مسألة وجود

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-24-2024, 02:46 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2001م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-24-2002, 02:39 AM

Mandela

تاريخ التسجيل: 03-19-2002
مجموع المشاركات: 755

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مسألة وجود

    مسألة وجود


    --------------------------------------------------------------------------------

    فى الذكرىال46 لإستقلالِ السودان، أحس بانى ً محتارُ فى أَنْ اُهنّئكم أو أَنْ اعزّيكم ،وذلك ببساطة لأنى لا آَجدَ أي شئ يمكَن ْان اُهنّئى عليه . 46 سنة قَدْ مَرّتْ وكل إنجازاتِ الأمةِ السّودانيةِ ُ هى صفر كبير. والفضل يرجع إِلى زعمائنا الذين عَملوا بجدّ على أَنْ يُحطّموا بلدنا ويَطفؤوا كل آمالنا في حياةِ أفضلِ.

    كل ما يُمكنُ أَنْ نُخبرَ أطفالنا الآن بأنه كان ّ هناك ذات يومَ مجتمع موسر وبلد ناجح وَهب المصادرِ الطّبيعيةِ الكافيةِ لأَنْ تَرْفعه خارج دائرة الفاقةِ والتّخلف ِ. كَان دّخل الفرد َ تقريباً 800 $ في 1959 وَسْقُطِ إِلى مجرّد 150 $ في 1999. فقط إثنان أو ثلاثة بلدان في العالمِ تحت هذا ّ المستويِ ( بضمن ذلك الصومال ، التي لَيْسَ لها حكومةُ مركزيةُ ). ان فشلنا كبيرُ؛ كما ان سجلاتنا في الدّمارِ الذّاتي فريدةُ في التّأريخِ الإنسانيِ.

    لمدة 46 سنةِ فَشلنَا في أن نبُنِي مؤسسةَ وحيدةَ قوية بدرحة كافيةُ ُ لأَنْ تُقدم َ خدماتها إِلى معشر السّودانيين، سواء عملت تلك المؤسسةِ في التّربيةِ، الصحة، الأمن، أو الَنْقلُ الخ.

    حتى الآن فان أطفال السودان يَجدونَ صعوبة بالغة للحصول على الحليبِ الضرورى لنموهم ؛ بينما ندّعىَ بأنّنا نملك العددِ الأكبرِ من المواشى في القارةِ! المضادات الحيوية التى يحتاجها الرّضّعِ ؛ هى في نّدرةِ مطلقةِ بشكل مستمر ، وإذا كانت متوفرةَ فباسعارَ هي ابعد من متناولُ 90% من السّكانِ . قصّة مشابهة تحدث اذا ما ذكرنا العقاقيرالمُنقِذة للحياة ؛ حيث أن التقارير الوافدة أخيرا من الخرطوم اَكّدتْ ان المخزون الضّروري من هذه العقاقيرِ قَدْ نَفدْ.

    الضّرورات الأساسية للحياةِ اليوميةِ قد أَصْبَحتْ كابوسَ لأي بيت؛ والذى يحتاج بحد أدنى الى 50 الف جنيه سوداني يوميا لعائلةِ مكونة من أربعة شخاص ؛ المبلغ الذى يشكل كسبه صعوبة بالغة لمعظم ارباب البيوت ؛ سواء العاملين فى القطاع الحكومى او الخاص.

    بعد 46 سنةِ من الإستقلالِ، فان الحقوق الدّستورية للمواطنين قد قلصت الى حدها الادنى . انعدام النّظامِ القضائيِ الموثوقِ به ؛ يجعل من المستحيل على الأفرادِ أَنْ يَتّابعواَ حقوقهم. هذه الحالةِ المُرعبةِ قَدْ غَيّرتْ الفرضية الأساسية لدور الدّولةِ الوطنيةِ، حيث أن الدولة يَجِبُ أَنْ تَخدم المواطنين ؛ ولَيسْ العكسَ.

    على مدار ِ الـ46 سنةِ الأخيرة ؛ فقد تعرضت البلاد الى ضربات مِن قِبل عددِ من الكوارثِ الطّبيعيةِ ( أغلبها من صنع الانسانْ )، والتى كانت الاكثر سؤا فيها كارثة المجاعةَ في 1984/ 1985( يقال ان 500 الفا من المواطنين قد راحوا ضحيتها ْ، وبعد 14 سنة لا يوجد رقم ُ رسمي معلن حول أعدادِ ضحاياِ تلك المجاعةِ ). لاشيئ قَدْ تُعلّمَ مِن قِبل أي مؤسسة او فرد ؛ِ ولا إجراءات وقائيةُ قد اتخذتْ لحماية السّكان إذا ضربت الطّبيعةَ ثانية. حياة الأنسان َتعاملُ مثل حياة الحيوان ؛ لا فرق سواء ان عاش او مات َ. إلتزام الدّولةِ نحو الشعب وحماية حياته لا يوجد البتة .

    علىمدى 46 سنةِ من الإستقلال ِ، فان الفوضى قَدْ وَصلتْ الى مستوي مريع، القطط السّمينة قَدْ بَنتْ مائة طبقة أخرىمن الدّهنِ السّميكِ ؛ مما يَجْعلها عديمة الحس بالكامل بينما يسَحْقَ الآخرون في الغابةِ. ولان المصادرِ في الغابةِ قد استنفذتْ بالكامل، فان القطط السمان تُقاتلُ كل منها الآخرى الآن لضمان الامتيازات. 46 سنة من الفسادِ والجرائمِ المُنَظَّمةِ قَدْ حولت المواطن السّوداني الى احد الأفرادِ الأكثر بؤسا على هذا الكوكب . ورغما عن ذلك ، فان المثقّفون السّودانيون ذو الصلة لم يَستيقظوا بعد.

    حول ماذا تدور قضية السودان؟
    „ يقسم الجنديِ تجاه بلده بأنه سَيَمُوتُ حمايةِ لفضيلتها الوطنيةِ، قوانينها المستقيمةِ، واذا تَحدّى ْ أو عَرّضْ شرفها للخطر بأية طريقة . دولة بدون فضيلة ؛بدون قوانين، وبدون شرف، هو لَيسَ ملزما بأَنْ يَحْميها . „ جون روسكين ؛ تاج الزّيتونةِ البرية ، 1866

    المثقّفون:
    دور المثقّفين في السياسةِ السّودانيةِ قَدْ كَانْ لامبالياَ جداً. فشباب خريجو كلية غوردون التذكارية الذين قادوا النضال ضد الإستعمارِ البريطانيِ، قد فَشلوا َ في أن يتفقواُ على برنامجِ وطنيِ ممكن التطبيق ؛ يمكن به مواجهة المشاكل الوطنية. مُوَاجَهة بالحرب الأهليةِ في الجنوب ، بجانب الآلة الحكوميةِ الضّخمةِ التى كانت تحتاج لان تعمل ويشرف عليها يوميا ِ، الامر الذى لم يكونوا مؤهلين له ؛ فان مجموعةِ النخبة هذهِ قد فقدت بالكامل بوصلتها الوطنيةِ. فشل هذه المجموعةِ الأولىِ للنّخبةِ قد اظهرْ نفسه، بشكل اوضح ؛ في طريقة التعامل مع ِ القضاياِ الجوهرية الوطنيةِ ْ. مع كلّ صْدمُة الأعمال الوحشية المصاحبة لها ، فان الحرب في الجنوبِ لم تعط الأولوية العليا. لَيسَ هناك من مقترحَ سلمى وحيدَ قَدْ قُدّم َ. وفي الحقيقةِ فان الحكومةِ الوطنيةِ الأولىِ مَا قَبلتْ الحقيقة الواضحة ؛ بأنّ الجزء الجنوبي للبلدِ قد مَثّلَ تحدياَ وطنيا؛ َ وان كل الجهودِ الوطنيةِ يَجِبُ أَنْ تُوجه نحو حل سلمى . هذا الموقفِ الأخرقِ للحكومةِ المركزيةِ الأولى ِقد ارسل صداه رسالةُ مُدَمِّرةُ فى اركان البلدِ الناشى . وفى الحقيقة ِفان الحكومةِ لم تمَارسَ أي جهدِ لكيما تُوضّحَ للمواطنين؛ لماذا توجد حرب فى الجنوب . وبناءا على ذلك ؛ فان الجيش الوطني الجديد كَانْ يُقاتلُ فى الحرب طبقاً لأوامر الحكومةِ. بينما كان المواطنون يُخبروا، خلال وسائل الإعلام الجماهيريةِ، من وقت لآخر، بان هناك تمرّدُ في الجنوبِ وواجبِ الجيشِ ان يَجْعل ِ الحالة مُسيطرا عليها. منذ ذلك الوقتِ والسّودانيون العاديون ( فى الشمال ) يفهمواَ المشكلة الجنوبية كامر يجب أَنْ يَتعامَلُ معه الجيشِ والحكومةِ. هذا التصوير الخاطى لاسبابِ الحربِ ؛ قد عَزلَ المواطنين العاديين بالكامل عن قضاياهم الوطنيةِ. إذن لا عجب فى ان الحرب قَدْ استمرّتْ كل هذا الوقتِ.

    المجموعة الأولى للنّخبةِ فَشلتْ أيضا في أن تَرْسمُ أي برامج للتنمية الوطنية الشاملة ِ ؛ بحيث ْ تُمكّنَ البلد من استغلال مصادره الوطنيةَ لخير شعبه . على النقيض من كل تَوقّعَ، فان مجموعة النّخبةِ قد استدارتْ لتقاتل بعضها على طول الوقت ؛ تاركة القضايا الوطنية الملحة بعيدا وراءها.هذا الإتجاه نفسه من التّهوّرِ استمرَّ خلال السّتيناتِ. وحينما وصل القتال الحزبى ِالى القمةِ، فان اساليب جديدة لتصفية َ الآخرين قَدْ ابتكرت وطبقت . وكان اولها من قبل محبوبنا، رئيس الوزراء"الابدى" الصادق المهدى ، والذى لم ير شيئا مخجلا فى طرد أعضاء منتخبون ديموقراطياً للبرلمانِ من الحزبِ الشّيوعي . ان طرد اعضاء البرلمان في حد نفسه يُمَثَّلِ نَقصا فى الإلتزامِ بالحد الأدنى من الدّيمقراطيةِ، حيث أن قرار المحكمة الدّستورية قد اهملَ من قبل الحكومة. هكذا، فان الطّريق لإنهيارِ النّظامِ الدّيموقراطيِ قَدْ مُهّدَ . وفى الحقيقةِ فان سلوكِ الحكومةِ وقتها قد اجهضَ القاعدة الدّيموقراطية بوضوح. والان فان نفس الشّخص الذي تَحدّى قرار المحكمةِ الدّستوريةِ، وبعد 31 سنةِ ما زالَ يَتحدّثُ عن الدّيمقراطيةِ وبشكل متلهّف يبحث عنِ دورة ثالثة كرئيس وزراءِ.

    فشل المجموعةِ الأولىِ للنّخبةِ كَانْ واضحا أيضا في الطريقة التى نظروا بها الى مفهومَ الدّولةِ. لمدة طويلة في السودان فان أغلب القرارات الحيوية قد كانت تتخذ مِن قِبل الأفرادِ ولَيس المؤسساتَ. المجموعة الأولى للنّخبةِ دارتْ حول بعض الشّخصياتِ ولَيستْ حول سياساتَ. ان أهمية وجود مؤسساتُ وطنيةُ قويةُ يُمكنُ أَنْ تُساعدَ صنّاع القرارَ ( بغض النظر عن ميولهم ) في صيَاْغَةِ السياساتِ وفى تّطبيقها ، قَد ْكانت متجاهلة . ومن المدهش، ان المؤسسات الجيدة والتى بناها وتركها خلفه الحكم لبريطانيِ، قَدْ اُخضعتَ إِلى الثّفكيك المستمر ؛ والذى استكمل بنجاح بعد ظهور "الانقاذ” .

    المثقّفون والواجب:
    „ واجب الرّجالِ في ستالينجراد ان يموتوا" أدولف هيتلر

    „ عندما نعمل ما يقترض ؛لا نَستحقُّ لاى مدحُ ؛ لأن هذا هو واجبنا" القدّيس اوغوستين

    „ الاوامر والتوجيهات التى يُمكنُ أَنْ تُفْهم ؛ لَيست جيدة بما فيه الكفاية، حيث يجب ايضا الا تكون هناك امكانية لسؤء فهمها " العقيد لوسيوس هولت

    بعد الإستقلالِ، وفوراً بعد" سودنة" الخدمة المدنيةِ، فان زخم الواجبِ العامّ قد بَدأَ يتدهور ويَتباطأَ. ان التّغيير من سلك الموظفين المدنيين البريطانيين الكبار المسؤولين عن جريان العمل اليومى فى مؤسساتِ الدّولةِ، إِلى المواطنين السّودانيين قد ُأشّر لنهاية الخدمة المدنيةِ المبَرِزةِ في السودان.

    ان حقيقة أنّ الخدمة المدنية نفسها قَدْ قُدّمتْ الي السودان مع الادارة التّركية – المصرية ِ وكَانتْ بشكل رئيسي مدارة مِن قِبل الأجانبِ، ( قبط ، آرمن، أتراك، مصريون، و حفنةِ من بعض جنسياتِ أخرىِ )،لم تسَاعد السوداني على ان يُدركَ المفهوم الأساسي لأهميةِ امتلاك خدمة مدنيةُ جيدةُ.

    بالرُّجُوع إِلى عصرِ الخليفة (عبدالله )؛ فان المرء يُمكنُ أَنْ يُلاحظَ بشكل سهل ، بان الدّولة كَانتْ مدارةَ مِن قِبل رجلِ واحد. وفى الحقيقة فان الخليفة لم يستطع ( ولم يكن قادرا على ذلك نظرا الى امكانياتة القيادية ) بناء أي مؤسسةِ وطنيةِ، والتى يُمكنُ أَنْ تحْملَ عب أي واجبِ عامّ ذو اى طابع ِ. ان دولة المهدية ؛ لم تترك بعد انهيارها أي تراثِ وطني للخدمة المدنيةِ ِ، في الحقيقةِ لم يكن هناك شيئ من ذلك . ويمكن للمرء ان يتعجب كيف يمكن ان تدوم دولة بتلك الطّبيعةِ لمدة 13 سنة. ان المؤسسة الوحيدة ( باَفتراض أنّها يُمكنُ أَنْ تَسمى بذلك ) ؛ قد كَانتْ الجيشَ.

    على أية حال، فان المؤرخون الذين حَاولوا أَنْ يَكْتبوا عن تأريخِ جيشِ الخليفة ؛ قَدْ وُاجهوا واقع الانعدام الكامل للسّجلاتِ من ناحية الخليفة . وبعد هزيمته في كرري وهروبه إِلى غرب السودان ، فان الخليفة لم يهتمَّ بأن يَكْتبَ كلمةَ واحدةَ حول ما حَدثْ في كرري، رغم انه كان له هناك الوقتَ الكافيَ لفعل ذلك. وفى الحقيقية ما كَانَ هناك تقريررسمى من الجيشِ عن معركة كرري.

    بمراعاة ما سبق كله ؛ يبدو واضحا اذن انه ؛ تاريخياً ؛ فان أغلب تلك المؤسساتِ الوطنيةِ في السودان الحالي قد وجدت تكوينها الاصلى في عقولِ الأجانب . إنه لمما يثير العجّبُ ؛ عدم وجود وتنفيذ خطةُ أو إستراتيجية وطنية بعد الاستقلال ؛ لمراجعة قابلية نجاح المؤسساتِ الموجودةِ المخلفة من قِبل الإستعمار ( سكك حديد السودان،مشروع الجزيرة، العديد من ِالمؤسسات الزراعية شبه الحكومية ، الجيشِ ؛ خدمات البريد ؛ الخدمات الصحية ؛ مؤسسات التعليم العالى ؛ الخ. ). وفى الحقيقة ، فان المثقّفين الذين تَولّوا من بعد الادارة الإستعمارية ؛ قد قَبلوا بتلك المؤسساتِ كما كَانت عليه ؛ على الرغم من واقع أنّ تلك المؤسساتِ قَدْ بُنِيتْ مِن قِبل المستعمرِ لخْدمة أهداف بعينها . هل كَانَ عِنْد هؤلاء المثقّفونُ الذين خلفوا المستعمر في ادارة تلك المؤسساتِ، فَهمَ لحقيقة أن مصالح السودان الجديد المستقل ما كان يَمَكّنَ أَنْ تُنجزَ بنفس المؤسساتِ؟! بمعنى ان كل تلك المؤسساتِ كَانَ يجبُ أَنْ تَخضَع إِلى إعادةِ تَنظيمِ وإعادةِ تَشكيلِ ؛ وان مجموعةِ جديدةِ من الأهدافِ كان يَجِبُ أَنْ تطُور؟. على العكس فان المثقّفين قد تَبنّوا لوسائط خاطئةَ لتحقيق المصالح الوطنية. وكان واضحا ان تلك المصالحِ الوطنيةِ لَنْ تَتحقّق؛ وذلك لان عربة ( السلطة)ِ الخاطئةِ كَانتْ تَساقُ في الجهةِ الخاطئةِ.

    هذه المشاكلِ قد نَشأتْ بشكل مُحدّد من واقع أنّ الأجيال المبكّرة للمثقّفين قد فَشلتْ في أن تجتمع على الاتفاق على حزمة موحّدةِ من المصالح الوطنيةِ. وبدون المُوَافَقَة على المصالح الوطنيةِ، فانه ستظل مستحيلة مهمة تحديد الوسائط (لتنفيذ تلك المصالح) .

    على أية حال، فى موَاجهةهذه التّحدياتِ الصّلبة ؛ فان المثقفين قد اختاروا أن يَتْركوا تلك المؤسساتِ لتوَاصلْ عملها كالمعتاد ( شغل اليوم باليوم ) ؛ مع تحليهم بالمناصب كاملة ؛ أمّا كمدراءِ عامّين أو اعضاء فى مجالس الإدارةِ. اما اذا كانت تلك المؤسساتِ ْ تَخْدمُ أي مصالح وطنيةِ، فقد كان الامر سيان عندهم . ان حقيقة أنّ المثقّفين كَانوا مشغولين بالقتالَ َ بين أنفسهم من اجل السلطة ِ،قد جعل العديد من المؤسساتِ تتُرِكْ غير مُراقبة كلية ؛ ودون اُشرافُ عليها، ومن هنا، فقَدْ خُلِقتْ ظروف مناسبة للفسادِ. لا عجب اذن ان أغلب المؤسسات قد انتهتْ لخِدْمَةَ مصالح مجلس الإدارةِ أو مجموعة الموظّفين الكبارفقط، أو في الحالاتِ الأفضلِ عملت بمستوى منخفض جداً من الكفاءةِ. ( خلال الثمانينات كان معروفا ان مؤسسة سكة الحديدَ الهائلةَ قد كَانتْ تُعمل فقط بحدود 13% من كفائتها ) . هذا المستوىِ المنخفضِ للكفاءةِ، ،والمنذر بالخطر ؛ لم يدفع باتجاه تسخير اى وسائط وطنية لتَحْمي الشّركة من الإنهيار . ما اختير فى الحقيقةِ كَان قرار الرئيسِ نميري آنذاكُ بأن تكسّرُ الشّركةَ الى وحداتِ اقليميةِ متعدّدةِ، وكان ذلك القرار نتيجة لأسبابِ سياسيةِ بشكل رئيسي. ليس ذلك فقط ولكن نميري اختارَ أَنْ يُقوّضَ المهمة الاقتصادية للسكة الحديدِ ذاتها؛ بتَبنّيِ خطة لشبكة الطرق البرية الغاليةِ ؛ و تَبْني المشروع المشكوك فيه لخط أنابيبِ النّفط ِ، حيث أن امدادات النّفطِ كَانتْ تُنْقَلُ بالسكة الحديدِ.

    على أية حال، مئات ومئات من الكتبِ يُمكنُ أَنْ تكتب حول فشلِ المثقّفين السّودانيين في واجبهم بأَنْ يَبْنوا المؤسسات الوطنية الضّرورية التي يُمكنُ أَنْ تُقدم َ بعض الخدمات إِلى الجماهير ؛ بغض النظر عن من هو في السلطة .

    إنه لمن المؤلم ُ جداً مَعْرفة أن المثقّفون السودانيون حتى الآن لا يَتحدّثوا بجدية حول مشاكلِ بناء المؤسساتِ ، ان أغلب الأحزاب السّياسية التى تُقاتلُ للوصول للسلطة ؛ تَعطي إنتباها قليلا جداً إِلى هذه المشكلةِ ؛ هذا إذا ما اهتمت بها على الاطلاق . حقيقة سَتَبْقى انه ، بدون امتلاك مؤسساتُ قويةُ مستقلة نسبيا ؛ مُعَرَّفة بوضوح حزمة اهدافهاِ، وحرةّ من تدخلِ الحكومةِ المباشرِ ؛ فان تَطَوّرِ السودان سيَبْقى حلما عسيرا على التحقيقَ.

    كَرّستُ كل هذا إِلى فشل المثقّفين في واجبهم فى بناء المؤسسات الضّرورية ؛ والمحتاج اليهاْ بشكل حاد لتَقُودَ تَطَوّر البلادِ. أَتمنّي أن َأَجدُ الوقت للكتابة عن واجبِ كل مهنةِ وفضحِ فشلها نحو شعبها .

    التّعليقات والتّصحيحات والاضافات الخ ..؛ تجد منى كل الترحيبِ.



    على عسكورى

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de