|
|
 القرضاوي والسودانيين المقال ل (سارة عيسى)
|
تأسست حركة الاخوان المسلمون في بداية الثلاثينيات علي يد حسن البنا ، وهي كانت ولا زالت ترفع نفس الشعار القديم وهو انها صوت الحق والحرية في عهد ظلامي جاهلي كما يقول سيد قطب ،وخلال كل العقود السابقة لم تقدم حركة الاخوان المسلمون نموذجا سياسيا يثبت صدقية شعاراتهم من حيث دعوتهم الي الشوري والحرية ، ودخل الاخوان ايضا في الملعب الدولي وكانوا طرفا في الحرب الباردة حيث اعتمدت عليهم الولايات المتحدة في حربها الاعلامية ضد الشيوعيين ، وجرب الاخوان كل انواع العمل السياسي السلمي منه والعنيف ، السري منه والعلني ، وكانت كل حركة سياسية في مصر يكون لها ظل في السودان ، وهذا الظل عادة يكون قويا وأشبه في قوته بارتداد الزلازل في الكوارث الطبيعية وعادة ما يكون هذا الظل عنيفا ومتطرفا ولا يقبل المهادنة كحالة النظام الحالي في السودان ، وكان السودان من الدول التي وفرت للاخوان المسلمين حرية لم تتوفر لهم في اغلب الدول العربية وذلك علي الرغم ان السودان بلد لا يمكن ان يوصف بانه بلد اسلامي مائة بالمائة .ووجد الاخوان المسلمون فرصة اكبر بعد الانقلاب الذي قاده عمر البشير في عام 1989م. وذلك لانه سنحت لهم فرصة العمر باقامة دولتهم التي يحلمون بها ويسعون عبر السنين الي تأسيسها ، ولكن بعد تجربتهم في السودان أتضح أن ما ينادون اليه هو دولة بوليسية لا تختلف عن دول اوروبا الشرقية ايام الاتحاد السوفيتي . ولم تتوفر الحرية والخبز بل توفر للسودانيين البؤس والعناء ولم يحاربوا الفساد ولم تكن ايديهم طاهرة متوضأة كما تزعم كتيباتهم ، وازدادت هذه المعاناة يوما بعد يوم واصبح السودان كالسجن الكبير وتم اشعال فتنة حرب الجنوب ، ولكن هذا التغيير الذي حدث في السودان وخطط له الترابي أنذاك انعكس سلبيا علي حركات الاسلام السياسي في كل من تونس والجزائر وتركيا والتي كان التيار الاسلامي علي باب قوسين أو أدني من تسلم الامور فيها ، وذلك لأن انقلاب البشير ومن خلفه جبهة الترابي زاد من مخاوف ساسة تلك الدول من تنامي هذا التيار ، فكان انقلاب الجيش علي الانتخابات في الجزائر ، وحل حركة النهضة في تونس ، واقالة أربكان في تركيا ، والتنكيل بالجماعة الاسلامية في مصر ، وثبت بالدليل القاطع ان تيار الاخوان المسلمين لا يختلف عن البعثيين والشيوعيين الا في العمامة والقفطان، وان الحرية التي وعدوا بها الشعب ضاعت وسط اعدام عمر البشير لزملائه من غير محاكمة عادلة ، وامتلأت السجون في السودان بالمعتقلين علي الرغم من تبجح الاخوان بانهم هم الوحيدون الذين امتلأت بهم السجون في العالم العربي ، وكان لهذه التجربة الممسوخة في السودان عدد من المؤيدين من مفكري الاخوان المسلمين مثل الدكتور يوسف القرضاوي ، وهو علي عكس الجميع يري في نموذج البشير الحق الذي لا يأتيه الباطل من يديه ولا من خلفه ، وهو يري ان سبب أزمات السودان هو ابتلاء ومكرمة خص الله بها السودانيين دون غيرهم من شعوب العالم لانهم أصحاب النموذج الحضاري ودولة المستقبل التي ترث كل الحكام العرب ، هذا هو راي القرضاوي واذكر في لقاء له مع مجلة (( المجلة )) عام 1993م أن ساله المراسل : يا شيخنا توجد تجاوزات يقوم بها نظام البشير فيما يتعلق بالحريات فما هو رايك ؟؟؟ فرد عليه القرضاوي قائلا(( هذا أمر طبيعي لان النظام بدأ بالشرعية الثورية ولم ينتهي بعد الي الشرعية الدستورية ))) ؟؟؟؟؟ ونسي الشيخ القرضاوي ان كل ماساة العالم العربي في العراق ومصر وليبيا سببها الشرعية الثورية والتي لم تخمد نارها الي الان ، وعندما اندلعت حرب العراق الاخيرة واختارت امريكا قطر لتكون القاعدة الاساسية من أجل شن الغزو لم اسمع للشيخ القرضاوي صوتا ولا حسا مجلجا كما عودنا دائما يرفض هذا النوع من التعاون وهو دائما يعرف نفسه بالمدافع عن الحق والشريف الذي لا تسام ذمته ، يا تري لمذا سكت ؟؟؟ هل السبب هو الجنسية القطرية أم الراتب الضخم الذي يتقاضاه من وزارة التربية في قطر ، ولماذا يصبح الحديث عن السودان حلالا وعن قطر فحش لا ينطق اللسان به ، وطيلة فترة حكم البشير لم ينصح الشيخ القرضاوي قادة الحكم بتوخي الرحمة مع رعيتهم ولكنه كان يمدحهم ويدعوهم الي السير في هذا الدرب علي الرغم ان السودان خسر الكثير بسبب الضيم الذي مارسه نظام البشير علي شعبه، ففقد السودان الجنوب وهو الان علي وشك ان يفقد الغرب والشرق في وقت واحد ، وكل هذا لم يقنع الشيخ القرضاوي ان هنالك خلل ما في نظام البشير ، وان هذا الخلل يمكن تلافيه عن طريق مشاركة الخصوم في الحكم وتوفير أدني نوع من الحرية ولكن القرضاوي لا زال يري ان سبب هذه الازمة هي الابتلاء من الله سبحانه وتعالي لعبده المشير الفريق البشير لانه سار في درب المشروع الاسلامي و، والقرضاوي لا يري ان الفساد والمحسوبية هي سبب هذا البلاء .والان يزور القرضاوي السودان ولا يدخل الخرطوم الا عن طريق بوابة كبار الزوار ويلاقي استقبالا حارا من ديوان المراسم الجمهورية ويعامل كأنه وزير دولة ويبث التلفزيون لقطات من زيارة الشيخ القرضاوي للسودان وبانه جاء ليحل لنا أشكال أزمة دارفور والتي أعيا حلها الجميع ، وقال القرضاوي ان من اسباب زيارته السودان هو لم الشمل وتجميع الامة من أجل مواجهة التحديات المناطة بها ، ولكن القرضاوي هذا ومن مكان اقامته المريحة في الخرطوم أطلق تصريحا عجيبا وهو اتهامه للمنظمات الاجنبية العاملة في الحقل الانساني في دارفور بانها منظمات جاءت من اجل نشر المسيحية ، وهي لم تأتي لخدمة الاسلام والمسلمين ، وانا أتعجب من هذا الشيخ وانا لا زلت احترمه لماذا لا يتخلي عن زخم الامبراطور ويذهب الي دارفور ويجلس مع المشردين كما فعل كوفي عنان ؟؟؟ ولماذا لم ينزل عن هذا البرج العاجي وترك تبادل الابتسامات مع المسؤولين الحكوميين وان يشق طريقه وسط مخيمات النازحين في نيالا والفاشر ليري بام عيونه ماذا تفعل هذه المنظمات النصرانية علي حسب زعمه .ولماذا لا يعمل القرضاوي بحديث (( انصر أخاك ظالما أو مظلوما )) ولماذا لا يكون نظام البشير هو سبب هذا التخبط والبلاء وان غياب الحرية هو الذي قاد الي تمزق السودان ، ان المنظمات الغربية وفرت الملجأ للمشردين ووفرت لهم اللقمة لان حكومتهم الاسلامية لم تكترث لأزمتهم ، وحتي القرضاوي لم يقدم لهولاء الضحايا سوي الشك ونظرية المؤامرة والتي شبعنا نحن السودانيين منها ، اتمني وللمرة الاخيرة ان يخاطر القرضاوي بالذهاب الي دارفور قبل ان يتهم المنظمات الاجنبية ،واخبره ايضا ام أمير قطر تبرع لشرطة اطفاء نيويورك بمبلغ 10 مليون دولار فلماذا لا تنصحه بالتبرع بها الان من أجل انقاذ العروبة والاسلام في دارفور ؟؟؟؟
|
|
 
|
|
|
|
عبدالعظيم عبدالله
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست