ابراهيم مرعشلي رحل وهو متألم على حاله وحال الفنانين
قبل ان تظهر المسلسلات المصرية والسورية بهذا الكم الكبير من الاعمال الدرامية والتاريخية والاجتماعية والكوميدية، واعمال الفنتازيا وغيرها من المسلسلات، كانت الاعمال اللبنانية في وقت سابق، من افضل الاعمال التلفزيونية، خاصة تلك التي تتناول القضايا الاجتماعية بلغة عربية سليمة، كان ابطالها انذاك عدد كبير من الممثلين اللبنانيين والفلسطينيين، اذكر منهم هند ابي اللمع .واحمد زين وميشال تابت وليلى كرم وعبدالمجيد مجذوب والفنان الفلسطيني محمود سعيد وعدد كبير من الصعب احصائهم، ومنهم الفنان ابراهيم مرعشلي الذي انتقل الى ذمة الله تاركا فراغا في الحياة الفنية اللبنانية بعد عطاء استمر لاكثر من 52 عاماً، وكان الفنان مرعشلي قد أصيب قبل شهر بانفجار في الدماغ بقي على أثره شهرين في العناية الفائقة في المستشفى يصارع الموت.
وقد أعلن الأطباء حينها وفاته سريريا لكن قلبه استمر في الخفقان ليتوقف بعد ذلك واضعا حدا لغيبوبة دامت شهرين. وسيرة هذا الفنان واعماله تحتاج الى وقفة طويلة، ولكن ما الذي يفيد ان نتناول مشواره الفني حتى وان كان قد حصل بعد وفاته على وسام الارز اللبناني عن رتبة فارس، وللاسف منح وهو في غيبوبته.الكابتن بوب قبل ان نحاول الابحار في حياة هذا الفنان وغيره من الذين قدموا للمشاهد العربي اجمل الاعمال التلفزيونية، لابد اولا ان نتعرف على المرحلة الذهبية لهذه الاعمال، ففي الفترة الممتدة بين أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي، عرف لبنان عصر المسلسل التلفزيوني الذهبي.
وكان الانتاج اللبناني يسيطر على الأعمال العربية وينافس الانتاج المصري، لكن بعد الحرب الاهلية التي شهدها لبنان وعصفت بالفنان والمبدع اللبناني، في هذه المرحلة تضاءلت امكانيات الانتاج وأصبح بمعظمه فردياً ينقصه التمويل، ونتيجة لذلك هبط مستوى المسلسلات اللبنانية وأعطت شركات التلفزيون الأولوية لبرامج المنوعات والتوك شو والمسلسلات المكسيكية المدبلجة.
وكان قبل ذلك الفنان اللبناني يعد واحداً من اكثر الفنانين العرب شهرة في الوطن العربي، وكان المسرح اللبناني الاكثر شهرة حيث مثل مسرح شوشو علامة مضئية في الفن المسرحي العربي، وكما ذكرنا سابقا ظهر الكثير من الفنانين وكان ابراهيم مرعشلي واحداً من هولاء، حيث قدم العديد من الأعمال الكوميدية الخالدة.
ومنها الكابتن «بوب » كما اشتهر بقيامه بالأدوار الكوميدية من خلال العديد من البرامج التلفزيونية، لكنه برز في أواخر الستينيات من خلال مسرح الفنان الكوميدي الراحل حسن علاء الدين (شوشو) وكان ممن شاركوا بقوة فيما كان يعرف في فترة السبعينيات بالسينما اللبنانية المصرية، ومرعشلي في نظر الكثير من اللبنانيين والعرب، هو فنان شامل بفعل عطاءاته الابداعية كممثل وكاتب سينما في اطار الفن الكوميدي الذي حقق له موقعا لدى الجماهير في لبنان والعالم العربي سينمائيا ومسرحيا واذاعيا».
الشهرة والاضواء
ابراهيم المرعشلي بدأ في بداية حياته ممثلاً لكنه انتقل الى الكتابة ونجح في التلفزيون ثم في المسرح، وكان يكتب ويلحن بعض الاغاني لمسرحياته،وفي الفترة التي هاجرت فيها السينما المصرية الى لبنان، وكان ممن نقل نشاطه الى هناك الفنان فريد شوقي والكوميدي اسماعيل ياسين والفنانة مريم فخر الدين والموسيقار فريد الاطرش وغيرهم، في هذه المرحلة والتي كانت في آخر ستينيات ومطلع سبعينيات القرن الفائت، كانت صورة مرعشلي في هذه الفترة حاضرة كبطل ثانٍ باعتبار البطولة الاولى كانت غالباً للمصريين.
