|
|
 من الأدب النيجيري:الخبيزة الأرجوانية للكاتبة تشيماماندا نغوزي أديتشي
|
الخبيزة الأرجوانية
تأليف :تشيماماندا نغوزي أديتشي
من وجهة نظرها كمؤلفة تبدو إفريقيا كلها حاضنة خصبة للأقلام المبدعة التي لا تنقصها غير الفرصة المواتية لإخراج مشروعاتها بالصيغة المناسبة ، رواية ، قصة ، شعر ، المسرحية وحتى النقد. مما يعزز هذه المقولة المفارقات الكثيرة التي تمتلئ بها حياة أي إنسان عادي في هذه القارة.
وهي تقول عن حياتها الشخصية « على الرغم من أنني ولدت بعد انتهاء الحرب بسنوات ، إلا أن أبوي عاصرا تلك المرحلة ، والواقع أن ما جعلني مفتونة بقصص الحرب وبتوثيقها في أعمالي القصصية هو في الغالب القصص التي كنت أسمعها منهما. لقد ولد شقيقي (تشكس) أثناء الحرب ، وبعد يوم من خروجهما هو وأمي من المستشفى ، دمر سقف المستشفى إثر انفجار قنبلة.
وإذا كان مشهد الحرب واحداً من تلك المشاهد التي تكاد لا تفارق ذاكرة إنسان القارة الإفريقية، فإن مشاهد تتعلق بمتلازمات مدمرة أخرى هي الاستبداد الذي تجسده كل من السلطة السياسية والأبوية وعدم الاستقرار على الصعيدين السياسي والثقافي الديني الناجم عنه تظل هي الشيء الأكثر رسوخاً في الذاكرة الحية حتى بالنسبة لمن يحتل موقعاً زمنياً وجغرافياً خلفياً
كذلك الذي تحتله نغوزي التي تعيش منذ سنوات طويلة في الولايات المتحدة والتي تعودت منذ طفولتها على أن يكون أبطال قصصها من الذين كانت تقرأ عنهم في الكتب، أشخاص من ذوي البشرة البيضاء والعيون الزرقاء، ممن يأكلون التفاح وينعمون بفصل الشتاء قبل قراءتها رواية مواطنها النيجيري شينوا أتشيبي.
«الخبيزة الأرجوانية» رواية تميط اللثام عن الوجه الحقيقي للحياة ، وتحديداً الوجه القبيح منها الذي تشوهه الأوضاع السياسية والثقافية. وتقع أحداث هذه الرواية في إحدى المدن النيجيرية الصغيرة الواقعة إلى الجنوب الشرقي، في مرحلة سابقة لأحد الانقلابات العسكرية ،
حيث يسلط الضوء على حياة عائلة ثرية صغيرة مؤلفة من أربعة أفراد تعيش في أحد الأحياء الراقية ، الأب شخصية متسلطة في محيطها الداخلي ، متملقة متظاهرة بعمل الخير خارجه، الأم والأبناء شخوص مقهورة. في أعقاب الانقلاب العسكري يتورط الأب في مشكلات سياسية فيرسل ابنته كامبيلي «14 عاماً» وشقيقها إلى منزل عمتهما الأرملة في إحدى المناطق البعيدة حيث تقيم هي ووالده العجوز.
بعيداً عن سلطة الأب تشعر كامبيلي بالتحرر من القيود المفروضة عليها فتقارن بين حياتها السابقة وحياتها الجديدة التي تسمح لها بممارسة انشطتها في أبسط صورها، وهي التحدث إلى الآخرين بحرية ومشاركتهم الضحك والشعور بالبهجة. وسط هذا الاحتفاء بالحياة تسعى إلى إقامة علاقات طيبة أهمها علاقتها بجدها العجوز غير المنسجم مع أبيها وعلاقة أخرى خارج محيط الأسرة الجديدة تربطها بصلة عاطفية مع شخص له رسالته الروحية.
تصل أحداث الرواية إلى أكثر أحداثها دراماتيكية عندما يعود الأب بطفليه إلى المنزل لكي يصطدم بتمرد ابنه وصلة ابنته بجدها « الوثني» مما يقوده إلى إيذائها جسدياً، وفي أعقاب إدخالها المستشفى تعمد الأم إلى قتله بالسم التهمة التي لا ينقذها منها سوى إدعاء ابنها ارتكابه الجريمة ودخوله السجن.
بدوره يتغير المشهد السياسي بفعل مؤامرة انقلابية جديدة مؤثراً في هذه المرة على حياة العمة إفيوما، الأستاذة الجامعية، التي تفقد وظيفتها، ثم تغادر نيجيريا متوجهة هي وأطفالها إلى الولايات المتحدة. وتنتظر كامبيلي وأمها لحظة الإفراج عن شقيقها جاجا وسط شعور غامر بالبهجة لا يمكن تجريدهما منه.
على المستوى السردي تتبنى الرواية صيغة ضمير المتكلم حيث الصوت الذي يرافقك على امتدادها هو صوت الشخصية الرئيسية كامبيلي ، الواقعة تحت السيطرة العائلية ، التي يحتكرها الأب المتسلط ، والتي لا يتسنى لها معرفة الحقائق إلا في وقت متأخر يتزامن مع تفتق أولى مظاهر أنوثتها ما يتيح لها فرصة المقارنة بين الحياة في بين أفراد أسرتها والحياة في منزل قريبتها الأستاذة الجامعية المتحررة ، لتدرك ما تعنيه البهجة.
تثير صورة كامبيلي الفتاة التي تعيش لفترة طويلة حبيسة مشهدين ، مشهد جدران منزل أسرتها الفخم المتعالية ومشهد الأشجار الطويلة الكثة المنظر الوحيد الذي يمكنها أن تطالعه من خلال نافذة غرفة نومها الشعور بالقهر وبمحدودية عالمها الخاص الذي لا تجرؤ في أثناء وجودها فيه حتى على البوح أو الإفصاح عما يجول بداخلها.
شخوص الكاتبة النيجيرية الشابة تبدو كلها شديدة الأهمية بالنظر إلى العناية الدقيقة التي توليها إياها لكي تظل متطورة ، قريبة باستمرار من مركز الأحداث. الأب ، المنتمي في الأساس إلى الطبقة الفقيرة ، يتحول مع الوقت إلى رجل ثري يدير مصنعاً مملوكاً له وصحيفة ثورية ناطقة باسم المعارضة الأهلية للحكم العسكري. بفعل انتماءاته الكاثوليكية المتطرفة ، يتمادى في فرض سلوكه السادي على زوجته وأطفاله ،
يتمثل هذا السلوك في فلسفة الخطيئة التي يعاقب عليها بالضرب كل من يتأخر في ترتيبه الدراسي والترهيب الكريه من عذاب الآخرة والمبالغة في تأدية الواجبات الدينية. وعلى العكس من صورته في الداخل تلقى صورة الأب خارج بيته صديً مختلفاً ، حيث يلتف حوله الناس بوصفه رمزاً اجتماعياً اقتصادياً مهماً «رجل الشعب » كما يسمونه.
في تعليقه على الرواية يقول كريستوفر هوب المحرر الثقافي بصحيفة «ديلي التلغراف» انه على الرغم من أن تشيماماندا نغوزي أديتشي تكتب عن نيجيريا ، البلد الذي يكاد لا يعرف الكثير إلا عن الإنقلابات وهوس السرقة منذ حصوله على الإستقلال ، إلا أن روايتها عابرة للحدود لأنها في الحقيقة قصة ذات مغزى يتعلق بالحب في زمن الإرهاب..
إن «الخبيزة الأرجوانية» رواية تعالج بشكل جميل قصة الاهتياج الشخصي الذي يجتاح في الصميم فتاة صغيرة تواجه الفحش العلني المألوف للسلطة المستبدة ، إن اديتشي صوت جديد مفعم بالحيوية يولد في إفريقيا».
وإذا كانت تبدو كذلك من وجهة نظر الآخر فمن وجهة نظر أخرى تبدو كما لو أنها لم تختر الكتابة بقدر ما اختارتها الكتابة نفسها. والمتتبع لذلك يرى أنها اختارتها في سن مبكرة ، وعلى حد تعبيرها منذ أن أصبحت قادرة على تهجئه حروف اللغة ، حيث الممارسة التي تحمل على الشعور بالرضا عن النفس
وهو ما قد يبدو اسطورياً بعض الشيء بالنظر إلى كونها تبدو ممارسة أكبر من عمرها. إحدى قصصها المهمة تحمل عنوان «الانتقال إلى الألق » هذه القصة تجسد حالة من التأمل في مشكلات كثيرة منها مشكلة الحب ، والمعايير المزدوجة التي يتعامل من خلالها المجتمع النيجيري مع المرأة ، بغية الوصول إلى إجابات لأسئلة يتم طرحها مثل... إلى أي مدى نسهم نحن النساء الإفريقيات في المشاركة في هذه المشكلات؟...
ما مدى استعدادنا للموافقة والقبول بما يفرض علينا. ولماذا ؟
الواقع أن قارئ أديتشي يمكنه تفسير موضوعاتها على أنه يمكن النظر إليها كموضوعات عادية يمكن لأي شخص لا سيما في منطقة تشهد صراعاً مستمراً مثل نيجيريا أن يتعرف عليها بسهولة من خلال معايشته اليومية لأشياء كالنفي والسجن ومشاهد العنف التي تعلن عن نفسها صراحة والأحاديث الهامسة للأهل، التي تدور في أغلبها حول ممارسات السلطة اليومية ، كما يمكنه من جانب آخر أن يفسرها على أنها تجسيد شاعري لكابوس رهيب لايمكن أن تجسده سوى موهبة روائية استثنائية.
حقائق عن تشيماماندا انغوزي أديتشي
ـ تشيماماندا انغوزي اديتشي (1977)، روائية وقاصة نيجيرية واعدة تحظى أعمالها باهتمام كبير داخل بلادها وخارجها.
ـ نشأت في إحدى المدن الجامعية الصغيرة،مقر عمل والديها المحاضرين بجامعة انسوكا. بعد إتمامها الدراسة الثانوية التحقت بجامعة كونيكتيكت بالولايات المتحدة لدراسة وسائل الإتصال والعلوم السياسية.
ـ تفتحت موهبتها في التأليف القصصي والمسرحي في سن مبكرة. ونشرت أعمالها القصصية في العديد من الملاحق الثقافية المعروفة في الصحافة الكندية والبريطانية والأمريكية. تناقش أعمالها الموضوعات السياسية الملحة في بلادها وفي مقدمتها القضايا السياسية، قضايا المهاجرين والنفي وانعدام الاستقرار السياسي إضافة إلى تسليط الضوء على أوضاع المرأة والتسلط الاجتماعي.
ـ رشحت مجموعة من أعمالها للفوز بجوائز أدبية، جائزة كين للإبداع الإفريقي، جائزة أورانج للإبداع النسائي عن رواية «الخبيزة الأرجوانية».
ـ حائزة على جائزتي البي بي سي للإبداع القصصي، و رابطة إذاعات الكومونولث.
ـ أهم أعمالها قصة «نصف شمس صفراء» وقصة «الانتقال إلى الألق»، بالاضافة الى رواية «الخبيزة الأرجوانية».
الكتاب: الخبيزة الأرجوانية
الناشر: دار فورث إيستيت ـ لندن 2004
الصفحات: 320 صفحة من القطع الكبير
Purple Hibiscus
Chimamanda Ngozi Adichie
Fourth Estate - London 2000
p.320
http://www.albayan.ae/servlet/Satellite?cid=10870718960...%2FFullStyle3&c=Page
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست