الخمر إحدى متع الجنة التي وعد الله بها المؤمنين

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 11:39 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-19-2004, 01:52 PM

شقرور

تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الخمر إحدى متع الجنة التي وعد الله بها المؤمنين

    الخمر والشعر

    في الحضارة العربية والإسلامية


    بقلم المستشرق يوحنا كريستوف بيرجل

    ترجمه عن الألمانية وقدم لـه: ثابت عيد

    (باحث مقيم في سويسرا)



    تقديم المترجم:

    يعالج المستشرق الألماني المعروف يوحنا كريستوف بيرجل في بحثه هذا أشكال حضور الخمر في الشعر بالحضارة العربية الإسلامية(*) . لقد ركز بيرجل بالخصوص على أشعار حافظ الشيرازي، وجلال الدين الرومي، وعمر الخيام، الخاصة بالخمر، وهي أشعار لا يعرف المثقف العربي منها، إلا رباعيات الخيام. أما أشعار حافظ والرومي، فلم يكتب لها الانتشار بعد في عالمنا العربي، برغم وجود ترجمة عربية محترمة لديوان حافظ، وبرغم وجود عدد من الباحثين المصريين والعرب والقائمين على ترجمة الأدب الفارسي إلى اللغة العربية. ولعله من المفيد قبل متابعة الباحث في رحلته مع الشعراء وتغنيهم بالخمر إبداء الملاحظات التالية التي نعرض فيها لأشكال أخرى من حضور الخمر في الفكر العربي الديني منه والأدبي:

    أولا: مما أوردته كتب الأدب العربي القديم عن آفات الخمر، "أنها تذهب العقل، وأفضل ما في الإنسان عقله، وتحسن القبيح، وتقبح الحسن". وحكى صاحب "العقد الفريد" أن مشارب الرجل يقال له نديم من الندامة، "لأن معاقر الكأس إذا سكر، تكلم بما يندم عليه"(1). وقال قصي بن كلاب لبنيه: "اجتنبوا الخمر، فإنها تصلح الأبدان، وتفسد الأذهان"(2). ولما قيل لعثمان بن عفان: "ما منعك من شرب الخمر في الجاهلية، ولا حرج عليك فيها؟" قال: "إني رأيتها تذهب العقل جملة. وما رأيت شيئا يذهب جملة، ويعود جملة"(3). ويحكى أن قوما سقوا أعرابية مسكرا، فقالت: "أيشرب نساؤكم مثل هذا؟ قالوا: نعم. قالت: فما يدري أحدكم من أبوه"(4). ومن ألطف ما قرأت في وصف حالة السكر قول الشاعر:

    "أقبلت من عند زياد كالخرف

    أجر رجلي بخط مختلــــــف

    كأنما يكتبان لام ألــــــــــف"(5).

    ثانيا: تحكي كتب التاريخ أن أهل الحرمين أباحوا الغناء وحرموا النبيذ، وأن أهل العراق أباحوا النبيذ وحرموا الغناء(6). ونظرا لأن البصرة كانت منشأ الاعتزال، فقد أباح بعض المعتزلة أنواعا معينة من النبيذ. ويبدو أن ذلك هو سبب وصف المقدسي للمعتزلة بالفسق، حيث نسب إليهم أربع خصال، هي: "اللطفاة والدراية والفسق والسخرية"(7). وقد استغل خصوم المعتزلة من الأشاعرة وأهل الحديث وغيرهم هذه المسألة بالذات، وقاموا بالتشنيع علبهم. من ذلك مثلا اتهام عبد القاهر البغدادي، وهو أشعري متطرف، لإبراهيم النظام المعتزلي بإدمان السكر(. وهذه التهمة لا يمكن فهمها إلا في إطار الصراع العقائدي العنيف بين المعتزلة والأشاعرة؟ وإلا لو كان الأمر يتعلق حقا باستنكار شرب الخمر -لكان أولى بالبغدادي والأشاعرة أن يهاجموا صاحبهم الخليفة المتوكل الذي قال عنه المسعودي في "مروج الذهب": "ولم يكن أحد ممن سلف من خلفاء بني العباس ظهر في مجلسه اللعب والمضاحك والهزل… إلا المتوكل، فإنه السابق إلى ذلك والمحدث له"(9). فالأشاعرة والحنابلة تغاضوا عن مساوئ المتوكل الكثيرة، لأنه اضطهد المعتزلة، وانتصر لمذهب ابن حنبل. أما تحامله على الشيعة، وظلمه لأهل الكتاب، وحياته المملوءة بالفسق والمجون- كل هذه المساوئ وغيرها سكت عنها الحنابلة والأشاعرة. ومن ذلك أيضا تشنيع أبي منصور محمد بن أحمد الأزهري على المعتزلي ابن دريد في مقدمة كتابه "تهذيب اللغة"، حيث يقول: "وألفيته (= ابن دريد) أنا على كبر سنه سكران، لا يكاد يستمر لسانه على الكلام من سكره…"(10).

    ثالثا: إن المعتزلة وأصحاب أبي حنيفة، وإن كانوا قد حللوا بعض أنواع النبيذ، على مذهب أهل العراق، إلا أنهم لم يصلوا في ذلك إلى حد الفجر والفسق الذي نعرفه عن أبي نواس مثلا. يحكى أن المكتفي سأل الصولي مرة: "أتعرف أهتك بيت قالته العرب؟ قال: قول أبي نواس: ألا فاسقني خمرا، وقل لي: هي الخمر"(11). نعم نحن نعرف أن الجاحظ قد امتدح النبيذ في ورسالة "الشارب والمشروب"، خيث يقول مثلا: "وإن كل شراب، وإن حلا ورق… وطاب وعذب… فإن استطابتك لأول جرعة منه أكثر… ثم لا يزال في نقصان، إلى أن يعود مكروها وبلية، إلا النبيذ، فإن القدح الثاني أسهل من الأول، والثالث أيسر، والرابع ألذ، والخامس أسلس، والسادس أطرب، غلى أن يسلمك إلى النوم الذي هو حياتك"(12). ولكنه مع ذلك كان دائم التحذير من إدمان الشرب، والإكثار منه.

    رابعا: اختلف الأئمة في مسألة تحريم الخمر أو تحليلها. فذهب الشافعي ومالك وابن حنبل إلى القول بأن المراد بالخمر هو ("جميع الأنبذة المسكرة من نبيذ التمر والزبيب والشعير والذرة والعسل وغيرها. وقالوا: كلها تسمى خمرا، وكلها محرمة"(13). أما أبو حنيفة، فقد حلل بعض أنواع الأنبذة، كنبيذ التمر والزبيب، "إن طبخ أدنى طبخ وشرب منه قدر لا يسكر"(14). وقد واجه أبو حنيفة أحيانا بعض المواقف الحرجة نتيجة لموقفه هذا من الخمر، ولولا سرعة بديهته، ورجاجة عقله، لما وجد لهذه المآزق مخرجا. يحكي صاحب "محاضرات الأدباء"، قائلا: "قال ابن أبي ليلى لأبي حنيفة: أيحل النبيذ وبيعه وشراؤه؟ قال: نعم. قال: أفيسرك أن أمك نباذة؟ فقال أبو حنيفة: أيحل الغناء وسماعه؟ قال نعم. قال: أفيسرك أن أمك مغنية؟ ووضع رجل بالكوفة على باب المسجد نبيذا بين يديه وجعل ينادي: من يشتري رطلا بدرهم بتحليل أبي حنيفة؟ فقال له أبو حنيفة: يا رجل، إنك فعلت قبيحا! فقال: ألست حللته؟ قال: صدقت. ومن الحلال أنك تجامع امرأتك، ولو استحضرتها الجامع، وجامعتها لا ستقبح ذلك. ولقي أبو حنيفة سكران، فقال له السكران: يا أبا حنيفة، يا ابن الزانية، إني شربت النبيذ! فقال: ما أحسنت حيث أحللت النبيذ، حتى شربه مثلك"(15).

    خامسا: منذ القرون الأولى للإسلام نشب صراع عنيف بين المتشددين في الالتزام بأحكام الشريعة من ناحية، والمتساهلين في تأدية فرائض الإسلام من ناحية أخرى. كان الحنابلة من كبار ممثلي التيار المتشدد في الأمصار العربية بصفة عامة، في حين أن التيار المتساهل كان يمثله بعض فرق الصوفية. دأب المتشددون على اتهام المتساهلين بالفسق والإلحاد، ورد المتساهلون على المتشددين متهمين إياهم بالنفاق والخبث. فالتشدد عند الصوفية، ليس إلا قناعا يخفي المتشددون وراءه الجهل والخبث والرياء. هذه الفكرة بالذات هي أحد أهم الموضوعات التي عالجها كبار شعراء الفرس: عمر الخيام، وجلال الدين الرومي، وحافظ الشيرازي. كان بعض المتصوفة في بادئ الأمر من ألد أعداء عمر الخيام. ولكنهم استحسنوا بعد ذلك بعض رباعياته، وأدخلوها في أورادهم، واهتموا بدراستها(16). يقول الشاعر القدير، أحمد رامي، صاحب أجمل ترجمة عربية رباعيات الخيام -وهي الترجمة التي غنت أم كلثوم بعض مقاطعها-: "هذا هو الخيام الذي رماه الناس بالزنقدة في عهده، والذي تقرن أشعاره اليوم بأشعار ابن أبي الخير والأنصاري والعطار، وهم أطهر الشعراء صفحة"(17). يشن الخيام هجوما عنيفا ضد أدعياء الزهد والمتاجرين بالدين، متهما إياهم باستنزاف دماء العباد، في حين أنه لا يقتل أحدا، ولا يشاغب أحدا. كل ما يفعله هو أنه يواسي وحدته بالخمر. ومع ذلك لم يتركوه وشأنه.

    "يا مدعي الزهد أنا أكـــــرم

    منك، وعقلي ثملا أحكــــــم

    تستنزف الخلق، وما استقي،

    إلا دم الكرم، فمن آثــــــــم"..(1

    ويقول في موضع آخر:

    "خير لي العشق وكأس المدام

    من ادعاء الزهد والاحتشـام

    لو كانت النار لمثلي، خلـت

    جنات عدن من جميع الأنام"(19).

    ويدافع شاعر إيران الكبير حافظ الشيرازي عن الفكرة نفسها-أي أن المتصوفة قوم لا يؤذون أحدا، ولا يبغضون أحدا، بل إن الحب مذهبهم، والتسامح عقيدتهم. وهم وإن كانوا يهملون الفرائض الدينية، إلا أنهم لا يقتلون أحدا، ولا يعتدون على أحد. يقول حافظ في غزلياته:

    "وشارب الخمر الذي لا رياء فيه ولا نفاق

    خير من بائع الزهد الذي يكون فيه الرياء وضعف الأخلاق

    (…) ولربما نتجاوز عن فروض الله، ولكنا لا نفعل السوء بأحد من العباد

    فإذا قالوا: ليس هذا صوابا. قلنا: هذا هو عين الصواب، ومحض الإسعاد"(20)

    سادسا: يشير المستشرق بيرجل إلى ثلاثة مذاهب في شرب الخمر بصفة عامة: الأول يحرمها كلية، والثاني هو مذهب السكر والإدمان، والثالث هو مذهب الاعتدال في الشراب، بحيث لا يصل المرء أبدا إلى حالة السكر. وهذا المذهب الأخير يرى أن في الخمر منافع، يمكن تحقيقها، إذا تناول الإنسان منها قدرا يسيرا. وقد عبر عن هذا المذهب ابن المقفع في قوله:

    "سأشرب ما شربت على طعامي ثلاثا ثم أتركه صحيحا

    فلست بقارف منه آثاما ولست براكب منه قبيحا"(21)

    وأوضح منه قول القائل: "القدح الأول يكسر العطش، والثاني يمرئ الطعام، والثالث يفرح النفس، وما زاد على ذلك فضل"(22).

    ونختم هذا التمهيد بقولنا إنه لو لم يكن للخمر من مضار سوى تقبيحها للحسن، وتحسينها للقبيح، لكان ذلك سببا كافيا في منع الإسلام لها، فما بالك ببقية مضارها. بل إننا نرى المدمن يرى كل شيء معكوسا، فتأتى أفعاله مضحكة غريبة. يحكي صاحب "محاضرات الأباء"، قائلا: "… قال العتابي: كان في دارنا سكران. فقعد على مصلى، وسلح فيه. فأخذت بيده إلى المستراح، فنام فيه! فقالت جاريتي: يا عجبا! كل شيء منه مقلوب. خرأ حيث ينام الناس، ونام حيث يخرأ الناس!"(23).

    يتبع النص المترجم......
                  

08-20-2004, 05:19 AM

شقرور

تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخمر إحدى متع الجنة التي وعد الله بها المؤمنين (Re: شقرور)

    النص المترجم:

    من المعروف أن شرب الخمر ممنوع في العالم الإسلامي. وقد ورد هذا التحريم في القرآن الكريم، ولكنه مر بمراحل متعاقبة. ففي البداية لم يكن هناك أي تحريم للخمر على الإطلاق، بل إن آية قرآنية مبكرة تذكر الخمر ضمن الأشياء التي يمكن فهمها على أنها من النعم الإلهية، مثل اللبن وعسل النحل، وأشباههما. تقول تلك الآية الكريمة: "ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا"(النحل - 67).

    ثم تلا ذلك أول تقييد من خلال الآية التالية: "يسألونك عن الخمر والميسر. قل فيهما إثم كبير، ومنافع للناس، وإثمهما أكبر من نفعهما"(البقرة -219). ولكن نظرا لاستمرار بعض المسلمين الأوائل في حضور الصلاة، وهم في حالة سكر أو انتشاء، فقد نزلت الآية التالية، لتحرم شرب الخمر بحسم ووضوح: "يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى، ختى تعلموا ما تقولون"(النساء-43).

    وتبع ذلك أخيرا الاستنكار المطلق لشرب الخمر، حيث يقول الله تعالى في كتابه المبين: "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان، فاجتنبوه لعلكم تفلحون. إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر، ويصدكم عن ذكر الله، وعن الصلاة، فهل أنتم منتهون"(المائدة-90-91). وعندما يظهر تعارض بين البلاغات الإلهية، يؤخذ بالآيات المتأخرة، باعتبارها ناسخة للمبكرات.

    الخمر إذن محرمة على المسلم. بيد أن هذا لا يعني أنه لم يتناولها، من حين لآخر، سرا أو علانية، بإسراف شديد. فيحكى عن عمرو بن معدي كرب أنه مر بعيينة بن حصن "فأطعمه تمرا، ثم قال: أسقيك لبنا، أو ما كنا نتنادم عليه في الجاهلية؟ فقال: أليس قد أمرنا بتحريمها؟ قال عيينة: كلا، إن الله تعالى قال: فهل أنتم منتهون؟!(الآية السابقة)فقلنا:لا"(1).

    ولا شك أن جاذبية الممنوع قد لعبت هنا دورا هاما. وبالمناسبة فكثيرا ما كان الحكام بالذات -على مر تاريخ الدولة الإسلامية- هم الذين تجاهلوا مبدأ تحريم الخمر، وإن كان ذلك لا ينطبق، إلا على حالات فردية من الخلفاء.

    ومن الأمثلة المبكرة لذلك حالة الخليفة الأموي يزيد بن معاوية (حكم من سنة 680م حتى 683م) الذي وصلنا منه بعض القصائد الطريفة في الخمر، يقارن الخمر في إحداها، كالعادة بالشمس، ثم يطور من ذلك معنى بهيجا مبنيا على نظرة فلكية شاملة، حيث يقول ما معناه: إن الشمس المنبثقة من عنقود العنب، موقعها من البروج هو إبريق الخمر. مشرقها في يد الساقي، ومغربها في حلقي(2).

    ثم إن شرب الخمر وتمجيدها قد بلغا حدا فاحشا حقا في عصر حاكم آخر من بني أمية، وهو الخليفة الوليد بن يزيد بن عبد الملك (حكم من سنة 743م حتى 744م) الذي كان شاعرا نابغا ملهما. وهو صاحب بعض أجمل القصائد الخمرية التي وصلتنا باللغة العربية، مثال ذلك القصيدة التالية:





    "اصدع نجيّ الهموم بالطــرب وانعم على الدهر بابنة العنب

    واستقبل العيش في نضارتـــــه ولا تقف منه آثار معتقــــــب

    من قهوة زانهــا تقادمهـــــــا فهي عجوز تعذر على الحقب

    أشهى إلى الشرب يوم جلوتها من الفتاة الكريمة النســـــــب

    فقد تجلـت ورق جوهرهــــــا حتى تبدت في منظر عجــــب

    فهي بغير المزاج مـن شـــــرر وهي لدى المزج سائل الذهـب

    كأنها في زجاجها قبــــــــس تذكو ضياء في عين مرتقـــــب

    في فتية من بني أميـة أهــــــ ل المجد والمأثرات والحســب

    ما في الورى مثلهم ولا فيهـــم مثلي ولا منتم لمثل أبــــــــي"(3)

    كلا، إن أمير المؤمنين هذا لم يكن من الإيمان في شيء. وكان مما اعترف به علانية وصراحة انتسابه إلى تلك الأفكار الإلحادية. فعندما كتب إليه عمه هشام، قائلا: "ما تدع شيئا من المنكر، إلا أتيته وارتكبته، غير متحاش ولا مستتر، فليت شعري، ما دينك؟؟! أعلى الإسلام أنت، أم لا؟"(4). رد عليه الوليد بالأبيات التالية:

    "يا أيها السائل عن ديننا نحن على دين أبي شاكر(= ابن هشام)

    نشربها صرفا وممزوجـــة بالسخن أحيانا وبالفاتــر"(5)

    وإلى مجون مشابه تنتهي أيضا الأبيات التالية:

    "أدر الكأس يمينـــــــا لا تدر ليســـــــــــار

    اسق هذا ثم هــــــــذا صاحب العود النضـار

    من كميت عتقوهــــــا منذ دهر في جــــــرار

    ختموها بالأفاويـــــــه وكافور وقـــــــــــــار

    فلقد ايقنت أنــــــــي غير مبعوث لنــــــــار

    سأروض الناس حتــى يركبوا أير الحمــــــار

    وذروا من يطلب الجنـ ـة يسعى لتبــــــــــار(6)



    أبو نواس يتبع ......
                  

08-20-2004, 02:24 PM

شقرور

تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخمر إحدى متع الجنة التي وعد الله بها المؤمنين (Re: شقرور)

    أبو نواس:

    إن الفكرة الخاصة بدين الخمر، أي بتقديسها وعبادتها، التي وردت في الأبيات السابقة، عادت مرة أخرى للظهور عند أهم وأشهر شعراء الخمر في الأدب العربي على الإطلاق، ونعني بذلك أكثر شعراء العرب هوسا ومجونا: أبا نواس-والذي كان، برغم مخالفاته المتكررة للشريعة الإسلامية، يتمتع بمكانة خاصة لدى الخلفاء العباسيين في ذلك الوقت.

    مثل الوليد، نظم أبو نواس أيضا، كمراعاة لقواعد السلوك، قصائد خمرية للخلفاء، ولكنه ترك أيضا أشعارا كانت هذه الأشعار عند أبي نواس نتيجة لمليه إلى حب الصبيان . وتمثل القصيدة التالية نموذجا للأشعار التي نظمها أبو نواس لقصر الخلافة، حيث اختتمها بوصف أقداح الخمر الساسانية، التي اشتهر عن حق بوصفه المتميز لها:

    "وخمار حططت إليه ليــــــــــلا قلائص قد ونين من السفـــار

    فجمجم والكرى في مقلتيـــــــــه كمخمور شكا ألم الخمـــــــار

    أبن لي كيف صرت إلى حريمـــي ونجم الليل مكتحل بقـــــــار؟

    فقلت له ترفق بي فإنــــــــــــي رأيت الصبح من خلل الدـيار

    فكان جوابه أن قال صبـــــــــح! ولا صبح سوى ضوء العقــــار

    وقام إلى العقار فسد فاهـــــــــــا فعاد الليل مســــــــود الإزار

    فحل بزالها في قعر كــــــــــأس محفرة الجوانب والقــــــــرار

    مصورة بصورة جند كســــــــرى وكسرى في قرار الطرجهـــــار

    وجل الجند تحت ركاب كسرى بأعمدة، وأقبية قصـــــــــــار"(7).

    وفي مقابل ذلك يقدم أبو نواس في القصيدة التالية اعترافا استفزازيا بالانتساب إلى دين الخمر:

    أبحت حربم الكأس إذ كنت مشربا وأقصرت عنها بعدما صرت معسرا

    ولو أن مالي يستقل بلذتــــــــــــي لأنسيت أهل اللهو كسرى وقيصـرا

    وثقت بعفو الله عن كل مسلـــــــم فلست عن الصهباء ما عشت مقصرا

    وأحور، مخلوع الزمام، تخالــــــه قضيبا من الريحان، يهتز أخضــرا

    مربض جفون المقلتين، مزنــــــــــر له شفة من مصها مص سكــــــــرا

    فلو أنه يقظان أو في منامـــــــــــــه يجود لأعمى بالولاء لأبصـــــــــرا

    يخر لصرف الكأس في السكر ساجدا وإن مزجت صلى عليها، وكـــبـرا"(.

    ورغم التزام أبي نواس الواضح بالتقاليد الأدبية الخاصة بكتابة الشعر، إلا أن هذا لم يأت على حساب المعنى، حيث تظهر أشعاره قدرا هائلا من الخواطر والمعاني الأصيلة. وهو في ذلك لا يخفي وجهات نظره الشخصية. من ذلك مثلا تفضيله الانغماس في لذاته السلمية، على المشاركة في الغزوات الحربية المنتظمة التي كان يقوم بها الخليفة-أي الجهاد السنوي, يقول أبو نواس:

    يا بشر ما لي والسيف والحــرب وإن نجمي للهو والطــــــــــرب

    فلا شتق بي، فإنني رجــــــــل أكع عند اللقاء والطلــــــــــــب

    وإن رأيت الشراة قد طلعـــــــوا ألجمت مهري من جانب الذنب

    ولست أدري ما الساعدان،ولاالـ ترس، وما بيضة من اللبـــــــــب

    همي إذا ما حروبهم غلبـــــــت أي الطريقين لي إلى الهـــــــــرب

    لو كان قصف وشرب صافيـــــة مع كل خود تختال في السلـــــب

    والنوم عند الفتاة أرشفهـــــــــا وجدتني ثم فارس العــــــــــرب!"(9)

    ثم إن هناك أيضا قصيدة أخرى ممتعة لأبي نواس، يصف فيها حفلة سكر مستخدما في ذلك استعارات حربية، حيث يقول:

    "إذا عبا أبو الهيجــــــا ء للهيجاء فرسانــــــا

    وسارت راية المـــــــوت أمام الشيخ إعلانــــــا

    وشبت حربها واشتــــــ ـعلت تلهب نيرانــــا

    وأبدت لوعة الوقعـــــــ ـة أضراسا وأسنانـــــا

    جعلنا القوس أيدينــــــا ونبل القوس سوسانـــا

    وقدمنا مكان النبـــــــــ ـل والمطرد ريحانــــــا

    فعادت حربنا أنســــــا وعدنا نحن خلانـــــــا

    بفتيان يرون القـتــــــــ ـل في اللذة قربانـــــــا

    إذا ما ضربوا الطبــــــل ضربنا نحن عيدانـــــا

    وأنشأنا كراديســــــــــا من الخيري ألوانــــــا

    وأحجار المجانيــــــــق لنا تفاح لبنانـــــــــــا

    ومنشأ حبنا ســـــــــاق سبا خمرا، فسقانـــــا

    يحث الكأس كي تلحــ ـق أخرانا بأولانــــــا

    ترى هناك مصروعــــــا وذا ينجر سكرانــــــا

    فهذي الحرب لا حرب تغم الناس عدوانــــــا

    بها نقتلهم ثــــــــــــم بها ننشر قتلانــــــــا(10)

    وهنا أيضا تقول الرسالة غير المعلنة التي يريد أبو نواس إبلاغها: من الأفضل أن يسقط المرء في مجلس شراب أو حفلة سكر، على أن يسقط في ساحة القتال، لأن مدمن الخمر عندما يسقط، يمكن إيقاظه وإحياؤه مرى أخرى، بعكس ############ في ميدان القتال.

    يتبع الحلاج....
                  

08-21-2004, 03:13 AM

شقرور

تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخمر إحدى متع الجنة التي وعد الله بها المؤمنين (Re: شقرور)

    الحلاج:

    ومهما بدا الحديث عن دين الخمر في أحيان كثيرة ماجنا، إلا أن ثمة إمكانية أخرى للمعنى تظل كامنة في صميمه: فالخمر قد ورد ذكرها في القرآن كإحدى متع الجنة التي وعد الله بها المؤمنين، حيث سيقوم الصبيان الحسان والحور العين بخدمة المؤمن التقي، المستلقي على وسائد وثيرة، والمستظل بأشجار مورقة، تجري من تحتها الأنهار، مستمتعا باحتساء الخمر. ولكن الخمر كانت أيضا في الوقت نفسه -وقد كان ذلك بالطبع في بغداد والأمصار الإسلامية الأخرى التي عاش فيها النصارى- معروفة كرمز محوري للدين المسيحي. وهكذا أمكن بالفعل ربط الخمر بصفة دينية، وهذا ما قام به التصوف الإسلامي. وهنا صارت الخمر رمزا للفيض الإلهي، وأصبح السكر يمثل صورة للوجد الصوفي.

    وتوجد بعض البدايات المبكرة لهذا الاتجاه عند الحلاج، الصوفي الشهير الذي أعدم سنة 922م، بعد أن اتهمه أهل السنة بالإلحاد. ففي قصيدة قصيرة يصف الحلاج الله تعالى -على سبيل المثال- على أنه الساقي الذي يقدم شراب الاتصال الروحي، حيث يقول:

    "نديمي غير منســوب إلى شيء من الحيـــف

    سقاني مثلما يشـــرب كفعل الضيف بالضيف

    فلما دارت الكـــــأس دعا بالنطع والسيـــف

    كذا من يشرب الـراح مع التنين في الصيـــف"(11)

    يتبع ابن الفارض......
                  

08-21-2004, 05:53 AM

مراويد

تاريخ التسجيل: 09-08-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخمر إحدى متع الجنة التي وعد الله بها المؤمنين (Re: شقرور)

    CHEERS

    فى صحة ما بيننا يا بشتونى

    و ما يكتب بخط مختلف

    و لها ... جمرة الوجد الوقاده
                  

08-22-2004, 01:58 AM

شقرور

تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخمر إحدى متع الجنة التي وعد الله بها المؤمنين (Re: شقرور)

    ابن الفارض:

    وقد تم التوسع بعد ذلك في الاستعارات الخمرية الصوفية، حتى صارت عنصرا رئيسيا عند الشعراء المتأخرين، وخاصة في إيران وتركيا العثمانية وشبه القارة الهندية. ولم يظهر في تاريخ الشعر الصوفي العربي، إلا عدد قليل من الشعراء الفطاحل. والواقع أنه لا يوجد، إلا شاعرا واحد فحل في هذا الحقل عند العرب، وهو عمر بن الفارض (توفي سنة 1235م)، الذي يمثل ديوانه إلى حد بعيد تمجيدا للخمر الصوفية، والسكر عند المتصوفة. ونجد في هذا الديوان أبياتا كثيرة لا تحمل في مضمونها منفردة أي معنى صوفي، ولا تكتسب معنى صوفيا، إلا من خلال سياق القصيدة. وبصفة عامة أصبحت الخمر عند ابن الفارض رمزا للقوة المطلفة التي يصل إليها المتصوف عن طريق الخضوع الكامل للبارئ والاتحاد معه. وهكذا يصف ابن الفارض الخمر في إحدى قصائده الخمرية، كما يلي:

    "شربنا، على ذكر الحبيب مدامـة سكرنا بها من قبل أن يخلق الكرم

    ومن بين أحشاء الدنان تصاعــدت ولم يبق منها في الحقيقة، إلا اسـم

    وإن خطرت يوما على خاطر امرئ أقامت به الأفراح، وارتحل الهـــم

    ولو نظر الندمان ختم إنائهــــــــا لأسكرهم من دونها ذلك الختــــــم

    ولو نضحوا منها ثرى قبر ميــــت لعادت إليه الروح وانتعش الجســم

    ولو طرحوا في فيء حائط كرمهـــــا عليلا، وقد أشفي، لفارقه السقـــم(12)

    ويستمر ابن الفارض في وصف الخمر، التي تتحول عنده إلى مادة ذات مفعول سحري. وكان أبو نواس أيضا قد وصف الخمر بأشياء مشابهة، ولكن بمبالغات. بيد أن قوة الخمر هاهنا ترمز إلى قدرة الأولياء عند الصوفية على الإتيان بالكرامات.

    يتبع جلال الدين الرومي
                  

08-22-2004, 08:06 AM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخمر إحدى متع الجنة التي وعد الله بها المؤمنين (Re: شقرور)


    الأخ شقرور
    تحية طيبة
    شكرا على المادة الجيدة في تتبع "الخمر" في الشعر العربي بين الكثافة واللطافة .. والصوفية فعلا ارتفعوا بمفهوم الخمر وهو عندهم ما خامر العقل من المعاني الراقية الناتجة من التحقق بكلمة التوحيد (لا اله الا الله) وقد ذكرت أنت طرفا من قصيدة سلطان العاشقين عمر بن الفارض وأحب أن اثبتها هنا كاملة لجمال معانيها واعجاز وصفها:

    شربنا على ذكر الحبيب مدامة سكرنا بها من قبل أن يخلق الكرم
    لها البدر كأس وهى شمس يديرها هلال وكم يبدوإذا مزجت نجم
    ولولا شذاها ما أهتديت لحانها ولولا سناها ما تصورها وهم
    ولم يبق الدهر غير حشاشة كأن خفاها فى صدور النهى كتم
    فإن ذكرت فى الحى اصبح اهله نشاوى ولا عار عليهم ولا إثم
    وإن خطرت يوماً على خاطر امرىء أقامت به الافراح وارتحل الهم
    ولو نظر الندمان ختم إنائها لأسكرهم من دونها ذلك الختم
    ولو نضحوا منها ثرى قبر ميت لعادت اليه الروح وانتعش الجسم
    ولو طرحوا فى حائط كرمها عليلاً وقد أشفى لفارقه السقم
    ولو عبقت فى الشرق انفاس طيبها وفى الغرب مزكوم لعاد له الشم
    ولو خضبت من كأسها كف لامس لما ضل فى ليل وفى يده النجم
    ولو أن ركباً يمموا ترب ارضها وفى الركب ملسوع لما ضره السم
    ولو رسم الرقى حروف اسمها على جبين مصاب جن أبرأه الرسم
    وفوق لواء الجيش لو رقم اسمها لأسكر من تحت اللواء ذلك الرقم
    ويكرم من لم يعرف الجود كفه ويحلم عند الغيظ من لا له حلم
    يقولون لى صفها فأنت بوصفها خبير أجل عندى بأوصافها علم
    صفاء ولا ماء ولطف ولا هوا ونور ولا نار وروح ولا جسم
    تقدم كل الكائنات حديثها قديماً ولا شكل هناك ولا رسم
    وقامت بها الأشياء ثم لحكمة بها احتجبت عن كل من لا له فهم
    فخمر ولا كرم وادم لى أب وكرم ولا خمر ولى أمها أم
    ولطف الأوانى فى الحقيقة تابع للطف المعانى والمعانى بها تسمو
    وقد وقع التفريق والكل واحد فأرواحنا خمر وأشباحنا كرم
    ولا قبلها قبل ولا بعد بعدها وقبيلة الأبعاد فهى لها ختم
    وعصرالمدى من قبله أن عصرها وعهد ابينا بعدها ولها اليتم
    محاسن تهدى المادحين لوصفها فيحسن فيها منهم النثر والنظم
    يطرب من لم يدرها عند ذكرها كمشتاق نعم كلما ذكرت نعم
    وقالوا شربت الإثم كلا وإنما شربت التى في تركها عندى الإثم
    هنيئاً لأهل الدير كم سكروا بها وما شربوا منها ولكنهم هموا
    وعندى منها نشوة قبل نشأتى معى أبدا تبقى وإن بلى العظم
    عليك بها صرفا وإن شئت مزجها فعدلك عن ظلم الحبيب هو الظلم
    فدونكها فى الحان واستجلها به على نغم الالحان فهى بها غنم
    فما سكنت والهم يوماً بموضع كذلك لم يسكن مع النغم الغم
    وفى سكرة منها ولو عمر ساعة ترى الدهر عبداً طائعاً ولك الحكم
    فلا عيش فى الدنيا لمن عاش صاحيا ومن لم يمت سكراً بها فاته الحزم
    على نفسه فليبك من ضاع عمره وليس له فيها نصيب ولا سهم


    كما نجد أن الكثير من أشعار العارف بالله الشيخ عبد الغني النابلسي تشير الى تلك الخمرة الالهية .. فهو يقول:

    يا سقـاة الراح قوموا طلع الفجر علينا
    عن سوى الخمرة صوموا أين من يفهم أين
    كأسها أبهى وأبـهر عندنا من نفـح طيب

    خمرنا خمر المعاني عتقت من قبـل آدم
    ولها نحن القـناني من زمان قد تقادم
    من يذق بالسـر يجهر بين نائي وقريب

    ويثول أيضا:
    يا صاحب أشواقي ها أنت هو الباقي
    والحـق هو الساقي من خمـرة إنسان

    وفي قصيدة أخرى:
    فرحي يا فرحـي يا فرحي خمرة المحبوب مـلء القدح
    قم بنا نشربـها صافية يا نديمي واغتبق واصـطبح
    خمرة الذات تجـلت وعلت عن معاني الكون يوم الفرح

    وكذلك:
    رأينا نوره أشرق فكنا برقه الابـرق
    ولا نجد ولا أبرق سوى الابريـق والكوب

    علينا الخمـر قد دارت بها ألبـابنا حارت
    واطيار المنـى طارت بترتيب وأسـلوب

    ويقول أيضا:
    سقاني الكـأس من نفسي وفيه خمرة الارواح
    فسكري كان عن حسي وعن عقلـي وعما لاح
    وقد أخـرجت من حبسي إلى اطلاق ساقي الراح
    وصدقي بان من ميني وعود الحظ قد أورق

    ويقول:
    قم يا نديم إلى المدامة فهاتها في كأسها قد دارت الاقداح
    من كرم أكرام بدن ديانة لاخمـرة قد داسها الفلاح

    وفي أخرى:
    قم بنا يانديم
    إن خمري قديم
    كاسه مستديم
    لطف عيشي بـذاك ومناي هناك


    ويقول ايضا:
    ولما شربت كؤوس الهوى وذقت المدامة والغرقفا
    أزيلت صفاتي فلا وصـف لي وعني جميعي مضى واختفى


    هذه بعض ابيات الشعر العرفاني الصوفي التي تتناول "خمر المعاني" بما يحفز على السلوك وقد سموا بأشعارهم تلم عن التناول الشعري التقليدي للخمرة الحسية ..

    في انتظار المزيد
    عمر
                  

08-22-2004, 01:55 PM

شقرور

تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخمر إحدى متع الجنة التي وعد الله بها المؤمنين (Re: شقرور)

    مشكور جدا ياعمر
    وبمناسبة الكلام عن التصوف
    هذا الفن وأقصد به التصوف بات ضئيلا أمام النصوص الموجودة المرففة فوق رفوف المكتبات وضئيلا أمام البحث والقراءة ولعلي أرجئ هذا إلى ان
    الفكر الأشعري ليس مستعدا للتعامل مع التراث الصوفي، وهذا أمر طبيعي، فصراع السنة والصوفية قديم وذلك من سوء طالع الصوفية فكم تمنوا دولة المعتزلة التي تجتمع معهم في التصور على الأقل في توسيع الخيال من جهة والتأويل من جهة أخرى.

    يمكن يكون الصراع القديم بين الصوفية والفقهاء نفر كثيرا من المعاصرين من التعامل مع هذا الفن ولهذا وإلى يومنا هذا لم توجد كراسي للدراسات الصوفية بل لم توجد مقررات مدرسية وجامعية للبحث الصوفي وهذا يرجع إلى تمسكنا بالأشعرية من جهة وتمسكنا بالفقه المالكي المناوئ للتصوف من جهة أخرى وهنا تحضرني حادثة "يروون(ها) عن أحد علماء المالكية أنه كان كثير الإنكار على السيد بدوي، حتى ذهب ذلك العالم ومعه جماعة من طلبته إلى طنطا لاستجلاء حقيقة ذلك الصوفي الذي كثر حوله الكلام، وهناك في طنطا جلسوا بجوار الدار التي يعيش فوق سطحها السيد أحمد البدوي، حيث أخذوا يتكلمون عنه وينتقدونه وكان أن سمعهم السيد البدوي وهو فوق السطح فأتى إلى طرف السطح فوق رؤوسهم وبال عليهم!! ولما فزع الفقهاء صاحوا: "ما هذا البول على طلبة العلم؟" رد عليهم السيد البدوي في هدوء "ما يؤكل لحمه فبوله طاهر".

    نواصل مع
    جلال الدين الرومي:

    يختلف الأمر عند المتصوف الإيراني الكبير جلال الدين الرومي. فالنشوة -أي الوجد الصوفي- التي يشعر بها عندما يخلو بصديقه شمس الدين-تحتل موقع الصدارة في قصائده:

    "من ذلك الفتى ذي الشفاة العذبة

    من ذاك الساقي اللطيف الطلعـــة

    انتشت الــــروح والجســـــــــد

    يا صديقي لا تنم هذخ الليلـــــة"(13).

    وهكذا تبدأ أحد غزلياته المهداة إلى صديقه بنبرات تبدو من ظاهرها خمرية-غزلية جدا. ولكن أيضا عند الرومي يتطرق الحديث إلى موضوع الخمر السرمدي كما توضح ذلك أبيات غزل آخر، يقول فيها ما معناه:

    "قبل أن تخلق الحدائق والبساتين، والأعناب والخمور، كانت أرواحنا منتشية بالخمر السرمدية (= الفيض الإلهي). وقبل أن تصير النفس الكلية مهندسا معماريا يشكل الأشكال من الماء والطين، شربت أرواحنا الخمر الإلهية في خرابات (ب حانات) الحقائق الإلهية. أيها الساقي، سكر المعجب بالماء والطين (= الرافض للخمر الصوفية)، لكي يعرف ما فاته من سعادة. فديت حياتي لساق، يأتي من عالم الروح، كي يرفع النقاب عن كل مستتر"(14).

    يتبع........
    عمر الخيام:

    شقرور
                  

08-23-2004, 01:04 PM

شقرور

تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخمر إحدى متع الجنة التي وعد الله بها المؤمنين (Re: شقرور)

    عمر الخيام:

    مهما قصر حديثنا عن الأشعار الخمرية في الإسلام، فلا يجوز أن نتغافل الإشارة إلى شاعرين كبيرين. الأول هو عالم الرياضيات والفلك عمر الخيام (توفي سنة 1122م) -والذي اشتهر في الغرب بفضل رباعياته. والثاني هو الشاعر حافظ الشيرازي(1326-1389م). أما العالم عمر الخيام، فقد دعا في رباعياته -التي كان ينظمها في أوقات فراغه بإتقان وسلاسة- إلى حياة مرحة صافية، خالية من الهموم، مملوءة باللذات الحسية، نظرا لزوال وتفاهة كل ما هو أرضي دنيوي. على أن رباعيات الخيام لا تخلو من نزعة إنسانية واضحة، مصحوبة بنقد الدين . وهي عناصر نجدها فيما بعد أيضا عند حافظ الشيرازي المتأثر بعمر الخيام. وهكذا يبرر عمر الخيام شربه الخمر -مثلما يفعل حافظ من بعده- بالقضاء والقدر في الإسلام، أو يعتمد على رحمة الله تعالى(15). وهو يدعي أن تحيبم الخمر لا ينطبق، إلا على الأغبياء. ثم إنه يبيح الاستمتاع بالخمر في إحدى قفشاته، حيث يقول ما معناه: "تقولون إني سأحاسب، لأني أشرب الخمر. وتأمروني بالبعد عن ماء العنب الذي يحرمه الدين. ولكن يبدو أن متعة الخمر محللة لي لأجل ذلك. لقد أمر النبي(ص) أن نسفح دم عدو الدين (= الخمر)"(16).


    ختاما يتبع حافظ الشيرازي......
                  

08-24-2004, 01:57 PM

شقرور

تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخمر إحدى متع الجنة التي وعد الله بها المؤمنين (Re: شقرور)

    حافظ الشيرازي:

    حافظ الشيرازي،هو الشاعر الذي أثارت غزلياته لدى شاعر ألمانيا العظيم جوته -في شيخوخته- إعجابا وحماسا شديدين جعلاه يشعر بأن عليه أن يكون أكثر اجتهادا وأغزر إنتاجا، حيث يقول في مذكراته: "إن مجموعة أشعار حافظ الشيرازي قد أثرت في تأثيرا عميقا قويا، حملني على أن أنتج وأفيض بما أحس وأشعر، لأني لم أكن قادرا على مقاومة هذا التأثير القوي على نحو آخر، لقد كان التأثير حيا قويا"(17). وبدأ جوته يكتب قصائد "إلى حافظ"، والتي تكون منها "الديوان الشرقي للمؤلف الغربي". ويعتبر هذا الديوان إلى حد بعيد حوارا مع الشاعر الشرقي الذي أراد جوته أن يتنافس معه. يقول جوته في قصيدته "غير محدود".

    "وليفن العالم كله، أي حافــــــــظ‍‍!

    فإني لا أريد أن أنافس غيــــــــرك،

    غيرك أنــــــت وحـــــــــــــــدك!

    فلنتقاسم سويا، نحن التوأمـيـــــــن

    كل إيلام وكـــــــل ســـــــــــــرور

    فما تحبه أنــت وما تحتسيـــــــــه

    يجب أن يكون مفخرتي بل وحياتي"(1.

    ولكن كيف كان حافظ الشيرازي يشرب ويحب؟ تصعب الإجابة عن هذا السؤال في سطور قليلة. ولذلك سنكتفي هنا بذكر ما يلي: إن الخمر عند حافظ لا تعني نبيذ عصير العنب فحسب، ولكنها أيضا ترمز لأشياء أخرى. فثمة أبيات خمرية بحتة، مثل:

    "وشراب عمره حولان، ومحبوب عمره أربع عشرة سنة

    كافيان لي من صحبة الكبير والصغير…!(19)

    أما الأشياء الأخرى التي ترمز إليها استعارات حافظ الخمرية، فلم تكن عنده بالضرورة صوفية، ولكن ذهنية -بل كانت من جديد في نهاية المطاف دينية، أي لها علاقة بدين الحب ذلك الذي نادى به حافظ -اتباعا لديانة زرادشت- وكموقف معارض للتشدد في تطبيق أحكام الشريعة. ومن هنا فهو يجعل الوضوء في أشعاره ليس بالماء -كما يفعل المسلم المؤمن- ولكن بالخمر. وهو بالطبع ما لا ينبغي فهمه حرفيا، بل كنقد واضح للتدين المنقوص، المرائي للشريعة، والذي لا يأخذ من الدين، إلا ظاهره. وأكثر من ذلك ما نجده توا في أول غزليات ديوان حافظ: فالشيخ الزرادشتي -رئيس إحدى الأديرة الزرادشتية- وهو شخصية ذات أهمية مركزية في شعر حافظ- يأمر تلامذته أن يطلوا سجادة الصلاة بالخمر، كرمز للانتقال إلى مرحلة جديدة من الغنوصية، يتمتع أصحابها بأخلاق أسمى وأرقى من أخلاق طبقة المتمسحين بالدين، الذين يتمسكون بالقشور، ويهملون الأصول -كما يوضح الديوان بعبارات لطيفة- كرمز لروح حرة محبة للإنسانية:

    "وماذا يحدث وماذا يضيرك؟‍! لو أنني شربت معك بضع أقداح من الشراب المعتق؟!

    والخمر من "دم العناقيد"، وليس من دمك المهرق!"(20)

    ولا يزال هذا البيت في غاية الأهمية في مجتمع ما انفك يقتل مواطنيه باسم الدين. لقد استمع جوته إلى كل هذا الطرب، ولكنه أدرك أيضا عمق الفكرة وبعد الغور، في أشعار حافظ، وسكره الأبدي. وتغنى هو أيضا في "كتاب الساقي بطريقة مرحة عميقة. وفي "كتاب المغني" يختتم قصيدة" الخلق والإحياء" بالمقطع الشعري التالي:

    "وهكذا، أي حافظ! ليكن قصيدك الرائع،

    وليكن مثلك السامي القدوس،

    هاديا يحدونا خلال جرس الكؤوس،

    ويهدينا بعد إلى معبد خالقنا الصانع"(21).

    لقد حظيت الخمر في الشعر الإسلامي -تحديدا بسبب تحريما- بأهمية بعيدة الغور غير متوقعة. وتتجاوز هذه الأهمية إلى حد بعيد رومانسية طرب السكر المبالغ فيه في كثير من أغاني الخمر أو الشرب الألمانية

    شقرور
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de