من خطف الإسلام ؟

منذ الحادي عشر من أيلول والاسئلة تطرح حول علاقة الولايات المتحدة بالحركات الاسلامية، وحول موقفها من الدين عامة، والدين الإسلامي خاصة، وعلى وجه الخصوص، ضمن خططها للمنطقة العربية والاسلامية بوجه عام! كي لا نقول استراتيجيتها!

تعود هذه العلاقة إلى الحرب الباردة بين السوفيات وأميركا لدى نهاية الحرب العالمية الثانيه.ولعل أول من عبر عنها بوضوح، فوستر دالاس وزير خارجية الولايات المتحدة في عهد أيزنهاور، فقد كان يبشر دائماً، ويردد في أكثر من اجتماع، خاصة اجتماعات مجلس الأمن القومي، >أن الدين هو السلاح ضد الشيوعية<. كما أن أخاه ألان دالاس، رئيس المخابرات المركزية في العهد نفسه، كان يعتمد على سلاح الدين ضد >تهديد< الإلحاد، أي الشيوعية!

كانت واشنطن تخشى تفشي الشيوعية، واليسار عامة في البلدان الممزقة سياسياً، والتي تعاني من ظروف اقتصادية صعبة، فقد كان النموذج السوفياتي في أطروحاته عن المساواة في فرص العمل، وتوزيع الموارد، وحق العمل، الخ.. كان هذا النموذج - في المنظار الأمريكي- يشجع على تبني الشيوعية حركة استراتيجية باتجاه المستقبل. لذلك رأت أن الدين هو الوازع الحقيقي ضد الشيوعية، ولا يعني ذلك أن الإدارة الأمريكية شديدة الإيمان، أو على الأقل، تعنى بفهم الدين، وأحكامه! كانت تريد تسخير الدين لتنفيذ خططها، وكانت تهتم، على نحو خاص، بتقوية تلك العلاقة بين المتدين والموروث، اذ شجعت >أفضل الدين، أي العودة إلى الأصول واستعادة القديم<.

وقد دأبت واشنطن على إيجاد أحلاف >حلف بغداد، الحلف المركزي..الخ< وكلها تنتظم بلدانا إسلامية، عمادها باكستان، إيران، تركيا، العراق (إيران قبل سقوط الشاه، والعراق قبل حركة 85 الانقلابية). وقد ضمت إلى بعض الأحلاف، مصر في عهد السادات، والسعودية >باعتبارها موطن الاسلام الأصلي والأصولي< في مابعد.

ولعل الحلف الاسلامي، أحدث الأحلاف، الذي خلقته واشنطن، كان أكثر الأحلاف توطيداً لخطط الادارة الأمريكية، لأن في الامكان توسيعه ليشمل غالبية الدول الاسلامية! وهو اليوم: المؤتمر الاسلامي (عدو الاسلام والمسلمين واقعياً). وكانت واشنطن تركز دائماً على باكستان لأن الدين لديها هوية، وكانت تستخدمها ضد أي تقارب بين الهند وموسكو، غير مقدرة أن هذه العلاقة بين الدين والدولة يمكن أن تتحول إلى أداة ضد أمريكا بالذات، وهذا ما حدث خلال حرب واشنطن ضد أفغانستان، فقد كاد التيار الاسلامي يطيح ببرويز مشرف لتعاونه مع أمريكا، ويبدو أن هذا المحذور لم يُزل تماماً!

وقد استعانت واشنطن بالمال السعودي،وبالرجال الشديدي الإيمان للتغلغل ضمن جمهوريات الاتحاد السوفياتي المسلمة، كما سهلت مهمة المتحمسين دينياً في الوصول إلى افغانستان لمحاربة القوات الشيوعية التي دخلت افغانستان، ومن جملة هؤلاء بن لادن، ومجموعة كبيرة من السعوديين، شكلوا في ما بعد: حزب القاعدة.

كما اعتبرت واشنطن دخول السوفيات أفغانستان، وقوعاً في فخ نصبه الأمريكان، قبل أكثر من ستة أشهر من الحدث. وحتى لا تظهر للرأي العام بمظهر المتدخل مباشرة، كانت تحمل السعودية على شراء السلاح السوفياتي من الدولة الشيوعية أو العربية التي تسلحت بالسلاح السوفياتي!

وهكذا فان امريكا التي شجعت الحركات الاسلامية على محاربة الشيوعية، تحارب الآن هذه الحركات تحت عنوان: محاربة الارهاب، مستعينة بالدول الاسلامية نفسها، ضد أبنائها أحياناً.