دا المدعو آدم خاطر ولـ عوني فرسخ..أيها النقاد أفيدوني..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-18-2024, 09:37 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-19-2004, 08:09 PM

Mohamed Adam
<aMohamed Adam
تاريخ التسجيل: 01-21-2004
مجموع المشاركات: 5168

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
دا المدعو آدم خاطر ولـ عوني فرسخ..أيها النقاد أفيدوني..

    تحديات الحاضر واحتمالات المستقبل في السودان
    بقلم :عوني فرسخ

    يواجه السودان تحديات مصيرية على محاور: هويته وانتمائه، ووحدة ترابه الوطني، وتماسك نسيجه الاجتماعي، واستقلال ارادته السياسية وقراره الاقتصادي، وثقافته العربية الاسلامية، ودوره كقناة تواصل عربي ـ أفريقي. فضلاً عن سعة وعمق المداخلات الخارجية، الدولية والاقليمية، في أدق شئون حياة تكويناته الاجتماعية، والعمل الدؤوب لايجاد اشكاليات اقلوية لا تاريخية ولا موضوعية، واستقواء زعامات الأطراف المتمردة على السلطة المركزية بالقوى الدولية والاقليمية بما في ذلك اسرائيل.
    وبالتالي فالسودان يعيش واقعاً مأزوماً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً. وليس من المغالاة في شيء القول بأنه غدا بين الدول العربية والأفريقية الأقل منعة تجاه الاختراقات والضغوط الخارجية، حتى وان صدرت عن احدى جاراته الأفريقية التي لا تقارن به من حيث وفرة الامكانيات المادية وتوفر القدرات البشرية.
    والذي يبدو أن هناك قراراً أميركياً ـ بريطانياً بأن لا يتمتع السودان بالاستقرار أو يشيع في ربوعه السلام الاجتماعي. وبحيث يظل مفتقراً للظروف التي تمكن شعبه من استثمار موارده الغنية في تتمة شاملة تتيح له فرصة الانعتاق من التخلف الموروث عن المرحلة الاستعمارية. اذ لم يكد يجف الحبر الذي كتبت به اتفاقية «نيفاشا»، التي كان للوسطاء الأميركان الدور الأول في صياغة بنودها شديدة الاجحاف بحقوق الأكثرية في الشمال والمغالية في محاباة حركة التمرد في الجنوب.
    والتي تنطوي على تهديد خطير لوحدة التراب الوطني السوداني، حتى فجرت أزمة دارفور وصورت وكأن هناك حرب ابادة تقترفها القبائل ذات الأصول العربية بدعم حكومي ضد القبائل أفريقية الأصول، والملاحظ أن ما أبدته حكومة السودان من استعداد للتفاعل الايجابي مع الهيئات الدولية والاقليمية لم يلق التجاوب الذي يستحقه من قبل صناع قرار هذه الهيئات أو لدى قادة التمرد في دارفور.
    الأمر الذي يستدل منه أن الغاية المستهدفة انتزاع أكبر قدر مستطاع من تنازلات حكومة البشير لصالح متمردي دارفور، تماماً كما حدث مع حركة التمرد في الجنوب بزعامة جون قرنق.
    فالحكومة رحبت باستقبال المندوبين الأميركيين والأوروبيين الذين عهد اليهم الاطلاع على الأوضاع في دارفور، برغم عدم اطمئنانها لنوايا الجهات التي انتدبتهم. ثم انها قبلت القرار ـ الانذار ـ الصادر عن مجلس الأمن، والذي لم يمهلها سوى شهر للتوصل لتسوية ترضي بها حركة التمرد وممسكي الخيوط من وراء الستار.
    كما فسحت المجال لهيئات الاغاثة الدولية ومراقبي وقف اطلاق النار الذين يوفدهم الاتحاد الأفريقي وارتضت أن تتولى حمايتهم قوة من ستمائة ضابط وجندي تابعين للاتحاد الأفريقي. وبالمقابل لم تغب نبرة التحدي عن خطاب كل من الناطق باسم أمين عام الأمم المتحدة ورئاسة الاتحاد الأفريقي، اللذين هددا السودان بأوخم العواقب اذا لم يستجب لما تضمنه قرار مجلس الأمن. فيما وجه محمد أحمد نور، رئيس حركة التمرد في دارفور، رسالة للرئيس بوش وأخرى لرئيس الوزراء بلير يطالبهما بالتدخل العسكري قبل انقضاء مهلة الشهر.
    وعدم الاستقرار في السودان ليس بالحالة الطارئة وانما هو القاسم المشترك الأعظم لسنوات العقود الأربعة الماضية، اذ توالت حركات التمرد في الجنوب بعد سنوات قليلة من ظفر السودان باستقلاله السياسي. ولقد تواصلت الاتهامات المتبادلة فيما بين كل من الحكومات السودانية المتعاقبة وبين حركة التمرد بزعامة جون قرنق، حول المسئولية عن عدم التوصل للتسوية العادلة والشاملة والدائمة لصراع الأخوة ـ الأعداء ونقض ما كان يتم التوصل اليه من اتفاقيات.
    وما كان الصراع ليتواصل في معظم السنوات التي أعقبت الاستقلال، وأن تأتي اتفاقية «نيفاشا» مفتقرة لأسس الحل العادل والشامل والدائم، ففي ذلك دلالة أن هناك قوى دولية واقليمية وحتى محلية سودانية شديدة الحرص على ابقاء السودان أسير واقع مأزوم، منها لدوافع وغايات اقتصادية صرفة، ومنها لأسباب سياسية استراتيجية، ومنها بتأثير تراكمات تاريخية معادية للعروبة والاسلام، ومنها من تتفاعل لديه على نحو جدلي كل من محفزات الفئات الثلاث.
    ولأن المعرفة الكافية والوافية بحقائق ماضي أي ظاهرة سياسية أو اجتماعية ما ييسر الاحاطة بأبعاد واقعها ويتيح المجال لاستشراف احتمالاتها المستقبلية بقدر كبير من الموضوعية والدقة العلمية، فان ذلك يقتضي وقفة موجزة مع واقع السودان وأبرز محطات تاريخه الحديث، والدور الاستعماري والتبشيري في ايجاد اشكاليات اقلوية عسيرة الحل فيه، ونواحي القصور في أداء صناع قراره السياسي منذ الاستقلال.
    وبداية ألاحظ أن السودان يحتل موقعاً متميزاً في الجغرافية السياسية والحضارة العربية الاسلامية. اذ هو العمق الاستراتيجي لمصر صاحبة الدور التاريخي في الاقليم العربي. ولكون مصر «هبة النيل» فالنظام فيها شديد الحساسية لمجريات الأمور في السودان. ومن ناحية ثانية شكل السودان أحد معابر التفاعلات والمؤثرات العربية الاسلامية جنوبي الغابات الأفريقية الاستوائية. ولقد كان لتجاره وعلمائه اسهامهم التاريخي في نشر العربية والاسلام بين القبائل الأفريقية.
    ويذكر أنه كان بين العلماء من يشتري الرقيق ويعتقهم ويعلمهم مبادئ الاسلام وقيمه ثم يردهم الى ديارهم ليقوموا بنشر الاسلام فيها. ومن ناحية ثالثة يتميز السودان بكونه أوسع الأقطار العربية مساحة، ومن أغناها بموارده الطبيعية وبثروته الحيوانية، وبأنه المجال الرحب للاستثمارات العربية التي ان وظفت بكفاءة سدت ما يواجهه الوطن العربي من عجز على صعيد أمنه الغذائي، وحالت بالتالي دون ما يترتب على ذلك من ارتهان ارادة أكثر من قطر عربي لمصادر الدعم والمساندة الخارجية.
    وكانت قد توسعت في عهد محمد علي حدود السودان ليشمل المناطق الاستوائية جنوباً، وسلطنة دارفور غرباً، وثغور البحر الأحمر شرقاً، وكان لمحمد علي وخلفائه دورهم الفاعل في احتفاظ السودان بوحدة كيانه السياسي التي كانت مهددة بعد تدهور فعالية مملكة الفونج. كما أن فتح الأقاليم الاستوائية يسر للمؤثرات العربية والاسلامية أن تشق طريقها الى تلك الأقاليم.
    ويذكر الجنرال غوردون أنه وجد كثيراً من القرى في وسط مناطق جنوبي السودان تتحدث العربية، وأنه لاحظ عدم وجود تفرقة عرقية أو عنصرية بين الشماليين والجنوبيين، وأن رؤساء القبائل الجنوبية يقلدون الشماليين في مآكلهم وملابسهم ومعاملاتهم، وأنه أصبح للأعياد والمشاعر الاسلامية مكانتها بين معتقدات الجنوبيين القديمة.
    غير أن النظام الذي اعتمده محمد علي وخلفاؤه في السودان لم يؤسس قاعدة اجتماعية تركب على أساسها الوحدة الوطنية. فيما تسبب سوء الادارة والفساد الاداري والتعسف في جباية الضرائب في اضعاف التطلعات التقليدية نحو مصر. وعشية احتلال بريطانيا للسودان سنة 1898م بقوات مصرية، وتحت العلم المصري، وبحجة «استرجاع» السودان لمصر. كانت العصبية القبلية والطرقية الصوفية تتقدم أي ولاء آخر، دون أن يعني ذلك تماثل التوجهات في كل نواحي السودان.
    وانما كانت هناك ثلاثة توجهات متمايزة على أساس اقليمي. فقبائل الشمال والوسط والشرق، بقيادة «الختمية» تبدي تطلعاً لمصر بتأثير التراكمات التاريخية. وقبائل الغرب، مركز ثقل «الأنصار» تولي الذات السودانية اهتماماً واضحاً، وتعتبر مصر مسئولة عن تصفية الانجليز للحركة «المهدية». أما قبائل الأقاليم الاستوائية فقد كانت تعاني من التخلف والتشرذم بحيث لم تكن تمتلك وحدة الرؤية ولو في المستوى البسيط.
    وبموجب اتفاقية «الحكم الثنائي» التي وقعها كرومر وبطرس غالي سنة 1898م أعطيت بريطانيا حق اختيار حاكم عام السودان، الذي تمتع بصلاحيات مطلقة. وتعكس الأدبيات الانجليزية أن السياسة الاستعمارية في السودان التزمت بثلاثة أهداف: تصفية النفوذ المصري بالاعتماد المتزايد على المتعلمين السودانيين، وربط السوق السودانية ببريطانيا مقابل اضعاف صلتها التاريخية بمصر.
    واضعاف الصوفية بدعم الزعامات والمشاعر القبلية. وعزل الأقاليم الاستوائية بتنفيذ «السياسة الجنوبية» القائمة على محاربة واقصاء كل ما له صلة بالعروبة والاسلام مقابل تشجيع ودعم الارساليات التبشيرية والتقاليد القبلية وحتى الديانات الاحيائية لدى الجنوبيين. وبالنتيجة أبرزت مشاعر اقلوية جنوبية أسيرة ثقافة عنصرية، معادية للعروبة والاسلام، ومتهمة الشمال بأنه علة تخلف الجنوب الذي أصله المستعمرون الانجليز.
    غير أن بريطانيا وان عزلت شمال السودان عن جنوبه، وبلورت الذاتية الجنوبية المسكونة بعداء عنصري للشمال، لم تستهدف فصل الجنوب لاقامة كيان سياسي مستقل فيه، كما لم تسع الى دمجه بجواره الأفريقي، وانما أرادت منه أن يكون أداتها في التأثير على مجريات الأمور في كل من شمال السودان وبالتبعية بمصر.
    ولقد راهنت على شعار «حق شعب السودان في تقرير مصيره». فيما كانت الحكومات المصرية المتوالية قبل ثورة 1952 تنادي بوحدة وادي النيل على قاعدة أن مصر وارثة حقوق الامبراطورية العثمانية في السودان. وفي سنة 1952 أعلنت قيادة الثورة ايمانها بحق شعب السودان بتقرير مصيره وأنه وحده الذي يقرر الوحدة مع مصر أو الاستقلال، ودعمت الحزب الوطني الاتحادي في انتخابات سنة 1954 بحيث فاز بأكثرية مقاعد مجلس النواب والشيوخ وشكل زعيمه اسماعيل الأزهري أول وزارة في عهد السودان المستقل.
    ويومها التفت جميع القوى السياسية السودانية من أقصى اليمين الى أقصى اليسار على تأييد مطلب الاستقلال. اذ اصطف الحزب الوطني الاتحادي الى جانب حزب الأمة والحزب الشيوعي ومنظمات الجنوب. وكان لسان حال الجميع أن الاستقلال القطري سبيل التنمية الشاملة، واقامة الديمقراطية، وحل جميع الاشكاليات الموروثة عن المرحلة الاستعمارية.
    وما ان تراجعت احتمالات الوحدة والاتحاد مع مصر حتى تفجرت خلافات حلف الأضداد. اذ لم يعد هناك ما يجمع شملهم. ولم تعدم المسيرة السودانية المداخلات الخارجية والاقليمية التي حولت التناقضات الثانوية فيما بين أبناء الوطن الواحد الى تناقضات عدائية استجرت صراعات دامية.
    وفي مواجهة امتلاك الحركة القومية العربية زمام المبادرة الاستراتيجية في المنطقة أواسط خمسينيات القرن الماضي اعتمدت اسرائيل استراتيجية عقد تحالفات مع دول الجوار غير العربية وبعض الأقليات العرقية والدينية في الوطن العربي. وكانت اثيوبيا وحركة التمرد الجنوبي بقيادة جون قرنق في مقدمة من تحالفت معهم، وكثيرة هي الكتابات الموثقة التي تناولت تفاصيل التغلغل العسكري والاستخباراتي الاسرائيلي في جنوبي السودان والانفتاح غير المحدود لحركة قرنق على الكيان الصهيوني. ولقد أشارت بعض المصادر مؤخراً الى التقاء بعض قادة التمرد في دارفور مع عملاء الموساد الاسرائيلي.
    وليس معنى ذلك أن حركات التمرد السودانية، بما في ذلك الحركة الأعرق تاريخياً في الجنوب، ليس لديها ما تأخذه على الحكومة المركزية. وأن مناطقها لم تعان ولا تزال قصوراً مريعاً على صعيد البنى التحتية وسائر الخدمات الاجتماعية. والقصور القائم تتحمل مسئوليته التاريخية الحكومات المركزية التي افتقر معظمها للنظرة الاستراتيجية والرؤية الشاملة في معالجة القضايا الوطنية. الا أن ذلك شيء والدفع باتجاه التناقضات بين أبناء الوطن الواحد لتغدو تناقضات عدائية تحتم الصدام شيء آخر.
    وفي حالة دارفور مثال واضح. اذ خلال القرون الماضية توالت النزاعات فيما بين القبائل الرعوية ذات الأصول العربية وبين القبائل الزراعية أفريقية الأصول، وجرت العادة على حل الاشكاليات القاتمة بالمصالحات التقليدية. كما عرف «الجنجويد» بأنهم صعاليك المنطقة المنتسبون للعديد من القبائل، والذين يمارسون التعدي على مختلف القبائل بمن فيها بعض من ينتسب اليها قادتهم وكان التصدي لهم بالأسلوب التقليدي.
    غير أنه في المرحلة الراهنة لم تجر فقط المغالاة في تصوير النزاعات التقليدية في المنطقة، وانما أظهرت وكأنها صراعات عرقية فيما بين العرب والأفارقة، بل وحرب ابادة يشنها الأولون المدعومون من الحكومة ضد الآخرين، مع التجاهل التام لكون الفريقين يدينون بالاسلام، وهم وان تمايزت أصولهم السلالية عرب لغة وثقافة، وأنماط سلوك، وان ما يجمعهم أكثر بكثير مما يفرقهم.
    ويذهب الرئيس البشير ـ وهو محق ـ الى أنه ليس بين أهداف الولايات المتحدة وأوروبا سلامة ورفاهية شعب دارفور وانما التسلط على السودان والسعي لاستغلال ثروته النفطية ومناجم الذهب المتوفرة فيه. فيما لا يقلل آخرون من أهمية العوامل الاقتصادية في الموقف الأميركي والأوروبي من حركات التمرد السودانية، في دارفور وسواها.
    وانما يرون أن تبني حكومة البشير النهج الاسلامي ومحاولتها احياء دور السودان التاريخي في القارة السوداء باعتماد ايفاد بعثات دعوة الى العديد من الدول الأفريقية، وتخصيص جوائز ومكافآت للمتطوعين في أداء هذه المهمة الدعوية واعتبارهم مجاهدين لهم أجر الشهداء، كان عاملاً مستفزاً للمشاعر المعادية للاسلام لدى بعض دوائر صناع القرار الأوروبي والأفريقي الداعمين حركات التمرد السودانية. وفي الحملات المتوالية على الخيار الاسلامي لحكومة الانقاذ في السودان ما يستشهد به أصحاب هذه الرؤية.
    وليست حالة التمرد في دارفور ولا أي حالة قد تفجر في شرق السودان، في مستوى تعقيد وخطورة ما كانت عليه الحال في جنوبي السودان، ومع ذلك قدمت حكومة الرئيس البشير تنازلات مؤلمة لوضع حد لنزيف الدم والثروة، ولتوفير متطلبات الاستقرار وتوظيف امكانيات السودان وقدرات أبنائه في تحقيق التنمية الشاملة المجتمع السوداني في مسيس الحاجة اليها.
    ثم ان من اعتاد تقديم التنازلات أمام الضغوط الخارجية لن يمتنع عن تقديمها. وأغلب الظن أن تتم تسوية أزمة دارفور بالأسلوب الذي تم الاتفاق عليه في نيفاشا، أي تقاسم الثروة والسلطة، وتحول السودان الى بلد فيدرالي، مع تراجع الدور التاريخي للحكومة المركزية.
    ويقدم السودان المثال الأوضح لقصور الدولة القطرية وعقم المنطق القطري العربي. فالسودان كما سبق ذكره في مقدمة الأقطار العربية غنى بموارده الطبيعية فضلاً عن أنه لا يعاني قصوراً على صعيد قواه البشرية. ومع ذلك لم يمتلك مقومات الصمود بعد أن تعطل تكامله مع عمقه الاستراتيجي المصري. وذلك بحجة أن قصور موارد مصر عن الوفاء باحتياجات مواطنيها سيجعل من التكامل معها حلاً لمشكلتها القطرية على حساب السودان.
    والذي تجاهله مدعو ذلك أن ليس من حالة تكامل عبر التاريخ الانساني الا وأدت الى تعاظم القدرات الانتاجية لجميع الوحدات المتكاملة. ذلك لأن امكانيات كل وحدة تتفاعل مع امكانيات الوحدة الأخرى على هيئة المضاعف. ولو أن اتحاد مصر والسودان تحقق فانه كان سيؤدي الى توظيف ملايين المصريين الذين يعانون البطالة في الأراضي الزراعية السودانية المعطلة مما يعود بالنفع العميم على القطرين.ومن غير المستبعد أن يعاد انتاج السياسة الاستعمارية البريطانية، القائمة على توظيف المشاعر الجنوبية في التأثير على توجهات الشمال، وبالتبعية القرار المصري، كما يستدل على ذلك من النهج الذي اعتمد في اتفاقية نيفاشا، الذي أتاح لجون قرنق، وما يمثله، أن يكون له دور يفوق امكانياته وقدراته في صناعة قرار حكومة السودان وهذا ما ينبغي أن يأخذه في حسبانه ليس فقط قيادات شمال السودان، الحاكمة والمعارضة على السواء، وانما أيضاً ساسة مصر ومفكروها واعلاميوها.
    ومع أن اتفاقية «نيفاشا» تنطوي على احتمال انفصال الجنوب السوداني، الا أن ذلك يظل الاحتمال الأبعد تحققاً. ليس لأن الانفصال لم يحدث يوم أن كانت بريطانيا صاحبة الكلمة الأولى في الشأن السوداني، وهي التي عرفت بسياستها في بقية نواحي المشرق العربي أيام كانت متولية شئونه. وانما لأن احتمالات تفجر صراعات زعامات الجنوب.
    وتحول تناقضاتهم الثانوية الى تناقضات عدائية تحتم الصدام هي في حال الجنوب أكبر وأخطر مما كانت عليه في السودان غداة تعطل اتحاده مع مصر سنة 1956. فالجنوب السوداني يتميز بكونه أقل تجانساً واندماجاً. وبموجب الاحصائيات المتاحة يضم الجنوب نحو 5 ملايين ما يقارب 14% من مواطني السودان. وهم ينتسبون الى 56 سلالة مختلفة تنقسم الى 567 مجموعة فرعية. ويتكلمون 180 لغة ولهجة، ويتبع 65% منهم ديانات احيائية متعددة ومتباينة، فيما يدين 17% منهم بالاسلام و18% بالنصرانية.
    ويظل التكامل مع مصر سبيل حماية وحدة تراب السودان وتماسك نسيجه الاجتماعي والحد من التأثيرات السلبية على هويته وانتمائه وثقافته العربية الاسلامية. وبالتالي فالتكامل مع مصر وليس سواه ما يحول دون التحديات الخطرة التي تهدد السودان وسبيل تجاوزه واقعه المأزوم.

    نقلا عن الشرق الاوسط



                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de