|
تخلف مع سبق الإصرار والترصد
|
اعتقد أننا كسودانيين في حاجة ملحة إلى نقد ذاتي .. نقد يحدد ملامحنا ويرينا إعوجاج رقابنا .. لنشاهد أنفسنا في مرآة ولتكن مرآة صغيرة نقترضها من حقيبة إحدى البنيات ..وسنقتنع بأننا متخلفون ثم متخلفون ..علما بأن العالم " أجمع "يعلم ذلك : المشهد الأول : أننا لا نعترف بالتخصصات والقدرات التي هباها الله سبحانه وتعالى لخلقه ،ولا نعترف بأن لكل مقام مقال وأن الرجل المناسب في المكان المناسب ولذلك أمثلة كثيرة لا تحصى .. فلم نسمع يوما أن عالما من علماء الرياضة مثلا أتيحت له فرصة الحديث عنها وقس على ذلك الكثير !! ومرة في إحدى دول الخليج أقامت سفارة السودان حفلا بهيا بإحدى الفنادق الفاخرة ابتهاجا بذكرى عيد الاستقلال أو كما ينطقها بعضنا الاستغلال ... والجماعة إياهم أعدوا المسرح والديكور بقدر ما يملكون من خبرة !! ( رحم الله المهندس الفنان هاشم ميرغني فقد كان موجودا ولكن لم تتح له الفرصة ) ولأنهم لا يفقهون في البطيخ أخطأوا في علم السودان .. فبدلا من أن يكون الأخضر مثلثا جعلوه رباعيا كعلم دولة الكويت الشقيقة فلفتنا نظرالسيد السفيرللخطأ والذي كان ساهيا ..فبهت ... وكله ماشي . وفي معرض دولي للكتاب وكانت للسودان مساحة معتبرة تتناس ومساحته التي كانت مليونا من الأميال المربعة !! و كنت حريصا ان أبدا به عشقا وصبابة ولكن .. العارض لا يمت إلى الكتاب وعرضة بصلة ،، ربما يكون تاجر شطة وويكة .. والكتب قد تكون جمعت من المكتبات المفروشة أرضا .. وكان في مخيلته أنه سيصبح مليونيرا باشتراكه في ذلك المعرض فوضع أسعارا خرافيه على أوراق مهترئة.. والنتيجة لا للاقتراب من ذلك المكان فجلس وحيدا وقد أعمى عينيه بحلقة في الذين يمرون ولا يدلفون . المشهد الثاني : تمسكنا بماضينا السحيق ..لا نريد أن نفترق عنه إلا إلى الخلف .. ودوما شعارنا لا للتطور ففي سبعينيات القرن الماضي لعب منتخب السودان مباراة في كرة القدم ضد الفريق العماني وفاز عليه بستة عشر هدفا وفي التسعينيات أي بعد عشرين سنة فاز العمانيون بهدفين .. وعندما أقول لابنائي أن الخرطوم كانت تسمى جوهرة أفريقيا .. أراهم ينظرون إلي بإشفاق وأجزم .. أن لسان حالهم يقول ... بابا خرف . المشهد الثالث : لأننا لانجيد فن العرض .. ونعتبرذلك من البزخ والترف والإسفاف المعيب .. فلا يهم أن نضع المانجو في كرتونة صابون ونصدرها ... (Recycling ) .. أحد الأصدقاء الخليجيين كان في زيارة للسودان وأعجب بعصير الليمون والكركدي ومرة توقف أمام كشك على الطريق ليروي ظمأه بعصير الليمون ... البائع كانت أمامه حلة كبيرة لإعداد الليمون ... وضع كمية من السكر في الحلة الممتلئة ليمونا .. وشمر عن ساعده جعلت صديقنا يخطوا خطوات إلى الخلف.. ولكن البائع أدخل ساعده في الحلة الكبيرة والليمون قاب قوسين أو أدنى من إبطه وظل يسوط ويمرص الليمون مرصا ( والدابي سمو ما بيكتلو ) المشهد الرابع : هو أننا مدعون موهومون نضع أنفسنا فوق قمة كل هرم .. فندعي العروبة ونتمشدق بها أكثر من أهل جزيرة العرب ، في حين أننا نخطئ في مخارج حروف اللغة العربيية ناهيك عن الأسباب الأساسية الأخرى ، و ندعي أننا اصحاب المشروع الحضاري والسودان سيكون إشعاعا ومنارة للعالم " أجمع " ناسين أننا ولوقت قريب في مدن السودان المختلفة وفي بعض المناطق حتى اللحظة " نفسح الخراء " كما يقولها المصريون ( تريقة ) ... رجل وفي كامل قواه العقلية والجسدية يحمل الجردل إياه وعلى الرأس .. ويا له من رأس .. يتبختر بجردله في الأزقة والحواري والشوارع الرئيسية وأحيانا يترنح ...حسب حالة السوق وغلاء المعيشة ... وننادي بكرامة الإنسان وحقوقه . المشاهد كثيرة ولنبحث في ذاتنا لنكتشف أنفسنا أكثروأكثر...والسؤال الذي يفرض نفسة .. هل العيب فينا كشعب ؟ أم في الذين إبتلانا بهم الله حكاما ؟ أم في بنادقهم التي توصلهم إلى رحاب القصر الجمهوري الذي بناه الإنجليز ؟ نحن يا سادة متخلفون مع سبق الإصرار والترصد .إلى أن يستبدلنا الله بقوم غيرنا ثم لا يكونوا امثالنا .
|
|
|
|
|
|