زوجته الجميلة الفاتنة المثيره، وترك لعب الضمنة مع صديقه العزيز (حاج عمر) .. حتي زيارته لأهله صارت تسبب مشاكل كثيرة (لعازة) فلو تزينت قليلاً ظهر عليه ضيق وعنت ولو تعطرت الغي الزيارة، ودائماً في داخله ما فعلت (عازة) ذلك إلا لرجل تتوقع لقاءه!!

    مشكلة (عازة) الأساسية سببها نوع ساحر من الجمال أقل لمسة زينة تجعل منها لوحة فرح مدهش .. كثيراً ما وجدت (عازه) العذر لتصرفات (المعلم سيد) فالكل يرمقها بنظرات متوحشه ومفترسة .. حتي النساء كن يتفحصنها بنوع من البلاهة والعبط، غيظاً من جمالها أو غيرة واعجابا .. أنوثتها تلك ونظرات الناس إليها اتعبتا (المعلم سيد) أشد التعب.

    إلا أن (عازة) ورغم معانتها كانت تمازحه خصوصاً عندما يهمان بزيارة ضرورية، بأن يأخذ حفنة من التراب ويمسح بها على وجهها حتى تبدو في منظر قبيح وحتي لا ينظر اليها أو يحفل بها أحد، وكان (المعلم) يجيبها بوجه طفولي باسم:-
    (لو مسحت عليك بالتراب لتحول الى تبر)!!!

    لكن ما أن تنتهي تلك الزيارة حتي يعود إلى الشجار والنكد والسؤال:-
    لماذا نظر إليك ذلك الرجل حينما كنا في محطة الباص ؟ ولماذا تركتى يدك على يد ابن عمي لمدة طويلة وانت تسلمين عليه؟ ولماذا ضحكتي للنكته التي أطلقها زوج فلانه على ذلك النحو؟ .. لماذا ..؟ ولماذا ..؟ تحقيق بوليسي ,اسئلة متواصلة تهد صبر الجبال.
    رغم كل ذلك صبرت (عازة) وتحملت كل عناء وعنت حتى لا تعود إلى بيت جدها فتزيد من معاناته كما أنها خافت من فشل الزيجة الثالثة فيزداد همس الناس وغمزهم .. بالطبع لا يمكن أن يصدق حتى المخلصين منهم بأنها مظلومة في كل تلك التجارب التي مرت بها وللمرة الثالثة!!!

    رغم أنها تعرف بأن الأنسان قد تمر عليه فى مسيرة حياته كثير من المشاكل التي لا يكون له أي ذنب في حدوث أي مشكلة منها، لكن ذلك الفهم، يحتاج من الآخرين، قدراً عالياً من الأنصاف والعدل ونعمة نادرة يهبها الله لمن يصطفيهم من عباده".
    وهي نعمة "العقل المحايد" .. التى لا توهب الا للمفكرين والمبدعين والأولياء الصالحين والعظماء الذين يغيرون وجه التاريخ.
                  

06-05-2007, 10:24 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    معليش فى ناس متابعين الروايه من الخارج .. المنبر تقول جن راكب جواد!!
                  

05-30-2007, 01:15 PM

essam&amal
<aessam&amal
تاريخ التسجيل: 11-15-2003
مجموع المشاركات: 2579

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    رواية كدة ما بتنفع
    امشى المطبعة
    اطبعها بطريقة جميلة زيها
    ورسل لى نسختى مع الاهداء
    رواية
    جميلة
    تستحق الطبع
    وانا استحق نسخة
    وكل من تداخل معك
    واول نسختين
    انا ونادية
    رايك شنو ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    تحياتى
    ام وضاح
                  

05-30-2007, 03:46 PM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: essam&amal)

    الهلالابيه الظريفه أم وضاح
    أول نسخة ح تكون هدية ليك بالأشتراك مع أختنا نادية لأنها رئيسة منظمة دناقلة بلا حدود،
    طبعا بعد تصلك الهديه لازم يصلنا شيك على بياض!!
    و"بث"!!
                  

05-31-2007, 11:17 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    لذلك ورغم تقصير (المعلم سيد) في كثير من حقوقها وواجباتها الزوجية إلا أنها حاولت المستحيل وبذلت كل جهدها للتمسك به وعملت ما فى وسعها وما لا يستطيعه بشر، للحفاظ على بيتها من الأنهيار والفشل.

    وبنفس ذلك القدر كانت شكوك (المعلم سيد) تزداد يوما بعد يوم للدرجة التي صار فيها كثيراً ما يترك عمله عائداً لبيته دون سبب منطقي وعندما تناقشه (عازة) في ذلك ، يكيل لها السباب والتهم وأنها تريد أن تصرفه عن البيت حتى تجد من هو في مثل عمرها وشبابها.. تلك الاتهامات أرهقتها وضيقت عليها حياتها، لذلك كثيراً ما ذهبت لامها شاكية وباكية وكانت (حاجة زينب) تطيب من خاطرها وتذكرها بالمثل القديم "ضل راجل ولا ضل حيطة".
    فترجع (عازة) إلى بيتها دموعها على خدودها وبنتها (سماح) ممسكة بيدها تخفف لمساتها قليلاً من عذابها والامها.

    "والإنسان مثلما لديه قوة ومقدرة على الصبر والتحمل، كذلك فهو قابل للأصابة با لضعف، واليأس والأحباط" .. لذلك كثيراً ما أسترجعت (عازة) شريط حياتها الكئيبة .. "وردة من اينع الورود وانضرها غرست بأرض صحراوية مجدبه تحيا وتموت دون أن يقف أمام جمالها فنان يستنشق شذاها وعبيرها أو شاعر يعرف قدرها وقيمتها" .. لم تدرك (عازة) أن صاحب الوجه الجميل كالإنسان الصالح دائماً ما ينشأ بين قوم فاسد يسبونه ولا يقدرونه أو يعرفون له وزناً ولا كرامه" .. لم تدرك أن الذهب النادروالغالى القيمة لا يستخلص إلا باضرام نيران شديدة اللهب .. لذلك ضعفت وكانت كثيراً ما تطلب الطلاق حتي ترتاح، ويرتاح (المعلم سيد) من شكوكه واتهاماته.
    و (المعلم سيد) في لحظة انانية وحب للتملك يقول لها:-
    اطلقك عشان بكرة تتزوجي؟؟ .. وفى أحيان أخري وخلال لحظة ندم وانكسار يبكي بدمع ثخين ويعدها بأن يطلق سراحها لأنها شابه جميلة وصغيرة فى السن، وهو لا يستطيع أن يوفر لها السعادة إلتي تحلم بها.

    لكن مثل تلك اللحظات كانت قليلة جداً ونادره وسرعان ما يعود إلى تعذيبها باتهاماته ومساءلاته وشكوكه.
    فاض الكيل (بعازة) فقررت أن تنتحر جادة، لكن خوفها على (سماح) من بعدها منعها من ذلك إضافة إلى ضوء ائماني كانت تراه ساطعا كبرق يومض كلما اسودت الدنيا في وجهها .. وأخيراً اهتدت لحل يجعل (المعلم سيد) يفكر جدياً في طلاقها، رغم عدم قناعتها بذلك الحل!!
    صارت تتعمد اغاظته بطرق مختلفة وأساليب كثيرة منها اظهارها لضيقها من عدم اهتمامه بهندامه أو من طريقته السمجة في الحديث، وأحيانا تقول له:-
    (غداً ستموت وسوف اتزوج من هو أفضل منك شباباً وخلقاً وعلماً).

    وهنا يزداد أشتعال نيران الغيرة والشك فى قلب (المعلم سيد) وأصبح يوجه سهام ظنونه على كل الصبيه الذين يجاورونه أو يقربون له بنسب كالتائه فى قلب الصحراء مرة يذهب به الظن نحو هذا ومرة أخرى نحو ذاك.

    وكان أقرب جار (للمعلم سيد) شاب أسمه (اكرم).. نشا وحيدا وله أخت واحده كذلك وتولي مسئولية أهل بيته منذ فترة طويلة وبعد نزول والده (للمعاش) مباشرة .. وهب (اكرم) حياته لعمله وللاهتمام بشئون أهله واحتياجاتهم، وصرفته تلك المسئولية عن كثير مما يشغل بال انداده ورفاقه.
    منذ فترة مبكره وجد (اكرم) نفسه يتحمل مسوؤلية يستمتع بها ولا وقت عنده للمزاح أو اللعب وكان موضع تقدير واحترام كل أهل (الحي) والأقارب والمعارف .. ما كان جميلاً لكنه وسيم او غير قبيح، هوايته الاضطلاع والغوص في عيون الكتب والاستماع إلى الموسيقي وممارسة فن الرسم وكتابة الشعر وذلك أكسبه وقاراً وحياء وحساً رقيقاً مرهفاً.

    رغم تجاور (أكرم) و (المعلم سيد) إلا أنه لم ير زوجته (عازة) إلا مرة واحدة، مرضت فيها أمه (حاجة فاطمة) فجاءت (عازة) تعاودها فلمحها لمحة سريعة ثم غض من طرفه ونهض واقفاً وقبل أن يخرج خاطبته أمه:-
    سلم يا (اكرم) على أختك (عازة) زوجه عمك (المعلم سيد).
    مد يده وسلم عليها، ورغم جمالها الرهيب لم يأبه بها كثيرً بل ذهب وأنحشر في غرفته وأخذ كتاباً ليقرأ، عدم اهتمام (أكرم) ذاك، سبب (لعازة) نوعاً من الغيظ وهي التي ألفت أن تبحلق فيها العيون على الدوام في تبلد وبلاهة .. تملكها شئ من الغيظ لتصرف (أكرم) ذاك وتجاهله لها وعدم أهتمامه بها على قدر كاف .. لذلك وفي لحظات الضعف التى تمر بها أصبحت تقارن بينه وبين زوجها خصوصاً حينما تشعر بما يعكر صفوها (فالمعلم سيد) من النوع المقتر البخيل، كان يراجع كل أغراض البيت حتى علبه الملح وصفيحة الزيت وكثيراً ما هاج وأزبد:-
    لماذا خلص السكر في سبعة أيام؟ وأين ذهبت بالطماطم التي اشتراها منذ يومين؟ وهكذا..!
    وتتخلل الفاظه الجافه وشتائمه تلك، عبارات (سوقيه) نابئة مقززه يسد لها الجيران اذانهم، اما (أكرم) فعلي العكس من ذلك تماما، كان يوصف بأنه كالبنات لا يسمع له صوتاً، حتي أن (المعلم سيد) نفسه علق بأنه كالشخص المسافر طيلة عمره!!
    ولقد كان (أكرم) فعلا مغتربا ومسافرا طيلة حياته وقبل أن يعرف دروب السفر والأغتراب !!

    (أكرم) رغم ضالة مرتبه إلا أنه كان يلبي كآفة متطلبات أهله دون أن يشتكي أو يعترض، لأن أمه أو أخته (ابتسام) أعطت احدي الجارات شيئاً من أغراض المنزل، بل كان كثيراً ما يمد يده لعجوز محتاجة (بالحارة) أو لرجل من الأقارب أو من المساكين وعابري السبيل.

    اما (عازه) ومما زادها زهدا ورغبة فى عدم العيش مع (المعلم سيد) أنه تحول في كراهيته نحو ابنتها (سماح) وأصبح (يطنطن) ويردد أثناء غضبه قائلا: -
    (ما ذنبي وتربية أبناء الآخرين)؟ ويظهر ضيقه لأي حركة تفعلها، رغم أنها كانت تناديه بادب ومحبه (بابا سيد) وتحاول أن تسليه وتضحكه بحركاتها الشقيه .. كانت (سماح) الطف (طفله) فى نظر أى انسان يتعرف عليها، ما عدا (المعلم سيد) الذى اصبح لا يطيق رؤيتها، لذلك حلت مشكلتها (حاجة زينب)، وأخذتها لتعيش بجانبها، وعاشت (عازه) خلال تلك الفترة اياما حزينه وكيئبه وموحشه.

    ثورة (المعلم سيد) وغضبه تحولا الى حقد وكراهية لكل شئ جميل لذلك ورغم الاحترام الذي كان يكنه لجاره الشاب (أكرم) إلا أن طنونه كلها تركزت حوله.
    وكالعالم (ارخميدس) صاح (المعلم سيد) في وجه زوجته والليل في منتصفه والناس نيام (لقد وجدتها .. لقد وجدتها).
    - أنت تقصدين (أكرم) اليس كذلك، انه الشاب الذي تعنيه؟
                  

06-01-2007, 01:10 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    أخبريني هل قابلتيه؟ هل أتي إلى هنا في غيابي؟ تحدثي أيتها الماكرة ... !!!
    غضبت (عازة) لتلك الاتهامات التي وجهها لها (المعلم سيد) إلا أنها و بعد هنيهة أحست في دواخلها بشئ من الخدر و (بتنمل) سرى فى عروقها وأراحها .. لأنها ما أتهمت إلا بانسان ملائكي طاهر .. دافعت (عازة) عن نفسها ووبخت (المعلم سيد) على ذلك الكلام ، وانتهي الأمر على ذلك الوضع ... لكنه حقيقة ما انتهي ... بل أبتدأ الأمر !!

    ابتدأ .. الأحساس بالضعف والأنهزام والأستسلام أمام القيم الفاضله والأخلاق الرفيعة والأدب الجم والتهذيب الخرافى الذى لمسته (عازه) فى (أكرم)، وشعرت بانها تحمل له تقديراً كبيرا .. أو ربما (حبا) لأبن الجيران الخلوق هذا، أو لعلها أحست بأنه حلمها الغائب الذي كانت تنتظره وتبحث عنه طيلة فترة سنينها الماضيه .. لكن هيهات !!

    فالفوارق والحواجز بينهما كثيره وشاسعه .. نعم لا يفصل بينهما سوى جدار من الطوب والأسمنت، لكنها تشعر وكان محيطا بلا حدود أو نهاية يمثله ذلك الجدا ر .. أو انها تشعر وكانها تسير فى طريق وعر ملئ بالأشواك وهى (حافية القدمين) !!
    حقيقة كان (أكرم) يكبرها عمرا بعدد من السنوات لكنها امرأة تزوجت للمرة الثالثة ولها بنت دخلت في عامها السابع وفى طريقها للمدرسه.

    و(أكرم) لم يتزوج بعد ومن المؤكد أن اهله يتمنون له فتاة جميلة تناسبه لم يسبق لها الزواج من قبل .. لكن بما أن الإنسان دائماً ما تحمله خيالاته وطموحاته لتحقيق المعجزات فقد شعرت (عازة) بأنها على موعد مع القدر .. لذلك تمادت، وتركت لأحلامها وخيالاتها نوافذ مفتوحة ومشرعة بلا مواربة .. وصارت كلما شعرت بالضيق والعنت والعذاب والشقاء، تفكر في الجار (أكرم) وفي اخلاقه الفاضلة النبيلة وهدوء طبعه وحلو كلماته ووعيه وثقافته، فتجد السلوي والنجوي.

    بدأت علاقتها (بأكرم) وتعلقها وارتباطها به يتشكل فى ارتباط وتعلق بقيم وأخلاق وتقدير وأمانى وأحلام تعلم أنها موؤده لا محالة، ولا يمكن أن تعيش وتزهر وتعلن عن نفسها، ولا بد من أن تكون على بعد ومسافة محفوظه وخطوط حمراء لا يمكن تجاوزها بأى حال من الأحوال .. لكنها رويدا رويدا صارت تهتم بأموره وخصوصياته وادق تفاصيل حياته بصورة أكبر، ومن أجل ذلك خلقت علاقة صداقه قويه مع أخته (ابتسام) تتابع من خلالها اخباره وأحواله، كانت تتحين الفرص المناسبة للسؤال عنه وعن عمله واهتماماته .. لاحظت (ابتسام) ذلك الاهتمام الفاضح السافر، وترديدها لأسم (أكرم) كثيرا بسبب أو بدون سبب في عشق ووله واضحين، استغربت (ابتسام) لذلك فقالت لها ذات مرة مازحة:-
    "يا مره هوى أنت مالك ومال (أكرم) بتسألي عليه كده ؟؟ .. أنت ناسية أنك مرة كبيرة ومتزوجة" ؟
    أجابتها (عازة) متهربة من السؤال:-
    أصلوا عاجبني .. ووقفت مليا عند هذه الكلمه .. وكأنها لا تريد أن تعبره،ا ثم واصلت وعاوزة اعرس ليهو أختي (عديلة).
    ردت عليها (ابتسام):-
    أنت مجنونة يابت (أكرم) دا البت البعرسها لسه أمها ما ولدتها.
    قالت (عازة):-
    اها كمان شن قولك في (عديلة) أختى؟
    "جمال وتعليم وأدب وأخلاق وكل شئ .. كدى خليها يوم تجينا واناديك تشوفيها بى عيونك".
    ثم أضافت:-
    "ولو أكرم ده عندكم دولار فعديله عندنا استرليني"!!
    جعلت (عازة) موضوع (عديلة) الساتر الذي تغطي به اهتمامها وانشغالها وتعلقها (باكرم) الذي اشتد للحد الذي جعلها كثيراً ما تقترب من الحائط القصير الذي يفصل بينهما تصغي لأنسه مع جلسائه واصدقائه وتستمع معه بالأغاني التي يستمع اليها من جهاز تسجيله .. أصبحت عاشقة لكل الأغاني التي يحبها ويدندن بها خصوصاً أغنيات الفنان "عثمان حسين" .. (الدرب الأخضر، ربيع الدنيا، شجن صدقيني، عشرة الأيام) .. وأغنيات "الفنان محمد وردي" .. (أول غرام، صدفه، خاف، لو بهمسه، بعد ايه، المستحيل، ذات الشامه، الطير المهاجر، أعز الناس، نور العين) .. و الكثير من الأغنيات الأخري، التي يحبها لمطربين سودانيين وغير سودانيين.. أصبحت (عازه) تعشقها مثله تماما .. (أنت عمرى، الأطلال، أغدا القاك، وأمل حياتي) "لأم كلثوم" .. ( زي الهوي، وغدار وساح) .. "لعبد الحليم حافظ) و (في يوم وليله)، "لوردة الجزائرية".. وكثير من الأغنيات الأخري، بل أصبحت تحب كلما يحبه "اكرم" ويرتاح له، من لون وعطر واكل وشرب وأنس.. وهوى ..!!
    وتلك هي مرحلة العشق الجميل والخطير فى ذات الوقت "ان يحب الإنسان كلما يحبه حبيبه"!!

    (عازة) على ذلك الحال من الاهتمام والوله والانشغال ونيران متقده ومشتعله تكاد تحرق فؤادها .. و(أكرم) لابه ولا عليه .. كلما يربطه بها تلك الزيارة وحديث أخته (ابتسام) عنها وعن تعاستها وسؤالها المتواصل عنه وما قالته عن اعجابها به وأمنيتها أن يصبح زوجاً لاختها (عديلة).

    ابتسم (أكرم) لما نقلته له أخته ابتسام عن أمنية "عازة" أن يصبح زوجا لاشقيقتها" عديله" وضحكت كذلك (ابتسام) وتمنت فى داخلها أن يسمع الله كلام (عازه)، وان ترى أخيها (محننا ومجرتقا) وأن تزفه بنفسها (لبت الحلال).

    كان (أكرم) حقيقة صاحب عاطفة وخيال كبيرين وعشق لكل ما هو جميل ومتميز ومتفرد، لكن تحمله لمسئولية أهله منذ زمن مبكر جعل اهتماماته كلها محصورة في ذلك النطاق دون غيره لدرجة أن زهده عما يشغل بال الكثيرين من انداده صار موضوعاً للأنس بين زميلاته في العمل، فمن بينهن من تصفه بالغرور والتكبر والتعالى، ومنهن من تصفه بالحياء الذي يغيظ وأخري تنعته بثقل الدم الشديد وغير ذلك الكثير الكثير .. وكان يسمع باذنيه مباشرة أو يصله الكلام من طرف ثالث ، فيحزن ويبتسم ويسامح .
                  

06-01-2007, 12:28 PM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    دواخل (أكرم) يسكنها عاشق ما رأي الوجود مثله من قبل في كل أساطير العشق، لكن ادراكه لحجم التضحية والمسوؤليه التي تنتظر من ترتبط به، ظل دائما يمنعه من ابداء أي مشاعر قد تؤدي إلى ما تتمناه وتتوق اليه نفس كل فتاة وفتي، فى ربيع العمر.
    لذلك كلما انفلت لجام احاسيسه النبيله وجد راحة في كتابه الشعر والخواطر والرسم بالألوان المائية .. كان (أكرم) صاحب أفكار مثالية تجعله أقرب لأهل السماء من أهل الأرض .. ومما زاده مثالية وسمو، تجربه مرت به خلال زيارة سنحت له إلى (سويسرا) لم تطل مدتها، ارسلته فيها الشركة التي يعمل بها لحضور دوره تدريبية، وهناك جمعته الصدفة بفتاة (سويسرية) جاءت هجينا من أب (الماني) وأم (اسبانية) ووالدها أمه (سويدية) .. جمعت (هايدن) خصائص كل ذلك الأرث، عيوناً واسعة خضراء وشعراً ذهبياً تقصه بصورة مميزة اضافة الى مسحة جمال شرقى لا تخفى على العين .. وعندما ترتدي "البنطلون الجنز الأزرق والفنلة الصفراء الفاتحة اللون" يجتمع الشرق والغرب في دعوة للحب والسلام.

    السويسريه (هايدن) رغم حياة الفوضي والأباحية والحرية الجنسية و (الديسكو) التي هي من سمات مجتمعها الغربي إلا أنها ذات خلق نبيل وذكاء مخيف وصدق صوفي، يندر وجود مثله على سطح الأرض.
    أعجبت (هايدن) (بأكرم) أيما أعجاب، خصوصاً لونه الأسمر الذي تشبهه (بلون التفاح أو الشيوكلاته) وكانت تمازحه به .. وكانت معجبة كذلك بلون بشعره الأسود وأسنانه البيضاء التي تشبهها بحالة جبال الألب في زمن الشتاء وأكثر ما جذبها نحوه، ثقافته الواسعة الضاربة في كل مجالات الحياة من شعر ومسرح وآدب وفنون وقضايا سياسية واجتماعية وحتي كرة القدم له فيها معرفة وباع طويل، كانت (هايدن) تبدأ في طرح المواضيع ثم تنسحب بذكاء خبيث لتستمتع بأفكاره الخصبة وبقدرته الهائلة في التلاعب بمفردات اللغة الانجليزية التي يجيدها تماماً .. دعته مرة لقضاء سهرة على ضفاف (بحيرة جنيف) واختارت ركنا هادئاً فى مطعم مميز لمكان جلوسهما ثم ذهبت كي تحضر الطلبات بنفسها.

    في تلك الأثناء دخلت فتاة (افريقية سمراء) صغيرة السن (ناهده) تتأبط زراعا عجوز (ايطالي) أشيب الرأس .. أتخذت لها مكانا على طاولة مقابلة لطاولة (أكرم) وهي لا تزال تضاحك ذلك العجوز بصورة ماجنة تنم عن تناولها (الخمر) قبل أن تأتى لهذا المطعم ... سرح فيها (أكرم) وتأوه وقال لنفسهً:-
    "والله زمن يا ابنة الغابات الابنوسية، في ماض قريب كان الرجل الأسمر كنز تفرح للعثور عليه نساء بلاد الجبال الجليدية والان أنت تجالسين هذا الهرم تؤام الموت الذي لا يشبه إلا نفسه؟".
    ثم واصل:-
    "لعلها من أجل الحصول على اقامة في بلد أوروبي وحفنه من الدولارات رضيت بهذا العجوز القبيح الذي يريد أن يعيش زمنه وزمن غيره وأن يسرق أحلامها وامالها وكل اللحظات الجميله من حياة فتاة أفريقيه صغيرة فى السن مثلها، برضائها .. مستغلاً حاجتها وفقرها المدقع !! آملا أن يطيل الله عمره بسرقته لعمر زهرة ندية مثلها".

    أعادته إلى صوابه (هايدن) حينما عادت بعلب من (البيرة) وزجاجة (ويسكي)، تنام فى حوض من الثلج كطفل رضيع .. جلست وجمال الكون بعينيها .. وعندما همت بملء كأسه اعتذر لها مبتسماً وقال لها:-
    "أمام حرم الجمال، يكون السكر من كأس الجمال، فضلاً عن ذلك فاني لا اتعاطي الخمر من الأساس".

    تعجبت لهذا (الراهب الأسمر) صاحب القلب الأبيض الكبير وأحترمت رغبته وطلبت له عصيرا من الليمون الطازج .. وبعد أن شربت علبتي (بيرة) ونصف زجاجة (الويسكي) لوحدها، وأحمرت عيناها، ووجنتاها وأرجعت شعرها الذهبى بيديها للخلف سألته لأول مرة :-
    من أي بلاد أنت يا (سيد أكرم)؟
    اجابها :-
    "أنا يا عزيزتى من بلاد يلعب أطفالها (كرة الباسكت) بقرص الشمس .. ويدفع الرجل منا سنينا عديده من عمرة مهراً لخطيبته .. النساء فى بلادى يشتريهن الرجل بماله لذلك كثير من حقوقهن مهضومه .. أنا من بلد يسمونه (السودان)، هل سمعتى به؟"
    ثم واصل قبل أن تجيبه، (مزهوا) بنفسه يكاد أن يطير من مقعده:-
    "أنه بلد له حضاره تزيد عن سبعة الاف سنه .. تنكر لها المؤرخون والتاريخ عادة يكتبه الأقوياء والمنتصرون والمزيفون .. انا من وطن أهمله أهله واضاعوه بطيبتهم وغفلتهم التى تصل حد السذاجه .. نحن يا عزيزتى نتفق على أن نختلف، ونختلف على أن نتفق .. نكرم اللئيم .. ونهين الكريم .. نحن قوم لا نطيق العيش داخل وطننا، ولا نستطيع الحياة خارجه ولو ليوم واحد .. نحن يا عزيزتى نغادر بلادنا متأوهين مرددين عبارات تقول(منعول ابوكى بلد) وحينما تطأ اقدامنا ارض بلد آخر، اول ما نبحث عنه (مطعم سودانى) يقدم الأكلات الشعبيه السودانيه والكيف الشعبى السودانى والأغنيه السودانيه والخمر الشعبى السودانى ويبدا حنين العودة على التو .. لكن !! وفى (لكن) اللعينه هذه، يكمن سر بقاؤنا بالسنين بعيدا عن بلاد نحب أرضها وسماؤها ونساؤها ومطرها ونيلها ونسائمها الصباحيه وذرات رمالته وغبارها ونحب الحب فيها بل نحب أن (نموت) فيها .. يا عزيزتى فتحتى على مواجع لا أول لها ولا آخر .. صدقينى اشعر بغربة وشوق رغم فراقى لوطنى قبل سبعة أيام فقط ولا أدرى ما هو حال اؤلئك الذين سمعت عنهم قد اغتربوا ولم يرجعوا للوطن منذ أكثر من عشرين ينه!! نحن يا عزيزتى نهدم وطننا بايادينا ونبنى اوطان ألاخرين، بجهدنا وعرقنا وصبرنا وعلمنا ومالنا، معظم دول العالم العربى المتقدمه ساهمنا فى ينائها ونهضتها.. ولا نقدم الشئ القليل لبلدنا .. نحن لا تستغل الرقعه الزراعيه الصالحه للزراعة فيه الا بحد لا يزيد عن العشرة فى الميه .. نحن يا عزيزتي بأخنصار (زنوج ممزوجه بى دم العرب)، أنا أفريقي عربي أعتز وأفتخر بذلك".

    قاطعته بحده شديده قائلة:-
    (واو ... واو) ماذا تقول؟ عرب؟ عرب؟ إذا فأنت إرهابي، ألست من اؤلئك الذين يخطفون المركبات السياحية ويقتلون الأطفال والنساء ويفجرون أنفسهم في المطاعم والحانات؟
    أجابها (أكرم) ضاحكا :-
    لا يا صغيرتي أنا فى الحقيقه لست ارهابى كامل، أنا (نصف ارهابي) .. أنا أحلم بالسلام وأغني له مثل كل الشعوب والأمم الراقية المتمدنة والمتحضرة .. لكن عند الظلم لا مانع عندي من أن أكون أكثر من أرهابي! ثم أضاف (المظلوم يا سيدتي لا يسأل عن تصرفاته)، وأنما يسأل من (ظلمه) .. انتم أيها الغربيون مشكلتكم تتعاطون مع الأشياء من خلال مصالحكم الضيقه وما يجعلكم تنعمون برفاهية مستدامه حتى لو مشيتم بأقدامكم على رقاب البشر .. أما نحن فنتعامل مع الأمور من خلال ميزان الحق والعدل والقيم والمبادئ والمساواة ، فهل لديكم مثل هذا الميزان؟
    ردت عليه (ممتعضه):-
    شئ فظيع ما تقول، كل أمر يجب أن يخضع للمنطق حتي دفع الظلم .. الفوضى والأرهاب وقتل الأبرياء، هذه كلها ممارسات لا تحل مشكلة.
    رد عليها مبتسماً:-
    أرجو ان تنزعوا من قلوبكم كراهيتكم لنا وأن تتعاملوا معنا بحب وعدل ومساواه، فنحن (بشر) لنا مشاعر وأحاسيس، نحب ونتزوج ونتناسل ونتوقف ونتامل الزهور الجميله ونفكر ونكتب الأشعار ونصيب ونخطئ ونغضب ونصفح ونعتذر ونتالم لأنفسنا و لغيرنا .. وعلى كل حال دعينا الان من هذا الحديث ولنقضي هذه الليلة على الأقل، في سلام.

    أبتسمت له ونهضا واقفين .. وانقضت تلك الليله فى دفء وسلام وقبل أن يفترقا على أمل اللقاء في موعد آخر .. همست له فى اذنه ضاحكة:-
    "أنت وحش افريقى وأرهابى كاسر .. لكنك لطيف"!!!

    ثم تواصلت اللقاءات بينهما بعد ذلك وأحست (هايدن) بميل (أكرم) وانجذابه الشديد نحوها وعلى صورة مخيفه .. كان يتمناها دائما الى جانبه وأن غابت عنه اتصل بها هاتفياً وحادثها بالساعات أو ترك لها رسالة ود ومغازله على (هاتفها الجوال)، لاحظت استمتاعه وسروره عند ترديده لأسمها .. اشفقت عليه من تلك العلاقة التي سوف تصبح ذكري في خلال أيام معدودة .. خشيت من تطور تلك العلاقة على نفسها وعليه بالصورة التي قد تسبب له أزمة في المستقبل، فهي تسمع بأن أهل الشرق من صفاتهم العاطفة المدمرة أحياناً .. لذلك انتهزت أول فرصة سألها فيها (أكرم) عن احساسها نحوه فأجابته بكل بساطة ووضوح:-
    " صدقنى يا سيد (أكرم) أنت انسان رائع جدا.. أعترف لقد ارتحت لك كثيراً .. لكني أحب صديقي (جون)، أكثر" !!
    حاولت أن تواصل الحديث .. لكنها توقفت لا تدرى ماذا تريد أن تضيف وأخيرا رفعت من نبرات صوتها قائله :-
    "حتى لو احببتك .. فلن استطيع أن أتزوجك .. أنت انسان فعلا رائع جدا تتمناك أى انثى .. لقد حفرت فى دواخلى مفاهيم وقيم جديده لن انساها مطلقا .. وما كنت اعرفها من قبل .. لكنى لا أدرى لماذا؟ .. وفى تلك اللحظه بكت ونزلت منها دموعا غزيره .. لا أدرى لماذا لا استطيع ان اتزوجك ولا أدرى لماذا لا أستطيع الفكاك من حبل متين يلتف حول عنقى ويقيدنى بذاك (الوغد) اللعين، المدعو ( جون)، رغم اشياء كثيره تافهة وحقيره فيه!!
                  

06-02-2007, 07:22 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    ما أغتاظ (أكرم) لذلك الحديث الصادق النابع من القلب الذى أستمع اليه من (هايدن)، على عكس ما اعتاد عليه الرجل السودانى الذي يتحمل أي هزيمة ما عدا ان تهزمه امرأة خصوصاً اذا كانت ذات عقل وجمال .. لم يغضب منها ولم يصفها بالغش والخيانة .. فالخيانة عنده ليست أن ترفضه امرأة .. وأنما الخيانة فى مفهومه هى "أن تعيش امرأة مع رجل لا تحبه ولا تحترمه ولا تقتنع به"!!

    لذلك طبع قبلة على مقدمة رأسها أتبعها بأخرى ساخنه على شفتيها وحمل لها احتراماً وتقديرا جعله يزرف دموعا عزيزة وغزيرة وهو على يطأ عتبات سلم الطائرة عائداً إلى وطنه ويديها تلوح له مودعة في كبرياء وشموخ، لا يدرى هل تجمع بينهما الحياة ذات يوم من الأيام ويلتقيا في هذا العالم أو فى أى عالم آخر !!

    تأثراً بمثل بتلك المواقف والتجارب والقيم التي اكتسبها (أكرم) من خلال رحلته غريبا مع الدنيا وناسها الذين يعيش بينهم بجسده، وليس معهم بروحه وخيالاته! ومن خلال غوصه في عيون الكتب وروائع الشعر والأدب أصبحت حياته كلها عشق لما هو جميل ومتفرد، فرح لما يعيشه في داخله من جمال، وحزين لعدم عثوره على أنسانه (الخاص) الذى يشاركه ذلك الحزن والفرح ويتفهم تأملاته ومعاناته.

    كانت أمه (فاطمه) كثيراً ما تقول له بحنية ولطف:-
    "متين يا (أكرم) يا ولدي افرح بيك وأشوف ذريتك قبل ما أموت ؟".
    فكان يجيبها ضاحكاً:-
    "يا والدة لمن ألاقي البنت البتستاهل تكوني انتى نسيبتها سوف أتزوجها فورا وبدون أى تأخير .. يقول ذلك خافياً حزنا عميقا .. فهو لا يمتلك مقومات الزواج حسب معايير ذلك الزمن العجيب (بيت جاهز وعربة) ورصيد في البنك، لا يهم فى نظر كثير من الفتيات من أين يأتى ذلك المال، من حلال أم حرام، المهم عريس "لقطه" وضعه مريح و (مرطب) ..
    و(أكرم) في الحقيقة غير مرغوب فيه بصورة كافية حتي بين فتيات أهله وأقاربه، صحيح انهن يحترمنه ويقدرنه كثيراً وفي انسهن يشدن باستقامته وتحمله للمسوؤلية منذ وقت مبكر، لكن ما كانت أي واحدة منهن تتمناه زوجاً لها، فالمرأة أي امرأة تريد الرجل صرفاً لها لا موزعاً بينها وبين احتياجات أهله وتدبير شؤونهم وحل مشاكلهم، و(أكرم) ما خلق ليعيش لنفسه ولا لكى يستمتع بشئ لا يقاسمه فيه انسان آخر .. انه من طبقة "الأولياء"!!

    رغم تلك الظروف إلا أن كبرياءه وما يحمله من أفكار غريبه زادا من صعوبة حصوله على شريكة حياة تشبهه تماما فى الطباع والسلوك والعمق .. وتجده يردد فى أحيان كثيره حينما يكون جالسا لوحده، أبيات أغنية تقول:-
    داير تلاقي الحب في زمان الخوف، في الزمن الرمادي اللون؟
    داير تلاقى الطيبه والأخلاص والحب فى عيون الناس ؟؟
    في ذلك الزمن المادي الرهيب الذى هدمت فيه القيم والأخلاق وأستبيحت فيه الحرمات وأنقلبت فيه الموازين وأنتشر الفساد وأنهزم الحق وأنتصر الباطل .. يبحث (أكرم) عن الحب الحقيقي وتلك قضية !!
                  

06-03-2007, 11:00 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    لو كان (أكرم) من ذلك النوع الذى يخدع نفسه لأقتنع بأول كلمة حب "زائفة" لا تعدو أكثر من (ثرثرة) شفتين!
    (أكرم) في اعتقاده أن الرجل الذي يتقدم للزواج من امرأة بعد أن يجهز نفسه من كل الجوانب، ذلك الرجل حينما ترضي به تلك المرأة تكون في الحقيقة قد اقترنت بما كونه من مال وثروة ولم تقترن بقلبه وعقله .. يعتقد بأن المرأة التي تجذبها اخلاقيات الرجل ومواقفه التي تعيش معه معاناته ومشاكله والتي تسمو باحزانه وتحول كل ذلك إلى فرح دائم ومقيم هي المرأة التي يجب أن تنال احترام الرجل واهتمامه وعقله وقلبه وأن يهبها كل عمره وحياته.

    لذلك ما كان هين عليه مصادفة تلك المرأة الأستثنائيه في ذلك الزمن المادي العجيب الا فى أحلامه وأبيات شعره ولوحاته الزيتيه.

    ذات يوم من الأيام علمت (عازه) ومن خلال (ابتسام) أن (أكرم) يرقد عليلا طريح فراش منزله، بعد أن داهمته حمي الملاريا .. لم تفكر (عازة) كثيراً ولم تنتظر بل لبست ثوبها الأزرق الباهت اللون الجميل .. ذلك اللون الذي يحبه (أكرم) كثيراً كما لاحظت دون أن تسأله عن أى الألوان أحب الى نفسه من قبل .. وانما أدركت ذلك من خلال ما يلبسه أو يستخدمه فى فراشه أو يلون به جانب كبير من لوحاته فهو يعشق البحر والسماء ونادرا ما لا تجد لهما مكانا فى رسوماته .. بسرعة خرجت كى تطمئن عليه، تناست كلما يمكن أن يفعله (المعلم سيد) لو عرف انها خرجت من البيت دون علمه .. وحينما وصلت أمام الباب شعرت برجفة وخوف، ترددت في الدخول عندما تذكرت بأن ميعاد رجوع (المعلم سيد) من العمل قد أوشك وأقترب وأسترجعت فى مخيلتها سيل اتهاماته وشكوكه وظنونه حول (أكرم) .. ما أهتمت أو خافت على نفسها .. لكنها خشيت مما يمكن أن يقوله زوجها عن (أكرم) وما سوف يتعرض له "أكرم" من حرج وقيل وقال .. فالحب الحقيقي يجعل الإنسان مستهوناً مصائبه منزعجاً لأقل ضرر يمكن أن يمس من يحبهم .. كادت أن ترجع من حيث أتت لولا أنها فؤجئت بالباب ينفتح (وابتسام) تهم باسالة (جردل) من الماء على الجدول .. فما كان (لعازة) إلا أن تواصل سيرها نحو الداخل مظهرة نوعاً من الثبات والاعتيادية، استقبلتها (ابتسام) ضاحكة، ثم خاطبتها: -
    (خطوة عزيز اليوم الجابك، حقو الليلة يفرشوا ليك الدرب بالفل والياسمين).
    ردت عليها (عازة) مبتسمه وتلك (النونه المجنونه) تكاد أن تقفز من جانبى خديها:-
    "اهو الواحد يعمل شنو ما باليد حيلة ولو بمرادي كنت أكون معاكم طوالي، لكن أنت براكي عارفة، وهسه جيت وما عارفة بعدين البحصل شنو .. المهم أن شاء الله (أكرم) يكون بقى كويس وخف من الملاريا" .. دخلت (عازة) وأخذتها (ابتسام) مباشرة نحو غرفته وهنالك وجدت حاجة (فاطمة) جالسة إلى جانب وحيدها والقلق والانزعاج واضحان على ملامح وجهها، صافحت حاجة (فاطمة) ومدت يداً راجفه نحو (أكرم) قائلة:-
    (الف حمداً للسلامة) .. رد عليها (أكرم) التحية شاكراً ومثمناً زيارتها وسؤالها عنه، جلست (عازة) وللحظات عم أرجاء الغرفه صمت وسكون وكأن ذلك الصمت حدث باتفاق سرى بين الجميع، دارت عينا "عازه" ومخيلتها متأملة اللمسات الفنية التي حولت تلك الغرفة إلى جنة مصغرة رغم البساطة الواضحة عليها .. فكل شئ موضوع بنظام ودقة متناهية جهاز التسجيل وبجانبه الأشرطة مرصوصة كالبناية الجميلة المتعددة الأدوار وعلى أحدي الحوائط علقت صورة لطفل جميل الوجه مبتسماً والدمع على شكل قطرات ينزل على خدوده الوردية .. وفي الجانب المعاكس لوحة لشجر نخيل مصفوف على جانبي طريق طويل ومكتوب فوق اللوحة عبارة صوفية تقول:-
    (وعند المنتهي شد الرحال)!!
    وفي جانب أخر لوحة لحديث شريف يقول :-
    "لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً".. مكتوبة بالخط الكوفي الرائع، وتحت اللوحة مكتبة صغيرة مملؤة بالكتب وفوقها (طفاية سجائر) مصنوعة من (الأبنوس) حتي أختيار لون المفارش التى يغلب عليها اللون الأزرق وتناسقها ينم عن ذوق رفيع وحس فني بديع.
    كسر جدار ذلك الصمت صوت (حاجه فاطمه) الحنين، حينما استاذنت للقيام لأداء صلاة الظهر طالبة من (ابتسام) اعداد فنجان من القهوة (لعازة).
    تدخلت (عازة) قائله و(النونات) المجنونه تكاد أن تقفز من وجنتيها:-
    لا ما في داعي للتعب وكما أنا ما ضيقة.
    ردت عليها (ابتسام) ساخرة:-
    أولاً (القهوة) ما للضيوف وبس، وكمان (أكرم) ذاتو عايز (قهوة) وبحبها موت.
    واستدارت نحو (أكرم) سائلة:-
    مش كدا (يا ابو الكرم)؟؟
    ابتسم (أكرم) لأخته مؤيداً حديثها بائماءة من راسه .. ثم واصلت (ابتسام):-
    وبعدين منوالقال ليك أنت ما ضيفة يعني عشان ساكنه جنبنا تبقي ماضيفة؟؟
    كدي قولي لى متين آخر مرة شفناك فيها، ياهو كلامك المن وراء (الحيطه) ده ؟؟
    وقبل أن تدافع (عازة) عن نفسها أسرعت (ابتسام) لعمل (القهوة).
    وجدت (عازة) نفسها في الغرفة لوحدها مع (أكرم) ولا يوجد بينهما شخص ثالث، حتى الشيطان لا يمكن أن يدخل فى هذا المكان الذى يعيش فيه (شاعر) صاحب أخلاق ومثل وقيم ومبادئ .. رغم ذلك ظهر عليها شئ من القلق والاضطراب ورغم الحالة المرضية التي عليها (أكرم).
    "فالتشكيك يجعل الإنسان فاقد للثقة فى نفسه حتي لو جلس لوحده ودون أن يشاركه أحد".
    أحست وكأن عيونا ترقبها وتنقل كلما يحدث (للمعلم سيد) .. وبعد فترة قالت لنفسها:-
    ماذا يعني لو علم (المعلم سيد) أم لم يعلم فشكوكه ووساوسه سوف تظل لا تبرح مكانها مهما حدث .. تفجر صراع كبير فى داخلها لحظة خروج (ابتسام) لعمل (القهوة) وسألت نفسها:-
    هل أخطأت عندما خرجت دون علم زوجها أم كانت على الصواب؟
    ماذا تقول له عندما يرجع من العمل ، هل تصارحه؟.
                  

06-05-2007, 08:33 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    تبخر ذلك الخوف وسكن ذلك الصراع الشديد حينما خاطبها، (أكرم) قائلاً:-
    زمان يا (عزه) !!!

    "ابتسمت (عازة) لذلك التدليل من (أكرم) حتى بانت (النونتتن المجنونتان) اللتيان تضفيا عليها مزيدا من الجمال والفتنة .. وتعطلت لغة الكلام وتعثرت الحروف للحظات على لسان (أكرم) حينما أدرك بأنه قد دللها دون قصد منه".. ثم واصل حديثه فى اضطراب قائلا :-
    "زمان حمي ملاريا زي دي كانت بتودى الناس فى داهية .. لكن هسة بقت زيها وزي الصداع الخفيف شوية حبوب وراحه والواحد يرجع زي ماكان".

    ردت عليه (عازة) وهي لا زالت مبتسمة ومنتشية ومنشرحة الصدر لتدليل (أكرم) لها ومناداتها (بعزة) قائلة:-
    "طبعاً العلم اتقدم كتير والله مساكين ناس زمان أقل حاجة الواحد كان يروح فيها الآخره".
    ثم أضافت:-
    "والله يا (أكرم) الملاريا دي كملت أهلنا في (كوستي)، وهدت حيلهم .. بقت زي حرب الجنوب ما في بيت ما شالت منو زول" .. واستمر الحوار بينهما بين أخذ ورد في مجالات مختلفة عن عمله وعن السوق وعن الغلاء وعن الفن والأدب والغناء والشعر وعن الحياة والموت، شعرت وكأنها ولدت من جديد ودخلت الى دنيا جديدة خلال تلك الدقائق القليله التي مرت سريعاً كلمح البصر .. هرب الخوف عن قلبها بلا عودة .. اطمأنت كثيراً عندما لاحظت أن (أكرم) ما كان ينظر إلى وجهها مطلقاً أثناء حديثه معها .. شعرت وكأنها تعرفه منذ زمن بعيد .. أحست لأول مرة بأنها تجالس رجلاً دون أن يشعرها بأنها مجرد أنثي ما خلقت إلا (كوعاء) يستمتع به الرجل .. ما التقت عيناهما إلا على فناجين (القهوة) حينما دخلت (ابتسام) وهي تقلد طريقة (الجرسونات) قائلة:-
    "القهوة الظريفة وصلت يالله علينا جاى" .. ثم بدأت في توزيع فناجين القهوة وأخذت مكانها مشاركة في ذلك الحوار عن جوانب الحياة المختلفة.

    أستأذنت (عازة) بعد شرب (القهوة) ذاهبة إلى بيتها فرحة ومنشرحة الصدر لأول مرة منذ زمن بعيد (كعصفور) اطلق سراحه من القفص، ولحسن حظها لم يرجع (المعلم سيد) من عمله إلا بعد وصولها للبيت بوقت طويل.

    استمر (أكرم) طريح فراش المرض بمنزله لعدد من الأيام .. أضحت خلالهم (عازة) تأتي يومياً لرؤيته والاطمئنان على صحته، تنهي واجباتها المنزلية في أسرع وقت لتجلس أطول زمن ممكن .. ومنذ اليوم الثالث والرابع صارت الاعتيادية ورفع (الكلفة) طابعاً للتعامل بينها وبين (أكرم) حتي أنها ما عادت تهتم لوجود ثالث بينهما، وأضحت تناقش كل شئ معه دون تردد أو خوف أو حرج، بل أصبحت تمازحه ويمازحها كثيراً.

    وفي ذات يوم من تلك الأيام كانت تقلب صفحات ديوان للشاعر (نزار قبانى) وقد لاحظت أن (اكرم) يحبه كثيرا ويحتفظ له بالعديد من المخطوطات والمطبوعات، ودواوينه مرصوصة داخل مكتبته الصغيرة بصورة مميزه .. وين كل فترة وأخري كانت تتوقف لتقرأ بعض الأبيات بتركيز وانتباه أشد .. ودون ان تنتبه لنفسها وفى عفوية مفرطه ضمت أحد تلك الدواوين على صدرها بعد أن قرأت قصيده أسمها (اشهد الا أمراة الا انت) .. ثم رمقت (أكرم) بعينيها السوداويتين القاتلتين وبانت كالعادة (النونتان المجنونتان) تكادان تقفزان من خديها، ثم وجهت له سؤالا قائله:-
    أراك تحب (نزار قبانى) حبا شديدا فما هو السبب؟؟
    أجابها (أكرم) قائلا:-
    (هذا الأنسان شاعر غير عادى .. أنه رقيق ومرهف أحسبه راهب أو صوفى اكثر من كونه شاعر .. يكفى انه أنصف المرأة اروع مخلوقات الله رغم أن بعض السطحيين الذين يفهمون الكلمات من ظواهرها يعتبرونه قد أهان المرأة واستباح حياءها وجعلها تسير عارية على قارعة الطريق) !!

    ابتسمت ثم واصلت القراءة وتقليب الصفحات .. حتى وقع بصرها داخل احد تلك الدواوين على صورة لفتاة جميله عيناها تلفت الأنتباه قبل أى شئ أخر فيها .. إضافة إلى لونها (القمحي) كلون ثمر (المانجو) .. و قد كانت ترتدي وشاحاً أسودا، ينحسر عن رأسها قليلاً فيظهر شعرا طويلا كالليل بديع ورائع.

    رغم أحساس (عازة) الدائم بالزهو والغرور وثقتها في نفسها وجمالها الرائع إلا أنها تواضعت فى تلك اللحظات وشعرت بنوع من الغيره من صاحبة تلك الصورة الماثلة أمامها، أو ربما شعرت في تلك اللحظة وكأنها قد فقدت شيئاً عزيزاً عليها كادت أن تمتلكه بين يديها وتحتضنه مثلما تحتضن تقديرها وحبها (لأكرم) الذى لم تبح به اليه وان كان يشعر به ويحسه .. أخذت الصورة بين يديها محدقة فيها تكاد أن تفترسها .. لمحت في الخلف مكتوب عليها (فداك روحي وحياتي ياحبيب العمر)، وتوقيعاً أسفل تلك الكلمات الحنينه الدافئه التى استفزتها وأغضبتها وجعلت دمها يفور ويغلى .. نظرت (عازه) مليا للتوقيع الذى لم يكشف لها عن اسم الموقع، نهضت ثم رجعت إلى الخلف وفي نبرة حزن وحنان يستجدي عطف الدنيا وما فيها سألته:-
    منو ست الصورة دي يا (أكرم)؟
    وهنا بانت (بحة) صوتها الرهيبة، المثيرة وأختفت (النونات) التى لا تظهر الا عند ابتسامتها، وعندما لاحظ (أكرم) على وجهها ذلك التغير والأنكسار اضافة لا حساسه بأن (عازة) تتعلق به منذ فترة تعلقا غريبا، ولا يدري كيف يصرفها أو يسد الباب أمام وجهها دون أن يجرح أحاسيسها .. تذكر في تلك اللحظة أغنية رائعة تقول:-
    "بهرب منك لي رضاك وبحاول من أجلك أنساك .. امهد ليك تتخلص مني، القي خطاي جمعتنى معاك"... وتذكر (هايدن) السويسرية والطريقة الحكيمه التى تصرفت بها معه، ووجدها فرصة لابد من أستغلالها كى يثني (عازة) عن مواصلة السير فى ذلك الطريق الوعر الذي تحفه كثير من المخاطر والأشواك.

    لذلك أجابها قائلا:-
    هذه صورة خطيبيتي (ملاذ) .. زميلة لي في العمل لقد اتفقنا على الزواج بعد ترتيب أوضاعنا وذلك سر ارجو ان تحافظي عليه ولا تبوحى به لأى شخص حتى أختى (ابتسام).
    ثم واصل حديثه موجها سؤالاً لها:-
    رأيك شنو يا (عازة) مش جميلة؟
    اجابته بنفس تلك النبرات الحزينة المنكسرة البائسة: -
    "فعلاً جميلة، ربنا يهنيك بيها" .. ثم أضافت موجهة نظراتها نحوه، وفي دلال وتعطف وحزن خاطبته:-
    صدقني يا (أكرم)، محظوظه جدا الإنسانة ألتى سوف ترتبط بك ودون شك وسوف تكون أسعد أمرأة في الدنيا كلها ، فأنت من أعظم البشر.

    وضعت الصورة في مكانها ثم استأذنت وخرجت متجهة نحو بيتها.. شعر (أكرم) بشئ من الذنب عندما اضطر ليكذب على (عازة) بخصوص صاحبة الصورة (ملاذ)، فهي فعلاً زميلة له في العمل تربطه بها صداقة عفيفة وحب مشترك للأضطلاع، وكانت كثيراً ما تبادله الكتب والمجلات، وذلك الديوان الذي وجدت (عازة) بداخله تلك الصورة كان آخر ما اعطته له من كتب، و(أكرم) نفسه لم يطالع صفحاته حتي تلك اللحظه.

    وهو يدرك تماماً بأن تلك الصورة وضعت دون قصد من (ملاذ)، فهى أساساً مخطوبة لأبن عمها الذي يعمل (محاميا) ويخبان بعضهما حبا شديدا، وأول ما تفعله "ملاذ" حينما تتعرف على صديق أو زميل جديد هو أن تخبره عنه وتعرفه به لاعتزازها به وبأخلاقه الفاضلة، وقد حددا موعدا لزواجهما خلال بضعة أشهر قادمة، إلا أنه وجدها فرصة تحقق له غرضه وتسد الباب أمام (عازة) رغم عدم ارتياحه لذلك الأسلوب الذي انتهجه والذى كان مضطرا له !!

    لكن .. على العكس من ذلك تماماً فقد ازدادت نيران الغيرة في داخل فؤادها، صحيح أنها فكرت في الابتعاد عنه لأول وهلة لكنها لم تستطع وما ازدادت إلا قرباً وتعلقاً به.
                  

06-06-2007, 09:29 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    نعود لنواصل رغم انه المنبر أصبح يقدم ساندوتشات "تيك اوى" !!
    لا يصلح معها انزال روايه!!!!!!
                  

06-07-2007, 11:48 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    جاءت "عازه" ذات يوم من الأيام كعادتها، ووجدت باب المنزل مفتوحاً فدخلت دون أن تطرقه، و(أكرم) وقتها جالس على كرسى داخل حجرته في الاتجاه المعاكس لمدخل الغرفة وإلى جانبه فنجاناً من (القهوة) يعاني لحظات الطلق لميلاد لوحة جديدة ويضع اللمسات الأخيره لوجه ملائكى رسمه لفتاة من وحى خاطره، ومن شدة تركيزه فى رسم اللوحه اصبح مثل لاعب شطرنج ماهر، ما كان بمقدوره أن ينتبه لاي قادم أو طارق على الباب.

    وعندما تأكدت (عازة) بأنه لم يشعر بدخولها اعتمدت في سيرها على أطراف قدميها حتي لا تحدث حركة تلفت انتباهه ولكى وتفاجئه بوجودها الى جانبه .. كانت تريد أن تعرف ماذا يرسم، وفى نفس الوقت تستمتع بالنظر إليه مليا دون أن يراها .. وعندما وصلته أطبقت بسرعة بيديها المخضبتين على عينيه من الخلف ثم انحنت ورائحة عطر (الصندل) المثيرة تفوح منها بشدة، غيرت من نبرات صوتها سائلة:-
    لو شاطر تعرف أنا منو؟
    أمسك (أكرم) بيديها يحاول تخليص عينيه من قبضتها القويه واجابها ضاحكاً:-
    أنت .. أنت .. أنت .. أنت .. وهو لم يدرك بعد، أنها (عازة) لكنه اراد أن يسترسل وأن يطيل الحديث حتى يعرف من هى .. كتمت ضحكة كادت أن تفضح أمرها وقالت سائلة:-
    "طيب لمن سقطت فى الأمتحان و ما عرفت أنا منو (ابتسام) وين؟ يازول يا زين"؟؟
    رد عليها مواصلاً محاولاته تخليص عينيه من قبضة يديها بكل رقة ودون عنف:-
    "(ابتسام) مافيشه وناس البيت كلهم ما فيشين مشو يشوفو عمتي (ستنا) لأنها مريضة شوية، بعيد عنك" !!
    في تلك اللحظه وبمجرد أن سمعت عبارة (ناس البيت كلهم ما فيشين)، اضطربت و سحبت يديها كمن مسها جن أو صعقها تيار كهربائي، وفى نفس الوقت استدار (أكرام) ونهض واقفاً وبعد أن (دعك) عينيه وجد نفسه والمسافة بيناهما لا تزيد عن سمك ثوبها (الأصفر) الفاقع اللون .. تتصاعد انفاسها رغبة ورهبة .. ثم لمح شفتها (الكرزية) المستديره تتراجف (كالعجوة المعطونة في العسل) .. و(النونتين) المجنونتين تتدفعانه إلى الأنحدار والسقوط داخل الهاويه .. أما (عينيها) فما أتعس من شاهدهما في تلك اللحظه وفى ذلك الموقف!

    في تلك الأثناء انحسر (الثوب الأصفر) الفاتح اللون عن رأسها قليلاً ليظهر شعرا أسوداً فاحماً مجدولاً حراً طليقاً لا تحده حدود، يغطي جانبا من وجهها القمري كبدر التمام وصدرها العنيد الغاضب المتحفز (كأنثي اسد فارده) ركب فيه (نهدان) يرتفعان وينخفضان كنهر يعاند الشلال .. وكأنهما لم يمسسهما بشر من قبل .. ثم أنحسر الثوب أكثر قليلاً ليكشف عن (كتفها) المكتنزة (القمحية الملساء) .. تناديه في صمتها كامرأة العزيز:-
    (هيت لك) .. (هيت لك) .. !!

    في تلك اللحظة التي تهزم ثبات أصدق السالكين وتضعف مقاومة عتاة العابدين .. و مع حرمان أختاره (أكرم) لنفسه بنفسه .. واصبح حاله كعطشان يمشى في صحراء جدباء قاحله خلال نهار قائظ الحر ثم وجد فجأة كوباً من الماء البارد تتساقط قطرات الندي من على جانبيه لكنه تمنع وأبى أن يرتشف منه جرعة واحدة حتى يتأكد هل هو من حرام أم حلال .. في ذلك المشهد المثير وذلك الأمتحان العسير، وقف (أكرم) صامداً وشامخاً كشجر النخيل، بل (كأبي الهول) الذى ظل يقاوم الرياح وعوامل التعريه منذ الاف السنين، وقف شامخا .. رفع (لعازة) ثوبها الذي كاد أن يسقط ! ثم وضعه على رأسها كملكة متوجة، رافضاً أن يستغل لحظة ضعف أصابت امرأة، ما فكرت في الخطيئة إلا لمعاناتها وحرمانها .. انه موقف لا تملكه إلا قامة شامخه تشبعت عزاً وكبرياء .. و نفس أبيه ونقيه امتلأت طهرا وعفافا وجلالا وجمالا وصفاءا .. أنه قلب امتلأ بالخير والحب للأحياء والأشياء.

    رفع (أكرم) بيديه الطاهرتين ثوباً كاد أن يسقط! ثم أخرج منديله وفي حنان أبوي بدأ يمسح عرقاً تصبب على جبينها ودمعاً تساقط على خديها .. ثم جلست (عازة) على أحد الأسرة منكسة رأسها نحو الأرض فازدادت جمالا وفتنة واغراء، وأنحسر الثوب دون قصد منها فكشف عن ساق ممتلئة .. زادها (دخان الطلح) فتنة وأثارة .. وما أروع ذلك (الحناء) الأسود المنقوش بصورة مميزة على قدميها يظهر من خلال فتحات حذائها المنسجم مع لون الثوب والذي تخاله قد صنع لها وحدها، دون نساء العالمين.

    وبعد أن هدأت قليلاً خاطبها (أكرم) قائلاً:-
    "أعذريني يا (عازة) ربما قسوت عليك و سببت لك نوعا من الأحباط .. حقيقة أننى أبحث عن أمرأة تمنحني كل الحب .. امرأة تقدر حزني النبيل وفرحي الجميل .. أنه امر صعب ومشوار طويل، لكن وحتى أعثر على تلك المرأة سوف تظل كل أمرأة أخري عندى بمثابة اختي (ابتسام)"، ثم واصل: -

    " يا (عزه) - قالها هذه المرة هكذا قاصدا متعمدا - اعلم الى أى مدى تعانين لكن نصيحتي لك أن تخلصي لزوجك ولأقصي حد ممكن، وأن تتمسكي به بكل قوة وصلابه وإذا شعرتي بأنه لا يستحق منك كل ذلك حاولي أن تفارقيه بأحسان وتأكدي بأنك سوف تجدين يوماً من الأيام كل أحلامك وأمانيك، أن لم يكن هنا في هذه الحياة المعدودة أيامها فسوف تجدينها هنالك في الحياة الخالدة الأبدية .. وفى عالم لا يظلم فيه أحد"، ثم اضاف :-
    "يا (عزه) انسان ملائكى طاهر مثلك حرام أن (يتلوث) بخطئيه مهما كان حجمها" !!

    بعد أن سمعت كلماته تلك رفعت (عازة) رأسها شامخا الى اعلى وشعرت بقوة فى بدنها لم تشعر بها من قبل، ونهضت ووقفت على قدميها تشعر وكان راسها يكاد أن يلامس سقف الغرفه بل يخترقها محلقة نحو السماء .. استاذنته وخرجت نحو منزلها مزودة بتلك النصائح الغالية، وبمزيد من التقدير ولأحترام لذلك الإنسان الملائكي الواثق الخطئ القادم من عالم غير الذي تعيش فيه.

    وفي طريقها نحو البيت أسترجعت أبيات قصيدة رائعة نظمها (أكرم) وأهداها لها من قبل فحفظتها عن ظهر قلب وبدأت تردد أبياتها منتشية بصوت خأفت حنون:-

    سيدتي ...
    يا ذات الثوب الأخضر
    يا أكرم من ماء البحر ومن ضوء القمر
    ومن نخل رميناه بحجر، فأعطانا الثمر
    بحبك سيدتي ...
    أرفع رأسي
    أعيش اليوم، وبعض الأمس
    أمشي زهوا، مرحاً ، أتبختر
    أطأ جبال العز صقرا عربياً أسمر
    أحلق فوق اليأس، الآمس قرص الشمس
    وأشعر ..
    أنى ملك الدنيا وأعظم من أشعر
    وأشعر ..
    أن الكون صغير – جداً – وأني أكبر
    أصير خيالاً، أو حلما أو بستانا أخضر
    أكون صباحا، أو وردا – بل أنضر
    أفوح نسيما حلوا، أو عطرا (باريسيا)
    أشعر أني أندر
    أصير سحابا، أطير ملاكا – أتبخر
    (أشع كبرق يضي الكون) ..
    انبت قمحا، أو عنبا أو زعتر
    أصالح نفسي وكل الدنيا،
    أسمو، أصفو أتحضر
    أسامح من جاء بغصن الزيتون
    أو أغمض في ظهري خنجر
    بحبك سيدتي ..
    تندمل جراحاتي
    وتهون شجوني وآهاتي
    ويطول ربيع العمر وحياتي
    في حبك أفني عشقاً وأذوب كقطعة سكر
    حبك سيدتي ...
    حولني أنسانا .. آخر
    انسانا ذواقا، خلاقاً، ترياقا، بل أكثر
    حبك ، حولني نهراً أو زهراً
    أو جدول ماء رقراقا
    حبك حولني فرحاً أو خيراً دفاقاً
    حبك حولني وجدا وحبيبا مشتاقا
    حبك أعطاني مفتاح الجنة والكوثر
    بحبك سيدتي ...
    لم أشرب خمراً أبداً – لكني أسكر!!
    (حبك خطر – جداً – وعشقي أخطر)!!
    عشقي، للكرز الأحمر ..
    في شفتيك
    للصوت الخافت
    للحزن الصامت ..
    في هدبيك
    للون القمح ولعطر الصندل.
    للشعر الأسود ..
    لليل المسدل في كتفيك
    للغضب الجامح في نهديك
    للشئ القاتل في عينيك
    ولذاك الثوب الأخضر
    آه آه من ذاك الثوب الأخضر

    (عدل بواسطة تاج السر حسن on 06-13-2007, 12:10 PM)

                  

06-10-2007, 03:27 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    وعندما أنتهت "عازه" من ترديد كلمات تلك القصيدة كانت قد دلفت لتوها إلى داخل منزلها .. وكان (المعلم سيد) جالسا والشرر يتطاير من عينيه وبمجرد أن لمحها هب نحوها ممسكا بيديها صائحا في وجهها:-
    أين كنتى أيتها الفاجرة؟ .. لا تكذبي لقد رأيتك وأنت تخرجين من ....
    وقبل أن يكمل عبارته تدخلت في ثبات وقوة ناظرة الى وجهه مليا قائلة له :-
    "كنت في بيت ناس (ابتسام) ولمعلوميتك لم يكن بالمنزل أحد غير أخوها (أكرم) وانا لست فاجرة"!!
    في تلك اللحظة انهارت قواه ونطق بصعوبة :
    (طلقانه .. طلقانه بالتلاته) .. وذهبت (عازة) لبيت أهلها دون عودة وللمرة الثالثه!!
    .
    .
    .
    وبعد أيام قلائل أصيب (المعلم سيد) بجلطة كادت أن تعجل بوفاته .. بعد أن ملأ الدنيا كذبا وبهتاناً .. حكي لكل من أتي لزيارته خلال مرضه عن علاقة (أكرم) بزوجته الفاجرة (عازة) .. وهو لا يدرى بانه ظن الظنون بانسان على أخلاق ملائكيه، والناس منقسمين بينهم من صدق ذلك القول وبينهم من كذبه .. حتى وصل الهمس الى سمع (أكرم) وشعر بالأذى الذي سببه له (المعلم سيد) .. غضب غضبا شديدا وقرر أن يذهب اليه ويأخذ (عازة) معه وبرفقته جمع من الناس كى تثبت براءته وتعترف بما حدث، لكنه تمهل وخشي على صحة (المعلم سيد) وخشى كذلك من أن تلوك الألسن سيرة (عازه) من جديد وفضل أن يلوذ بالصمت وأن يسامح ويغفر.

    وبعد مرور بضع سنوات توفي الجد (حاج عمر) .. وتزوجت (عديلة) من زميل لها وسافرا معا للتحضير لنيل (شهادة عليا) فى القانون .. وصعبت الحياة في وجه (عازة) ولم تجد حلا إلا في عمل يساعدها على تذليل تلك الصعاب وغلاء المعيشه الذى ارهق الكثيرين، خصوصاً بعد التحاق (سماح) بالمدرسة (المتوسطة).

    لذلك عملت ممرضة في إحدي المستشفيات الحكومية، أما (أكرم) فقد زادت همومه واحزانه، يفكر تارة في الأذى الذي حدث له بسبب (عازة) ويفكر تارة أخري فيما حدث لها بسببه بصورة من الصور وموقفها النبيل في الدفاع عنه كما وصل إلى سمعه .. يسائل نفسه ماذا يفعل ليسترد لها مكانتها وأحترامها .. لكنه لا يجد شيئاً يفعله سوى الصمت والحزن فهو لا يستطيع أن يجرؤ حتى بمجرد السؤال عنها لكى لا تزيد الأقاويل والأشاعات حوله وحولها.

    (عدل بواسطة تاج السر حسن on 06-13-2007, 11:35 AM)

                  

06-13-2007, 11:31 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    لذلك انقطعت أخبارها عنه تماماً مما زاد من ألمه وعذابه وشعوره بالأغتراب!!
    حتى شاءت الصدفه وأبتسم له الحظ والقدر أن يذهب يوماً للمستشفي المركزى لزيارة زميل له يعمل طبيباً وصل إلى سمعه نبأ التحاقه به قبل أيام قلائل وهو نفس المستشفى الذى تعمل فيه (عازه) و ما كان يعلم بذلك .. وفي أثناء تبادله الحديث الشيق الممتع واسترجاع ذكريات قديمه مع صديقه دكتور (محمد) دخلت (عازة) فجأة تريد أن تستشيره بخصوص حالة مريض ما .. وفي تلك اللحظات تجمدت الكلمات على لسانها وأرتجفت شفتاها دون أن تنطق حرفا ونهض (أكرم) تيدو على عينيه الدهشه والأستغراب والشعور بالمفاجئه ، ثم خاطبها:-
    (عازة) .. (عازه) ؟؟
    مدت نحوه يد راجفة مضطربة ثم سحبت يدها وخرجت مسرعة تغالب دموعها النازله دون توقف .. فوجئ دكتور (محمد ) بذلك الموقف، فسأل (أكرم):-
    هل تعرف تلك الممرضة؟
    أجابه :-
    نعم أعرفها فقد كانت جارة لنا رحلت منذ فترة ، لعلها تذكرت اشياء كثيره تربطها بحينا أو امها جدها اللذان انتقلا الى رحمة مولاهما!!
    واصل دكتور (محمد) قائلاً:-
    أنها انسانة عظيمة و(ملاك رحمه) بحق وحقيقة، تتخيل أنها تعامل كل المرضى وكأنهم أعزاء أو اقارب لها، وفى كثير من الأوقات يبلغ اهتمامها بالمرضي درجة تجعلها تواصل العمل بعد نهاية (ورديتها) خصوصاً عند احساسها بحاجة أي مريض منهم لمن يقف بجانبه أو يخفف معاناته، انها (ملاك) خلق من أجل اسعاد البشر!!

    علق (أكرم) في داخله بصوت غير مسموع:-
    (هى صفات المحبين .. هى صفات العاشقين).
    سرح بعيداً واخذ يسترجع محطات ومواقف عديده تربطه (بعازة)، منها المفرح ومنها المؤلم ثم استأذن صديقه دكتور (محمد) وذهب متجها نحو منزله.

    في تلك الليلة، لم تغمض عيناهما .. راجع (أكرم) جميع احواله وظروف أهله وحلمه الغائب وأحاديث الناس حوله وحول (عازة) عاش صراعا مع نفسه مريرا، لا يكاد أن يوصف وفي لحظة صدق ... قررأن يتزوجها !!

    أما (عازة) فقد ظلت ساهرة حتى شروق شمس اليوم الثانى ، شربت عدد من فناجين الشاى والقهوة وفي الصباح الباكر أخذت (سماح) إلى مدرستها وأتجهت نحو منزل زميلتها (نسمة) التي وجدت فيها صدراً حانيا تبث إليه الأمها ومتاعبها، وكثيراً ما حكت لها عن (أكرم) للدرجة التي جعلتها تتوق لرؤيته والتعرف عليه، وكانت (عازة) تمازحها وتغيظها قائلة : -
    "(تدفعي كم عشان تشوفيه ؟؟ أنت قايلة شوفتو ساهلة كدا لكل زول؟؟ دا شئ (نادر)".
    ولما حدثت تلك اللقيا المفاجئة وعادت الأيام خلال تلك اللحظات في المستشفي ذهبت (عازة) (لنسمة) مبكرة لتحكي لها عنه وعن الحظ الذى ابتسم لها أخيرا وعن حلاوة الصدفه وذلك المشهد .. وعندما فتحت (نسمة) الباب (لعازة) متثائبه ومندهشة لحضورها في ذلك الوقت المبكر ومستغربه لتلك الفرحة البائنه على وجهها لأول مرة منذ أن عرفتها حتى أنها مازحتها ضاحكه:-
    - حاصل شنو (يا قمر بائن)؟؟ واضح عندك أخبار مهمه!!
    ضحكت (عازة) وقالت لها:-
    قبل أن تعرفي الأخبار المهمة لازم تدفعي الثمن والثمن بسيط خالص خالص .. تشغلي لي أغنية سمعتها عندك زمان بتقول .. (يوم قالوا لى الأقمار عليمه).
    فاستجابت لطلبها (نسمه) وعلى الفور أدارت جهاز التسجيل وجلستا تستمعان للأغنية بتركيز وأنتباه وهن يحتسيين كوبين من الشاى.

    (عدل بواسطة تاج السر حسن on 06-15-2007, 10:26 AM)

                  

06-15-2007, 10:21 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    قضى (اكرم) عدة أيام فى عذاب ومعاناة وسهر وأرق بعد تلك اللقيا التى شاهد فيها (عازه) وهى ترتدى زى (ملائكة الرحمة) وكانه لم يخلق الا من اجلها، وتبدو فيه على قدر من الجمال لا يدانى أو يطال، وتجعل كل أنسان مرهف عاشق للجمال يتمنى المرض لنفسه كى يراها!!
    .
    .
    .

    وفى صبيحة يوم جميل ندى .. قرر (أكرم) أن يذهب (لعازة) بعد نهاية عمله وأن يخبرها بما نوي عليه في أمر الزواج منها وهو فى قمة الفرح والسعادة يكاد أن يطير ويحلق نحو الفضاء الشاسع الممتد فرحا مسرورا بذلك القرار الذى اتخذه، لكن لسوء حظه أخره قليلاً تكليف خصه به مديره المباشر في بعد انتهاء وقت عمله الرسمي.

    وفى نفس ذلك الصباح أستيقظت (عازة) من نومها مبكرا منتشية والسعادة تغمرها دون تبرير كاف لعيون (سماح) التى كانت ترقبها مندهشة .. وعندما وصلت للمستشفي، وأرتدت (اليونى فورم) الأبيض الذى تمنحه القا ورونقا ويزيدها جمالا و(ملائكية) .. وبدأت كعادتها فى مباشرة عملها بهمة ونشاط ومزاج معتدل، تلاطف هذا المريض، وتسأل آخر عن أحواله مبتسمة وفي حنيه ولطف .. حتي أصيب أحد المرضي بصدمه سكري مفاجئة مما جعلها تسرع لصيدلية المستشفي طلباً (لأنبوبة انسولين) .. وعندما لم تجدها لم تنتظر طويلاً بل سحبت من محفظتها قيمة الانبوبة وأسرعت نحو صيدلية خاصة مقابلة للمستشفي يفصل بينهما شارع (أسفلتى) عريض .. أخذت (الأنبوبة) ورجعت بنفس السرعة ودون أن تلتفت إلى الناحية الأخري فعاجلتها سيارة مسرعة طرحتها أرضاً، وسألت دماؤها الطاهرة الزكيه، لكنها لازالت تمسك فى يدها اليمني على (أنبوبة الأنسولين) بكل قوة، تحاول أن تشير بعينيها لأحد المتجمهرين كي يأخذ (الأنبوبة) ويقوم بتوصيلها لأسعاف المريض المنتظر، حتي دخلت في غيبوبة تامه، وبعدها سقطت (الأنبوبه) من يدها .. فالتقطها أحدهم، وحملوها إلى داخل المستشفي حيث وضعت في حجرة العناية المركزة وبدأت الخطى متسارعه لأسعافها ونقل الدم إليها.

    أصاب الهول شيخ كبير كان أحد شهود ذلك المشهد وتابعه منذ بدايته وتعجب من تمسكها لآخر لحظة (بأنبوبة الانسولين) التى لم تسقط عن يدها الا بعد أن فقدت وعيها، وساعد ذلك الشيخ في حملها مع الآخرين إلى داخل المستشفي وبعد أن استغفر ربه ردد بصوت متهدج:-
    "ذلك هو الجهاد .. ذلك هو الجهاد" .. واضاف "الجهاد الحقيقى هو أن تحي الناس لا أن تميتهم"!!
                  

06-15-2007, 05:39 PM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    أقتربت الروايه من نهايتها.
                  

06-15-2007, 10:12 PM

essam&amal
<aessam&amal
تاريخ التسجيل: 11-15-2003
مجموع المشاركات: 2579

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: تاج السر حسن)

    ما شاء الله
    ام وضاح
                  

06-18-2007, 04:12 PM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: روايتى : "دموع الغربه" .. مهداة للمرأة فى لحظات قوتها ولحظات ضعفها !! (Re: essam&amal)

    اتصلت (نسمة) تلفونيا بمن تعرفهم من أهل (عازه) فاسرعوا بالحضور .. تعقدت المسألة بسبب عدم إيجاد فصيلة الدم المطابقة لفصيلتها لا بالمستشفي ولا من بين فصيلة دم أهلها، فهي من نوع نادر.
    في ذلك الوقت وصل (أكرم) الى داخل المستشفى دون أن يعلم بما حدث .. وبالصدفة وجد (نسمة) في طريقه وهي في حالة انزعاج شديد بسبب ما حدث لصديقتها العزيزة على نفسها، سألها واللهفة والشوق بعينيه :-
    لو سمحتي يا آنسة معاكم زميلة أسمها (عازة) بتعرفيها ؟
    حاولت (نسمة) أن تدعي اعتيادية وثبات وبدلاً من أن تجيبه، ردت عليه بسؤال معاكس:-
    منو أنت لو سمحت؟
    أجابها:-
    أنا (أكرم)
    قالت (نسمة) لنفسها:-
    (يا للمصيبه لا تراه إلا في هذا الموقف الحرج)؟.
    ثم استعانت بخبرتها العمليه وأخذت يده وخاطبته :-
    "(عازة) حصل ليها حادث بسيط يعني ما حاجة مزعجة، ودلوقت بنقلو ليها في دم بس المشكلة ما لاقين الفصيلة المطابقة لفصيلتها .. انزعج (أكرم) وأضطرب وطلب منها أن تأخذه لاختبار نوعية فصيلة دمه وللمفاجأة وجدت مطابقه تماما لفصيلة (عازة)"!!
    ولما كان الوضع قد بدأ في التدهور تمت عملية نقل الدم منه اليها بأسرع ما يمكن.
    كانت (عازة) في ذلك الوقت دون وعى تردد كلمتين لا أكثر:-
    (أكرم) .. (سماح) .. (أكرم) .. (سماح) .. (أكررررر...) !!

    وعندما أنتهت أخر نقطة دم موجوده داخل (الانبوبة) وبدأ الطبيب المشرف في أخراج (الأبره) الموصلة من يدها صمتت (عازه) وحولت وجهها نحو السماء فى ابتسامة مدهشة وأغمضت عينيها الى الابد .. ودعت ذلك العالم الذي عاشته صراعاً وضجيجاً وظلما وأمآل واحباطات وأحلام وطموحات .. ودعته في هدوء وسكينه، سلمت (سماح) للمجهول .. وتركت (أكرم) وحيداً دون رفيق يشاركه الغربة والألم والعذاب .. ما أرتاح إلا بعد أن أصيب بالذهول، يربط رأسه بعمامة قصيرة متسخه ويمسك بين أصبعيه (سيجارة) مشتعله طول الوقت .. لا يطفئ (السيجارة) الأولي ألا بعد أن يشعل من نارها سيجارة جديده، وهكذا يرسم على شفتيه ابتسامه ياهته ساخرا من الحياة ومن تناقضاتها، يواصل السفر والترحال من شارع إلى شارع، دون توقف أو راحه، إذا القى عليه أحد المارة سؤالا نظر إليه مليا دون اجابة ثم أبتسم له وغير من اتجاه سيره الى الجهة المعاكسه وهكذا فى صمت يواصل الترحال والأغتراب.


    تمــــــــــــــــت
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de