بْرُوبَاغَانْدَا الفَرَحْ!

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 06:13 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-06-2004, 09:07 AM

sudania2000

تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4044

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
بْرُوبَاغَانْدَا الفَرَحْ!


    بْرُوبَاغَانْدَا الفَرَحْ!
    كمال الجزولى

    ساء صديقى الكاتب الصحفى عثمان ميرغنى ، أحد أشهر وأحصف الكتاب المعروفين بانتمائهم التاريخى لتيار الاسلام السياسى فى السودان ، حين خرج يتجوَّل فى شوارع الخرطوم بعد منتصف ليلة 26 مايو الماضى ، أن رآها هامدة فى مواتها المعتاد ، لا يحرك ساكنها التوقيع على بروتكولات السلام بين الحكومة والحركة ، وكان قد فرغ للتو من متابعة حفله منقولاً على شاشة التلفاز من ضاحية نيفاشا الكينيَّة ، ولا تنفجر جنباتها بمظاهر الفرح الجماهيرىِّ العارم والنشوة الشعبيَّة الغامرة إزاء الحدث الذى لم يجد له شبيهاً غير يوم (الاستقلال!) عام 1956 ، فكتب فى عموده الرائج (حديث المدينة) يقول: "كنا نتوقع بمجرد ما أذاع التلفزيون الحفل .. أن تنطلق الجماهير إلى الشوارع ويطلق سائقو السيارات أبواقها" ، ولكنَّ "الاحساس الشعبى لم يكن فى مستواه" ، أو كما قال (الرأى العام ، 28/5/04).
    وهكذا كان من المنتظر ، بإزاء هذه الحقيقة الموضوعيَّة التى كذبت توقعاته ، للأسف ، وخيَّبت آماله ، أن يُعدِّل الكاتب الكبير زاوية رؤيته ، ويُعيد ضبط عدساته ، لكى يستطيع ، على الأقل ، أن يبصر ما ورائيَّات هذه الحالة (الشاذة!) بشكل أفضل. ولكن يبدو أن حصافته المشهودة خانته هذه المرة ، إذ لم تهدِه ، للعجب ، إلى سبب واحد لهذا الهمود سوى أن ".. الاتصال الجماهيرى لم يكن فى قامة الحدث" ، وأن الاعلام قد قصَّر فى "بث حالة الفرح" ، على حدِّ تعبيره.
    ثم إنه سرعان ما استدرك ، لعلمه اليقينىِّ بحجم المخاوف التى ما انفكت تحتوش ثنائيَّة تلك المفاوضات وعناصر قصورها العديدة ، قائلاً: " .. مهما تخوف البعض من مرحلة مابعد السلام لكن متغيرات ما بعد الاتفاق ستفوق في حجم تأثيرها كل ماحدث في تاريخ السودان الحديث في نصف القرن الماضى"! وهو قول كان يمكن أخذه على محمل كثير من السداد لولا أنه ذهب به فى اتجاه التفكير الرغبى wishful thinking المعاكس تماماً لمنطق العلاقة المحتومة بين المقدمات المتوفرة وبين النتائج التى لا يمكن أن يترتب غيرها على ذات المقدمات!
    والأنكى أنه بنى مطالبه على هذا الضرب من التفكير قائلاً إنه ".. فى مثل هذه اللحظات من الأفضل أن ينشر الاعلام بشارات الفرح بأوسع ما تيسر. الفرح الشعبي في مثل هذه الأحداث واجب وطنى مهما كانت التحفظات ، لأن بث الأمل في الشعب في مثل هذه المنحنيات التاريخية لقاح ضد مخاطر الاحباط ، وحائط صد لكل المنتجات الثانوية التي يمكن أن تنتج من مستقبل أيام ما بعد السلام". ثم ما لبث الكاتب الكبير أن بلغ أفدح مطالبه خطورة بقوله الصريح: "ليس مناسباً إثارة أى مخاوف الآن. مخاطر الردة المعنوية كبيرة للغاية إذا شاع الاحباط. انشروا الفرح بقدر المستطاع فهو دواء وحصانة من كل الأمراض"!
    ومِمَّا يثير الدهشة لجوء الاستاذ عثمان لإصدار هذا الصنف من (الروشتات) التى تستدعى إلى الذاكرة ركن الوصفات المجانيَّة فى بعض الصحف أو الصباحيَّات الخفيفة فى بعض الاذاعات: "كن مرحاً بشوشاً وابتعد عن الاكتئاب فإنه ضار بالصحَّة"! سوى أنه وقع فى تناقض مُحيِّر حين قرَنَ نداءه الخاطئ هذا بقوله الآخر الصائب: "طريق السلام يحتاج لإرادة شعبيَّة تصنع الضغوط المطلوبة على الساسة حتى يعظموا شعيرة التسويات السياسية التي تتناصر على المصالح العليا للبلاد قبل الذات الحزبية الضيقة" (المصدر). حسناً! ولكنه لم يقل لنا كيف يمكن أن تتشكل مثل هذه (الإرادة الشعبيَّة) فوق كل هذا التلٍّ من (الوعى الزائف) الذى ينصح به؟!
    مكمن الخطر فى هذا النوع من التفكير ليس ، بالقطع ، (النوايا) القائمة فى (الاحسان) للرأى العام أو (الترفق) به كما قد يبدو للوهلة الأولى ، وإنما هو غالب طاقته على الانزلاق بديناميَّات العقل الانسانى من قمم (الحريَّة) إلى مهاوى (الاستتباع والارتهان) ، والانحدار بوسائط الاتصال الجماهيرى من قيمة (الاعلام) إلى ربقة (الدعاية والاعلان) ، فلا يضحى المطلوب فى مثل هذه الحالة رفد الرأى العام بمقوِّمات استنارته فى مواجهة أوضاع محدَّدة ، بل شحنه بأكبر قدر من التوجيه المعنوى (لخلق) الحالة الذهنيَّة والوجدانيَّة الجماهيريَّة التى تناسب حزباً ما أو نظاماً معيَّناً! وهى ، لذلك ، خطة كاسدة نضن بقلم (حقانىٍّ) مرموق كقلم الأستاذ عثمان أن يجترحها ، كونها لا تفضى فى نهاية المطاف ، بصرف النظر عن حسن النوايا ونقاء السرائر ، سوى إلى ضرب من (الفاشستيَّة!) فى النظر والعمل!
    أما (تحصين) الأمة ضد مشاعر (الاحباط) و(اليأس) فهو ، بالحق ، واجب مفكريها وكتابها وشعرائها وسائر مبدعيها الوطنيين ، فى كثير من اللحظات التاريخيَّة العصيبة ، بيد أنهم لا يتوسلون قط إلى ذلك بتغييب الوعى العام نهائيَّاً ، أو حتى بتخديره مؤقتاً ، وإنما ، على العكس تماماً ، بتسليحه بالحقائق الموضوعيَّة ، بالغاً ما بلغت مرارتها ، مع دعم الثقة بالنفس وإضاءة مسالك الخلاص كيلا تنبهم أو تغرق فى العتمة. وشتان بين هذا وبين تصوير السالب موجباً ، والأسود أبيضاً ، والمحزن مفرحاً .. الخ.
    إن تصوُّر الشعب قطيعاً يحتاج لأن تسوقه أجهزة (الدعاية) الرسميَّة propaganda كى تحشده فى سوح الاحتفالات لهو أمر ينطوى ، فى الواقع ، على كثير من سوء الظن بهذا الشعب ، مِمَّا يثير الجزع فى فكر هذا الكاتب المعروف بمصادمته للباطل ، ومنافحته عن الحق ، ودفاعه عن حريَّة الكلمة وديموقراطيَّة الخبر.
    لقد شبَّه حدث نيفاشا بيوم الاستقلال. ولئن كنا وقتها ما نزال ، بعد ، أطفالاً ، إلا أن الذاكرة ما تزال نديَّة حتى الآن بمشاهد (الفرح) الشعبى الحقيقى ، ومظاهر (الزهو) الجماهيرىِّ التلقائى ، حيث رأينا الناس يتزاحمون ، نساءً ورجالاً ، فى حوانيت الأقمشة ومحلات الحياكة ، منهمكين ، حتى الساعات الأولى من الصباح ، فى إعداد الآلاف من نسخ (العلم) القديم ، ينفقون عليها من حر مالهم كى يرفعوها فوق أسطح البيوت ، حتى استحال فضاء المدينة كله إلى نضرة ألوان ثلاثة زاهيات. ثم رأينا كيف هبُّوا باكراً يتعانقون فى موكب الحشر العظيم ، بالوجوه الوضيئة والعشم البهىِّ والهتاف المجلجل والدمع الهتون. ثم لم نرَ وراء شئ من ذلك (إعلاناً) يَدفع أو (دعاية) تسوق!
    وتكرَّر المشهد ذاته فى عمر جيل واحد مرَّتين: فى أكتوبر 1964م وفى أبريل 1985م. وفى كلِّ تلك المرَّات كان القاسم المشترك الاعظم هو .. (الاجماع الوطنى). ثم ها هو نفس الشعب ما تزال روحه معلقة بهذا (الاجماع الوطنى). غير أنه فرض عليه أن يتابع ، بمزيج من الملل والاشفاق ، مفاوضات السلام ، منذ بدايتها فى مشاكوس أواسط عام 2002م ، مقتصرة على تنظيمين لا ثالث لهما ، ولا يمثلان غير نفسيهما ، وحتى نهايتها فى نيفاشا عام 2004م ، بمساومات عجولة تمت لهوجتها تحت ضغوط الوسطاء فى الساعة الخامسة والعشرين، وفى سرادق كئيب جرى تأليفه خصيصاً لممارسة الضغط (!) فانتظم الطرفان تحته عابسين ، مقطبين، كقوم فى مأتم!
    فإن كان قد أسعد الشعب وقف إطلاق النار فى البداية أيَّما سعادة ، فإن كلَّ ما خلا ذلك شكل مصدر حزن له ، ومحل ارتياب ، بل ورفض من جانبه: ثنائيَّة المفاوضات ، ونفوذ القوى الأجنبيَّة فيها ، وإجبار كلِّ الأحزاب والقوى السياسيَّة ومنظمات المجتمع المدنى على مراقبتها من مقاعد متفرجى الدرجة الثالثة ، بل وتسقط أسرارها الشحيحة من أجهزة الاعلام العالميَّة ، فاستحالت إلى مادة لثرثرات المساءات المتثائبة ، وشائعات المؤانسات الماسخة ، وطغت ، إلى ذلك ، شنشنات (القسمة على اثنين) بين أجنداتها ، بينما آل إلى خفوت صوت (الديموقراطيَّة) و(المحاسبة) و(الوحدة) ، ثم اندلع حريق دارفور يلتهم ما تبقى من آمالها ، ويقضى على أدنى بارقة خير مأمولة فيها!
    فرح السلام الحقيقى يصنعه (الاجماع الواسع) لا (الأطماع الضيَّقة). ونتفق مع الكاتب تماماً فى أنه "يحتاج لإرادة شعبية تصنع الضغوط المطلوبة على الساسة حتى يعظموا شعيرة التسويات السياسية التي تتناصر على المصالح العليا للبلاد قبل الحزبية الضيقة". ولهذا السبب بالذات لا بد من أن يتسلح الشعب بالوعى ، غض النظر عمَّا يسبِّبه من حزن ، لا أن تتناصر أدوات (الدعاية) الرسمية على طمسه وتغييبه باصطناع فرح زائف!



    مقال لكمال الجزولي منقول البيان 13-2004



    لنفرح يوما و عساه فرحا حقيقيا ودائم
                  

06-06-2004, 11:24 AM

JAD
<aJAD
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4768

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بْرُوبَاغَانْدَا الفَرَحْ! (Re: sudania2000)

    .. شكراً سودانية ألفين على هذا النقل القيم ..

    .. أعجبني مقال الأستاذ كمال الحزولي لفظاً ومضموناً ..

    :::UP:::

    .. تحياتي ..

    جاد
                  

06-06-2004, 11:53 AM

sudania2000

تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4044

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بْرُوبَاغَانْدَا الفَرَحْ! (Re: JAD)

    تسلم جاد الجاد ...وين اراضيك؟؟؟
                  

06-06-2004, 11:52 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بْرُوبَاغَانْدَا الفَرَحْ! (Re: sudania2000)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de