كما ربطته علاقات طيبة جداً مع عدد من المخرجين والكتّاب والممثلين المصريين، ولكن العصر الذهبي له من حيث العطاء المميز، كان مع الراحل حسن علاء الدين (شوشو) في هذه الفترة نحت اسمه في المسرح اللبناني وفي المسلسلات الكوميدية حتى غدا اساساً من أسس مسرح شوشو، ومع الكثيرين من النجوم بنى ابراهيم المرعشلي مكانة الدراما اللبنانية في المرحلة الذهبية التي لا اعتقد ان عجلة الماضي قادرة على ارجاعها.
من اشهر البرامج التي قدمها في حياته، برنامج «اغاني ومعاني» التلفزيوني وكان ذلك في مطلع ثمانينيات القرن المنصرم وشكل المرعشلي ثنائياً شعبياً مع الممثلة رلى حمادة وكانت في اول اطلالة حقيقية، قدم المرعشلي نفسه كاتباً وممثلاً في «اغاني ومعاني» وقدم رلى حمادة ممثلة كوميدية خفيفة الظل، وقد ظل يلاحقها طيف دورها التلفزيوني هذا فترة طويلة.
ومنذ ذلك الوقت بقي المرعشلي يكتب للتلفزيون ويعمل في تقديم البرامج وكتابتها حتى ما قبل ثماني سنوات تقريباً عندما توقف عن تقديم برنامج تلفزيوني من اعداد المخرج سيمون اسمر في ٌقك وانصرف الى محطات اخرى علّها تقدم له الامكانات التي يحتاجها، فنجح في اقناع بعضها ولم ينجح في اقناع بعضها الآخر، وشيئاً فشيئاً راح الحزن يتغلغل في صدره وفي قدرته على التحمل، وكان برنامجه الاذاعي الاخيرالعام الماضي في اذاعة لبنان الرسمية آخر تقديماته التي كانت تنم عن قهر لا عن راحة.
المسرح والتلفزيون
يعرف عن ابراهيم المرعشلي انه رفيق المقهى، فقد اعتاد ان يزوره يومياً ربما او كما قال عنه أصدقاؤه كان محاولة لقتل الوقت، او هروبا من الشعور الذي ظل يلازمه بسبب الحال الذي وصل اليه، كان يجلس الساعات الطوال مع مجموعة من اصدقائه يقرأون و يحللون و يتبادلون الآراء وعند كل ليل كان يفيء الى نفسه فيجدها حزينة ومقتولة بالضجر.
اشتهر في اعمال كثيرة منها ماقدمه في السينما حيث كان المرعشلي نجماً فيها، كما كان نجما في التلفزيون و المسرح، وقد شارك في صناعة «نقابة الفنانين المحترفين» التي عاد فخرج منها، وفي برامجه التلفزيونية الكوميدية اطلق مواهب او أسهم في اطلاقها وشهرتها، كما أسهم في مساعدة كثيرين ممن قصدوه راغبين العمل في مسرحه او مسلسلاته.
وكان يختار الافضل من بينهم ويعطيه الفرص الممكنة لنجاحه، وهي الحكمة التي ظل يرددها في حياته «كما كنت ذات يوم في حاجة الى فرصة، هؤلاء ايضا في حاجة الى فرصة، فلماذا أمنعها عنهم».
وعمل الفنان الراحل في اذاعة لبنان منذ بداياته الفنية حتى دخوله المستشفى، وكان يقدم فترة بث مباشر، اضافة الى الكثير من البرامج، وكتب مجموعة من الاعمال المسرحية التي حملت اسمه، وشارك في الكثير من المسلسلات الكوميدية في «تلفزيون لبنان»، كما قدم الكثير من البرامج في محطات تلفزيونية عدة، كانت حياته كلها عطاء مستمرا في الاذاعة والتلفزيون والمسرح والسينما.
نهاية المشوار
قبل انتشار القنوات الأرضية والفضائية ، كان ابراهيم مرعشلي حاضرا في كل المراحل وعند مفاصل التحولات، منذ زمن الاسود والابيض، الى زمن تسجيل الفيديو الاول، الى زمن الفضائيات، كان حاضرا في المسرح والاذاعة والتلفزيون، دينامية وتفاؤلا وغبطة عطاء، في الكوميدي والدرامي على السواء، شغف بالتمثيل الى حد تملكه به، هو في المقاييس نجم جماهيري بامتياز.
كما كان نجما بالاجماع يستحيل الا يحبه احد، الا يرى فيه الوجه الضاحك الودود، الا يعتبره جزءاً من ذاكرته المشهدية التي ينفرط عقدها الاصيل حبة حبة، ومن المؤسف جدا ان يرحل الفنان تلو الفنان دون ان يكون لهم ادنى اعتبار او تقدير لعطاءاتهم الفنية والابداعية، غادر مرعشلي الحياة ليلحق بركب طويل سبق وان غادر هذه الحياة منهم حسن علاء الدين «شوشو» ومحمد شامل وفريال كريم وماجد افيوني والياس رزق وشفيق حسن وسواهم ممن تركوا علامات لا تمحى.
لقدأعلن في بيروت عن وفاته وعن عمر ناهز الـ 63 عاما اثر جلطة دماغية أقعدته في أحد مستشفيات بيروت أكثر من شهرين ونصف الشهر، ونعته نقابة الفنانين المحترفين في لبنان في بيان وصفته فيه بأنه «فنان شامل بفعل عطاءاته الابداعية كممثل وكاتب سيما في اطار الفن الكوميدي الذي حقق له موقعا لدى الجماهير في لبنان والعالم العربي سينمائيا ومسرحيا واذاعيا».
شيع جثمان الفنان ابراهيم مرعشلي في مأتم رسمي وشعبي حاشد، شارك فيه ممثل رئيس الجمهورية اللبنانية المدير العام لوزارة الثقافة عمر حلبلب، وممثل رئيس مجلس النواب النائب عدنان عرقجي، وممثل رئيس مجلس الوزراء النائب وليد عيدو، وزير الاعلام ميشال سماحة، وممثل عن قائد الجيش العماد ميشال سليمان. والمدير العام لوزارة الاعلام حسان فلحة، ونقابة الفنانين المحترفين برئاسة النقيب احسان صادق، وحشد من الفنانين والشخصيات الرسمية والاجتماعية والشعبية. عندما يدور الكلام حول الكوميديا في لبنان، وحول امكانية تأسيس مسرح شعبي، تعود بنا الذاكرة المسرحية اللبنانية الى مسرح شوشو، حسن علاء الدين الذي غالبه اسم شوشو وانتصر وانزرع في السجل المسرحي اللبناني والعربي.
وراح يثير تساؤلات المسرحيين اللبنانيين عن العلاقة التي تمكن من اقامتها مع جمهور مسرحي واسع، فيما تعثرت جهود الكثير منهم عندما حاولوا اقامة هذه العلاقة مع الجمهور المسرحي اللبناني.
وبعد مضي اكثر من سبعة وعشرين عاما على رحيل شوشو المسرحي الكبير، يستفزنا حال المسرح في لبنان، فنحاول البحث في الاسباب التي تساهم في تطوير المسرح وتعزيزه، ومن هذه الاسباب تلك التي تتعلق بتأثير مسرح شوشو، والتي نبلورها من خلال التساؤلات التالية: هل رحل مسرح شوشو؟ ام هل استطاع ان يشكل محطة يمكن الانطلاق منها وتطويرها لتشكل مسرحا شعبيا كوميديا لبنانيا؟ كيف انبنت علاقته مع الجمهور، هل يمكن اقامة مسرح شعبي يومي كالذي اقامه شوشو؟
للاجابة على هذه الاسئلة، ننطلق من هذا الرأي الذي اطلقه شوشو، حيث يختصر فيه هدف مسرحه، والسياق العام الذي انبنى فيه هذا المسرح: (بعد الظروف الاليمة التي مرت على لبنان تساءل البعض عن سبب استمراري في العمل على تقديم مسرحية كوميدية جديدة، وكان الجواب بأنني املك مسرحا يوميا، وان المسرح للتسلية والترفيه واضحاك الجمهور، وان استمرار المسرح ضروري بصرف النظر عن عدد الحضور، والا تحول الامر الى مسرح موسمي).
إعداد: جميل محسن "البيان"
رحم الله الفنان ابراهيم مرعشلي الذي تابعنا في التلفزيون السوداني عددا من المسلسلات التي شارك فيها.. وكانت بحق جيدة المضمون والأداء..
09-23-2004, 06:54 PM
mo mo
تاريخ التسجيل: 03-11-2002
مجموع المشاركات: 1187
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Raja
mo
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست