|
|
 حوار مع المخرج السورى نجدة اسماعيل انزور
|
_ فتح النار على "الحاج متولى" :
_ المخرج السورى نجدة انزور ل "الزمان" : ليس مطلوبا منى تحرير القدس
_ بعض النقاد يعانون من ضعف جنسى
_ التنافس بيننا وبين المصريين حرب اقتصادية
_ سأقدم اعمالا للماغوط وونوس
_ يوسف شاهين لم يقدم سوى العصفور
حاوره فى الرياض _ خالد عويس
نجدة اسماعيل أنزور واحد من المخرجين الذين عرّفوا بالدراما السورية وجعلوا لها موطىء قدم وسط تنافس حاد بين نتاجات مصر والخليج والمغرب العربى الفنية ، تفرّد بتقديم لون تاريخى جديد غير مقيّد بزمكانية محددة مما خلق تساؤلات وفجّر جدلا واسعا ، ثم عاد مؤخرا ليصنع تماسات مباشرة مع الحلم العربى ممثلا فى "صلاح الدين" ، "الزمان" واجهت انزور فى حوار لم يخل من حدة صبغت اقواله ومهرت اسئلتنا لمحاكمة انزور فنيا وفكريا هذه المرة
"الزمان" : المشهد الدرامى العربى فى تراجع ، البعض يلقى باللائمة عليكم صنّاع الدراما ؟
"انزور" : لعلك تعنى النقاد ، انا اهتم كثيرا بمن يقيّم الدراما العربية اذا كان هذا التقييم متخصصا ، لكن لكى نكون منصفين فان التراجع مكرّس فى كل واقعنا العربى ، هل اقتصر التراجع على الدراما وحدها؟ الذين يعملون فى الدراما لم يأتوا من كوكب آخر ، هم من نفس المجتمع ، بل من صفوته ، صحيح ان كثيرين من غير الاسوياء تسللوا الى الفن واثّروا سلبا على المشهد ، ومن الخطأ تعميم حالاتهم على الوضع العام ، ولابد ان نحكم على مسيرة كل مبدع على حدة ، يعنى محمد فاضل مثلا ، هذا الرجل قدم مجموعة من الاعمال المتميزة والملتزمة لكنه بدأ يتراجع وانا اكيد من ان الخلل مرتبط بمحيطه الانتاجى ، لأن المحيط الانتاجى فى مصر تحوّل للأسف الى ماكينة "كخلاطة المولينيكس" توضع فيها الاشياء لتطحنها وتؤدى مهمة توزيعها ، عموما دعنا نقول بأن العالم العربى ينتج كل عام 50 عملا دراميا ، على الاقل بامكاننا فرز 10 اعمال جيدة ، وبذا يمكن القول بأن وضع الدراما جيد ، لأن الكيف هو الاهم وطالما ان الكيف متوفر فعلام نبحث عن ارزاء الكم ، اما اذا تفرّد عمل واحد من جملة 50 فتلك كارثة ، وينبغى ان نركّز على تراجع كل فنان على حدة بتحليل تاريخه الفنى ومعاينة الاسباب السياسية والاقتصادية حوله ، اضافة للاحباط العام الذى اصابنا جميعا بشكل او بآخر ، نحن نعيش "قمة عدم التوازن" لا نستطيع الخوض فى الغد ولا الراهن لأنه غير واضح المعالم ، فقط نستطيع التوغل فى الحديث عن ماض "منيّل بستين نيلة " ، علينا يا عزيزى ان ندعم العمل الذى يحتوى على نسبة نجاح 20 _ 30 % لتطويره بدلا من نحر صاحبه حتى ينتهى به الامر للبحث عن عمل آخر .
"الزمان" : يبدو ان نجدة لديه ما يقوله حول الراهن لكنه يهرب الى الفنتازيا ليتستر وراءها ؟
" انزور" : هناك خطأ شائع ، لست مخرجا للفنتنازيا ، انا ابتدعت هذا اللون وقدمت مجموعة من الاعمال ثم توقفت بناء على طلب الناس ، اما اذا عدت الى بداياتى فقد كانت ملتزمة بالقومية والبيئة المحيطة بداية ب "نهاية رجل شجاع" و "اخوة التراب" و" الموت القادم الى الشرق" نهاية ب "البحث عن صلاح الدين" ، صحيح اعشق الفنتازيا ، لكنها كانت مرحلة خامرنى خلالها شعور بضرورة اللجوء الى الخيال لعدم قناعتى بالواقع .
"الزمان" : هذا رأى غريب وجديد ؟
"انزور" : نعم .. هذا هو الواقع
"الزمان" : عدم قناعتك بالواقع كان ينبغى ان تنعكس من خلال رصدك له ؟
" انزور" : حاولت من خلال اعمالى القيام "بانقلاب" فى التلفزيون بشكل او بآخر بقناعة اذا كانت هذه هى نتائج الاعمال الواقعية فلنعمل اعمالا غير واقعية ولنضع فيها ما نريد .
"الزمان" : هل تقصد ان الواقع نفسه غير واقعى ؟
"انزور" : ووصلت الى نتيجة مجدية ، اتهمنى نقاد اسرائيليون بأننى اكرس من خلال "الموت القادم الى الشرق" لنازية عربية جديدة ، وطالما ان الفنتازيا اثارت الصهيونية فدعونا نقدم فانتازيا .
"الزمان" : نلمح فى اعمالك اشارات حرية بالتمعن فى هذا الشأن ؟
" انزور" : لا تطلب الى الفنان ان يكون كاتبا ، الفنان برأىّ لون يعشق لون ، انا اشتغل على حس عال جمالى وتشكيلى ، وليس مطلوبا منى تحرير فلسطين ، فأنا مبدع وملتزم بتقديم اعمال لا تتناول الجنس ، اعمالى تحوى معانى تصب لجهة المجتمع والاجيال القادمة بتنميتها الحس الجمالى .
"الزمان" : بعض النقاد يتهمونك بتعرية الفتيات والبطلات اللائى يعملن معك بأكثر من اللازم ، كيف ترد على هذا الاتهام ؟
"انزور" : هؤلاء ضعيفون جنسيا ، كيف لا يرون فى العمل غير هذا الجانب ، مؤكد اصابتهم بخلل جنسى فلديهم مشكلة فى هذا الجانب ،سأعطيك مثالا ، فى "نهاية رجل شجاع " يختفى مفيد الوحش ، فتأتى حبيبته "لبيبة" الى امه التى ما فتئت تبحث عنه ، وتهديها الام شالا حريريا قديما اخرجته من صناديق مخبوءة ونفضت عنه غبار الزمن فى اشارة لمعان كثيرة ، نحن فعلا فى حاجة لازالة الغبار عن اشياء كثيرة .
"الزمان" : كصلاح الدين ؟
"انزور" : انا لم ابحث عنه تحت الغبار ، ولا يعنينى الا كقائد احترمه ، يعنينى نهجه ، وقلت ما اردت قوله على لسان صلاح الدين خلال مهرجان الجنادرية فى اوبريت العروبة وفى وجود ولى العهد السعودى موجها خطابى الى جميع الزعماء : " هذا السيف ينتظر من يشهره بعد تسعة قرون ونحن مع من سيشهره "
الزمان" : انت مهتم بفكرة البطل "الفرد" ، الا تعتبرها جناية على الفكر العربى برسمك صورة ما عادت تتلاءم مع المعطيات الحديثة والبناء الجماعى ؟
"انزور" : انا ابحث عن نهج ، واقول ان صلاح الدين موجود حتما بين اجيالنا اذا تعلموا بشكل جيد وسلحناهم بدروس الماضى ونستطيع ان نوجد عشرات "صلاح الدين" ممن لا يقبلون الهوان وسيتحقق النصر على ايديهم بأقل الخسائر الممكنة .
"الزمان" : محمد الماغوط رقم ضخم فى الكتابة العميقة لماذا لم تستعن به فى اعمالك ؟
"انزور" : هو لا يكتب تلفزيونيا ، انما كتب للمسرح اضافة لدواوينه ، وافكر فى الاستفادة من نصوصه واعماله ، وقد اخترت عملا لسعدالله ونوس هو منمنمات تاريخية حولته الى مسلسل تلفزيونى عالجه الزميل رفيق كوكش وهو جاهز للعرض .
"الزمان" : تفجرت قضايا كثيرة بينك وبين المخرجين والنقاد المصريين توّضحت من خلال معارك اعلامية مكشوفة ، هل تعزو السبب الى التنافس بين الدراما السورية والمصرية ؟
"انزور" : التنافس بيننا هو اقتصادى محض ، اتخذ شكل الحرب الاقتصادية ، ليس هناك تنافسا فنيا بيننا ، فهذا المستوى من الاعمال ليس محل منافسة ، نحن سبقناهم تقنيا برغم امتلاكهم التجربة والجماهيرية والتراكم ، لكن للاسف رأيناهم فى رمضان 2001م والانتفاضة فى ذروتها والعالم العربى يغلى يقدمون اعمالا " كالحاج متولى" ، انا لا ساتطيع منافسة هذه النماذج ، ولا هذا الفكر لأنه يساهم فى تغييب المواطن ، انا ابحث عما يفيد المجتمع دون تنظير .
"الزمان" : لكن بعض اعمال يوسف شاهين تتميز بجرأة فى الطرح على مستوى الفكر ؟
"انزور" : اسمح لى ، اشكالية شاهين كامنة فى ارائه الذاتية وغموضه ، واعتقد انه لم يقدم من "العصفور" الى الآن فيلما سينمائيا واحدا
"الزمان" : سبقتما _ انت وحاتم على _ المخرج السورى مصطفى العقاد فى اخراج صلاح الدين رغم انه كان يتحدث عن فيلم عالمى بتمويل ضخم يوازى الرسالة وعمر المختار ؟
"انزور" : اولا من ناحية المبدأ لن يفيد صلاح الدين شيئا فى هذا الوقت ، هل تعتقد انهم فى الغرب سيقبلون عليه مع الحساسية التاريخية المتولّدة عن الحروب الصليبية ، ثانيا اين سيعرض مثل هذا الفيلم الملىء باستعراض العضلات الاسلامية والعربية وكل شركات الانتاج فى العالم غير معنية بمثل هذا الامر ، بل ستحاصره ، مشروع العقاد مبنى على فكرة خطأ من الاساس .
"الزمان" : لماذا هى السينما السورية اقل شأنا من الدراما التلفزيونية ؟
"انزور" : العاملون فى مجال السينما غير العاملين فى مجال التلفزيون ، ولهم رؤاهم واساليبهم اضافة الى ان السينما لم تخصخص الامر الذى يضعف التمويل وغيره .
"الزمان" : هل تعتقد بأنكم افلحتم فى المعالجات التاريخية واخفقتم فى القضايا العصرية ؟
"انزور" : اهم ما يميّز الدراما السورية انها لا زالت تدافع عن القومية العربية ، فتربيتنا هى تربية قومية لا فرق عندنا بين اردنى وليبى ، ونطلق على المسلسل المصرى مسمى " المسلسل العربى " ، وكل اعمالنا تصب فى هذا المنحى ، اذ ان البعد القومى بعد مهم ، فى اعمالنا تجد فنانين من الخليج والسودان ولبنان وهذا دليل على قومية الفكر السورى ، وانتشار المدرسة السورية فى الدراما زعزع مكانة الدراما المصرية
"الزمان" : على مستوى الدراما تشكل سوريا ومصر والخليج ولبنان حضورا مهما بينما تهمش الاعمال المغاربية ، هل هذا نوع من استمرارية القطيعة الثقافية بين المشرق والمغرب العربيين ؟
"انزور" : هذا سؤال يوجه للمصريين . فى " آخر الفرسان" ممثلون مغربيين يتحدثون بلهجتهم وسودانيون يتحدثون بالعامية وصينيون كذلك لتوصيل فكرة نبيلة هى ان بامكان ذلك البدوى المستظل تحت خيمته الممتشق سيفه التواصل حضاريا مع الشعوب كافة .
" الزمان" ربما كان قصدى من السؤوال ان استشف رأيك حيال الدراما فى دول المغرب العربى ؟
"انزور" : صدقنى الدراما المغاربية سابقة على الاقل فى مجال السينما ، كلما قادتنى قدماى الى باريس طالعتنى دعاية لفيلم جزائرى او مغربى او تونسى ، اين الفيلم السورى ، بل اين الفيلم المصرى ؟ فى المغرب هناك حوار حضارى يولّد حالة ثقافية ، اعتقد ان عدم الاستقرار السياسى بين الشطرين هو السبب فى حالة القطيعة التى تراها .
"الزمان" : هل ستخرج عملا مباشرا عن الراهن الفلسطينى ؟
"انزور" : كلا ... ما يحدث اكبر من اى مسلسل واعظم من اى فيلم ، قناة الجزيرة تطلعنا يوميا على مناظر القتلى ، الاهم كيف نقدّم انفسنا الى الغرب ، لأن صورتنا هناك رسمها العدو وهى صورة وحشية ارهابية
، والواجب اعادة النظر فى طريقة تفكيرنا وتعاملنا مع العلم ابتداء بالتلميذ وانتهاء بالمعلم لكى نكون امة متطورة وتحضرة ، انتشرت مقاهى الانترنيت لدينا فى سوريا فى فترة قياسية وحصلت عملية امتصاص معلوماتى والآن بدأت عملية الافراز ، وعلى الجميع ازالة العوائق امام هذا الجيل الصاعد لتحقيق الذات .
"الزمان" : كيف ترصد تطور الدراما فى منطقة الخليج العربى ؟
"انزور" : هناك تفاوت ، ففى الكويت مثلا نلحظ نشاطا فنيا مكثفا بعكس باقى الدول الخليجية للأسف الشديد ، برغم الرفاهية المعاشة فى الامارات والسعودية ، لكن تبقى عوائق كثيرة ، والمطلوب من الدول الخليجية انعاش المسرح ، ومن ثم انعاش التلفزيون بحيث تطون المعطيات الفنية فى كل عام ثلاثة مسلسلات على الاقل ، واكرر اسفى بشأن التركيبة المصرية فى الاعمال الخليجية ، فمعظم المخرجين الخليجيين درسوا بمصر وتشربوا المدرسة المصرية لذا فهم يطبقونها بحذافيرها ، لكن علىّ ان اهنىء الشباب المثابرين فى " طاش" الذين نجحوا فى فرض شخصية فنية مغايرة .
"الزمان" : اذا كان "العراق" حاضرا فى المشهد الدرامى العربى بكل مخزونه الحضارى وارثه الثقافى ، هل تعتقد بأن التنافس كان سينحصر بينكم وبين المصريين ؟
"انزور" : كان للعمل العراقى حضوره قبل حرب الخليج ، بعد الحرب اصبح الوجود الاكبر للدراما السورية ، وبالطبع فان الاسباب سياسية فى المقام الاول ، فهى تتحكم فى كل شىء فى المنطقة .
"الزمان" : سؤال اخير نجدة ، د. نجم عبدالكريم هاجم اوبريت الجنادرية ووصفه بالضعف الفنى ذلك اثناء حوار بث من خلال فضائية ART ؟
"انزور" : والله انا لا اعرف الرجل من قبل ، الا حين اطل من ART ليهاجم الاوبريت ، عموما كل انسان حر فى ارائه ، لكننى لم اسمع به من قبل .
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست