|
هكذا يحكم السودان .... عليكم الله تضحكوا !!!!!
|
منقول كمال الجزولي / سودانايل 8/5/2007
ذات استراحة ، أثناء تحقيقات ما بعد الانتفاضة ، سألت بهاء الدين محمد ادريس ، أكثر رجال النميري غموضاً ، عمَّا ظلَّ الناس يتداولون بشأن معاملة (الرئيس القائد) لوزرائه بالعين الحمراء ، لدرجة أنهم كانوا يرتجفون هلعاً في حضرته ، فضحك وقال: شوف يا أستاذ ، سأحكي لك واقعة صغيرة ، ولك أن تستخلص منها ما تشاء! كان الفنان التشكيلي ابراهيم الصلحي وكيلاً لوزارة الثقافة والاعلام ، عندما اعتقل ، عام 1975م ، في ملابسات انقلاب حسن حسين. وبعد إطلاق سراحه ، غادر السودان ، مغاضباً ، إلى قطر ، ليلتحق بالعمل مستشاراً للفنون لدى أميرها. بعد سنوات ، وكانت النفوس قد هدأت شيئاً ، إشتاق الصلحي لأهله ، فالتمس من الأمير ، الذي كان على أهبة السفر للمشاركة في مؤتمر قمَّة ، أن يتوسَّط له عند النميري كي يضمن دخوله البلاد ومغادرتها ، دون مضايقة!
بالفعل ، ما كاد الأمير يفتح الموضوع ، على هامش المؤتمر ، مع النميري الذي كان مزاجه رائقاً ، حتى استجاب ، وبحماس:
ـ "بس كده؟! غالي والطلب رخيص .. والله كمان أعيِّنو ليك وزير"!
واصل بهاء قائلاً: زار الصلحي السودان وعاد بسلام. وبعد فترة أمرني النميري ، وكان قرَّر إجراء تعديل وزاري ، أن أرأس لجنة ترفع إليه ترشيحات الوزراء الجدد ، على أن نحتفظ بوزارة الثقافة والاعلام لـ .. صالحين! طرحتُ المهمَّة بحذافيرها على اللجنة ، وعندما أخطرتهم بالوزارة (المستثناة) ومَن اختاره الرئيس لشغلها ، أبدى الجميع استغرابهم! فصالحين كان مذيعاً لامعاً ، ومديراً ناجحاً للاذاعة ، لكن ما لم يكن ليخطر على البال أن يُنتزع من مجاله ليُعيَّن وزيراً ، فضلاً عن أنني كنت في شكٍّ من الأمر الرئاسي نفسه ، كوني كنت على علم بقصة الوساطة الانسانيَّة التي حوَّلها النميري إلى وعد سياسي! مع ذلك لم يكن بمقدور أيُّ عضو في اللجنة ، بمن فيهم عبد الرحمن عبد الله ، أحد المقرَّبين جداً ، أيامها ، من النميري ، مراجعته في الأمر!
رفعت الترشيحات إلى (الرئيس القائد) الذي مهرها بتوقيعه ، واستكملت إجراءات إخطار المرشحين كافة ، والاعداد لحفل أداء القسم. وقد فوجئ صالحين نفسه عندما أخطرته بالقرار ، فعاد يهاتفني ، ليسألني ، متشككاً ، عمَّا إذا كنت متيقناً من أنه ليس ثمَّة خطأ في (الموضوع) ، وأنه هو المقصود بالفعل!
يوم حفل المراسم ـ والحديث ما زال لبهاء ـ وعندما تقدَّم صالحين لأداء القسم ، لاحظت أن النميري قد انحني قليلاً وراح يُمعن التحديق في ملامحه مستغرباً! وبعد نهاية الحفل تبعت النميري إلى مكتبه ، حيث لم أفاجأ بسؤاله لي:
ـ "الزول ده مش مذيع"؟!
ـ "نعم سعادتك"!
ـ "والجابو هنا شنو"؟!
ـ "سعادتك إنت أمرت بالاحتفاظ بالثقافة والاعلام لصالحين"!
ـ "يا أخي أنا قاصد الفنان التشكيلي أبو دقن كبيرة"!
ـ "سعادتك داك إسمو الصلحي"!
ـ "لا حول ولا قوَّة إلا بالله .. أيوه أيوه الصلحي بتاع الدوحة ، لازم تتصلوا بيهو وتصحِّحوا الخطأ ده بسرعة"!
ـ "حاضر سعادتك"!
وختم د. بهاء حكايته لنا قائلاً إنه سارع ، بالاتصال بعبد الرحمن عبد الله يرجوه أن يقنع الرئيس بتأجيل ما اعتزم لبعض الوقت ، حتى لا يؤثر الأمر على سمعة (الثورة) إذا بلغ الصحافة الأجنبيَّة! توكَّل عبد الرحمن على الحي الذي لا يموت ، وتحدث إلى النميري الذي اقتنع بعد لأي ، غير أنه سرعان ما انشغل ، ناسياً (الموضوع) برمَّته ، فلم يعُد إليه مرَّة أخرى أبداً!
|
|
|
|
|
|