صحيفة الخليج تنشر ملفا عن الخرطوم: الخرطوم.. مدينة المتناقضات

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 02:56 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-08-2004, 06:10 AM

sympatico

تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
صحيفة الخليج تنشر ملفا عن الخرطوم: الخرطوم.. مدينة المتناقضات

    اهله يدفنون أحلامهم والمصطلح ضاع وسط محاولات تعريفه

    الفقر.. ثوب فرعون الوهمي في السودان


    ملف أعده من الخرطوم: محمد عبد الرحيم

    الخرطوم.. مدينة المتناقضات

    "1"

    الغنى والفقر والمعمار.. ثلاثية العاصمة السمراء


    تجمع مدينة الخرطوم بين المتناقضات وعلى رأسها الثراء الفاحش والفقر المدقع، فهناك أناس ينافسون “بيل جيتس” ثراء ويكفي أن يسعد الحظ أحدنا ويحضر ولو من بعيد حفل زفاف أو مناسبة عيد ميلاد في إحدى القلاع السودانية التي يطلق عليها مجازا منزلا اوحتى فيلا ليقف مذهولا بفعل ما يراه من ثراء فاحش وانفاق ببذخ . ويتميز أثرياء السودان بتقاليدهم الخاصة واهتماماتهم التي تدور في مجملها حول الإصرار على الصرف التفاخري. وإذا كان الفقر هو الفقر في أي مكان في العالم فإن معانيه تختلف في العاصمة السودانية حيث يحاول البعض تزيين واقع الفقراء بإطلاق أسماء رنانة عليهم منها على سبيل المثال “الشرائح غير القادرة” أو “المحرومة” أو “الضعيفة” وفقراء الخرطوم قد لا يعانون من مشكلة بعينها ولكن حياتهم سلسلة من المعاناة . فكل ما يتعلق بالطعام والشراب والتعليم والنوم والطب والتغذية ورعاية الأبناء مشكلات يعانون منها أضف إلى ذلك مشكلات قد لا تخطر على بال مثل الزواج والحب وحتى الموت يكون في أحيان كثيرة معضلة يتوقف عندها السوداني بسبب تكاليفه المادية والمعنوية وتبعاته المتوارثة. ولك أن تتخيل أن أسرة متوسطة يعمل جميع أفرادها بمن فيهم الأطفال لكن ثمرة عملهم هذا لاتغطي ضروريات الحياة، ورغم ذلك تظل مستترة بالتعفف ورافضة اللجوء الى طلب المعونة

    وفقر الخرطوم وغناها لا يظهر فقط في وجوه البشر أو المناسبات بل توثقه مزاجية البناء في المدينة التي يؤرخ لنشأتها في منتصف القرن الثامن عشر. فقد امتدت الخرطوم ونمت بعشوائية هندسية موغلة في اللاعقلانية وتحولت في غفوة من أولي الآمر إلى جبال اسمنتية تفتقد رئتها التي تتنفس بها ليمثل الفقر والثراء والمعمار ثلاثية خاصة تميز العاصمة السمراء عن غيرها من العواصم.





    اهله يدفنون أحلامهم والمصطلح ضاع وسط محاولات تعريفه

    الفقر.. ثوب فرعون الوهمي في السودان



    ملف أعده من الخرطوم: محمد عبد الرحيم



    للخرطوم وجهان متناقضان اشد التناقض، الأول مكتنز شاب نضر لم يعرف شيئا اسمه المعاناة والشقاء والبحث عن لقمة العيش وأساسيات الحياة، والثاني وجه عبوس كالح أرّقه التعب، وهدته المحن والخطايا، ورسمت المعاناة تجاعيدا عليه فتحول إلى خرائط متجعدة من الآثار المحفورة على تفاصيله، غاب الإحساس بالحياة ومتعتها حتى كاد أن يختفي ويتوارى عن الأنظار إلى الأبد. وفي محاولة لتجميل وتزيين واقع الفقراء في الخرطوم يصر الكل على إطلاق أسماء رنانة عليهم فيطلق البعض عليهم “الشرائح الضعيفة” والآخر “الشرائح غير القادرة” أو “المحرومة” لكن النتيجة في كل

    الأحوال وتحت أي من المسميات واحدة عنوانها المعاناة في نواحي الحياة المختلفة، وتفاصيلها ممتدة لتشمل المألوف وغير المألوف، المحسوس وغير المحسوس، المرئي وغير المرئي إلى الدرجة التي لا يمكن الإمساك فيها بطرف قضية أو مشكلة وتصنيفها كمشكلة تعاني منها الشرائح الضعيفة فكل ما يتعلق بالحياة وطريقة العيش فيها يشكل مشكلة لهذه الطبقة الأكل (الشرب، النوم، العلاج، التعليم، التغذية، رعاية الأبناء، الزواج، الحب) وحتى الموت يمثل في أحايين كثيرة مشكلة كبيرة بسبب الحاجة إلى مقابلة تكاليفه المادية والمعنوية وتبعاته الاجتماعية المتوارثة في المجتمع السوداني بصفة عامة.







    بيد أن القاسم المشترك الأعظم بين هذه الطبقة هو تساقط أحلامها كما يتساقط ويشهدون بأنفسهم مواكب دفن أحلامهم، حتى صاروا لا أموات ولا أحياء، بسبب كثرة إبحارهم في مراكب الحزن انتظارا للوصول إلى غد مجهول، يحملون معهم الحاضر البائس والأمس العسير، وحتى مراكبهم تلك لم تسلم قوافلها من الهموم القاتلة الثقيلة، حتى صاروا يتمنون أن يأتي يوم يستغنون فيه من ظلال أشجار الرحمة والإحسان ليرتحل الهم بعيدا عنهم وتمتد مواسم الأفراح لتعود البسمة لشفاه الصغار وتنطفئ شموع الظنون والشك والريبة تجاه المجتمع والناس.

    لكن المشكلة الحقيقية تكمن في إيجاد تعريف بسيط متفق عليه يمكن إطلاقه على الفقير، ثم ما هي العوامل التي تتداخل لتكون الواقع الذي يفضي إلى تكوين ما يطلق عليه اصطلاحا مجتمع الفقراء أو المعدمين، مع محاولة الإجابة على أسئلة من شاكلة كيف ينشأ الفقر ويستمر؟ وكيف يمكن الخروج من دائرته الشريرة؟ وما هي الضمانات المتوفرة لعدم العودة إلى دائرته إذا قدر للإنسان أن يخرج منها؟

    انطلاقا من الرؤية العالمية لتحديد مفهوم الفقر في الخصوص، وبالتحديد تقارير البنك الدولي الصادرة عام 2001 التي اعتبرت أن الفقر حالة لا تشمل فقط الحرمان المادي الذي يقاس بمفهوم مناسب للدخل أو الاستهلاك بل يشمل أيضا التحصيل المنخفض في التعليم والصحة، ويتوسع التقرير في تحديد نطاق مفهوم الفقر بحيث يشمل التعرض للمعاناة والمخاطر وعدم القدرة على إسماع الصوت وانعدام الحيلة.

    وفي محاولة لتحديد رؤية سودانية لمفهوم الفقر، تناول أخصائيون اجتماعيون المفهوم انطلاقا من طرح مجموعة أسئلة لمحاولة تحديد المفهوم عبر دراسات اجتماعية متوالية في ولاية الخرطوم وتبدأ المجموعة بسؤال: هل كنت مالكا لقطيع من الأبقار هلك لعدم هطول الأمطار؟ هل ذقت مرارة أن تتحول إلى فقير معدم يعيش عشوائيا في أطراف المدن وعلى هامش الحياة؟ هل شردتك الحرب فهجرت منزلك وسرت على قدميك لأسابيع للسير حتى متابع الدنيا إلا “كيسا” على رأسك والخوف يدفعك للسير حتى لو تورمت قدماك؟ هل جربت وأنت تسكن عشوائيا أن تبني منزلا بالليل فهدمته السلطات نهارا فتعود لبنائه ليلا؟ وهل مات عائل أسرتك الوحيد “أو مرض مرضا شديدا” فتحولت حياتك جحيما وطردت من المنزل الذي تسكنه بالإيجار؟

    ولا يتوقف سيل الأسئلة عند هذا الحد، فيضيف عليها الأخصائيون: هل فصل أبناؤك من المدرسة لعدم سداد الرسوم؟ هل مرضت أو مرض طفلك فلم تجد قيمة الدواء ولا شخصا يقرضك مالا تشتريه به وهل مات طفلك نتيجة لذلك.. وهل..وهل؟

    حتى تمتد قائمة الأسئلة لتشمل فقدان الثقة بالنفس والأمل والإحساس بالعجز الكامل عن تغيير الواقع، وطبقا للأخصائيين الاجتماعيين المذكورين فإن الإحساس بالفقراء يتعمق إذا ما مر الفرد بتجربة الفقر على المستوى الشخصي مع تأكيدهم على أن الاحتكاك اليومي الدائم مع القضية يمثل أيضا بعدا مهما في فهمها، والإحساس بها ولذلك توصل العاملون في مجال العمل الاجتماعي وتخفيف حدة الفقر بولاية الخرطوم إلى أن كلمة فقر تعني معاني مختلفة باختلاف الزمان والمكان وأن تعابير “العوز” و”انعدام القدرة” و”الحرمان” و”الضعف” فضلا عن تعبير “الاستعباد الاجتماعي” المستخدم حديثا كلها تعابير شاع استعمالها فوصف الفقر لدرجة اختفت معها الفروقات بين هذه المفاهيم والفقر بحيث أن التوصل إلى إجماع حول مفهوم واحد لم يعد أمرا ممكنا وضروريا، فالفقر موجود والفقراء موجودون ويعانون والمحرومون ملأوا الأرض وامتدت سلسلة الفقر وقائمته خلال السنوات الأخيرة لتشمل قطاعات مختلفة من شرائح المجتمع السوداني بصورة عامة وولاية الخرطوم بصورة أكثر خصوصية، وبعيدا عن المفاهيم المطروحة وتعميماتها فقد أصبح الفقر ظاهرة ملازمة للحياة في الخرطوم وإن تناقضت في أحايين كثيرة مع ضدها وصار الفقر مرتبطا حتى ببعض الأشخاص الذين يقطنون قريبا من منازل الأثرياء ويعيشون على فتات موائدهم ينتظرون إحسانهم الشخصي أو العطاء الرباني الخالص عند إخراج زكاتهم السنوية.


    الدائرة الشريرة

    دائرة الفقر تتسع كلما نظر للقضية من زوايا مختلفة في ولاية الخرطوم التي تقع في الجزء الشمالي الشرقي من أواسط السودان بمساحة كلية تبلغ 20736 كيلومترا مترا مربعا وامتدت حدودها من مركز المدينة في دائرة قطرها 50 كلم بتعداد سكان يتراوح بين 5-7 ملايين نسمة “حوالي ربع سكان السودان” طبقا لإحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء مع احتفاظ جغرافيتها بحركة تغيير مستمرة بزيادة سنوية في عدد السكان بمعدل 6% لا ترجع إلى زيادة أعداد المواليد فحسب بل ترجع كذلك للزيادة الناجمة عن الهجرة من الأرياف وباقي مدن السودان لأسباب مختلفة.

    ومجتمع ولاية الخرطوم مجتمع متباين تغطي عليه الفوارق الاجتماعية بصورة تتطابق النظرية المشاعة في أن الفقر شيء نسبي “الغني في منطقة قد يعتبر فقيرا في منطقة أخرى” ولهذا فإن الغني في منطقة ما قد يكون فقيرا ويحتاج إلى مساعدة، ولكن وضعه الإجمالي يكون أفضل من الأطراف إذا ما تم إخضاعهم لنفس المقاييس.

    لكن متابعة قضية الفقر في ولاية الخرطوم تستلزم العودة إلى دراسات وزارة التنمية الاجتماعية بالولاية التي قسمت العاصمة إلى ثلاثة أقسام رئيسية أولها المركز القديم الذي يتميز بوجوده في قلب العاصمة ويتمتع بالخدمات الأساسية فضلا عن وضعه السكني وقدرته الاقتصادية وتمثله نماذج الأحياء الراقية التي يتميز سكانها في الغالب بارتفاع مستواهم التعليمي النسبي وانقطاع جذورهم الريفية بقدر كبير مع وجود قدرة اقتصادية معقولة.

    والثاني الأحياء الشعبية القديمة في وسط العواصم الثلاث والتي تشكلت من موجات النزوح الريفية الأولى منذ عهد الاستعمار وما بعده ورغم أن هذا النزح ريفي الجذور، إلا أن ارتباطه بجذوره أصبح هامشيا، ويتميز سكان هذا النموذج بوجود عال للخدمات الأساسية غير أن سكانه بدأوا يتعرضون في الآونة الأخيرة إلى انخفاض المداخيل الاقتصادية وتتمثل حاجتهم الأساسية في معالجات تتصل برفع مستوى الدخل الاقتصادي عن طريق إعادة التدريب أو خلق وظائف أو تمليكهم مشروعات مدرة للدخل وإدخالهم ضمن دائرة التأمين الصحي.

    والجزء الثالث هو الطرف القديم ويتمثل في الحزام الطرفي المخطط حديثا والذي يحيط بالمدن الثلاث، وغالبا ما يعود هذا الحزام إلى موجات النزوح الأخيرة والتي بدأت نحو الخرطوم منذ منتصف الثمانينات نتيجة للحرب في الجنوب والجفاف والتصحر في الغرب والشرق والشمال يتميز هذا الحزام بافتقاره للخدمات الأساسية وتدني مستوى السكن والبيئة ويحتاج هذا النموذج إلى إدخال الخدمات الأساسية وإصلاح أحوال السكن والبيئة فضلا عن تدريب السكان على أنماط جديدة من المهن “إذ أن تدني المداخيل الاقتصادية يرجع إلى سيادة الأمية وتدني مهاراتهم”.

    أما الطرف الحديث فيتمثل في الحزام الطرفي غير المخطط حاليا “العشوائي” وتشكل معسكرات اللاجئين والنازحين العمود الفقري لهذا الحزام وطبيعة السكان ريفية جدا ومعظم قدراتهم وخبراتهم مرتبطة بالرعي والزراعة والصيد البدائي كما أن بعضهم لا يتقن اللغة العربية مما يصعب دمجهم في المجتمع ويتميز بأن الخدمات الأساسية ضعيفة جدا وتتمثل في آبار المياه اليدوية والمدارس الابتدائية والمراكز الصحية

    وعلى الرغم من أن التوزيع الجغرافي للعاصمة بهذه الطريقة يفي ببعض الأغراض عند مناقشة قضية الفقر، إلا أن الفقر في حد ذاته لم يرتبط بمنطقة دون سواها فقد طرق كل أبواب المجتمعات الصغيرة في ولاية الخرطوم وصارت مسألة تحديده بمكان أو زمان أبعد ما تكون عن القراءة الحقيقية لواقعه كظاهرة يجب الوقوف عندها بترو.

    واستنادا إلى تعريفات الأخصائيين الاجتماعيين، فإن وصف الفقر يمكن أن يطلق على أكثر من 75% من سكان ولاية الخرطوم حتى في الأحياء الراقية المتناقضة التي ضربها الفقر بطريقة غير مباشرة عندما توحدت مجموعة ظروف متداخلة وأوجدت مجتمعا هامشيا فقيرا في الأحياء الراقية يتمثل في بعض العمال والأسر التي اتخذت من تلك الأحياء مسكنا لها وتعيش وتمارس حياتها على هامش هذه المجتمعات في تناقض مثير للانتباه.

    وسواء كان الأمر متعلقا بمركز الخرطوم في أحيائها الراقية أو أحيائها الشعبية القديمة، فالمعاناة واحدة وتتخذ أشكالا عدة وصورا مختلفة طبقا لنوع الحاجة مع قاسم مشترك هو “تدني الدخل” الأمر الذي يمنع سكان هذه المناطق من الحصول على احتياجاتهم الأساسية وبعض الخدمات الرخيصة المتاحة.


    الصورة المتطابقة


    وإذا استثنينا التوزيع الجغرافي مرة أخرى وحاولنا ملاحقة بعض صور الفقر اليومية، فسنجد أنها تتطابق في الكثير من ملامحها من منطقة وأخرى وكنموذج مثالي لقياس حجم الفقر يمكن ملاحظته بوضوح في مجموعات من الصبية يتحركون باكرا يوميا إلى مركز المدينة أو على أماكن تجمعات الأسواق للحصول على نصيب من الطعام ليس في مطاعم الدرجة الأولى أو حتى الشعبية لكن في مطاعمهم الخاصة في أماكن تجميع “الأوساخ” أو أماكن تفريغ بقايا المطاعم والتي استغل بعض ضعاف النفوس وجودهم في المطاعم وصاروا يبيعون بقايا الأكل للمحتاجين وصار مألوفا أن ترى مجموعة من الصبية تتراوح أعمارهم بين العاشرة والخامسة عشرة وهم يتناولون طعامهم تحت ظل “محل تجاري” أو منزل وأحيانا تحت هجير الشمس في أوراق مفروشة على الأرض في أبشع صورة من صور الإنسانية المهدرة بسبب عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية دفعت هؤلاء الصبية للبحث عن مصادر رزق لهم أو لأسرهم بطرق مختلفة.

    ولا تختلف الصورة كثيرا في بعض المناطق الطرفية عن هذا الحال وأن اختلفت في أن بعض الأسر تمتلك فقط مكانا يأويهم وحريصة على تجميع أبنائها وعدم تركهم للتشرد والضياع وهم يعلمون فداحة الثمن الذي يدفعونه في سبيل تحقيق هذا الهدف فتوفير لقمة العيش أقرب للمستحيل منه إلى الممكن وتضطر هذه الأسر في بعض الأحيان إلى الاكتفاء بوجبة واحدة في اليوم أو وجبتين على أكثر تقدير أو بقية متطلبات الحياة فلا مكان لها في اجندة الآباء والأمهات فالتعليم مشكلة لا سبيل لحلها والعلاج كارثة لا يمكن تفاديها إلا باللجوء إلى سؤال الآخرين.

    ولا تختلف الصورة في نموذج ثالث في اسرة متوسطة استطاعت بجهد جهيد توفير مصادر دخل عن طريق عمل جميع أفرادها بما فيهم الأطفال، لكن مجهودهم لا يغطي نفقات الأكل والشرب لكنهم يصرون على البقاء يستترون بالتعفف ويقنعون بالمقسوم ويسألون الله ألا ينزل عليهم أمرا أو مصيبة تدفعهم للجوء إلى طلب المعونة والإحسان من الآخرين وأن يقيهم شر الأمراض ويبعد عنهم شبح الانكسار والذلة.

    والمشهد قد يتكرر في مشفى حكومي أو مركزي صحي في الحي عندما لا يجد المريض ثمن حقنة فارغة لازمة لإجراء فحص معملي أو قيمة دواء لا يزيد مبلغه على بضعة دينارات لكن المعاناة الحقيقية والمشهد المؤثر يشاهد في مناطق التي لا تتوفر فيها الخدمات الأساسية وبخاصة المياه التي يدفع الفقراء أكثر من 45% من دخولهم لشرائها عن طريق “الكارو” بمبلغ يتراوح بين 150 و3000 دينار سوداني حسب تقديرات دراسات رسمية صادرة عن وزارة الرعاية الاجتماعية بولاية الخرطوم ويمثل عدم توفر المياه الصحية النظيفة واحدة من المشكلات التي تزيد معاناة الفقراء فمعظم أمراض الأطفال وغيرها من الأمراض تأتي نتيجة المياه الملوثة كما أن قلتها تؤثر سلبا في البيئة وصحة الإنسان الأمر الذي يزيد من حجم المعاناة.


    مجهودات مقدرة

    في محاولة لتخفيف حدة الفقر بولاية الخرطوم سعت الجهات المختصة إلى تنفيذ برامج تفي ببعض الأغراض ولكنها لا تلبي الاحتياجات المطلوبة فالصرف على برامج التنمية الاجتماعية مازال قاصرا على الوفاء باحتياجات الأجندة والبرامج المطروحة وهو في أفضل صوره لا يتناسب مع حجم المشكلات المطلوب مواجهتها، بيد أن مجهودات المؤسسات والهيئات العاملة في مجال التنمية الاجتماعية ومكافحة الفقر في ولاية الخرطوم لا يجب انكارها بعد قيامها ببعض الأنشطة التي تم تنفيذها، بالإضافة إلى عدد المستفيدين وتكلفة التنفيذ ونسبة لكثرة الجهات التي تعمل في مجال المساعدات الإنسانية والفقر فإن أي رصد للإنجازات يتطلب جهدا في توفير المعلومات الخاصة بالأنشطة التي تنفذها المؤسسات التي تعمل بصورة مباشرة وغير مباشرة.

    لكن المجهودات في مجال المياه كانت هي الأبرز والاهم من خلال برنامج طموح يهدف إلى إمداد فقراء الولاية “والقاطنين في أطرافها بالمياه الصحية والنظيفة واستند تنفيذ هذا البرنامج على قاعدة التمويل المسترد وكمحاولة لربط مفهوم التمويلات الصغيرة بتنفيذ مشروعات الخدمات الأساسية واستهدف المشروع في مرحلته الأولى (من أغسطس/آب 2002 الى ديسمبر/كانون الأول 2003/ عدد 12 ألف أسرة بتكلفة تتجاوز 550 مليون دينار واشتمل على تشييد الشبكات وعمل التوصيلات للمنازل حتى مستوى صنابير المياه “الحنفيات”.

    واعتمد البرنامج على التنسيق الكامل مع كل الكيانات الولائية والمحلية وارتكز في تنفيذه على كيانات المؤسسة القاعدية “جمعيات الائتمان والادخار” والتي تم من خلالها تحريك قطاعات المجتمع المختلفة.

    وهنالك مجهودات من جهات مختلفة للتخفيف من حدة الفقر أملا في تحقيق التنمية المستدامة التي تحقق بدورها التقدم الاجتماعي والاقتصادي دون استنفاد الموارد الطبيعية في آخر تحقيق حاجات وطموح الحاضر دون التضحية بقدرة الأجيال القادمة على مواجهة احتياجاتهم، الأمر الذي يستلزم اشتراك وتعاون جميع الفئات في المجتمع من دون استثناء ويستوجب أهمية التوازن بين حقوق الفرد وحقوق الجماعة، خاصة فيما يتعلق بحقوق الفئات الفقيرة والمحرومة وإتاحة الفرصة لها للتعبير والمساهمة بقدراتها في إحداث التغيير.

    http://www.alkhaleej.ae/articles/show_article.cfm?val=90596
                  

07-08-2004, 06:15 AM

sympatico

تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صحيفة الخليج تنشر ملفا عن الخرطوم: الخرطوم.. مدينة المتناقضات (Re: sympatico)

    "2"

    العمران.. امتداد فوضوي لخرائط "دوكسيدس"

    مزاجية البناء أضاعت هوية الخرطوم الهندسية


    يؤرخ لنشأة مدينة الخرطوم في منتصف القرن الثامن عشر وتفيد المعلومات التاريخية المتوفرة بأن المنطقة التي نشأت عليها الخرطوم كانت عبارة عن برك وأحراش وجروف يقوم بزراعتها أهل جزيرة توتي الحالية وكانت كل المباني الموجودة مشيدة من الطين والقش حسب إفادات وثائق الإدارة التركية التي تؤكد أيضا أن “جعفر باشا” حكمدار السودان بدأ خطوات عملية في اعمار الخرطوم فيما زاد إسماعيل أيوب من نسب المباني الحكومية في ذلك التاريخ.

    ثم أصبحت الخرطوم عاصمة للتركية السابقة في عام 1830 بعد أن شهدت نهضة عمرانية نسبية زادت من أهميتها الاجتماعية والاقتصادية وصارت قبلة للكثير من الهجرات من مختلف مناطق السودان منذ ذلك التاريخ واكتسبت شهرة ومكانة جديدتين عند قيام الدولة المهدية لكن هويتها كمدينة تصلح عاصمة تبلورت أثناء فترة الحكم الثنائي البريطاني المصري على السودان شهدت خلالها الخرطوم نهضة عمرانية حديثة بمقاييس ذلك الزمان والتزمت بطابع عمراني يميزه الاهتمام بالتخطيط ومراقبة نمو وتوسع المدينة حيث نالت شرف اول عاصمة أفريقية تصمم لها خارطة موجهة عام 1910.

    واستمر حال الخرطوم على ما هو عليه حتى الاستقلال حيث كلفت الحكومة الوطنية آنذاك مخطط المدن الشهير “دوكسيدس” بتصميم خرائط موجهة للمدن الثلاث “الخرطوم، الخرطوم بحري، امدرمان” لتتحكم في نموها لمدة 15 عاما بحيث يبلغ أقصى تمدد للمدن الثلاث في حدود 10 كيلومترات، لكن تقديرات “دوكسيدس” ذهبت مع الريح وشهدت الخرطوم نموا عفويا تميزه الفوضى الهندسية ..وكنتيجة طبيعية لغياب التخطيط السليم ظهرت جملة مشكلات ربما يؤدي تفاقمها إلى إصابتها بالشلل والعجز عن الحركة.

    كان تخطيط مدينة الخرطوم حتى بداية العقد السادس من القرن العشرين منضبطا ومنظما حيث كان يتم تخطيط المدن الجديدة بكل احتياجاتها وعند بوابة السبعينات شهد وسط الخرطوم تزايدا واضحا في الأنشطة الحكومية والأنشطة المرتبطة مباشرة مع المواطنين مع نمو عمراني لم تراع فيه أدنى المتطلبات الهندسية بعد التعديلات التي جرت في مركز المدينة.

    ولم يكن أحد يتوقع أن تترهل الخرطوم وتتمدد وتصاب بالشيخوخة المبكرة والأمراض المزمنة في هذا الوقت القصير بعد ميلادها مقارنة بمدن أخرى سبقتها في النشأة والتكوين وتضيع هويتها المعمارية بسبب إصرار كل الحكومات المتعاقبة على تنفيذ سياسات إسكانية قصيرة المدى لا تستوعب المتغيرات المحتملة جغرافيا وديموغرافيا.

    وقبل أن يستفيق الكل من غفوته نمت الخرطوم وانتشرت امتداداتها بعشوائية هندسية موغلة في اللاعقلانية وتعدت الخطط الإسكانية والاستثمارية على الميادين الرئيسية وحولتها إلى جبال أسمنتية فقدت بسببها الخرطوم رئتها التي تتنفس بها وأصيبت بأمراض ضيق التنفس والحساسية المفرطة.

    وخلال فترة قصيرة لم تتجاوز الخمسين عاما شهدت الخرطوم - في وسطها وأطرافها - نموا عمرانيا ضخما لم تراع فيه أبجديات التخطيط السليم للمدينة ،والواضح أن توسع الخرطوم عمرانيا حدث دون إعداد خرائط موجهة واعتمادا على خرائط دوكسيدس المصممة قبل اكثر من 46 عاما كان حينها عدد سكان المدينة لا يتعدى المليون نسمة بما في ذلك السكان الموجودون على أطراف المدينة وضواحيها، غير أن النهضة العمرانية العشوائية التي سادت الخرطوم ارتبطت بصورة رئيسية بزيادة عدد السكان بصورة مضطردة منذ إعلان الاستقلال حتى تجاوز عدد سكان ولاية الخرطوم حسب تقديرات العام 1998 اربعة ملايين نسمة بقليل منهم 3 ملايين ونصف حضر، وحوالي 651 ألف ريفي، وحسب الجهاز المركزي للإحصاء فإن معدل نسبة الزيادة السكانية يبلغ 3.6% سنويا فيما شهدت الخرطوم بعد تعداد 1993 معدلات نمو سكاني يفوق معدل النمو بكل مدن السودان لأنها تعرف عمليا بالمدينة المهيمنة ويبلغ عدد سكانها تسعة أضعاف سكان مدينة بورتسودان على سبيل المثال على الرغم من أنها تعتبر المدينة الثانية من حيث عدد السكان في السودان، ويتوقع وفقا للتقديرات أن يكون عدد سكان ولاية الخرطوم في نهاية عام ،2002 8 ملايين نسمة إذا وضعنا في الاعتبار نسبة نمو سنوية بما يقارب 7%، منها 2% الزيادة الطبيعية و5% بالهجرة إلى الخرطوم.

    القفز بالزانة



    بدأت الخرطوم الهرولة في اتجاه النمو بعد نيل الاستقلال بسنوات قليلة وصارت الأحياء تتوسع في جميع الاتجاهات في غياب تام لأي نوع من أنواع التخطيط وظلت أحياء مدينة الخرطوم في حالة نمو سرطاني لم تستطع الحكومات السيطرة عليه ونشأت تجمعات سكانية احتفظت بنفس طابع الأحياء السكنية الموجودة في الخرطوم بمدنها الثلاث كأحياء (الركابية، ودتوباوي، حي العرب، الملازمين، الموردة، العباسية، المسالمة، أبو روف، ود درو) في ام درمان وأحياء (الديوم، الوابورات، المساكن الشعبية، حلة خوجلي وشمات بمنطقة بحري) ثم أحياء (المقرن الرميلة الديوم الغربية والشرقية، توتي، السجانة اللاماب بحر أبيض والجريفات وسوبا والشجرة بمنطقة الخرطوم). بيد أن ترهل الخرطوم وتوسعها وامتدادها بدأ بكثافة ظاهرة في بداية السبعينات من القرن الماضي عندما وضعت الحكومة آنذاك خططاً سكنية ضخمة أنشأت بموجبها العديد من الأحياء الجديدة عبر خطط قصيرة النظر لم تستوعب التوقعات العلمية ومن هذه النقطة انطلقت الخرطوم في طريق العمران العشوائي دون أن تحمل هوية معمارية تمكنها من العبور إلى مصاف المدن ذات الطابع المعماري الخاص الذي يميزها عن غيرها من المدن.

    وبالرغم من أن الخرطوم شهدت قيام أحياء جديدة في فترة وجيزة لكن الثابت أن هذه الأحياء ستعاني من مشكلات كبيرة خلال السنوات القادمة بسبب الإصرار على وضع مخططات قصيرة النظر لا تتعدى الاستفادة منها براحة تامة سوى سنوات قليلة تبدأ بعدها قائمة المعاناة سواء من ناحية الطرق أو التهوية والمشكلات الهندسية الأخرى.

    ومع إصرار الملاك على بناء منازلهم بمزاجية خالصة ضاعت الهوية المعمارية للمناطق السكنية وبعدت المسافة بين إمكانية تقديم خدمات متكاملة للمناطق السكنية وبين المباني المشيدة بدون تقويم هندسي.

    وليس هناك ميزة تميز الأحياء الجديدة عن القديمة سواء في ارتفاعات المباني والألوان المستخدمة على الرغم من نشوء العديد من الأحياء الجديدة في مدن الخرطوم الثلاث ففي الخرطوم نشأت أحياء الرياض، الطائف، اركويت، المنشية، حي الصفا، يثرب المعمورة، الشارقة، طه الماحي وفي بحري نشأت أحياء المغتربين، شمبات الأراضي، الصافية أما في امدرمان فقد نشأت الحتانة، المهندسين، الثورات، الواحدة وغيرها من الأحياء التي حملت نفس الطابع وهوية أحياء الخرطوم القديمة كالعمارات والملازمين في امدرمان وحي الدناقلة شمال بحري.

    وطبقا لإحصائيات ولاية الخرطوم فقد تم التخطيط لتوزيع قطع أراض وفقا لخطط إسكانية ممتدة من عام 1977 ومنذ ذلك التاريخ وحتى ديسمبر/ كانون الاول من عام 1996 تم توزيع 114060 قطعة ارض ومن بداية عام 1997 وحتى أبريل/ نيسان 1998 تم توزيع 12786 قطعة وبعد عام 1999 تم توزيع 16000 قطعة سكنية فيما يبلغ عدد المستحقين المتقدمين للحصول على قطع سكنية حوالي 48000 مستحق يتوقع منحهم قطعاً خلال السنوات المقبلة بخلاف معالجات إسكانية بطرق مختلفة لاكثر من 220301 قطعة بريف الولاية والمناطق الطرفية اكتملت المعالجات الكلية لحوالي 128851 قطعة وعدد 33570 أخرى اكتملت فيها عمليات البحث والرفع المساحي وتنتظر 57880 قطعة البدء في عمليات المعالجة.

    العمل بلا هوية



    غير أن التوزيع للقطع عبر الخطط الإسكانية المتلاحقة شابته صيغ إرضائية دون أن تكون هنالك ضوابط محددة تلزم الملاك الإبقاء على نسق معماري وهندسي معين أو عدة انساق لتأمين الحركة وانسيابها ولمقابلة الزيادة في أعداد السكان في تلك المنطقة ومطالب الخدمات من مياه وكهرباء وتصريف لمياه الامطار فشبكات الصرف الصحي على سبيل المثال تم تصميمها عام 1953 -1954 بطول 146 كيلو متراً لخدمة 80 ألف نسمة ولم تطرأ زيادة على طاقتها الاستيعابية إلا في العام 1962 بإضافة منطقة العمارات وخط فرعي لمعرض الخرطوم الدولي ورغم أن هذه الشبكة تخدم حوالي 10% فقط من سكان الخرطوم إلا أن طاقتها الاستيعابية بعد العمليات الإسعافية التي تمت تعجز عن استيعاب التدفق اليومي البالغ 12 مليون جالون وتمضي في اتجاه تصاعدي نتيجة قيام العديد من المباني الجديدة وزيادة الكثافة السكانية في المنطقة التي يخدمها المشروع ويجري العمل الآن لتطوير وتحديث الشبكة والمحطات القائمة لكن المشاريع تصطدم بفوضى معمارية تضرب بأياديها وأرجلها الولاية من وسطها وحتى أطرافها.

    وحسب إفادات مهندسين يعملون في العديد من المباني الجديدة التي يجري تشييدها في الولاية أقر بعضهم بوجود خلل كبير في النواحي التخطيطية العامة لمدينة الخرطوم بحيث صارت المدينة مخنوقة واختفت الساحات والميادين العامة التي كانت تمثل الرئة بالنسبة للمدينة.

    ويخشى هؤلاء من تحول وسط مدينة الخرطوم خلال سنوات قليلة إلى مجموعات من المباني المتراصة المتلاحقة أعقاب الهجمة الاستثمارية الضخمة التي سادت الخرطوم خلال الخمس سنوات الماضية.

    وطالب مهندسون آخرون بإعادة النظر في التصاديق الممنوحة للمباني الجديدة وإلزام الملاك أو المستثمرين بضوابط معينة تحفظ للخرطوم ما تبقى من ميادين عامة معتبرين أن الحل النهائي يكمن في تركيز الاستثمارات العقارية في مدن أخرى بدلا من تركيزها في الخرطوم.

    الغياب الكبير



    ولم يسلم وسط المدينة من الهجمة المعمارية فضاعت العديد من الميادين والساحات وتراصت الأبنية المرتفعة والشاهقة جنبا إلى جنب فيما ظلت المعطيات الهندسية السابقة سائدة دون حدوث أي تغيير إذ ظلت الشوارع بنفس أحوالها وأطوالها وغابت أساسيات مهمة في المباني الأمر الذي قاد لاحقا إلى أن تصير مدينة الخرطوم مدينة تلفها الضوضاء ويغطيها الزحام في وسطها كواقع مرتبط بخلفيات تاريخية وهندسية أفرزت سلبيات تصعب معالجتها في المستقبل القريب بل صار أمر معالجتها مستحيلا إلا بنقل العاصمة إلى مكان آخر.

    وتفاقم الأمر كما توقع مهندسون مدنيون في أوائل التسعينات من القرن الماضي أفادت توقعاتهم بان منطقة وسط الخرطوم ستصير غابة مزدحمة يميزها خليط غير مفهوم من البشر والسيارات خاصة وان البعض يصر على اقتطاع جزء من الشارع عند قيام مبان سكنية او تجارية في شكل “فرندات” كتقليد هندسي متوارث جيلا بعد آخر وبعد حوالي عشر سنوات ونيف من التنبؤات التي أطلقها المهندسون المدنيون الشباب أصيبت الخرطوم في مقتل حيث صدقت كل التوقعات العلمية التي أطلقت

    والشاهد أن هذا الواقع المرير جعل الخرطوم ابعد ما تكون عن خصائص التخطيط وميزات حركة الانتقال اليومي وصارت المشكلة مضاعفة تتمثل في ابسط صورها في عدم وجود المواقف على الرغم من أن الخرطوم عرفت المواقف العامة منذ زمن قديم متمثلة في المحطة الوسطى الخرطوم لكن نشأتها كانت بطريق عفوي اقتضته ظروف معينة كوجود الموقع أساسا ميدانا أو منتزها عاما أو موقعا متوسطا لمرافعة عمل وتجمعات بشرية، وغالبيتها غير مخططة ولا تتبع نظاما علميا يضبط حركتها كما يغلب عليها المواقف الخصوصية.

    والشاهد أيضا أن الخرطوم في حاجة إلى إعادة صياغة معمارية وهندسية شاملة استنادا إلى خرائط موجهة تعالج الخلل الموجود حتى إذا اقتضى الأمر إلغاء مبان بأكملها وتحويلها إلى ساحات ومواقف.


    http://www.alkhaleej.ae/articles/show_article.cfm?val=90592
                  

07-08-2004, 06:17 AM

sympatico

تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صحيفة الخليج تنشر ملفا عن الخرطوم: الخرطوم.. مدينة المتناقضات (Re: sympatico)


    "3"



    الأغنياء يسترهم تواضعهم وتعاملاتهم


    قد يندهش البعض إذا علم ان في السودان أُناسا ينافسون “بل جيتس” غناّ وان كان نسبيا، لكن دهشته تزول تماما إذا حالفه الحظ وشهد حفل زواج أو مناسبة عيد ميلاد في إحدى القلاع التي تمددت في الخرطوم ويطلق عليها، مجازا، منزلا أو حتى فيلا، ففي هذه المناسبات ترى العجب العجاب، تدريجيا مع مرور الوقت تنسى انك في السودان ويداخلك اليقين أنك في إحدى ضاحيات دول العالم الأول حيث الثراء الفاحش.

    ولا يمكن القطع بتعريف محدد للثراء لغياب المعلومات الرئيسية المؤكدة حول ظاهرة الثراء “الغنى” لكن مصطلح الغنى في عمومياته يطلق في السودان على كل شخص يمتلك منزلا فخما وعددا من السيارات مع شركة أو مصنع أو توكيل من شركة عالمية في أي من المجالات الاقتصادية المؤثرة.

    والقائمة وفقا لهذا التعريف يمكن أن تشمل أشخاصا وضعتهم ظروف محددة ضمن واقع اقتصادي يتميز بالرفاهية الكاملة وبمعنى أدق المجموعة التي ليس هناك مشكلات أو صعوبات تواجهها في الحصول على كماليات الحياة وليس أساسياتها المحسومة مسبقا.

    وتتفاوت نسب الغنى بين الشرائح المصنفة بين فاحش ومتوسط فيما يستبعد التصنيف الشرائح المتعلقة للوصول إلى قائمة الأغنياء دون أن تمتلك المقومات اللازمة للشريحة والمجموعات التي كانت تتمتع بدرجة من الغنى ولكنها فقدتها لأسباب مختلفة.

    وعالم الأثرياء في السودان مختلف ليس له علاقة من بعيد أو قريب بالمجتمع السوداني الكبير إلا من خلال المناسبات الاجتماعية التي تجمع في الغالب الأعم كل طبقات المجتمع السوداني وإن كانت الأسر المتوسطة الدخل تصر على دعوة أقاربها الأثرياء لتحقيق المزيد من “الوجاهة” وإضفاء نوع من التفاخر على مناسباتها الاجتماعية خاصة المتعلقة بالزواج. ويتميز عالم الأثرياء في السودان بنوع غريب من التقاليد والاهتمامات لكن القاسم المشترك الأعظم بين شرائحه هو الإصرار على الظهور بمظهر مادي فخم وتحقيق أعلى درجة من درجات الصرف التفاخري - المقياس الحقيقي لدرجة الثراء بين هذه الشرائح - واهتمام الشرائح الغنية بمظاهر البذخ والصرف غير المحدود تبرز بصورة واضحة في مناسبات الزواج حيث تصل قائمة المصروفات في بعض المناسبات إلى أرقام فلكية تتعدى خانات الآلاف لتصل إلى الملايين من الجنيهات السودانية..

    وتبدأ مظاهر الصرف البذخي في تلك المناسبات باستمرار الاحتفالات والكرنفالات لعدة أيام تهتم فيها تلك الشريحة بإبقاء الزينة الفاخرة حول المنازل وفوق أسطح البنايات العالية لعدة أسابيع فيما تتبارى الأسر في اختيار الشركة التي تقدم الخدمات في يوم المناسبة الرئيسي حيث تتراوح تكلفة تقديم الخدمات المتكاملة للشركات الكبيرة بين 20 إلى 50 مليون جنيه سوداني ويتم اختيار مكان إقامة المناسبة طبقا لتقاليد الأسرة، لكن الأماكن المفضلة لإقامة المناسبات تتفاوت بين فنادق الدرجة الأولى “خمسة نجوم” وثلاثة أندية هي الأشهر في إقامة مناسبات الزواج أو الخطوبة وتتجه بعض الأسر لإقامة المناسبات بكل تفاصيلها بمنازلها مع الاهتمام باستخدام افضل “الصيوانات”-السرادق- وافخر أنواع الزينة،وتستمر احتفالات الزواج عبر سهرات غنائية متوالية وغالبا ما ينحصر اختيار فنان المناسبة في حدود عشرة أسماء من الفنانين هم المفضلون لهذه الطبقات.

    والحفلات مقسمة إلى عامة وخاصة وتتم الخاصة غالبا بعد منتصف الليل “اوفر نايت” ومشاركة اكثر من فنانة من العنصر النسائي أمر مهم وضروري، ويترافق مع ذلك زيارة محلات التجميل المفضلة لهذه الطبقات والتي لا تتعدى الخمسة وتهتم العناصر النسائية بالزي اهتماما متعاظما إلى درجة أن بعضهم يطلب أزياء من خارج السودان لزوم المناسبة، وتحرص على تقديم افخر أنواع الأطعمة حرصها على العلاقات الاجتماعية بينها والاهتمام بأعياد الميلاد وعيد الحب وراس السنة وغيرها من المناسبات التي لا تغشي الفقراء ولا يغشوها، والأمثلة في ذلك كثيرة منها العريس الذي أصر على ان يأتي طعام المناسبة من باريس رأسا، وذلك الذي دفع نقدا لفندق خمسة نجوم ما يفوق الخمسين مليون جنيه للطعام والشراب.

    وفي المقابل تقلصت الطبقة الوسطى إلى حد التلاشي وهي التي كان يفاخر بها الأفندية من جميع مشاربهم، ليصبح هناك طبقتان فقط، أثرياء وفقراء، وانضم أهل الطبقة الوسطى إما قفزا إلى دائرة الأثرياء وإما قفزا “أيضا” إلى دائرة الفقراء. لكن الشاهد انه مع كل هذه الفوارق لا تجد نشازا بين قصر فخيم يجاور منزلا من طين، وليس في الشكل فقط بل حتى في العلاقة الاجتماعية التي تتميز بحسن الجوار والاحترام المتبادل دون حسد أو نظرة مريبة، والشاهد ان أثرياء السودان تسترهم تعاملاتهم في الحي ويشفع لهم تواضعهم بشكل عام وفي الملمات بشكل أخص. ولا يجد الجار غضاضة في ان يركب مع الثري في عربته وهو في طريقه إلى العمل ولا يشعر الفقير بتطفله ان هو دخل قصر الغني ليشرب شاي العصر معه و”يتونس” في الرياضة والسياسة.

    لكن العين الفاحصة ترى في التقسيم الجديد - وفقا للعمران الحديث - ان كتلا كبيرة من الأموال تتراص يوما وراء الآخر في شكل آجر وسيخ وأسمنت مكونة فيلات حديثة تضاهي مثيلاتها في بقاع العالم. وفي المقابل تتمدد أحياء كثيرة في أطراف العاصمة تشكلها بيوت سرعان ما يكتشف الناظر إليها ان أموالا كثيرة لم تدفع فيها.. بل انه بجوار حي فقير أو حتى في وسطه تجد بناية أسمنتية شاهقة تمد لسانها مزودة حتى بستائر الريموت كنترول، وتحيط بها حديقة جميلة فواحة وربما حوض سباحة تظلله زجاجات ملونة، وبنفس القدر يمكن للعائد من الخارج ان يجاور في حي غني ممتلئ بالبنايات الفخمة المزركشة منزلا بسيطا من طين أبى صاحبه ان يبيعه أو يبدله بآخر في حي بسيط ويستفيد من فارق السعر متمسكا بتاريخه وذكرياته. والغريب في السودان ان الطبقة الغنية والفقيرة تتسوقان في سوق واحد، وحتى المركز التجاري فاحش الثراء الذي اطل بنيانه بالقرب من مطار الخرطوم لا يقف حائلا أمام الطبقة الفقيرة ان ترتاده فالجميع يشترون غنيا وفقيرا.

    http://www.alkhaleej.ae/articles/show_article.cfm?val=90595
                  

07-08-2004, 06:24 AM

Alsadig Alraady
<aAlsadig Alraady
تاريخ التسجيل: 03-18-2003
مجموع المشاركات: 788

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صحيفة الخليج تنشر ملفا عن الخرطوم: الخرطوم.. مدينة المتناقضات (Re: sympatico)

    العزيز سمبتيكو
    موضوع مهم
    شكرا للفت الانتباه
                  

07-08-2004, 06:35 AM

sympatico

تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صحيفة الخليج تنشر ملفا عن الخرطوم: الخرطوم.. مدينة المتناقضات (Re: Alsadig Alraady)

    الاخ العزيز العريس الصادق

    تحياتي
    زارتنا الملائكة
    تسلم على الزورة والتعليق
    ونحن في انتظار نشاطك في هذا الجانب
    بعد شهر العسل طبعا
                  

07-08-2004, 07:01 AM

Alsadig Alraady
<aAlsadig Alraady
تاريخ التسجيل: 03-18-2003
مجموع المشاركات: 788

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صحيفة الخليج تنشر ملفا عن الخرطوم: الخرطوم.. مدينة المتناقضات (Re: sympatico)

    العزيز سمبتيكو
    لابد
    ثم
    هاهي الخرطوم بين يديك
    فانظر عبر موضوع اللحظة في البورد" حجب الموقع " انظر كيف تسير الامور
    نحن الان لا نستطيع الكتابة الا عبر الردود ، حتى اشعار اخر
    دامت المودة ياعزيز
                  

07-08-2004, 07:24 AM

خضر عطا المنان
<aخضر عطا المنان
تاريخ التسجيل: 06-14-2004
مجموع المشاركات: 5191

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صحيفة الخليج تنشر ملفا عن الخرطوم: الخرطوم.. مدينة المتناقضات (Re: Alsadig Alraady)

    انحناءة عشانك
    وشكر بلا حدود على هذه اللفتة الكريمة
    فقد سافرت بي عبر ردهات الزمن الى أيام كانت هذه الصحيفة هي قبلة كل سوداني يوم أن كنت أنا نجيما من نجومها عبر مقالاتي النارية المتوسدة لصفحتي الاسبوعية ( شؤون سودانية ) ..
    وبالمناسبة كانت هي احد الأسباب القوية في طرد بطل أبطال ( سودانتيل ) وأكبرالمنادين بفصل الجنوب السوداني ( الطيب مصطفى ) ابن خالة عمر البشير من أبوظبي حيث كان يشغل منصبا رفيعا في شركة اتصالات الامارات وهذا هو سر حقده على سودانيز اون لاين .
    لذا فالرجل ان ينسى فلن ينساني أبدا .. وهذا تاج فخر فوق رأسي .

    لذا شكري مكرر .... ودمت
    خضر
                  

12-22-2004, 05:07 AM

almulaomar
<aalmulaomar
تاريخ التسجيل: 07-08-2002
مجموع المشاركات: 6485

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صحيفة الخليج تنشر ملفا عن الخرطوم: الخرطوم.. مدينة المتناقضات (Re: خضر عطا المنان)

    فوق للفائدة العامة
                  

12-22-2004, 05:29 AM

فتحي البحيري
<aفتحي البحيري
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 19109

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صحيفة الخليج تنشر ملفا عن الخرطوم: الخرطوم.. مدينة المتناقضات (Re: almulaomar)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de