تعليق على مقال كمال الجزولى :اللغة الانجليزية فى جبال النوبة

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 04:17 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-15-2004, 09:21 PM

Deng
<aDeng
تاريخ التسجيل: 11-28-2002
مجموع المشاركات: 52569

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تعليق على مقال كمال الجزولى :اللغة الانجليزية فى جبال النوبة


    [email protected]

    اللغة الانجليزية فى جبال النوبة

    تعليق على مقال الاستاذ كمال الجزولى
    ابوطالب تيو/واشنطون

    اولا نقدم لكم تحايانا الخاصة و نقدر لكم مجهودكم الضخم الذى بزلتموه و اهتماماتكم فى تناول قضية التحول الجذرى لنظام التعليم فى جبال النوبة من اللغة العربية الى اللغة الانجليزية. فمقالاتكم الطويلة المتتابعة توضح فعلا مدى اهتمامكم الزائد بذلك الحدث. و هذا يوضح مدى خطورة قرار التحول فى نظام التعليم فى جبال النوبة من العربية الى الانجليزية من منظور المثقف فى شمال السودان الاوسط دون غيره.

    ولكن قبل ان اعلق على بعض النقاط التى وردت فى مقالاتك تلك اريد ان اوضح لك بأنكم فى الشمال الاوسط عندما تتناولون القضايا المتعلقة ببقية اهل السودان تتناولونها من زاوية تختلف تماما من الزاوية التى يتناولها اصحابها بها. و فى اغلب الاحيان يكون تناولكم للمسائل الجادة سطحى غير متعمق و يفتقر الى التحليل المنطقى و الذى به يمكن ان يتم استنتاج نتائج هى اقرب الى الواقع منها الى الخيال و بالتالى تقود الى نتائج سليمه. ان التلاعب بمفردات اللغة و الاستشهاد بوقائع لا تنطبق على الظواهر الخاصة بنا لا تساعد فى الوصول الى نتائج سليمة من جانبكم. و انا اقول ذلك لان هنالك ثقافات مختلفة فى السودان تتصارع فيما بينها و لكل منظورها الخاص بها. و فى هذا قد استعرت لغة كاتب كتاب تصادم الحضارات.

    و لاننا فى السودان سطحيون الى ابعد الحدود فى تناول القضايا التى تهم الأمة و حصرها فى اتجاه فكرى و ثقافى واحد دون وضع الاعتبار لباقى الافكار و الثقافات و اخضاعها للدراسات و التحليلات العلمية, تكون القرارت دائما هشة و فطيرة و نتائجها مدمرة.

    و حتى لا نرسل الحديث على عواهنه لا بد من ذكر النقاط التالية:

    1-كلنا يعلم ان الانجليز عندما خرجوا من السودان تركوا لنا شيئين لم يتوفرا فى كل الدول التى استعمروها , الا وهما التعليم و الخدمة المدنية. و لكن ما ان بدأ الاستقلال الا و بدأت معاول الهدم بسرعة فائقة بأسم الاسلام و العروبة دون الدراسات الكافية و بدون و ضع ادنى اعتبار لاصحاب الحضارات و الثقافات الاخرى الى ان تم هدم هذين الصرحين اللذين كنا بهما نفاخر الامم التى خرجت من ظل الاستعمار و وصلنا للحضيض فأصبح نظام تعليمنا منذ العام 1986 خارج المنافسة العالمية. حتى الجامعة التى كنا نفاخربها اصبحت مثلها مثل الجامعات العادية و لا يذكرها احد و اصبح خريجيها يرثى لحالهم. فبدلا من ان كانوا فى مقدمة الركب اصبحوا الان لا يتميزون على غيرهم. ففى كل دول العالم توجد جامعات متميزة و تعامل معاملة خاصة و يتمنى الدخول لها كل الطلاب. و الاهم من ذلك يكون معترف بها عالميا. فجامعة الخرطوم بعد ان كان لها تلك الميزة دون غيرها من الجامعات السودانية فقدت هذه الميزة تماما حاليا, و اصبحت تتميز محليا فقط بكلياتها التى لا توجد فى الجامعات الاخرى التى انشئت حديثا. و انا شخصيا اتحسر و اتألم عندما اجد صرحا كان عظيما يهوى و هو واقفا دون ان يتحسر عليه احد. الجدير بالذكر حتى خريجيها الذين تخرجوا فيها لم تأخذهم الرأفة بها فكانوا هم اكثر من اعمل فيها معاول الهدم.

    2-اما فيما يتعلق بالخدمة المدنية فحدث بلا حرج. و هذا نتاج طبيعى للمستوى التعليمى الذى تردى فى البلاد. فهذاين الصرحين مرتبطان مع بعضهما ارتباطا طرديا, بل هما مكملان لبعضهما البعض. فضعف التعليم يؤثر سلبا على الخدمة المدنية و بالتالى تصبح هى اضعف لانها متغير تابع, و خاضة عندما تتدخل عملية المحسوبية و العنصرية و الطائفية و الايدلوجية كعوامل فى اختيار الموظفين للخدمة المدنية و تعليتهم و ترقيتهم. و قد ادى هذا بان تكون الخدمة المدنية كأنها ورثة لفيئة معينة لا يشاركها فيها بقية اهل السودان لذا فقدت عنصر التجديد وا اصيبت بهزال و ضعف كما اصبحت كأنها ضيعة يمتلكها اشخاص معينين تدر لهم ريعا خاصا بهم دون غيرهم.

    3-فأن نظرنا مليا للرعيل الاول من المتعلمين و الخريجين نجدهم كانوا و مازالوا متمكنين لابعد الحدود فى اللغتين العربية و الانجليزية بالرغم من انهم قد تعلموا فى مراحلهم الدراسية و خاصة المتقدمة منها باللغة الانجليزية, الا انهم احتفظوا ايضا بلغتهم العربية. فاللغة الام لم تتخلف ابدا لذا استطاعوا السيطرة على اللغتين العربية و الانجليزية و كانوا فطاحلة يشار اليهم بالبنان و هم كثر و منتشرون فى كل اصقاع الدنيا و يتبؤون مراكز مرموقة ان اردتم اعددناهم لكم.

    4-لكن عندما تم تغيير نظام التعليم من الانجليزية للعربية اصبحنا نفقد تلك الخاصية بالتدريج حتى اصبح لدينا نوع من المتعلمين و الخريجين لا يتميزون عن احد. فالجنرال عبود عندما على الحكم اول ما قام به هو الغاء نظام التعليم فى المدارس الوسطى باللغة الانجليزية. و عندما استولى العقيد جعفر النميرى على الحكم كلف وزير تعليمه محى الدين صابر فألغى نظام التعليم باللغة الانجليزية فى المدارس الثانوية, و ليته اكتفى بذلك, بل طبق سلما تعليميا دون ان يتبع نظام التدرج و اصبحنا ندفع الثمن حتى هذه اللحظة. اذ ان تلك السرعة التى طبق بها نظام التعليم فى السودان فى تلك الفترة تعكس مدى اللجاجة و عدم الاطمئنان على نجاح تلك التجربة فكان لا بد من وضع الناس امام سياسة الامر الواقع, و هذا ماتم. فقد ارادوا لاحقا تصحيح خطأئهم و لكن بدون جدوى و ما دروا ان الاخطاء الاسترتيجة تكلف معالجتها كثيرا. و قبل ان نمحى الاثار التى تركها محى الدين صابر الا و اتى العميد عمر حسن أحمد البشير ليكلف وزير تعليمه العالى المتحمس جدا البروفسير ابراهيم احمد عمر العالم العلامة ليستخدم كل ما كان فى متناول يده من معاول الهدم ليضع بذلك نهاية مؤلمة لنظام التعليم العالى فى السودان و ذلك بأن يقوم بتحويل التعليم فى اعرق جامعاتنا على الاطلاق و اكثرها شهرة و عالمية من اللغة الانجليزية الى اللغة العربية بدون ان يوفر الكتب و المراجع اللازمة بل ترك ذلك لاجتهادات الاساتذة. هذا الخطأ الاستراتيجى لا نعلم متى سيتم علاجه. ان لعنات جامعة الخرطوم ستظل تطارد هذا البروفسير اينما وجد. فهو الذى تعلم و تخرج فيها دون ان يدفع مليما واحدا الى ان اصبح عالما, و لكن ما ان اتته الفرصة لقيادة التعليم العالى الا و قام بهدم هذا الصرح العظيم ورأى الا يستفيد من تبعوه من تلك الفرص التى استفاد هو منها من قبل و قام بتحطيمها شر تحطيم. وها هو نفس النظام الآن يقر وعبر شهادة العالم معترفا فى اتفاقية السلام بالغات السودانية المتنوعة واللغة الانجليزية كلغة للتعليم العالى ولغة معترف بها فى التعامل الرسمى، فهل هذا تناقض ام اعتراف بالاخطاء القاتلة ومن يتحمل مسئولية ذلك؟؟؟؟؟؟.

    5-ان هذا يوضح بجلاء ان القائمين على امورنا لا يرغبون التطور. او على الاقل لا يرغبون ان يتطور ابناء العامة و الهامش. ففى الوقت الذى حولوا فيه نظام التعليم فى كل مراحله من اللغة الانجليزية الى العربية و شجعوا العامة الى ذلك بأن تلك هى لغة الجد و لغة الدين, الا انهم احتفظوا لانفسهم بمؤسسات تعليمية خاصة بهم تعلم اطفالهم باللغة النجليزية منذ نعومة اظافرهم حتى يتميزوا عن ابناء العامة الذين لايستطيعون تعليم ابنائهم فى تلك المدارس. فهنالك المدرسة الامريكية و المدرسة العالمية للتعليم العالى و مدرسة الاتحاد بنين و بنات و مدارس الكمبونى التى تدرس باللغة الانجليزية و فيها يتعلم ابناؤهم بأعالى المصروفات التى لا يستطيع العامة و البسطاء من تعليم ابنائهم فيها و تصبح لهم ميزة يتميزون بها عن غيرهم الا و هى اجادتهم للغة الانجليزية و بالتالى الدخول للجامعات بكثافة و خاصة لكلتى الطب و الهندسة ليسيطروا بذلك على مقاليد الامور فى السودان. الغريب فى ذلك حتى ابناءهم فى مراحل الاساس يتعلمون بالانجليزية فى مدارس الكمبونى و السستر سكول و الراهبات و غيرها من المدارس الخاصة التى يكون فيها نظام التعليم مكثف باللغة الانجليزية, حتى فى المراحل ما قبل المدرسة يشجعون العامة لأخذ ابنائهم الى الخلاوى بينما هم يأخذون ابنائهم الى دور الحضانة و رياض الاطفال. وبعد ان حولوا التعليم الجامعى للغة العربية خاصة فى جامعة الخرطوم ورغم تدريس كلية الطب باللغة الانجليزية الا ان الكلية فقدت قوتها لضعف المستوى الانجليزى بسبب التدنى فى مستويات ما قبل الجامعة وكانت المعادلة غير الموزونة بين المركز والهامش او بالاصح بين الصفوة المقتدرة والعامة هو انشاء كليات جامعية خاصة للطب لا يستطيع العامة فيها ادخال ابنائهم لانها تتقاضى مصروفات يعجز عن دفعها العامة حتى ان رهنوا انفسهم و ممتلكاتهم الى الاف السنين.

