|
رحيل النوار خلسة أو علي المك وجيله بقلم دكتور عثمان الجعلي
|
رحيل النوار خلسة أو علي المك وجيله
الحلقة الاولى
د. محمد عثمان الجعلي
وطني
سيان قربي في الهوى وبعادي
وقفا عليك وان نأيت فؤادي
ومثار اهوائي واصل رشادي
يا دار عاتكتي ومهد صبابتي
واديك كم للعبقرية واد
كم في سمائك للنبوغ وفي ثرى
من حاضر بين القلوب وبادي
ايه فديتك يابلادي آلفي
كودائع لك في السحاب غوادي
فعلي كلا الحالين نحن ودائع
خفيت عليهم منك بيض ايادي
رعيا لآباء قضوا شوقا وما
فرضوا عليك بنوتي وقيادي
انزلتهم نزلا بتربك بعد ما
حبا يفيض قوي لغير نفاد
لك ذا الفؤاد يكن في اعماقه
الا غلالة ذي هيام صاد
والام انت وما حنانك بيننا
كانوا بطلعتهم ربوع بلادي
وافي الربيع وفي ربوعك فتية
زهر الكواكب للعيون بوادي
زهر كان وجوههم من نبلها
وبنو الجزيرة حيث مجد اياد
ابناء العرب حيث مجد ربيعة
نبتت رماحهم مع الاجساد
متشابهون لدى العراك كأنما
صارت تصان وديعة الاحفاد
لبسوا الجديد علي القديم وهكذا
خليل فرح
شئ من قبيل التوطئة
زار النائح الصائح اركان الدنيا ذلك الصباح المتشح سوادا لينقل لاهل السودان المقيمين منهم والظاعنين ان البروفيسور المرحوم علي المك قد غادر الفانية، نقل خبر موت من هو في قامة علي المك يصير طقسا احتفاليا عند اهلي الشايقية، هؤلاء القوم يعرفون للموت كما يعرفون للحياة، بل ويقدمون عليه عند الملمات كما يقدمون علي الحياة عند الرخاء، لدى وفاة مكوكهم وكبارهم تنصرف النساء لجمع رماد الحي يأتون بنقارة «حوش» من نواحي الزومة والدهسيرة وبنحاس ود الباشا وبما توفر لدى احفاد ود الكرسني الحر الجاب حرارتا نيران جمر يخرجون سيوف اولاد حليب في مساوي وسيوف اولاد بشير اغا في القرير في غمدها، يقومون بكل ذلك وقد اركبوا اربعة من فتيانهم الاشداء ذوي الاصوات الجهيرة انجب حميرهم واعلاها، يتصاحيون عند كل حي وفريق: الله الحي الله والدايم الله.. علي ود المك راح في حق الله.. تلتفت عجوز ذهب الدهر بسمعها الى ابنتيها متسائلة: المات مينو؟ وقبل ان ترد عليها وقبل ان تعرف هوية المتوفي تبكي مرددة: واشريري واشريري.. ياكناني ويا ودبطني
نعي الناعي علي المك فطفقت النفس تسأل الله له الرحمة ولآله واصدقائه الصبر والسلوان، ثم كان ما يكون عادة من استرجاع بعض العبر، ولعل الموت وصورته تبدو اكثر قتامة والحزن اكثر عمومية عندما يكون المتوفي في مثل عطاء علي المك وتكون وفاته في اقاصي الدنيا وقد تبعثر عارفو فضله وعلمه بين الدنيتين القديمة والجديدة فيما كانت تعبر كتب الجغرافيا
ما ستطالعه سيدي القارئ هو حديث جرى عفو الخاطر تماما حديث تسرب من مداد القلم كلمات وتراكيب وجمل اخذت برقاب بعضها بعضاً فاذا هي قد استوت فقرات.. شدت الفقرات من ازر بعضهن وتقوين فاذا الفقرات بأمر ربك مطالب ذات بداية ونهاية فتأمل..! وتجمعت المطالب فاذا هي فصول ذوات صدور واعجاز، وابت الفصول الا ان تخرج جماعة فما منعناها، ولعلها صادقة، فليس مبعث هذا العمل علاقة خاصة بالراحل المقيم، وانما عناني من امره ما عني كل من اهتم بالشأن العام السوداني من حيث
|
|
|
|
|
|