بين الشريف حسين الهندي ود.منصور خالد ود.حيدر ابراهيم- بقلم أ.محمد عبدالحميد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 02:01 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-29-2004, 09:37 AM

Hani Abuelgasim
<aHani Abuelgasim
تاريخ التسجيل: 10-26-2003
مجموع المشاركات: 1103

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
بين الشريف حسين الهندي ود.منصور خالد ود.حيدر ابراهيم- بقلم أ.محمد عبدالحميد

    بين الشريف حسين الهندي ود.منصور خالد ود.حيدر ابراهيم علي … بقايا صور لمشهد لم يكتمل

    بطاقات دعوة لحضور المشهد (يحتفظ بها حتى النهاية)

    محمد عبد الحميد
    [email protected]

    ان الخبر عن الشىء الممكن الوجود فى العادة الجارية يقابل الصدق والكذب على صورة واحدة وكلاهما لاحقان به من جهة المخبرين لتفاوت الهمم وغلبة الهراش والنزاع على الامم . فمن مخبر عن امر كذب يقصد فيه نفسه فيعظم به جنسه لانها تحته او يقصدها فيزرى بخلاف جنسه لفوزه فيه بأرادته ، ومعلوم ان كلا هذين من دواعى الشهوة و الغضب المذمومين .(ابو الريحان محمد بن احمد البيرونى. من كتابه (تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة فى العقل او مرذولة ص13)

    وكيف للياس ان يجد مدخلا وقد اولو رسن القيادة (للحسين) صاحب الراى والفطنة .. اولوها للحسين الشريف فما خان الامانة ولم يساوم . لم يساوم مرددا لا فى وجه من قال نعم .. ظل الشريف راكزا رافعا راية الديمقراطية منافحا من دونها حتى ادركه الذى ليس منه بد .. تبدل القوم من حوله وظل الرجل هو الرجل ثابتا على موقفه مرددا عند ادلهام الخطوب وتكسر النصال .

    بم التعلل لا اهل ولا وطن ولا نديم ولا كأس ولا سكن

    ثم غيب الموت الشريف .. استشهد الحسين فتغيرت الصور وتلونت الاحداث ودخلت البلاد الدوامة التى ما انفكت تعانى من دورانها.(د. محمد عثمان الجعلى . من كتاب (رحيل النوار خلسة ص199)

    ان الذى نسعى اليه هو حمل المتحاورين ، على مناقشة كل موضوع فى اطاره الذى حدده فيما بينهم حتى لا يفر احد بجريرته .(د. منصور خالد . من كتاب (النخبة السودانية وادمان الفشل ص53)

    الموضوعية فى البحث العلمى تعنى عدم التحيز ، وعدم التأثر بجميع الاعتبارات الانفعالية ، والعاطفية او الشخصية ، والتحرر من المعلومات والاراء الشخصية فى الموضوع المدروس ، وهى تعنى ايضا التخلص من الاهواء والضغوط الخارجية مهما كان مصدرها واقرار النتيجة كما تثبتها الدراسة بعيدا عن التاثيرات والغايات الذاتية والافكار المسبقة.(د. محجوب عطية الفائدى . من كتاب (طرق البحث العلمى فى العلوم الاجتماعية ص32)



    مدخل للمشهد:

    ان أخطر قيمة فى العلاقات الاجتماعية هى علاقات التحكم .وهى علاقات تنشأ بين الفاعلين الاجتماعيين فى اكثر من مستوى للسلطة .حيث توجد هناك سلطة القمع السياسى فى اطار علاقة الحاكم بالمحكوم.. وهذه الاخيرة تجد من يتصدى لها من بقية الفاعلين الاجتماعيين الذين يطالبون بعلاقة مقننة بين الحاكم والمحكوم فيما صار يعرف مؤخرا بأسس الحكم الرشيد (Good Governance)،والذى يشمل فيما يشمل اشاعة الديمقراطية وتامين حقوق الانسان الاساسية ، واعمال مبدأى الشفافية والمحاسبية كما ان هنالك وضمن علاقات التحكم فى مستوى اخر من السلطة (السلطة المعرفية ) وهى اخطر وابعد مدى من السلطة السياسية ذلك لكونها لا تبدو للعيان وتقوم فى فضاء مستقل نسبيا وتتصف بالخضوع والتسليم فى اطار المقدس ، او ما يسميها عالم الاجتماع ماكس فيبر (سوسيولوجيا الفاعليين الدينيين) وتدور فيه رهانات خاصة ويتصارع فيه الفاعلون الاجتماعيون بواسطة استخدام اشكال مختلفة من الرأسمال الدينى بغية احتكار التلاعب او التحكم الشرعى بالسلع الروحية . ان منطق هذا الصراع والاستراتيجيات الخاصة التى يستخدمها الفاعلون الدينيون بحسب كمية راسمالهم ومواقعهم داخل موازين القوى الدينية البحتة هو الذى يتحكم فى اتخاذ المواقف الدينية (عبد الكريم درويش- مجلة عالم الفكر المجلد 31 يناير 2003 ص197) وهذه العلاقة تجد من يقاومها من التنويريين الذين يسعون لجعل العلاقة بين الفرد والمقدس شأنا فرديا لا مجال فيه لعلاقات التحكم بالصورة التى يهدف رجال الدين لانشائها والذين عادة ما يحاولون احتكار الحقيقة (باسم المقدس) . كما ان هناك وفى ذات المستوى من علاقات التحكم بين الفاعلين الاجتماعيين من يسعون لخلق علاقات من خلال السلطة المعرفية فى مستواها العلمى ، وهى لا تقل خطورة عن العلاقات التى يحاول (رجال الدين) انشاءها ان كان ذلك على مستوى العملية التعليمية فى علاقة الطالب بالاستاذ ، او من خلال سلطة الكتابة بين الكاتب و قرائه ... وهذه الاخيرة تعتمد على عدة تقنيات منها اسلوب الكتابة نفسه ودرجة الكاتب العلمية (دكتور فى معظم الأحيان والتى يحرص عليها الكتاب لدرجة الاستماتة) رغم انها ليست دلالة كافية على الفحولة الفكرية ، بقدر ما هى درجة تؤهل صاحبها للانطلاق فى البحث والتقصى حول الظواهر وفق منهجية علمية صارمة يفترض انه على المام بها بقدر كاف.

    وهذه العلاقة يجب ان تجد مقاومة من منظور وحيد ، وهو ان الاراء التى يطرحها العالم او الكاتب هى فى الاصل نسبية ولامجال فيها لاحتكار الحقيقة .

    وان من يقوم بكشف علمى او ايجاد علاقة ارتباطية بين ظاهرتين او اكثر انما يعمل على وضع لبنة فى بناء الصرح العلمى اللامتناهى لا وضع الحجر الاخير فيه .. ان هذا الشعور والذى يعترى الكثير من الكتاب والمفكرين يجعلهم يصلون لدرجة من النرجسية الفكرية لا يستسيغيها العلم ولا ترضاه قواعده الاصلية .فالمعلوم ان الانتاج الفكرى بعكس الانتاج الابداعى يتجافى مع الذاتية والتخيرات المسبقة والاهواء الخاصة بالكاتب لاسيما ان كان الكاتب يتناول شانا عاما فى السياسة او الاقتصاد او التاريخ.

    في ملامح المشهد:

    لقد طلب مركز ابن خلدون للتنمية للدكتور حيدر ابراهيم على ان يقدم بحثا عن المجتمع المدنى والتحول الديمقراطى فى السودان .. وذلك ضمن مشروع المجتمع المدنى والتحول الديمقراطى فى الوطن العربى لرصد وتحليل واستشراف مسيرة المجتمع المدنى فى الوطن العربى ، وتنمية وتعظيم القدارت العلمية والبحثية والتنظيمية فيهما .. وهذا مشروع مقدر ونبيل .. وقد نشر فى كتاب بعنوان (المجتمع المدنى والتحول الديمقراطى فى السودان ) ضمن اصدارات المركز بالاشتراك مع دار الامين للنشر والتوزيع غير ان مشروع البحث الذى انجزه الدكتور قد جاء متعجلا ولم يتعدي كونه سردا تاريخيا مطولا ، واكبر ما يؤخذ عليه انه لم يقم باى تعريف اجرائى لماهيه التحول الديمقراطى ، والذى كان يمكن ان يكون اطارا نظريا لمشروع البحث يتم على اساسه قياس عملية التحول الديمقراطى وحتى يكون التقويم النهائى لمشاركة الفاعلين فيه مبنية على اسس ثابتة حتى وان كان ذلك من وجهة نظر الباحث نفسه ، وذلك تجنبا لعدم خضوع التقويم على رؤي ذاتية او استنتاجا مؤسسا على وجهة نظر كتاب اخرين وهذا للاسف ما وقع فيه الدكتور كما سوف يتبين لاحقا هذا بالاضافة الى ان البحث قد اغفل عن وضع توصيات ، واكتفى فقط بعنوان للفصل السابع اسماه الباحث (آفاق التحول الديمقراطى) وهو يصلح ان يكون خاتمة باكثر من ان يكون استقراء لآلفاق التحول الديمقراطى ، وقد ركز فيه على التطورات التاريخية لحركة تطور معارضة نظام الانقاذ وما احتوته من مواثيق . غير ان ابرز سمة للبحث قد تمثلت فى القفز للحقائق من وجهة نظر مسبقة يتبناها الباحث لا كما تمليها اسس البحث العلمى السليم . فالباحث على سبيل المثال لم يضع اى افتراضات علمية يكون التحقق منها نفياً او اثباتاً اضاءة حقيقية لبعض الجوانب النى قد تشكل على القراء . لذلك ومن هذه الزاوبة كانت هنالك احكاما تقريرية اوصلت الباحث للاجحاف بحق بعض صناع الاحداث فى تاريخ السودان . على اقل تقدير من هذه الزاوية التى تناول منها موضوعه عن التحول الديمقراطى فقد ذكر على سبيل المثال (لم يكن موقف الحزب الكبير الثانى –الاتحادى الديمقراطى – اكثر مبدئية فى مواقفه تجاه الديمقراطية فقد كان الهندى ممثل الحزب فى الجبهة الوطنية المعارضة للنميرى يريد ضمانات اكثر ولكنه قبل بصيغة الحزب الواحد وعبر عن ذلك فى بيان صدر فى ابريل 1978 فى لندن عقب اجتماع مع وفد حكومى ترأسه نائب الرئيس اللواء عمر محمد الطيب ، فقد اقر زعيم المعارضة الشريف حسين الهندى ان صيغة التنظيم السياسى الواحد "الاتحاد الاشتراكى السودانى" هى الصيغة المقبولة للعمل الوطني ، مع تأكيد بناء تنظيماته بالمشاركة الديمقراطية وفتح صفوفه لجميع ابناء وبنات السودان . وان تكون جميع مستوياته من القمة للقاعدة بالانتخاب حتى تتحق الوحدة الوطنية الشاملة التى هى هدف مبادرة الرئيس القائد..) (حيدر ابراهيم : المجتمع المدنى والتحول الديمقراطى فى السودان ص63-64) وقد كان هذا الكلام نقلا عن منصور خالد فى كتابه النخبة السودانية وادمان الفشل ص557.

    جاء حديث الباحث عن الشريف الهندى متوسطا بين موقف الصادق المهدى الذى انخرط فى المصالحة الوطنية ، وبعد ان اورد مبررات الصادق المهدى لقبول المصالحة وموقف حسن الترابى والاخوان المسلمين الذين وصفهم بانهم الاكثر تساهلا وحماسا فى قبول شروط المصالحة . ثم مضى للقول(شهدت تلك الفترة اهم واخطر انتكاسة تعرض لها التطور الديمقراطى فى السودان منذ الاستقلال ، فقد اكتسب الحكم العسكرى شرعية بقبول الاحزاب لصيغة التنظيم الواحد ، وهذا يعنى ادانة للتعددية من قبل القوة السياسية التى يفترض فيها ان تكون مدافعة جسورة عن الديمقراطية مهد هذا التراجع الطريق لدكتاتورية مقدسة يسندها الدين بعد ان جربت الدكتاتورية الاشتراكية والراسمالية قبل ذلك ووصلت الى الطريق الثالث) حيدر ابراهيم عن المصدر نفسه ص65.

    ما يمكن ان يلاحظ فى الفقرة الاخيرة انها قفزت الى ان الاحزاب قد تنصلت من الديمقراطية ، واقرت بصيغة التنظيم الواحد ، وهذا تعميم كان يمكن ان يكون مقبولا لو انه استند على فرضيات علمية متحققة من خلال ما اثبته البحث لا من خلال ما يريد ان يصل اليه الباحث .فاذا كان هذا ينطبق على الصادق المهدى وحسن الترابى ، وكلا منهما قد اقسم على دستور الاتحاد الاشتراكى .. فكيف ينطبق على الشريف الهندى والذى لم يقسم على الولاء للاتحاد الاشتراكى ، بل هو من قام بفصل احمد السيد حمد الذى انخرط فى الاتحاد الاشتراكى .

    كما يمكن ان يلاحظ ايضا ان الفقرة التى وردت سابقا عن موقف الشريف من الاتحاد الاشتراكى هى نقلا عن منصور خالد فى كتابه المشار اليه سابقا اى النخبة السودانية وادمان الفشل . وهو كتاب يطفح بالذاتية والنرجسية ، وقد تميز بعكس كتابات منصور خالد بحالة انفعالية حادة ، تبدو من اول الكتاب .وقد كان يحاول فيها ان يقول للجميع (من كان منكم غير سدنة فليرمنى بالسدانة) وهو شعور ما انفك يلازم منصور خالد منذ انهيار مايو وحتى الآن وهو شعور مشوب برغبة عارمة فى الدفاع عن الذات ازاء اشخاص يراهم اقصر من قامته اذ يقول فى صفحة 37 من كتابه (وامثال هؤلاء يجنحون دوما الى هدم من علت قامته على قاماتهم حتى يخلو لهم الجو) .

    وقد كان من شدة وطاة هذا الشعور ان قلل من قيمة الكتاب العلمية وخرج وكأنه "حملة تأديبية" لؤلئك الذين تقصر قامتهم امام قامته اذ يقول مواصلاً فى هذا السياق وفى الصفحة ذاتها (اما على المستوى الشخصى فثمة اعتباران ساقانا على ذلك التفصيل مما قد يبدو فى بعض اجزائه كشذرات من السيرة الذاتية اولهما انغماسنا فى العمل السياسى الفاعل فى نظام مايوفى فترتيه الاولى والثانية. وانهماكنا في معارضته فى فترتيه الثالثة والرابعة يحتم علينا ابانة الكثير الذى طغى هو سعى البعض لاخفائه فى تلك المرحلة بالرغم من كل ما كتبنا عنه قبل سقوط النظام لا بعده . وثانيهما هو انا كنا من الذين انتاشتهم الاقلام الناقدة والشانئة فى الفترة التى اعقبت سقوط النظام بين اولئك الناقدين من كان موضوعيا فى نقده وعف عن الهجر ولنا معه حوار ، ومنهم من اعتسف الاحكام ، اما لفساد فى المنهج او خطا فى الاستنتاج ولنا معه جدل ، ومنهم من جنح الى السفسطة (والسفسطة لغة – هى القياس الفاسد المركب من الاوهام لافحام الخصم) ولنا معه تأديب فى كيف يكون القياس السليم على الحقائق لا الاوهام وفى كيف يؤلف القياس من المشهورات والمسلمات كما يقول مناطقة الاسلام . الا ان بعضا اخر من هؤلاء الناقدين ذهب الى تلويث التاريخ باسلوب جائر غير محكم ، ولنا لهؤلاء صواقع مصمتات نريهم بها اللمح الباصر واغلبهم كانوا من حملة المباخر حول الهيكل المايوى ، وحمل المباخر درجة ادنى من السدانة) .

    تكشف الجمل السابقة المنقولة من كتاب الدكتور منصور خالد خواطره التى طغت على نبرة حديثه ، ثم انه تظل هنالك ملاحظة غاية فى الاهمية وهي ان الدكتور بذل جهدا فى ان يضع مايو فى مراحل ، الا انها تبقى نظاماً فى جوهره دكتاتوريا سلب الناس حقهم فى التنظيم والتعبير واحتكر السلطة لذاته ولرئيسه الذى افلح فى جمع من حوله من عسكرى الى حاكم مستبد بأوامر دستورية ، وعندما انفض هذا القوم من حوله نجح فى ان يجد من يجعل له ذات الصفة باسم الدين..لذا فان مراحل النظام التى يسعى الدكتور منصور خالد لتبرير موقفه بها تختلف اختلاف مظهر لا اختلاف جوهر .

    واهم من ذلك لم يعدم النظام فى كل مراحله من عارضه معارضة جسورة ان كان ذلك فى مرحلته الثورية التقدمية او فى مرحلته الارثوزكسية الرجعية ، ان حدة الانفعال التى كانت تطغى على كتاب منصور خالد لم تقف عند اثبات ان الشريف قد قبل بصيغة الحزب الواحد ، وانما وصل لحد التجنى على سياسات الشريف التى اتخذها عندما كان وزيرا للمال . وقلل من اهميتها وعدم ملاءمتها لواقع الاقتصاد السودانى وذلك موضوع اخر .. غير ان ما اغفله منصور خالد هو الجو الذى وقع فيه الشريف البيان مع نميرى والى اى شىء كان يرمى من ورائه الشريف .وهل كان كلا من الشريف و نميرى صادقين فى هذا التوجه؟! فالمعلوم ان الشريف لم يكن يفوت اى فرصة في تقريع النظام والسخرية من رئيسه ، كما ان النميرى نفسه لم يكن يثق بجدية الشريف فى التوصل لمصالحة على ذات الطريقة التى قبل بها الصادق والترابى .

    وكان كثيرا ما يصف الشريف بانه "شيطان" وان الصادق المهدى الذى ضاق ذرعا بتعنيف الشريف له بدخول المصالحة قد الح على النميرى ان يعقد صلحا مع الشريف وذلك لما كان يشكله الشريف من هاجس للصادق المهدى الذى كان قد تصالح مع نميرى . هكذا كانت شهادة نميرى عن بيان السفارة السودانية بلندن حيث ورد فى شهادته ( وإستمر الهندى يشكل هاجسا للصادق واتذكر انه ما من مرة التقينا فى المراحل الاولى التى تلت المصالحة الا ويشير فى حديثه الى الهندى والذين معه وحوله ويقترح علىّ ان اكتب اليهم واشركهم فى المصالحة وعندما كنت اقول له بان باب المصالحة لم يغلق فى وجه احد كان يلح على من اجل ان اوفد لهم من يمثلنى ويطلب منهم العودة ، ولولا الصادق والحاحه لما كنت اوفدت الى لندن من ينوب عنى فى عقد اتفاق مع الهندى . وعندما بلغ الصادق ان مهمة الوفد نجحت وصدر بيان مشترك اذيع خلال مؤتمر صحفى داخل السفارة السودانية فى لندن يعلن فيه الهندى انضمامه الى المصالحة وقرب عودته الى السودان ابدى الصادق ارتياحا بالغا) (فؤاد مطر.سلسلة الاعمال الكاملة.المصالحة السودانية انتكسوها أم انتكست .ص52)

    لم يكن بيان لندن المشار اليه هذا اول بيان مشترك يوقعه الهندى مع سلطة مايو فقد سبق ان وقع بيانا فى جدة فى عام 1972م . بيد ان بيان لندن لم يكن يتعدى بالنسبة للشريف حيز المناورة السياسية ، كما انه كان بالنسبة لنميرى مجرد محاولة (ازالة هواجس) للصادق المهدى . وقد كانت مناورة الهندى السياسية وراء توقيع البيان تهدف الى ارسال رسالة الى كل من الصادق المهدى والترابى اللذين ادعيا ان الجبهة الوطنية قد حلت .وهنا تكمن عقدة المسالة حيث لم يكن هذا الادعاء ممكن السكوت عليه خاصة لرجل سياسى من طراز الشريف يجيد المناورة حتى فى اضيق نطاق ، وسوف يتبين كيف وصلت رسالة الهندى للصادق وكيف كان وقعها ولعل فى حديثه الذى أدلى به لفؤاد مطر ما يؤكد انه قد شعر ان لم يكن بالحنق على رفيقيه فى الجبهة الوطنية الصادق والترابى ، فبشىء من الشعور بالغدر حيث قال : (كان اعضاء المكتب السياسى للجبهة الوطنية ومن معهم داخل السودان وخارجه فى ظلام كامل ولا يزالون حتى الان ومع هذا فقد تقبلوا مبادرة الحوار وقبلوها ولا يزالون مصرين عليها ، والذى حدث بعد ذلك هو انخراط كامل فى النظام من الصادق ومن معه ثم حل كامل للجبهة الوطنية بادعاء من الدكتور الترابى ثم قصائد من الثناء المتبادل المذاع بين النظام وبين هؤلاء الاخوان لا علاقة لها بالمشاكل السياسية والمعيشية التى يعانى منها الشعب السودانى)"فؤاد مطر نفس المصدر ص206" ثم ذهب الهندى لتاكيد موقفه والذى عدده فى الاتى :

    اولا: نحن لا نزال نقبل مبدأ الحوار بيننا وبين النظام فى السودان ومطالبنا لاتزال هى المطالب التى وافق عليها المكتب السياسى للجبهة الوطنية برئاسة الصادق المهدى ، وهى مطالب تتعلق بالعدل والديمقراطية والمسار الصحيح فى السياسة الخارجية والداخلية والافتصادية ، وحل المشاكل التى عانى منها الشعب السودانى.

    يلاحظ فى المبدأ الأول تأكيد الهندى على المطالب التى وافق عليها المكتب السياسى للجبهة الوطنية برئاسة الصادق المهدى ، وقد كان يشير الى ان الصادق قد تخلى عن مطالب مكتب الجبهة السياسى ، وانخرط فى النظام دون شرط .. وهذا ما يدحض الخلاصة التى فقز لها د. حيدر ابراهيم .

    ثانيا والحديث للشريف الهندى : ان الجبهة الوطنية ليست ائتلافا لللأحزاب وانما هى تمثل المعارضة فى السودان ، وهذه المعارضة لا تزال موجودة ومتصاعدة ، والمناخ المسيطر على الشارع السودانى وعلى اجهزته الشعبية وغيرها هو مناخ المعارضة مهما تخلفت عنها قيادات احزاب لا تمثل اطلاقا حتى اقرب الناس من اعضائها انفسهم، دعك من اعضاء المؤسسات السياسية الاخرى التى لم تنخرط .

    كذلك تجدر هنا ملاحظة فى غاية الاهمية وهى تركيزه على الجبهة الوطنية وبقائها ومحاولته دق اسفين بين القيادات المنخرطة فى المصالحة وبين قواعدها وسبب اهمية هذه الملاحظة تنبع عند قراءة رد الفعل على بيان لندن لاحقا.