    6-بالاضافة الى كل ذلك نجد القادرين منهم يعلمون ابناءهم خارج السودان فى لندن و واشنطون دى سى و انتاريو و سدنى حتى يستطيعوا السيطرة على اللغة الانجليزية و بالتالى السيطرة على مقاليد الامور فى السودان مستقبلا. بل هنالك من لهم جنسيات من الدول التى ذكرنا عواصمها, و لكنهم يتواجدون فى السودان رغم جنسياتهم تلك و عندما تكون زوجاتهم حبلى و يقربن من وضع حملهن يغادرن الى تلك الدول فى هجرة هى اقرب الى هجرة التفريخ, خاصة امريكا التى يسبونها جهارا ليلا و نهارا لينفروا منها العامة بعد ان تصدقهم فى ذلك و لكنهم مع انفسهم يعبدونها سرا و يدفعون كل ما يملكون من مال للذهاب اليها بل و يغيرون جنسياتهم و ينتسبون الى قبائل هم منتهكى حقوقها و مزدريها و يتعففون من الانتماء اليها بل يسبونها سرا و علنا دون سبب مقنع و ذلك للحصول على اللجوء فيها دون وازع من ضمير و عندهم الغاية تبرر الوسيلة, و ذلك حتى يستطيع مواليدهم الحصول على الجنسية الامريكية و بالتالى تأمين مستقبلهم من حيث التعليم ليعودوا للسودان لقيادة العامة و الرعاع.

    7-و ان نظرنا بتمعن الى كادر الجبهة الذى يسيطر على مقاليد الامور فى السودان الان نجدهم كلهم ربيب الغرب. فمعظمهم قد تعلم تعليمهم ما فوق الجامعة فى الغرب حيث افنى زهرة شبابه فى هذه الدول لم يرجعوا الى السودان الا بعدما تمكنوا من اللغة التى يحرمون منها الغير. فهم يجيدونها كتابة ووقراة و مخاطبة اجادة قد تكون فى بعض الحالات احسن من اجادتهم للغتهم الام خاصة ان تناولوا بها المسائل العلمية و السياسية و الفلسفية و الثقافية. فهم الان متكئين على الشهادات التى تحصلوا عليها من الغرب لقيادة البلاد.

    8-لذا نخلص انه و لكى تسيطر على مقاليد الامور فى السودان لا بد من اجادة اللغة الانجليزية بطلاقة بشرط ان تحرم منها منافسك لانها لغة العلم و الادارة و الاقتصاد. فالدكتور الترابى مثلا يجيد اكثر من لغة اجادة تامة و هذا لم يؤثر فى اجادته للغة الام. السيد الصادق المهدى خريج أكسفورد و ليس جامعة الخرطوم بالرغم من انها كانت تدرس باللغة الانجليزية وقتها, الا ان ولاة امره رأوا انه لابد من ان يتميز عن غيره بتعلمه اللغة من اسيادها و ليس من الوسيط. فالصادق المهدى هو الاخر يتلاعب بمفردات تلك اللغة و بها وصل الى ما هو عليه من مستوى تعليمى راق. ان قدر له ان يتعلم مثلا فى المعهد العلمى او فى جامعة امدرمان الاسلامية او حتى فى جامعة الملك سعود لما تميز على احد, و بالتالى كان سوف لن يكون فى موقف يحسد عليه كما هو عليه الان.

    9-هذه مقدمة اردنا منها ان تساعد فى فهم الاسباب و الدوافع التى ادت الى اتخاذ قرار التعليم باللغة الانجليزية فى جبال النوبة بدلا من اللغة العربية و التى تحولت من لغة التعليم الى لغة تدرس كمادة مثل المواد الاخرى, و ساهمت فى اتخاذ ذلك القرار الصعب و الذى سيجبر بقية شمال السودان لاحقا على تطبيقه فى مدارسهم و الا تخلفوا من وراء الركب. و كما نريد من ذلك ايضا ان نوضح ان ما خلص عليها الاستاذكمال الجزولى من اسباب و دوافع بعيدة كل البعد عن الاسباب و الدوافع الموضوعية التى جعلت ولاة الامور فى المناطق المحررة فى جبال النوبة الى الاتجاه لتعليم فلذات اكبادهم باللغة الانجليزية بدلا من اللغة العربية.

    10-التحول فى نظام التعليم فى المناطق المحررة فى جبال النوبة من اللغة العربية الى اللغة الانجليزية, الاسباب و الدوافع.

    ان مثل هذه القرارات الكبيرة يجب الا تتخذ الا بعد الدراسة و التمحيص و وضع كل الافتراضات. و حتى نفهم ذلك لابد من ان نرى اولا ما هى الاسباب التى ادت الى التحول من اللغة العربية الى اللغة الانجليزية.

    11-أثناء فترة الحرب فى جبال النوبة, انقطع التعليم فى معظم المناطق التى كانت تسيطر عليها الحركة تماما. فقد هدمت الحكومة المدارس و الصوامع و البيع, فكان لا بد من قيادة الحركة فى الاقليم من ايجاد و سيلة لتعليم الكم الهائل من الاطفال فى سن الدراسة و ما فوق سن الدراسة لان هنالك من فاتهم قطار التعليم.

    و لكن لما كان نظام التعليم السائد فى المنطقة قبل الحرب باللغة العربية, كان لا بد من الحصول على الكتاب المدرسى من مناطق الحكومة لكى يتم تعليم اطفال النوبة المتواجدون فى مناطق الحركة, او الاراضى المحررة. فقد استخدمت الحركة بعض المعلمين من ابناء النوبة فى ايصال الكتاب المدرسى لها, الا ان الحكومة وا جهزة امنها كانت تقف فى وجه ذلك بالمرصاد و تعاملت مع ذلك بعنف كان اكثرا من اللازم و لم تكن على استعداد من التسامح فى ذلك, و ما درت بأنها كانت تدفع الناس الى اتجاه لم يخطر ببالها قط.

    و لانها كانت لا تؤمن بان يتعلم ابناء النوبة فى المبتدأ, قامت فى المعلمين تقتيلا و تنقيلا, و لم ينجو منهم الا من رحمه ربه. وغيرهم، لذلك يرى الكثيريين من ابناء ان نظام الجبهة لا يريد ان يتعلم ابناء النوبة اصلا حتى يضمن العمالة الرخيصة التى يغذى بها سوق العمل فى الشمال و القوة العسكرية العميلة التى يحارب بها فى الجنوب و بقية انحاء السودان. و لأن النوبة اصلا يحترمون العمل اليدوى الذى يزدريه غيره, كان لا بد من الحكومات المتعاقبة ان ترسم سياسات تحظر التعليم الجاد فى جبال النوبة و ذلك خشية من كسر النوبة وغيرهم من المهمشين لتلك الحلقة عن طريق التعليم.

    فالازهرى فى زيارة له للدبيبات فى مطلع الستينات عندما كان رئيسا للوزراء طالبه ابناء النوبة بازالة الاثار التى تركها الانجليز فى جبال النوبة من دقنية و فقر فى التعليم و المشروعات التنموية. الا ان رده كان يحمل الروح التى تختلج فى نفوس ابناء الشمال الاوسط. فقد ذكر الازهرى ان الانجليز قد رحلوا و تركوا جبال النوبة مقفولة وانهم قد سلموه مفاتيحها و انه سوف يفتحها متى ما ارد. ان هذا حديث لا يمكن ان يخرج من زعيم. و لكن ماذا نفعل؟

    وحديثا اساء البشير و سخر من اهل دارفور لانهم يريدون ان يحكموا السودان وقبلها قالها نائبه فى استاد الفاشر نهارا جهارا . و كأنه لم يقرأ تأريخ السودان و انه كيف كان لدارفور ملوك و سلاطين. هل يعجز سلالة الملوك و السلاطين من ان يحكموا السودان ان اتيحت لهم الفرصة؟ كما اننا نسمع و نقرأ فى جرائدهم احاديث و كتابات غير مسئولة. فمثلا يقولون لا يريدون ان تتكرر دولة الخليفة مرة اخرى و هم بذلك يشيرون الى ابناء الغرب. فالصادق المهدى بعد ان شعر بسيطرة ابناء الغرب على حزبه و على الوزارات المهمة فى حكومته كان يتململ لتململ ابناء الشمال الاوسط. و ما ان اراد نواب حزب الامة من ابناء الغرب من احداث تغيير جزرى فى الحزب ما كان له الا و ان يقوم بتسليم السلطة للجبهة فى مسرحية لا يمكن ان تنطلى الا على غافل.

    ان ذاكرتنا تختزن كثيرا من هذه الكتابات و الاقوال غير المسئولة. و لكن القوم يعتقدون ان ذلك الحديث و تلك الكتابات تمر مرور الكرام و ما دروا بذلك انهم يثبتون اشياء هم ينفونها و لكنها عندهم فى عقلهم الباطنى. و كما يقول علماء النفس ان اى حديث او تصرف يصدر من الكائن الحى لا بد من ان يكون له اثر فى نفسه مهما كان تافها.

    و نتيجة لهذا الحصار كان لا بد من ان تجد القيادة الرشيدة فى الحركة مخرجا لذلك, على الاقل لتحافظ على ما تبقى من المعلمين و فى نفس الوقت تبنى نظام تعليم جاد يمكن ان يفيد النشىء النوبى مستقبلا, خاصة وان هنالك جيلين قد فاتهم قطار التعليم. و اخيرا رأى القائمون على الامر الاتجاه جنوبا و الى شرق افريقيا بالتحديد.

    و بالفعل قد تم ابتعاث مجموعات من ابناء النوبة للتعليم فى الجنوب و اوغندا و كينيا. و لكن هذا الوضع كان لا يحتمله اباء و امهات التلاميذ لان ابناءهم بعيدين عنهم و بالتالى لايستطيعون السيطرة على تربيتهم بالطريقة التى تروق لهم. و قد ادى ذلك فى ان يتفهم القائمون على الامر ذلك الوضع و يقوموا بفتح مدراس فى جبال النوبة و استجلاب معلمين من كينيا و اوغندا لتعزر الحصول عليهم من ابنائهم فى مناطق الحكومة لسياسة الحكومة الصارمة تجاه ذلك. و بالتالى اوقفوا عملية ابتعاث ابنائهم الى تلك الدول. و بالفعل قد نجحت هذه الفكرة و هنالك الان اكثر من 25الف تلميذ فى جبال النوبة فى الاراضى المحررة يتعلمون تعليمهم باللغة الانجليزية وقد قطع هؤلاء التلاميذ شوطا بعيدا فى تعليمهم و هم الان على اعتاب المرحلة الثانوية. فقد بدأت الادارة الرشيدة بأستجلاب عدد قليل فى البداية من المعلمين و لكن تمكن هذا العدد و بالتعاون مع ادارة التعليم فى الاقليم من وضع نظام تعليمى بمستوى راق جدا يحسد عليه رغم الامكانتات الضعيفة قلما يوجد فى اقريقيا, مستفيدين فى ذلك من الخبرتين الافريقية و السودانية. و قد ساعدهم على ذلك الرغبة الاكيدة من الطلاب فى تلقى العلم و التهامه التهاما مما ادخل الادارة فى الاقليم فى مشكلة حقيقة. فكان لا بد من التفكير فى تأهيل معلمين من ابناء المنطقة لسد النقص فى تعليم ابناءهم و التخلص رويدا رويدا من المعلمين الواردين من شرق افريقيا. و قريبا ستكتفى جبال النوبة بأذن الله من المعلمين المتخصصين فى التدريس باللغة الانجليزية و سيتم تصديرهم الى بقية انحاء السودان ان هم رغبوا فى ذلك.

    الجدير بالذكر ان هنالك معهدا للتدريس باللغة الانجليزية فى جبال النوبة وهنالك اتجاه لتعميم الفكرة فى كل الاقليم بما فيها من مجموعات اثنية متنوعة , وقد تكون مبادرة علمية مدروسة لكل السودان، لانها الوسيلة الوحيدة لفك اثار التخلف فى تلك البقعة و الاتجاه الى التعليم الجاد الذى يخلق كوادر يمكن الاستفادة منها فى مجالات التنمية المختلفة و يمكن بها خلق مشروعات تنموية تستهدف المواطن اولا وتساعد فى ايقاف ذلك الهدر المقصود فى الموارد الاقتصادية و البشرية اذ ان الاقليم واسع يسع الجميع, و ان تم وضع و تنفيذ برامج تنموية جادة سوف لن يحتاج هؤلاء الرحل الى الترحال مرة اخرى و عندها ستستقر المنطقة و تنطلق و ذلك بالاستفادة من الثروات الاقتصادية الكامنة, اذ ان مواطنى تلك المنطقة يعتبرون من اغنى اغنياء السودان ان طاب بهم المقام و استقروا و استغلوا ثروتهم الاقتصادية خير استخدام. و لكن كيف؟

    12-الدوافع:

    عندما قام ولاة الامر فى الاقليم بمناقشة قضايا التعليم فى المنطقة,(بالمناسبة يوجد فى جبال النوبة خيرة المعلمين), من جوانبه المختلفة بالدراسة و التحليل, و جدوا ان هنالك دوافع منطقية جعلتهم يقتنعوا بأنه لا بد من التحول من نظام التعليم من اللغة العربية الى اللغة الانجليزية, و ذلك حتى يضمن ابناؤهم مستقبلهم, ان لم يكن فى السودان الدولة التى تحظر عليهم تبؤ مناصب قيادية عليا على الاقل, فأن العالم أوسع يمكن ان يستوعب كل من يجيد اللغة الانجليزية فى مؤسساته المختلفة و ينافس فيها بشرف. و قد اثبتنا ذلك فى المقدمة التى قلنا انها ضرورية لفهم مغذى و دوافع التحول فى التدريس من العربية الى الانجليزية.

    توصل ولاة الامر ايضا الى نتيجة فحواها ان كل من اللغة العربية و اللغة الانجليزية هما لغتى مستعمر, و لكن اللغة الانجليزية تتميز على اللغة العربية فى أنها لغة محايدة لا تتطلب من متحدثها ان ينتمى الى جنسيتها او اعتناق دين بعينه ( كما ورد فى احد المقالات ان من ضمن الاخطاء التى وقع فيها بعض ساسة المركز من الشمال هو النظر الى جبال النوبة كموضوع للاسلمة والتعريب فقط) و بالتالى الغاء ذاته, بمعنى ليس كل من يتحدث الانجليزية يجب ان يحول جنسيته الى انجليزى, اذ ان اللغة تكتسب و لكن الجنسية لا تكتسب الا بالمصاهرة, فى حين ان اللغة العربية تفترض ذلك و هذا يؤدى الى الاذابة المعنوية بالرغم من انها ماديا لا تذوب الشخص فى جنسيته الجديدة, مما تجعله عرضة للصراع النفسى و بالتالى الشعور بالدونية. و قد ادى هذا بالفعل الى نزاع نفسى و اضطراب فى الهوية للدرجة التى سمعنا ان احد ابناء النوبة من الذين ارسلتهم الحكومة الى كينيا يقول ان النوبة عرب لانهم يتحدثون اللغةالعربية و هذه سذاجة تعكس لنا مدى البساطة التى يتمتع بها الذين تم استلابهم. ولكن الغريب فى هذه اللغة انها لا تفترض ذلك على المستشرقين بالرغم من اجادتهم لها بطلاقة, بل يكتبون بها ابحاث و دراسات لم كيتبها حتى المتحدثين بها كلغة امهاتهم.

    توصل ولاة الامر ايضا انه يسهل الحصول على الكتب المدرسية و المراجع باللغة الانجليزية, و يمكن استجلابها من اى دولة, خاصة فى العلوم و الرياضيات و الفلسفة و علوم الكمبيوتر, تقريبا كل العلوم ما عدا التأرخ و التربية الوطنية و الجغرافية المحلية التى اوكلت للتربويون من ابناء المنطقة لوضعها. فهنالك معلمين اكفاء لهم خبرات فى وضع المناهج الدراسية و طرق التدريس بها حتى التعليم العالى.

    توصل ولاة الامر ان اللغة العربية يمكن ان تتحول الى مادة تدرس مثلها مثل المواد الدراسية الاخرى حتى لا يفقدها الطلاب و تكون اضافة حقيقية حتى يتمكنوا من التحدث باللغتين بطلاقة و دليلنا على ذلك هو الرعيل الاول من ابناء السودان الذين درسوا بالانجليزية و مع ذلك كانوا و مازال البعض بين ظهرانينا يتحدث و يجيد اللغة العربية قراءة و كتابة بجانب اللغة الانجليزية التى تعلم بها.

    توصل ولاة الامر ايضا انه يمكن ايضا ان تدريس لغة الام فى المراحل الاواى من مرحلة الاساس, و هذا هو الذى يحدث الان, فقد اختيرت لغة الاطور مثلا و هى القبيلة التى تقع رئاسة الحركة فى موقعها كلغة ام تدرس فى مرحلة الاساس فى المدارس فى مناطق الحركة الواقعة فى منطقة اطورو و هى تجربة سيتم تعميمها فى بقية المناطق. ففىجبال النوبة خمس مجموعات لغوية كبيرة يمكن ان تجمع مفرداتها فى قاموس كبير واحد لتكون لغة, و هذا موضوع بحث اخر, و لكن الهدف الاستراتيجى هو احياء اللغة النوبية القديمة و ذلك بالتعاون مع النوبيين فى الشمال, و هذا غير عسير. ان كان اليهود قد بعثوا لغتهم من جديد بعد قرون من الزمان فما المانع من احياء اللغة النوبية القديمة لغة الحضارات و التأريخ، وقد اقرت اتفاقية السلام الاخيرة بهذا المبدأ.



    فبأضافة لغة الام لغة للتدريس فى المراحل الدراسية الاولى نستطيع بذلك ان نحفظ لاطفالنا سنوات من عمرهم كانت تهدر سدى. فمن خلال تجاربنا يهدر التلاميذ فى جبال النوبة اعواما من اعمارهم ليتمكنوا من اللغة العربية و بالتالى فهم الدروس بها, لذا نجدهم دائما فى مراحل دراسية عمرية اصغر من اعمارهم الحقيقية, بمعنى ان الطفل الذى يكون فى السنة الربعة مثلا كان يجب ان يكون فى السنة السابعة, لذا تجده قد ضاعت سنوات من عمره يحتاجها مستقبلا فى تعلم لغة هى ليست لغة امه كانت وسيلة للتدريس, و بالتالى تجد اقرانه فىالسودان الشمالى الاوسط يسبقونه كثيرا فى المراحل التعليمية, كما و ان المنافسة تكاد تكون معدومة بينه و بينهم, ففى الوقت الذى يتعلم اقرانه فى السودان الشمالى الاوسط بلغة امهم تجده لا يملك تلك الميزة لذلك نجد معظمهم يفشل فى الدخول للجامعات بعد ان اصبح النجاح فى اللغة العربية شرطا اساسيا للدخول للجامعات فى الوقت الذى تجده فيه قد احرز درجات عليا فى باقى المواد بدون وضع اعتبار لذلك. و بالتالى يصبح التفوق للذى هى اللغة لغة امه و بالتالى تكون العدالة معدومة فى المنافسة الشريفة فى التعليم العالى فى السودان.

    فهذه النقطة مشكلة حقيقية و ضعها القائمون على امر التعليم فىالسودان بتدبر و عناية فائقة و زكية لاقصاء الذين هم ليست اللغة العربية لغة امهم من الدخول الى الجامعات و المعاهد العليا.

    13-ملاحظات حول بعض النقاط الواردة فى المقال:

    لقد ذكرت فى المقال ان التحول الى التعليم باللغة الانجليزية يعنى التنصير, اى التبشير, و لكن هذا غير صحيح. لقد نسيت ان هنالك دولا اسلامية تتحدث اللغات الانجليزية و الفرنسية و الهندية والفارسية و المليزية و لكنها لا تتحدث بالعربية, هل يعنى ذلك انها متنصرة ام ماذا؟ بل هل كل من لا يتحدث العربية هو نصرانى ام ماذا تقصد؟ و ما هو موقف العرب النصارى الذين يتحدثون بالعربية فى سوريا و لبنان و مصر و فلسطين و حتى فى السودان وفى جبال النوبة على وجه التحديد اذ ان الصلوات لدى معظم مسيحى جبال النوبة باللغة العربية و ليست الانجليزية كما تدعى؟ هل تحدثهم باللغة العربية يلغى عنهم نصرانيتهم؟ و هل هم يعجزون عن التبشير لدينهم باللغة العربية؟ ام ماذا تقصد ا؟ و هل تعلم ان الكنيسة القبطية لها فروع فى امريكا و هى تبشر باللغة العربية و صلواتها باللغة العربية؟ ام تريد ان تقول ان اللغة العربية لا تستوعب اى دين اخر غير الدين الاسلامى؟ و ما هى علاقة اللغة بالدين فى المبتدأ؟ هل هى علاقة متلازمة؟ و كيف استطاع العرب المسلمين الاوائل نشر الدعوة الاسلامية بدون تغيير لغات الاقوام الذين نشرت الدعوة فى ديارهم؟ بصراحة شديدة لقد اربكتنا بموضوعك فى هذه النقطة بالذات نريد منك توتضيحات اكثر. وذلك لانه مجرد التحدث او الرغبة فى التحدث بلغة يعنى التبشير فهذا حديث غير موفق. لانه ليس كل من يتحدث العربية هو مسلم و ليس كل من يتحدث الانجليزية فهو مسيحى او نصرانى. بل هنالك من النصارى من لا يتحدث اى لغة اخرى غير اللغة العربية, هل تريد ان تقول لنا ان اللغة العربية تشفع للمتحديثين بها من غير المسلمين؟ ام ماذا تريد ان تقول؟ و ما مصير ابى لهب و ابى جهل و المغيرة و غيرهم من كبار مشركى مكة من العرب؟

    قبل احداث سبتمبر 2001 اتجه معظم الامريكان فى الدخول الى الدين الاسلامى و قد شاهدناهم زرافات و وحدانا يدخلون فى دين الله افواجا, و لكن ما ان و قعت تلك الاحداث الا و كانت اثارها السالبة على الاسلام و الدعوة الاسلامية للدرجة التى استفزت الامريكان و جعلتهم يتجهون الى تعلم اللغة العربية حتى يتمكنوا من التصدى للاسلام و المسلمين؟ هل تعتقد بأن هؤلاء الامريكان بعد ان يتعلموا العربية سيكونوا عرب و مسلمين؟ ام تعتقد ان الذين منهم الان يتحدثون العربية هم عرب و مسلمين ؟ ام ماذا؟

    و ماذا عن امة الاسلام فى امريكا الذين لا يتحدثون العربية و مع ذلك يعتبرون انفسهم مسلمين و يقومون بنشر الدعوة بين مواطنيهم من السود؟ نريد اجابات واضحة لهذه الاسئلة حتى نقتنع بأن مجرد تدريس و تعلم لغة يعنى تنصير او تحول شخص من الدين الاسلامى الى الدين المسيحى او العكس؟

    الا تؤمن ان التعدد و الاختلاف سنة الهية كونية. ان للاستاذ محمد عمارة مقال جيد فى هذا الخصوص يمكن ان نقتبس منه. فقد زكر الاستاذ محمد عمارة ان القران يؤسس لفلسفة اسلامية متميزة فى رؤية الكون و ان هذه الفلسفة لها معالم رئيسية الا و هى الوحدانية و الاحدية و هى فقط للذات الالهية " قل هو الله احد. الله الصمد. لم يلد و لم يولد." الاخلاص. و ان التنوع و التمايز و التعدد و الاختلاف سنة الهية كونية مطردة فى سائر عوالم المخلوقات " يايها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منها رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذى تساءلون به و الارحام ان الله كان عليكم رقيبا" النساء. " و من اياته ان خلق السموات و الارض و اختلاف السنتكم و الوانكم ان فى ذلك لايات للعالمين" الروم " و لو شاء ربك لجعل الناس امة و احدة و لا يزالون مختلفين الا من رحم ربك و لذلك خلقهم". ان هذا التنوع و التمايز و التعدد و الاختلاف الذى هو اية من ايات الله له مقاصد عديدة منها تحقيق حوافز التسابق على طريق الخيرات بين الفرقاء المتمايزين " لكل جعلنا منكم شرعة و منهاجا و لو شاء الله لجعلكم امة واحدة و لكن ليبلوكم فيما اتاكم فاستبقوا الخيرات الى الله مرجعكم جمعيا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون" المائدة. و ان من هذه المقاصد فتح ابواب الحرية للاجتهاد و التجديد و الابداع و الذى يستحيل تحقيقه من دون تفرد و تمايز و اختلاف " و لكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات, اينما تكونوا يأت بكم الله جمعيا ان الله على كل شى قدير" البقرة. و اخيرا ذكر ان علاقة الفرقاء المتمايزين و المتعددين يجب ان تظل فى اطار الجوامع الموحدة و عند مستوى التوازن و العدل و الوسطية " و كذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس و يكون الرسول عليكم شهيدا" البقرة.

    14-الاسلام فى جبال النوبة و تراجعه:

    ان تراجع الاسلام فى جبال النوبة مسئولة منه حكومة الجبهة الاسلامية مسئولية مباشرة فى المقام الاول. فقبل ان تستولى هذه المجموعة على الحكم كان الاسلام فى جبال النوبة فى زيادة مطردة. و لكن بالسياسات الهوجاء و المتعسفة نفروا الناس من الاسلام و حتى المسلمين منهم قد ارتدوا عن دينهم. و لكن عندنا فى جبال النوبة ان هذه ليست قضية. فكأن تكون مسلما او مسيحيا او لا دينيا فهذا شان يخصك " لكم دينكم و لى دين" فمجتمعات النوبة مجتمعات موحدة اصلا لذلك تجد ان الاديان متعايشة. لذلك حذف القائمون على الامر تدريس الاديان فى المدارس. فالدروس الدينية مكانها الجوامع و الكنائس و الاديرة. و هذا يقود الى قمة التسامح الدينى و عدم تصادم الاديان. فمجتمعات النوبة لا يمكن ان تسمح على الاطلاق ان يكون الدين عامل فرقة او يستغل فى خلق صراعاتهم بينهم من اى جهة ما كانت.و هذا فهم متجذر فى جبال النوبة للدرجة التى تجد فى الاسرة الواحدة معتنقى كل هذه الاديان و لكنهم مع ذلك لا يتصارعون. فكل نفس بما كسبت رهينة.

    و اننا وعلى حسب قراءتنا للاحداث نرى ان الاسلام سيتراجع ايضا فى الشرق و خاصة و قد بدانا نقرأ بأن فيهم من تنصر الان . و سيكون مصير دارفور هو نفس المصير ان استمرت الامور على ما هى عليه. فالهجمة الشرسة على مسلمى دارفور تنبىء بان الصراع فى السودان ليس صراعا سياسيا بقدر ما هو صراعا عنصريا. ففى الواقع ان هؤلاء القوم لا يريدون ان ينتشر الاسلام و سط الافارقة فى السودان. فقد وقفوا فى وجه ذلك منذ استعمارهم للسودان و لم يبزلوا اى مجهود فى ذلك حتى يحتفظوا لانفسهم بمورد من اناس يمكن استرقاقهم. اذ عندهم استرقاق الناس كان اهم من نشر الدعوة و فى ذلك يتفاخرون و ما دروا انهم نتاج ذلك الاسترقاق اذ ان جداتهم فى احسن الفروض كنا سبايا و فرخات. لذا تجد ان حصيلة الاسلام وسط السودانيين الافارقة او الاصليين ضعيفة جدا بالمقارنة مع السنوات التى اقامها العرب المخلفون او المهجنين فى السودان. حتى ما يجود به العرب فى السعودية و الكويت و الخليج من اموال لنشر الدعوة وسط غير المسلمين فى السودان يحولها عرب السودان الهجين فى الشمال الاوسط لصالحهم لبناء العمارات. كما تجدهم يقفون بصرامة ضد اى محاولة يقوم بها مسلمى هذه المناطق من الاتصال مباشرة مع الخيرين الذين يدفعون لنشر الدعوة فى مناطقهم. و بذلك يخالفون الاية التى معناها ان الرسل يرسلون بلسلن اقوامهم. انهم وحدهم هم المسئولون عن عدم نشر الدعوة بصورتها الصحيحة لانهم وضعوا هذا الملف فى ايدى الاجهزة الامنية لنظامهم حتى يتحكموا فى ذلك بالابتذاذ. و فى نفس الوقت تجدهم يغيرون على النصارى الذين يبزلون الغالى و النفيس فى نشر دعوتهم بالتى احسن و ينفقون اموالهم فى نشر دعوتهم. اما هم فقد ملؤا الجو صراخا و عويلا بدون ان يجتهدوا. كل اجتهادهم هو محاولة نشر دعوتهم بالقوة و ارهاب الناس و لكن هذه و سيلة غير مجديه فى هذا العصر ان اخذنا فى الاعتبار عدم قدرتهم لاعداد ما استطاعوا من قوة لارهاب اعدائهم. اذ ان قوة الردع الحقيقية عند النصارى و ليس عندهم.

    15-لماذا الاعتماد على تقارير كتبها صحفيون مجتهدون من دول اخرى تبعد الاف الاميال كتبوا تلك المقالات لقرائهم من منظورهم؟ الا ليس من الاجدى ان تقوم بنفسك و تحزم امرك و تتوكل على الله و تذهب الى كاودا و تقابل المسئولين من التعليم هنالك و تحاورهم و تجادلهم لكى تخرج لنا بتقرير صحفى مفيد يمكن ان يقف عليه القائمون على الامر لتصحيح الاوضاع.

    لقد علق من قبل الدكتور غازى صلاح الدين و قال انه يتحسر على مستقبل ابناء النوبة نتيجة لتغيير نظام التعليم من اللغة العربية الى اللغة الانجليزية. لكن نقول ماذا قدم للنوبةحتى يتحسر على مستقبل اطفالهم ؟ و هل هو احرص على مستقبل ابناء النوبة من ولاة امورهم. و لكن الاهم من ذلك هل وقف هو على ذلك النظام؟

    ان ابناء النوبة الذين بدأوا التعليم باللغة الانجليزية على اعتاب الثانوى العالى. و سوف تشهد السنوات الاخيرة من الفترة الانتقالية للسلام اوائل الخريجين منها فى الجامعات و المعاهد العليا. و وقتها سوف يتم تقييم التجربة و معرفة مدى جدواها. ان نظام التعليم فى جبال النوبة فى المناطق المحررة نظام دقيق و حاسم فى رفع مستوى الطالب الاكاديمى فى المقام الاول حتى يتم تخريج خريجين على مستوى عال من العلم و المعرفة. ان النوبة ينشدون المستقبل الزاهر لابناءهم و يتمنون ان تحزوا حذوهم المناطق المهمشة لان هنالك غش واضح فى تقديرنا فى نظام التعليم ومناهجه فى السودان. فهو فى ظاهره تعليم باللغة العربية و لكن فى باطنه تعليم ابناء العامة فقط بتلك اللغة فى حين ان الصفوة تعلم ابناءها بغير تلك اللغة ليمكنها من السيطرة على مقاليد الامور فى السودان و قد توصلنا الى ذلك من خلال المتابعات الدقيقة لهذا الامر.

    ابوطالب تيلك تيو دودالعسل

    الولايات المتحدة الامريكية

    واشنطون دى سيى.

    ‏2004‏‏-‏06‏‏-‏10‏



                  

06-16-2004, 07:25 PM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تعليق على مقال كمال الجزولى :اللغة الانجليزية فى جبال النوبة (Re: Deng)

    UP
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de