مقتطفات من كتاب .. الرقص مع البوم .. غادة السمان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 02:24 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-11-2004, 02:45 PM

humida
<ahumida
تاريخ التسجيل: 11-06-2003
مجموع المشاركات: 9806

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مقتطفات من كتاب .. الرقص مع البوم .. غادة السمان

    منذ عشرين عاما كتبت غادة السمان في كتاب غربة تحت الصفر مقالة عن البوم اسمها ..

    لماذا يتشائم البوم منا؟

    و بعد مرور هذه السنون العشرين اتحفتنا غادة السمان الكاتبة السورية الكبيرة بكتابها الرقص مع البوم و هو ربما نتاج احلام كثيرة راودتها لان تقدم هدية لهذا المخلوق الجميل
    قبل ان اقدم لكم كتاب الرقص مع البوم و هو كتاب رائع جدا ساقوم باطلاعكم على نص المقالة التي كتبتها غادة السمان قبل عشرين سنة و اليكم نص المقال ..

    في عطلة كل اسبوع اهرب من باريس و بعض الاصدقاء اللبنانيين الى بيت ريفي جميل المزرعة تملكه اسرة عربية صديقة
    و ما نكاد نصل الى ذلك المكان الخلاب حتى تغادره عشرات البوم الى الغابة المجاورة و لا تعود الا بعد ذاهبنا الى اعمالنا و بيوتنا فجر الاثنين !
    ظاهرة غريبة لاحظتها الاسرة العربية و لم تجد لها تفسيرا فهي كمعظم جيرانها من المزارعيين الاوربيين تحرص على اقامة البوم عندها في اقفاص خاصة مفتوحة لفوائده في مكافحة الافاعي و الجرذان و الحشرات الضارة بالنبات و الانسان
    قلت لاصدقائي اللبنانيين لعل البوم صار يتشائم منا و لا يطيق رؤية وجوهنا المشؤومة نحن اللذين احرقنا بلدنا و دمرناه و خلفناه خرابا اين منه الخراب المنسوب الى البوم زورا و ظلما ؟

    لا اذيع سرا اذا قلت انني لا اكره البوم لا اتشائم منه و لا اتفائل به و اجده طائرا جذابا بعينيه الواسعتين اللامتزلفتين و احبه كما احب بقية مخلوقات الله
    و صحيح ان بعض الناس تعارف على بغضه لاسباب غبية غامضة لكن ذلك زادني حبا له و شفقة عليه من كرهنا و تحاملنا الغيبي السلفي المتوارث المتجسد في مظاهر كثيرة ابسطها البوم

    و يوم تزوجت حملت معي الى بيت زوجي اربعين بومة على الاقل كنت قد اشتريتها ايام الدراسة و التشرد في اوربا لوحات و تماثيل صغيرة و متوسطة من العاج و الرخام و الخشب و السيراميك و حرصا على مشاعر اسرة زوجي سجنتها في غرفة نومي بعدما استشرت زوجي بخصوص عواطفه نحوها و قبوله بها و صمت فاعتبرت الصمت علامة الرضا !
    و استراحت بوماتي من التشرد بعد زواجي و عشنا في سلام زوجي و انا و البوم و رغم اخفائي لها في غرفة نومي كالعشاق في السينما شاع و ذاع و ملأ اسماع العائلة خبر وجودها و لم يفاتحني احد بامرها بعدما انجبت صبيا بالرغم من وجود ( النحس ) في مخدع الزوجية !

    و في الحرب زارنا صاروخ احرق الجناح الايمن من البيت و اتى عليه و جاء اعمام زوجي يتفقدوننا و قال لي احدهم بلهجة نصف مازحة : بومك احرق القصر ! و كم كانت دهشتهم كبيرة حين فوجئوا بان النار توقفت عند حدود غرفتي المسكونة بالبوم رغم الستائر السريعة الالتهاب ( و الخيمة و الديكور ) التي نصبتها في السقف العالي للغرفة لانني لم اكن قد الفت الاستقرار في البيوت بعد فوجدت في الخيمة ما يشبه الحل الوسط …
    و مما زاد في دهشتهم ان دخان الحريق الذي لمس باصابعه الرمادية كل مافي البيت من سجاد و تحف لم يترك حتى بصماته على بياض الستائر و الخيمة و بعض البوم
    لقد احترقت مكتبتي و غرفة المطبخ و جناح العاملات المنزليات و تحجر الدخان و النار عند عتبتي
    و قلت للعم الحبيب : لو كنت اتفائل بالبوم لقلت لك انها هي التي حمت بقية البيت من الحريق !!!!

    اعلنوا الحرب فاعلنت الحب و قلت لناشري السابق : اريد ان اضع على غلاف كتابي ( اعلنت عليك الحب ) صورة بومة قال " ستنحسين " الكتاب و القراء و الحب
    قلت له : الحب لا ينقصه النحس اما القراء فلا تتدخل بيني و بينهم
    و هكذا كان و طارت الطبعة الاولى في اشهر مثل بومة ليلية و طارت الطبعة الثانية رغم غلاف البوم الذي تابعت اصراري عليه و طرت انا من ناشري و اسست دارا للنشر و جعلت شعارها البوم فتكاثرت كتبي و طبعاتها و تناسلت و كانت سبعة كتب فصارت عشرين كتابا باستثناء – ليلة المليار – و اربع مخطوطات في خزانة بنك تنتظر دورها للنشر و عشرة كتب داخل راسي و ( نوطاتي ) ولو كنت اتفائل بالبوم لقلت ان وجهها خير لكنني لن اسقط في فخ التفاؤل و التشاؤم بل التحدي للافكار البالية المتوارثة

    و بعدما حملت منشوراتي البومة كشعار انهال البوم علي من كل حدب و صوب كل صديق يرحل الى اوروبا و يرى بومة يتذكرني و يهديني اياها كل صديقة تطالعها لوحة بومة لا تبخل بها علي و لحسن الحظ ان احدا لم يفكر بان يحمل الي بومة حية و الا لكان على ان اعيل جيشا من البوم (باستثناء صديق اتى بها من البقاع حية و توسلت اليه ان يعيدها الى اهلها و يجنبها شؤم الغربة !) و صديق اخر اهداني ثلاث بومات محنطات بصورة متقنة حتى ليخيل الي انهن يطرن بعد ان انام ليتابعن حياتهن السرية الليلية مع كائنات اشعة القمر …

    و صرت اقطن بيتا مع حوالي 275 بومة اخرها من الكريستال الشفاف حملتها من روما ابنة عم زوجي كرمز لعدم اضطهاد ( الاسرة ) لمزاجي لكنني واجهت مشكلة جديدة : الاطفال يرثون على الكبار مخاوفهم و نزعاتهم التشاؤمية و رفاق ابني يخافون من البوم و يحدقون فيه بعيونهم الطفلة بذعر
    و اعلنت حالة الطوارىء و تم ( تهجير ) البوم كله الى غرفة المكتبة بعد منع التجول فيها…مع الصغار لا نقاش و انما اوامر تنفذ ( هم بالطبع يصدرون الاوامر )

    و في مرحلة الحصار الاسرائيلي لبيروت و القصف البحري دمرت المنطقة المحيطة ببيتي تقريبا لانها تشرف على البحر و اصابت الصواريخ كل مبنى محيط بي باستثناء بيتي و تحطم الزجاج في غرفي كلها باستثناء غرفة المكتبة التي يقطنها بومي المهجر المشرد
    و رغم ذلك لم اسقط هذه المرة ايضا في فخ التفاؤل بالبوم الذي يرادف التشاؤم به و انما حمدت الله الذي حماني من ألسنة بعض الاصحاب فيما لو اصابت البيت قذيفة ..هل كان ثمة ( متهم ) غير البوم ؟
    هل كان احد سينحي باللائمة على سواه كاسرائيل مثلا ؟

    صحيح ان احدا لم يرى بومة تقف على حاجز و تمتشق السلاح و تختطف الابرياء و تذبحهم على الهوية لكن الناس ما زالوا يتشاءمون بالبوم بدلا من التشاؤم ببعض زعمائهم الذين قادوهم الى الخراب
    صحيح ان احدا لم يرى بومة تحمل بندقية "ام16 " و تقنص الناس من على السطوح و لا بومة تدلي ببيان و تدلي بعكسه و تنهي عن خلقه و تاتي مثله و لكن الاكثرية ما تزال تتشاءم من البوم بدلا من التشاؤم من الطائفية و حب السيطرة و شهية الافتراس و العنف و التدمير العبثي
    و اذا كان البوم رمزا للخراب فقد سرقنا اللقب منه بجدارة فخرية …

    هذه السطور اخطها لكم في البيت الريفي اياه الليلة ايضا ما كدت اصل الى المزرعة و اصحابي اللبنانيين الاحباء حتى غادرها البوم هاربا لا يلوي على شيء

    ترى هل انقلبت الآية و صار حتى البوم يتشاءم منا ؟ و هل نلومه ؟…

    انفلور 24/11/1984
                  

07-11-2004, 02:56 PM

humida
<ahumida
تاريخ التسجيل: 11-06-2003
مجموع المشاركات: 9806

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقتطفات من كتاب .. الرقص مع البوم .. غادة السمان (Re: humida)

    اسم الكتاب : الرقص مع البوم
    الكاتبة : غادة السمان
    الطبعة الاولى : شباط 2003
    رسوم الغلاف : الفنان حسن ادلبي
    الناشر : منشورات غادة السمان
    جميع حقوق الطبع محفوظة لمنشورات غادة السمان
    بيروت لبنان

    -----------------------------------------------

    الى اللذين لم يقتلعوا عيونهم ليزرعوا مكانها العين المكرسة لـ " القبيلة "
    الى اللذين يتحدون الاقاويل المتوارثة عن الشؤم و الخير و الشر و الحب و الحرية بعيون جديدة
    الى اللذين لا يخلطون بين المحنط و التراثي و بين الخرافة و المقدس
    الى الذين يرفضون ان يكون عقلهم من ضحايا العبودية للافكار السائدة و يصرون على اعادة النظر في كل شيء كما لو كان الكون جديدا في كل لحظة ( وهو كذلك )
    الى المبدعين العرب النادريين الذين يرون البوم طائرا اخر من مخلوقات الله و يرفضون التطير
    و الى المبدعين الغربيين الكثر الذين يرون استوحوا جماليات البوم
    اليهم جميعا و الى العينين الجميلتين الواسعتين لذلك المخلوق البريء الذي اسيء فهمه و كثر التحامل عليه ..
    الى محبوبي البوم !

    غادة السمان



    هل شاهدت مرة بومة في سيرك ؟
    انها مخلوق يستعصي على التدجين
    و يرفض التسول العاطفي و منطق اللعبة الاستعراضية
    هل شاهدت بومة تحاول اضحاك احد
    او جره الى مداعبتها ككلب زينة يهز ذيله ؟
    هل شاهدت مرة بومة مستقرة في قفص تغرد لذلها ؟
    هل عرض عليك احد شراء بومة من سوبر ماركت المخلوقات الداجنة
    البومة لا تباع
    لكنها تحلق الى ما تحب و من تحب افلا تحبها ؟



    صليت كي تبزغ الشمس و حين بزغت احرقتني
    رعيت سنبلة و حين كبرت اكلتها و سممتني
    هتفت باسم الحرية
    و حين اطلت عربات تحمل الويتها دهستني !
    انا بومة الخيبة
    غدر بي كل من احببته
    وظف نفسه ناطقا باسمي بعدما كممني
    و ها انا في العراء بلا عزاء
    انشد طوال الليل احزاني
    و فوق ذلك يتشاءمون مني !



    اتسخ اصبعي بالحبر فصار اسود
    غمست اصبعي الثاني في البحر فصار ازرق
    لامست القمر بالثالث فصار فضيا
    هدهدت خد الغابة بالاصبع الرابع فصار اخضر
    وضعت الخامس على شفتيك كي تصمت و لاتقول لي انك تحبني
    فصار اصبعا من ضوء
    غمسته في العسل و كتبت لك به على المرآه:
    حبك عيدي و عيناك قدري الى ابدي
    عند الفجر شاهدت المرآه و قد كتبت لي بالهباب الاسود :
    يا لك من كاذبة صادقة ككل الحمقى العشاق …



    في قلبي متحف لادوات القتل التي اشتهيت مرات و مرات ان اقتلك بها …
    امشي الى لقائك
    و اخفيها في صدري كمقبرة سرية لا تضم الا قبورا لك



    ثمة مصاص دماء لطيف نتغزل به جميعا و ندين له بالولاء اسمه الحب
    اصيب بالهياج في طفولته
    و اصيب بالجنون في مراهقته و بالفتور في كهولته
    اصيب بفقدان الذاكرة في شيخوخته
    لكنه ما زال يحكمنا …



    لماذا احبك ؟
    لان كل الاسماك المجلدة الممدة في برادات السوبر ماركت تعود الى الحياة حين تراك و تطير عبر النوافذ الى الفضاء
    لتسبح من جديد و لكن في برك الغيوم
    فهل يدهشك ان اشتعل حياة بحضورك في حياتي ؟



    قلت لي : الحب خط مستقيم هكذا
    و رسمت خطا فوق البحر
    و لحظتها ولد الافق !
    للظلام فضل على حبنا
    فلولاه لما عشقت ضوء حضورك في عتمتي



    حين حطت الذبابة على صورة " الرقم 1 " الهائلة الضخامة
    في الساحة العامة ارتجف الحارس غضبا منها و اطلق عليها النار
    و شنقوه قبل ان يشرح لهم حقيقة ما حدث...



    الصعب كان التهام التفاحة الاولى
    و بعدها التهمنا التفاح كله حتى الضجر
    ثم التهمنا شجرة التفاح بادمان من لا يدري لماذا ثم هرولنا الى السوبر ماركت
    و اشترينا "تنكات" التفاح المعلب و بتاريخ صلاحية واضح !



    اتذكر دائما تفاحة البراءة الاولى في بيتي الحجري في دمشق
    بيتي باحجاره الحية التي تتنفس ليلا في الظلام و تتنهد سرا و لا يسمعها غير ساكنيها
    فللجدران قلب و اذن !
    اتذكر ان حجارة البيت انتحبت طويلا ليلة رحيلي عن دمشق
    وحدها كانت تعرف انني لن اعود و كان صوتها نواح قبيلة من البوم



    حين اكون وحيدة في البيت اسمع اصواتا تخاطبني و اتحاور معها و صوتها يشبه كثيرا صوتي
    بل يخيل الى احيانا ان صوتها هو صوتي لكنني لست متاكدة من ذلك
    لا لست مجنونة
    فانا اعرف كيف اغلق عليها الباب جيدا بالمفتاح حين اغادر بيتي !!



    لأسليك تعلمت كيف اقف على راسي في السيرك و كيف اركض في الحلبة بثياب مهرجة
    من اجلك تعلمت كيف اتارجح في الفضاء بلا شبكة تقيني السقطة القاتلة
    و كيف اروض السباع و النمور و امشي على يدي
    من اجلك تعلمت كيف اقود صاروخا الى القمر و كيف اتحدث بلغات الارض كلها و اهتف : "حبك عيدي و رغباتك ارادتي "
    و حين اكتشفت انني لم اكن اكثر من مضيفة اخرى في سيركك الكبير تعلمت من اجلك لغة الصمت كي لا اعاتبك و اقول بمرارة انك خذلتني



    تسكعت في الغابة شاهدت ضفدعا ...
    قبلت الضفدع فصار اميرا ...
    و حين فتح عينيه قال لي باحتقار :
    من انت ايتها الضفدعة ؟



    سامحني يا بطل قصتي
    حملتك سر حبي و اسقطته عليه و انت لا تريد الحب بل الحرية
    اثقلتك باحزاني الشخصية و انت بلا ذاكرة كورقة بيضاء
    حملتك قضاياي و اطلقتك في التظاهرة و جلست في مقعدي الوثير امام التلفزيون ارقبك تحت رصاص جلاديك
    لا تقلق سابعثك حيا في روايتي القادمة !



    ما زلت احبك رغم كل شيء
    ففي شواطئك تعلمت
    كيف أشرب ضوء القمر في صدفة بحرية


    قرع الفراق بابي
    و حين فتحت له
    اعطاني وردة الحب الآتي!



    في كوكب رفع ورقة الألف دولار علما
    استحضرك بأكثر من المحبة و الإجلال
    با من غسل اقدام الفقراء بالحنان ..
    و اخترع حضارة الوداعة ...
    حين توصد الأصوات أبوابها
    و تمضي لتختبىء في الغرف المظلمة للروح
    أظل اسمع صوتك فاتبعك
    انا المتعبة ثقيلة الأحمال ..
    و حين يستيقظ الليل أزين شجرة ميلادك
    بورد ابيض مقطوف من حقول قلبي و اهمس :
    ميلادك مجيد يا سيد المحبة .



    أتأمل زرقة عينيك من بعيد من المقعد المواجه لك في المقهى
    متكئة على انقاض وطني في المسافة بين الجعة و الشمعة
    و ذكريات البارود و الدم
    عينان زرقاوان تمطران افراحا و فم ينفث دخان غليونه عطرا
    و انا امراة محاصرة داخل غليون العطر و اللهب اللامرئي و ايقاع الطبول تحت قدمي العاريتين فوق الجمر
    ها هي حكياتنا تبدأ ممن النهاية
    و المنشد الأعمى يغني : الشرق شرق و الغرب غرب
    و لن يلتقيا الا في لحظة انصهار كهذه !
    أتأمل جنيات الليل الباريسي يرصعن غليونك بالشعر و النجوم
    استمع الى صمتك فاجده لغة جديدة لم اعرفها من قبل !
    هل احبك ام انني فقط اتعلم لغة الصمت التي كدت انساها ؟
    لعلي اريد فقط ان انسى
    انني احببت مرة رجلا خطوط يده تشبه خارطة وطني
    وجهه يشبه عنترة بشاربي جدي
    قلت له مرة ولم يصدقني : " احرص على صون القلوب من الاذى / فرجوعها بعد التنافر يعسر / ان القلوب اذا تنافر ودها / مثل الزجاج كسرها لا يجبر "
    قلت له ذلك و لم يصدقني …لم يصدقني
    و ها انا اصطاد النسيان داخل غليون بعيين زرقاوين
    في المسافة بين البكاء و الكبرياء و ذكريات الياسمين



    و ركبت معك في منطاد الألفية الثالثة
    من حديقة " اندريه سيتروين " على ضفة نهر السين
    و حلقنا فوق غيمة من القهقهات ايها الحبيب الفرنسي
    و بدل ان ارى باريس من عل
    شاهدت على الارض خارطة جراحي و تضاريس وطني
    سقطت في الفضاء من منطاد الذاكرة و لم تنفتح مظلة النسيان لتنقذني
    اذا شاهدت راسي ينزف على طرف رصيف باريسي
    اتركه ينتحب احزانه تحت المطر
    و لا تلتقطه و تحنطه و تعلقه على جدار غرفتك !



    اعطاني مرهما من الازهار و الاعشاب السحرية لأدلك قلبي
    به حين أنزلق إلى الألفية الثالثة
    قال انه مثل مراهم العشاق في احدى مسرحيات شكسبير حيث يعشق المرء اول ما يراه و يرى الحمار ديكا بشريا رائعا
    و صدقت آه صدقت و دلكت و انزلقت في الالفية لكن سكاكين الهزائم كانت تخترق جلدي بنعومة شفرات الحلاقة
    لا تتوهم يا صديقي انها تمطر ما يحدث هو اننا نحن مائتان و خمسون مليون عربي نتعرق خجلا و ننتحب مرة واحدة امام اسوار مدينة الالفية الثالثة …
    البكاء ينتحب على موائد سهر المنفيين الى اوطانهم و المنفيين من اوطانهم الى طاولات مقاهي الغربة ..
    رغم كل شيء ها انا اكتب بطاقات معايدة الى وطني العربي مناشير حب …
    و اقول فيها دون ان اكذب : سأحبك قرنا آخر !



    حين حصلت اخيرا على " الفيزا " المنشودة التاشيرة الى الحلم قرات على مدخل محطة القطار : مات الصيف ماتت الريح ماتت الطائرات مات السفر رحل الرحيل
    و من يومها و انا مقيمة في قاعة الانتظار
    في محطة " سان لازار " الباريسية



    كنت انت ممتلئا بعظمتك
    ديكا يتوهم ان الشمس لن تشرق اذا لم ينشد كل فجر بصوت يظنه جميلا كما تؤكد دجاجاته في القن
    و كنت انا بومة ليس بوسعها الذهاب الى صيدها و فضولها الا ليلا
    لكنها لا تعيرك بطيرانها بافضل مما تفعل
    بومة تنشد طوال الليل لطلوع الفجر كي يذهب الاخرون الى ارزاقهم مثلها رغم تشاؤمهم من اغانيها المليئة بالمحبة و شهوات الحرية الليلية
    ربما لذلك لم نر ديكا يراقص بومة
    ربما لذلك افترقنا
    كان القن مملكتك و لم اكن املك غير فضولي و حيرتي و اشارات الاستفهام و التعجب
    كانت الدهشة مملكتي و افترقنا …



    حين تفاجئني صورتي في مرايا المخازن
    اتسائل من هذه المراة السعيدة الانيقة الواثقة من نفسها ؟
    ما صلتها بي انا الطفلة حافية القدمين المتوحدة كبومة و المذعورة كعصفور
    الراكضة تحت المطر منذ عصور بلا مظلة و لا قبعة و لا دفء...
    و لا حبة كستناء
    و لماذا لا ترتسم صورتي الحقيقية في المرآه : صورة بومة ؟
    و أين أجد المرآه السحرية التي تعكس صورتي الحقيقة
    الا على صفحات مياه الابجدية ؟



    اتزلج على جليد قلبك
    و يطاردني بمخالبه ذئب وحيد له وجهك ...
    اتزلج على كذبك و غدرك
    و اتظاهر بانني لا ادري
    و انا اترك اثار حوافري على جليد قلبك
    و اصهل : وداعا ...



    لا تحاول اعادة الحياة الى الموتى
    و الحب القديم
    كي لا تجد نفسك امام مسخ مرعب !
    و اذا لم تصدقني اسأل " الوسيم " فرنكشتاين



    ربحت جائزة اليانصيب الاكبر في العالم
    و فوجئت بأن اسمها " ممحاة النسيان "...



    سالت الشجرة : ما اسمك ؟
    قالت : اسمي لا يهم المهم انني عاشقة لبوم مهاجر
    مضى مع الريح و نسي كل شيء عني
    قلت لها : بوم على غصنك ايتها الشجرة
    خير من ذكرى عشرة في الريح !


    ها أنا اعاشر قهوة الصباح بنشوة
    و اثمل بشمبانيا الشمس التي تسكبها على نهر السين تحت نوافذ صحوي الصيفي ...
    يوم آخر للحب و الفرح كبصمة اصبع لن تكرر
    يوم اخر ارفض ان يكون من نمط " ما بعد اذا " الزائدة
    انا مرغمة على الحب و لم اختر شيئا
    ما حيلتي مع اشجار قلبي الدهرية
    التي تزدهر ربيعا و تنوء بثمارها صيفا و تعرف ان الشتاء الاخير سياتي لا محالة بمنجله ؟
    ليزدهر حبنا صيفا من الجنون
    و بعدها سياتي الموت معتذرا و مرتبكا ....
    ليزدهر حبنا
    دون ان ينسى موته الاتي او يتنكر له
    كاننا نتأجج حتى الثمالة كي يرضى الموت بنا
    هات يدك في جادة الشانزيليزيه و اقطف به قلبي
    الموت يرى القلب اينع و حان قطافه فكن صاحبه و اسبقه اليه
                  

07-11-2004, 03:22 PM

humida
<ahumida
تاريخ التسجيل: 11-06-2003
مجموع المشاركات: 9806

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقتطفات من كتاب .. الرقص مع البوم .. غادة السمان (Re: humida)

    أنا البدوية التي نسيت الخطوط الحمراء للبدو الرحل ...
    و امعنت في الرحيل شمالا
    رائحة الضباب في الطريق الى الشمال الغربي رائحة القطارات المثقلة بالثلوج بين مضاربي رائحة الموت في اسفاري حتى اقاصي جحيم المطارات رائحة الصقيع في هجراتي و عوداتي و خيباتي
    كل ذلك لن يسرق من صدري
    فوح عطور ياسمين جدتي
    في حدائق بيوت طفولتي الدمشقية ...عطور
    تهذي بجنون الحياة و الفضول في ليالي " السونا " الصيفية
    ما ذنبي اذا كنت قد اطعت اصواتها
    و لبيت نداءات الحرية ؟



    لا ترتد ورقة التوت على عري غدرك
    لن اغفر لك و لنفسي خيبة البحر البيروتي بنا
    خيبة اكواز الذرة الصيفية و القمر متوحش البهاء فوق الكروم
    ها قد عدنا خابيتين من خل الخيبة و كنا ذات صيف رعشتين من الصدق في دروب القمر البحرية المسحورة بالنقاء و الغرابة
    اغرق يا صديقي داخل معطفك الكحلي الوجيه
    و دعني اهبط داخل فرائي كما يهبط الليل داخل روحي و شرايني
    فقد انقضى صيف الحب بعدما كلنا الاتهامات للأفعى البريئة و التفاحة المسكينة و نسينا ان الدودة التي دخلت الى قلب التفاحة جاءت من خل ارواحنا ...
    لقد انتصر الزمن علينا ايها الشقي فاترك لنا فضيلة الاعتراف ببشاعتنا بدلا من القاء اللوم على الافعى و التفاحة و البومة ...
    دعنا نعترف بضعفنا المخزي انت و انا آدم و حواء عصر الفضاء
    لا تقل : انه ذنب الافعى قل: كان ذنبنا ذات صيف ...ذات حزن ...ذات تكاره
    ذات حب لم يعد يتطرق اليه الحب !



    أداعب بومتي فتروي لي أسرار عشاق الصيف و تقول لي سر الفصول الاربعة فاكتشف انها خمسة و الفصل السري يدعى : فصل الحب
    في ليالي الصيف المحمومة بضوء القمر السحري ألتقي بأشباح موتاي و قد عادوا شبانا و ظلوا احياء
    التقي بكائنات الكواكب الاخرى في المقاهي الكونية
    و التقي بحزني بحزني فنبكي معا طويلا وحشة طفلة أحد
    حقا قط
    فتحولت إلى " ميدوزا " شرسة يتحجر كل من يتسبب ببكائها محدقا بدموعها ..جاهلا ان بومتها لشروره بالمرصاد …
    يتشاءمون من البوم و تتسائل بومتي : لماذا لا يتشائم العشاق من شرورهم



    حين أغلق بابي ليلا على نفسي في بيتي الباريسي
    وحيدة كدمعة صيفية لم يلحظها القمر
    تنفتح بوابة دنياي الداخلية بكل بحارها و سندباداتها و اهوالها و مباهجها و اوهامها و حقائقها و خرافاتها
    يتحول البيت الصغير على ضفن نهر السين الى جزيرة اسطورية في بحار السندباد
    و فقط حين انام اركب بساط الريح
    و تبدأ حياتي الحقيقية
    التي انجوا بها من كوابيس اليقظة و من خيبتي بمن احببت
    و هذه السطور لا اخطها حقا بالحبر بل بدمعي الازرق !



    تمددت في حديقة " الهايد بارك " اللندنية على العشب المشمس محاطة بالسعداء الاوربيين الهانئين بحياتهم و كلابهم و اطفالهم
    تلك الغيمة السوداء الغاضبة
    لماذا لا تمطر الا فوقي من دون المنتزهين جميعا؟
    و لماذا تطاردني كيفما تحركت و انى ذهبت
    و لها شكل خارطة وطني العربي ؟



    حين اكتب على الورقة البيضاء اسمك
    ارى حصانا عربيا يخرج من رأس قلمي بدل الحبر
    يولد و ينتصب و يركض على سطور ورقتي
    و تتحول طاولة الكتابة الى حقول شاسعة
    يركض عليها الحصان
    ثم يغطس في ضباب سري ..كحبك الدامس
    في دمي تنتحب اجيال من النساء المؤودات
    لكنني مصرة على ان أحبك تحت الشمس و على مرأى من رماح القبيلة



    ليلة أزف الى عرسي
    لن تبدو على وجهي المزرق سعادتي بذلك
    لن يعرف احد انني عبر جفني المغلقين كنافذتين ما زلت ارى بوضوح ما يدور حولي و اسمع ما يدور
    بفرح سارى قبيلة من احبابي تدخل الى بيتي لتلتف حول جثتي
    و يحدق فيها الحضور بدهشة لانهم لا يعرفون افرادها
    وحدي ساعرفهم حين يحيطون بتابوتي
    انهم ابطال قصصي و قد غادروا صفحات رواياتي و قصصي
    سياتون من دمشق و بيروت و لندن و فينيا و باريس و جنيف و بقية اقطار تشردهم حيث رميت بهم
    سياتي دريد و حازم و اياد و مصطفى و خليل ابو الملا و جورجيو و سيرقصون حول جثتي باحتفاء و فرح و انا اغادرها
    فهم وحدهم يعرفون انني لم امت ما داموا هم احياء !
    و انا اغادر جسدي المهترىء و انزلق في جسد اخر لانضم اليهم
    و امضي معهم الى حيث لا ادري …



    جديلة من الاعصاب العارية و القلب العاري في عالم متوحش تجدله العاصفة : هذا انت
    الالم يقصك كسنبلة على حد منجل
    تتمنى لو كنت شجرة بقشرة تحميها لا يجرحها الا عاشق يسطر الحروف الاولى من اسمه و اسم حبيبته داخل قلب فيه سهم " كوبيد "
    تتمنى لو كنت خرتيتا او فيلا بجلد سميك
    تتمنى حتى لو كنت مثلي : بومة !
    بومة تتقن تخويف اعدائها و هي اكثر خوفا منهم !
    تتمنى و تتمنى …
    لكنك لو كنت شيئا آخر غير ذاتك
    لما كنت شاعرا !



    حين التقي بصديق غدر بي
    اشعر بما يشبه الغبطة
    فقد تحققت ظنوني و كان حذري في محله


    ترتدي أحزاني " الشورت " و " الميني جوب " و فساتين السهرة العارية الكتفين و القمصان الجلدية المطرزة بالمسامير المعدنية البراقة ..
    ترتدي احزاني ثيابا باريسية و لندنية براقة عصرية
    و لكنها احزان لم تنسى اصلها احزان قادمة من الناي العتيق ذاته الذي كان ينوح في حارات دمشق القديمة خلف الجامع الاموي حيث بيت جدها ما زال شامخا منذ مئات السنين
    انه ناي القلب



    انا بومة تعيش بقلب مزروع
    تدور حول العالم بقطارات من غيم على سكك من قوس قزح ترحل و تكتب و تثرثر بعدة لغات
    و لكن بقلب مزروع :
    اهو قلب جدي الذي ينبض في صدري ؟



    لم يعد بوسعه ان يسمى الاعمى الذي يقود القافلة باسمه او يقول له انه غير مبصر بل عليه ان يدعوه يا امير غض النظر
    و لم يعد بوسعه تسمية " معلمه " عديم السمع بعبارة اطرش بل عليه ان يقول :يا سلطان الانصات الى اللامسموع
    لم يعد بوسع قبيلة البوم ان تقول لاي من حكامها انه يبدو لها عاريا بل عليها الانشاد : ما ابهى اثوابك
    تكاد قبيلة البوم تنسى ان كلمة الليل لا ترادف النهار مهما كانت سطور المجاز
    و ان الفرح لا يرادف الركوع
    و المجاز لا يجوز فوق تلال الجماجم و الاقنعة
    قبيلة البوم ملامة لان اغانيها " تبويم "
    ماذا سوى " التبويم " حين لا تجرؤ على الحديث عن نفسك بضمير المتكلم بل بضمير الغائب ؟
    ماذا سوى " التبويم " حين تعي انك الحاضر / الغائب ؟



    علقك الحزن على صدري وساما
    و قال لي : طوبتك عاشقة فحلقي بمجد الحب و اكتبيه
    ايها القريب البعيد
    اذا كان قلبي بحيرة بوسعك المشي فوق مائها دونما غرق
    اذا كان قلبي قنفذا ستصير اشواكه مخملا و حريرا لخطاك
    اذا كان قلبي منارة ستشرق فيها شموس اذا مرت بها مراكبك
    و اذا كان قلبي بومة
    فستطير حتى القمر اذا قلت لها انك تحبها !
    قال لي الحزن الذي علقك وساما على صدري :
    لقد ادخلت الحبور على قلبي باناشيدك البومية
    و صدق العشاق ولو كذبوا !…



    بدأ حبنا في سفينة المرح "لاف بوت " شمس و رقص و ابتسامات و غزل نظرات بلا عبرات
    و برك سباحة مليئة بالعسل و بأجساد مثقلة بالشهوات
    و كما في كل حب كاد ينتهى حبنا في باخرة " التيتانك "
    الغارقة في قاع المحيط الصقيعي البارد الكابوسي
    حيث التنهدات من جليد
    و قد تحجر كل وحشة
    محدقا في صاحبه بعينين من زجاج
    و هو يتثائب امام التلفزيون و يتجشأ …
    و الفم مزروع بالعشب الجاف بدلا من كلمات الغزل
    وحده الفراق ينعش قلب الحب
    و انا اهجرك لاحتفظ بغرامنا في " سفينة المرح " بعيدا عن القاع الصقيعي
    حيث يقيم العشاق الضجرون غارقيين مع " التيتانك "
    " شبيك لبيك ايها الحب " تعني : صباح الخير ايها الفراق الموسمي !
                  

07-11-2004, 03:24 PM

تولوس
<aتولوس
تاريخ التسجيل: 06-06-2004
مجموع المشاركات: 4132

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقتطفات من كتاب .. الرقص مع البوم .. غادة السمان (Re: humida)

    حميدة شكرا لك اخي العزيز وانت تطوف بنا عبر هذا الابداع
                  

07-11-2004, 03:46 PM

humida
<ahumida
تاريخ التسجيل: 11-06-2003
مجموع المشاركات: 9806

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقتطفات من كتاب .. الرقص مع البوم .. غادة السمان (Re: تولوس)

    كل صباح
    تحلق لحية قناعك بالموسى و تزجج حاجبي قناعك و شاربيه
    تغسله و تعطره و امام المرآة ترسم على شفتيه احلى الابتسامات
    فقد صار القناع وجهك و صار الرحيل بوصلتي



    قالت لي البومة : يا للمفارقة الخارقة !
    هل لاحظت يا سيدتي كم تشبه المرأة الفحولة ..
    لا يحتفي الرجل بها
    الا بعد ان يخسرها ؟



    منذ اليوم الذي عرفتني فيه
    و انت دوما في مكانين معا في آن..
    فاينما كنت انت ايضا معي تقطنني !



    العين ثرثارة كارملة ضجرة
    العين نافذة بلا ستائر
    العين لم تسمع بكلمة الكتمان
    العين لافتة اعلانية عن اسرار القلب
    و لذا احرص على ارتداء نظارتي السوداء حين التقيك !



    لا تضع سماعة الطبيب لتنصت الى دقات قلبي حين نلتقي
    فغابة بولونيا الباريسية كلها تنبض مع جنونه بك : الاشجار و الازهار و الاعشاب و الغيوم
    تريد ان تسمع هدير دورتي الدموية و انا معك ؟
    انصت الى وقع خطر المطر المجنون فوق قرميد سطوح باريس العتيقة
    انصت الى وقع خطى تلك المهرة الراكضة على السحب فوق الغابة
    انصت الى تغريد البوم في ليالي الساحرات العاشقات الراكبات فوق مكانسهن المكهربة باللذات
    و حذار حذار ان تقول لي احبك فتلك الكلمة تلسعني كعقرب !
    كل اللذين حاولوا قتلي سنو سكاكينهم على كلمة " احبك "
    و لا تغضب اذا لم اقل لك : احبك
    طالع الكلمة على اجنحة البوم حين نحلق معا
    هناك سطرت رسائل حبي اليك الى ابدنا معنا



    " الطالبان اخوان " باسمائهم المختلفة و تقمصاتهم المتجددة يريدون مني ان ارتدي خيمة حين امشي في الشارع
    و هم يمشون في الارض مرحا على اشلائي
    " الثوريون اخوان " يريدون ان انادي بشعاراتهم
    و ارتاد اجتماعاتهم لأغلي لهم القهوة في المطبخ التقدمي الثوري
    الحزبيون يريدون ان اوقع العرائض معهم دفاعا عن حرياتهم
    و هم يدوسون حريتي بجزماتهم كامرأة و كمواطنة !
    الشعراء يريدون ان انجب اطفالهم و اتغزل بقصائدهم و اقتات بالاوهام و الابجديات المنقرضة
    و لذا تطير البومة عن ذلك الجحيم متعدد الطبقات و اللهجات
    الى النسيان في باريس و الحب و الحرية في باريس
    و شعارها : اطلبوا الحرية ولو في المنفى !



    نعم : اعرف ان الارض لا تدور حول الشمس فالارض تدور حولك
    لكنني استطيع ان اقسم انها وقفت ساكنة في فلكها
    ليلة قلت لي للمرة الاولى : أحبك !
    كرس " السان فالنتان " تلك الليلة عيدا له و للعشاق
    اما البوم الذي يجد تبويمي هذا لا منطقيا
    فليقل لي : اين المنطق في الحب ؟



    لا تقل لي ذات يوم ليس ثمة ما يدعى " ذات يوم "
    و انه ثمة اليوم فقط
    فالبهاء الذي عشته معك " ذات يوم "
    يعادل عمرا مستقبليا ضوئيا في كوكب آخر
    و يعادل الماضي الأزلي لكوكب الأرض بأكمله …
    و انت امتزاج الازمنة
    فكيف انسى ذكرياتي الآتية معك ؟



    حين اموت احرق جسدي الخاوي كقشرة
    و عبىء رمادي داخل ساعة رملية و ضعها على طاولة مكتبك
    لتتذكر ان العمر اقصر من ان يهدر في البكاء علي
    او الشماتة باعدائك !
    كل حبة رماد من بقاياي ستهمس بلغتك المالية و هي تسقط في ساعتك الرملية : عش الآن فاليوم " كاش " و الغد " كمبيالة " مؤجلة و " شيك " بلا رصيد على بنك في زلزال …
    كل حبة رماد من بقاياي ستهمس و هي تسقط في ساعتك الرملية : ثابر على التحليق يا حبيبي
    ففي النهاية ستحرق الشمس الأجنحة كلها …
    و اذا لم تصدقني فأسال " فاوست " صديق البوم
    و اسال البوم و كل من رحل عن كوكبنا بدءا من بأدم و مرورا بنوح : فالطوفان لا يوفر احدا
    و حتى اللذين نجوا في سفينة نوح ابحروا الى الموت !
    فعش يا حبيبي اكراما لموتي !



    فقط حين نقول جملا بلا معنى و نهذي
    نعلن صدق القلب فصدقه مظلم و غامض
    بجمل كالماس الخام مليئة بالشقوق و الضمرات
    فقط حين نرتبك كالأطفال في يومهم الأول في الحضانة نقول صدقنا
    نحن العشاق الحقيقين المستضعفين في الحب !
    فالحب ديكتاتور صغير
    نهتف له باستمرار : شبيك لبيك ايها الحب
    و نكتشف الجني في اعماقنا …



    ولدت قبل ان يولد الديناصور
    و شاهدت الممالك تشيد و تنهار
    و القردة تتعلم ارتداء معاطف الكشمير
    و الذئاب تتعلم الأكل بشوكة و سكين من ذهب
    و تدعوا نفسها جنسا بشريا
    و تتنطح لكتابة المواعظ و الشعر و الخطب الحماسية و الشيكات !
    ولدت قبل ان يكتشف النغم الناي
    قبل ان يقطن العبير في الازهار
    و شهدت على هزائم القمر امام مناجم الماس
    شاهدت الثلج يغطي المواقد في عصور جليدية للرهافة الانسانية
    شاهدت حريق الغابات حتى طرف قلبي و اشهد على مذابح و اوبئة و زلازل و تنينات متوالدة معدنية و اجناس بشرية " انبوبية اصطناعية "
    اشهد على كوكب يمشي في المدارات الكونية مرحا و تيها
    و اشهد قبل ذلك كله انني لولا حبك
    لتناثر جسدي حفنة من الرماد في ليل كوني بلا قاع و لا نهاية و لا ضوء في اخر النفق
    لولا حبك لفقدت صبري و بوصلتي و مظلتي و تبويمي