    ثالثا يقول الشريف : لقد حدث ان تكلم الصادق المهدى عن عزله لشخصى وللسيد احمد زين العابدين وتكلم عن الاخلاقيات ، وانا لا اريد ان اناقش العزل ، اذ هو شىء لا يملكه ، فهو لم يجعلنا معارضين وبالتالى هو لا يستطيع ان يعزلنا او غيرنا من المعارضة . فلقد سبقناه الى تكوين هذه الجبهة والى ارساء قواعدها النضالية ولحق بنا هو بعد ست سنوات واكرمناه يومها اذ جعلناه رئيسا لها على اساس ان الصادق لا يستطيع ان يعمل فى السياسة فى الحكم او فى المعارضة الا اذا كان رئيسا ، ولكنه تكلم عن الاخلاقيات والسؤال مطروح لجماهير الشعب السودانى وللنظام فى السودان ولكل من يعرفون الاخلاقيات هو.. هل من اخلاقيات اى عمل سياسى معارضا كان ام غير معارض ان ينفرد شخض بالتفاوض نيابة عن شعب باكمله ويخفى ذلك حتى على اعضاء المكتب السياسى للجبهة التى هو رئيسها ؟! وهل من اخلاقيات العمل السياسى ان يسافر الى بورتسودان ليقابل نميرى دون ان يطلع احدا ودون ان يستشير احدا بل دون ان يخطر احدا ويترك وراءه تسجيلا مذاعا وكأنه فى واد والذين معه فى نفس المدينة فى واد اخر ، وهل من اخلاقيات العمل السياسى ان يدعى ان الرئيس نميرى قد قبل شروطا املاها عليه ثم يتضح انه وقع على شروط مسبقة هى قوام العمل المعارض فى السودان واساس المشكلة السودانية ؟!! وهل من اخلاقيات العمل السياسىان يكتب اسماء زملائه مدعيا انهم يطالبون بالعفو العام دون ان يطلعهم على ذلك ويقبل قانونا مشروطا للعفو وهو الذى قال ان قانون العفو العام غير مشروط ؟! وهل من اخلاقيات العمل السياسى ان يوافق على 15 بنداً كأسس للتفاوض فى مكتب الجبهة برئاسته وبخط يده ثم يذهب وتمر الشهور ولا يتحقق منها شرط واحد ثم ينخرط فى النظام ويدخل فى الانتخابات ويتقبل الثناء المقابل وهو رئيس جبهة معارضة لم تفاوض ولم تصل الى اى شرط من شروطها ؟! وهل من اخلاقيات العمل السياسى ان يترك اعضاء الوفد من زملائه حيرى فى مدينة الخرطوم ويعقد هو الاجتماعات الفردية المغلقة ثم ينكر مجرد حدوثها ؟! وهل من اخلاقيات العمل السياسى ان يتنكر لزمالة نضال دامت تسع سنوات مليئة بالدم والاستشهاد والتشرد ويختمها كلها بالذم لزملائه والمدح لاعدائه والتنكر لزمالة الكفاح وما يتبع كل ذلك من الكيد لهم سرا وعلنا ومحاولة البطش بهم مع نفس النظام الذى حاربوه معه ؟!

    اذا كانت هذه اخلاقيات العمل السياسى فاننا نترك الرد على هذا للشعب السودانى ولتاريخ كفاح الشعوب.

    ويمضى الهندى للقولانا شخصيا لا أرفض اى مقابلة مع الرئيس نميرى ولم اتخل عن مبدا قبول الحوار وكل الذى نطلبه ان يكون حوارا شجاعا وصريحا وبناء يخاطب المشاكل الحقيقية التى يعيشها السودان ويضع لها حلولا ، ونحن فى هذا لسنا متمسكين ولا مطالبين باى مسائل حزبية او وظيفية او وزارية او طائقية او قبلية او اى مصالح ذاتية . كل الذى نطلبه هو العدل والديمقراطية والرخاء لجماهير الشعب السودانى). (فؤاد مطر –نفس المصدر ص207-20

    بعيدا عن الشعور بالمضاضة التى يطفح بها حديث الهندى حول رفيقيه السابقين فى المعارضة ، وبعيدا عن الشعور بالغدر الذى يستشف من حديثه ، الا انه كان يريد ان يرسل رسالة تمثل له فى الوضع الذى ترك فيه اولى اولوياته ، وهذه الرسالة رغم انها لاتتعدى حيز المناورة الا انها لا ترقى لدرجة الوصف بانها تنصل عن المطالبة بالديمقراطية ، او انه لم يكن اكثر مبدئية تجاه قضية الديمقراطية كما ذهب لذلك د. حيدر ابراهيم تأسيسا على رأى د.منصور خالد فقد كان لقاء الهندى بالنظام والبيان الذى اعلن على اثره مناورة سياسية لابد ان تُؤخذ فى سياق المشهد الكلى غير المجتزئ ، وقد كاد د. حيدر ان يلامس هذا السياق الا انه قفز فوقه بسرعة فلم تكتمل الصورة بما كانت عليه ، واخرجها بالطريقة التى كان يتمناها حيث ذكر فى كتابه (فقد كان الهندى ممثل الحزب فى الجبهة الوطنية المعارضة لنميرى يريد ضمانات اكثر ولكنه قبل بصيغة الحزب الواحد وعبر عن ذلك فى بيان صدر فى ابريل 1978 فى لندن ...) هنا لم يحلل الدكتور ما هى الضمانات التى كان يريدها الشريف الهندى ، مع ان الدكتور اكد على ان الشريف قد قبل بصيغة الحزب الواحد . وهذه معادلة لمن يقرأ الجملة يجدها معادلة مختلة اذا لم يعرف ماذا كان يريد الشريف ... بالطبع لم يكن ذلك اعترافاً مفتوحاً بالاتحاد الاشتراكى كصيغة، دون ان يكون لذلك مقابل . والشاهد فى هذا انه من غير المتوقع ان يكون الشريف قد تغيرت قناعته بقبول صيغة الحزب الواحد يوم التوقيع على بيان لندن .. واذا كان د. حيدر قد مضى بمنطق تحليله للنهاية ، لكان قد خلص لنفس النتيجة التى توصل اليها من كانت تعنيه الرسالة المرسلة من الشريف عبر هذا الاتفاق . فقد كانت موجهة تحديدا لكل من الترابى والمهدى ، اكثر من كونها اتفاق على اسس مصالحة ، وهذا ما يظهر جليا عند قراءة رد فعل الانصار – اتباع المهدى – وقد اوردها فؤاد مطر فى كتابه عن المصالحة فيما اسماه"السيرة المهدية للمصالحة فى السودان" وقد كان رد الفعل حسب تحليلهم كالأتى كما ورد فى ص161:

    اولاً:اقرار حسين الهندى وزملائه الواقع الراهن القائم باقل تعديلات ممكنة.

    ثانياً: اعطاء الحكومة له ولزملائه اهمية اعلامية كبيرة ، واعتراف بانهم حقا يملكون حل الجبهة والمعسكرات وتسليم السلاح فى الداخل والخارج.

    ثالثاً: اصدر البيان كأن هذا اول اتفاق توصلت اليه الحكومة والمعارضة .

    هنا تأخذ صور المشهد فى الوضوح ، حيث ان رسالة الهندى قد وصلت للانصار بجلاء ، لا سيما فى النقطة الثانية من تحليلهم للبيان والخاصة بموضوع حل الجبهة الوطنية .وهذه النقطة بالنسبة للشريف كانت اكثر اهمية من غيرها من النقاط ، لانه كان يريد ان يقول لكل من الترابى والمهدى (ان انخراطكما فى النظام قد جعل كل مقاليد امور المعارضة بما فيها مصير الجبهة الوطنية فى يدى)
    ولم يكن من الممكن ان يتوصل مع النظام لأى تفاهم حول موضوع هذه الرسالة الا عن طريق ان يضمن تأمينه _نظرياً _ على الاتحاد الاشتراكى وهذا ما اثار دهشة الانصار فى تحليلهم فى النقطة الاولى التى وردت مسبقا . بيد ان هذا لايمكن ان يقف دليل ادانة للرجل خاصة وانه لم ينخرط فى الاتحاد الاشتراكى ولم يؤد قسم الولاء له ذلك لان موقف الهندى من عودة الديمقراطية والحرية والتعددية كان مبدئيا بدليل ما ورد اعلاه فى حديثه عن الصادق المهدى .

    وهذا ما اقر به د. منصور خالد نفسه الذى أسس د. حيدر عليه خلاصته العجلى على حديثه فى كتابه النخبة السودانية حيث أورد د. منصور خالد مؤخرا راياً مخالفاً لذلك الذى اسس عليه د.حيدر خلاصته ففى معرض رد له على الصادق المهدى وفى صحيفة "الرأى العام" بتاريخ 5 يوليو 2004 وفى مقال بعنوان "اجرأ من رأيت بظهر غيب"الحلقة الثانية بعنوان "ويل للمتربصين" ذكر ما نصه (وكنا سنلتزم الصمت ازاء تهجينه لنا بالمايوية _ بل نقل له صدقت يا مولاى _ لو كان موقفه منا هو موقف الراحل العظيم الشريف حسين الهندى الذى مات فى سبيل الديمقراطية وهو ثابت كرضوى على موقفه منها.)

    اذا كان هذا حقا رأى منصور خالد فى تقويمه لموقف الشريف الهندى من الديمقراطية ، فانه حتما يثير نوعا من التشويش الذى لا يجعل الصورة ترى على نحو جلى . واخطر من ذلك مدى انها تثير الخلط ازاء ما يكتبه الدكتور نفسه وهو يتصدى لتشريح ما وصفه "بالظاهرة الخطيرة" فى كتابه النخبة السودانية واغرب ما فى الموضوع ان الظاهرة الخطيرة التى وصفها تنطبق على حاله اذ يقول ( اننا لا نملك الا التوقف امام بسابس صاحبنا هذا كيما نشرح ظاهرة خطيرة ، وهى ظاهة استهتار الكبار بعظام الامور . فالكاتب رجل تجاوز الستين من عمره وللسن وقار ، والكاتب استاذ لأهل مهنة تدرب الذين يمتهنونها اول ما تدربهم على مناهج البحث عن الحقيقة وضروب التوثيق فى الامور)ص556.

    ومرد الغرابة فى كل هذا يجعل الدكاترة الاساتيذ يقعون فى مغالطات يصعب معها فرز الذاتي الخاص من العملى الموضوعى المؤسس على حقائق ومقدمات . ففى الموقف التشخيصى الاول يبرز د.منصور خالد وهو يقود "حملته التأديبية" على كل من رماه بالسدانة يشن هجوما كمحارب لطواحين الهواء فى تجاف تام لاسس البحث العلمى السليم ، الذى يتطلب اول ما يتطلب الابتعاد عن الافكار المسبقة او التعصب المطلق او نزعات الثأر ، ذلك لأن أى عمل مؤسس على الاسقاطات الشخصية ستكون عواقبه التأسيس عليها كما فعل د. حيدرابراهيم فى موضوع غاية فى الاهمية كموضوع التحول الديمقراطي وسوف تكون النتيجة غمط الناس حقوقهم ، وتعميم الاحكام المغلوطة ، وتشويه عمليةالبحث العملي ورهنه للاعتبارات الذاتية المزاجية واحتكار حق التصرف فى موقف الاخرين بغية التزيد بها على البعض الاخر . والمفارقة الغريبة ان د. منصور خالد يحذر فى كتابه النخبة السودانية وادمان الفشل من ذات هذه العلل حيث اورد تحت عنوان "الرجس المايوى والقوم الغشاشة فى ص 47 (ان الذى يحملنا على ايلاء هذا الامر اهمية ليس هو بحال الانتصاف لزيد او الانتقاص من عبيد ، وانما هو الاثر المباشر لهذا التلويث التاريخى على مسار الاحداث ، والصلة العضوية بين هذا التلويث وبين ما نحن عليه من امر مريج ، فما انتهينا اليه من مرج وارباك الا بسبب التحليل الخاطىء للاحداث ، والاستنتاج الفاسد من هذا التحليل).

    ان الاستنتاج الفاسد قد كان محصلة الانفعال العاطفى لدكتور منصور خالد فى كتابه النخبة السودانية وادمان الفشل ، الذى خلص اليه د. حيدر ابراهيم فلو ان د. منصور قد ذكر موقف الشريف الهندى من الديمقراطية بذات الوضوح الذى ذكره مؤخرا فى صحيفة الرأى العام ، لكان قد توجب على د. حيدر ان يصل الى خلاصات مغايرة على اقل تقدير تنصف الرجل الذى استشهد فى سبيل رفع الوية الديمقراطية ، وتوصل الى ان لكل حزب من الاحزاب السياسية كسبه الخاص فى عملية التحول الديمقراطى غير مرتهن بمواقف من عداه من الذين اما تنصلوا او ساوموا او انقلبوا حيث ان كل حزب رهين بما كسب
                  

09-30-2004, 01:09 PM

Hani Abuelgasim
<aHani Abuelgasim
تاريخ التسجيل: 10-26-2003
مجموع المشاركات: 1103

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين الشريف حسين الهندي ود.منصور خالد ود.حيدر ابراهيم- بقلم أ.محمد عبدال (Re: Hani Abuelgasim)

    ........
                  

09-30-2004, 01:30 PM

هشام مدنى

تاريخ التسجيل: 08-08-2004
مجموع المشاركات: 6667

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين الشريف حسين الهندي ود.منصور خالد ود.حيدر ابراهيم- بقلم أ.محمد عبدال (Re: Hani Abuelgasim)

    سوف اعود لمن لا عودة لهم فى سودان كان يحلم به الحاضر الغائب الشريف الحسين ود الهندى
                  

10-02-2004, 10:58 AM

Hani Abuelgasim
<aHani Abuelgasim
تاريخ التسجيل: 10-26-2003
مجموع المشاركات: 1103

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين الشريف حسين الهندي ود.منصور خالد ود.حيدر ابراهيم- بقلم أ.محمد عبدال (Re: Hani Abuelgasim)

    بين الشريف ود. منصور ود. حيدر
    تعقيب على مقال محمد عبد الحميد

    عاصم عطا صالح
    [email protected]

    لا شك أن الكثير من الاخوة الذين يعيشون بمنطقة واشنطن الكبرى وأنا منهم لا يجدون الوقت لمتابعة كل ما يكتب على الصفحات الإلكترونية إذ أن الوقت موزع بين مسؤوليات الأسرة المباشرة وامتد أداتها بأرض الوطن ، ومتابعة آخر تطورات ما يدور في نيفاشا وابوجا والقاهرة خاصة في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ بلادنا، هذا إلى جانب الاجتماعيات التي يفرضها تزايد أعداد السودانيين بهذه المنطقة وما يشغل تفكير من حصلوا على الجنسية الأمريكية هل سيصوتون لبوش أم كيري.

    ولكني حريص على متابعة معظم إن لم يكن كل ما يكتب الأخ محمد عبد الحميد لما يبذله من جهد واضح في جمع المعومات، ومقدرة لا يمكن إنكارها على التعامل مع هذه المعلومات وتوصيلها للقارئ بصورة مشوقة. رغم اختلافي معه في الكثير مما يكتب عن الحزب الاتحادي برئاسة السيد محمد عثمان الميرغني والذي تشرفت بالعمل معه خلال العشر سنوات الماضية وهي فترة أتاحت لي المتابعة عن قرب ، والاطلاع على ما قدمه ولا يزال يقدمه من جهد من خلال رئاسته للحزب والتجمع في هذه المرحلة الهامة والحرجة، وهي مسيرة سارت في طرق وعرة متعرجة تتطلب من الذي يتحمل مسؤولية القيادة فيها مراعاة الكثير من الموازنات الداخلية والإقليمية.

    أعود الآن لأصل الموضوع الذي اكتب عنه اليوم وهو ما جاء في حديث الأخ محمد عبدالحميد في اليومين الماضيين على صفحات سودانايل تحت العنوان المشار إليه أعلاه عن الشريف حسين الهندي رحمه الله ، محاولا توضيح بعض الحقائق حول هذا الموضوع. فقد عمل الأحياء من رجال الأحزاب بعد انتهاء فترة حكم مايو على تبرئة أنفسهم من تهمة المشاركة في أو بعد مرحلة المصالحة سواء بحجة العمل ضد النظام من الداخل أو غيرها من الحجج.

    أما الشريف والذي نال احترام وتقدير الخصوم قبل الأنصار فلم يجد الفرصة بل ولم يتحرك من يملك المعلومات لإنصافه وهو الأولي بالإنصاف خاصة وأنه لم يسير في درب المصالحة حتى نهايته. لن أتحدث عن العلاقة الشخصية التي ربطتني بالشريف والتي كانت تتويجاً للقاءات مطولة جمعتني بتلك الشخصية الأسطورية وهي لقاءات سعي عدد من الاخوة الأصدقاء الصحفيين لإقناعي بالكتابة عنها وعلى رأسهم د. الباقر احمد عبدالله والأخ فضل الله محمد ، ولكن حديثك أخي محمد جعلني أشعر بأن من واجبي أن أعقب لأوضح بان الشريف لم يكن مهادناً أو طالب منصب أو تحركه شهوة حكم ولم تصدر عنه مطلقاً أي إشارة أو تلميح إلى ذلك واستند في ذلك على أنني قد كنت متابعاً بصورة مباشرة وعلى علم بما دار في فترات الحوار بين الحكومة والجبهة الوطنية في تلك الفترة والتي كان الشريف قائداً لها حيث كنت شاهداً على تلك اللقاءات التي تمت بجدة في بداية السبعينات ولندن في نهاية السبعينات أيضا، خاصة تلك التي قمت بترتيبها وحضورها، وجلست مع الشريف منفرداً لساعات طويلة قبلها أو بعدها.

    أولا لقاءات جدة:

    لقد قمت " حيث كنت أعمل قنصلاً عاماً بالسفارة السودانية بجدة " بترتيب أحد أهم وأول لقاء للشريف مع مسؤول حكومي وهو الأخ الصديق موسى المبارك الحسن رحمه الله ، حيث حضر إلى المملكة على رأس وفد رسمي وكان في ذلك الوقت وزيراً للخزانة وقد أتصل بي تلفونيا من الرياض الأخ السفير عزت الديب والذي كان قائماً بالإعمال حينها وكان قد رافق الوفد للرياض وأفادني بان موسى يطلب مني أن أرتب له لقاء مع الشريف الهندي . وقد قمت فعلاً بإجراء الاتصالات اللازمة مع الاخوة في المعارضة " الجبهة الوطنية" ورتبت مكان اللقاء بفندق قصر الكندرة بجدة وكان من أفخر الفنادق بالمملكة في ذلك الوقت، وحضرت جانب بسيط من بداية اللقاء وعلمت ببعض جوانبه الهامة الأخرى من الأخ المرحوم موسى بعد مغادرة الشريف للفندق.

    تم بعد ذلك لقاء منفرد بيني وبين الشريف بفندق العطاس بجدة وعند حضوري للفندق كان يجلس معه بالبهو أحد أبناء الإمام الهادي المهدي رحمه الله لا اذكر من هو حيث جلسنا معاً لفترة قصيرة توجهت بعدها مع الشريف إلى غرفته حيث تواصل اللقاء حتى الساعات الأولي من الصباح. وكان من قيادات الجبهة الوطنية المقيمين بجدة معظم الوقت في تلك الأيام المرحوم عمر نورالدايم واحمد عبد الرحمن وعثمان خالد مضوي وغيرهم.

    ثانياً لقاءات لندن:

    أما في لندن فقد كان أحد أهم أسباب نقلى من تونس إلى لندن للعمل بسفارتنا بها العلاقة التي كانت تجمعني مع الشريف وذلك منذ أيام جدة وهو ما نقله لي الأخ عثمان السيد مدير إدارة المخابرات الخارجية في ذلك الوقت عند إخطاري تلفونياً بالقرار قبل وصول الخطاب الرسمي حيث كانت هنالك اتصالات مستمرة بين الحكومة و المعارضة بلندن.

    وفي لندن قمت بإعداد اللقاء الذي تم بين الشريف واللواء عمر محمد الطيب النائب الأول ورئيس جهاز أمن الدولة في ذلك الحين، فقد أتصل بي اللواء عمر تلفونياً من واشنطن حيث كان في زيارة رسمية لأمريكا وطلب مني أن أرتب له لقاء مع الشريف بلندن عند وصوله لها في طريق عودته للخرطوم، وفعلاً قمت بترتيب اللقاء حيث قمت بحجز الغرفة المناسبة بفندق Westmorlandوحضرت أيضا الجزء الأول من هذا اللقاء وتركتهما حتى أتصل بي اللواء عمر تلفونياً بعد نهاية اللقاء حيث حضرت وجلست معه لفترة طويلة بعد ذهاب الشريف تحدث فيها كثيراً عن ما تم في اللقاء.

    وكان قد سبق هذا اللقاء وفي مرحلة التمهيد له لقاء منفرد ومطول لي مع الشريف إذ إنني وعندما نقلت للشريف رغبة النائب الأول في الالتقاء به بلندن وذلك عن طريق الأمين زروق والذي كان مديرا لسودانير بلندن وصديقاً مقربا للشريف ولي رغم انه لم يعمل مباشرة بالسياسة، أجابني الأمين بان الشريف يود الالتقاء بي اولاً قبل تحديد الموعد مع اللواء عمر وفعلاً تم اللقاء بشقة الأخ زروق واستمر منذ الساعة التاسعة مساء وحتى الساعة الرابعة صباحاً دارت فيه وبعده أحاديث مثيرة وطريفة وقد حضر الأمين بداية اللقاء ثم ترك لنا الشقة.

    قصدت من الإشارة لهذه اللقاءات والتي لا تسعفني الذاكرة لاسترجاع كل ما دار فيها ولكن بعضها مدون في أوراق مشتتة ضمن أوراقي في عدة أماكن ودول، قصدت أن أؤكد للأخ محمد والقراء الأعزاء إنني حينما أتحدث عن أن الشريف لم يقدم تنازلات أساسية في لقاءاته مع المسؤولين في فترة المصالحة والحوار الذي دار في تلك الأيام بين الطرفين ، فأنا أتحدث من موقع معرفة ومعايشة لتلك الفترة، وانه إذا كانت قد صدرت من الشريف أي إشارات لقبول أو رفض بعض الأفكار والمقترحات في خلال تلك اللقاءات ، فهي من قبيل فنون التفاوض والحوار وهو رجل كان معروفا بمقدرات فائقة وذكاء حاد. وبما أن هذه المفاوضات واللقاءات والتي أشرت إلى بعضها فقط للتأكيد على قوة حجتي لم تؤدي في النهاية لأي اتفاق على الأقل مع الشريف ، فليس من المنطق أو المقبول أن ننسب إليه بعض الأفكار التي كان يدور حولها الحوار علي أساس أنها أشياء قبل بها، ففي أثناء التفاوض يمكن لكل من الطرفين أن يطرح مقترحات أو يطلق بالونات اختبار أو استخدام أي أساليب تكتيكية لاستكشاف الطرف الآخر.

    واخلص في الختام إلى انه ليس من الإنصاف محاولة تشويه صورة المرحوم الشريف حسين الهندي وإظهاره بمظهر من ساوم أو حاول الوصول لاتفاق عن طريق تقديم تنازلات جوهرية لم يكن لديه أي مبرر لتقديمها ، فهو كما أسلفت لم يعرف عنه السعي وراء مال أو جاه أو سلطان وأن كل ما يملكه لم يكن يحفظ له أو لأسرته منه شئ ، ولعله كان يتفق مع الشاعر العربي أبي العتاهية في نظرته للمال حيث قال:

    إذا لم يعتق المرء المال من نفسه

    تملكه المال الذي هو مالكه

    ألا إنما مالي هو ما أنا منفق

    وليس لي المال الذي أنا تاركه



    وأكرر مرة أخرى بأن الشريف لم يقدم تنازلات أساسية وذلك من خلال كل اللقاءات التي اشر ت إليها وكنت شاهداً عليها ، بل كان يدير حواراً حول أفكار عامة تتعلق بالوصول لما يحقق للبلاد استقرارها في ظل نظام يحفظ حقوق الجميع.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de