|
بنات الشوارع
|
آمال عباس قلت ان ظاهرة «بنات الشوارع» ظاهرة من ظاهرات الاسقاطات السلبية للسياسات الاقتصادية والاجتماعية التي ركبت الانقاذ رأسها وأبت أن تتعامل معها من خلال مردوداتها السلبية التي تزداد يوماً بعد يوم .
ظلت جماهير الشعب السوداني تتململ من آثار هذه السياسات التى أدت الى رفع الدعم من ضروريات الحياة .. الدواء والخبز والكهرباء والمياه وتحولت غالبية الشعب الي حياة دون خط الفقر بشهادة احصاءات مركز الدراسات الاستراتيجية الذي قال بأن نسبة الفقر بلغت حداً مخيفاً وامتلأت الطرقات بالمشردين والمشردات والمستولين والمتسولات وان كان تشرد الاولاد يدفع الي المجتمع بأشخاص حاقدين علي كل شئ على أوضاعهم وعلي الذين حولهم ويحولون هذا الحقد الي تجاوزات تتمثل في الاعتداء علي أمن المجتمع بالسرقة والعنف ولكن تشرد البنات يدمر الخلايا الحية في النسيج الاجتماعى في عموميته ولنتخيل مجتمع عدد مقدر من أمهاته نشأ فى الشارع وعدد مقدر أيضاً من أفراده ولد في المجارى وتربى فيها وسط أم ضائعة مدمنة وأب ضائع ايضاً ومدمن وفي مجموعة بعد أن كانت تشكل استثناء اصبحت قاعدة نعم أصبحت قاعدة .
اذكر أننى في عام 1979م عندما ظهر بعض الاطفال يتسولون في السوق الكبير في الخرطوم عندما كان للخرطوم سوق للحمة والسمك والخضار والقفاف أذكر أننى كتبت في صحيفة الأيام منزعجة ومنبهة وزارة الشؤون الإجتماعية لهذه الظاهرة وقلت أنهم الآن أطفال يتسولون ويتقافزون في براءة الطفولة لكن تخيلوهم بعد عشرين أو خمسة وعشرين عاماً وقد أتت العشرين أو الخمس والعشرين وها نحن نجنى ثمار المر .
تململت الجماهير من الكيفية التى نفذ بها الحكم الاتحادي الذي كان حملها في تقليص الظل الإدارى وتمكينها من إدارة شؤونها بنفسها تنفيذه بتلك الصورة التى أفقدتها حتى الخدمات اليسيرة التي كانت تحصل عليها في شفخانة أو عيادة بيطرية او بير أو مدرسة أولية وتحول الحلم الي ست وعشرين ولاية مع مئات الوزراء والمحافظين والعربات والهواتف السيارة والي عشرات الولاة .
سنوات حكم الانقاذ عاشتها جماهير الشعب السوداني تحت خط الفقر وسط عجز الحكومة عن أن تتحمل تكاليف الحرب التي ورثتها في الجنوب وتوسعت في عهدها وشملت الشرق والغرب وجنوب الفونج زائداً قاتورة أجهزة الدفاع والشرطة والأمن .
ظلت الغالبية الساحقة في السودان تشهد اختلال التوزان الطبقى وتراقب صعود القلة وانسحاق الغلبة لأن سياسات التحرير إستطاعت أن توفر كل شئ فى الأسواق والبقالات للقادرين علي الشراء ولكنها فشلت تماماً فى أن تلجم جموح الاسعار أسعار الضروريات وتوفر للانسان السوداني قوته ودوائه وتعليمه بالثمن الذى يستطيعه أو يتعب في سبيله قليلاً يعتب ولا يعانى .
هذا كله جاء كتداعيات لذاك الخبر الذي ورد في ألوان يتحدث عن ما قامت به منظمة حسن الخاتمة التي دفنت في يوم واحد عشرين جثة لحديثي الولادة ظلوا بمشرحة مستشفي الخرطوم بعد أن تم جمعها من الطرقات والمستشفيات وتداعى ذهب الي المشردات التي تقول الدراسات أن أربعة آلاف مشردة بالخرطوم 600 منهن يقمن بصورة دائمة في الشارع .
والخلخلة والتململ لا تجدها في حالة بنات الشوارع فهناك ظاهرات كثيرة وكثيرة جداً عمليات الترقيع والعلاج المجزأ سواء أتى عن طريق المبادرات أو عن طريق دانفورث لا تجدى والامر يحتاج الى حرث جذرى الى تغيير كامل وشامل وسودانى
|
|
|
|
|
|
|
|
|