ماهي نظره الإخوه الجمهوريين ..(عن المفهوم التعبيري) "للشكل"؟..

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 11:04 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-04-2004, 09:26 AM

Mohamed Adam
<aMohamed Adam
تاريخ التسجيل: 01-21-2004
مجموع المشاركات: 5198

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ماهي نظره الإخوه الجمهوريين ..(عن المفهوم التعبيري) "للشكل"؟..

    الشكل يشمل كل تعبير آخر وكل كينونه وكل صيغه وكل طريقه وكل علاقه بل كل حركه وسكون. فقبول الشكل لا يؤدي إلي التماثل بل إلي الإختلاف(ما هو معلوم وماهو مجهول هو شكل من الأشكال بالإختلاف)
    إن تعبير الشكل يحوي كل تعبير, وكل كائن آخر وبنفس القدر يؤكد إختلافاتهما من حيث السعه المتناهيه والغير متناهيه وكيفيه معلوميه ومجهوليه ذلك الشكل.
    أود من الأخوه الجمهورين أن يتحفونا عن هذا اللغز"الشكل" وتعبيراته وما هو موقف الفكره الجمهوريه إزائه؟ وهل تعرض الأستاذ شهيد الفكر محمود محمد طه لمضمون "الشكل"؟ كما نأمل أن يعطونا فكره عن المعني التعبيري من حيث وجهه نظرهم لهذا اللغز. وهل عالمنا اليوم يستطيع الخروج من هذه المتاهات والمآزق بتطبيق فلسفه مفهوم الشكل علي كل أوجه الحياه؟.كمانأمل أن نسمع من الأخوه الجمهوريين ومحبي المعرفه أينما وجدوا المزيد في هذا اللغز.
                  

11-04-2004, 09:42 AM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماهي نظره الإخوه الجمهوريين ..(عن المفهوم التعبيري) "للشكل"؟. (Re: Mohamed Adam)

    الشكل يا محمد طراز أوجده الجنس البشري عشان ما يعبر بيه عن العالم والأرقام بتعتبر جزء منه وكذلك الموسيقي والتصوير وكافة الفنون خاصة التشكيلية والهندسة المعمارية وتجلياتها في المعابد ، لذا فإن أفيد من يمكنك الرجوع له هنا هو دكتور بولا ، يري بتهوفن بأنّ السمع والبصر ما هما إلا جسرين نعبر بهما إلي النفس ، لذا قد كتب آخر إنجازاته وهو أصم...
                  

11-04-2004, 02:01 PM

Mohamed Adam
<aMohamed Adam
تاريخ التسجيل: 01-21-2004
مجموع المشاركات: 5198

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماهي نظره الإخوه الجمهوريين ..(عن المفهوم التعبيري) "للشكل"؟. (Re: Mohamed Adam)

    الأخ سناري
    سلامات يامان
    شكرا ليك علي الطله
    نعم أخي الشكل بإمكاننا أن نعرفه بكلمه طراز وكلمه طراز في حد ذاتها شكل من الأشكال أليس كذلك؟ أما أن يكون الشكل طراز أوجده الجنس البشري فلهذه وقفه في حد ذاتها ! أليس العدم شكلا والأزل شكلا والبرزخ شكل أليس المتناهي شكلا.يقول الله سبحانه وتعالي: هو كل يوم في شأن. أليس هذا شكل متناهي فكيف نطرز الشكل نحن البشر وهو موجود قبلنا وبعدنا شئنا أم أبينا؟ فالوجود شكل والعدم شكل والماهيه لكليهما شكل من الأشكال,بل كل ما في الكون سابق ولاحق هو شكل الفن في حد ذاته شكل بتهوفن شكل والآله التي يسخرها لفنونه وموهبته شكل والجمال شكل وأيضاالشعور والإحساس شكل. فكل هذه يا أخ سناري أشكال تختلف في الكم والكيفيه.
    شكرا لك علي هذه المداخله الطيبه أخي سناري ونأمل أن نستفيد من معيه عمنا الأستاذ بولا قريبا وأن نتمتع بإضافاتك الثره.عابق الود.

    (عدل بواسطة Mohamed Adam on 11-04-2004, 02:13 PM)

                  

11-04-2004, 04:05 PM

Sinnary
<aSinnary
تاريخ التسجيل: 03-12-2004
مجموع المشاركات: 2770

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماهي نظره الإخوه الجمهوريين ..(عن المفهوم التعبيري) "للشكل"؟. (Re: Mohamed Adam)

    أخي محمد
    لك التحايا
    أخي أنا لم أنفي أشكال أخري لم يوجدها البشر ، لكن عبرت عن الشكل بإعتباره أوضح طراز للتعبير الرمزي التي أوجدها حس الجنس البشري في الحياة ، كفاتحة شهية لآخرين للتداخل خاصة وأن البوست موجه إلي الأخوة الجمهوريين وفيهم أساتذة تشكيليون كبار مثل دكتور النور حمد....أمّا التفصيل في الموضوع ربما كان سيسافر ببوستك لغير الوجهة التي رسمتها له فيمكنك أن تطلق كلمة شكل علي أي شئ فكل الخطوط والأنغام والألوان أشكال ، بل حتي اللغات أشكال عدة منهاالباطنة والظاهرة ،
    وشكلي اللغة الباطنيين لكل من العين والأذن ينطبقان علي بعضهمابمتانة تجعل الفرق بين الوسائل السمعية والبصرية تافهاً ،
    وهناك أشكال الموسيقي والتي كانت دايما موجودة في كل زمان ومكان وحتي قبل وجود أي حضارة أصيلة ، حتي بين الوحوش ،
    علي عكس الموسيقي الكلاسيكية بتشكيلها النغمي والذي لا يعدو سوي تشكيلا للأذن هنالك أشكال من الموسيقي الحديثة والمتشاكلةوبالتالي احيانا يسهل عليك الإندماج في شكل موسيقي بسرعة (موسيقي سودانية)بينما تعجز عن إدراك شكل آخر (كالموسيقي الصينية) فلا تستطيع مع الصينية أن تحدد أي أشكالها مرحا وأيها حزينا...
    هنالك أشكال دينية وحضارية مجوسية وفرعونية ومسيحية وإسلامية ، تميز الروح الحضاري المميز لكل ديانة أو طور في التاريخ
    كما ولأي عصر اشكاله المميزة له التي يختفي الكثير منهامع الزمن ويبقي القليل( أشكال هندسية وثقافية ولسانية وغيرها...
    للمحتوي شكل وللفراغ شكل فهنالك الهندسة الفراغية ، والفراغ يرتبط بالميتافيزيقا( بالشكل الاعمق والكامل المغزي)
    وأيضا كان هناك الصراع الشهير حول الشكل والمحتوي للعمل الأدبي والفني ( لأي حد يعبر الشكل عن المحتوي) ..
    ونشأ التساؤل هل علينا أن ندرك التصوير إدراكا تشكيلياً أو موسيقياً أو نفهمه سكونيأً(كأشياء سكونية ) أو فراغيا، ويمتد التعارض بين فرد وفرد ، ثقافة وثقافة ،شعور وشعور في إحساسهم بالأشكال وبالعالم..
    المسودات شكل مادي ينتمي للطبيعة الحسية ، بينما يضعف جانب الشكل المرئ في كل الفنون الفراغية مثل إنغام اللون والتي تتسامي بالخيال والذات...المهم أن البيئة المحيطة بالإنسان تمثل الكون الأكبر مقابل كونه الأصغر (شخصه) وتحيطه برمزيتها العامة...الموضوع فضفاض يا محمد وأي جزئية فيه تصلح لبوست بحاله فلغة أي حضارة هي لغة شكلها ، وشكل أي حضارة هو لغتها ورمزها وشفرتها وصيرورتها اللامتناهية

    (عدل بواسطة Sinnary on 11-04-2004, 04:16 PM)
    (عدل بواسطة Sinnary on 11-04-2004, 04:24 PM)

                  

11-04-2004, 05:13 PM

Mohamed Adam
<aMohamed Adam
تاريخ التسجيل: 01-21-2004
مجموع المشاركات: 5198

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماهي نظره الإخوه الجمهوريين ..(عن المفهوم التعبيري) "للشكل"؟. (Re: Mohamed Adam)

    الأخ العزيز سناري
    شكرا للمداخله مره ثانيه
    كلما سردته أنا معك تماما فتلك تعبيرات للشكل كشكل, وللشكل كشكل حيوي أيضا وفعلا أن هذا الطريق شائك ومتشعب جدا كما قلت في مداخلتك الأخيره ولكن أود منه أن يشمل الفن التشكيلي والفنان المشكل لذلك الفن وأن يشمل الدين وكيف تكون إنعكاساته علي المستوي التطبيقي لا النظري.فأنا قصدت بفتح هذا الحوار لنتفهم منطق البداهة الكونيه ولربط المصالح المشتركه من خلال الإتفاق علي ما لايمكن الإختلاف عليه في حاله فهمه فهما جيدا(أي للشكل).فأود أن أتعرف علي فكره الأخوه المتداخليين وخصوصاالجمهورييين لإدخال"الشكل" في مضمون مفهوم البداهه الكونيه وعلاقته في حياتنا اليوميه من مفهوم الفكره الجمهوريه.علما بأن الشكل يضم القانون والإستثناء عن القانون,فالشكل هو العام والخاص ولكن العام هو ليس الخاص والخاص هو ليس العام مع أنهما معاطريقه تشكل. فائق الود.
                  

11-04-2004, 09:03 PM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماهي نظره الإخوه الجمهوريين ..(عن المفهوم التعبيري) "للشكل"؟. (Re: Mohamed Adam)


    الأخ الفاضل محمد آدم
    تحية طيبة
    لقد انفقت بعض الوقت لأفهم أبعاد السؤال واعتقد أن لدي فكرة بسيطة الآن وأرجو أن تكون صحيحة والفضل في ذلك يرجع للحوار القصير الذي جرى بينك وبين الأخ الكريم سناري ..
    الفكرة الجمهورية منطلقها "التوحيد" ولذلك فهي ترى أن الوجود كله ، ذراريه ودراريه ، قائم على الوحدة .. وحدة المضمون "الجوهر"، وما اختلاف الشكل "المظهر" فيه الا بسبب من وهم الحواس ووهم العقول .. هذه النظرة الروحية وجدت سندها حتى من منطلق العلم التجريبي المادي الذي اثبت بعد طول تجارب أن هنالك وحدة عارمة تنتظم هذا الوجود برغم تعدد شكوله .. دعني اقتبس لك بعض مما ورد في كتاب "الإسلام" للأستاذ محمود محمد طه:

    أما عن العلم التجريبي فاستمع إلى العالم العربي الكبير الدكتور أحمد زكي يحدثك في كتابه : مع الله في السماء تحت عنوان ((لو انفرط هذا الكون)) فيقول:-
    (ثم نعود إلى الكون ، إن هذه عناصر الأرض ، وهذه مركباتها ، وهى كل شئ فيها ، وقد بناها بانيها من لبنات ثلاث: إلكترونات فبروتونات فنيترونات.
    وتحدثنا عن الكواكب السيارة ، فقلنا أن عناصرها من عناصر الأرض..
    وتحدثنا عن النجوم ، فقلنا أن عناصرها من عناصر الأرض ، تستوي في ذلك نجوم في مجرتنا هذه ، دنيانا ، سكة التبانة ، ونجوم في مجرات نركب إليها الضوء فلا نبلغها إلا بعد مئات الملايين من السنين..
    الكون أجمع إذن يتألف من عناصر هي بعض هذه التسعين.
    الكون أجمع إذن يتألف من تلك اللبنات الثلاث..
    فلو أننا أمرنا الأرض أن ينفرط عقدها : أمرنا أجسام الإنسان أن تنفرط ، وأجسام الحيوان ، وأجسام النبات ، وأجسام الصخر بهذه الأرض ، والصخور بهذه الكواكب ، وأمرنا كل غاز الشمس أن ينفرط ، وأن تنفرط غازات النجوم جميعها ، ما قرب منها وما بعد ، واختصارا أن ينفرط كل شئ في الوجود ، لنتج عن انفراطه كومات هائلة ثلاث من : إلكترونات- وبروتونات- ونيوترونات ، فهل في معاني الوحدة أبلغ من هذا المعنى؟ ونقول ثلاث لبنات ، وهل هي حقا ثلاث ؟ وفي الوقت الذي ترد فيه المادة إلى ثلاث لبنات ، يرد العلماء ((القوى)) إلى أصل واحد: الضوء ، الحرارة ، الأشعة السينية ، الأشعة اللاسلكية ، الأشعة الجيمية ، وكل إشعاع في الدنيا ، كلها صور متعددة لقوة واحدة ، تلك القوة المغناطيسية الكهربائية، إنها جميعا تسير بسرعة واحدة ، وما اختلافها إلا اختلاف موجة.
    المادة ثلاث لبنات ، والقوى موجات متآصلات ..
    ويأتي أينشتين ، وفي نظريته النسبية الخاصة ، يكافئ بين المادة والقوى..
    ويقول: أن المادة ، والقوى ، شئ سواء ، وتخرج التجارب تصدق دعواه ، وخرجت تجربة أخيرة صدقت دعواه بأعلى صوت سمعته الدنيا: ذلك انفلاق الذرة في القنبلة اليورنيومية..
    المادة والقوى ، إذن ، شئ سواء.
    فماذا بقي من أشياء هذا الكون ؟
    بقيت الجاذبية ، ذلك الرباط الذي يربط الكون أجمع ، وبقي المكان SPACE ، وبقي الزمان ، ويحاول أينشتين أن يوحد بينها ، أن يربط بينها ، وهو في نظريته ، نظرية النسبية العامة ، يربط بين الزمان والمكان ، فيجعل منهما شيئاً متواصلاً ، غير متفاصل وفي نظريته الجديدة ، نظرية الحقل الواحد UNITED FIELD THEORY يهدف أينشتين إلى أن يثبت أن القوى المغناطيسية الكهربائية ، تلك التي تتمثل في الضوء والحرارة وصور الإشعاع عامة ، هي وقوى الجاذبية شئ سواء.
    وأقول السواء وما أعني به السوية. ولكني أعني أنهما في الأصول في أعماق الحقيقة الطبيعية ، متواصلان ، قال أينشتين: ((إن روح العالم النظري لا تحتمل أن يكون في الوجود الواحد شكلان للقوى لا يلتقيان ، شكل للجاذبية القياسية ، وشكل للمغناطيسية الكهربائية)).
    وهكذا يتحلل المركب ، ويتبسط المعقد ، وتتشاكل الحقائق التي تتستر وراء الظواهر المختلفة ، وتتشابه ، وتجتمع كلها لتصب في مجرى واحد ، تلك الوحدة العظمى التي تجري في الكون أجمع ، ولكن ، هل قضى الإنسان من ذلك وطرا ؟
    إن الإنسان ما زال يتساءل : وما وراء كل هذا ؟
    إن الإنسان إن كان وجد جوابا لبعض ((كيف)) تساءل عنه ، فهو ما زال يتساءل ((لماذا)) وهو يسأل في شئ من الهلع الفكري ، والتقديس الديني ، قال أينشتين: ((إن أعظم جائشة من جائشات النفس وأجملها تلك التي تستشعرها النفس عند الوقوف في روعة أمام هذا الخفاء الكوني ، والإظلام ، إن الذي لا تجيش نفسه لهذا ولا تتحرك عاطفته ، حي كميت ، إنه خفاء لا نستطيع أن نشق حجبه ، وإظلام لا نستطيع أن نطلع فجره ، ومع هذا نحن ندرك أن وراءه شيئا هو الحكمة ، أحكم ما تكون ، ونحس أن وراءه شيئا هو الجمال ، أجمل ما يكون ، وهي حكمة ، وهو جمال ، لا تستطيع أن تدركهما عقولنا القاصرة ، إلا في صور لهما بدائية أولية ، وهذا الإدراك للحكمة ، وهذا الإحساس بالجمال ، في روعة ، هو جوهر التعبد عند الخلائق)). ويقول أينشتين ، وهو أعلم علماء الأرض في الكون وظواهره ، وأحقهم بالكفر ، إن كان علم يدعو إلى كفر ، وأولاهم باتباع ما اعتاد بعض علماء الغرب ومقلدوهم من أهل الشرق ، من إغفالهم ذكر الله ، يقول أينشتين: ((إن الشعور الديني الذي يستشعره الباحث في الكون ، هو أقوى حافز على البحث العلمي ، وأنبل حافز)) وهو يقول: ((إن ديني هو إعجابي ، في تواضع ، بتلك الروح السامية التي لا حد لها ، تلك التي تتراءى في التفاصيل الصغيرة القليلة التي تستطيع إدراكها عقولنا الضعيفة العاجزة ، وهو إيماني العاطفي العميق بوجود قدرة عاقلة ، مهيمنة ، تتراءى حيثما نظرنا في هذا الكون المعجز للأفهام ، إن هذا الإيمان يؤلف عندي معنى الله)) !!) انتهى حديث الدكتور العالم أحمد زكي.

    الفيزيقيا وسيلة إلى الميتافيزيقيا
    فأنتم ترون ، من هذا الحديث ، كيف رد العلم التجريبي الظواهر المختلفة إلى أصل واحد ، وكيف حمل هذا العلم أكبر علمائنا المعاصرين - أينشتين - ليقول هذه الكلمة الخالدة ، التي أوردناها في آخر ما اقتبسناه من كتاب الدكتور أحمد زكي ، فكأن العلم التجريبي لا يريد أن يكتفي بأن يظهر لنا وحدة العالم المحسوس ، وإنما يذهب إلى أبعد من ذلك ، فيرينا كيف أن العالم المحسوس ، إذا أحسن استقصاؤه ، يسوقنا إلى عتبة عالم وراءه ، غير محسوس ، ويتركنا هناك وقوفا ، في خشوع ، وإجلال ، نلتمس وسائل ، غير وسائل العلم التجريبي المادي ، بها نهتدي في مجاهيل الوادي المقدس ، الذي يقع وراء عالم المادة. أقرأوا ، مرة ثانية ، الكلمة الخالدة التي حمل العلم التجريبي المادي الحديث أكبر علمائنا المعاصرين على قولها!! وأقرأوا ، بشكل خاص ، قوله فيها ((وهو إيماني العاطفي ، العميق ، بوجود قدرة عاقلة ، مهيمنة ، تتراءى حيثما نظرنا ، في هذا الكون المعجز للأفهام))!!
    إن العالم المادي إنما هو بمثابة الظلال للعالم الروحي ، أو قل بتعبير أدق ، أن المادة روح ، في حالة من الاهتزاز تتأثر بها حواسنا ، وأن الروح مادة ، في حالة من الاهتزاز لا تتأثر بها حواسنا ، فالاختلاف ، على ذلك ، بين عالم المادة ، وعالم الروح هو اختلاف مقدار وليس اختلاف نوع ، وهذا يفتح الباب على الوحدة.. وحدة جميع العوالم.
    وحين ينتهي بنا العلم التجريبي المادي إلى رد جميع ظواهر الكون المادي إلى وحدة هي ((الطاقة)) ، يبرز لنا من جديد ، وبصورة خلابة ، العلم التجريبي الروحي ، ليتولى قيادنا في شعاب الوادي المقدس ، الذي يقع وراء المادة ، ونستطيع ، بمواصلة البحث والاستقصاء ، في العلم التجريبي الروحي ، أن نرى هل يمكن أن ترد ظواهر الأخلاق البشرية إلى أصل واحد ، كما ردت ظواهر الكون المادي إلى أصل واحد ، ويتم بذلك الاتساق ، والتلاؤم ، بين سلوك البشر ، وبين البيئة المادية التي يعيشون فيها ، فينتهي بذلك القلق الحاضر ، ويعم الأرض السلام؟؟


    عبارة الأستاذ محمود عن ان ليس هناك اختلاف نوع في الوجود وانما هو اختلاف مقدار نجدها مكررة في الكثير من كتاباته ومحاضراته وهي تعتمد على ان التوحيد يرفض اختلاف النوع لأن الوجود كله صدر من الله الواحد الأحد وتنزل حتى برز في الصور والشكول التي تبدو لنا مختلفة خاصة في الكون المحسوس ..
    أكتفي بهذا القدر الآن وأرجو ألا أكون قد وجهت الموضوع في وجهة خاطئة وقد أعود للتفصيل في هذا الباب ان اقتضى الأمر وسمح الوقت ..
    عمر

    (عدل بواسطة Omer Abdalla on 11-04-2004, 09:16 PM)

                  

11-05-2004, 08:21 AM

Dr.Elnour Hamad
<aDr.Elnour Hamad
تاريخ التسجيل: 03-19-2003
مجموع المشاركات: 634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماهي نظره الإخوه الجمهوريين ..(عن المفهوم التعبيري) "للشكل"؟. (Re: Omer Abdalla)

    الأخ محمد آدم
    لك التحية وخالص الود

    كما تفضل الأخ سناري فإن موضوع الشكل موضوع كبير، ويغطى مساحة واسعة في أنظمة المعرفة البشرية. فهو من ناحية موضوع فلسفي، وعلمي فيزيائي، وله تجليات كثيرة في مختلف الفنون البصرية، وفي كل ما يتم استخدامه لنقل الإحساس أو الفكرة، من شخص لآخر. ويشمل ذلك اللغة المرقومة، والموسيقى، والصورة ذات البعدين، والكتلة ذات الثلاثة أبعاد، وما يحيط بالكتلة مما نسميه فراغا. فالشكل مرتبط بالترميز الذي به تتم صياغة الرسالة، بين المُرسل، والمتلقي. وعموما فهو موضوع شائك، كما تجري العبارة العربية.

    في الإنجليزية هناك كلمتا، Shape و form ولا أعرف مقابلا للكلمتين في العربية سوى كلمة "شكل". وفي المبحث الذي تتحدث عنه هنا، يتم عادة إستخدام كلمة form فالنقاد الفنيون يستخدمون كلمةform ويبدو أنها أشمل من كلمة shape. فهي فيما يبدو تشمل الأشكال ذات البعدين (طول وعرض فقط) والأشكال ذات الثلاثة أبعاد (طول وعرض وارتفاع)، أي الأشكال ذات الكتلة التي تحتل حيزا فراغيا. وهناك مدرسة للنقد الفني، إزدهرت في أمريكا، في الثلاثينات، والأربعينات، من القرن الماضي، تطلق على نفسها Formalism ، وقد أسسها الناقد الأمريكي، "كلمنت غرينبيرج"، وقد كان الناقد الأمريكي الأشهر في النصف الأول من القرن العشرين. ويرى الأمريكيون أن الفضل يرجع لغرينبيرج، في جعل نيويورك مركزا فنيا، عالميا، منافسا لباريس. فغرينبيرج هو الذي روج لمدرسة "التعبيرية التجريدية"abstract expressionism التي لمع فيها الرسام "جاكسون بولوك".

    في رأيي أن الشكل انتاج عقلي. فالشكل وليد التصور، والتصور وظيفة عقلية. وبعبارة أخرى، لا معنى للشكل من غير وجود الإنسان. وقد سبقت الأكوان وجود الإنسان، بدهور دهيرة، يعيي العقل تصورها. فالكون من غير إنسان، لا شكل له!! الكون من غير الإنسان، كل غير قابل للتبعيض. وهذا معنى العبارة الصوفية، الجامعة المانعة، ((كان الله، ولا شيء معه، وهو الآن على ما عليه كان)). فمن وجهة نظر المطلق، لا يوجد زمان، ولا يوجد مكان، ولا توجد كيفية. فكل هذه مجرد اعتبارات عقلية محضة، ولدها وجود الذات البشرية الحادثة، التي رأت أنها مغايرة للطبيعة، ومستقلة عنها، بل وزعمت أنه في وسعها السيطرة على الطبيعة. ويجي النقد "ما بعد الحداثي"، للفلسفة الوضعية، ولإيمانويل كانط، على وجه الخصوص، بأنه قد جعل من بني البشر، كيانا مغايرا للطبيعة. وقد سبق أن تعرضت للفيلسوف الأمريكي المعاصر، كين ويلبر، في كتاباتي السابقة، في هذا المنبر، وكيف أنه يرى أن الوضعية قد سقطت في مأزق فلسفي حين قامت بفصل الذات، عن الموضوع. وما جاء عقب إيمانويل كانط، من افكار فلسفية لحقبة الحداثة، التي نرجو أن نكون نعيش أخريات أيامها الآن، قد ظل مقيدا، وإلى حد كبير، بطروحة كانط. لم تستطع حقة الحداثة، إلى اليوم كسر قشرة بيضة، إيمانويل كانط والنفاذ إلى خارجها، بتصور يعيد للإنسان حقيقة علاقته الضائعة بمحيطه الطبيعي، والإجتماعي.

    ما تفضل الأخ عمر هواري، بنقله من كتاب "الإسلام" للأستاذ محمود محمد طه، وهو كتاب قد جرى نشره في الستينات، يشير إلى اتحاد العلم التجريبي، والفلسفة، في القول، بوحدة الوجود. فالأحياء والأشياء، كلها تعود في نهاية الأمر، إلى (ايلكترونات، ونيترونات، وبروتونات). كل شيء يعود لدى التحليل النهائي، إلى الكهرباء وإلى الطاقة. وثورة المعلومات، وعلوم الكمبيوتر، أضافت الكثير في هذه الوجهة. فالرقم digit هو الوحدة الأساسية، التي أمكن عبر تركيبها في صيغ مختلفة، نقل الصوت، والنغم، واللون، والصورة في كل أشكالها، عبر الوسائط الكمبيوترية.

    أما عن سؤالك الأصلي للجمهوريين، بنقل ما يمكن أن يكون قد كتبه الأستالذ محمود محمد طه، في مسألة الشكل، فالإجابة عليه هي أن الأستاذ محمود لم يكتب في مسألة الشكل كتابة تفصيلية، غير أنه لامسها في كتاب "الإسلام والفنون" حين تحدث عن الموسيقى. وهو حديث اتجه إلى أصول المسائل، وربما أكون قد عبرت عنه على نحو ما، في المقدمة عاليه.

    يقول الأستاذ محمود محمد طه، في كتاب "الإسلام والفنون":

    ((الفـن:
    فأما الفن، فقد سبق لنا أن عرفناه في متن هذه المحاضرة، وذلك حيث قلنا، ان الفن هو وسيلة التعبير عن ملكة التعبير .. وقلنا يومها أن ملكة التعبير إنما هي الحياة .. والحياة تعبر عن نفسها بوسائل مختلفة، في مستويات مختلفة ... فهي تعبر عن نفسها بالحركة، وتعبر عن نفسها بالغذاء، وتعبر عن نفسها بالتناسل، كما تعبر عن نفسها بالشعر، وبالنثر، وبالغناء، وبالرقص، وبالنحت، وبالرسم، وبالتصوير وبالتمثيل، وبالموسيقى، وبغيرها من ضروب الطاقة الفكرية، والجسدية، التي تفيض وتنبجس .. فهل يعني هذا أن كل أساليب الحياة للتعبير عن نفسها فن ؟؟ .. نعم هذا على التعميم، وفي جملة الأمر، صحيح ... بيد أن صور التعبير التي تمارسها الحياة البدائية تعتبر فناً فجاً، وتزيد فجاجته كلما انحصر في التعبير عن مجرد نوازع المعدة، والجسد ... اننا لا نسمي أساليب الحياة، في التعبير عن نفسها، فنا، بالمعنى المخصص لهذه الكلمة، إلا إذا ما دخلت هذه الأساليب على مستوى التعبير عن القيمة – القيمة في الحياة – وأعلى قيم الحياة الحرية .. هناك الطاقة الحياتية، وهناك الطاقة العقلية، وإنما بالطاقة العقلية دخلت القيمة في الحياة .. فالفن إنما هو تعبير الطاقة الحياتية عن نفسها من خلال مصافي العقول المرتاضة، الصافية، القوية الإدراك ... الفن هو التعبير عن حياة الفكر وحياة الشعور، في آن معاً .. والطاقة الحياتية إنما هي أصل الحياة، في سذاجة، وبساطة، وهي لا تفلسف، ولا تتأنق، ولا تحتفل، حين تعبر عن نفسها .. وأسلوبها في التعبير اسلوب القصد الصريح، في ممارسة اللذة، واجتناب الألم، ولكننا نحن لا نعتبر اندفاعات الشهوة في هذا المستوى فناً من الفنون، وإنما الفن تعبير الشهوة المحكومة بالعقل المهذب، المروض المنضبط بقواعد الخلق الرصين .. وإنما من أجل ترويض، وتهذيب العقول حمدت مساعي الفنون، في صورها المختلفة، وبأساليبها المختلفة .. وإنما قيمة كل أسلوب من أساليب الفنون هي قيمة ما يقربنا من تلك الغاية ... وفي هذا المضمار يقع التفاوت بين أفانين الفنون، وفيه أيضاً يقع اختلاف ما بين الفن والدين – الإسلام ... ومعلوم انه إنما هو دائماً اختلاف مقدار، ولقد تعرضنا لتعريف الفن في الأسطر القليلة الماضية، ولقد قررنا هناك أن الفن والإسلام لصيقان، وهذا يعني أنهما وجهان لأمر واحد ... وهذا الأمر الواحد إنما هو الحياة ... فالفن أسلوب تعبير للحياة به يزيد عمقها، واتساعها .. والإسلام اسلوب تعبير للحياة، به يزيد عمقها واتساعها، ولكن أسلوب الإسلام أشمل وأعمق، وأبعد مدى من أسلوب الفنون .. ولقد وردت الإشارة إلى الاسلوبين: أسلوب الفنون، وأسلوب الإسلام ، في الآية الكريمة: (سنريهم آياتنا، في الآفاق، وفي أنفسهم، حتى يتبين لهم أنه الحق، أو لم يكف بربك أنه على كل شي شهيد ؟؟) فهذه آيات الآفاق، وآيات النفوس ... وهي جمعيها موضوع الفنون ، وموضوع الإسلام .. فأما الفنون فإنها تعنى بآيات الآفاق ، أكثر مما تعنى بآيات النفوس ، ولكن عنايتها بهذه غير غائبة .. وأما الإسلام فإنه يعني بآيات الآفاق، ويتخذها مجازاً إلى آيات النفوس، وعنايته بهذه ، وبخاصة في آخريات مراقيه أكبر وأعظم، وللعلم التجريبي في هذين مجال، ولكنه ليس هنا بذي بال، ويكفي فيه أن يقال: إن الفن، والدين، والعلم، متداخلة، والاختلاف بينها إنما هو اختلاف مقدار.

    الإسلام:
    وعند الإسلام آيات النفوس مقصودة بالآصالة، وآيات الآفاق مقصودة بالحوالة، بمعنى ان الإنسان يعبر على آيات الظاهر ليصل إلى فهم آيات الباطن، فينسقها مع الظاهر حتى تستقيم له حياته، وتتعمق وتتسع .. وفي الإسلام الظاهر إنما هو ظل للباطن – الكون الظاهر إنما هو الكون الباطن في حالة بروز وتجسيد .. والإسلام إنما يعني الانقياد، والاستسلام ... وهو يبدأ بمحاولة الحي أن يوجد نوعاً من العلاقة الحميمة بينه وبين البيئة الطبيعية التي يعيش فيها وذلك بإقامة نوع من المصالحة، والمصادقة والمودة معها، أو نوع من التقية، والمحاذرة، والخشية منها، ومن ههنا نشأت العبادة، ونشأ العلم، ونشأ الفن.
    أن الوجود المادي، المحسوس، إنما هو لحن من الموسيقى العلوية، هو لحن متسق، منسجم، مهذب، لا نشوز فيه، ولا شذوذ ... ونحن الآن إنما نتعلم العلم كي نستطيع به أن نسير بحياتنا في مصاقبة، وفي سلام مع هذا اللحن العلوي العظيم .. نحن إنما نتعلم العلم الذي يعيننا على تنغيم حياتنا مع بيئتنا، ولقد علمنا أن هذا العلم لن يكون علم الظواهر الطبيعية، فحسب، وإنما هو علم الظواهر والبواطن - علم آيات الآفاق، وآيات النفوس – وبواطن الظواهر تقول: أن الكون المادي المحسوس، إنما هو الإرادة الآلهية جمدت، وتجسدت .. أن الكون هو مظهر قدرة الله، تبارك، وتعالى، فإنه تبارك وتعالى، عندما أراد إظهار المخلوقات أحاط بها علماً، باسمه العالم، ثم خصص الصورة البدائية لظهورها، وذلك باسمه المريد، ثم أبرز هذه الصورة، إلى حيز المحسوس، وذلك باسمه القادر، وباسم القادر تم تجسيد العلم الإلهي، والعلم الإلهي صفة قديمة، قائمة بذات الله القديمة .. فما هو غيرها، وإنما هو هي، في مرتبة التنزل، لتظهر، لتعرف.
    ان البيئة الطبيعية التي نعيش فيها إنما هي بيئة روحية تجسدت ، وكان من تجسيدها السموات والأرض، وما فيهما ، وما بينهما ، وأصبح علينا ، لكي نعيش في وئام مع بيئتنا، أن نعلم ظاهرها – آيات الآفاق ، ونعلم باطنها – آيات النفوس .. قال تعالى، في ذلك (سنريهم آياتنا ، في الآفاق، وفي انفسهم، حتى يتبين لهم انه الحق .. أو لم يكف بربك انه على كل شئ شهيد؟؟) ونحن ، من أجل هذا العلم ، نحتاج العلم التجريبي ، وهذا أكثر تركيزاً على الظواهر ، منه على البواطن ... بل هو يكاد يقتصر على الظواهر وحدها .. ونحن، من أجل هذا العلم ، نحتاج الفنون، بكل صورها، وضروبها ، وهذه موزعة بين الظواهر والبواطن ، وتركيزها على الظواهر أعظم ، ودخولها في البواطن غير موجه بالنهج الذي يضمن لها التغلغل في هذه البواطن، مما يزود الفنان بالقدر الكافي من علم اسرارها، وإنما هي تقتصر على إلهامات نفس الفنان، وموهبته.
    ونحن نحتاج الدين من أجل هذا العلم ... والدين يبدأ بالظواهر ، ويتخذها معبراً إلى البواطن .. وهو إنما يزيد تركيزه على البواطن كلما تمرس المتدين بمنهاج العبادة ، وكلما روض عقله ، وقلبه، على أدب الشريعة، وأدب الحقيقة .. (أو لم يكف بربك انه على كل شئ شهيد) إشارة إلى الاستغناء بالبواطن عن الظواهر .. إشارة عن الاستنغاء بالله عن جميع الخلق .. وذلك إنما يكون عند الاستواء، حيث لا يبقى، في الوجود ، غير العبد والرب – العبيد الاخرون موجودون، ولكن وجودهم لا يتخذ وسيلة إلى معرفة الله، وإنما معرفة الله وسيلتها ذاتها – هذه تبدأ عند نهايات البدايات ، ويطالع بها المصطفون ، الأخيار، في هذه الدار ، ثم لا تكون لنهاياتها نهايات، وإنما هو الترقي السرمدي.))

    أواصل نص الأستاذ محمود محمد طه من كتابه "الإسلارم والفنون"
                  

11-05-2004, 09:38 AM

Dr.Elnour Hamad
<aDr.Elnour Hamad
تاريخ التسجيل: 03-19-2003
مجموع المشاركات: 634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماهي نظره الإخوه الجمهوريين ..(عن المفهوم التعبيري) "للشكل"؟. (Re: Dr.Elnour Hamad)

    مواصلة لنص الأستاذ محمود محمد طه، من كتاب "الإسلام والفنون":

    ((الموسيقى:
    الموسيقى أسمى الفنون، وأعلاها، وأقدمها.. وهي ، في حقيقتها القديمة، هذا اللحن العلوي، الذي تحرك في سلمه السباعي، يحكي منازل الإنسان وهو يسير في طريق الاغتراب، ثم يحكيها وهو يسير في طريق الرجعى إلى الوطن القديم .. هذه الحركة هي المحكية في قوله، تبارك وتعالى، (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم * ثم رددناه أسفل سافلين * إلا الذين آمنوا، وعلموا الصالحات، فلهم أجر غير ممنون) في هذه ثلاث الآيات جاءت صورة الاغتراب، وصورة العودة من الاغتراب .. هذه الحركة في الهبوط وفي الرجعى، هي حقيقة الموسيقى .. وهي ، في جميع مراحلها في البعد والقرب، ذات سلم سباعي، مرحلتها الأولى، في طريق البعد، الصفات السبع: الحي، العالم، المريد، القادر، السميع، البصير، المتكلم .. ومرحلتها الثانية الحواس السبع: القلب، والعقل، والسمع، والبصر، والشم، والذوق، واللمس .. ومرحلتها الثالثة النفوس السبع: الكاملة، والمرضية، والراضية، والمطمئنة، والملهمة، واللوامة، والأمارة ... ومرحلتها الرابعة الأيام السبعة: الأحد، والاثنين، والثلاثاء، والأربعاء، والخميس، والجمعة، والسبت .. ومرحلتها الخامسة السموات السبع: السماء السابعة، والسادسة، والخامسة، والرابعة، والثالثة، والثانية، والأولى .. ومرحلتها السادسة، الأرضين السبع: الأرض الأولى، والثانية، والثالثة، والرابع ، والخامسة، والسادسة، والسابعة، ومركز هذه هو أسفل سافلين المشار إليه في الآية الكريمة، حيث قال، جل من قائل (ثم رددناه أسفل سافلين) وقد نزل الإنسان هذه المنزلة في مرحلة التنزل السابعة .. ثم انه استأنف سيره في طريق الرجعى، من هذا البعد السحيق .. ولقد جاءه الاذن بأن يأخذ في طريق الرجعى، وذلك حيث حكى الله تبارك وتعالى عنه (فلتقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه، أنه هو التواب الرحيم ..) وإنما تاب عليه ليتوب – يعني ليرجع ..
    وفي أسفل سافلين، وهو مركز الأرض السابعة، كان آدم في أدنى درجات التجسيد – ذرة غاز الهيدروجين .. ثم أنه أستأنف سيره في طريق الرجعى فنزل المنازل المختلفة ... وحين دخل مرتبة المادة العضوية، وظهر في حيوان الخلية الواحدة، بدأت الحواس بحاسة اللمس "الحس" وأطرد ترقيه حتى دخل مرتبة الحيوان السوي، المكتمل ... وهذا معنى قوله تبارك وتعالى (فإذا سويته) .. ثم أطرد ترقيه، ودخل مرتبة البشرية، وصار له عقل .. فذلك معنى قوله تعالى (ونفخت فيه من روحي) .. ثم أنه نزل منزلة التكليف، حين صار له عقل، وحين أصبح له في ملكوت الله ذكر، بعد أن لم يكن .. فذلك معنى قوله تعالى (هل اتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً ..) هذه هي الموسيقى في حقيقتها العليا .. هذا اللحن المنسجم ، المنسق، المهذب الحواشي، المنطلق في طريقي الصدور والورد – الصدور من موطنه الأول إلى موطن البعد والاغتراب، والورود من من هذا البعد آيباً إلى موطنه الأول من جديد بعد طول هذا الاغتراب، وطول هذا البعد – هذا اللحن – هذه الحركة المحتشدة – هو الموسيقى في حقيقتها العلية. وطريق الأوبة، من أسفل سافلين، إلى الموطن الأول، في أحسن تقويم، طريق مرسوم عبر الأرضين السبع، والسموات السبع، في تعاقب الأيام السبعة، في مراقي النفوس السبع، والحواس السبع، والصفات السبع، إلى مرتبة الإنسان الكامل ذات المقامات السبعة.
    وفي أثناء طريق العودة ومن خلال تعاقب الأيام السبعة، نشأت العناصر المختلفة، ثم نشأت الحياة، ونشأت الأديان، ونشأت العلوم، ونشأت الفنون، وذلك في الآماد السحيقة، من الأزمنة السحيقة ... ونحن، في هذا المجال الضيق، لا يسعنا إلا أن نفقز قفزة كبيرة، نصل بها إلى نهايات البدايات، حيث الأديان والعلوم التي نألفها اليوم، وحيث الفنون في المستوى الذي نعرفه عن الكلمة المنظومة، والكلمة المنثورة، وحيث النحت، والرسم، والتصوير، والغناء، والرقص، والموسيقى، والتمثيل، وبقية ضروب الفنون .. وأعرق الفنون وأعظمها، وأشرفها، على إطلاقها، الموسيقى ... وإنما يجئ شرفها من أمرين: أحدهما ارتباطها بالأصوات، والصوت لازمة لا تنفك عن الحركة، والحركة أصل الوجود الحادث، على إطلاقه .. وثانيهما أنها تدرك بحاسة السمع، وحاسة السمع أشرف الحواس السبع، (ماعدا القلب والعقل) فهي تلي القلب، والعقل، وتجئ بعدها حاسة البصر، ثم حاسة الشم ، ثم حاسة الذوق ، ثم حاسة اللمس (الحس) ... ويجئ شرف حاسة السمع على حاسة البصر ، وبقية الحواس الأخرى ، من سعة ما تؤدي إلى العقل من معلومات ، وإلى القلب من أحاسيس .. هذا ما من أجله قدم السمع على البصر في سائر آيات القرآن ، وأعطى منزلة الشرف فيها.
    السمع يتأثر بالأصوات ويؤديها إلى العقل ، والقلب ... والأصوات هي الأكوان جميعها .. المرئي منها ، وغير المرئي ، والمسموع منها ، وغير المسموع .. فإنه ما من شئ في الكون الحادث إلا وهو في حركة لا تنقطع، حتى أكثف المواد التي نراها، ونعرفها، فإنها في الحقيقة، مهلهلة، مخللة بفجوات، تتحرك فيها ذرات تكوينها حركة متصلة كما تتحرك ذرات البخار في السحابة (وترى الجبال تحسبها جامدة، وهي تمر مر السحاب .. صنع الله الذي اتقن كل شئ .. أنه خبير بما تفعلون) وكل متحرك لا بد مصوت، ولكننا نحن لا نسمع إلا قطاعاً خاصا، وصغيراً جداً، من أصوات هذه العناصر المتحركة .. أن ما نسمعه منها بالنسبة إلى ما لا نسمعه كالنقطة من المحيط بل هي أصغر، ولقد قيدنا بعض الأصوات التي نسمعها فيما سمى بالحروف الرقمية، وهي عندنا في اللغة العربية، ثمانية وعشرون حرفاً، هي الحروف الأبجدية المعروفة، هذا إذا لم نعد لام الألف والهمزة المقطوعة .. وهناك كثير من الأصوات التي نسمعها لا تخضع في ضبطها للحروف الرقمية، وجاء تسجيل الموسيقى للأصوات بصورة أوفى من تسجيل الحروف الرقمية، وهو ذو سلم سباعي هدفه دقة التنغيم في الانتقال بين مستويين من مستويات الصوت، وكأن ، في ذلك، حكاية لأطوار الخلق السبعة، التي سبقت الإشارة إليها، في أمر الصفات، والحواس، والنفوس، والسموات، والأرضين، والأيام، وغرض الموسيقى من اللحن المنغم، المتسق، المهذب الحواشي، أن توجد في داخل النفس البشرية، نوعاً من التنغيم، والاتساق، والتهذيب، يحل محل التشويش، والنشاز، الذي يعتمل فيها، هذا هو السر في الراحة التي تجدها النفس عند الاستماع إلى قطعة من الموسيقى الراقية، ومع ذلك فإن الموسيقى، في جميع مستوياتها، قاصرة عن تأدية هذا الغرض، إلا لفئة قليلة جداً من الناس ... وهي حين تؤديه إنما تؤديه في حد ضيق جداً، وذلك يرجع لسببين رئيسيين، أولهما: ضيق نطاق الأصوات الذي تعمل فيه الموسيقى، إذا ما قورن بالأصوات من الحركات التي هي موروث النفس البشرية في منازلها المختلفة التي أوردنا إليها الإشارة آنفاً .. وثانيهما هو أن الموسيقى لا تملك منهاجاً يقوم بترويض النفس البشرية، وتدريجها، حتى تستطيع أن ترتفق بالموسيقى الراقية فتحقق بسماعها قدراً من التنغيم الداخلي والمواءمة.
    القرآن هو الموسيقى:
    القرآن المقروء، والمحفوظ بين دفتي المصحف الشريف، قد حوى جميع الأكوان القديمة، والحديثة .. وهو اللحن العلوي الكبير، المنطلق يرسم طريق صدور الإنسان، من منبعه، وطريق رجوعه، إلى مصبه – الذات الآلهية – حواها، وحوى حركاتها، فلم يغادر منها شيئاً .. قال تعالى ، في الإشارة إلى ذلك: (ووضع الكتاب، فترى المجرمين مشفقين مما فيه، ويقولون: ياويلتنا!! مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا احصاها .. ووجدوا ما عملوا حاضراً، ولا يظلم ربك أحداً ..) معلوم ، لدى المعنى القريب، أن الكتاب المقصود هنا هو كتاب أعمال الأفراد ... ولكن ، لدى المعنى البعيد، فإن الكتاب هو القرآن ... وهو لا يغادر صغيرة ولا كبيرة، في ذرات، واجرام، الأكوان إلا احصاها، قيداً وشمولاً .. وفي نفس هذا المعنى يرد الحوار الذي جرى بين فرعون وموسى (قال فمن ربكما يا موسى * قال ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى * قال فما بال القرون الأولى * قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ..) فإن هذا الكتاب إنما هو القرآن .. والقرآن إنما رصد سير موجة الأكوان ، العلوية والسفلية ، وفي مقدمتها الإنسان – رصدها بين الصدور والورود إلى المنبع الذي منه صدرت – لأنه إنما هو كتاب تسليك وهداية .. وفيه يقول تعالى: (وقلنا يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة .. وكلا منها رغداً حيث شئتما، ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فازلهما الشيطان عنها ، فأخرجهما مما كانا فيه ، وقلنا أهبطوا!! بعضكم لبعض عدو ، ولكم في الأرض مستقر ، ومتاع إلى حين * فتلقى آدم من ربه كلمات ، فتاب عليه .. انه هو التواب الرحيم * قلنا أهبطوا منها جميعاً!! فأما يأتينكم منى هدى ، فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ، ولا هم يحزنون ..) هذه هي لمحة من قصة اكتمال الخلقة، واكتمال التقويم، (يا أدم أسكن أنت وزوجك الجنة ، وكلا منها رغداً حيث شئتما) وهي قصة الخروج في طريق البعد (قلنا اهبطوا!!) وهي قصة الصراع في موطن البعد، والاغتراب، (بعضكم لبعض عدو) وهي قصة أجل الاغتراب، في موطن الاغتراب، (ولكم في الأرض مستقر ، ومتاع إلى حين) .. ثم هي قصة الاذن بالعودة إلى الوطن القديم (فتلقى آدم من ربه كلمات ، فتاب عليه) ومن باب التوبة إهداء طريق العودة إلى الوطن القديم (فاما يأتينكم مني هدى، فمن تبع هداي فلا خوف عليهم، ولا هم يحزنون) وهذا الهدى إنما هو القرآن (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) .. ومعنى ما في هذه الآيات الكريمات هو ما ورد في قوله تعالى في سورة التين (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم * ثم رددناه أسفل سافلين * إلا الذين آمنوا ، وعملوا الصالحات ، فلهم أجر غير ممنون ..) ولا تتم الهداية، في طريق العودة بالقرآن ، لجميع الخلائق، في دار واحدة ، فإن منهم من تبدأ هدايته في الدار الدنيا ، ومنهم من تبدأ هدايته في الدار الأخرى ، وكلهم مصيره إلى السير السرمدي على طريق الرجعى إلى الله ، فإنه ما من الله بد .. (يا أيها الإنسان انك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه).

    لقد تحدثنا في متن المحاضرة، عن أن الأصل في صناعة الأوتار التي تنقل الألحان، إنما هي تجربة بخيط ، يثبت في طرفيه، ثم ينقر ليتذبذب بكليته، ترصد ذبذبته، ثم يقسم إلى نصفين، وينقر كل نصف، ثم يقسم إلى أثلاث، وإلى أرباع، وهكذا .. وترصد ذبذبة كل جزء .. هكذا الشأن في القرآن، فإن الوتر الذي يعزف فيه لحن مشدود بين طرفي الصدور والورود، وتتحرك فيه نقطة، تمثلها، في الوتر الموسيقى، النقطة التي تقسم الخيط إلى أثلاث، وارباع واثمان .. الخ ألخ ، فالطرفان المشدود بينهما وتر القرآن هما الذات لدى الصدور "الحقيقة العبدية" والذات لدى الورود "الحقيقة الإلهية" (أن مثل عيسى ، عند الله كمثل آدم، خلقه من تراب، ثم قال له كن فيكون * الحق من ربك، فلا تكن من الممترين ..) ثم بدأ تحرك الحق، تنزلاً من الحقيقة، في منازل البعد، منزلة، منزلة، في سلم سباعي، حتى نزل الحق منزلة أسفل سافلين .. وهذا التنزل ، في طريق البعد، هو ما وردت إليه الإشارة بقوله تعالى (ثم رددناه أسفل سافلين) ومنزلة أسفل سافلين منزلة حق .. فما هي بمنزلة باطل، إلا في حكم الشريعة .. والحق دائماً نسبي، والحقيقة مطلقة ... والحق يتحرك يطلب الحقيقة، وهو يدخل مداخلها كلما تخلص من طرف الباطل الذي اقام عليه حكم الشرع ... ونحن لطرف التنزل من المصدر إلى منزلة أسفل سافلين، لا نعطي مجالاً في مقدمتنا هذه، وإنما نعطي كل اعتبارنا لطرف العودة إلى المصدر من منزلة أسفل سافلين ... وإنما ذلك لمكان الإرادة البشرية في هذا الطرف وانعدامها في ذلك ولم تجيء الإرادة البشرية في طرف الورود – السير في مراقي القرب – إلا في وقت متأخر ، ولكنها مع ذلك، قد أعطت هذا الطرف منزلة الشرف على طرف التنزل ... والموسقى القرآنية التي تهمنا الآن، إنما هي معزوفة على الوتر المشدود بين أسفل سافلين ، وبين الحقيقة الآلهية ، في أول نقطة الورود .. في هذا المضمار يرد الترقي بوسائل الشريعة .. ووسائل الطريقة، ووسائل الحقيقة .. وهذان الطرفان (الحقيقة الآلهية، وأسفل سافلين) نقيضان، أو قل ضدان، أو قل زوجان، وكما أن الموسيقى حركة بين طرفين تريد أن تملأ الفراغ بالنغم المنسجم ، المتسق ، فكذلك العبادة، هي محاولة لملء الفراغ بين طرفين بتحرك منسق ، ومهذب ، من الطرف الأدنى إلى الطرف الأعلى، من غير قفزات، ولا نشوز، ولا اضطراب، وهذا وجه من الشبه كبير بين اللحن الموسيقي ، في الموسيقى، واللحن الموسيقي، في حياة الحي، العاقل، السالك .. وإنما جاء القرآن بموسيقاه التي ذكرناها ليرشد السالكين في طريق عودتهم ، من الاغتراب إلى الوطن – من البعد إلى القرب – أو قل: من الأدنى إلى الأعلى ، أو قل: من الحيوانية إلى الإنسانية .. (الم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ..) والضدان ، أو قل الزوجان هما أصل الوجود الحادث (ومن كل شئ خلقنا زوجين ، لعلكم تذكرون * ففروا إلى الله ، أني لكم منه نذير مبين) .. وإنما خلق الله ، في الوجود ، الزوجين .. لنفهم عنه نحن لأن عقولنا لا تميز الأشياء إلا باضدادها .. فنحن لا نعرف الحلو إلا بوجود المر، ولا نعرف الخير إلا بوجود الشر، ولا نعرف الحياة إلا بوجود الموت، ولا نعرف النور إلا بوجود الظلام .. فكل شئ قد خلق زوجين اثنين (سبحان الذي خلق الأزواج كلها: مما تنبت الأرض ، ومن أنفسهم، ومما لا يعلمون ..) وفي قمة الأزواج الله والإنسان الكامل .. وإلى هذا الإشارة بقوله تعالى (ومما لا يعلمون ..) .. وفي سيرنا في العوالم إنما نحن سائرون إلى الله – انما نحن مرتفعون من الأدنى إلى الأعلى – نستعين، في سيرنا ، بالتمييز المستمر الذي تروض عقولنا عليه الأزواج المختلفة ، في الموجودات المختلفة ، إذ نحن مأمورون بالسير من الموجودات إلى الموجد ، ومن الأكوان إلى المكون (ففروا إلى الله ، أني لكم منه نذير مبين) وإنما انزل لله القرآن ليعيننا على تسديد وترشيد، فرارنا هذا ، من كل ما سوى الله، إلى الله، .. ولقد استعمل القرآن في موسيقاه الحرف، واستعمل الكلمة، استعمل الكلمة في دقة من المعاني معجز، وفي جمال من التركيب معجز، وفي لحن من النظم الفني يبعث في النفس الطرب، والنشاط ، والرغبة في التكرار الذي لا يمل ، ولم يستعمل القرآن الحروف إلا بعد ان استنفد وسع الكلمات، وهو إنما استعمل الحروف ليخبرنا أن معانيه أكبر من أن تؤديها الكلمات، مهما طوعت .. وتبدأ الحروف ، على ذلك، بعد أن تعجز الكلمات .. ولقد استعمل القرآن أربعة عشر حرفاً، من الحروف الأبجدية الثمانية والعشرين، في افتتاح تسع وعشرين سورة، على أربع عشرة تشكيلة .. ومعاني الحروف عنده تنزل في ثلاث مراتب: مرتبة الحروف الرقمية، وهذه هي الثمانية والعشرون حرفاً المعروفة في أبجدية اللغة العربية .. وأعلى منها مرتبة الحروف الصوتية، وهذه تتعلق بالأصوات .. والأصوات بدورها تتعلق بالحركات .. ولقد قررنا أن جميع ذرات الوجود في حركة لا تنقطع .. فهي أذن مصوتة، وأصواتها لا تنقطع .. فنسبة الحروف الرقمية إلى الحروف الصوتية كالقطرة من المحيط ، ثم أوسع من هذه ، وتليها في الرفاعة، مرتبة الحروف الفكرية .. وحركة الفكر أسرع من حركة المادة ، في ألطف صورها – الضوء .. حركة الفكر أسرع من سرعة الضوء .. فالحروف الفكرية تكاد في سعتها تلحق بالإطلاق .. وهي في الحقيقة، تقف على عتبة الإطلاق .. فعندما يتناهى الفكر في الحركة يعجز عن الحركة، ويتوقف .. وفي نقطة توقفه يبدأ الإطلاق .. وهذه النقطة هي قمة ما توصل إليه إشارة القرآن .. فالقرآن، في جملة ما تؤدي كلماته، وحروفه، ليس هو عبارة عن الذات، وإنما هو مجرد إشارة إلى الذات .. فالذات فوق العبارة، وهي، في الحقيقة، فوق الإشارة .. فغاية ما تؤدي إليه موسيقى القرآن هي توصيلنا إلى عتبة الذات ، ثم تخلي بين حياتنا ، وبين الحياة السرمدية، الخالدة، التي لا تحيط بها العبارة، وتقصر عنها حتى الإشارة .. (راجع الرسالة الثانية من الإسلام).
    فقمة ما تؤدي إليه موسيقى القرآن إذن هو قمة ما تنتهي إليه الحروف الفكرية .. وإنما تنتهي الحروف الفكرية إلى حالة التوقف – إلى حالة عجز الفكر عن التفكير – وذلك ما سمى، عند الصوفية، بحالة العجز عن الإدراك، وقد قالوا فيه: العجز عن الإدراك، إدراك .. وهو بعينه ما يعرف عندهم بحالة الحيرة .. وعن هذه الحالة يقول سلطان العاشقين ابن الفارض:
    زدني بفرض الحسن فيك تحيرا * وأرحم حشى بلظى هواك تسعرا
    وهذه الحالة هي حالة الوقوف على عتبة الذات .. وإنما يحار الفكر فيها لانقطاع الضدية عنها .. فهي أحدية الصفة، وترية الوجود .. وفي هذا المستوى يبلغ الفكر ذروة قوته ، واستحصاده .. ويبلغ القلب، تبعاً لذلك، قمة رحابته ، وسلامته .. ويبلغ الحي بهذين قمة حياة الفكر وحياة الشعور .. وهذه هي الحياة التي ينتهي إليها الترقي في الصفات السبع، التي هي صفات إلهية، وقد وردت الإشارة إليها في أول المقدمة، وهي الحياة، والعلم، والإرادة، والقدرة، والسمع، والبصر والكلام .. هذا باعتبار التنزل – باعتبار السير في طريق البعد – أما باعتبار المعراج – باعتبار السير في طريق الرجعى من البعد إلى القرب، ومن الاغتراب إلى الوطن، فهي تتصعد هكذا:- الكلام ، فالبصر ، فالسمع، فالقدرة، فالإرادة ، فالعلم، فالحياة .. وهذا هو اتجاه موسيقى القرآن الذي سقناه إلى عتبة حيرة الفكر.
    ان الفكر لهو الأكسير الذي به تتسع الحياة، وتتعمق ... وهو من أجل ذلك، وظيفة القرآن الأولى .. ولقد قال تبارك وتعالى في ذلك (وما أرسلنا ، من قبلك، إلا رجالاً ، نوحي إليهم ، فأسالوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون * بالبينات، والزبر .. وأنزلنا إليك الذكر، لتبين للناس ما نزل إليهم .. ولعلهم يتفكرون) .. (وأنزلنا إليك الذكر) يعني القرآن كله (لتبين للناس ما نزل إليهم) وهو القدر من القرآن الذي يطيقونه، ويحتاجونه، تبينه بالتشريع ، وبالتفسير .. (ولعلهم يتفكرون) يعني ان الغرض من إرسال الرسول، ومن انزال القرآن، ومن تبيينه بالتشريع وبالتفسير، هو أن يتفكر الناس، وأن يقوى تفكيرهم بالرياضة، وبالمرانة في العبادات .. ولقد أفادت الآية السابقة لهذه نفس المعنى .. فكأنما جميع رسالات السماء، وجميع كتب السماء ، مطوعة لترويض الفكر .. فالفكر هو خادم الحياة القوي، الأمين ... ولقد سايرت موسيقى القرآن الفكر، من لدن أسفل سافلين – من لدن بروز الإنسان في المادة غير العضوية "ذرة غاز الهيدروجين"، حتى بلغت هذه المادة غير العضوية مرتبة المادة العضوية، ببروز حيوان الخلية الواحدة، وما أنفكت تسايره، وتتعهده، وتمخضه، من حياة الحي، كما تمخض الزبدة من اللبن، حتى بلغت به طور البشرية الحاضرة، وهي لن تنفك تسايره، وتتعهده، وتروضه، وتهذبه، حتى تبلغ به مرتبة الإنسان الكامل .. وهيهات!!.
    لقد قررنا أن موسيقى القرآن معزوفة على وتر مشدود بين طرفين، وتتحرك فيه نقطة .. وقررنا أن هذين الطرفين هما "الباطل والحقيقة" .. وقررنا أن الباطل ليس باطلاً مطلقاً، وإنما هو أدنى منازل الحق .. وقررنا أيضاً أن النقطة التي تتحرك إنما هي الحق، متطوراً نحو الحقيقة، منطلقاً من أدنى منازله .. ونقرر هنا أن هذه الهيئة إنما هي هيئة الفكر .. فالفكر حركة بين طرفين، هما: الذاكرة، والخيال .. فكأنما الهيئة هيئة ثالوث، على الطرفين النقيضان، ويتحرك بينهما متحرك هدفه التوحيد بين النقيضين ففي ذلك اكتماله، واستواؤه .. فالفكر يبلغ أقوى ما يكون حين يستوي على خط الاستواء بين هذين النقيضين – الذاكرة والخيال .. وعندما جعلت وظيفة القرآن ترويض هذا الفكر، وتهذيبه، جعل خير ما فيه الكلمة "لا إله إلا الله" .. ولقد جاءت لا إله إلا الله، بين النفي "لا" والإثبات "إلا" فلكأنها تقرر أن الحق، أقوى ما يكون الحق، لا هو إلى طرف النفى، ولا هو إلى طرف الإثبات، وإنما هو "بين بين" ونقطة البين بين هي نقطة الاستقامة التي قال عنها المعصوم (شيبتني هود وأخواتها)، وذلك في قوله تبارك وتعالى من سورة هود (فاستقم كما أمرت، ومن تاب معك، ولا تطغوا .. انه بما تعملون بصير) ... ففي تحقيق الاستقامة تدريج الفكر، وتهذيبه، وتقويته، وتحييده عن الميل لأي من الطرفين اللذين يتجاذبانه ... وهذه هي وظيفة تحقيق التوحيد، بكلمة التوحيد "لا إله إلا الله" وإنما من أجل تحقيقها جاءت عبادات الإسلام، وعاداته، جاءت الصلاة بحضرتيها، - حضرة الإحرام، وحضرة السلام- ولقد فرضت الصلاة فوق السموات السبع ... وجعلت حركات الركعة سبع حركات .. وجعل السجود، الذي هو قمة حركات الصلاة، على سبعة عظام، من عظام الجسد ... فهذه الحركات "السباعية" هي بسبيل من منازل الحركات السبع، التي أكثرنا ذكرها في حديثنا في هذه المقدمة، حتى لقد تحدثنا عن السلم السباعي في الموسيقى.
    وبمناسبة سلم الموسيقى السباعي، فإن حركة الفكر أيضاً تسير في سلم سباعي، لقد سبق أن قررنا أن الفكر يتحرك بين طرفين، هما الذاكرة والخيال، ونحن لا نخرج عن هذا المعنى إذا قررنا أن هذين الطرفين هما الماضي، والمستقبل .. فجولان الفكر بين طرفي الذاكرة (الماضي) والخيال (المستقبل)، يعزف على سلم سباعي، هذا السلم السباعي يعرف عند السادة الصوفية بمراتب النفوس السبع، وهي: النفس الإمارة، والنفس اللوامة، والنفس الملهمة، والنفس المطمئنة، والنفس الراضية، والنفس المرضية، والنفس الكاملة .. ومراتب النفوس هذه إنما هي طبقات العقل، وهي هي طبقات النفس في عين الوقت، فالأطراف اللطيفة من مراتب النفوس هي مراتب عقول، إذ ما الفرق بين العقل والنفس إلا الفرق بين الإرادة والشهوة، فللعقل الإرادة، وهي مسيطرة، وللنفس الشهوة، وهي مقهورة، ومروضة، عند العقلاء العارفين، فالعارف لا يتحرك عن شهوة، وإنما يتحرك عن إرادة ... وجولان الفكر بين الماضي والمستقبل إنما يبتغي أن يعيش صاحبه في اللحظة الحاضرة، لأن اللحظة الحاضرة هي وحدها الزمن الحقيقي، والذي يعيش فيها وحده هو الذي يحيا الحياة الكاملة، الخالدة .. هل تدرون لماذا نجد المتعة في الفنون؟ لأنها تريح فكرنا من الذبذبة بين الماضي والمستقبل، وتتيح لنا فرصة العيش في اللحظة الحاضرة .. هذه خاصية في جميع الفنون .. تتفاوت فيها بضروبها المختلفة، مع الأشخاص المختلفين ... فأنت إذا سمعت قطعة موسيقية راقية .. أو شهدت فليماً سينمائياً جيد الموضوع، متقن الأداء، فإنك تظل مشدوداً إلى الشاشة مثلاً، منحصراً في تسلسل صور الممثلين، ومنشغلاً بأدائهم، بجمعية لا تبقي لك فرصة للتوزع بين الماضي والمستقبل، حتى لكأن الزمن قد توقف، في حقك، في تلك اللحظة التي تعيشها، وهي لحظة تكاد أن تكون خارج الزمان ... الانتصار على الزمن الذي تحققه لنا الفنون الجميلة هو أس سعادتنا بها، ومن ثم هو أصل تعلقنا بها .. هذا الانتصار على الزمن هو الحكمة في مشروعية الصلاة، التي هي أعلى العبادات .. ولقد قررنا أنها فرضت من فوق السموات السبع .. ونقرر هنا أيضاً أنها فرضت في موضعين، على مستويين، فأما الصلاة الفرعية، وهي المعروفة بالصلاة الشرعية، فقد فرضت في موضع مقام قاب فوسين أو أدنى (ثم دنا فتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى) .. وهذا مقام شفعية – شفع جبريل فيه النبي – وهي، لمكان الشفعية هذه، قد جاءت مرهونة بمواقيت (ان الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) يعني "فرضاً" له أوقات يؤدى فيها .. وأما الصلاة الأصلية فقد فرضت في موضع مقام ما زاغ البصر وما طغى (إذ يغشى السدرة ما يغشى * ما زاغ البصر وما طغى) وهذا مقام وترية .. تمت الوترية فيه للنبي بتخلف واسطته عنه – جبريل – إذ ليس له ههنا مقام .. وإنما دل على وترية هذا المقام وصف الله حال النبي فيه بقوله تبارك من قائل (مازاغ البصر وما طغى) و"البصر" ههنا "الفكر" .. و"زاغ" يعني ما انشغل بالماضي .. "وما طغى" يعني ما انشغل بالمستقبل .. وإنما توقف في لحظته الحاضرة .. فكأن النبي قد توحد ههنا .. حتى لقد أصبح وحدة ذاتية، في وحدة مكانية، في وحدة زمانية .. وتدق هاتان الوحدتان حتى أنهما لتخرجان عن المكان والزمان .. ومن ههنا فقد تمت له رؤية من لا يحويه المكان ولا الزمان .. ولما كانت هذه الصلاة في مقام الوترية فإنها ليست مرهونة بميقات .. وإنما مواقيتها الأنفاس الصاعدة والهابطة .. ولقد قال النبي عن الصلاة الفرعية .. (الصلاة معراج العبد إلى ربه) .. وعن الصلاة الأصلية (الصلاة صلة بين العبد وربه) .. فجعلت الصلاة الشرعية سلماً يرقى باتقانه المصلي إلى مرتبة الصلة، حتى يكون في حضرة دائمة مع ربه .. راجع "رسالة الصلاة" و"تعلموا كيف تصلون".
    معلوم أن الصلاة الشرعية تبدأ بداية هي من البساطة بحيث يطيق أداءها بإحسان أقل الناس ذكاء .. وهذه الصلاة تشكل قاعدة الهرم الذي قمته في صلاة الصلة .. فإذا وضح أن الصلاة هي موسيقى القرآن – ولقد حاولنا توضيح ذلك في مقدمتنا هذه – فإن هذه الموسيقى ، إذا ما قورنت بالموسيقى المعروفة لدينا في الفنون، فإن المقارنة لا تنهض، وتنقطع من جميع الوجوه .. والإنشغال بها، وبضروب الفنون الأخرى، بخاصة للمبتدئين، إنشغال بخلاف الأولى، وتقديم للمفضول على الفاضل .. ومضيعة للوقت في غير وجه حكيم ... وهذا ما من أجله حرمت الفنون في الإسلام، في المرحلة .. أما للمنتهين المستوين على الجادة في نهايات السلوك، فإنها غير محرمة، على النحو الذي بينا، في متن المحاضرة، ذلك لأن المستوين على الجادة من أصحاب النهايات يعرفون كيف يعطون كل مقام مقاله، وكيف يرتفقون بجميع الأحياء والأشياء في السير إلى الله)) ..
                  

11-06-2004, 07:32 AM

Mohamed Adam
<aMohamed Adam
تاريخ التسجيل: 01-21-2004
مجموع المشاركات: 5198

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماهي نظره الإخوه الجمهوريين ..(عن المفهوم التعبيري) "للشكل"؟. (Re: Mohamed Adam)

    شكرا للإخوه المتداخلين.
    لقد أتحفونا بمعلومات قيمه جديره بالمتابعه.
    ولنا عوده إنشاء الله بعد إنتهاء المسيره بتورونتو. لأن الموضوع عميق ومادته قيمه فيستوجب مني قرآئته بتأني.فالشكر مره ثانيه للأخوه سناري وعمر عبدالله و دكتور النور حمد . وإلي اللقاء.
                  

11-10-2004, 01:58 PM

Mohamed Adam
<aMohamed Adam
تاريخ التسجيل: 01-21-2004
مجموع المشاركات: 5198

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماهي نظره الإخوه الجمهوريين ..(عن المفهوم التعبيري) "للشكل"؟. (Re: Mohamed Adam)

    الإخ العزيز عمر عبدالله
    لك مني عاطر التحايا
    شكرا لك علي المداخله الطيبه النافعه,كما نأمل منك مزيدا من العطاء في موضوع الشكل.ففعلا العلم التجريبي المادي أثبت وحده الوجود رغم تعدد أشكاله.فالسؤال هل يمكن للبشريه وبالذات في عصر العولمه أن تستفيد من مفهوم الشكل الحيوي في كل أوجه حياتها؟ وكيف يتثني لها ذلك؟ قبل أن تتكرم بالإجابه, دعنا نمر سريعا علي موضوع مقتبس من رائق النقري (مدرسه دمشق).ومن ثم نأمل أن تعقب عليه بمفهوم الفكره. مع الموده تبقي ياإخ عمر.
    Quote: - المنطق الموحد :
    المنطق الموحد هو الصيغة التي يمكن أن نتتبع فيها صيرورة الكائن بأبسط صيغة تعبر فيها عن وحدة صيغ ظهوره وتنوعه وزواله ، بوصفه حركة ،و صيرورة احتمالية ، ونسبية. وهذه الصيرورة تختلف من كائن من كائن إلى آخر، باختلاف متطلبات وضرورات الظروف المشكلة. وبهذا المعنى، فإن الاختلاف بين الكائنات يعبر عن وحدة القانون العام للشكل الحيوي. وبهذا المعنى- أيضاً- فإن المنطق الموحد هو منطق التوحيد للمعرفة الكونية من خلال مقولة الشكل القادرة على فك تعقيدات أية كينونة مطروحة للمعرفة البشرية بواسطة تقنية "وحدة مربع المصالح" بوصفها بسيطة وشاملة وقابلة للفهم والدلالة بقوة البداهة والحس السليم، من خلال أية كينونة عملية أو نظرية.
    والمنطق الموحد للشكل الحيوي- بهذا المعنى- يشمل جميع الصيغ المنطقية الممكنة والقادرة على تحقيق اتساق بين مقدماتها ونتائجها كالمنطق الأرسطي والرمزي والرياضي والتقني.. الخ. بوصفها لحظات منطقية تعبر باختلافها وتنوعها عن وحدة وحيوية الشكل المنطقي الموحد الذي تطلبته مصالحها وقدراتها في المقايسة والضبط.
    ________________________________________

    (2.5) الهندسة المعرفية.. وتقنية وحدة مربع المصالح:
    لكل عصر، كما أسلفنا، احتياجاته، ضروراته، تقنياته، التي تحدد آفاقه النظرية والعملية. والبعد المعرفي من أكثر الأبعاد تأثراً بالمتغيرات المعيشة، من فرد لآخر، من مجتمع إلى آخر، ومن عصر إلى آخر.
    وتعبير الهندسة المعرفية يُعد- نسبياً- تعبيراً جديداً بمعنى أن المعرفة، مثلها مثل أي ظاهرة أخرى تصنع لتسد حاجات تتطلبها ضرورات ما.
    وبذلك، فإن الاختلاف في المعارف، والنظريات المعرفية، هو اختلاف في ضرورات منطق المصالح الحيوية الموجهة.
    وبالتالي، فإن تصنيع أي فكر، بمعنى الفكرنة، يمكن أن يسد حاجة من يتطلبها أو لا يسد، بسبب قوة أو ضعف القوانين المستخدمة لهذه الهندسة، وهندس المنطق الحيوي تختلف عن هندسة الفكرنات، بوصفها هندسة فكرياء، بمعنى علم الفكر والسياسة. وفي هذه الهندسة، فإن تصنيع الفكر لا يتم لسد حاجات أحادية أو عابرة، بل ليسد حاجات شاملة وقابلة للتنوع بوصفها حدس فقه المصالح التوحيدية. ومثل هذا الحدس، ليس خاضعاً لأوامر إدارية رسمية، أو لمتطلبات نظام سياسي جزئي، بل هي خضوع لمنطق العصر، واتساق لضروراته الحيوية.
    قبل الخوض في هذا المجال يلزمنا العودة الى أطوار هندسة المعرفة الإنسانية لتعرفها و مقايستها ، بحسب منطق وحدة مربع المصالح، لنجد أنها :
    1- في طور مصالح منطق العزلة، والتقنية البدائية، فإن الهندسات المعرفية كانت تتمحور في أفكار تعدها جواهر متميزة، لا تحول ولا تزول، معلقة في السماء كالنجوم، ومستمدة من الأعلى الأبدي، وغالباً ما ترتبط، تلك الهندسات المعرفية، برموز تحاكي الطبيعة تصويراً ولفظاً، ويغلب عليها المعاني الحسية الخام.
    2- في طور مصالح منطق التعاون الصوري الإمبراطوري، فإن الهندسة المعرفية كانت، تتمحور- أيضاً- في التمييز الجوهري، ولكن المعرفة تأخذ مكانة، جوهرية أخرى، لتميز نفسها عن المعرفة التطبيقية والعملية، بحيث، أن التنظير يكون عملاً يختص به سادة القوم، بينما التطبيق يترك للعبيد والحيوانات.
    وفي هذه المرحلة، فإن سمو المعرفة يعني شمولها لأكثر من جماعة وإقليم، وكذلك يتطلب هندسات التأويل والتجريد، بحيث يمكن إيجاد أرضية مشتركة لغوية، وقومية، ودينية، ضمن سيطرة جوهر صوري عام.. "بوذي، مسيحي، إسلامي، الخ" لجماعات شتى، وفي هذه المرحلة أيضاً، فإن الهندسة المعرفية ترتفع بالمستوى الحسي الخام في تصوير الكون، إلى مستوى الترميز الاختزالي (إيقونات، قمر، شمس، هلال، صليب، الخ)، بحيث تجعل التجريد يجد جذراً واقعياً محسوساً، ولو بشكل رمزي.
    3- المعرفة في طور مصالح منطق الصراع والنفي بالبارود بتشييد هندسات معرفية، تفسد الحليب الاجتماعي البشري، برمته!! إلى أكثرية ماء عكر.. يصلح للاستعمار!! وزبدة ثمينة تخص فئة اجتماعية، دون غيرها من العالم، ويمكن الإشارة إلى هذه الفئات: قومية خالدة، دم أزرق، طائفة ناجية، طبقة إلهية الخ، لتكون عالمية الصراع وأحادية الاستقطاب، والهندسة المعرفية في هذا الطور، تنتج رؤى فكرية، تفسر تاريخ العالم، ليكون تحت سيطرتها، بوصفها مدنية ضد الهمجية، علمية ضد السحر!! وترسم قطيعة معرفية حدية، بين القديم بوصفه رجعية، وبين الحداثة بوصفها تقدماً.
    4- في طور مصالح المنطق الموحد للشكل الحيوي فإن الهندسة المعرفية تأخذ صيغة أكثر شمولاً، وقدرة على تفهم ذاتها، بوصفها معرفة إجرائية، يمكن التعبير عنها بأي لغة كانت: بشرية، كيميائية، فضائية، كمبيوترية، روائح، أزياء، الخ.. وهذه اللغات في تنوعها، تستمد قدرتها من قدرة المنظومة المنطقية التي تعبر عنها، وفي هذا الطور، يتم رفع قيم الخبرة العملية إلى ما تستحقه من قيمة استثنائية، في تصريف شئون الحياة، ضمن تعقيدات مضاعفة بإطراد الميكنة، الأتمتة، التواصل الإلكتروني، المعلوماتية، والهندسة المعرفية، في هذا الطور، تؤكد حقوق الإنسان، والشعوب، والمرأة والطفولة، والديمقراطية، والعولمة عبر التنوع.. والمبادرة السلمية الحرة.
    ضمن هذه المرحلة، فإن المنطق الموحد للشكل الحيوي، يسمح بنقل الهندسة المعرفية، نقلة استثنائية في تاريخ البشر، بحيث يتم إنتاج وتطوير الآلات المفكرة، والقادرة على التعليم، واتخاذ القرارات في شتى ميادين الاقتصاد والإدارة والصناعة والعسكرية، بشكل تصبح المعرفة، عملية هندسية غير محصورة بالأداة الإنسانية، وتصبح أكثر دقة، وأكثر سرعة من قدرة أي بشري بمفرده، والأهم من ذلك، أن الذاكرة المعرفية القابلة للاستحضار الفوري، ومن أي نقطة في العالم، تصبح أكبر من أية ذاكرة بشرية.
    هذه الهندسة المعرفية، ما كان يمكن تحقيقها، بدون الاكتشاف العملي للمنطق الموحد للشكل القائم على المقايسة الكمية.. الذي يجمع المعرفة البشرية، والمعرفة غير البشرية، ضمن تحويات تسمح بالتصنيع بكلفة أقل توازي 20 مليار مقارنة ببضعة ملايين من الدولارات، ومن ذلك على سبيل المثال، ما حدث عندما رفض الكونجرس الأمريكي الاستمرار في تمويل التجارب النووية، في الطبيعة الحية، وما يتطلب ذلك من شراء واستهلاك مواد نادرة جداً، ومخاطر كبيرة على البيئة، ولقد تم استبدال، كل ذلك، من خلال التمثيل المعلوماتي لعمليات التفجير النووي، بكلفة بضع ملايين فقط بحيث يستعاض عن الطبيعة والمواد المشعة ونتائج الانفجار، بمجرد معلومات مهندسة، وفق منطق معادل لمنطق وجودها في الطبيعة ظهوراً، وتنوعاً، وترابطاً، وتفككاً، وزوالاً.
    هذه القفزة، في الهندسة المعرفية، تجعل معالجة المعلومات سواء أكانت متعلقة بالإنسان أو الطبيعة أمراً ممكناً من خلال كونها تعبيرات تستمد قيمتها من قيمة المنظومة المنطقية، التي تستند إليها، وتتحول بدلالتها.
    والهندسة الحيوية ليست - فقط- نظرية.. بل هي عملية تغيرية، أيضاً، إذاً لتغيير أية ظاهرة، فإن علينا الكشف عن علاقاتها الضمنية القابلة للتحول إلى داراتها الأربع.. وبالتالي التوجه إلى جذور أبعادها المصلحية لإحلال الدارة المطلوبة.. على سبيل المثال.. إذا كان لدينا دارة عزلة، فهذا يعني أنها في أبعادها المصلحية.. تتضمن جذري الانغلاق والتهابط، ولتغييرها باتجاه "صراعي" مثلاً.. فإن المطلوب هو مجرد تحويل التهابط في إيقاعها المصلحي إلى الارتقاء لإيقاعات أعلى، وأكثر حركية.. أما إذا أردناها أن تصبح "تعاونية" فإن المطلوب هو مجرد تحويل جذر انغلاقها المصلحي إلى انفتاح.. وهكذا!! وهذه الطريقة الهندسية في التفسير، والتغيير أقل كلفة، وأكثر فعالية، وقابلة للتجريب في كل ظاهرة.
    ومع أن تطبيقات هذه الهندسات المعرفية، شملت مجالات تمثيل الطبيعة كمبيوترياً!! والذكاء الاصطناعي، وشبكات المعلومات، فإنها ما تزال قاصرة في قضايا الفكر السياسي، والاجتماعي، لأسباب كثيرة، منها: تحويات الأنظمة السياسية، التي لم تتخلص- بعد- من منظومة مصالح منطق النفي، كما هو الحال بالنسبة للدول الغربية، وبالتالي لانعدام سوق يتطلبها.
    وقد أتيحت للمنطق الحيوي فرصة الرد والمشاركة على التحديات المطروحة في ميدان المعلوماتية، والذكاء الصناعي، ووصل المنطق الحيوي إلى مستوى التدريس، والتطبيق في حلقات الدراسة العليا، في هذا الاختصاص في جامعات وشركات كمبيوتر متعددة ضمن منطقة واشنطن الكبرى منذ 1995.
    وسبب استطاعة المنطق الموحد للشكل الحيوي، في المشاركة في هذه العمليات، يعود، إلى ما ذكرناه في أبريل عام 1995 في محاضرة في جامعة جورج واشنطن في واشنطن العاصمة، بعنوان "عصر الشكل أم عصر المعلومات" حيث أكدنا ما سبق ذكره، ونشره من قبل، وهو أن مقولة الشكل هي الأداة الهندسية الأشمل والأبسط لتصنيع المفتاح المفسر لأي تحول ولأية عملية طبيعية أم اصطناعية، عضوية أو غير عضوية، وكنا قد شرحنا ذلك في كتاب "الإنسان شكل" عام 1974 وكتاب "النظرية الحيوية في المعرفة" عام 1976 والجزء الثالث من المنطق الحيوي العقل فردياً ونفسياً) عام 1987 وفي تدريسنا للمنطق الحيوي كهندسة معرفية. (Hayawic Form UniLogic as Knowledge Engineering by using: Interst Square Unit Technique (ISU)
    ولقد استطعنا بفضل تلك المقاربات، والخبرات، أن نشارك في بلورة منظومة منطقية للنمذجة الرياضية والمماثلة المنطقية في حقل التواصل الإنساني، وتحليل المعلومات المفكرة والصماء من خلال منطق مربع وحدة المصالح، بوصفها تقنية للنمذجة ومطياف للتفسير.. وقد استخدمت هذه التقنية وما تزال في تطوير برامج كومبيوترية لقراءة النصوص، ومنهجة الإدارة، وأتمتة عمليات التشفير للغات البرمجة.
    ________________________________________
                  

11-11-2004, 02:47 AM

Ibrahim Algrefwi
<aIbrahim Algrefwi
تاريخ التسجيل: 11-16-2003
مجموع المشاركات: 3102

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماهي نظره الإخوه الجمهوريين ..(عن المفهوم التعبيري) "للشكل"؟. (Re: Mohamed Adam)

    جميل .. ومفيد

    انا ممتن .. ساشارك
                  

11-11-2004, 04:53 PM

Mohamed Adam
<aMohamed Adam
تاريخ التسجيل: 01-21-2004
مجموع المشاركات: 5198

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماهي نظره الإخوه الجمهوريين ..(عن المفهوم التعبيري) "للشكل"؟. (Re: Mohamed Adam)

    الأخ كتور النور حمد.
    كيف الحال.
    أشكرك علي هذا الفيض المعرفي, لقد قرأت ردك علي هذا البوست مرات ومرات وكلما أقرأه إزداد شوقا لقرائته وأتعرف علي شيئ جديد منه. فهذا واحد من أسباب فتح هذا البوست إضافة معرفه جديده. وآسف للتأخير وذلك لعده أسباب كما أسلفت من بينها مشاركتي في تحريك المسيره تضامنا مع قضيه دارفور,بمدينه تورونتو(كانت ناجحه ونالت حظا إعلاميا كبير) ومن تلك الأسباب أيضا كي أعطي مساحه للقارئ الكريم أن يجد الوقت الكافي ليمر علي الفيض المعرفي الذي تكرمتم بإضافته لهذا البوست والذي لا تكفي فيه القرائه مره أو مرتين لكثره مادته.
    نعم ياعزيزي إن مفهوم الشكل هو مفهوم فلسفي وعلمي فيزيائي, ولغه الأرقام داخله فيه,والموسيقي أيضا فهو يحوي الأشكال ذات الأبعاد المحدوده والغير محدوده وأشكال العدم المجهوله هي كذلك شكل .ففعلا موضوع شائك ومتشعب بل يلامس كل شيئ كما يلامس اللاشيئ بنفس المقدار. لأن اللاشيئ أيضا شكل من الأشكال(المجهول). فهو إذن يتخطي ليشمل المقيد والمطلق ويلامس المنطق الصوري والتصديقي إذا صح التعبير بذات المفهوم. فأنت أشرت لجوهر الموضوع بمفهوم الشكل بمحتواه التعبيري المعمم مما أصبت كبد الموضوع ونقلتنا إلي عالم الجمال بفردك صفحات ذلك الكتاب الفني. فشخصي الضعيف مطلع ليس إلا, ولست منظرا. بل أحاول قصاري جهدي الإستفاده من فيضكم وعضائكم المعرفي فنأمل مزيدا من الفيض وأن لا تحملوا علي إصرا إذا أخفقت في توضيح فهمي لهذه الأمور الشائكه بل القصد من ورائها كشف حجب المعرفه المتاحه لنا وعلي حسب إخلاصنا لنتوق علي الحقيقه ولنتعلم من كشف اليسير الممكن من تلك الحجب.
    العلامه الفيلسوف كانط بيقول: "ثقافه الأخلاق سبقت ثقافه الطاعه".
    وفي "فصل الذات -عن الموضوع" لكانط, نعم, إن الماده تتجزأ إلي ثلاثه أغانيم هي إللكترون ونيترون وبروتون فالجزئيات بتكون الكل والكل هو جمع لتك الجزئيات فالقلم" كل" يتكون من مادته المجزئه ويتقطر منه المداد وهو مخلوق بقدرة القادر ويتجلي القادر في ذلك القلم ولكن ليس القادر هو ولا هو هو, بل الشكل بمفهومه أيضا داخل هنا.فهذا من منطلق الشكل كشكل ذو أبعاد هي العرض والطول والإرتفاع..إلخ.ولكن بتطبيق الفهم التعبيري للشكل (الحيوي) في عصرنا هذا والذي يمشي بخطي متسارعه تاره ووئيده تاره أخري فالعالم يسير نحو الوحده الإنسانيه ليتثني له الإقتراب من محور واحد هو الإله. ثم إقامه علاقات إجتماعيه علي أساس العبوديه والتحرر من عباده التعدد, ومن ثم التكافئ في الكرامه الإنسانيه بما لها وعليها من حقوق وواجبات.ففعل المحمده(الأخلاق) حافز في حد ذاته وكفيل بتنميه الروح البشريه إلي الأفضل.
    ومن الإشياء التي تزيدني شغفا في الفكر الجمهوري مسئلة أدب الوقت كما تفضلت بسرده في كتاب الفن وهو بموقع الفكره فلا يراودني أدني شك بأن الوقت المتجرد عن الماضي والمستقبل سر عظيم لترويض النفس البشريه ولقد تذوقت حلاوة ذلك لبريهات زمنيه قليله(شعور ولو حين علي الأقل بأني موجود).
    ففن الموسيقي فعلا ينسي الماضي ويحجب المستقبل ويفرض الحاضر بمعيته تماما (إذا كان السامع ملما بفن الموسيقي) وأيضا يفعل بمن لا يعرف فنون الموسيقي فهو سر ترياقي نفسي عظيم.
    كنت في نهايه السبعينيات في وقت العصر والشمس كانت ناعسه مستلقيا علي سرير في ظل الحوش وبجانبي جهاز مسجل ياباني تنطلق منه أغاني الفنان إبراهيم عوض. وبنعاس تلك الشمس إزداد الجو فتورا فبردت الرمال من حولي, فنظرت حول السرير الهباب المنتصب في نصف الحوش الكبير,شاهدت أكثر من أربعه سحالي تحوم حول ذلك المسجل حيث الموسيقي عاليه منبعثه منه! فشدني فضولي لهذا المنظر الخلاب المدهش فمددت يدي خلسه لأقطع تلك الموسيقي بحيث لا تشعر تلك السحالي بحركة يدي وهي ممتده للريديو(المسجل),وبشكل إنجرافي الصوت العالي أدرت زر الصوت لأقفله تماما!.فالنتيجه كانت عند إنقطاع الموسيقي فجئه هربت السحالي إلي حيث أتت وبسرعه شديده لاني غيرت اللحظه الحاضره بلحظه أشعرتها بالماضي والمستقبل فأنستها اللحظه الحاضره. ثم أدرت المفتاح مره أخري حيث إنسابت الموسيقي وعادت السحالي مره أخري طربانه منتشيه تمايل أذيالها في تناسب وتناسق مع صوت الموسيقي.ثم حاولت المره الثانيه بتخفيض الموسيقي قليلا ثم قليلا إلي وأن أوقفتها تماما. فكانت حركات السحالي تتناسب وقوه صوت الموسيقي من الحركه الهادره إلي الحركه الهادئه ثم هروبها من عند المسجل كان يتناسب وسرعه إنسحابها ومقدار إداره المفتاح.فإذا أدرته معليا الصوت حاولت الرجوع نحو مصدر الموسيقي وإذا أدرت المفتاح مقللا صارت لوضع الإنسحاب وببطأ أيضا.فخلصت من هذه المشاهده الإخيره بأن السحالي صارت لا تبالي لحركه يدي بعد إنغماسها في ذلك الجو الموسيقي فهي في لحظه زمنيه خرجت عن الماضي والمستقبل وإنشغلت باللحظه الحاضره مع تلك الموسيقي.فعرفت تماما أن الإنسان ليس وحده في تذوق الموسيقي بل هنالك خلق آخر ينسحر ويتلذذ بسر الوقت الحاضر ويمكن أن يتأدب به ومن ثم هنالك من الخلائق ما هو يعيش ويتلذذ بأدب الوقت فليس الأنسان وحده.
    أدناه إقتباس من مدرسه دمشق له علاقه بتطبيقات الشكل الحيوي حيث أتركك معه لحين وقت آخر:مع فائق ودي.
    Quote: عولمة الاسلام السياسي
    وتعني السعي لجعل حركات ديار العرب والمسلمين قادرة على الفهم والاستجابة لمتطلبات العصر وتقنياته في كون قضية الحياة والحرية قضية عالمية.
    ويمكن النظر إلى الخطاب الإسلامي التوحيدي بوصفه يتضمن حدوس العولمة الحيوية. فآيات القرآن، رغم كونها في بداية نشرها تتجه إلى معالجة ظروف مكة والمدينة وهي ظروف محلية بل وهامشية في ذلك العصر.. إلا أن الخطاب القرآني كان يميل إلى مخاطبة الإنسان بوصفه إنساناً، وليس بوصفه مكياً، أو مدنياً، أو حتى عربياً.. { يا أيها الناس} (وردت هذه العبارة 20 مرة). وعولمة الإسلام سياسياً وثقافياً، يغني التجاوز وتحييد وتحطيم الأصنام العنصرية والمذهبية والطائفية والسحرية المعاصرة التي تعيق وحدة الناس وتواصلهم للاغتناء بتنوعهم.
    العولمه الحيويه للاسلام السياسي
    عودة بسيطة إلى الوقائع المتفق عليها في الثورة الإسلامية تظهر أن الإسلام ركز على التوحيد بين الشعوب والأديان، ضمن منطق العصر الذي أتى به، وضمن معطيات إمكانات ذلك العصر.. من خلال تحويات التعاون والتكامل ضمن منطق الجوهر الصوري. وهنا حسبنا القول بأن التوحيد الذي دعى إليه الإسلام لم يتطلب الإيمان بالمفردات القرآنية وبالطقوس التي كان يطلبها من أتباعه.. بل كان الإسلام يسعى إلى نشر الطمأنينة إليها والى صلاحية تلك المفردات والطقوس على الخير العام، وكان يصف ذلك بالتجارة المنجية. فالإيمان بالله بوصفه واحداً أحد، والجهاد لتوحيد الخليقة، هو التجارة الرابحة.. لأن ذلك يجعل المشاركين في هذا التوحيد السياسي أمة كبرى أقدر على الحضور والحضارة.
    وعندما نقول التوحيد السياسي فإننا نعني أن التوحيد النظري والطقوسي لم يكن مطلوباً أساساً بل المطلوب هو التوحيد السياسي ما استطاع المسلمون إليه سبيلاً.
    وبهذا المعنى فإن العولمة هي صيغة لنشر التوحيد الحيوي ومتابعة حدوس الإسلام السياسي الذي يقوم على التنوع والتعدد الصوري ضمن معطيات ذلك العصر. أما العصر الحالي.. فإن إمكاناته مختلفة.. وأصنامه مختلفة. ويمكن التغلب عليها بنفس الحيوية التي تم التعبير عنها في عصر الثورة الإسلامية.. وذلك بالاستفادة من الدروس الحيوية التوحيدية التي تتضمنها. وإذا كان النبي محمد قال: "جئت لأتمم مكارم الأخلاق".. و"خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام". فهذا يعني أن المكارم الحيوية موجودة في كل المجتمعات وفي كل الأديان والمذاهب.. والأكثر حيوية- منها- هي الأقدر على تجديد أصالتها لتنسق مع منطق العصر الذي تعيشه، وتحيد أصنام التفرقة التي تنمو كالطفيليات، إن لم نحاربها استنزفت حيويتنا وأرجعتنا إلى الوراء.
    وبهذا المعنى.. فإن عولمة الإسلام السياسي هو الدعوة إلى تجاوز الأصنام المذهبية والطائفية والطقوسية والسحرية التي تعيق التوحيد.
    وعولمة الإسلام السياسي بهذا المعنى الحيوي لا تتطلب برهاناً إيمانياً بل برهاناً منطقياً يستند إلى فقه المصالح الذي يؤكد على فائدة وخير التوحيد والعولمة، من خلال اكتشاف بداهة وتأكيد وحدة الخليقة وشمولها بكل خصوصياتها التراثية التي تؤكد وجود العام في الخاص. وبهذا المعنى أيضاً فإننا يجب أن ننبه إلى أن أصعب الأصنام التي يجب التغلب عليها، هي تراكم العادات الفكرية والسياسية الانحطاطية والعنصرية، التي ورثناها وفسرنا بها القرآن والسنة لنؤكد أن كل منا لوحده يشكل الفرقة الناجية التي تضمه مع السلطان الذي يحكمه.. ومرة أخرى فإننا لا نطلب الإيمان بالمنطق الحيوي ومقولاته.. بل نطلب الاطمئنان إلى فاعليته في استجلاء أعم المصالح الممكنة وأكثرها ضرورة للخروج من أزماتنا.
    ولنلاحظ هنا- أيضاً- أن الطمأنينة المطلقة أمر عصى حتى على الأنبياء. {وإذا قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليظمئن قلبي} (البقرة 260).
    ونحن هنا لا نطلب طمأنة مطلقة. بل طمأنة إجرائية تقنية، نشعر من خلالها أننا أقدر على الهندسة المعرفية في شتى مجالات الحياة وبخاصة بالنسبة لاستشراف طرق الاتساق مع إرادة الحياة.. الحرية. ومن يريد مزيداً من الطمأنينة، عليه أن يراجع تطبيقات المنطق الحيوي على المرحلة اليونانية، والإسلامية، ونظرية المعرفة والتيارات الفكرية المعاصرة بل وفي حقل الإدارة والمعلوماتية.. وقد سبق نشرها في كتب كثيرة منذ عام 1970 إلى الآن، نسعى لإعادة إصدارها في صيغة موسوعة مفتوحة لمختلف مجالات الحياة لتؤكد مصالح الجميع في الحياة.. والسلام والحرية.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de