أول ترجمة مباشرة لخطاب الدكتور جون قرنق في حفل اعلان نيروبي

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 11:15 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-14-2004, 07:36 AM

خالد
<aخالد
تاريخ التسجيل: 02-02-2003
مجموع المشاركات: 856

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أول ترجمة مباشرة لخطاب الدكتور جون قرنق في حفل اعلان نيروبي

    اول ترجمة لخطاب الدكتور جون قرنق في حفل توقيع البروتوكولات الست الموقعة يوم 5 يونيو 2004 .

    خالد

    خطاب الدكتور جون قرنق دي مابيور رئيس الحركة الشعبية والقائد العام للجيش الشعبي بمناسبة توقيع اعلان نيروبي يوم السبت 5 يونيو 2004


    سيدي الرئيس
    اسمحوا لي بالادلاء ببضع ملاحظات في هذا اليوم المشهود وامام هذا الحشد المهيب. ان الاعلان الذي فرغت للتو من توقيعه مع الاستاذ على عثمان محمد طه، النائب الأول لرئيس جمهورية السودان يمثل اعلاناً جاداً من جانبنا بان الحرب بحق تقارب نهايتها. وانني لعلى ثقة تامة بان البروتوكولات الستة التي أشار إليها الاعلان ـ لو طبقت بصدق ووفق ارادة سياسية ثابتة ـ لكفيلة ببعث السودان واحكام وحدته الطوعية وإشاعة العدل والكرامة لكل مواطنيه دون استثناء لأول مرة منذ الاستقلال. وبهذا سيغير الاتفاق وجه السودان للابد، فالسودان لا يمكن ـ بل يستحيل ـ ان يبقى كما كان لان اتفاق السلام سيغمر القطر كله بتحول ديمقراطي جوهري بدلاً من الحروب التي ظلت دوماً تغمره.
    لقد ظلت رحى الحرب في السودان، كما تعلمون، تدور على مدى ثمان وثلاثين عاماً من سني استقلالنا السياسي الثمان والاربعين منذ 1/1/1956. وبدا لنا في بعض الاحيان ان السودان كله أخذ ينحدر الى هاوية من الصراعات والبغضاء لا قاع لها. هذه الصراعات لم تقف فقط عند الشمال والجنوب بل امتدت ايضاً الى الشرق والغرب. ودعني اشير هنا بأن ليس هناك بين الناس من هو أشد بغضاً للحرب من الذين خاضوا غمارها، وتعرضوا لآلامها، وعاشوا أهوالها ومحنها. ان الاستمرار العبثي للحرب الأهلية السودانية لن يؤدي فحسب الى تخريب موارد البلاد واستنزاف طاقتها، وانما أيضاً الى إفقار روحها وربما الى انهيار اخلاقي كامل يقود، لامحالة، لتفسخ القطر. ولحسن الحظ فانا نضع اليوم كل هذه الحروب وراء ظهرنا لنستشرف فجراً جديداً يطل علينا عبر مشروع سياسي جديد.
    حقاً ان الذي يجعل هذا السلام سلاماً مبشراً هو أنه جاء نتيجة لتوازن العجز العسكري الذي أنهك الطرفين. تلك هي الحالة التي يستبين فيها أي طرفين متحاربين ان تكلفة السلام اقل تكلفة من الحرب مما يحملهما على البحث عن حل لا خاسر فيه. لقد اصبح السلام ممكناً لأن الطرفين أدركا ان القطر كله قد أخذ في التحلل، وأن الدولة كادت تذوى وتختفي دون المرور بمرحلة التحول التاريخي الذي بشر به ماركس، كما بدأ السودان القديم الذي عرفناه في الانحدار في طريق لا عودة منه الى لُج التشظي.
    سيادة الرئيس
    يري الذين اتيح لهم الاطلاع على البروتوكولات الستة التي أشار إليها إعلان نيروبي شبكة معقدة من مؤسسات الحكم، وحساب يربك العقل حول توزيع الثروة خلال الفترة الانتقالية. هذا التعقيد انعكاس طبيعي لتعقيد مشاكل السودان. ولكن خلف هندسة السلطة وحسابات الثروة هنالك معنى آخر للسلام، فما هو هذا المعنى؟ ما الذي يعنيه السلام للحركة الشعبية؟ وما الذي يعنيه بالنسبة لي شخصياً، ليس كقائد سياسي، وانما كأخ وعم ووالد ومخلوق من مخلوقات الله؟ هنالك كثيرون ـ هنا وفي غير هذا المكان ـ يحسبون ان الغاية من السلام هو توزيع الوظائف، واقتسام مواقع السلطة، واكتناز المال عبر استغلال الممتلكات العامة، أو هو الهيمنة على الآخرين. الذين يفكرون على هذا الوجه يقرأون من نص آخر غير النص الذي أحمله. إن أهدافي أكثر سمواً من ذلك، وبدائلي ورؤياي أكثر نبلاً. النص الذي أحمله يقول أن السلام هو تحقيق الأماني التي يترجاها المواطن العادي من سلام يتطلع مشغوفاً لتحقيقه. فالسلام في فكري وفي اعماق روحي هو وعد بتوفير الحياة الفاضلة للصغار والشباب والمسنين، وفي كل بقاع السودان. هو وعد لابناء وبنات جنوب السودان، وجبال النوبة، وجنوب النيل الازرق، ومنطقة ابيي، وشرق السودان وبقية المناطق المهمشة في بلادنا الذين تحملوا في صمت وكبرياء فقدان ابنائهم في حرب التحرير وهم يحسون بالعجز واليأس. هو وعد لهؤلاء أننا لن نخون أبداً الأهداف التي ضحي بارواحهم من أجلها ابناؤهم الشهداء. هو أيضاً وعد لأرواح شهداء الحرب وضحاياها في الجانب الآخر ولذويهم أن السلام العادل المُشَرِّف هو الذي سيبرئ الجراح التي أدمينا بها بعضنا البعض.
    أيها السيدات والسادة
    لقد تكرست في مخيلتي منذ اسبوع صورة مازلت عاجزاً عن ازالتها. تلك هي صورة الأطفال من البنين والبنات الذين جاءوا من مركز كاكوما للاجئين في يوم السبت 31 مايو 2004 للغناء أمامي من أجل السلام في قاعة كينياتا للمؤتمرات بنيروبي. وكان ذلك في معرض الاحتفالات التي اقامتها الجالية السودانية في كينيا بتلك المناسبة. فالسلام عندي أيضاً هو ما عناه بالنسبة لاولئك الايفاع، وكما تجلى في عيونهم المتوهجة، أو عبرت عنه كلماتهم التي اخترقت شغاف قلوبنا جميعاً. هذا هو السلام الذي ضحيت من أجله خلال الواحد والعشرين عاماً الماضية.
    السيد الرئيس
    استميحكم عذراً لتحديد كفاف هذا الوعد والرؤى التي ترفده. فعلى المستوى القومي سنسعى لوضع استراتيجية تنموية تقوم على الآتي:-
    1. معالجة جذور المشاكل التي شجعت على اندلاع الحروب الأهلية المتوالية في كل أرجاء القطر حتى نضع حداً لتلك الصراعات عبر حلول سلمية عادلة، ، بما في ذلك تلك التي تدور في دارفور وشرق السودان.
    2. الرؤية التي تعترف بأن التنوع في السودان يمكن أن يكون مورداً ينهل منه التحول السياسي ويغذي التنمية الاقتصادية، وبهذا يصبح مصدر قوة بدلاً من أن يكون عنصر تفرقة وصراع وحروب دامية بين الاجيال.
    3. بناء الثقة بين كل أقوام السودان وعلى كل مستويات الحكم، ومحاربة الفقر، والقضاء على أي إحساس بالتهميش أو الاستبعاد في كل أقاليم السودان
    4. الالتزام باهداف الألفية التنموية (Millennium Development Goals) عبر برامج اقتصادية نملكها ونرسمها نحن بهدف تحقيق النمو الاقتصادي خاصة بتنمية الريف وتطوير الزراعة التقليدية وربطها بالصناعات الزراعية
    5. الاداء الجيد للخدمات الاجتماعية عن طريق لامركزية السلطة وتخويلها للجماهير وتمكينهم من مباشرتها
    6. اعطاء وحدة السودان فرصة خلال الفترة الانتقالية بجعلها خياراً جذاباً عند نهاية تلك الفترة وعند ممارسة اهالي جنوب السودان ومنطقة ابيي الخيار بين الانفصال او وحدة سودانية جديدة نصبح فيها جميعاً شركاء متساوون خلال الفترة الانتقالية. كما هي أيضاً توفير البديل المناسب لأهل جبال النوبة وجنوب النيل الازرق، حسبما نص الاتفاق، لاجراء المشاورة الشعبية عبر ممثليهم المنتخبيين ديمقراطياً حول الوضع النهائي لمنطقتيهما.
    ان الامتحان الحقيقي للفترة الانتقالية في الجنوب وفي كل المناطق المتاثرة بالحرب يعتمد على قدرتنا على معالجة العوامل الطاردة للمركز والتي عمقت من الصراعات. وهذا واحد من المهام التي وهبنا انفسنا لها خلال حرب التحرير، وسنمضي بعزيمة لا تكل في سبيل تحقيقها خلال الفترة الانتقالية وفيما بعدها.
    وعلى اي، فان أهالي جنوب السودان ـ خاصة المجموعات التي تعيش في المناطق الأكثر تأثراً بالحرب ـ يواجهون مشاكل اجتماعية واقتصادية هائلة تتيح في ذات الوقت فرصاً ضخمة لامتحان العزائم. أهم هذه المشاكل تقع في ميادين البنى التحتية المادية والصحة والتعليم. فعلى سبيل المثال، ليس في جنوب السودان منذ بدء الخليقة طريقاً واحداً مسفلتاً بالرغم من أن مساحة هذه الرقعة تعادل المساحة الكلية لأربع دول افريقية مجاورة: كينيا، يوغندا، رواندا، برندي. أما في مجال التعليم فلا يزيد مجموع المسجلين من التلاميذ في المدارس الأولية عن 20% ممن هم في سن التعليم، في حين لا يجد 80% من هؤلاء مقاعد يجلسون عليها بل يفترشون الأرض. كما أن عدد المؤهلين من المعلمين لا يزيد على 7% من العاملين في تلك المدارس. من جانب آخر فأن ثلاثة من كل أربعة رجال أميون، وان تسعة من كل عشرة نساء أميات. وفي ميدان الصحة لا تتجاوز نسبة الذين تتوفر لهم المياة الصالحة لشرب البشر 27% من مجموع السكان، في حين لا يوجد أكثر من طبيب واحد لكل مائه الف شخص. اضافة الى ذلك فأن وباء الايدز قد أصاب 2.6% من الرجال و 3.1% من النساء في الجنوب، كما أن أكثر من 5% من لاجئينا في الدول المجاورة يعانون من هذا المرض مما يعني أن واحداً من الواردات التي سيحملها لنا العائدون من الملاجئ هو ذلك الداء الخبيث.
    هذه هي التحديات التي سوف تجابهها حكومة الجنوب والحكومة المركزية معاً. وفيما يتعلق بحكومة الجنوب فإنا نتجه الى تخويل أقصى حد من السلطات الى الولايات حتى تُتخذ القرارات في أدنى مستويات السلطة. نحن لم نقتلع حكم الجنوب من هيمنة المركز في الخرطوم لنمنحه لمركز آخر تسيطر عليه نخبة الجنوب. السلطة يجب أن تمارس عبر الولايات، بل عبر الحكم المحلي في الولايات متى كان ذلك ممكناً لأن هذا المستوى في الحكم، متى ما منحناه السلطات اللازمة، ووفرنا له الموارد الضرورية، سيكون أكثر نجاعة في تحقيق التنمية وتقديم الخدمات للجماهير من الحكم المتمركز في العواصم. أن مبدأ لامركزية الحكم مبدأ أثبتت التجارب نجاعته لأنه أكثر قدرة على الاستجابة للظروف الاجتماعية المحلية، وليس أدنى أهمية من بين هذه الظروف في بلادنا من تحييد النوازع الطاردة من المركز والتي أشرت إليها قبل هنيهة. ولا ريب في أن استمرار هذه النوازع يعبر عن عجز السلطة المركزية عن معالجة وجوه الخلل في التوازنات الاجتماعية المحلية، خاصة والمشاكل والهموم المحلية، بطبيعتها، لا يمكن ان تعالج مركزياً لبعد المركز عن تلك الهموم وأهلها. المشاكل تعالج بتمكين السلطات المحلية من الحكم وهذا، كما قلنا، لا يتحقق إلا إن منحناها القدرة على اتخاذ القرار والموارد الضرورية لتنفيذه. إن تقريب الحكم من المواطن ضرورة اجتماعية وليس ضرورة إدارية فحسب، ففي قول الاسكندر هاملتون " هناك ثمة مبادئ اجتماعية مستمدة من طبيعة البشر يمكن ان نستخلص منها أحكاماً تفيد في تسيير أمور الأفراد والمجموعات. فنحن نحب أسرنا أكثر مما نحب جيراننا، ونحب جيراننا أكثر مما نحب مواطنينا الأبعدين. فالعاطفة الانسانية مثل الحرارة الشمسية تفقد قوتها كلما أبتعدت عن المركز بل تصبح ـ نتيجة هذا الابتعاد ـ أكثر وَهَناً بالنسبة لامتداد المركز الذي تؤثر عليه". هذه رؤية واحد من أكبر دعاة لامركزية الحكم، وكما ترون فأن مبدأ اللامركزية أمر تقضي به الفطرة السليمة.
    أما حول دور الحكومة المركزية فأن الطريق الوحيد للسير نحو الأمام هو العمل على اشراك الجميع. فبالرغم من أن الحركة الشعبية وحزب المؤتمر الوطني سيصبحان الشريكان الرئيسيان في المرحلة الأولى للفترة الانتقالية إلا أنا نفهم هذه الشراكة كعملية لا تُقصي أحداً، ولهذا نسعى لضم كل القوى السياسية لعملية السلام، وعلى رأس هذه القوى الأحزاب المنضوية تحت راية التجمع الوطني الديمقراطي. لهذا السبب اقترحنا وضع عقد اجتماعي جديد ينعقد عليه وفاق شامل، ويكون ملتزماً باتفاقيات السلام، كما يوضح بجلاء محددات الحكم الصالح، وأهداف التنمية الاجتماعية والاقتصادية خلال الفترة الانتقالية. يتضمن العقد أيضاً التزاماً اخلاقياً ببعض القيم التي لا يستقيم الحكم دون الالتزام بها وسيجئ هذا في مدونة سلوك تضبط عمل اللاعبين السياسيين. وسندعو سوياً كل الاحزاب السياسية لمناقشة هذا العقد بهدف الوصول الى اتفاق بشأنه. فلا نحن في الحركة الشعبية، ولا حزب المؤتمر الوطني نملك وحدنا السودان، أو نحتكر سلطة حكمه. لهذا، ودون تجاهل للاعتبارات الموضوعية التي وضعتنا في مركز القيادة، يجب أن نكون دوماً على وعي بالآخرين. في ذات الوقت فانا نريد أن نحث الجميع على مواجهة حقائق هامة حول الحكم الصالح، والتنمية، وبناء الوطن، والبعث الوطني، إذ يجب أن نتذكر جميعاً أن السياسة ليست هي السلطة وإنما تدور السياسة ـ أولاً وأخيراً ـ حول الشعوب: همومها وحياتها وحقوقها.
    نعتقد أيضاً أن الحديث عن السلام والتنمية في بلادنا يستحيل في الوقت الذي تنزف فيه بعض اقاليم السودان دماً من جراء الحروب الأهلية. دارفور نموذج لهذا، بل هي نموذج كلاسيكي لسياسات التهميش والاقصاء. لهذا، على الطرفين نبذ وعدم اللجؤ الى العنف كوسيلة لتسوية الصراع في ذلك الاقليم أو في أي اقليم آخر. ولن يكفي أي قدر من العنف ـ مهما عظم ـ لمعالجة مثل تلك الصراعات كما تعلمنا من درس الجنوب. بالحوار وحده يمكن ان تحل مشكلة دارفور، وحقيقة هذا هو معنى الفقرة الواردة في مقدمة الإعلان الذي وقعناه اليوم والتي تقول: "يؤكد الطرفان عزمهما على العمل لمعالجة جذور الصراعات في السودان والتي الحقت بالبلاد الام وشقاء، وعطلت من احتمالات التنمية الاقتصادية وتحقيق العدل الاجتماعي فيها". ان التطبيق الأمين للبروتوكولات التي وقعناها سيوفر أرضيه مناسبة لوضع حد للصراعات في كل اقاليم السودان، خاصة دارفور وشرق السودان. وحقيقة، تقدم بعض هذه البروتوكولات نموذجاً مناسباً لحل المشاكل الناجمة من التهميش والاقصاء في كل السودان الريفي. وفي هذا المجال اود أن أشير بين قوسين الى نقطة هامة تتعلق بتنفيذ اتفاقيات السلام. فكما اوردت سابقاً فان الوصول لهذه الاتفاقيات ثم لاقتناع طرفي النزاع بان السلام أفضل كثيراً من استمرار الحرب وان ثمن الحرب أصبح أكبر كلفة من ثمن السلام. بنفس القدر ينبغي لكيما يلتزم الطرفان التزاماً صادقاً بتنفيذ الاتفاقيات ان يصبح عدم الالتزام بتنفيذها أبهظ تكلفة من الالتزام.
    أخيراً دعني أحيي الأستاذ علي عثمان محمد طه (وربما أحيي نفسي أيضاً) وبدون شك أحيي فريقي التفاوض من جانب الحركة الشعبية وحكومة السودان والجنرال سمبييو ومبعوثي الايقاد وجميع من سهل عملية السلام بما بذلوه من جهد خلال التسعة أشهر الماضية. ففي رحلتنا المضنية نحو السلام في الاعوام التسعة الماضية كانت هناك مرتفعات ومنخفضات، وكان جو المفاوضات ـ مثل الطقس ـ يتبدل بين عشية وضحاها، يصبح مظلماً ومتلبداً بالسحب لحظة، ثم تنقشع السحب فجأة ويصبح الجو صحواً في لحظة أخرى. كانت هناك لحظات من اليأس وفقدان الأمل، ولكن سرعان ما أعقبتها فترات من الرجاء. ولحسن الحظ كانت الحكمة تسود دوماً عقب كل اللحظات التي تدلهم فيها الطرق. لو لم يحدث هذا لأصبحنا اضحوكة بين العالمين، بل أسوء من ذلك لصرنا أضحوكة بين أهلنا في الشمال والجنوب. تسعة أشهر هي الفترة التي يكتمل فيها نمو الجنين في بطن أمه، وقد أفلحنا الآن في توليد طفل مكتمل التكوين ولكن هذا الطفل في حاجة الى الرعاية لكيما ينمو.
    دعونا أيضاً نعترف بالفضل لأهله: دول الايقاد ورؤساؤها، مبعوثو السلام، شعوب الدول التي وقفت معنا في السراء والضراء. كان رسل السلام من بين هؤلاء يوجهون وينصحون ويداهنون وفي بعض الاحيان يهددون بالانسحاب كلية من عملية السلام. فلنخص جميع هؤلاء بتصفيق حاد. وتمتد الاشادة الى البلاد الشقيقة في افريقيا والوطن العربي والمجتمع الدولي العريض، وخاصة الى الذين تضافرت جهودهم في مناسبات عديدة لصنع السلام في السودان، أو تشجيع ودفع مبادرات السلام القائمة. من بين هؤلاء أشير الى مبادرتي السلام في أبوجا (أبوجا الأولى والثانية)، والمبادرة المصرية ـ الليبية المشتركة، ومبادرات الاتحاد الافريقي والجامعة العربية لاعادة تعمير ـ أو بالحرى تعمير ـ جنوب السودان. أذكر أيضاً بالعرفان بعض القادة المرموقين الذين عناهم كثيراً أمر السلام في السودان: الرئيسان النيجيريان اوباسانجو وبابنقيدا. الرؤساء موقابي (زمبابوي) وماسيري (بوتسوانا) ونجوما (ناميبيا) وشيسانو (موزمبيق) ومانديلا في الجنوب الافريقي. الرؤساء مبارك وقذافي وبوتفليقة في الشمال الافريقي. الرئيس السابق جيمي كارتر والراحل جيمز قرانت المدير السابق لليونسيف مبتدع برنامج شريان الحياة الذي أنقذ ارواح الملاين منذ انشائه في عام 1989. الرئيس الامريكي الحالي جورج بوش، ووزير خارجيته كولين باول، ومبعوثه الشخصي السناتور دانفورث، واعضاء مجلسي الكونغرس الامريكي. رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ومبعوثه الخاص الان قولتي. الامين العام للامم المتحدة ومبعوثه الشخصي محمد سحنون. ثم صديقة السلام السوداني الوزيرة النرويجية هيلدا جونسون وهي اليوم معنا كممثلة للدول الاربعة المراقبة للمفاوضات (الولايات المتحدة، بريطانيا، النرويج، ايطاليا). وأخيراً وليس أخراً قادة هذه المنطقة الذين أنشأوا مبادرة الايقاد: الرئيس الكيني دانيال اراب موي، اليوغندي موسوفيني، الاثيوبي ميليس زيناوي والاريتري اسياس افورقي.
    وفي الختام تحية لدول شرق أفريقيا المجاورة، تحية لقياداتها وشعوبها التي استضافت أهلنا. ونحن على ثقة بأن التعاون بيننا سيستمر في عهد السلام في عديد المجالات. ثم تحية خاصة للرئيس مواي كيباكي الذي يستضيف هذا الحفل، ولكل من عاونه من قادة الايقاد للوصول بنا الى بر السلام في بحر هائج متلاطم الامواج. والتحية في النهاية لشعب السودان بحسبانه صاحب المصلحة الحقيقة في السلام. شكراً لكم جميعاً ورعى الله السودان وافريقيا.


    الدكتور جون قرنق دي مابيور
    رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان
    القائد العام للجيش الشعبي لتحرير السودان


                  

06-15-2004, 04:50 PM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أول ترجمة مباشرة لخطاب الدكتور جون قرنق في حفل اعلان نيروبي (Re: خالد)

    الأخ خالد
    تحية طيبة
    هذه ترجمة رصينة ومبينة..
    هل ترجمتها أنت؟
                  

06-19-2004, 10:05 AM

خالد
<aخالد
تاريخ التسجيل: 02-02-2003
مجموع المشاركات: 856

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أول ترجمة مباشرة لخطاب الدكتور جون قرنق في حفل اعلان نيروبي (Re: Adil Osman)

    الاخ العزيز عادل عثمان

    نأسف للرد المتأخر !!! لا هذه الترجمة على ما اعتقد قد قام بترجمتها الدكتور منصور خالد ؟؟

    لك التحية
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de