|
متمردو دارفور يمتلكون شرعية الدعوة «للتدخل» لحماية شعبهم
|
متمردو دارفور يمتلكون شرعية الدعوة «للتدخل» لحماية شعبهم
أبو بكر القاضي
[email protected]
من علامات شيخوخة النظام وبلوغه أرذل العمر الجمود والتعنت لذلك هتف الشعب السوداني في وجه النميري قائلا (لو انت عنيد‚‚ نحن حديد) وقد لاحظنا جميعا تعنت نظام صدام حسين في آخر ايامه وفقدانه لروح المبادرة والامساك بزمام الامور في الوقت المناسب فالسؤال هل بامكان نظام الانقاذ العجوز الهرم النظر في خيارات الحل السوداني لقضية دارفور والمناطق المهمشة الاخرى أم سيستمر بعقليته الصدامية ليلقى ذات المصير من حيث المآلات مع الاختلاف التام في الاخراج والسؤال نفسه بصيغة اخرى: هل يعطي نظام الانقاذ الفرصة للتحالف الانجلو ساكسوني لكي يصحح في السودان اخطاءه التي ارتكبها في العراق؟ هذا ما سنحاول ان نجيب عنه في هذا المقال‚ مقترحات ثمينة من الحركة الشعبية دعت الحركة الشعبية لتحرير السودان على لسان ناطقها الرسمي ياسر عرمان دعت حكومة الخرطوم والقوى السودانية على السواء الى فتح ثلاث جبهات للسلام للخروج من الازمة العميقة التي تعيشها البلاد حتى تعطي الحكومة الرأي العام العالمي والانجلو ساكسوني بصورة خاصة انطباعا بحدوث نقلة نوعية في طريقة معالجة الحكومة لهذه الازمة؟ والمسارات هي: 1- إكمال اتفاق نيفاشا الإطاري‚ 2- اتفاق انجمينا مع حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان‚ 3- اتفاق جدة الإطاري‚ واقترح عرمان ضرورة البحث عن تفاهمات مع القوى الاخرى غير الممثلة في تلك المنابر مثل حزب الامة والمؤتمر الشعبي ومنظمات المجتمع المدني‚ باختصار ترى الحركة الشعبية ان الحل لأزمة السودان يتمثل في الاجماع الوطني والتحول الديمقراطي‚ ونفى عرمان وجود علاقة بين الحرب الاهلية في السودان والانتخابات الاميركية قائلا: (ان الحرب الاهلية في السودان كانت قبل الانتخابات الاميركية وستظل بعدها ولا سبيل الا بمخاطبة جذورها)‚ لقد قدمت الحركة الشعبية بقيادة د‚جون قرنق نصيحة غالية لحكومة الخرطوم ونصائح الحركة تتمثل في طرق الحكومة لطريق آخر غير طريق الحلول الامنية (الحفاظ على هيبة السلطة) و(من يرفع السلاح في وجه الحكومة سنحوله الى صدره) فنصيحة الحركة هي ان تتحول الحكومة وبجد ودون مراوغة للحل السياسي وتعزيز الجبهة الداخلية بالاجماع الوطني دون عزل لا حل فهل تفعل الحكومة بهذه النصيحة؟ فظائع الحكومة تحت رصد الأقمار الاميركية وأعين الأمم المتحدة دارفور ليست الجنوب ! هذا قياسا على شعارات الاخوان المسلمين (الخرطوم ليست موسكو) التي يرد عليها الشيوعيون (الخرطوم ليست مكة)‚ قضية دارفور خالية من ملامح الحرب الدينية لانها بين مسلمين ومسلمين لذا فان التدخل الدولي فيها لا يحمل مخاطر الحرب الصليبية فضلا عن ان الحكومة نفسها اعترفت بوجود الازمة الانسانية وان زعمت انها قادرة لوحدها على حلها ورفضت (حتى الآن) حتى قوة التدخل الافريقية‚ السؤال: هل نفذت الحكومة وعدها بتجريد اسلحة الجنجويد؟ وهل وفرت الحكومة الامن لإنسان دارفور العادي؟ هذا السؤال يجيب عنه بيان مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية الصادر في جنيف الاسبوع الماضي والذي يفيد انه وقعت (اعمال عنف جديدة اليوم «الثلاثاء» من بينها عمليات قصف بطائرات الهيلكوبتر الحربية قامت بها الحكومة السودانية وهجمات للجنجويد في جنوب دارفور‚ ادى العنف بالفعل الى مزيد من النزوح)‚ واضاف البيان: (ما زالت ترد انباء تفيد بوقوع هجمات للجنجويد على النازحين داخليا في ولايات دارفور الثلاث)‚ تجدر الاشارة الى ان الجيش الحكومي كذّب تصريحات الامم المتحدة وطالبت الحكومة السودانية الامم المتحدة بضبط تصريحاتها بل وهددت بمراجعة الاتفاقيات (الرأي العام)‚ مصيبة حكومة الخرطوم انها تتشطر على العالم أو هكذا يخيل لها وفات عليها ان منطقة دارفور مراقبة بالاقمار الصناعية الاميركية التي ترصد تحركات الحكومة وقد رصدت بالتفصيل كيفية حرق القرى في دارفور ويكفي هذه الادلة الاميركية ان تكون مقنعة لمجلس النواب الاميركي بشقيه الجمهوري والديمقراطي‚ ومن ثم فان هذه الادلة ستقنع السلطات التشريعية في بريطانيا واستراليا ومن ثم المجموعة الاوروبية وفي هذه المرة لن تكون فرنسا والمانيا في طرف المعارضة !! باختصار ان الحكومة السودانية بتصرفاتها الصدّامية بإبادة السود في دارفور ستعطي التحالف الغربي الذي احتل العراق الفرصة لتحسين صورته وتصحيح كافة اخطائه في العراق وذلك بالتدخل العسكري في الشأن السوداني تحت مظلة الشرعية الدولية وبأدلة دامغة وفي قضية مقنعة وسوف يقدم التحالف الشرعي الجديد من السودان نموذجا للتحول الديمقراطي بتشكيل حكومة ديمقراطية انتقالية برئاسة الدكتور جون قرنق رئيسا للوزراء وتكوين مجلس رئاسي تشريعي برئاسة السيد محمد عثمان الميرغني وتضم الحكومة كل الفعاليات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني‚ تتولى هذه الحكومة حل قضية التهميش من جذورها عندما تعبر الحكومة في اول يوم من تشكيلها عن رؤى السودان الجديد‚ ومن حق بريطانيا وأميركا ان يقولا لشعبيهما ان العالم دون مشروع الانقاذ الاستئصالي الذي كرس الحرب الدينية والعرقية سيكون اكثر امنا وافضل حالا اسوة بقولتها ان العالم دون صدام حسين اصبح اكثر أمنا‚ متمردو دارفور يمتلكون شرعية الدعوة للتدخل الأميركي ــ البريطاني ــ الاسترالي: طلبت حركة تحرير السودان/دارفور في الاسبوع الماضي من الولايات المتحدة وبريطانيا تدخلا عسكريا (عاجلا) في دارفور قبل انتهاء مهلة الثلاثين يوما التي منحها قرار مجلس الامن للسودان لتجريد اسلحة ميليشيات الجنجويد ذراع البطش الحكومي الذي ارتكب الفظائع في دارفور من حرق للقرى واغتصاب النساء‚ ووجه قائد الحركة عبدالواحد محمد احمد نور النداء مباشرة للرئيس الاميركي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير للتدخل العسكري (من أجل حماية ملايين النازحين من خطر الموت الوشيك الذي ينتظرهم)‚ المعارضة الدارفورية أصيلة وليست صناعة غربية: اذا كانت المعارضة العراقية متهمة بانها صناعة أميركية ــ بريطانية فان تمرد دارفور يختلف تماما عن المعارضة العراقية‚ اكثر من ذلك فان تمرد دارفور يختلف حتى عن التجمع الوطني الديمقراطي كمعارضة احزاب سياسية تنطلق من الفنادق ذات الستة نجوم وتستمد قوتها من وجود الحركة الشعبية لتحرير السودان‚ تمرد دارفور من حركتي تحرير دارفور التي تطورت الى حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة هاتان الحركتان جاءتا كنتاج لمخاض طويل من رحم الصراع في السودان بين الهامش والمركز وكامتداد طبيعي للحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة قرنق وكامتداد لحركة الشهيد داود يحيى بولاد عام 1991 وكامتداد لثورات الهامش في جبال النوبة وجنوب النيل الازرق وابيي وكنتاج للصراع على السلطة في المركز بين أولاد البحر وأولاد الغرب‚ هل تمتلك حركة تحرير السودان شرعية الدعوة للتدخل الأجنبي؟ الدعوة للتدخل الأجنبي صعبة انها مثل الكي بالنار انها آخر الدواء‚ يقول المثل (النار بتحرق الواطيها) ويقول مثل آخر (من يده في الماء ليس مثل الذي يده على النار)‚ فحركة تحرير السودان/دارفور هي حركة وطنية غير متهمة في ولائها لدارفور أو السودان وبالطبع فان امنية الحركة ان تحرر من السودان بنفسها ولكن طريق التحرير طويل وخصمها يتخذ وسائل وأساليب ليست اسلامية ولا إنسانية فالجنجويد لا يواجهون التمرد وجها لوجه وانما يسير الجنجويد تحت مظلة الحماية الجوية للجيش الحكومي ويضرب القرى الآمنة ويحرقها ويغتصب النساء والارض على اعتبار ان سكان القرى من السود الافارقة هم مصدر الامداد والتموين للتمرد والهدف في النهاية معاقبة اهل القرى بسبب تمرد ابنائهم المتعلمين والهدف العسكري هو اجبار المتمردين على ترك مواقعهم القتالية والعودة لحماية اهلهم وقراهم‚ للاجابة عن سؤالنا المعلق نقول ان حركة تحرير السودان/دارفور هي حركة معارضة مسلحة وطنية شكلت واقعا على الارض علما بأن حركة الانقاذ نفسها هي حركة تمرد على قوانين الجيش السوداني ودستور السودان الديمقراطي وقوانين البلاد السارية عشية 30 يونيو 1989‚ فمن الناحية الشكلية يحق لحركة تحرير السودان دعوة اميركا ــ بريطانيا ــ استراليا ــ فرنسا ــ المانيا‚‚ الخ للتدخل لحماية شعب دارفور اما من الناحية الموضوعية فهذه مسألة يحكم عليها الشعب السوداني عامة وشعب دارفور خاصة في ظروف ديمقراطية طبيعية‚ وختاما اذكر بان مأساة دارفور هي قضية انسانية يحق للمجتمع الدولي التدخل لحلها دون اذن من حكومة الخرطوم التي صنعت (هي وغيرها) التهميش‚ فالتمرد ليس جريمة وانما هو مقاومة مشروعة‚ والحكومات في اميركا وبريطانيا هي مسؤولة في المقام الاول امام برلماناتها وشعوبها عن تقاعسها تجاه مأساة شعب دارفور‚
نقلا عن
http://www.sudanjem.com/arabic/arabic.html[/B]
|
|
|
|
|
|
|
|
|