|
الديمقراطية والدكتاتورية
|
Mahjoub Errwa "Rayaam Newspaper" Email: [email protected]
يدور نقاش كثير في المنتديات ايهما افضل: النظام الديمقراطي أم النظام الديكتاتوري السلطوي الشمولي؟ وأنا مقتنع انه مهما كانت اخطاء الديمقراطية وبطئها فيجب الاّ ينخدع الناس بالدكتاتورية تحت شعار الانجاز والحسم.. فالديمقراطية كما كتب المرحوم مصطفى أمين في فكرة هي: (شعب يراقب وبرلمان يحاسب وصحافة تنتقد.. والديكتاتورية هي شعب يهتف وبرلمان يصفق وصحافة ترقص..
الديكتاتورية هي زفة لا تنتهي وطبول لا تسكت ومزامير لا تتوقف.. والديمقراطية هي بحث ودرس وعلم وخبرة وحوار ونقاشات..
الديكتاتورية هي اقواس نصر تقام و اعلام تخفق وثريات تتدلى.. والديمقراطية هي اسئلة واستجوابات ولجان تحقيق برلمانية ومبارزة افكار تعلن على الشعب..
في الديمقراطية أيدٍ تعمل وتبنى وتنشئ وتكتب وتخطط، وفي الديكتاتورية الأيدي مشغولة بالتصفيق والحناجر تدوي بالهتاف والشوارع غاصة بالمظاهرات والمكاتب مغطاة باللافتات ولا وقت عند الحكام للتفكير فإن اي رأي يموت في ضوضاء الطبول والزمور. الحكم الديمقراطي يحتاج الى علماء وخبراء ودارسين وباحثين والحكم الديكتاتوري لا يحتاج إلاّ الى قارعي طبول والى منظمي مواكب والى نافخي المزامير.
الحكم الديمقراطي فيه مقاعد لآلاف القادة ولآلاف المفكرين ولكن الحكم الديكتاتوري لا يحتاج الاّ الى رجل واحد هو القائد الاوحد والمفكر الأوحد، يبرز اسمه وتختفي كل الاسماء.
تظهر صورته وتسحب كل الصور.
هو الرقم وكل من حوله اصفار.
هو العملاق وكل رجاله اقزام.
هو اللسان وغيره أبكم لا يتكلم.
هو الذي يرفع رأسه وينكس الباقون رؤوسهم، هو الحر الوحيد وكل شعبه من العبيد الارقاء.. من يخالفه فقد خان الوطن ومن يسكت على جرائمه فهو الوطني المخلص الصميم.
الحكم الديمقراطي جنة للشعب وجحيم للحكام، والحكم الديكتاتوري جنة للحكام وجحيم للشعب. الحاكم الديمقراطي يفكر قبل أن يقرر والحاكم الديكتاتوري يقرر ثم يفكر. الحاكم الديمقراطي يستأذن الملايين ليعرف رأيها والحاكم الديكتاتوري يفرض رأيه على الملايين، لا يهمه رضيت أم سخطت، فهو قادر أن يخرسها بالكرباج وان يضعها كلها في سجن كبير.
ان الحاكم الديكتاتوري أشبه بلص دخل بيتاً وأغتصبه، يقيم فيه خائفاً واجفاً، يفزع من اية حركة ويتوجس من اي صوت، ويتوقع في كل لحظة ان يقتحم الباب اصحاب البيت وينتزعوه من البيت المسروق، أما النظام الديمقراطي فهو يتعب الحاكم ولكنه يؤمن حياته، والحكم الديكتاتوري يريح اللصوص الذين حول الحاكم ولكنه يجعل أيامه قلقاً وليله كابوساً وحياته على كف عفريت! والعفريت هو الشعب..)
رحمة الله عليك أيها الاستاذ العظيم المرحوم مصطفى أمين صاحب الـ (فكرة) التي هزت عروش الطغاة.
1969 May 25 هذا المقال نهديه الى الذكرى رقم 32 لانقلاب ©جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع صحيفة الراي العام 2002 Copyright © 2001 AL RAYAAM NEWSPAPER. All rights reserved
|
|
|
|
|
|