|
|
 في تذكر الفنان الراحل سيد خليفة- ثلاث سنوات على رحيله
|
في تذكر الفنان الراحل سيد خليفة
في الثاني من هذا الشهر مرت الذكرى الثالثة لرحيل الفنان سيد خليفة ( توفي في 2 يوليو 2001م).وجاء رحيله اثر عملية في احد مشافي الاردن.
قدم الفنان الراحل خلال مسيرته الفنية التي قاربت الخمسين عاما ، الكثير من الاعمال الغنائية المميزة التي وضعته بين القمم الفنية كما اهلته للقب فنان السودان الاول . و اصبح له جمهور كبير من المستمعين في السودان و
العديد من البلدان الأفريقية والعربية، مثل مصر التي درس فيها الموسيقى، وغنى في مسارحها، وكانت له فيها صداقات وعلاقات فنية كثيرة كتلك العلاقة مع الفنان الراحل العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ. ومن هذه الدول أيضاً أثيوبيا التي يقال أنها نكسب علمها يوم وفاته، فقد أحبه الشعب الأثيوبي وغنى بالأثيوبي كما غنى له الفنانون الأثيوبيون كثيراً من أغانيه.
رصيده الفني ضخم، اذغنى بالعامية والفصحى -غنى للحب وغنى للوطن، ومن منا لا يعرف أغانيه الرائعة التي سجلت حضورها في ذاكرة الغناء السوداني مثل "غيره" - أنشودة الحب - يا وطني يا بلد أحبابي - قماري - أي سرب يتهادى - ولى - ربيع الحب وغيرها من الروائع.
هذه وقفة مع هذ الفنان نستعيد فيها ما كتب عنه قبل وبعد رحيله ونستمع لبعض غنائه
المؤسف انه حتى الآن لا يوجد مرجع موسوعي للفنانين السودانيين يتضمن سيرة كل منهم واعماله الفنية ورحلاته الفنية وانجازاته المختلفة وصوره واي معلومات عنه.
ترى هل نفكر في انشاء بنك معلومات او عمل موسوعة الكترونية تفي بهذا الغرض ؟
آمل ذلك واوجه رجائي للأخوة الفنانين والموسيقيين وجميع الزملاء والزميلات بالبورد ان يقدموا مقترحاتهم وما يتوفر لديهم من معلومات عن مبدعينا من المطربين وخلا هذا الشهر وشهر اغسطس تمر ذكرى كثيرين منهم كما نوهت في بوست سابق لم يرد فيه الا الاخ الاستاذ الموصلي الذي وعد بعودة فاعلة .
------------------------------
ذكريات الاعلامي الراحل فؤاد عمر مع الفنان سيد خليفة
وقفة سريعة مع الفنان سيد خليفة والاستفادة من تواجده في القاهرة
للدراسةفي حديث سابق أشرت إلى تواجد مجموعة من كبار الفنانين السودانيين في صيف عام 1955 كان من بينهم عبدالعزيز محمد داوود وإبراهيم الكاشف وحسن عطية وعائشة الفلاتية إلى جانب الفنان الكبير إسماعيل عبدالمعين والفنان سيد خليفة لارتباطهما بدراسة الموسيقى وكان معهما أيضاً الفنان أحمد عبدالرزاق الذي كان يدرس الموسيقى بمعهد الموسيقى في القاهرة إلى جانب دراسته في كلية الزراعة، ومن الشعراء كان معنا باستمرار الشاعر الكبير عبدالمنعم عبدالحي الذي لم يبخل بقصائده وكلماته الجديدة لهؤلاء الفنانين ولغيرهم حتى أنه أشار في ذكرياته والتي سجلتها لإذاعة ركن السودان بعد ذلك بأنه كتب أكبر قدر من مجموع قصائده خلال تلك الفترة وحتى منتصف الستينيات.
وقد كان للفنان سيد خليفة النصيب الأكبر بالطبع لظروف تواجده المستمر في القاهرة ولنشاطه المتزايد في تقديم الجهد باستمرار وكان سيد خليفة ولازال مهتما بِإضافة هذا الجديد سواء من ناحية الكلمة أو اللحن وكان يشغل نفسه دائما بكل لحن جديد ولا يتردد في أخذ رأي الأصدقاء والزملاء في أي لحن من الألحان الجديدة قبل أن يستمع إليه الجمهور.. وأذكر أن سيد خليفة كثيرا ما كان يتردد على مكاتبنا في إذاعة ركن السودان وكانت تحتل في ذلك الوقت جانبا من الطابق الثاني بمبنى الإذاعة في شارع الشريفين. وأقول كان يتردد علينا سيد خليفة بصفة مستمرة ويحلو له في كل مرة أن يسمعنا اللحن الجديد الذي يعيش فيه قبل أن يدخل الأستديو لتسجيله.
ويحضرني الآن بهذه المناسبة مولد الأغنية التي كانت السبب الرئيسي في شهرة الفنان سيد خليفة التي استطاع عن طريقها أن يستحوذ على إعجاب جمهور المستمعين في شمال الوادي بصفة عامة وفي القاهرة بصفة خاصة. ولعل الذين يطالعون معنا هذا الحديث يقولون بأن الاغنية التي أقصدها هي أغنية "المامبو" – صحيح أغنية المامبو كانت وما زالت لها حتى الآن شهرة كبيرة ولا يذكر اسم سيد خليفة إلا مرتبطا بأغنية المامبو.. إنما الأغنية التي أقصدها والتي أكدّت بالفعل شهرة و انتشار الفنان سيد خليفة، وخاصة بعد أن رددها أكثر من مرة على مسارح القاهرة المختلفة في حفلات أضواء المدينة هي أغنية إزيكم ولعل العديد من مستمعي الإذاعة لا يعرفون بأن شاعر أغنية زيكم هو الشاعر السوداني إسماعيل حسن الذي كتب للفنان سيد خليفة هذه الأغنية قبل أن يرتبط اسمه مع الفنان محمد وردي بعد ذلك. وجدير بالذكر أن نسجل هنا بأن أغنية "ازيكم" هي حقيقة ولدت في القاهرة حيث التقى الشاعراسماعيل حسن مع الفنان سيد خليفة. وسلمه الكلمات وكان ذلك بعد عودة الفنان سيد خليفة من أجازته الدراسية والتي قضاها في السودان بين أهله وناسه في قرية الدبيبةالتي لا تبعد كثيرا عن العاصمة المثلثة الخرطوم وبعد أن نقل سيد خليفة مشاعره وانطباعاته بعد لقاء الأهل إلى الشاعر إسماعيل حسن الذي كان يعيش في نفس الظروف كانت كلمات أغنية "ازيكم" التي جاءت تعبيراً صادقا للقاء المحب الغائب عن أهله وخلاّنه
عودة للفنان سيد خليفة
الفنان السوداني الكبير سيد خليفة لي معه حكايات
وذكريات طويلة. فسيد خليفة كان وما زال من الفنانين السودانيين القلائل الذين يحرصون على تواجدهم في الساحة الفنية بشمال الوادي. وقد ساعدته الظروف في تحقيق طموحاته الفنية إلى حد بعيد. فإقامته لسنوات متصلة خلال الخمسينات في القاهرة مكنته من التعرف على الكثير من الفنانين من شمال الوادي سواء في مجال الدراسة بمعهد الموسيقى أو في مجال العمل بالإذاعة أو في مجال العمل بالحفلات الغنائية الساهرة خاصة وأنه يعتبر من الفنانين السودانيين القلائل الذين شاركوا أكثر من مرة في برنامج أضواءالمدينة على مسارح القاهرة وخارج القاهرة أيضاً ومن حق الفنان سيد خليفة علينا في هذه المناسبة أن نذكر له ما يتمتع به من حضور على المسرح عند مواجهته للجماهير وكيف أنه يستطيع في اللحظات الأولى من ظهوره الاستحواذ على مشاعر جمهور الحاضرين بابتسامته العريضة وتحيتهم لهم بواحدة من أشهر أغنياته خلال تلك الفترة وهي أغنية ازيكم للشاعر السوداني الكبير إسماعيل حسن.
هذا هو الفنان سيد خليفة كان لقائي معه لأول مرة في شهر فبراير عام 1955م بعد أيام قليلة من تسلمي العمل بإذاعة ركن السودان وكان سيد وقتها يتردد يومياً على مقر الإذاعة وعندما انضمت الزميلة ثريا جودت إلى أسره أذاعة ركن السودان. بعد شهور قليلة من نفس العام كان يحلو لي أنا وثريا أن نستمع إلى سيد خليفة وهو يدندن بكلمات أغنياته الجديدة قبل أن يدخل الأستديو لتسجيلها وهكذا استمعنا إلى أغنية المامبو وأغنية يا أسمر قول ومن قبل إلى أغنية إزيكم.. وغيرها وغيرها وكثيرا ما كان يشاركنا هذه الجلسة الفنان السوداني الكبير إسماعيل عبدالمعين مع الشاعر السوداني الكبير عبدالمنعم عبدالحي. وكان سيد وما يزال يهتم بالمناسبات وينفعل مع الأحداث ويسارع بالاتصال بالشعراء ويطلب منهم الكلمات المناسبة حتى يؤكد مشاركة الفن السوداني ومسايرته لكل حدث من هذه الأحداث التي تمر بالوطن العربي بصفة عامة ووادي النيل بصفة خاصة ومن بين الشعراء الذين تعاونوا مع سيد في هذا المجال وتجاوب معه تماما الشاعرالسوداني الكبير اسماعيل خورشيد فعندما أقيم أسبوع المرأة السودانية في الخرطوم عام 1957 كان سيد أول من غنى قصيدة بنات بلدنا لإسماعيل خورشيد وعندما وقع العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956 سارع الفنان سيد خليفة وسجل نشيد القنال من كلمات اسماعيل خورشيد أيضا واذكر أن سيد كان في ذلك الوقت في إجازة دراسية ومتواجدا في العاصمة المثلثة ومع هذا فقد توجه ومعه الفرقة الموسيقية إلى ستديو مكتب الإذاعة المصرية بالخرطوم وسجل أغنية القنال تعبيرا عن مشاعره مع زملائه الفنانين السودانيين في هذه المناسبة وفي هذه الأغنية يقول الشاعر:
وحياة أبويا وقنال أخويا
ما ظن يكون لسواه
ده ثروة جهاده وخير بلاده
والشعب يحمي حماه
هذا بالإضافة إلى نشيد الكفاح المشترك الذي قدمه سيد خليفة أيضاً وفي هذه المناسبة نفسها مناسبة العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956 وكان لنفس الشاعر إسماعيل خورشيد.
والحديث عن الفنان سيد خليفة خلال مشواره الفني الطويل يحتاج إلى أكثر من لقاء كما أشرنا.. وأنا شخصيا احتفظ بالعديدمن الذكريات التي لا تخلو من الحكايات الطريفة مع الفنان سيد خليفة ومعظم هذه الحكايات رواها لي سيد خليفة بنفسه في لقاءاته الفنيةالعديدة معي على امتداد مشواره الفني الحافل بالذكريات من بيتها على سبيل المثال. ذكرياته التي يحتفظ بها ويعتز بها كثيرا مع الفنان الراحل عبدالحليم حافظ يحكي سيد كيف كانا يسهران معا. وكانا لا يفترقا حتى جاءت ليله من الليالي الساهرة التي اشترك فيها عبدالحليم حافظ وهو في بداية مشواره الغنائي مع الفنان سيد خليفه. وكانت المناسبة فرح سوداني حضره عدد كبير من رجال الدولة في ذلكا لوقت وكان من بينهم أحد الوزراء السودانيين الذي أعجب بغناء عبدالحليم حافظ وانتهت السهرة ولم يكن عبدالحليم وقتها يملك سيارة وفضل سيد وعبدالحليم أن يعودا إلى منزليهما سائرين على أقدامهم من مصر الجديدة إلى وسط البلد في القاهرة حيث يقيم كل منهما وخلال ذلك يستعيدان أحداث السهرة وما دار فيها من تعليقات وبينما هما يسيران إذا بالوزير السوداني يمر بهما ويوقف سيارته ويصر على أن يركب عبدالحليم وسيد معه. ودفع الخجل بعبدالحليم إلى الاعتذار ولكن تحت اصرار الوزير ركب الاثنان معا سيد وعبدالحليم ليكملا الطريق إلى منازلهم في تلك الليلة.
وفي لقاء آخر يحكي لي سيد خليفة حكاية طريفة كانت وراء أغنية بعنوان "حبيت لي ملاك" حيث يقول سيد عن هذه الأغنية بأنها جاءت إجابة عن سؤال من إسماعيل خورشيد نفسه وهو شاعر الأغنية. فمرة من المرات بيسأل سيد ويقول له:
إيه رأيك يا سيد أنت مش ناوي تتجوز بقه ويا ترى حتتجوز من هنا في السودان ولا في مصر فرد عليه سيد. وقال له في ا لحقيقة يا اسماعيل أنا مش عارف حتجوز منين.. فقال اسماعيل لكن أنت مش بتحب فقال له سيد أنا صحيح بحب لكن منو..
فأعجبت اسماعيل كلمة منو وقال لسيد والله تنفع مطلع أغنية ظريفة.. وكانت أغنية حبيت لي ملاك.. لكن منو
------------------
من كتاب ذكريات مع الفن السوداني : تأليف فؤاد عمر
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
 Re: في تذكر الفنان الراحل سيد خليفة- ثلاث سنوات على رحيله (Re: sympatico)
|
الاخ سمبتيكو
اشكرك علي اهتمامك بقامة الفنان الراحل سيد خليفة
كثير من الناس اكتشفوا سيد خليفة بعد وفاته فهو فنان متعدد المواهب يجرى فيه الفن مجرى الدم فى العروق ..
اول مرة اقابله كانت فى القاهرة بالصدفة وكنا فى تلك الايام معارضين لنظام مايو وترددت قبل ان اسلم عليه وفى نفسي تلك الاناشيد التى كان يرددها للرئيس نميرى شخصيا لكن ابتسامته وميله بكل جسمه نحوى وجدت نفسي احضنه واسلم عليه وجلست معه لمدة نصف ساعة كانت كافية بان تزيل عنى كل ما كنت احس به تجاهه.. رجل كالطفل قلبه ابيض كالحليب يعيش فى عالم اخر بعيد عن صراعات البشر يحب الخير لكل الناس مثله مثل اى قروى نقى سودانى اصيل فيه كل صفات السودانى الجميلة ..
وبعد عودتنا للسودان عقب الانتفاضة كنت التقيه فى كل اسبوع عندما كنت اذهب لصديقى محمد احمد الكارورى الذى استاجر منزلا بالقرب منه فى الخرطوم ثلاثة وكنت اجلس معه حيث اعتاد الجلوس علي كرسي امام منزله فى الامسيات بعد ان عاد معافى من القاهرة بعد العملية التى اجريت له وقد تاثر جدا للموقف النبيل الذى ابدته تجاهه حكومة الديموقراطية نحوه وتوجيه مجلس راس الدولة بعلاجه على حساب الدولة وهو الرجل الذى غنى لمايو ولزعيمها وكان يقول لى دائما والله انا ما كنت عارف نميري دا كعب كدة الا بعد الانتفاضة والحكاوى التى حكاها الناس عنه .. وصدقته كما صدقه كل الشعب السودانى الذين يعرفون بانه شخص بسيط وصادق فى كل ما يقول ..
سيد خليفة البشوش العربي الطيب الفنان لانيق الذى كان يبكى كل من يستمع اليه وهو يغنى انا حين يحين اجلى لا تبكوا هنونى وانا انا مين انا المنى حنان .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: في تذكر الفنان الراحل سيد خليفة- ثلاث سنوات على رحيله (Re: sympatico)
|
سيد خليفة عبر بالاغنية السودانية حدود الوطن العربي
كتب ـ عبدالواحد البيني
عندما يستبد الحنين بالسودانيين الى وطنهم من ارض بعيدة، يكملون ذكرياتهم بالاستماع الى الاغاني السودانية وفي خريف عام من النصف الثاني من الثمانينيات كنا مجموعة مكونة من خمسة افراد وكان جهاز التسجيل الحاضر فينا سمعنا اغنية او مرثية ينعى فيها عبدالكريم الكابلي موظف اللاسلكي في سفارتنا بلندن. فكانت من تلك التي تثير الشجن واوقظ الاحاسيس الغامضة في صراع الحياة والموت... لحظتها هب الصديق عبدالحليم بابوفاتح الدبلوماسي بسفارتنا في الجزائر وحاول ان يطوي صفحة الحزن النبيل بصورة فرح كان بطلها الفنان سيد خليفة. الدبلوماسي الصديق بابو فاتح جاء بشريط فيديو وقبل التشغيل قال: الشعب الجزائري شعب صارم قادر على كبت مشاعره ولم اشاهده راقصا لموسيقى وغناء مهما كان فنانه ولكنه في هذا الشريط يرقص لاول مرة.
ثم ادار الشريط وكان الفنان سيد خليفة، غنى سيد خليفة وهو يحسن اختيار اغنياته لكل زمان ومكان وتفاعل مع الموجودين تعلو وجهه كلمة ابتسامة موحية.. واوغل في الغناء والصالة تبدي انبهاراً صامتاً.. وغنى واستثار العواطف بايديه وابتسامته وعندما دخل في اغنية المامبو السوداني خرج الجزائريون عن وقارهم وصاحوا ووقفوا وسيد خليفة يغني ويرقص ويصفق وشيئا فشيئا رقصت القاعة بكاملها شيبها قبل شبابها وفتياتها قبل فتيانها وكان منظرا مازال ماثلا في الذاكرة.. سيد خليفة فنان من نوع خاص، فنان يخاطب الوجدان ويلج الى مناطق واغوار بعيدة في النفس... وانتهت المامبو واعقبها باغنية «ازيكم» وترجم معظمها الى العامية الجزائرية.. ايش لونكم... ازيكم.. انا لي زمان ما شفتكم وضجت القاعة الوقورة باصوات وانفعالات وتعبيرات هستيرية كان سيد خليفة في تلك الليلة مبدعا حقيقيا لانه استطاع ان يحطم قشره الوقار ويحول المسرح والقاعة بأكملها الى «كورس» يردد خلفه اغنياته واردف الصديق بابوفاتح السفير الان بان هذه هي المرة الاولى التي ارى فيها شعب الجزائر يخرج عن وقاره ويتفاعل مع غناء مطرب ومطرب اجنبي.
مدخل ثان
الطائرة التونسية التي كانت تقلنا من الجزائر مروراً بتونس وجدة كانت تسيح بسلاسة في الجو وفجأة نشبت «خناقة» بين تونسي وسوداني وتدخلت الاطراف السودانية والتونسية ولكن صديقنا نصر الدين كان اكثر انفعالا لان تونسيا مخموراً جلس بجوار زميلة سودانية وحاول ان يدير معها حواراً.. انفضت «الخناقة» ولكن الطاقم المساعد للطائرة مع مجموعة من الشباب التونسي انتظموا في الصفوف الخلفية واخذوا بصوت واحد يرددون: المامبو السوداني.. المامبو اللي في كياني ويضحكون.
وما عرفنا هل تسعد بان فنانا سودانيا فرض اغنياته على الاخوة التونسيين ام نرد الصاع صاعين وندخل في عراك لهذا الاستفزاز المقصود وفجأة انفجر الوفد السوداني في ضحكة هستيرية ونهض الشباب من مقاعده وعانقونا فرداً فرداً وجلست اردد: هذه هي رسالة الفن الحقيقية ولو فطنت السياسة لكان الفن قائد الوحدة العربية.
مدخل ثالث
في ذاك المساء الخرطومي كنا مدعوين لعشاء عند صديقنا الراحل فتح الرحمن مدير مطبعة قال في منزله وتصادف ان كان هو وسيد خليفة جيران وفجأة نزل سيد خليفة يحمل العود واثار جواً من المرح قبل ان يدندن لنا باحلى اغنياته سيد خليفة فنان من نوع خاص.. ليست ميزته الاولى انه مطرب يستطيع ان يدخل اغنياته لا عن طريق الاذن وانما عن طريق القلب مباشرة يغني من اعماقه حتى لعدد محدود من سامعيه تنهال منه الدموع عندما يقول:
المنى حنان
وانا لو يحين اجلي
ما تبكوا هنوني...
ومع ذلك تنتهي الاغنية ويمسح دموعه ونمسح دموعنا ويطلق نكتة رائعة ونضحك جميعا من الاعماق.
السودان الولود انجب كرومه وسرور والكاشف وحسن عطية وعثمان حسين واحمد المصطفى والكابلي. ولكن عندما اقام المسرح القومي الوليد في سنة 1962 مسابقة لاختيار فنان السودان الاول والتحكيم كان لشهود الحفل.. نال سيد خليفة اكثر الاصوات..
كان ذلك في مدينة القضارف وانا طالب في المرحلة المتوسطة وسيد خليفة يقيم حفلا في سينما كيكوس.. التقيته من وراء الكواليس وحملت له اسئلة ليرد عليها لجريدتي الحائطية.. تلقاني بصبر والقه وهدأ روعي وربت على كتفي وجلس الي وكان اول سؤال: ما اسمك بالكامل ضحك عاليا وقال اسمي بالكامل سيد احمد محمد الامين من مواليد قرية الدبيبة شرق الخرطوم ابتعثني ابي للدراسة بالازهر الشريف اذ كان رجل دين وتقوى ولكن شيئا غامضا جعلني اتمرد فالتحقت بمعهد فؤاد للموسيقى ودرست الموسيقى وهناك انطلق صوتي من اذاعة ركن السودان لأول مرة وكان معنا آنذاك الشاعر عبد المنعم عبد الحي واخذت منه معظم اغنياتي..
ـ قلت له: هل استطعت ان تقتحم الوسط الفني المصري رغم انك تغني على السلم الخماسي قال: نعم .. غنيت في حفلات الاخوة المصريين وشاركت في الاحتفال الأول لثورة يوليو وكان مفترضا ان اغني اغنية واحدة واجبروني على ان اغني ثلاث اغنيات .. وكان فنان العرب عبدالحليم حافظ قبل ان يشق طريقه الفني يعزف في فرقتي آله «الاوبوا» ومن بعد ذلك شاركت في عدد من الافلام المصرية غنيت «اظهر وبان عليك الامان» في احداها وغنيت اخريات في افلام اخرى .. مصر هي وطني الثاني فيها تأكدت من قدرتي على المعنى في درب الفن وصادقت معظم فنانيها.
في السودان شيد الفنانون المساجد وتكفلوا بمجهودات طوعية انسانية وسيد خليفة كان واحدا من منهم وزع المال وكسب الناس قال عنه شقيقه ابراهيم خليفه وهو الذي فارق الحياة بين يديه في احد مستشفيات الاردن قال: سيد خليفة كان ابانا بمعنى الكلمة ضم كل الاسرة اخوة واخوات وابناءهم ورعاهم وعلمهم وداعبهم واحبهم فأحبوه وبكوه بمرارة وحرقة وفقدان حقيقي.
ما ان نقلت الاخبار خبر انتقال الفنان الانسان سيد خليفة حتى وجم كل السودان واصدرت الصحف طبعاتها بلون اسود وانتقلت الاذاعة والتلفزيون متوشحة بالحزن تروي سيرة الراحل فقد كان فنانا قوميا كان فنانا لكل شخص سوداني يحتفظ الجميع بكل البوماته الغنائية .. لم يكن سيد خليفة مجرد مطرب فنان، بل كان شخصا مضيئا يشع البهجة والمسرة في حديثه واينما وجد .
بدأ الاستاذ الراحل باغنيات عامية كتبها عبد المنعم عبدالحي منها اغنية يا قماري ابني عشك قشه قشه
وعلمينا كيف على الحب نبني عشه
وانتقل الى اغنيات باللغة العربية لصلاح عبدالصبور والتجاني يوسف بشير حيث غنى له انشودة الجن التي تقول بعض مقاطعها قم ياطير الشباب
غني لنا غني
بلحنك المستطاب
انشودة الجن
وغنى للشاعر الفحل ادريس جماع اجمل قصائده سيد خليفة يتميز بذكاء خارق يقرأ رغبات مستمعيه فيغني الاغنيات الراقصة حيث يكون مجالها ويغني الكلاسيكيات حيث يكون جمهورها، وفوق ذلك يمتاز اداؤه بالحركة والانفصال مما يحول كل المستمعين اليه في قاعات الحفلات الى كورس ضخم يردد معه مقاطعه.
وكان رجل حاضر البديهة سريع النكتة راقيها يكسر الحاجز بينه وبين جمهوره يتصبحون معه جوغة واحدة.
ويمتاز بصلات اجتماعية واسعة ويكفيه ان الدولة برئاستها كانت في استقبال جثمانه وشيعته حتى مثواه الاخير في قريته الدبيبة التي انجبت قريبه وصديقه وحبيبه الراحل المتميز احمد المصطفى.
http://www.albayan.co.ae/albayan/culture/2001/issue83/music/2.htm
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: في تذكر الفنان الراحل سيد خليفة- ثلاث سنوات على رحيله (Re: sympatico)
|
رحيل صاحب (المامبو السوداني)
والروائع التي لا تنسى
كتب ـ خالد عبداللطيف:
قبل اكثر من عشر سنوات حملت (الاشاعات) خبر وفاته وهو مازال على قيد الحياة فأتاحت له هذه (الاشاعة) على مراراتها معرفة مدى حب الجماهير له ورغم ألمه آنذاك لكنه كما قال في احد الحوارات الصحفية التي اجرتها (الوطن) معه في عام 1991 شعر بوفاء معجبيه له وتعلقهم به .. الان وبعد مضي كل هذه السنوات حملت وكالات الانباء بالأمس خبر رحيل الفنان السوداني الشهير (سيد خليفة) لكنها للأسف لن تكون مجرد (اشاعة) هذه المرة فقد رحل فقيد الفن السوداني بعد ان قلدته الشعوب العربية لقب سفير الاغنية السودانية في الخارطة العربية وبعد ان امضى مشوارا حافلا بالعطاء الفني المتميز الذي استغرق منه كل وقته وجهده فقد كان الراحل مبدعا عاشقا في محراب الفن متذوقا للشعر وصديقا للشعراء اما الموسيقى فهي نبضه الذي ظل يحرك قلبه رغم الصعوبات الصحية المتوالية التي انتهت بايقافه تماما ولم يعد يخفق كما كان يغني له الراحل (أنا قلبي يدق) هذه الاغنية التي ظل يصارع بها المرض الذي استهدف قلبه بعد اكثر من عملية جراحية مؤلمة لم تقعده عن مواصلة مشواره ولا ترويد اغانيه ذات الايقاع الدافئ والنشط حيث الاداء عند سيد خليفة هو طقوس رائعة من التفاعل الصادق مع الاغنية وانسجام الى حد التوحد مع كلماتها وموسيقاها والحانها.
سيد خليفة الذي يعد من رواد الاغنية السودانية وأحد رموزها الفاعلين لم يكن مجرد صوت غنائي يأسر القلوب بألحان وايقاعات وانما كان مبدعا مفكرا ومثقفا ويمتلك ذائقة فنية راقية أهلته لانتقاء كلمات غنائية رفيعة المعنى والدلالة منها الاغنيات التي لحنها وأداها للشاعر السوداني الرائع ادريس جماع والشاعر السوداني المتميز التجاني يوسف بشير وغيرهما من شعراء لهم بصماتهم الواضحة في الخارطة الفنية السودانية.
ورغم ان سيد خليفة تميز بأداء بعض الاغنيات الخفيفة كأغنية (البامبو السوداني) واغنية (ازيكم كيفنكم) وغيرها من اغنيات اشهرته في العالم العربي لكنه كما اكد في الحوار الذي سبق وان اجريته معه ونشر بـ (الوطن) من عام 1993 يملك رصيدا كبيرا من الاغنيات المتعمقة والتي تفوح عطرا ذهنيا وجمالا ادبيا والتي تعد من عيون الغناء السوداني ومازالت الاجيال الجديدة من المطربين في السودان ترددها وتكتب بها شهرتها وذيوعها رغم ان الراحل سيد خليفة معروف عنه اداءه لألوان وألحان تحتاج الى مطرب متمكن وصاحب حنجرة ذهبية مثله.
درس سيد خليفة الموسيقى بالقاهرة وسجل اطلالة سينمائية في الافلام المصرية كما له رصيد كبير من الاغنيات في الاذاعة المصرية والاذاعات العربية الاخرى وظل دائما يحرص على المشاركات الخارجية في الحفلات والمهرجانات وظل يحظى بتقدير واعجاب كبيرين لحرصه على ايصال الفن السوداني خارج حدوده وهو ما كان يدفعه لادخال بعض التجديدات على السلم الغنائي السوداني والايقاعات والالحان وطريقة الاداء حتى يكتب الانتشار للاغنية السودانية والتي ما ان ذكرت الان الا وذكر معها الفقيد الراحل.
عرفت سيد خليفة عن قرب في القاهرة ابان عملي باذاعة (وادي النيل) حيث كان يتردد على زيارتها بشكل منتظم والتقيت به في السلطنة عندما زارها في العام 1993 وكانت فرصة لاجراء حوار معه تم نشره حينها في (الوطن) وفي كل هذه المناسبات التي جمعتني به لمست فيه تواضع الفنان ووجدت فيه صفات الانسانية .. كان بشوشا دائما وفي عينيه فرح الالفة وذكاء المبدع وفي لحظات صفائه كان يفتح قلبه ليهمس بأسئلته الحائرة دائما في بحثها المشروع عن كينونة فن يصل الى ابعد الآفاق ويتردد صداه في فضاءات الحلم الجميل.
شفافية سيد خليفة الانسان والفنان يشهد عليها كل من عرفه او حتى استمع اليه اما طموحه الابداعي فكان رهانات متجددة وافكارا ليس لها حدود .. ورغم ما حققه من ذيوع وانتشار ونجاح لكنه لو عاش لقدم اكثر مما قدم ولتفوق على وتيرة الزمن التي يصعب لحاقها .. لكنه الموت الذي لا يترك احدا .. باغته واغنية جميلة لم تكتمل على شفتيه .. توقف (نبضه) وعيناه ترددان اغنيته المتفاءلة (أنا قلب يدق) .. لكن صداها وصدى اغانيه الجميلة سيظل في قلوب محبيه ومتذوقيه .. تغني معه كي يبقى ابداعه خالدا .. رحل (سيد خليفة) .. وتبقى روائعه .. رحل سفير الأغنية السودانية وتبقى الاغنية من بعده في الذاكرة والوجدان.
http://www.alwatan.com/graphics/2001/July/3.7/#########/ft12.htm
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: في تذكر الفنان الراحل سيد خليفة- ثلاث سنوات على رحيله (Re: الكناري)
|
الاخ العزيز الاستاذ الموصلي
تحياتي
اشكرك على التعقيب الجيد .
آمل ان احصل على كتاب الدكتور الفاتح . وقد سمعت عن كتاب الاخ معاوية وقال لي من اطلع عليه انه يحوي سردا تاريخيا قيماوتوثيقا عن الغناء السوداني ونحن في انتظاره .
اطلعت على سلسلة " اهل المغني " التي قمت باعدادها وولدي منها كتب الراحل مصطفى سيد احمد و الفنان محمد وردي والكتاب الخاص بك وارجو ان تواصل في هذه السلسلة لأنها سلسلة مميزة جدا وجديدة في بابها لأنها تحلل الاعمال الموسيقية وفي الوقت نفسه تقدم معلومات مهمة عن الفنان
شكرا لك وارجو ان تكتب لنا عن الراحل سيد خليفة ان وجدت وقتا .
-----------
الاخ العزيز راكوبا
تحياتي
شكرا لك
انه فعلا شيء مخز ان لا تتذكر هذه الجهات ذكرى رحيل فنان في قامة سيد خليفة ، اضف الى ذلك الصحف السيارة ايضا .
-------------
الاخ العزيز الكناري
تحياتي
شكرا لك على الزيارة ورفع البوست
| |
|
|
|
|
|
|
| |
الكيك
Elmosley
Rakoba
Abureesh
لؤى
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست