شعب السودان وإستراتيجية أمريكا (مقال لعرمان محمد احمد )

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 04:43 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-26-2004, 04:30 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
شعب السودان وإستراتيجية أمريكا (مقال لعرمان محمد احمد )

    شعب السودان وإستراتيجية أمريكا
    حقوق الإنسان بين إرهاب الدول والجماعات المتطرفة


    عرمان محمداحمد

    نشر هذا المقال في عام 1998 عقب قصف الصواريخ الأمريكية، في مثل هذه الأيام من شهر اغسطس لمصنع الأدوية السوداني، بالخرطوم بحري.. و لايزال المقال صالحاً للقرأة علي ضوء مستجدات اليوم.. وقد شاهدت مؤخراً في احد البرامج التلفزيونية الأوربية، تحليلاً متأخراً لذلك الحادث، يقول بان الوفيات التي نجمت عن اثاره، تقدر باكثر من عشرة الآف مواطن سوداني!!
    كيف؟
    يقول التحليل ان مصنع الشفاء كان ينتج الأدوية الرخيصة، للمواطنين السودانيين، مثل ادوية الملاريا،وغيرها من الأدوية، التي لا يقدر معظمهم علي شرائها باسعار الدواء المستورد، يضاف الي ذلك ان مئات الرؤوس من الماشية قد نفقت، حيث ان المصنع كان ينتج الكثير من الادوية والمنتجات البيطرية، بتكلفة أقل بكثير من تكلفة الدواء المستورد،و يضاف الي ذلك ايضاً خطر المواد المشعة والملوثة، التي تنبعث من هذه الصواريخ ..و التي تتسبب في ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان!!
    فالي المقال:

    بعد انتهاء الحرب الباردة، طفق بعض محاربيها القدامى، فى الولايات المتحدة واوروبا الغربية، يبحثون عن اعداء جدد، لأستخدامهم في لعبة توازن القوي، وصراع المصالح الأستراتيجية في شتي بقاع الأرض، وسرعان ما وجد هؤلاء ضالتهم المنشودة، في جماعات الأسلام السياسي، التي تتبني أيدلوجية تبسيطية، تقسم العالم الي معسكرين :
     "معسكر الرحمن " ويضم حسب ذلك الفهم التبسيطي، حكومات السلام السياسي في إيران وافغانستان السودان ، بالأضافة للجماعات التي ترعاها تلك الدول .
    · معسكر "الشيطان" ويضم طبقا لذات الفهم " دول الاستكبار العالمي " بقيادة الولا يات المتحدة الأمريكية.
    سيناريو الضربات الجوية علي السودان

    سيناريو الضربات الجوية الأمريكية على مصنع الأ د وية السودانى اذا تمت قراءته على اساس ان الرئيس الأمريكى حاول بتلك الضربات توجيه رسالة قوية للأرهابيين، فستكون تلك قراءة عجلى لهذا السيناريو، ذلك لأن التخطيط لضرب منشآت سودانية، بصواريخ كروزالأمريكية، كان سابقا بامد بعيد للتنفيذ، الذى عجلت به أحداث تفجير السفارات الامريكية، في نيروبي ودار السلام، والتي جاءت متزامنة مع فضيحة مونيكا( لوينسكي ) وما تبعها من اعترافات للرئيس ( بيل كلنتون ) بالكذب علي الشعب الامريكي، والدليل علي ذلك هو ان خصوم الرئيس، من زعماء الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون، سارعوا لتأييد تلك الضربات الجوية، بصرف النظر عن مسألة التوقيت، أو المقصود.
    وقد كان الهدف المعلن للغارات الأمريكية هو( اسامة بن لادن ) صنيعة المخابرات الأمريكية، الذي تلقي التدريب علي أيدي عملائها في افغانستان، ابان الحرب الباردة، وبطبيعة الحال لم يصب ( اسامة بن لادن ) في الغارات الامريكية علي افغانستان، بينما تم تدمير مصنع الأدوية السوداني تدميراَ كاملاَ ، وقد أعلن فيما بعد مهندسون غربيون وعرب عملوا وشاركوا في تشييد المصنع، بأنه غير مهيأ اصلاَ لإنتاج اسلحة كيماوية، فما هي اذن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء اطلاق صواريخ كروز الأمريكية لتدمير مصنع الشفاء في المنطقة الصناعية بالخرطوم بحري؟

    مفاتيح الإستراتيجية الأمريكية

    ان مفاتيح استراتيجية الولايات المتحدة في بقاع العالم المختلفة، يمكن فهمها بادراك ما يسمي بــ" المصلحة القومية الأمريكية - American National Interest "...وهى مصلحة ذات مفاهيم ثلاثة يمكن شرحها على النحو التالى:

    - المفهوم الجيوبولتيكى الذى يفسر العلاقات الدولية على اساس صراع القوى المتجد د بصفة مستمرة، وهذا المفهوم مستمد من نظرية " الواقعية السياسية - Political Realism " التى يتبناها ميكافيلليو العصر الحد يث، وقد فصلها بوضوح هانز مور قانزو " Hans Morgenthau " فى كتابه الشهير السياسة بين الأمم "Politics Among Nations" فأعلن ان المصلحة القومية لدولة معينة تقتضى توسيع نطاق نفوذها وقوتها، عن طريق اضعاف وتقليص وتحطيم قوة دولة اخرى، دونما أدنى اعتبارات اخلاقية او انسانية، وتعتبر نظرية "الواقعية السياسية" عينة من تفكير "الكاوبوى الأمريكى " وفهمه للحياة وقوانينها، وللطبيعة البشرية، مطبقا باسم العلم فى واقع السياسة الدولية. .

    - المفهوم الايد يولوجى للمصلحة الامريكية، والذى يبد و متناقضا لدى الوهلة الاولى مع نظرية الواقعية السياسية، وبموجب هذا المفهوم تسعى الولايات المتحدة، لفرض رؤيتها هى، للديموقراطية وحقوق الانسان، فى انحاء العالم المختلفة، ولايمنع ذ لك من التضحية بقيم الد يمو قراطية وحقوق الانسان اذا ما تعارضت مع المصالح الاقتصادية، والأستراتيجية للولايات المتحدة فى الخارج. فكأن الهيمنة و" حرية السوق " أهم من " حريةالفرد " وحقوقه.
    وقد استخدم المفهوم الايد يولوجى للمصلحة الأمريكية-الديمقراطية وحقوق الأنسان- بنجاح اثناء الحرب الباردة ضد حكومات المنظومة الماركسية، مما أدي الي انهيارها، مع عوامل اخري في نهاية المطاف. بيد أن الديمقراطية وحقوق الإ نسان في امريكا شابتها الكثير من الشوائب والتجارب المحزنة، كالتمييز العنصري ضد السود،الذي لايزال قائما، بالرغم من انتهاء العنصرية في الولايات المتحدة علي الورق، و من الناحية النظرية. اما علي الصعيد الدولي فقد اقتضت المصلحة القومية الامريكية، دعم الولايات المتحدة لكثير من الانظمة الديكتاتورية في امريكا اللاتينية واسيا وافريقيا.

    - ترتكز المصلحة القومية الأمريكية علي مفهوم قانوني مؤسسي، يقوم علي أستخدام اليات القانون الدولي، ممثلة في المنظمات والهيئات العالمية، وعلي رأسها الأمم المتحدة، وبشكل خاص مجلس الأمن، لايجاد الذرائع القانونية واضفاء الشرعية اللازمة لتنفيذ الاستراتيجية الأمريكية في جميع ارجاء العالم. بيد ان الولايات المتحدة فى غارتها الأخيرة على السودان وافغانستان، تجاوزت قواعد القانون الدولى، بشكل صريح فهاجمت دولاً، وانتهكت سياد تها الوطنية بشكل مباشر، دون أن تكون تلك الدول فى حالة حرب معلنة معها، كما حاولت الإدارة الامريكية الأ لتفاف حول تجاوزها لمنظمة الامم المتحدة، بتفسير جد يد للمادة "51" من الميثاق فاعلنت ا ن مهاجمتها للمصنع كانت د فاعاً عن النفس ..! وما كان للولايات المتحدة الامريكية، ان تقوم بمثل هذ ا الخرق الفاضح للقوانين والاعراف الدولية، لوكانت في السودان حكومة تحظي باي قدر من احترام المجتمع الدولي.

    حاصل الأمر هو أن الأسباب التي ساقتها الأ دارة الأمريكية لتبرير الضربات الجوية الأمريكية علي السودان بالتحديد، ثانوية وضعيفة الحبكة، اما الأ سباب الحقيقية الكامنة وراء تدمير مصنع الادوية السوداني، فهي اسباب استرتيجية بحتة، تهدف في المقام الأول الي ضرب المنشآت والبني التحتية في السودان، وليس النظام الحاكم، تماما مثلما حدث في العراق حيث الشعب العراقي يعاني الأمرين من جراء نقص الغذاء والدواء. والخطر كل الخطر علي الشعب السوداني يأتي في حال تنفيذ الولايات المتحدة لوعودها بتكرار تلك الضربات الأستراتيجية علي السودان، وهانحن ندق ناقوس الخطر. وما يؤكد ويد ل على صحة ما ذهبنا اليه، ذلك الاتفاق المفاجئ فى رأى النخب المؤثرة فى صناعة القرار الامريكى وهى :

    -إدارة البيت الابيض ممثلة فى الرئيس ( بيل كلنتون ) ومساعد يه لشئون الامن القومى والخارجية والدفاع، وقد كان موقف هذه المؤسسة مهزوزاً، عندما اتخذ ت قرارها بضرب مصنع الدواء السودانى ، والرئيس (بيل كلنتون ) فى اتعس أوقاته. ويلاحظ ان مد ير الاف. بي .اي لم تتم استشارته، في هذه الضربات حسبما جاء في الأخبار، بالرغم من انه يراس الجهة التي تتولي التحقيق في تفجيرات نيروبي ودار السلام.

    - زعماء الكونغرس باعتباره السلطة صاحبة الاختصاص الاصيل فى اعلان الحرب، طبقاَ للدستور الأمريكي، أيد أغلبهم بشكل قاطع الضربة الصاروخية علي السودان، بالرغم من صراعاتهم الحزبية، إضافة لخلافات التيارات اليمينية، مع مؤسسة الرئاسة حول الكثير من القضايا المتعلقة بادارة الشئون الخارجية والامن القومى.

    - اليات الرأى العام الامريكى، ممثلة فى جماعات الضغط، والشركات المتعد دة الجنسيات والغرف التجارية، والنقابات، و لأجهزة الاعلام، التى تتوجه بالخطاب السياسى للمواطن الامريكي العادى، و هو علي عكس الموطن السوداني، معروف بعدم اهتمامه بالسياسة خاصة شئونها الخارجية . وقد أيد ت قطاعات من الرآى العام الامريكى قرار جماعة ( البيت الابيض ) بالرغم من أن ذلك البيت كان على وشك الانهيار و التفكك الرئاسى بسبب فضيحة ( مونيكا لوينسكى ) .
    والملاحظ أن وسائل الاعلام الامريكية ظلت تبدى اهتماماً خاصاًً بشئون السودان منذ وقت ليس بالقصير، مما يوحى بمحاولة تهيئة الراى العام الامريكى، لعمل ما، ضد السودان. كما ان منظومة ( المعلوماتية ) الامريكية من مراكز ابحاث ودراسات وبنوك تفكير، قد قامت فى الآونة الاخيرة باعداد دراسات وابحاث شاملة عن السودان وبعض الدول الافريقية، منها على سبيل المثال الكتاب الذى صد ر بواسطة احد مراكز الأبحاث التابعه للبنتاغون الأمريكي، تحت عنون " السودان : دراسة لبلد - SUDAN: A COUNTERY STUDY " وهو من احد ث الدراسات الشاملة المنشورة عن السودان بواسطة مركز ابحاث أمريكي.

    أفــريقيا و الســـــــــــودان

    جاء الاهتمام الامريكي بالقارة الافريقية متاخراً بعض الشى، حيث بدأ مع مطالع السبعينات من هذا القرن، عقب التحولات التى شهدها الاقتصاد الأمريكي، نتيجة لأهتزاز نظام "برتون وود ز" ثم سطوع نجم "الاوبيك " وسعى الولايات المتحدة لتوفير احتياطيها من الطاقة والمواد الخام، بالبحث عن مصادر خارجية للأمد ادات الحيوية والمواد الاولية الرخيصة فى اسواق افريقيا والشرق الأوسط واسيا وامريكا اللاتينية، و منذ الثمانينات اخذ ت "إدارة الشئون الافريقية" تتوسع من مكتب صغير بوزارة الخارجية الامريكية الى ادارة كبرى، ترعى النشاط الضخم لسفارت الولايات المتحدة فى القارة الافريقية، ومن اهمها بالطبع السفارة الامريكية بالخرطوم، حيث لم يكن الخلاف المعلن بين موظفى وزارة الخارجية الامريكية، حول اغلاق او فتح السفارة الامريكية بالخرطوم، من حين الى اخر سوى ذ رللرماد فى العيون، وذلك قبل الضربات الجوية الاخيرة بالطبع !
    ومن الاحداث الهامة والدالة على التحول الكبير فى الموقف الامريكى، تجاه القارة الافريقية، عقب نهاية الحرب الباردة، وصول الاسطول الساد س الامريكى للمياه الاقليمية للصومال، ونزول قوات "المارينز" على شوا طئ القرن الافريقى تحت غطاء الاغاثة الانسانية، والقبض على الجنرال الصومالى " محمد فارح عيد يد " .. والمفارقة المضحكة فى سنياريو القبض على الجنرال كانت فى قيام القوات الامريكية بتخصيص طائرة اقلته من الصومال الى (اد يس ابابا ) للحاق باجتماعات اخوانه من قادة الفصائل الصومالية المتناحرة،المنعقد آنذاك فى العاصمة الاثيوبية، مع منح كل واحد منهم مبلغ مليون دولار امريكى، فى الوقت الذى كانت تقوم فيه القوات البحرية الامريكية باضخم مناورات عسكرية، تشهدها منطقة القرن الافريقى قبالة الساحل الصومالى، بالأ ضافة لقيام بعض شركات البترول الامريكية باجراء مسوحات جيولوجية على الاراضى الصومالية. وقد اعقب ذلك مناقشات داخل الكونغرس الامريكى، اتضح منها ان بعض الاعضاء لايد رون لماذا تد خلت القوات الامريكية فى الصومال ؟!
    ثم جاءت زيارة الرئيس " بيل كلنتون " لبعص دول القارة الافريقية، يرافقه عد د ضخم من مستشاريه ومساعد يهم لتشكل نقطة تحول هامة اخرى فى العلاقات الامريكية - الافريقية فى عصر (العولمة ) وهد فت الزيارة لدعم العلا قات الاقتصاد ية بين القارتين، والدخول فى شراكة تجارية تقوم بموجبها الدول الافريقية بتصد ير المواد الخام الرخيصة للمصانع الامريكية، مقابل استيراد تلك الدول للمنتجات الامريكية، وقد كانت زيارة " بيل كلنتون " مسبوقة بزيارة لوزير الخارجية الاسبق " وارن كر يستوفر " اقترح خلا لها انشاء قوة تد خل عسكرية لفض المنازعات واحتواء الصرعات الاثنية المحتمل اندلاعها فى القارة، تضم الولايات المتحدة وبعض الدول الافريقية ، وهذا هو الاقترح الذى عارضه الرئيس نيلسون مانديلا .
    الأهمية الإستراتيجة للسودان

    وياتى الاهتمام الامريكي بالسودان من كونه المفتاح الأستراتيحى للقارة الافريقية او قل " قلب افريقيا " كما سبقت الاشارة،و للمكانة الاستراتيجية الهامة التى يحتلها هذا البلد خاصة في منطقة حوض النيل والبحر الاحمر، كما ان السودان يجاور تسع دول عربية وافريقية، ويمتد عبر رقعة شاسعة، ومساحة واسعة تفوق مساحة انجلترا وفرنسا مجتمعتين، وتقترب من ثلا ثة اضعاف مساحة مصر، التى تعتبر السودان عمقَاً استراتيجياً لها، يضاف الى ذلك ان المكونات الاستراتيجية والاقتصاد ية الهامة التى يذخر بها السودان كالمياه والبترول والطاقة، والاراضى الزراعية الخصبة والصالحة لانتاج الحبوب الغذائية، والتي تجعل منه منافساً محتملاً للولايات المتحدة فى بعض اسواق الغذاء، خاصة الشرق أوسطية، وفى حال حدوث تنمية شاملة واستغلا ل امثل لموارده الطبيعية الهائلة وثرواته الضخمة ، فسيكون السودان قوة اقليمية اكبر مما تسمح به توازنات القوى فى القارة الافريقية، كما ان حدوث التنمية الاقتصاد ية والإجتماعية فى السودان يصعب من محاولات الولايات المتحدة احتواءه، والهيمنة عليه طبقاً لنظرية الواقعية السياسية، واستراتيحية الولايات المتحدة الهادفة لاحتواء القوى الاقليمية أو المحتمل الظهور فى المدى المنظور والبعيد.. ومن هنا يأتى التآمر على السودان ككيان وبلد هذه الايام، ومحاولة تفتيت وحد ته الوطنية، عن طريق استغلا ل الد عوة الخاصة بفصل الجنوب عن الشمال بممارسة " حق تقرير المصير " وهو هنا حق قصد به الباطل وطعم ابتلعته الجبهة الحاكمة فى السودان الان ، والتجمع المعارض لها على حد سواء ، وليس من شك ان استراتيجيات القوى الكبرى فى افريقيا لاتابه لكليهما، وسنوضح فيما يلي كيف تقوم الولايات المتحدة باستغلال الاخطاء السياسية والدبلوماسية والاستراتيجة للجبهة "الاسلا مية" الحاكمة فى السودان لتمرير مخططاتها فى القارة الافريقية، وممارسة سياسات الاحتواء وما يسمى بـ"الخنق الاستراتيجى " الذى يتضرر منه فى المقام الاول شعب السودان ، وتمتد تلك الاضرار لتشمل بطبيعة الحال شعوباً اخرى فى المنطقة.

    الأخطاء السياسية والدبلوماسية لحكومة ( الإنقاذ)

    تحدثنا آنفاَ عن أستغلا ل محاربى الحرب الباردة وصناع الاستراتيجية فى الغرب لجماعات الاسلام السياسى التى تتبنى ايد يلوجية تبسيطية تقسم دول العالم الى معسكرين احدهما لله والاخر للشيطان، كما تحد ثنا عن مفاتيح الاستراتيجية الامريكية ومفاهيمها الجيوبولتيكية والايد لوجية والقانونية، وذهبنا الى ان ضرب مصنع الادوية السودانى بصواريخ كروز يأتى فى اطار استراتيجية الولايات المتحدة فى القارة الافريقية ، واهدافها الرامية لإحتواء السودان ، باعتباره قوة اقليمية محتملة الظهور فى المستقبل، اذا ما اطلقت الطاقات الهائلة لهذا البلد عن طريق التنمية الإقتصادية والاجتماعية .ونتعرض ههنا للاخطاء السياسية والد بلوماسية والاستراتيجية لحكومة "الانقاذ" الوطنى في السودان ، التى تمخر الآن عباب العلاقات الدولية وسط انواء واهوال مطلقة الاعنة..!!

    السودان وإيواء الارهابيين

    مع بداية حكم الجبهة الاسلامية، منذ 30 يونيو 89 صار السودان قبلة للكثير من الجماعات المتطرفة والارهابيين الدوليين، وقد كان من بين اولئك الحجاج الجدد للسودان، الارهابى الدولى الشهير "كارلوس " الذى دخل الاسلام وظن ان فى السودان حكومة " اسلامية ". وفى ذات الوقت الذى كان يوجد فيه كارلوس واسامة بن لادن وغيرهم من الارهابيين وشذاذ الافاق والمتطرفين في السودان، كانت حكومة (الانقاذ ) تطالب الذ ين يتهمونها بايواء الارهابيين تقد يم الد ليل على صحة ذلك الادعاء، ولم تكتف الجبهة الحاكمة فى السودان ، بايواء الجماعات الإرهابية فقط ، وانما جعلت من الجنسية وجواز السفر السودانى "هد ية " مجانية ، تمنح لكل من هب ودب من اعضاء الجماعات المتطرفة، المنضوية تحت لواء منظمة "المؤتمر الشعبى العربى الاسلامى " التى يتزعمهاالمرشد العام للجبهة الحاكمة الشيخ الد كتور حسن الترابى ، ضاربة عرض الحائط بالكثيرمن النظم المتبعة فى إدارة الدولة الحد يثة، فيما يتعلق بهذا الجانب، وهذا هو الخطأ الذى بدات حكومة (الانقاذ ) الوطنى تد فع ثمنه هذه الايام .

    نتائج رحلة الترابى لامريكا

    فى مايو من عام 1992 ، وبينما كانت قوات "الد فاع الشعبى " فى الخرطوم تتغنى بنشد تقول كلماته:

    أمريكا روسيا قد د نى عذابها على إن لاقيتها ضرابها


    شد الشيخ الدكتور حسن الترابى الرحال الى الولايات المتحدة الامريكية، وهو مفتنون اشد الفتون بكونه" درس فى الغرب " ويتحد ث " اللغة الانجليزية احسن من الامريكيين " اوكما قال الشيخ عن نفسه، وعند خضوعه للا ستجواب بواسطة لجنة الشئون الخارجية بالكونغرس انكر الشيخ حسن الترابى وجود أية صلة له بالنظام الحاكم فى السودان، كما عرض على الامريكيين بوصفه الامين العام لمنظمة"المؤتمر الشعبى الإسلامى " أن تتحالف الجماعات الاسلامية المنضوية تحت لواء منظمته مع الولايات المتحدة الامريكية ، كما وصف العلاقات السودانية الايرانية بأنها علاقات تجارية بحتة ، وقد كان لزيارة الترابى لامريكا عدة نتائج ماساوية أهمها :

    - غضب الايرانيين من الاقوال التى أد لى بها الشيخ حسن، للجنة الشئون الخارجية بالكونغرس الامريكى ، ومطالبتهم للسودان بد فع فاتورة البترول بضمان من شركة أوربية .

    - وضع الاد ارة الامريكية للسودان ضمن قائمة د ول الارهاب الد ولى السبع ، كبداية لتنفيذ سياسة (الخنق الاستراتيجى ) و محاصرة السودان اقتصا د ياً وحرمانه من المعونات والمسا عدات المالية والفنية .
    -عقب نهاية زيارة الترابى صد ر فى يونيو 1992 ما سمى بـاعلان المريد يان " MERIDIAN HOUSE DECLARATION " الذى تلاه (أدوارد جيرجيان ) مساعد وزير الخارجية فى ادارة (كلنتون ) لشئون الشرق الأدنى والذى صار فيمابعد سفيراَ للولايات المتحدة فى اسرائيل ، معلناً بداية تنفيذ سياسة الاحتواء الامريكية علىالاسلام السياسى أو مايسمى بـ(الخطر الاخضر ) وذلك على غرار مبد أ ترومان، الذى اعلن بموجبه الرئيس الامريكى هارى ترومان قبل خمسين عاماً سياسةالاحتواءالامريكى " CONTAINMENT POLICY " للجماعات الماركسية التى كانت تحاول قلب انظمة الحكم فى كل من تركيا واليونان ، مؤرخاً لبداية الحرب الباردة ضد( الخطر الاحمر ) اوالشيوعية الدولية.
    وقد وزعت السفارة الامريكية بيانات فى شوارع الخرطوم تتضمن فقرات من (اعلان المريد يان ) جاء فيها أن الولايات المتحدة لاتعادى الاسلام وانما تعتبره ديانة عظيمة أثرت الحضارة الانسانية ، ويعتنقه فى الوقت الحاضر عد د كبير من مواطنى امريكا ، ولكن الولايات المتحدة تحارب الجماعات المتطرفة التى تستخدم الاسلام كستارلاعمال العنف والارهاب . وهذه تقريبا نفس الفقرات التى تلاها الرئيس الامريكى (بيل كلنتون ) وهو يعلن ضرب السودان وافغانستان بصواريخ كروز، وقد د خلت السفارة الامريكية في الخرطوم فى تراشق اعلامى مفتوح مع الإذاعة والتلفزيون والصحف السودانية، واصدرت بياناَ آخر وزعته فى شوارع الخرطوم ترد فيه على ما نشر فى الصحف السودانية من (تحسن العلاقات بين السودان وأمريكا ) نافية ان العلاقات بين السودان وأمريكا قد تحسنت... وأورد بيان السفارة الأمريكية الذى وزع في شوارع الخرطوم خمس نقاط بشأن العلاقات السودانية الأمريكية كالأتى :

    - الأنتهاك المتواصل لحقوق الانسان فى السودان وانكار الحريات الاساسية والديموقراطية .

    -أعدام وأخفاء مواطنى الولايات المتحدة في جوبا .

    - توفير الملاذ الآمن في السودان لاعضاء الجماعات الارهابية المعرفة .

    - وضع العراقيل المتواصلة من جانب كل اطراف النزاع في السودان في طريق ايصال شحنات الاغاثة العالمية للسودانيين الذ ين هم في حاجة إليها .
    - الحرب الاهلية المستمرة في الجنوب .

    وبينما اعتبر وزير الخارجية السودانى السابق الدكتور حسين أبوصالح ان الولايات المتحدة لا تسعى لتغيير النظام القائم فى السودان، اعلن بعض المسئولين في الخارجية السودانية ان السفير الامريكى الاسبق في الخرطوم دونالد بترسون، قد انتهك السيادة الوطنية للسودان، بقيامه برحلات ماكوكية بين السفارة وبعض اجزاء البلاد،بدون إذن من السلطات السودانية، وقد كان لى شرف المواجهة لتلك الظاهرة الخطيرة والغريبة على الاعراف الدبلوماسية في مقال نشر بجريدة (الخرطوم ) في مارس 1994 تحت عنوان : اصبحت السفارة الامريكية بالخرطوم دولة داخل الدولة!!
    ونواصل ..

    عرمان محمد احمد

    اغسطس 1998
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de