    حين اعلن انني احبك
    حين انحرف عن مدارات الحزن اذ التقيك في ليل النجوم و عيد العشاق
    تنحرف نواميس الكون قليلا اكراما لحادثة حب :
    يهطل الشلال من الاسفل الى الاعلى
    يركض الحلزون كما حصان السباق و تقفز السلاحف
    تزهر البراعم في الخريف و تصيح الديكة وقت الغروب
    ينبت الياسمين فوق الصخور المالحة للشواطىء
    و بحنان يراقص سمك القرش صبيا سابحا
    بدلا من قضم ساقيه
    يلاطف التمساح غزالا سقط في الماء و يحمله الى بر السلامة
    ياكل الثعلب و الارنب في صحن واحد
    يقبل العقرب سلحفاة مائية حملته الى الشاطىء الآخر و يشكرها بدلا من لسع عنقها العاري ..
    الضفدع يصيير اميرا للوسامة دون ان تقبله شفاه اميرة اسطورية
    انه الحب الحقيقي في زمن التكاذب بالتراضي
    انه السحر الحلال …فقل لي انك ايضا تحبني
    ولو سحرتني من بومة الى امرأة !



    العصفور الصغير المغرور يتوهم العاصفة انشودة الريح لعظمته
    البرق مرآته الجوارح جنوده الخلود دميته الابجدية خادمته
    العصفور الصغير المغرور يتوهم ان دجاجات القن يتغنين بسحره ليل نهار
    و لذا لا يصمتن
    العصفور الصغير مات غروره حزنا حين اسر له فزاع الطيور بالحقيقة عن " مكانته " الكونية
    و من يومها انكسر قلبه لكنه بدأ يكتب أحلى أشعاره و صار ينشد الحانا
    نقلها موزار على الورق و انتحلها و اشتهر بها
    العصفور الصغير لم يعد حبيبي لكنه صار شاعرا كبيرا
    قبائل البوم تحتفل الليلة معي في ضوء القمر بوفاة حبيب وولادة شاعر
    حتى شفيع العشاق " السان فالنتان " يحتفي معي
    فثمة اجيال من العشاق و لكن من يخلد عشقها غير شاعر لم يعد يتطرق جنون الحب الى قلبه
    بل جنون الشعر وحده ؟
    حين يعشق الشاعر حقا يعجز عن الكتابة و يصيير قادرا على الموت فقط حين يهجر الشاعر الحبيب يكتشف ابجدية الحب …
    هكذا قالت البومة و اضافت :
    انت لا تطلق سراح اللحن الا حين تكسر العود



    ثمة غارات جوية داخل دورتي الدموية
    و قصف من عدة قارات فوق رأسي و حواسي
    في الملاجىء تقبع احزاني لتنجو من موتها
    و لا أنجو من فجائعي
    ثمة كلاب بوليسية تتسلل الى جواريري
    لتشم الثياب الداخلية لابجديتي
    ثمة من يحاول فك شيفرة ذاكرتي في مختبرات التدجين
    ثمة من يهتف بحياة الثعالب
    الجالسة فوق قمة رايات البرج متسببة بموتنا اليومي
    فهل نلوم الثعالب وحدها
    ام نلوم الشاعر المرتزق الذي يتغنى بجماليات انيابها
    و هي تنغرس في لحمه العاري شاتما شؤم البوم ؟
    دوما أتسائل : كيف يتغنى شاعر بجماليات سوط يجلده
    و سيجلد ابنائه من بعده و يلعننا نحن شعب البوم ؟
    ما أغرب شعب البشر



    شائعات شائعات
    عن رقة الفراشات عذوبة العصافير وداعة الحملان
    شائعات عن وفاء الكلاب و شرور البوم
    زود السلحفاة بلسان افعى
    و اعطي الحملان انيابا مفترسة
    و سيحدث في الغابة ما حدث لي
    حين صدقت وداعة سلحفاتي و هجرت بوماتي ..
    ترى هل اللطف مصادفة بيولوجية
    و الحب لحظة مزاجية عابرة كسمكة زينة ملونة
    في " اكواريوم " شاسع من اسماك القرش ؟



    امشي بحذر على اطراف ثوب حبنا
    مثل لص يحاذر ايقاظ اصحاب البيت
    حين يستيقظ الحب و يصحوا جيدا
    يرتدي اجنحته و يطير هاربا
    كأي بوم متطير من " لاوفاء " البشر العشاق



    أنا البومة ثقيلة الأحمال
    أحمل على جناحي خطايا الناس
    و جثث قتلاهم الأبراياء و شعاراتهم و هياجهم
    و هزائهم الملقبة بانتصارات و هذيانهم الحماسي
    أحمل أعيادا بلام مناسبات و اطفالا بلا جذور ..
    أفلا يحق لي أن اتشائم من البشر ؟
    و ما ذنبي إذا كان البشر يرون في مرآه لشرورهم ؟
    و هل نجاتهم في قتلي أم قتل شرورهم ؟
    و هل شاهد احدهم بومة تضطهد رجلا كما يفعلون هم بي ؟
    اتبع رجلا يدلك على مذبحة
    الحق بالبوم يدلك على الليل الجميل …
    فالقمر مرآه البوم …



    أنا البومة التي صادقت الظلمة
    كي يفشل الضوء في إلقاء القبض عليها
    و سوقها مخفورة الى استعراضات التفاهة
    لا اتقن التعري الا في ظلمات شرايينك
    و لا اريد شاهدا على توهجي غير كتمانك
    عزلتي هي المرض المعافى
    في وجه بذاءة الجوع الى شاهد و " بصباص "
    و حاسد و مصفق …



    قضيت عمري و انا اهرب من لقائك
    و حبيباتك يبكين اكاذيبك على كتفي
    و كلما اقترب كوكبي من كوكبك
    تحاشيت الصدام و غادرت مداراتك
    عطلت الغامك كنست النجوم التي تنثرها قصائدك فوق ثوبي
    ظننت العمر قد مر بسلام بمنأى عن عواصفك المغناطيسية
    ظننتني نجوت من سحر اكاذيبك حتى مستني عصا لقائك
    و ادركت ان لا نجاة لي من بئرك و افاقك و حرائقك
    و جنونك و عذوبة اناشيدك الكاذبة ..
    فلتكن مشيئتك ايها الشاعر جميل الكذب
    لتغمرني مياهك المشعة المظلمة الغامضة ألف سنة ضوئية
    لعلي اولد من جديد
    ولادة حقيقية داخل كذبة ناصعة اسمها حبك



    اتذكر دونما حنين
    تنهيدة الراحة اللامسموعة التي تطلقها من مساماتك
    حين تكذب علي و اتظاهر _ كاذبة _ بتصديق اكاذيبك
    و تتوهم انك ربحت جولة
    و اعرف انني خسرت حباً!



    أنا " الصوص " المسكين المحشور في القن الكبير
    أكتب فروضي المدرسية في مديح ولي أمري
    لكنني لا أعرف شيئا عنه حقا ..
    ذلك الديك الأزلي
    الذي سأساق الى الذبح حين اكبر لتزيين مائدته اذا رسبت في مدرسة الكذب



    يثرثر و يتوهم هراءه امثالا و حكما و شعرا و روايات
    القطيع يصفق و القردة تحمله على اكتافها
    هو يكذب و هي تصدقه
    هي تكذب و هو يصدق اعجابها به
    فهل التكاذب المتبادل قصة حب تاريخية ؟



    انظر ورائك تجد أغانيك مصلوبة على عمود الشعر
    انظر امامك ترى المدعي العام " يحشرج " ضد قصائد التفعيلة
    تحتك كتب الاعراب الصفر فكيف تحلم بالنصر
    و ليس امامك الا الحرية ..و الحرية …
    بما في ذلك حرية اختيار حبال السيرك أو " حبال الهواء "؟



    تمتدحين رجلا اذلك و قهرك و غدر بك و خانك
    كذب عليك و كرهته حتى الموت موته الذي أنقذك منه ..
    و ها أنت اليوم تخترعين له الفضائل و المزايا اكراما لابنكما
    تحولينه الى بطل و تعادين كل من يخدش الاسطورة بقول الصدق
    فقد كان في النهاية والد طفلك الذي ولد بعد موته بايام !
    لا تخافي ..سيتم تكريس الاكذوبة ملحمة بطولة
    فكلنا يعشق حكاية حبه مع " الكذبة "



    كل شاعر شهريار من نمط خاص
    يقضي عمره و هو يكذب بصدق مفرط
    لكنه يقص راس الحبيبة لحظة تصدق اكاذيبه
    اعرف انك لست بحاجة الي حقا
    بل الى كذبك الشعري الجميل
    فلا تخشى مني يا حبيبي الشاعر
    اكذب علي و انتحب امامي و اطمئن
    لن اخذلك يوما بتصديقي اياك
    قل لي في الاول من نيسان انك تحبني
    لو صدقت ليلى مجنونها قيس لكف عن كتابة الشعر لها
    و لخانها مع حسناء الخيمة المجاورة
    اليس حب الشعراء كذبة ملتبسة
    يقتلها تسليط ضوء المعايير الأليفة العادية عليها ؟



    ولدت البومة في غابة الاقنعة
    لم يستشرها احد : أي اسم تحب ان تحمل
    الى أي حقل تريد ان تنتمي
    أي بحار تعشق و اية رياح تهوى
    ولدت و اكتشفت البومة انها جزء من قطيع لم تختره
    عليها واجبات نحوه لا تروق لها
    كالطاعة و القناعة و قبول الاكاذيب و المشاركة في المهرجانات
    ولدت البومة " مفعولا به " لا "فاعلا "
    و منذ ذلك اليوم و هي تعمل كي تتحول من مفعول به الى فاعل
    التيس الاسود الكبير يحاكمها و يقمعها و يضع على فمها الكمامات
    يتهمها بخيانة كذبة …و يجرها من منصة الولادة الى منصة المقصلة
    و لكنها تعلمت كيف تتحول الى بومة متوحدة
    تتقن طيران الليل و الحرية و تتحدى كذب قامعها
    تلك باختصار سيرتها الذاتية !



    تشبه حصنا اثريا مهدما تعبره الرياح من الجهات كلها
    تزيده خرابا و هو مستسلم لكنه يباهي بمجده الغابر
    أشبه بئرا خرابه جزء منه …
    يضمر خريفه و صيفه
    و لا يسر باغاني قاعه لغير الظلام الفسفوري المشع ..
    اتحسس عنق الذكريات
    ما تزال شرايين الحب الغابر تنبض باصرار
    تشي بزمن الاحلام الكبيرة
    لقد خسرنا الحب و الحرب معا يا صديقي فمن يعيد الي اليقين بعد دهور من الاكاذيب و الهزائم
    و الانكسارات و العنفوان و الذل ؟
    آه ليت حبك الكذبة الأخيرة و البكاء الأخير و الهزيمة الأخيرة
                  

07-11-2004, 10:48 PM

اساسي
<aاساسي
تاريخ التسجيل: 07-20-2002
مجموع المشاركات: 16468

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقتطفات من كتاب .. الرقص مع البوم .. غادة السمان (Re: humida)

    تسلم يا حميدة علي هذا الاختيار الجميل لهذه الاديبة ..كثيرا ما اقرأ لها وادهش ...لك التحية
                  

07-12-2004, 02:07 PM

humida
<ahumida
تاريخ التسجيل: 11-06-2003
مجموع المشاركات: 9806

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقتطفات من كتاب .. الرقص مع البوم .. غادة السمان (Re: تولوس)

    طولوس .. العزيز ..
    تشكر علي المرور ..
                  

07-12-2004, 04:29 AM

luai
<aluai
تاريخ التسجيل: 02-27-2002
مجموع المشاركات: 2251

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقتطفات من كتاب .. الرقص مع البوم .. غادة السمان (Re: humida)

    اخي حميدة
    اشكر لك هذه المقتطفات الجميلة لتلك الكاتبة الانيقة
    غادة السمان شكلت في فترة جزءا هاما من قراءاتي
    لا زلت اذكر رغم جور الاغتراب والدولار والسفر لا زلت اذكر
    القبيلة تستجوب القتيلة
    لا بحر في بيروت
    ليلة المليار
    واعلنت عليك الحب وغيرها من الكتابات
    وها انت تمطرنا بالرقص مع البوم
    صدقني لي فترة طويلة من كتابات غادة السمان ومن كلماتها الصادقة
    مع ودي
                  

07-12-2004, 02:52 PM

ناجى الزبير الملك

تاريخ التسجيل: 03-30-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقتطفات من كتاب .. الرقص مع البوم .. غادة السمان (Re: luai)

    حميدة


    غادة السمان تتستحق ان تتبؤ كتاباتها الجريئة والممتعة صفحات القلوب


    لكن صورتك المرة دى ما عاجبانى ...

    لما التشاؤم

    مع تحياتى
                  

07-12-2004, 03:40 PM

humida
<ahumida
تاريخ التسجيل: 11-06-2003
مجموع المشاركات: 9806

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقتطفات من كتاب .. الرقص مع البوم .. غادة السمان (Re: ناجى الزبير الملك)

    الاعزاء ..
    luai
    اساسي
    عطرتم المكان .. بتواجدكم ..
    لكم التحية ..


    صديقي ناجى الزبير الملك
    لك التحية ..
    وعن التشأوم .. قصة ..
    عندما أخذت تلك الصورة ..
    كنت اقرأ احد البوستات ..
    وانا أجلس علي نصف مقعد ..
    نسبة .. لفراق المكان ..
    فحزنت .. لا أدري ..
    علي كاتب البوست .. أم ترك المكان .. !
                  

07-12-2004, 03:55 PM

humida
<ahumida
تاريخ التسجيل: 11-06-2003
مجموع المشاركات: 9806

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقتطفات من كتاب .. الرقص مع البوم .. غادة السمان (Re: humida)

    أنا تفاحة نيوتن
    التي تمردت على قانون الجاذبية
    و أصرت على السقوط الى اعلى !



    أهدتني أمي مرآه سحرية
    ارى فيها اين حبيبي و ما الذي يفعله سرا عني في كل لحظة اغيب فيها ..
    و من يومها هجرت عشاقي جميعا
    و اخترعت ابجديتي و حروبي المرحة مع المستحيل !



    الحب لا يجعلنا روحا واحدة في جسدين
    الحب لا يجعلنا شخصا واحدا
    لا اريد ان تشبهني او اشبهك
    و لا ان اتحد بك
    و لا احب ان اكون صورتك في المرآة
    و لا ظلك و لا عصفور زينتك في قفص ذهبي افتراضي
    وحدة المسارين في الحب
    ضرب من المحال …
    أحب ان اظل مقيمة داخل جسدي
    كي اذهب اليك و افرح بلقائك
    و ليظل حبنا غرفة لشخصين داخل ذاكرة
    نلتقي فيها في اجازة من اشباحنا و انهياراتنا و فيضاناتنا و هواجسنا غير المشتركة
    الحب لحظة جمالية عابرة مترعة بأجمل اكاذيبنا
    و لن نبني " تاج محل " جديدا لكل وهم عشناه
    فلا تقترب كثيرا كي لا تصير بعيدا



    أهرب منك الى الحبيب الفرنسي
    فحبك شرفة على مقبرة بيروتية
    و انا اريد ان انسى لا ان اتذكر
    تعبت من تجميدك للحماقة و تغزلك بالطيش
    تعبت من مذابحك و مباهاتك بغبائك الذي يتناسل ملقحا ذاته
    و تبجحك بتاريخك مع تاريخ يعيد نفسه بكل رعونته
    تعبت من ميكروفوناتك و مهرجاناتك و كذبك الذي تصدقه
    و اتهامك لي بالخيانة اذا لم اصدقه ..و ادعائك البطولة …
    و لن اقيم بعد اليوم في خيمة تتوسط ساحة حروب
    لم تعد تخصني
    تعبت من دور القاتل و القتيل و الشاهد ايضا
    و ارفض ان يلعب المجرم دور القاضي الذي يحاكمني كل يوم..



    اذا كنت تعرف رعشة الكوابيس الاستثنائية
    حين تطير بين قارة منتصف الليل و قارة الفجر …
    اذا كنت تصغي بمساماتك قبل اذنيك
    و ترى باصابعك حين تتحسس جسد التحليق
    و تصافح حزني بأنفاسك ..
    اذا كنت تقرأ بشفتيك رعشة صوتي
    تصير جديرا بالانضمام الى طيراني البومي الليلي .



    لا تطلبي الكثير من حبيبك الشاعر
    فصخور الشواطىء لا تتذكر وجوه الغرقى كلهم
    و لا أجساد الذين لفظهم البحر على اعتابها
    و لا ملامح السابحات العابرات و المقيمات
    صخور الشواطىء لا تميز بين القتلى و المنتحرين و الشهداء
    فلا تكوني شهيدة حب شاعر
    بالنسبة لصخور الشاطىء
    هنالك اللذين مضوا و اللذين بقوا و هذا كل شيء !



    ولدت مرات عديدة
    ولدت على عامود احراق الساحرات
    ولدت في الصحراء في حضن السراب
    ولدت في صدفة في قاع البحر
    ولدت على غصن شجرة له افعى و تحته تمساح و مستنقع
    ولدت في العرس
    ولدت في المقبرة تحت الثلج
    ولدت على عتبة محكمة تفتيش
    ولدت في القطارات و الطائرات و قاعات ترانزيت المطارات
    ولدت في العصر الحجري
    ولدت على شاشة الانترنت
    ولدت الاف المرات و احترقت

    و خرجت من رمادي لاجرب موتا جديدا كل مرة
    و حين تضم امراة عربية الى صدرك
    بين ميتة و اخرى من ميتاتها
    فانت لا تضم اليك امرأة
    بل تاريخ مجرة
    من المباهج و الاحزان و الاستمرارية رغم كل شيء



    كان حبنا سلسلة من المرايا المحدبة و المقعرة
    نرى فيها وجهينا و تاريخنا مع حبنا
    و حروبنا المرحة و شجاراتنا الهزلية و غرامياتنا الطريفة الباكية …
    فقط في قمر الفراق وجدنا مرآة الصدق
    و لمحنا وجهينا الحقيقين
    و ضحكنا حتى البكاء لحروبنا المرحة :
    في الحب للجميع وجه مهرج نصف فاشل



    احزاني تاكل اظافرها في العتمة
    مثل صبي خجول في ركن باحة مدرسة الأيتام
    اتستر على احزاني
    مثل سكير يتستر على رائحة انفاسه في ماتم والده



    كبومة عاشقة اشتعلت بك و بأبجديتك حبا …
    فسحرتني و حولتني الى سمكة
    كي ارحل في مجاهل بحار جسدك
    سحرتني الى سنونو كي اظل اطير خلف ربيعك
    سحرتني الى نملة كي اظل اجمع قمح قصائدك
    سحرتني الى غزالة كي اظل اطاردك في براريك
    حين سئمتني سحرتني الى خفاش
    كي اقف راسا على عقب و اصدق اكاذيبك كلها
    ثم سحرتني الى غيمة
    و قلت لي امطري بكاء حتى التلاشي
    لكن سحر شعب البوم حولني من غيمة الى صاعقة حارقة
    و الآن جاء دورك للاشتعال بصاعقتي
    جاء دورك لتقاسي غصات الغرام ببومة !
    و لتطاردها في دهاليز زئبق الليل و الظلال
    و العوالم الممدوة على تخوم هلام الحقيقة و صخور الوهم …
    فاهلا بك في الجحيم البومي الجميل !...



    لانها تخشى سطوة التقاليد
    و لا تغادر عشها لطيران الليل السري
    و لانها احبته استقبلته في احلامها مرات
    و عاشرته بجنون كبتها
    و عاشت معه كل ما تشتهيه و تخجل منه في آن
    لم يدهشها بعد ذلك ان تكتشف
    انها حامل من دون ان يمسها بوم !



    قضيت عمري و انا احمل القلم بيد و الكفن بالاخرى
    و انا احمل " الكلاشنكوف " بيد و الوردة باليد الاخرى
    و انا احمل جواز سفري و ذاكرتي بيد
    و بطاقة الطائرة و امنياتي بيدي الاخرى
    الآن اريد ان ارمي بذلك كله الى البحر
    و اعانقك باليدين معا



    انا قطرة حبر صارت غيمة زرقاء
    طاولتي من ورق سريري من ورق حبيبي من ورق
    حين اموت سيكون كفني من ورق و تابوتي من ورق
    و حين تبكيني ستنتحب على الورقة البيضاء
    اكراما لعمر مشترك من الخبز و الملح و الورق



    غازلني الصفر و قال لي انه اهم من الارقام كلها
    قلت له : انت لا احد بدون سواك
    قال لي : انا العاشق الازلي …لا اصلح لشيء بدون حبيبتي
    و لذا انا الاهم و الاعظم



    قالت البومة:
    كلما سمعت كلمة حب شهرت مسدسي
    فما من كلمة اكثر التباسا …
    الحب ؟ عش من العقارب مغطى بالبنفسج و الفل
    مصيدة فئران تحت العشب الحي المتوهج
    مستنقع رمال متحركة متنكر في زي بحر
    قال الديكتاتور : كلما سمعت كلمة ديمقراطية شهرت مسدسي
    قالت الصبية العاشقة : كلما سمعت كلمة حرية
    فتحت نوافذ قلبي للعصافير وضوء القمر و الريح
    قال الشاعر : كلما سمعت كلمة فراق فرحت
    فذلك يعني لقاء مترعا بالجنون مع ابجديتي
    حبيبتي وحدها تقف عائقا في وجه الحب و الشعر !!



    أأنا البوم الوحيد لتلقى تبعات الهوى على كتفي ؟
    نعم انا واحدة من رعايا الجنون و الاشواق
    وريثة العشق العربي من قيس الى ولادة
    نعم ثمة زلازل تسري في دورتي الدموية
    مع طلوع البدر فوق جسدي الصحراء
    و هيجاء محيطات السندباد
    و تدليك علاء الدين لمصباحه السحري
    و لكنني عاجزة عن الوفاء لمن غدر بي
    و لا اتقن حياكة اردية النسيان و لا قطبة الغفران
    أأنا البوم الوحيد لتلقي علي تبعات غدرك على كتفي ؟



    سجل الليل في محضر تحقيقه مع حبنا
    العلامة الفارقة : عاهة الملل!



    لا اريد تبرئة نفسي من مدن قلبي
    و من كل ما عشته و ما لم اعشه و ما ساعيشه
    لا اريد تبرئة نفسي من مخالبي و تخويفي لمثقلي الضمير
    و لا من حكايا حبي و اناشيدي الليلية
    اريد فقط تبرئة نفسي من جريمة هدر العمر بلا طيران ليلي
    فانا لم اسفك دم اللحظة
    و عشتها " بتبويم " و امتلاء من كل لحظة
    و رقص ريشي بطرب للحياة
    في صيف للحب و صيف للنسيان
    و انتحب ايضا كما لم ينتحب عصفور آخر
    ما من جريمة تعادل جرم ان تعيش بومة من دون ان تحيا حياتها


    وحده البوم يعرف
    ان العبير هو اسلوب الوردة
    في التعبير عن وحشتها
                  

07-13-2004, 02:19 AM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقتطفات من كتاب .. الرقص مع البوم .. غادة السمان (Re: humida)

    شكرا حميده وفي انتظار المزيد
                  

07-14-2004, 05:53 PM

humida
<ahumida
تاريخ التسجيل: 11-06-2003
مجموع المشاركات: 9806

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقتطفات من كتاب .. الرقص مع البوم .. غادة السمان (Re: خضر حسين خليل)

    العزيز خضر ..
    تشكر علي المرور ..
    وهذا ما اخترت ..
    وفي قراءة آخري ..
    لكم المزيد .. !
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de