أربعـــون ... ونشالــون

يلاحظ أن النسبة الأكبر من السودانيين الذين المهاجرين قد خرجوا من السودان في منتصف الثمانينات ، وهي نسبة كبيرة جدا . وبعملية حسابية بسيطة اذا كان المهاجر خريجا جديدا يعني عمره 24 سنة فيكون قد قضى نحوا من 16 عاما الآن خارج السودان (أو يزيد) يعني أصبح الآن في الأربعين من العمر ودي عملية خطيرة جدا . طبعا معلوم أن الغالبية العظمى ظلت تجابد لسنة أو سنتين أو أكثر من أجل العمل اللائق ، ثم ترضى في نهاية المطاف بأي عمل (ما يسد الرمق) . بعض من هؤلاء الناس (ناساً حالا زين) قد توفق في عمل مناسب في مجال تخصصه ، تزوج وبنى البيت بكل احلام الرومانسية ، وأنجب . والبعض الآخر ..

هذا الكم الهائل من البشر عليه الآن أو بعد حين العودة إلى تراب الوطن يحمل على اكتافه حصاد الغربة من شقا وضنى ومشاكل قام بحلها لناس آخرين ومشاكل خلقها لنفسه ومشاكل في الانتظار . لكن ما لم يتنبه له الناس أن هذه الشريحة البالغة من العمر أربعين وعند عودتها إلى السودان ما لم تنخرط في عمل بسرعة للاستفادة من خبراتها المتنوعة (في مجال الحياة والعمل) فان العمر سيجري مرة أخرى . وكما خرج وهو خريج جديد يافع طري ووجد نفسه رغما عنه في أتون الغربة التي قذفت به في غياهب الكهولة ، فسيجد نفسه (لا محالة) على سلم الخمسين وما أدراك ما الخمسين التي بعدها الستين ، ويا دنيا عليك السلام .

ألا ترون معي (أعني أهل هذه الشريحة) أننا اتنشلنا في شبابنا وبقينا كهول في انتظار الشيخوخة رغما عنا ؟؟؟ نسأل الله حسن الختام