في نهاية الأسبوع الماضي كنت على غير عادتي في مثل هذا الوقت من المساء مستلقيا على سرير متوعكا وفجأة ضربت في رأسي أن أفتح السودانية، وما أسعدني أن أول ما ظهر لي على الشاشة واحد منكاتي ربما نتسلى بيهو، النكتة الأولى عن السخل ومرت بسلام ورددت معها قول المتنبى عن الفم، فمي وليس فم عمر رجب، الذي ينكر طعم الماء من سقم، ثم دخل منكاتي آخر وبرطم ليهو كم درابة ومشى ورجع الأولاني ورمى ليهو نكدة (نكتة)، خلتني افرفر فرفرة طلوع الروح وأنط زووووووت من السرير وأقفل التلفزيون متناسيا الريموت ولكن في نفس الوقت تذكرت هذا البوست من وحي تلك النكدة/النكتة لما قد ينتج عنها من تداعيات غير حميدة في نفوس أفراد تلك الملة التي كانت النكتة عن أحدهم وزوجته، وهي نكتة سمجة لا مغزى لها وممجوجة لا طعم لها ولا نكهة ولا تشبه النكات عن الأيرلنديين أو الصعايدة مثلا، طبعا النكتة لم ترسخ في ذهني وذلك من رحمة ربنا حتى لا تسول لي نفسي وأنقلها هنا لتتورموا بها معي. ولكن أدركت أن رب نكتة يطلقها قائلها للإضحاك فيوغر بها صدور قوم ضد قوم. رجعت لهذا البوست ووافقت بنبوني أن الموضوع جدير بالنقاش حوله وبالرغم من أن قناعتي الشخصية هي أن مواضيع الهوية والثقافات الأثينية لم تعد من الأفكار العصرية في عصر العولمة وتحديث الخطاب الفكري والمعلومات والفكر الإنتقادي وهموم النمو الاقتصادي والوعى المتزايد بالديمقراطية وتصورات فعاليات وأدوار المؤسسات المدنية ووضع الإستراتيجيات والتخطيط في المجالات المختلفة.
المهم الموضوع من المواضيع التي ظلت لعامين وأكثر خاضعة للخد والهات على حلبة النقاش في البورد التاني، وانا كنت أتابع وأتبنى وجهة نظر بعض الأخوة الذين أري في طرحهم ما يمثل بصفة جوهرية وجهة نظري، وعلى رأس هؤلاء نايل وأولد تايمر ويليهم خليل والهمباتي وغيرهم كثير ممن يتصدون بالتفنيد للمزاعم العنصرية ويدافعون عن العربية كثقافة لغالبية أهل السودان بإختلاف أصولهم العرقية، عربا أم أفارقة، وليس لأنها شجرة عائلة تمتد في جذورها لمضر وربيعة ، بل لأن هؤلاء هم سودانيون أولا وأخيرا ويجب ألا يصبحوا فجأة بعد قرون من كينونتهم هذه في موقف المدافع عن ثقافة أو هوية أصبحت هي المهيمنة على غيرها من ثقافات كانت في الأساس لا تملك مقومات الصمود أمام أي ثقافة مكتوبة لأنها، أي تلك الثقافات، لم تكن مكتوبة بل أن بعضها والله أعلم لا يعرف الأرقام. وبقدر ما كان طرح هذا الموضوع يثير فيني الاشمئزاز في البداية ويجعل فظائع ما تعرض له عرب زنجبار من إبادة تتقافز إلى مخيلتي بقدر ما أصبحت الآن أري فيه نوع من التنفيس لإحتقانات تراكمت في النفوس بسبب تجارب فردية أو طموحات شخصية أو تطلعات سياسية قلما أخذت الطابع الجمعي والعشائري، إن إثارة مثل هذه المواضيع على مثل هذه المنتديات العامة من شأنه أن يحقق أهدافا تصب في مصلحة الجميع بالرغم من أنها قد لا تكون هي الأهداف التي وضعها مثيرو هذه المواضيع نصب أعينهم عند إثارتها، مثل تشجيع ثقافة الإختلاف على حساب نزعة رفض الآخر وقيام الأفراد بالبحث ودراسة التاريخ الأمر الذي ربما يسفر عنه في النهاية دحض المزاعم غير الموثقة ومنعها من أن تتبلور من إفتراءات ظنية إلى حقائق راسخة في النفوس
وأخيرا يا تايم أنا لا أتفق معك على أن الثقافة الإسلامية وليس الثقافة العربية هي التي هيمنت في السودان..بل على العكس فالثقافة العربية هي التي هيمنت وليس الثقافة الإسلامية..فلو أن دخول اللغة العربية كان تحت جناح الدين الإسلامي لكانت الثقافات المحلية إستمرت في تطورها الطبيعي مثل ما حدث في الصومال وجيبوتي وماليزيا واندونيسيا وأيران وتركياوباكستان وأفغانستان وغيرها..وحتى مثالك الذي سقته عن أثيوبيا وأريتريا يعزز ذلك من حيث أن ثقافة اللغة هي غير ثقافة الدين لأن الدين الإسلامي دخل وأنتشر في أثيوبيا واريتريا والصومال وجيبوتي بل وكينيا ويوغندا بالرغم من أن كيان أثيوبيا وأريتريا هو أساسا تكتل مسيحي له مذهبه الكنسي الخاص به
المهم ياتايم في إنتظار ما وعدت به من مواصلة..وأرجو من الأخوة أن يدلوا بدلوهم لإثراء النقاش
(عدل بواسطة banadieha on 05-05-2002, 09:11 AM) (عدل بواسطة banadieha on 05-05-2002, 09:14 AM)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة