|
|
 السلفيون في الجامعات أعواد الثقاب انذار قبل الاشتعال
|
السلفيون في الجامعات
أعواد الثقـــاب.. انــذار قبــل الاشتعـــال
محمد شرف الدين عبد الباري
[email protected]
أثار فيلم «آلام المسيح» ازمة مطلع مايو الماضي في جامعة الخرطوم اثر احتجاج متشددين اسلاميين من الطلاب على فكرة عرض الفيلم بالجامعة وهددوا بعواقب وخيمة في حال قيام اتحاد الجامعة بعرضه مما حدا بالاتحاد الى تأجيل العرض الى اجل غير مسمى، وكان مقرراً عرض الفيلم مساء بكلية الطب غير ان طلابا متشددين ينتمون الى تيارات اسلامية سيروا مظاهرة رافضة لعرض الفيلم ووصفوا المنشط بانه تكفيري، ويذكر ان الفيلم شغل العالم والصحف العالمية في الاشهر الماضية وتم عرضه في العديد من البلدان الاسلامية بما فيها ايران التي وافقت على عرضه كاملاً دون حذف مع ترجمة الى الفارسية.
وفي جامعة النيلين، وقعت قبل أشهر احداث عنف بين جماعة انصار السنة وافراد من الجبهة الوطنية الافريقية واصدرت الجبهة الوطنية الافريقية وهي الجناح الطلابي للحركة الشعبية بياناً اعتذرت فيه للطلاب عن الاحداث التي شهدتها ساحة كلية التجارة بالجامعة على مدى يومين مستنكرة اثارة الفتنة الدينية بين ابناء الشعب..
وكانت اعداد كبيرة غاضبة من طلاب انصار السنة تقاطرت صوب جامعة النيلين من مختلف الجامعات وحالت مجهودات رمضان محمد عبد الله الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية بالخرطوم دون تطور الاحداث الى الاسوأ وقال ان العلاقة الجيدة بين الجانبين (انصار السنة والحركة) عبرت عنها تحية د. جون قرنق للشيخ الهدية رئيس الجماعة عند زيارته لنيفاشا.. ويلحظ المراقبون تنامي وجود التيارات السلفية في الجامعات خاصة جامعات الخرطوم والسودان والجزيرة وامدرمان الاسلامية والقرآن الكريم ووجود اقل درجة في جامعة النيلين والاهلية والاحفاد وجوبا.. فما هي اسباب الظاهرة في بعدها السياسي والاجتماعي والنفسي؟
* يفسر - حمزة خالد بابكر (ثانية قانون) بجامعة الخرطوم - الـظاهرة السلفية في الجامعات بانها نتائج لانحسار الصراع الفكري في منابر الجامعات بين التيارات التقليدية فضلاً عن تراجع كافة اشكال النشاط الثقافي والاجتماعي، ويعتبر ايضاً ان الضغط الاكاديمي العالي ادى الى انصراف الطلاب حتى عن النشاطات القليلة الموجودة.
* أما - صفية ابراهيم (19) سنة شهادة عربية كلية الهندسة / كهرباء -فقالت ترجع الظاهرة للثقافة العربية التي تأثر بها ابناء المغتربين السودانيين بتلك البلدان خاصة (السعودية) وتقول ان الطلاب الوافدين نقلوا معهم المعتقدات والافكار من هذه الدول عند التحاقهم بالجامعات في السودان.
* اما - سامح عبد الرحمن ميرغني (20) سنة هندسة بجامعة الخرطوم - يعتقد ان السلفية ليست ظاهرة حديثة بل المسمى فقط مستحدث ويعزي بروز الظاهرة للانشقاقات التي حدثت في الاحزاب الاسلامية الحركية ويعتبر بروزهم كاتجاه طبيعي للجماعات الدينية التي تقرر ممارسة العمل السياسي.
* ولكن - محمد الطيب يوسف (20) سنة شهادة عربية جامعة الخرطوم - يرى ظهور السلفيين نتيجة لقوة الدعوة التي يتبنوها مقابل توافر عاطفة دينية عميقة لدى الطلاب.
* محمد علي عمر (19) سنة هندسة جامعة الخرطوم - يتصور ظهورهم جاء ثمرة للمحاضرات الدينية اليومية التي يقدمونها لعكس التعاليم الاسلامية ويرى فيهم الصدق والامانة وحسن الخلق كميزات ظلت تندر وسط عامة الناس فضلاً عن تفوقهم الاكاديمي الشئ الذي يعد حافزاً جاذباً للكثيرين نحوهم!
* ويعتبر - عبد الجبار مجتبى فضل المولى قانون الخرطوم - الظاهرة بدأت في الازدياد في حقبة التسعينات التي شهدت ركوداً سياسياً بالبلاد بشكل عام وفي جامعة الخرطوم بصورة خاصة. ويرى ان اسباب تنامي الظاهرة يرجع لسببين اولهما: اتساع البون بين الشعارات والممارسة عند الاسلاميين وهو غير موجود عند السلفيين الذين - حسب اعتقاده - انهم يترجمون شعاراتهم البسيطة على ارض الواقع..
* وترى - سماح بشرى يوسف (21) سنة علوم سياسية رابعة - ان غرابة الافكار السلفية على المجتمع السوداني دفعت الكثيرين الى تقليدها.. وتقول ان انتشار الظاهرة راجع ايضاً الى المساعدة الكبيرة التي يقدمها بعض الاساتذة السلفيين بالجامعة لهذه المجموعات..
* ويربط - خالد محمد عوض الكريم (الذي يبدو يسارياً) (29) سنة - الظاهرة بالمناخ العالمي والاقليمي الذي صار مواتياً لظهور الافكار السلفية، ويعتبر غياب الديمقراطية والحوار الحر سبباً اضافياً في تنشيط الظاهرة ويعتقد بوجود سند من جهات خارج الجامعة كدعم الحكومة لبعض الجهات السلفية - حسب اعتقاده - بجانب ما اسماه الدعم العربي لجماعة انصار السنة شكلت عوامل اضافية لانتشار الظاهرة.. ويضيف خالد ان التمييز في منح فرص النشاط داخل الجامعة (القاعات والميادين) لجماعات بعينها يعد من ضمن الاسباب لصالح الظاهرة فضلاً عن ذلك يعتقد خالد ان خلفيات الطلاب بكليات (الهندسة والطب) الذين يتألف معظمهم من حملة (الشهادة العربية وابناء برجوازيين) شكل اساساً لانتشار الظاهرة السلفية وسطهم..
* ويعتقد -ابوبكر محمد احمد الياس (20) قانون - ان تنامي الظاهرة راجع لجدية الفكر السلفي وابتعاده ونبذه لكل اشكال العنف التي تميزت بها الاتجاهات الاسلامية الاخرى بها..!
* ويقول - الرضي حسن الرضي (19) سنة قانون «سلفي» - ان فشل الحركة الاسلامية في تطبيق الاسلام الصحيح كما اتضح لدى الطلاب - على حد قوله - دفع بالجماعات السلفية نحو الظهور، ويضيف ان فشل التنظيمات العلمانية وانتهاء الشيوعية حسب في صالح الحركة السلفية.
* ويرى - مجاهد عبد الله عبد العاطي قانون ثانية - ان اسباب الظاهرة تكمن في ضعف غالبية كوادر تنظيمات الوسط واليسار فكرياً وتنظيماً وعجزها عن القيام بدورها وضعف ادائها الخطابي . ويعتبر مجاهد ان خط الحكومة الاسلامي ساعد في تمدد الظاهرة التي كانت تخدم اهدافه للالتفاف على التنظيمات اليسارية والوسطية والحد من نفوذها في الجامعات.
طب وهندسة
والملاحظ ان الجماعات السلفية يتمركز نفوذها في مجمعي الطب والهندسة بجامعة الخرطوم وفي جامعة السودان يتركز وجودهم بالجناح الغربي في كلية التجارة والتربية.
اذن لماذا توسع نفوذ السلفيين في هذه المجمعات التي تاريخياً كانت مربوطة باتجاهات سياسية معينة؟
* تقول - صفية «شهادة عربية» - ان ذلك يرجع الى ان غالبية طلاب الشهادة العربية يفضلون دراسة الطب والهندسة حتى اذا لم تؤهلهم نسبهم للدراسة فإن لدى ذويهم المغتربين المقدرة على مواجهة المسألة (بالدولار) وتعتقد ان مجتمعات الطب والهندسة من المجتمعات الحية التي تقبل كل جديد في الافكار والقناعات..!
* ويفسر - سامح - ان وجودهم بتلك المجمعات يرجع الى طبيعة دراستهم المبرزة لابداعات الخالق وحسن تدبيره و تسييره للكون.
* ويرجع - محمد الطيب يوسف - وجودهم هناك الى وجود شخصيات قوية تمكنت من استمالة الطلاب باستثارة عواطفهم الدينية.
* ولدى - محمد عثمان البدري - رؤية سلبية وهي ان تمركز نفوذهم هناك ناتج لضيق الوقت عندهم لطبيعة الدراسة فهم لا يجدون الوقت لفلسفة المقاصد الاساسية للدين حتى يفهموا جوهره الاساسي لذا يلجأون الى مايسمى «بالدين الجاهز» والاخذ بالظواهر (كالمصافحة والنقاب) دون النظر الى العمق والقضايا المعقدة..
* ويقول - عبد الجبار مجتبى بسخرية قارصة - ان ظهورهم الكبير في الكليات العلمية يرجع لاعتقادهم بانهم «اولو الالباب» الذين خصهم الله بالتأمل والتفكر والتدبر . بجانب ربطهم للعلم الحديث باعتبار انه ورد قبل (14) قرناً ولابد من انزاله على ارض الواقع وهندسة اوضاعه على الواقع الراهن!
كيف ينظرون الى ابن لادن؟
* - اريج بشرى الحاج كلية العلوم (21) سنة سلفية، تدافع عن الظاهرة وترى في ابن لادن بطلاً اسلامياً ونموذجاً للحركات السلفية يدافع عن دينه ولم يرض بحياة الهوان التي تحياها الامة الاسلامية اليوم - على حد تعبيرها - .
* كذلك - اسامة الامام محمد (سلفي) - يعتبره شخصية غيورة على الاسلام ورجل غير عادي لا يتكرر.
* وتعتقد - هيام حسن عبد القيوم (منقبة) طالبة بكلية القانون - ان اسامة ابن لادن اعاد المسلمين الى عهد الجهاد وصدر الاسلام الاول، وتقول ان تنظيم القاعدة هو الحلم الذي سيتحرر به الاسلام من عبودية الغرب.
ونلحظ ان الاجابات على الاسئلة المطروحة وسط طلاب مختلف الجامعات اتت متباينة حد التناقض في بعض الاوقات، فقد ارجع معظم المستطلعين الظاهرة الى الركود الذي ساد الجامعة في حقبة التسعينات في ظل انحسار نشاط التيارات السياسية الاخرى الشئ الذي افسح المجال للتيار السلفي من النمو.. فيما ارجع البعض الظاهرة الى الطلاب الوافدين الذين يلتحقون بالجامعات وهم «متأثرون» بالفكر السلفي و عن نظرتهم لاسامة بن لادن اعتبر بعض الطلاب زعيم القاعدة ارهابياً يجب ان يحاكم في الوقت الذي رأى فيه السلفيون بطلاً اسلامياً..
ولتعميق البحث عن هذه الظاهرة وضعنا الافادات المختلفة امام المختصين في مجالات علم النفس والفلسفة والعلوم السياسية حيث قالت د. مها عمر الحاج رئيس قسم الفلسفة بجامعة جوبا ان الكل يرجع للسلف اصلاً وان هناك مفهوماً شائعاً بين الناس يربط التطرف بالسلف وهذا خطأ..
وتمضي د. مها قائلة ان هناك اشياء جديدة تحدث للفكر تستدعي استنباط الاحكام والتشريعات وهذا غير نابع من مجموعة معينة بينما التطرف ينبع من فكر ناس تركيبتهم اصلاً تميل للتطرف والتمسك بالظاهرية.
وتؤكد د. مها ان ظهور الدعوة السلفية يرجع لارتباطها بالتطورات السياسية فهم في الماضي لم يكن لهم توجه سياسي وكل حركتهم كانت مركزة في الفقه وما ورد في السنة والقرآن. وتعتبر دخولهم المعترك السياسي نوعاً من التجديد في مفاهيمهم.
سيكلوجية الانتماء
د. عبير عبد الرحمن خليل الاستاذ المشارك بقسم علم النفس بكلية الآداب جامعة الخرطوم - تقول ان الانتماءات السياسية حاجة نفسية انسانية يسعى الانسان الى تلبيتها لكي يشعر بالاطمئنان والراحة، وتضيف د. عبير ان الحاجة الى الانتماء تعد من الحاجات الثانوية.
وتواصل د. عبير قائلة: ان الانتماء يوفر للمنتمي شعوراً بالقبول في الجماعة التي ينتمي اليها وان الانتماء اصلاً يبدأ بالاسرة ومجموعة الاصدقاء والقبيلة التي تسمى «مرجعيات».
وتقول د. عبير ان الحاجة للانتماء تنبعث لدى الشخص في مرحلة عمرية معينة يتكون فيها فكره وتركيبته الشخصية لاشباع حاجاته وتحقيق ذاته وتظهر ميوله الاجتماعية وغالباً تظهر الحركة الفكرية عند المراهقة التي تعرف بأنها مرحلة البحث عن الانسجام الفكري مع «الجماعة» و تكوين الهوية.
وتشير د. عبير ان الجماعات الدينية تعمل وسط هذه الفئات نسبة لوجود تهيؤ وتطلع لدى الشباب لتحقيق رغباتهم المتباينة.
ويقول - بروفسير محمد عثمان صالح مدير جامعة امدرمان الاسلامية - ان السلفيين انماط شتى من حملة الآراء المختلفة و ان السلفية هي الرجوع لما كان عليه السلف من تمسك بالقرآن والسنة ويعتبر ان كل مسلم سلفي لعدم مقدرته لمخالفة القرآن والسنة. وان كانت السلفية هي التمسك بظاهر النص وخلص الى القول ان جماعة انصار السنة والمعتدلين منهم يسيرون على المنهج الوسط الذي لا تطرف فيه وتوقع د. محمد عثمان ان يقود الاعتدال في الاسلام المستقبل ويؤدي الى توحيد رؤى اهل المذاهب كافة.
الوسطية
يقول د. ياسر عبد الرحيم الماحي وحدة الطب النفسي - جامعة الخرطوم - ان الوسطية افضل من التطرف فهو يترك مساحة ما بين الذاتية المثالية التي ترسمها الذات الواقعية التي يحياها المتطرف في تعامله مع الآخرين، ويؤكد بان المتطرفين دائماً اميل للكمال وفي نفس الوقت هم بعيدون عن هذه الصفة وحياتهم مليئة بالتعقيدات النفسية التي لها علاقة بالنشأة والطفولة، ويرى ان التطرف ينتج عن الفراغ العريض الذي خلفته التيارات الوسطية المشغولة بالصراعات السياسية في دائرة مفرغة في الجوانب الروحية.
ويقول ان ظاهرة التطرف الديني يتخذها البعض قاعدة يلجأ اليها لممارسة الارهاب الفكري والتفكير السلطوي، لذا تأتي الاشياء عندهم بشكل مطلق لا يقبل النقاش او التنازل او التضحية.
الانتماء ليس ضرورة
تقول د. عبير ان المنتمين تختلف بنيتهم النفسية عن غير المنتمين، فالمنتمي يغلب عليه حب التدخل والسيطرة على كل شئ في مجريات الاحداث العامة ويحاول التحكم فيها.
وتضيف ان هوية الجماعة تدل على التركيبة الشخصية للمنتمي اليها. واشارت الى دراسة اجريت وسط اليساريين بينت انهم اشخاص عاطفيون ويحسون بمشاكل الغير.
وتستطرد قائلة ان السلفيين غالباً يكونون ميالين لبلوغ الكمال مقابل عدم المرونة وصعوبة تقبل الافكار الجديدة الشئ الذي يقودهم الى التعصب الذي يعد ارضاً خصبة للعنف.
من هو السلفي..؟
تقول د. عبير انه انسان بتركيبة نفسية معينة وليس كل انسان يمكن ان يكون سلفياً، وهو فرد ثائر فكرياً ومتمرد على المجتمع ويلجأ الى النقيض في بيئته التي يعيش فيها.
السلفية.. والعلوم التطبيقية
تقول د. عبير ان الطلاب بالكليات التطبيقية (طب وهندسة) تنتشر وسطهم الافكار الوسواسية القهرية ويكونون ميالين للكمالية، وقالت ان الدراسات التي اجريت وسط طلال كليات الطب والهندسة بالجامعات الامريكية اثبتت ذلك. فضلا عن تميزهم العقلي ولجوءهم للتفكير العميق اكثر من غيرهم.
ويفسر - د. الطيب زين العابدين القيادي الاسلامي المعروف - وجودهم في تلك الكليات الى طبيعة دراستهم القاسية بجانب ضيق الوقت عندهم عكس طلاب الكليات الانسانية الذين يمتازون بالانفتاح والميل للمقارنة والمزاوجة. اما طلاب الكليات التطبيقية فإنهم يمتازون بمزاج نفسي عصبي ينظر للاشياء «سكة حديد» وان الاشياء في تصورهم «ابيض او اسود».
المصدر سودانايل
http://www.sudaneseonline.com/sudanile15.html
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست