وقفت على مشهد مفزع ينام فيها شيخ عجوز بين دماءه إلى الأبد. وحوله طفلين صغيرين ينامان معه الأبدية في بركة دموية ساحرة . ذبح الشيخ المصحفي بأيدي آثمة بينما كان يحاول حماية أبناء نجله الذي لقي حتفه بدوره هو الأخر في مكان أخر من المشهد الدموي الطاهر. يعتقد من هو مثلي مليا انه و الحالة سيقاتل الفاعلين إلى آخر الدهر، مدى الحياة . متمثل بقول المهلهل ابن ربيعة وما أنا قالع درعي وسيف حتى يقلع الليل النهار لكن ماذا يمثل دم عائلة واحدة وسط سبعون ألف عائلة يتطور الرقم التراجيدي إلى ربع مليون قتيل؟؟ . لهم أرواح ودماء وأشلاء مثل ما لكل منكوب ؟ غير إنها مأساة. وتراجيديا يضحك الباكي . ويبكي لها الضاحك الجزل .. هل يثأر لهم أم يثأر لغيرهم ؟ . أنا مثله بين بين . بين ثأري لذالك المشهد الدموي الطاهر أو المضي قدوما في الطريق الذي من اجله رفع السلاح أول مرة. فوق جبال مرة أنا ميت يوم أن مات ذلك الشيخ المصحفي ، لا أظنني حي بعد لحظة دفن الصغار . كان قد تلصقت أجسادهم النحلة بالتراب ،لم يشأ الشيخ أن يفارق بنيه حتى من بعد الموت ظل ممسكا يديه بهما ، مثلما ظل التراب ملتصق بجسديهما عبر الدماء . موت على طريقة شاعرية مملوءة بالألم. مشهد لا ينساه من رآه . لم نشا التفريق بينهم كما أرادوا ، هكذا توارى ثلاثتهم عنا بين الرمال . إنني سمعته يضحك .. الشيخ ! ساخرا من الموت مثلنا يسخر . ميلون فردا من الحفاة العراة يفترش العراء : نساءهم وعجزتهم وأطفالهم. لكنهم كانوا مسلمين!!! ، في دولة الرجل الذي يدعى معرفة السماء ويزعم عبادة الله . ويسمى نفسه عمر ، اسم لرجل كان عادل في السالفين. كلنا يعرف الذين سببوا المأساة لنصف قرن . ثم يواصلون فعل المأساة لنصف قرن جديد. تغادرنا المصاحف كل يوم : والشرفاء الشهداء : نبكيهم ونضحكهم . ونسخر من الموت الذي يزورنا دونما ميعاد .إننا نحي لغد لا نحي له. الشيخ سليمان إبراهيم مؤسس قرية الفكي سليمان ، قرية كان يؤمها آلاف المهاجرين إلى الله بلقبهم كديدن أهل دارفور في سنوات التهميش والإقصاء. وجه متمثل بقول زهير بن أبي سلمى : تلقاه متهللا حين تلقاه كأنك تعطيه الذي أنت سائله كان يدعونا إلى التريث والدعاء فقط ، لكنه ارتحل دونما أن يحسن الله الحال. ثم اسند هامته للرمل يرحل عبر دهاليز الأبد إلى سفر جديد. يغادرنا فتي كل حين يغادرني شيخ كل حين يغادرنا نساء بعد حين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة