الجمع كبديل للطبقة,والاختلاف كبديل للهويه

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 03:53 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-22-2004, 12:17 PM

ابراهيم حموده

تاريخ التسجيل: 12-03-2003
مجموع المشاركات: 415

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الجمع كبديل للطبقة,والاختلاف كبديل للهويه

    الجمع كبديل للطبقة والاختلاف كبديل للهويه

    قبل سنوات , كنت اعمل حينها برئاسة الشرطة المحلية , لفت نظري تخصص احد مفتشي الشرطة , حيث كان تعريف تخصصه ( التحكم في الحشود او الجموع ) وترجمة ذلك في الواقع العملي , ان المفتش المذكور كان يقضي ورديته علي متن طائرة عمودية تحلق فوق المدينة , ان ما كان هنالك مهرجان , مباراة كرة قدم , او اي مناسبة اخري تؤمها جموع كبيرة من المشاركين . لا اعرف تفاصيل ما كان يفعل صاحبنا بالضبط , ولكني اخاله يراقب الجموع من عل كما يراقب عالم سلوك الحيوان قطعان الافيال والجواميس .مهمة , ومهنة مثيرة بلا شك ان ترقب الناس من كل هذا العلو , وهم علي غفلة من امرهم , او في غمرة انهماكهم في شأن ما . ان تتنبأ , تحدس او تتكهن الي اين يتجه هذا الجمع , ما هي نواياه , ما هي المحركات الخفية التي تدفع به الي وجهة ما , اجمالا كيف يمكن تحسس مواطن وبؤر سيكولوجية الجمع؟
    الحقيقة ان مفهوم الجمع , مفهوم شديد الالتباس والضبابية , شأنه شأن المفاهيم الاخري التي تدخل في حقل الفلسفة , السياسة , الاقتصاد وعلم النفس في آن واحد. خاصة وان كان هذا المفهوم ايضا قليل الاستخدام او مهمل ان شئنا طرح المسألة بهذه الكيفية.
    ملامستي الاولي لهذا المفهوم كانت من خلال كتاب وضاح شرارة ( تشريق وتغريب ) وهو عبارة عن مجموعة متفرقة من المقالات يبدو انه كان قد نشرها في بعض الصحف اليومية العربية .
    قدم وضاح شرارة في هذا الكتاب, من ضمن ما قدم , استعراضا لكتاب الياس كانيتي ( الجمع والسلطان).الجمع هنا مراتب تبدأ بالجمهرة ثم الحشد ثم الجمع , وهي حالة فيزيائية , حالة تواجد اجسام متراصة وملتصقة بعضها ببعض في مكان ما , ولهدف ما , لينتج عن ذلك مناخ سيكولوجي محدد هو الذي يقود هذا الجمع ويحركه الي اهداف ومرام قد تكون مباغتة للجمع نفسه ( لنفكر في مظاهرة سلمية تنتهي بتحطيم واجهات المحال والسيارات والممتلكات العامة ). ويبدو ان لذلك علاقة برغبة الجمع ( غير المحسوسة ) في الاعلان عن نفسه وعن وجوده. ويبدو ايضا ان لذلك علاقة بفكرة ( التنفيس ) التي تمارسها الذوات المفردة حين تذوب في بحر الجمع . فالذات المفردة يبدو انها قد سجنت قسرا في سجن الفردية كملمح ومرحلة من ملامح حضارتنا الراهنة. والهرمية التي تميز حياتنا الاجتماعية بما يرافقها من
    ( اتيكيت ) علي شاكلة ( سعادتكم , السيد المدير , سيد فلان افندي ) انما هي تهذيب مصطنع تم ابتكاره للحفاظ علي هندسة المجتمع ونسيجه بالكيفية التي هو عليها , ضرب من ضروب تجنب الاحتكاك بين الافراد والشرائح الاجتماعية . ولكن وكيل الوزارة الذي يقوم باضرام النار في عمامته باهظة الثمن ويتفوه بما لا يحمد من الالفاظ في مباراة لكرة القدم , انما يسعي , فيما يسعي , لتحطيم مثل هذه الاحترامية الزائفة ضائقا بالمساحة الضيقة التي تفصله عن الاخر , يدفعه حنين غامض للاندماج في الجمع , الذي كان هو الاصل في مرحلة من مراحل تاريخنا البشري .
    ليس الجمع بهذا المعني ظاهرة عددية وحسب وانما ظاهرة احيائية ايضا , فكما تهاجر الطيور في اسراب , والحيوانات في قطعان , وكما تتكاثر البكتريا , يجنح الانسان في سلوكه احيانا او غالبا للانضمام لجمهرة , يكفي ان يتجمع بعض الافراد حول مكان حادث مروري طفيف , حتي تجذب هذه الجمهرة اعداد اخري تظل تتزايد الي ان يقوم افراد الشرطة بفضها .
    في العدد الاخير من مجلة الفلسفة الهولندية ( العدد التاسع , نوفمبر 2004) صادفني ذات المفهوم في تحقيق عن الفيلسوف الايطالي ( انطونيو نيقري ) وان كان بتنويعات قد تفارق كثيرا مفهوم الجمع لدي كانيتي.
    انطونيو نيقري يتحدث عن الجمع ( بالهولندية menigte) التي توحي هنا بالمرادف الانجليزي (massa) والمرادف العربي جموع او جماهير , سأجنح هنا لاستخدام كلمة جمع للتعبير عن ذلك , وارجو الا يكون ذلك تعسفا.
    الجمع هنا لا يوجد في مكان محدد , لا رقعة جغرافية تحويه , ولا سمات او ملامح تحدده تميزه , اختصارا هو جمع كوني.لاضرب مثالا بحرب العراق : مظاهرات الاحتجاج الجماهيري التي خرجب في باريس , لندن , روما , امستردام .. الخ . ليس ثمة رابط بين هذه الجموع او تواطؤ , او تنظيم سياسي يجمعها .. ولكن ثمة حساسية تميزها كجمع له مزاج محدد ووعي محدد وهدف محدد : الاحتجاج علي , والمناهضة لحدث قيد الحدوث.
    هل الجمع ملمح مميز من ملامح النظام العالمي الجديد , او الراهن ؟ هل هو احدي دعامات المقاومة والمناهضة لهذا النظام ؟
    الاجابة احاول استخلاصها وتلخيصها من الاضاءات التي قدمها نيقري :
    الملمح الاساسي لمرحلتنا الحالية هو تعدي الراسمالية الحرفي لحدود الدولة كمفهوم سياسي , والعمل لحسابها الخاص ضمن مفهوم السوق العالمي .بمساعدة شبكات الاتصال الكوني , التكنولوجيا الرقمية والانفجار المعلوماتي , تحول العالم كله لشبكة كونية واحده لا يستطيع الساده من السياسيين التقليديين لوحدهم التحكم في قواعد اللعبة , فبجانبهم ظهر سادة جدد من اصحاب البلايين الذين لا يعتنون لا بالحدود الجغرافية ولا السياسات الرسمية لبلدانهم , فالوطن يمتد بامتداد المصالح . مثال لذلك : بيل غيتس .
    التداخل بين مصالح الدولة الرسمية , ومصالح مثل هذا النفر من الاثرياء , ادي لنشوء نظام سياسي اهم ما يميزه هو عدم الشفافية , لتعريف مثل هذا النظام يقترح علينا نيقري مفهوم : الامبراطورية
    في ظل مثل هذا النظام , لا تكون للبضائع والمنتجات قيمتها النفعية وحسب , ولكن قيمتها الرمزية ايضا , فأريكة الجلوس , البذلة , الحذاء وادوات المطبخ التي نستخدمها انما تشير الي وضعية ماليه , اجتماعيه وثقافية , أي ان البضائع والمنتجات هي التي تحدد وتعرف هويتنا بشكل جديد . هذا هو ما يجعل من فكرة الامبراطورية فكرة خطرة ومخيفه .
    المفارقة ان الظروف والملابسات التي ادت الي نشوء فكرة الامبراطورية ضمن النظام العالمي الحالي هي ذات الظروف التي تبشر بميلاد القوي المناهضة للامبراطورية , اعني : الجمع
    فشبكة , ووسائط الاتصال الكوني , اتاحت الفرصة للمرة الاولي في تاريخنا البشري لنوع من الوعي العالمي, فصار بامكاننا مثلا التحدث الي من نريد ونحاور من نريد في جميع اصقاع الكرة الارضية عن طريق الانترنت . في السابق كانت الحدود الجغرافية وهويتنا القومية هي التي تميزنا , وتفصلنا عن بقية العالم , وما نراه الان هو نشوء ما يمكن ان نطلق عليه : مجتمع عالمي
    في ظل هذا الوضع لا تستطيع الدول , كوحدات سياسية , بما يشمل ذلك من افكار مثل السيادة والاستقلالية لاتستطيع مناهضة فكرة الامبراطورية , ولا تستطيع التعامل مع الاشكالات التي يفرزها هذا المفهوم
    فالدولة بشكلها الراهن لا تستطيع , وباستقلالية تامة اعلان الحرب علي دولة اخري , لاتستطيع تحديد قيمة عملتها ( الدول الواقعة ضمن الوحدة النقدية الاوربية كمثال ) ولا تستطيع حتي ان تقول : هذه هي ثقافتنا وكفي ( التعامل مع مشكل الهجرة وما صاحبه كمثال ) . حتي امريكا كقوة عظمي متبقيه لا تستطيع قيادة حرب دون تحالف ما , اذا ما نظرنا الي ما يجر ذلك من تكاليف اقتصادية باهظة .
    الخلاصة ان خيوط اللعبة قد افلتت من الدولة كوحدة سياسية مما ادي الي عجزها عن مواجهة المقاومة داخل مجتمعاتها المحلية ( فكرت هولندا في سن قانون يتيح تجريد المتورطين في احداث تتعلق بالتطرف الديني من الجنسية الهولندية وابعادهم , ولكن ذلك يتعارض مع المعاهدات والاتفاقات الاوربية التي التزمت بها هولندا ووقعت عليها ) و في مثل هذه الحالة تحاول الدولة ان تظهر بمظهر المتحكم في الحالة كلها بانتهاج صرامة ومبدأ تفتيش ومراقبة يحول الدولة الي آلة عسكرية ( لاحظ قانون مكافحة الارهاب في بريطانيا , والتعامل مع سجناء خوانتانامو ). مثل هذه الاجراءات سوف لن تؤدي الا للمزيد من الململة , اي انها لا تحقق حالة الاستقرار الاجتماعي المنشودة.
    حياتنا تتحكم فيها الراسمالية , وعالمنا كله في حالة حرب , تحليل محزن , ولكن ليس بهذه الكارثية .

    الملابسات التي ادت الي ظهور الامبراطورية , لا يمكن اخذها علي انها شر مطلق . واحد من جوانبها انها تؤدي الي نشوء نوع جديد من التنظيم الاجتماعي المؤهل لقيادة حركة المقاومة . كما انها تتيح عملية تحول العمالة من شكلها التقليدي الي عمالة ذهنية تتحلي بمرتبة ارفع من حيث الاهمية , لانشغالها بمسائل غير مادية في المقام الاول كالمعرفة والاتصال . ويبدو ان هذه هي ثيمات الانتاج في المرحلة المقبلة التي تعتمد بشكل متزايد علي الخلق والتجديد .
    اذن لقد تغير الكثير من لدن عهد ماركس ولكن هل ( الجمع ) بديل لمفهوم ( الطبقة العاملة )؟
    (لا) , يجيب انطونيو نيقري , الطبقة مفهوم ضيق , اضيق من مفهوم الجمع . الذين لا يساهمون في عملية الانتاج بحسب مفهوم الطبقة يتم استبعادهم هنا , لان الانتاج مرتبط تعريفا بانتاج الحاجات المادية .
    في محاولة جديدة لتعريف الانتاج يقول نيقري : هو انتاج اجتماعي , اي ان انتاج السلع لا يأخذ مكانا مركزيا هنا . بشروط ومواضعات الانتاج الاجتماعي يزداد التفاعل بين الناس , التقاطع والتضارب بين عملية الانتاج والحياة يحوي بداخله مغبة الانهيار , ولكن ايضا امكانية كبيرة للتحرر لان التعويل علي الاتصال كملمح وكوسيلة يعزز اعتماد الناس علي بعضهم , ويعزز حوجتهم لتبادل المعلومات فيما بينهم
    مما يؤدي الي توسع او تضخم شبكات الاتصال الاجتماعي العالمي.
    اهم ما يميز مثل هذه الشبكات هو استقلاليتها . ثم انها تحوز امكانية استبدال العلاقات الرأسية والهرمية المميزة للسلطة , بعلاقات افقية وتبادلية .. هنا يتأتي لسكان العالم , مع كامل الاحتفاظ بالفروق التي بينهم , اكتشاف ما يمكن ان يكون قاسما مشتركا بينهم , فهم ليسوا جمهرة متخفية ذات شكل وحد , وانما جمع .
    الراسمالية ستحفر قبرها بيديها بحسب ماركس , وبحسب نيقري ايضا ولكن علي نحو اخر .ففي الوقت الذي يتحدث فيه ماركس عن تناقض طبقي وحتمية تاريخية بنشوب ثورة البروليتاريا , حين اكتمال ونضج الظروف الموضوعية لذلك , يتحدث نيقري عن نوع من الحتمية التاريخية , ولكنه لا يتحدث بالضرورة عن ثورة او تغييير راديكالي مفاجئ لان قوة الجمع هي قوة الحياة بشكلها الايجابي والخلاق .
    الجمع هنا يتاسس علي تعاون طوعي تشكل المساواة مفصله الاساسي, اذن لا حاجة للدولة – كأداة- او قيادة بالمعني المتعارف عليه لتوجيهه .
    السلطة للشعب ؟ الشعب لا وجود له بحسب نيقري, مفهوم الشعب هو اختراع خبيث من قبل الدولة لا هدف منه سوي تجريد الناس من قوتهم الحقيقية . الارادة الحرة للجمع لا تحتاج هنا لتعريف , ان تقول انا ايطالي او انا هولندي , هو قول فائض عن الحاجة ولا يخدم سوي عرقلة تضافر هذه الارادات الحرة .
    يبدو وكأننا هنا حيال ديموقراطيه مطلقة , حيث الشعب كمفهوم وكجسم سياسي في حالة تحلل كامل ..
    لان الجمع لا هوية له , الجمع مفهوم متحرك , متجدد ومتغير , لكي نصف ذلك بلغة ما بعد الحداثة نقول: الجمع لا يتاسس علي هوية , الجمع يتاسس علي الاختلاف.


    ابراهيم حموده
    نوفمبر 2004


                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de