|
كل يا كمى قبال فمى -- جدلية المظهر والجوهر
|
تقرأ المقولة، كل يا كمى قبال فمى، بضم الكاف فى كل وفى كمى، وهى كما يعرف الجميع من مقولات حكيمنا الشامخ، الشيخ فرح ود تكتوك، راجل مكوار، فقيه زمانه وحكيم أوانه والقصة كما تروى فى محتواها المبسط، أن شيخنا حضر لوليمة عند أحد علية القوم، وكان كعادته دائما متقشفا فى كل شئ، وثيابه التى كان يرتديها كانت العنوان الأبرز لذلك الزهد حضر الشيخ لمكان الوليمة بهيئته تلك، ولم يكن نصيبه سوى الإهمال التام، أدرك بفطنته النادرة مغزى ذلك التصرف، فذهب وارتدى أزهى وأجمل ما لديه من ثياب وحضر ثانية لمكان الوليمة، فما كان من اصحابها إلا أن أوسعو له المكان والطعام، واحاطوه بهالة من الإحترام الأجوف، وعند الطعام أدخل الشيخ فرح كم جلبابه فى الطعام وقال القولة الشهيرة والتى اضحت حكمة خالدة على مر الزمان، كل يا كمى قبال فمى، دلالة على أن من كان جديرا بالتقدير هو ملبسه وشكله ومظهره وليس جوهره
سقت المقدمة والحكاية أعلاه، لأعود لواقع معاش اليوم رأيته ويراه بل ويحسه الكثيرون منا اليوم، على الأقل فى أوساط مجتمعاتنا السودانية، وقد لاحظت هذا السلوك الخاوى فى احدى المناسبات اثناء اجازتى المنتهية هذا العام، وكنت اراقب واسجل واتحسر، ولا داعى لشرح النماذج والمشاهد، فالمعنى معروف
لازلنا اسرى لجدلية المظهر والجوهر، خاصة وقد سيطرت انماط الحياة الإستهلاكية الفارغة على كل نواحى الحياة اليومية المعاشة، وتفوتت تبعا لذلك المعايير السلوكية والأخلاقية، واصبح الميزان واحدا والمكيال بحجم موحد
المصريون هم أبرع الناس فى تلخيص واستنباط العبر والحكم والأوصاف من النماذج المتشابكة مثل هذه، ويعجبنى منهم فى هذا المقام وهذا المعنى قولهم،
من بره هالله هالله ومن جوه يعلم الله
وهذا لعمرى ملخص فى غاية الذكاء لموضوع شائك وعريض وعميق من الجدلية المستمرة والتناقض بين المظهر والجوهر، وانعاكاسات ذلك، إجتماعيا وثقافيا وسياسيا وحتى دينيا وهذا هو الأهم والأخطر
تحضرنى أيضا رائعة وقصيدة شاعر الإنجليز الفذ المجدد، تى إس إليوت، والتى عنوانها الرجال الجوف، وسوف اقوم قريبا انشاء الله بترجمتها كلها ونشرها هنا لما تحتويه من وصف صادق وفعال لنماذج من البشر كالطواويس شكلا، ولكنهم خواء خواء من الداخل
فهل نركن للشكل ونركز عليه، مع عدم انكارنا لأهميته البالغة، ولكن
ومن لكن هذه، يبدأ السؤال
ما هو رأيكم؟؟؟؟؟؟
|
|
|
|
|
|
|
|
|