|
|
 تداعيات المشروع الوحدوي لحزب الأمة!! عادل عبدة
|
للوهلة الأولى يبدو المشروع الوحدوي لحزب الأمة الذى افضى الى امكان عودة مبارك الفاضل ومجموعته المتبقية الى اسوار الكيان الأم في وضع غير مشجع!! فالقطيعة الفاجرة والجفوة العارمة التي استمرت زهاء الخمسة أعوام بين الإمام الصادق المهدي وابن عمه مبارك الفاضل والتي ظهرت في ثناياها الملاسنات الحادة والأجندة المضادة لا يمكن اختزال آثارها وأبعادها من خلال مشهد سيريالي ضم حوالى (300) شخصية انصارية في جلسة عشاء بمنزل الإمام في الأيام الفائتة.
فالشاهد ان بحث الأزمة العميقة والهوة السحيقة بين حزب الأمة القومي والإصلاح والتجديد حول قضايا التنظيم والهيكلة والحداثة وفصل السلطات وتجديد الدماء والاتفاق على مفاهيم الإرث الأنصاري والحزبي في التعامل مع الشمولية... لا يمكن الوصول الى حلول ناجعة بشأنها من خلال ورشة عمل تصالحية قصيرة المدى، اللهم الا اذا كانت تلك الورشة معبأة الإخراج سلفا في اطار سيناريو جلسة العشاء، والتي يبدو انها قائمة على أولوية انتصار وشيجة الدم والقربى على حساب الإبحار والتعمق في الإشكاليات الحقيقية وموطن الداء الأصيل ربما في الوقت الراهن والالتفات الى قضايا الوطن الخطيرة ونجدة اهله بحسب اشارات الإمام نفسه!!.
والتعقيدات قد لا تتوقف عند هذا الحد، فهنالك حلقات اخرى ربما تشكل عائقا مضافا في طريق عودة مبارك الفاضل الى ساحة الحزب الكبير، فما اكثر خصوم الرجل وهو يتأهب لطي صفحة العداءات القديمة والانخراط من جديد في الكيان الفسيح الذي فارقه، وذلك على ضوء برنامج الأخوة والمصالحة مع الإمام الصادق. فالدوائر والمراكز في اروقة حزب الأمة القومي التي ترفضه ولا تحبذ عودته وتحاول وضع الأشواك والعقبات امامه كثيرة، بل هي لا تخفى ذلك على الملأ وفي يدها كتاب اخطاء وتجاوزات مبارك الفاضل من منظورها!!
وها هو بكري عديل يتهمه بالسطو على البرنامج الإصلاحي الحقيقى لحزب الأمة ويصفه بالشخص غير الديمقراطى، ويقول بأن التوحد معه يحتاج الى حوارات كثيرة لإزالة ما علق بالنفوس (جريدة (آخر لحظة) بتاريخ 26 مايو2007م).
وعلى ذات النهج يعبر الدكتور موسى مادبو والدكتور عبد النبي علي احمد ازاء التعامل مع مبارك الفاضل، فالاحتقان الموجود بين الرموز القيادية لأبناء الغرب بحزب الأمة ومبارك لا يحتاج اظهاره لكبير عناء، وقد لا يكون من احكام الصدفة غياب تلك الرموز من حضور احتفائية المصالحة، بل كثيرا ما يصف الدكتور عبد النبي سلوك مبارك بالخارج عن الشرعية وأ فاتورة عودته قد تكون مثيرة للقلاقل!!.
والأدهى من ذلك ان عبد الله مسار، مستشار رئيس الجمهورية والقيادى الأنصاري المعروف، ذكر في حوار مع جريدة (الرأي العام) بتاريخ 19 مايو 2007م من وحي قراءاته التحليلية لمشروع توحيد حزب الأمة المطروح بأن عودة مبارك الفاضل تعني خروج مادبو او عبد النبي من دفة القيادة!! وربما تنفك طلاسم الحلقة عندما يصرح مبارك نفسه لذات الصحيفة بتاريخ21 مايو 2007م بأن هنالك مخاوف شخصية فى سلم قيادة حزب الأمة القومى من عودته المرتقبة!!.
وعلى ذات الإطار يمكن التنبؤ بشكل طبيعي بأن مجئ مبارك الفاضل الى رحاب الحزب الكبير سوف يؤجج معركة الورثة في حزب الأمة على المستوى الرئاسي. فالحسابات الواقعية والقياس المنطقي للأشياء يشير الى امكان بروز معركة جديدة لها ما يميزها ويعطيها لونا وطعما خاصا بين ابناء الإمام الصادق ومبارك الفاضل حول من يرث زعامة الحزب العريق فى الفترة القادمة.. ولا اخال ان وجود الإمام بكل عنفوانه وهالته، وهو يقود الحزب اليوم، يمكن ان يطفئ وقود تلك المعركة المرتقبة التي ستنطلق من حيثيات تلقائية مرتبطة بدوران الحياة السياسية فضلا عن انحصار زعامة حزب الأمة في آل المهدي لاعتبارات عاطفية ورمزية!!.
وإذا كان الإمام الصادق يرى أن ابناءه عبدالرحمن وصديق وكريمته الدكتورة مريم قد وصلوا للقيادة عن طريق العطاء في زمن التضحية والبلاء وأنهم ليسوا سحاسيح، بحسب ما اورده لجريدة (الرأي العام) بتاريخ 28 مارس 2004م، فإن مبارك الفاضل ينظر اليه كقيادي متمرس اشرف على تدريب ابناء الإمام وله قدرة فائقة على فتح المسارات المغلقة، ومن ثم فإن هذا الوضع يؤطر الى وجود تبرم من عودة مبارك من داخل نسيج آل المهدي.. وإذا كانت سارة الفاضل برأي المراقبين قد ازاحت ذرية حفية من مرمى القيادة فى الحزب من خلال معركة بلا ضوضاء، فإنها فى حالة مبارك الفاضل ستكون اشد بأسا.
في تقديري إن طابور خصوم مبارك الفاضل في المشروع الوحدوي لحزب الأمة ربما يشمل حتى احزاب الأمة الموجودة في حكومة الوحدة الوطنية، بمختلف مسمياتها، في حال ان لجنة جمع الصف ورأب الصدع في الحزب قد توصلت الى تفاهمات معها بشأن الاندماج. ولا يغيب على بالي ان تلك الاحتمالات اقرب الى المستحيل، الا انني قصدت ابراز تنامي الشريحة المعادية لمبارك على جميع مستويات حزب الأمة بشأن التوحد حتى في اوساط تلك الجماعات الموجودة في قطار سلطة الإنقاذ والتي اعتقد ان جميع قواعدهم لا تصل الى عدد سكان المحمية الإنصارية في النيل الأبيض التب تحمل اسم قرية (نعيمة).
ويبقى القول ان شكل العلاقة بين الإمام الصادق ومبارك الفاضل بعد العودة لن يحمل ملامح الود القديم، لكن في الوقت ذاته لن تكون العلاقة بين الرجلين محفوفة بالكراهية مثل العلاقة التي كانت بين الرئيس السادات وعلي صبري.
عادل عبده
|
|
 
|
|
|
|
محمد عادل
saif massad ali
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست