|
|
 قراءة في انتخابات نائب رئيس حزب الأمة
|
انتخابات نائب رئيس حزب الأمة والحياد العصي
الصادق المهدي ما بين مادبو ونصر الدين وسارة.. خيار أم اختيار؟!!
قراءة تحليلية : ضياء الدين بلال وما ان تهدأ العواصف والرياح الترابية وتصفو مياه حزب الأمة وتنشط ابتسامة على وجه زعيمه الصادق المهدي وهو يتابع سباق الخيل بعد طول كدر وغم.. اذ سرعان ما يبدأ الرجل معركة اخرى في مواجهة ظروف صعبة.. واوضاع معقدة داخل حزبه الذي لم يسلم من زلازل الانقسام وامزجة التمرد وغيظ الحياد..!!
انتخابات نائب رئيس الحزب وخلافة الدكتور عمر نور الدائم وعراك محتمل على المنصب بين الدكتور آدم مُوسى مادبو ونصر الدين الهادي المهدي والاستاذة سارة عبدالله عبد الرحمن نقد الله تدفع بالاحداث داخل الحزب الى نقطة فصال فاما ان يخرج من الانتخابات بسلامة المؤسسة من الكسر والتشكيل وتزيين شكلها أو ان ينفرط العقد وينكسر المرق وتذوب الالوان فيزداد رصيد الاحزان في دفاتر الصادق الإمام..!!
الثلاث علي الخط
قرائن وادلة كثيرة تفيد ان الرجل يريد ان يقدم تجربة حزبية تبلغ مقام اطروحاته الفكرية.. ولا تتقاصر دونها او في اسوأ الظروف تمضى الى نقيضها.. فهو يريد ان يطابق القول بالعمل.. والواقع بالمثال ولكن الصعاب تستطيل امامه.. لقد فارقه صديقه عمر نور الدائم في طريق النيل الأبيض الخرطوم.. ونأي عنه ساعده الايمن مبارك الفاضل آخذاً معه من اخذ من قيادات وجماهير واوراق.. واعتزله عبد الرسول النور باحسان.. وعاد الدكتور إبراهيم الأمين لقيادته بهدوء مهذب.. وانشغل بكري عديل ببنك الصادرات ومرضي الكلي.. وظروف صحية قاهرة الزمت الامير نقد الله فراش المرض وازمات اخرى داخل الطقس جعلت محمد على المرضي وسبعين من اهله يقدمون استقالاتهم..!!
والآن الانتخابات علي منصب نائب رئيس الحزب قد تستدعى توترات اضافية ان لم تأت الرياح بما تشتهي سفن الزعيم.. المعلومات تفيد بتنافس مثلث (مادبو ونصر الدين وسارة) الدكتور آدم مُوسى مادبو الذي اوكل إليه الصادق المهدي منصب الانابة حتى انعقاد اجتماع المكتب السياسي للحزب آثار تعيينه الانتقالي جدلاً واسعاً في اروقة الحزب واستفهامات في خارجه..
مادبو وهندسة الصراع
فمادبو ظل لسنوات طويلة تنتاب علاقته مع الصادق المهدي تثير من التوترات والمشادات التي كان يحرص الرجلان على الا تقطع ما بينهما.. فقد كان مادبو في السابق يأخذ على الصادق المهدي تقريبه لعمر نور الدائم ومبارك الفاضل وادخالهما في اضيق دوائر اتخاذ القرار وتركه هو خارج تلك الدوائر في فترات متلاحقة.. ولقد حاول مادبو في السابق ان يلعب على ورقة موالاة الجزء الثاني من الحزب السيد أحمد المهدي وابناء الامام الهادي وكان لا يمضى بعيداً بهذه الورقة.. ولكنه ظل داخل الحزب محتفظاً لنفسه بمساحة حركة ذاتية.. فعندما كان حزب الامة في المعارضة المسلحة ومقارعاً للانقاذ في الداخل إلتزم مادبو مكتبه بشارع البلدية منصرفاً لنشاطه الهندسي المعماري لا يلقى على الانقاذ حجراً ولا يصده عنها.. وعندما ترك الحزب السلاح مضى في مسالمة الحكومة والتفاوض معها على المشاركة في الحكم استل مادبو سيفه واصبح اكثر الرافضين للمشاركة والناقمين على الانقاذ..!!
ورغم مفارقة الموقفين الا ان الرجل ظل صوتاً مؤثراً داخل الحزب يصعب اسكاته.. ومثل مرتكز استقطاب لعدد مقدر من ابناء غرب السودان.. خاصة وان اسرته من الاسر ذات النفوذ الكبير في دارفور ويتميز الرجل بهدوء ماكر ومعرفة ماهرة بتكتيكات ادارة الصراع ويعتمد في نشاطه الحزبي والاقتصادي على ابنه المهندس مادبو وهو شاب في منتصف الثلاثينيات تلقى دراسته للهندسة بأمريكا تميزه شخصية قوية ومصادمة تؤدى ما يترفع الاب عن ممارسته في لحظات المواجهة والصراع ولقو برزت خصائص الشاب في قضية المشاركة ومنازعة تيار مبارك الفاضل..!!
وقد كانت اسرة مادبو تجد في السابق منافسة من اسرة عقيل التي تمثل مع اسرة مادبو ثنائية اكبر اسرتين في قبيلة الرزيقات داخل حزب الأمة.. وبعد ان ذهبت اسرة عقيل مع مبارك الفاضل تمددت في مساحتها اسرة مادبو في حزب الأمة «الصادق المهدي».. وزاد بذلك نفوذ آدم مادبو داخل الحزب لانه اصبح النافذة الوحيدة للرزيقات بعد اغلاق نافذة عقيل.. وعندما دخل آدم مادبو في منافسة مع عمر نور الدائم وبكري عديل علي منصب نائب لرئيس الحزب في المكتب السياسي لحزب الأمة استطاع ان ينتزع ثلاثين صوتاً بينما فاز نورالدائم بخمسة وخمسين صوتاً وعديل بثمانية اصوات..!!
وعندما اختاره الصادق المهدي لمنصب الانابة الانتقالية برر ذلك بان مادبو من اكبر القيادات سناً.. وهو قبل ذلك حظى بالمرتبة الثانية في انتخابات المكتب السياسي بعد المرحوم نور الدائم لذلك هو الاوفق للمنصب..!!
وفسر البعض ذلك الاختيار بأنه محاولة من الصادق المهدي لكسب قيادي مثل مادبو لجانبه في وقت ابتعد فيه عدد كبير من القيادات.. او علي اقل قدر ان يصبح المنصب وسيلة لامتصاص ثورية مادبو ومفاجآته..!!
نصرالدين .. العودة الي المقعد
اما السيد نصر الدين الهادي المهدي الذي من المتوقع ان يكون المرشح الثاني لمنصب نائب رئيس الحزب ذلك المنصب الذي كان يشغله من قبل في الديمقراطية الثالثة التي كان من ابرز الناشطين فيها ولعب دوراً كبيراً في الحشد المالي والجماهيري للحزب في فترة الانتخابات وهو من السياسيين الذين يجيدون اللعب بعيداً عن الاضواء الكاشفة حيث كثيراً ما كان الصادق المهدي يوكل إليه بعض المهام ذات الطبيعة الخاصة.. فالرجل له علاقات مميزة بدوائر خارجية عديدة.. وله صداقات واسعة في اوساط رجال الاعمال.. وهو الوحيد من ابناء الامام الهادي اختار الوقوف في صف الصادق المهدي مفارقاً اخوته في ذلك.. وله علاقات وثيقة بدوائر الانصار.. ولقد تراجع دور نصر الدين كثيراً بعد صعود مبارك الفاضل في بداية العمل المعارض ضد الانقاذ حيث كان مبارك يلعب في نفس مساحة نصر الدين ويتفوق عليه بجسارة الاقتحام.. قد يكون ذلك هو السبب في توتر علاقة الخال مبارك الفاضل بابن اخته نصر الدين في كثير من منعطفات العمل التنظيمي والغريب في الأمر ان نصر الدين الآن احد قيادات حزب الأمة التي تقود التفاوض مع حزب المؤتمر الوطني بعد ان اغلق هذا الملف على اثر ازمة مبارك ومجموعته!! اذن نصر الدين من خلال هذه الانتخابات يريد ان يستعيد منصبه السابق كنائب لرئيس الحزب.. ويريد ان يستعيد المساحات التي كان يشغلها مبارك الفاضل قبل خروجه بحزبه الفيدرالي.. وقد تكون للرجل مطامح اكبر من ذلك بكثير.. خاصة وانه حاز في آخر انتخابات على اعلى الاصوات في انتخابات المكتب السياسي في الهيئة المركزية للحزب..!!
سارة واحدي الحسنيين
اما المنافس الثالث وهو مفاجأة المعركة الانتخابية هي الاستاذة سارة نقد الله وهي سياسية من طراز فريد حيث تجمع في شخصيتها جسارة آل الامير نقد الله واقتحاميتهم التي توصف بالشراسة السياسية.. وتجمع على ذلك رزانة اكاديمية ومنطقاً رياضياً فصيحاً.. فهي خريجة جامعة القاهرة فرع الخرطوم 1978م بكالريوس علوم رياضيات وحاصلة على ماجستير في الرياضيات التطبيقية من جامعة الخرطوم وهي الآن تعمل بالتدريس بجامعة ام درمان الأهلية.. وتشغل الآن منصب مساعدة رئيس الحزب وكانت الناطقة باسمه.. والاستاذة سارة نقد الله التي لها بحوث واوراق حول ضرورة مشاركة المرأة في اماكن اتخاذ القرار وعن المشاركة السياسية للمرأة السودانية.. قد تطرح نفسها في معركة تنافسية على منصب نائب رئيس الحزب لاختبار مدى رسوخ مفاهيم التحديث داخل الحزب بالتقليدية..وهل سيسمح لامرأة بأن تنوب رئيسه على ادارة الحزب..!!
وقد تتعاظم فرص سارة بالفوز باحتمال صحة مايروجه البعض بانها المرشحة التي يساندها رئيس الحزب الصادق المهدي لاعتبارات متعددة.
اولها: الصادق يريد ان يقدم دليلاً علي مصداقية حركة التحديث داخل الحزب.
ثانيها: الصادق بذلك سيخرج من حرج ان يأتي برجل ثان من بيت المهدي كنائب له (نصر الدين الهادي) مما قد يقوى حجج الذين يتهمون حزب الامة بالاسرية.. ويبعد في الخيار الثاني مادبو من ذلك المنصب خوفا من مفاجآته ومشاكساته التنظيمية..!!
ثالثها: قد يكون الصادق يريد اعادة الاعتبار لاسرة نقد الله بعد ان اتهم من البعض بانه ساند الدكتور عبد النبي علي أحمد على الامير نقد الله في انتخابات منصب الامين العام.. والتي لم تمض اسابيع عليها حتى اصبح الامير طريحاً للفراش الى هذا اليوم.. تلازمه شقيقته سارة التي انخفض عطاؤها التنظيمي في الفترة الاخيرة.. مما اعتبره البعض موقفاً مبنياً على خلفية ماحدث في الانتخابات الاخيرة!!.
من المرجح اذا تم ترشيح سارة في انتخابات نائب رئيس الحزب.. ان تجد مساندة قوية من المتعاطفين مع الامير طريح الفراش ومن مجموعات تقدر لسارة دورها في العمل المعارض ودخلوها عدة مرات معتقلات الانقاذ في بداياتها.. واذا لم تفز سارة فستكون منافستها في الحد الادنى مؤشراً لتحولات داخل الحزب وقد تلعب دوراً غير مقصود في فوز او هزيمة احد الطرفين (مادبو ونصر الدين) لما سيذهب إليها من اصوات.. كل هذه التوقعات تقيم سيقانها علي احتمال انعقاد اجتماع المكتب السياسي لحزب الامة في موعده المحدد ودخوله في الانتخابات المباشرة ما لم يتم تأجيلها او ان تأتي رياح الخريف بما هو جديد ومفاجئ..!!
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست