بقـية قـصة ... " سـليم أغـا "..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 05:28 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-21-2004, 11:22 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
بقـية قـصة ... " سـليم أغـا "..

    لمن تابع قصة " سليم أغا " المؤلمة نقول أن للقصة بقية تجيب عن الكثير من الأسئلة المحيرة و تقدم لنا الكثير من المعلومات المثيرة و المفرحة فى آن, و تكشف لنا فى نفس الوقت عن معدن هذا السودانى الأصيل, الأمر الذى بثَّ فينا الحماس و دفعنا إلى تكبد المشاق و شد الرحال إلى موطنه الجميل بمرتفعات " تقـلى" ...



    " طناش " فى مدخل مرتفعات " تقـلى "

    نوا صـــل .. قريباً ...
                  

08-22-2004, 03:23 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    و لمَّـا كنا قد ترجمنا كتاب " سلـيم أغا " دون أخذ تصريح بذلك من دار نشره , شعرنا - بعد خبو نشوة هذا "الإنجاز"- بالحرج و الإثم, و أدركنا كم تجاوزنا حدود اللياقة و نحن نخوض فى ما فاء به علينا " بيل جيتس" من فيضه مع الخائضين. فكتبنا إلى الموقع المنشور به الكتاب نطلب فى إستحياء الإذن, و جاءنا الرد كالتالى:

    Thank you for your interest in Documenting the American South. The book you reference, "Incidents Connected with the Life of Selim Aga,
    A Native of Central Africa" by Selim Aga was digitized from a print
    version obtained from the Cambridge University Rare Book Collection.
    While we have no problem with your translating the version that appears on our website, we must refer you to Cambridge University for their permission as well. Our agreement with them restricts our use of the work to digitizing it and making it freely available on our site.

    Regards,

    Larry P. Alford
    Deputy University Librarian
    University of North Carolina at Chapel Hill
    CB #3900 Davis Library
    Chapel Hill, NC 27514-8890
    [email protected] (919) 962-1302 fax919) 843-8936

    لاحظ أن كتاب "سليم أغا" يقع ضمن مجموعة الكتب النادرة فى مكتبة جامعة "كامبردج".

    نواصـــــل ....
                  

08-22-2004, 03:28 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    ثم قمنا بالكتابة إلى جامعة "كامبردج" لنفس الغرض, و بعد أن يئسنا من ردهم علينا, جاءنا ردهم يفتح علينا باباً واسعاً فيما يخص السودانى الأصيل "سليم أغا" كالتالى:

    Thank you for your e-mail of 17 May.

    I can confirm that we have a copy of Incidents connected with the life of Selim Aga, a native of Central Africa ([S.l.] : Published for the author, 1846 (Aberdeen : W. Bennett, printer)) (classmark 8000.e.43). This does not, however, entitle us to give you permission to publish a translation of this work any more than it would any other library which happened to have a copy. Nonetheless, as the author died in 1875, I suspect that copyright in the text will have lapsed. The full text, incidentally, is available electronically through the University of North Carolina at Chapel Hill Libraries:

    http://docsouth.unc.edu/neh/aga/menu.html

    و كما هو واضح من الرسالة, فإنه ليس هناك من جهة تملك حق منح حقوق الترجمة, و أنه بما أن الكاتب متوفى منذ 1875 المرجح أن حقوق الترجمة أصبحت غير فاعلة.
    و فى آخر رسالة "كامبردج" هذه المطولة, أشاروا علينا لمزيد من المعلومات إلى أحد الأسكتلنديين المهتمين بسيرة " سليم أغا", .. تأمل !!
    "جيمس مكارثى", .. الذى أصبح من بعد صديقاً إلكترونياً لدينا, و لم يبخل علينا قط بفيضٍ معلوماته التى إستقاها من البحث و الحفر وراء سيرة "سليم أغا".


    و نتوقف هنا لنواصل لاحقاً ..
                  

08-22-2004, 04:06 AM

Nagat Mohamed Ali
<aNagat Mohamed Ali
تاريخ التسجيل: 03-30-2004
مجموع المشاركات: 1244

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    الأخ العزيز
    الأستاذ "طناش"
    تحية طيبة

    أحيي اولاً هذه القدرة على البحث المثابر الجاد.
    وبعد أن تابعنا باهتمام ترجمتك الرصينة لحكاية سليم أغا، أتمنى أن تُتوج جهودك بخروج ترجمة كاملة تساهم في سد الثغرات التي تعاني منها كتابة تاريخنا.

    لك صادق أمنياتي بالتوفيق
    نجاة
                  

08-22-2004, 05:55 AM

Elmamoun khider
<aElmamoun khider
تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    الأخ طناش

    تحية طيبه

    لك الشكر علي هذا المشروع الضخم و لقد افتقدنا مساهماتك النوعية في الفترة السابقة و حقيقة الكتاب إضافة ثرة ... ونتمنى المزيد من الأعمال الجيدة ومرحب بالعودة القوية إلي الساحة و عندك البوست بتاع المركزية الأفريقية منتظرين المواصلة فيهو ....

    لك الود
                  

08-22-2004, 09:50 AM

hammama
<ahammama
تاريخ التسجيل: 12-19-2002
مجموع المشاركات: 296

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    عفواً اخي طناش هل لك مراسلتي على البريد [email protected] ولك احترامي
    حاولت في البروفايل ولم اجد لك عنوانا ( لعلني اعرفك من زمن طيب !!)
                  

08-22-2004, 10:01 AM

د. بشار صقر
<aد. بشار صقر
تاريخ التسجيل: 04-05-2004
مجموع المشاركات: 3845

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    العزيز طنّاش

    مرحبا بالعودة

    وشكراً علي هذا المجهود الكبير


    ونحن في انتظار الخلاصة
                  

08-22-2004, 01:09 PM

Bashasha
<aBashasha
تاريخ التسجيل: 10-08-2003
مجموع المشاركات: 25803

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    الحبيب طناش بركة بالشوفة او ياريتا تبل الشوق.

    وين رسايلك مننا؟

    دايرين بوست كارب عن وميض نار السودان القادم من احشاء ملايين الشهداء، تحت ركام ورماد السودان الشمالي البالي.

    زيارتك دي لي ارض الالهة، طبعا ذي زيارة المهدي الامام الاولي السرية للابيض، لمان جاتو الاشارة اللدنية من شيخو دانفوديو في غربنا الافريقي، ايذانا بعودة اوزريس!

    اوزريس عائد لامحالة ياحبيب لياخذ بيدنا، لنغير حركة التاريخ مرة اخري، ليجري مجري النيل من الجنوب للشمال، كما كان اول مرة.

    احتفاءا بي قدومك الميمون وانضمامك مرة اخري للواء السودان الجديد بالمنبر، بقيادة اميرتنا المروية رودا مردا، سليلة الكنداسي القال عنها شيخنا ديوب: The loss of an eye in battle
    only had the effect of increasing her bravery.

    دعني اهديك ومن خلالك اهلنا في دارفور هذا المقطع من مقدمة المناضلة Drusilla Dunjee Houston باعتبارها الام الحقيقية او شيخنا ديوب الاب، لتاريخ السودان القديم كما ورد في كتابها:

    Wonderful Ethiopians of the Ancient Cu####e Empire

    عندما ندرك ان Drusilla عاشت وكتبت هذا الكتاب في عشرينات القرن الماضي فلا نملك الا ننحت لها تمثال امام المتحف القومي، اجلالا وعرفانا.

    كتبت Drusilla قائلة عن السودانيين:
    The Ethiopian is a great race, probably the oldest. Its a race that does not die out under adversity. When other races are sullen, or despairing and turn to self destruction, these people cheerfully press on. When they think the way is blocked they turn aside to pick flowers along the pathway of pleasure.

    تمضي Dursilla لتقول:
    We need our eyes opend, this type that we in ignorance despise, built the eternal pyramids of Egypt and laid the foundation of the civilization of the historie ages. Because the slave trade broke the threads of rememberance, they walk among us with bowed #########, themselves ignorant of the facts that this story unfold.

    Lift up your #########, discouraged and down trodden Ethiopians. Listen to this marvelous story told of your ancestors, who wrought mighty for mankind and built the foundations of civilization true and square in the days of old. Awake ye sleeping Aryans, becom aware of the acute need of the world today of this enchained energy and ability. The absence of this power is the cause of many a breakdown in modern civilization.

    لله درك يا Drusilla!
    شوف ذي الالمام والايمان العميق ده بينا كشعب او قارنو بي ترهات الاقزام امثال شبيكة او يوسف فضل الختم حياتو موظف عند نظام الجبهة متحدثا باسم خارجية التطهير العرقي والاغتصاب.

    Dursilla ياطناش في عشرينات القرن الماضي وامثالها حينها كانو بعلقوهم في الاشجار ويسلخوا احياء بواسطة موتوري السيادة البيضاء، ناقشت فرضية الاصل الكوشي للادب العربي!

    الي هذا التاريخ لم يفتح الله علي سوداني واحد يخط حرف واحد بهذا المعني، لانهم مافاضين من اجترار مهضومات الكرشة العربية ذي ماقال ود المكي للفكي.

    دكتور ابكر ادم اسماعيل دي مسؤليتك من هنا او غادي انك تمسك راس الخيط بتاع Dursilla عن الاصل الكوشي للادب العربي او توصلو اخرو.من قبل طه حسين Dursilla استنهضت علامة استفاهم كبيرة حول المعلقات او مؤلفيها! اشارت للحميرية كاساس للغة المعلقات!
    ده احتفال صغير بي هلالك الهلا بعد غربة اوشوق نغالب فيهو، او يغالبنا، ياطناش.
                  

08-24-2004, 04:41 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Bashasha)

    زوار "سليم التقلاوى" الأعزاء,

    معذرة لتأخر الإستجابة لتعليقاتكم المشجِّعة, و السبب إنشغالى بقضايا العودة من الإجازة و ترجمة و رقة "James MacCarthy", الذى أرسل لى بالبريد الجوى إضافة إلى و رقته هذه و رقة مطولة بقلم "سليم أغا" مصورة من مجلة "The Geographical Magazine" الصادرة فى مايو 1874, و ستحتاج منى إلى و قت طويل فى ترجمتها. هذا بينما أنتظر منه ورقة "سليم" حول رحلته إلى "الكنغو".
    معذرة مرة أخرى, فسأولى مداخلاتكم ما يناسبها من تعليق ريثما أجهز جزء من مادة "سليم أغا".

    صادق تحياتى ..
                  

08-24-2004, 06:43 PM

Bashasha
<aBashasha
تاريخ التسجيل: 10-08-2003
مجموع المشاركات: 25803

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    الحبيب طناش.
    اها، ورديتنا جات، اسلمك العهدة واستودعكم الله، اخوك فايت او حيطول المرة دي. ابقي عشرة علي العقاب مع الاخوات والاخوان وبالذات القوانين الجاية وحقنا في التمثيل في مجلس الادارة الجاية.

    مطلبين بالتمثيل النسبي علي اساس الدواس الفكري الحاصل مابين القديم البالي من يمينو لي يسارو، وجديدنا الواعد بلا غربية او شرقية، افريقية مية المية!

    حانتظرك في البريد او في امان الله.
    اخوك في الهجرة والغار بشاشا.
                  

08-25-2004, 08:56 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Bashasha)

    الأخت العزيزة .. الأستاذة نجاة
    تحية و إحترام
    تجدينى ممتناً لتشجيعكم الذى كان له الفضل الأكبر فى مواصلتى لهذا العمل المتواضع. و خذى منى وعداً فى تكملة ترجمة الأوراق ذات الصلة بسيرة "سليم التقَـلاوى" التى حصلت عليها من "James MacCarthy", و بقية نتائج بحثه حول "سليم", و تحرير كل ذلك فى كتاب بمقدمة موجزة عن تاريخ حقبة الرق فى السودان.
    و ثقى ستكونى أول شخص أعرض عليه هذا العمل بعد إكتماله لتصديره بالتقديم المناسب.
    صادق تحياتى و إحترامى ..

    الأخ العزيز .. Elmamoun khider
    تحياتى الطيبات ..
    شكراً لإهتمامكم و تشجيعكم ..
    أعانى بصورة مزمنة من عدم الإستقرار, و يسوؤنى أن كل كتبى "مردومة" فى كرتونة بصورة فوضوية. و كما تلاحظ فإن معظم "بوستاتى" غير مكتملة, رغم أن فكرتها مكتملة فى ذهنى, بل و بعض المواضيع أكملت ترجمتها و لم أطبعها على الكمبيوتر, مثل موضوع "الجاحظ الأسود" الذى إختفى فى غياهب البورد غير مكتملاً, هذا فضلاً عن أن تجديد "البورد" يربكنى كثيراً. و لكن بالرغم من ذلك سأحاول قصارى جهدى إكمال تلك "البوستات" الناقصة, و بالذات "المركزية الأفريقية" الذى من المفترض أن تبدأ بنظرية الإنفجار الكبير "Big Bang" إلى تكوُّن المجرَّات و الكواكب, ثم التركيز على كوكب الأرض من نظرية "الإنشطار القارى" إلى نظريات نشؤ الحياة سواء من الأرض نفسها أو من الخارج بواسطة النيازك, ثم نظرية نشؤ الإنسان و نظرية "الإنتشار" – و هى النظرية التى فى غمرة الفوضى التى أعيشها بدأت بها "البوست" - , ثم ظهور أول حضارة إنسانية على وجه الأرض, ثم أثر هذه الحضارة على التطور اللاحق للبشرية إلى يومنا هذا, و نختم بإستشراف مستقبل البشرية.

    تشجيعكم سيكون دافعاً قوياً لإكمال هذا "البوست" .. لك صادق الود ..

    الأخ .. hammama
    تحية طيبة ..
    لى صديق قديم عزيز يدعى "الخير" .. سأكون فى غاية السعادة و الإندهاش إن كنت هو, و إن لم تكن فمرحب بمعرفة و صداقة جديدة. أرسلت لك "إيميل".
    صادق الود و التحايا ..

    الأخ العزيز .. د. بشار صقر

    أشكرك على الترحيب, و أعدك بمتعة شيقة فى صحبة مذكرات "سليم التقلاوى" فى هذا "البوست".
    وافر التحايا ..

    العزيز .. Bashasha

    شوقنا بالأكثر, و كما ترى فإن الإنقطاع سببه "حجُّـنا الميمون" إلى أرض الآلهة المباركة, حيث أفادنا أحد المعمِّـرين من أهلنا النوبة "الشماليين" المستقرين هناك منذ قرون - و هو يحكى التاريخ كما الثرثرة بغرض التسلية و دون سابق إنزار- أن تكوُّن مملكة "تقلى" بدأ بقدوم مجموعة من نوبة "الشمال" يقودهم شخص عالم شديد المراس إلى المنطقة, حيث وجدوا مجموعة من نوبة "الجبال" يدينون بديانة شبيهة "بالكجور". و قد كانت هذه الديانة تقتضى تقديم إبنة الملك إلى قوة مجهولة يرهبونها بشدة لإرضائها لأسبابٍ معَّينة, فكانوا يتركونها فى مكانٍ معين مقيدة و يذهبون من حيث أتوا, فتختفى بعد ذلك البنت. ويبدو أن هذا الأمر مما كان يقلقهم. و عندما حضر ذاك الشخص العالم و وجد تلك الفتاة مقيدة فى إنتظار مصيرها فك قيدها و قضى بسيفه على تلك القوة الخفية – فى رواية ذاك المعمِّر هذه القوة جان فى شكل ثعبان ضخم – و جاء بالبنت بين يدى الملك مخبره أنه قد قضى على الجان الثعبان الضخم و لم يعودوا من الآن بحاجة إلى الخوف منه و طاعته, فإحتل ذاك العالم من يومها مكانة هامة عند ذاك الملك و مجموعته.
    و فى إختصارٍ مُخل, و بعيداً عن تفاصيل هذه الأُسطورة, نستنتج من ذلك أن نوبة "الجبال" المُـحتمين بتلك الجبال الإستراتيجية الحصينة و الغاية فى الجمال و الروعة فى آن, و ذلك من جراء ما كابدوه من العناصر الآتية من الشمال, و مؤخراً من غضبةٍ ضروس شرقية من مليكنا الأثيوبى العظيم"عيزانا", حيث قال حين هاجم "سوبا": و هزمت النوبة الحُمر و فرقتهم شمالاً و النوبة السود و فرقتهم جنوباً, نستنتج أن نوبة "الجبال" فى معزلهم ذاك إحتفظوا ببقايا ديانة وادى النيل القديم - نقول ذلك لتشابه التضحية بالبنت فى الأُسطورة بالتضحية بعروس النيل فى ديانة وادى النيل القديم, و هناك أُسطورة فى الجنوب تحكى عن البنت التى ألقت بنفسها فى البئر لتنقذ قبيلتها ففاضت من بعد ذلك البئر – و قد حدث تعديل لديانة "الكجور" كبقايا لديانة وادى النيل القديم بقدوم تلك الهجرة من نوبة "الشمال" و هم يحملون معهم مستجدات الدين إلى نوبة "الجبال" المعزولين.
    و صاغت تلك القصة هذه الأحداث فى قالب أسطورى, ينُمُ عن أبعاد التلاحم الذى تم إذَّاك بين النوبة "الحُـمُـر" و النوبة "السُود", فكانت ثمرة ذلك لاحقاً: "تقلى" تلك المملكة القوية و ما لديها من علماء ذوو معرفة عميقة بالدين, الذين من فرط معرفتهم الدينية تلك آمنوا بالمهدية سياسياً و حموها فى موقعهم الإستراتيجى ذاك وعززوها عسكريا, إلا أنَّـهم لم يؤمنوا بها دينياً. و هنا كانت الثغرة التى تآمر بها "التعايشى" عليهم, حيث كان يعلم أن المهدى قد أسرَّ لخاصته حين علم أن المك "آدم أم دبالو" سيحضر فى موكب لتهنأته بتحرير "الأُبيض", أنه لو أعلن المك إيمانه بالمهدية دينياً سيعيَّـنه خليفةً له. و قد كان المهدى يكن له إعزازًا كبيراً, فنظّم له حفل إستقبال لم ُيشهدْ لأحد فى فترة المهدية, و أُطلقت عند ظهور موكب المك على مشارف "الأُبيض" إحدى عشر طلقة مدفعية. و لمَّا لم يعلن المك إيمانه بالمهدية تمكن "التعايشى" من إقناع المهدى بخطورة ترك المك يعود إلى دياره, و الأسلم أن يحرص على مرافقته له فى الزحف على "أمدرمان". و بينما المك المُسن مرافقٌ الزحف, أرسل "التعايشى" فرسانه إلى مملكة "تقلى" ليقضوا على الأسرة المالكة و علماء الدين عن بكرة أبيهم, إلا واحداً كان غير موجودًا إبَّان المذبحة. و مات المك "آدم أم دبالو" فى الطريق إلى "أمدرمان". لمثل ذلك و غيره تجدنى أختلف معك فى تقييم دور "التعايشى" فى الثورة المهدية, و هذا موضوع آخر.
    و هناك و قد حفَّتنى هيبة قمم مرتفعات "تقلى" و طقسها الرائع الصوفى المزاج, و فى حضرة أحد الشيوخ المقيم أسفل جبل ضخم مُهيب, والذى أذهلنى بحياته البسيطة و الرائعة فى آن, تمثَّـلت لى أحداث الثورة المهدية و شخصية المهدى بما لا يمكن أن تصوره آلاف مجلدات تاريخ المهدية.
    و لأحداث تلك الأُسطورة التى تحكى منشأ "تقلى", نجد أهل "تقلى" ذوو ميول سياسية وسط, فلا هم يصنفون أنفسهم "شمال" و لا "جنوب", إلا أن هذا الحياد الذى جرَّ إليهم الإهمال قد بدأ يتصدع, و تفاصيل ذلك التصدَّع ستظهر لاحقاً.
    و فى إحدى "مُدن" "تقلى" لم إستطع مقاومة إغراء الصعود قمة جبل غطته الحشائش و الأشجار الخضراء, و فى قمته جلست على أعلى صخرة أُدَّخن سيجارة و أتأمَّل وادى "تقلى" فى الأسفل و قد إنتشر فيه المزارعين نساء و رجال بصحبة أطفالهم, يعملون منذ الفجر فى همةٍ و نشاط على أرضٍ زراعيةٍ "سوداء" كما الليل, لا نهاية لها من حيث أنظر. و ضربت كفاً على كف حين رانت فى ذهنى جملة: "السودانيين كسالى !", و تعجَّبت أكثر حين قرأت خبر قدوم 20 ألف مزارع مصرى تم تمليكهم أراضى بالسودان.
    إنك لا تجانب الصواب أبداً, حين تكرر فى جملتك الساخرة الشهيرة و التى فحواها, أن الدولة التركية و الحكم الثنائى بعد أن أوصدوا باب السودان من خلفهم مازالت سياساتهم و ما رسموه لمصير السودان يمشى بين ظهرانينا على رجلين إثنين.

    لك وافر و الود و التحايا ..
                  

08-26-2004, 11:39 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    السيرة الذاتية "لجيمس مكارثى= James MacCarthy ":

    Summary cv.


    James McCarthy B.Sc.(For) FRZSS (HON.), FCM

    Born Dundee, Scotland 1936

    Military Service: Royal Marines, commissioned Black Watch, Platoon Commander King’s African Rifles, Mau Mau Campaign, Kenya

    Post graduate Leverhulme Scholarship 1959-61 to Makerere College, Kampala, Uganda.

    1961 Appointed Assistant Conservator of Forests, Tanganyika – primarily involved in forest exploration in Kilombero Valley (Selous Game and Forest Reserve)

    1963 Nature Conservancy Council, latterly Deputy Director (Scotland) till retirement in 1991.

    Awarded Churchill Fellowship (1975) and Nuffield/Leverhulme
    Travelling Fellowship (1989)

    Author of Wild Scotland and Scotland, Land and People (Luath Press, Edinburgh) and a number of other publications. eg. for Scottish Tourist Board. Published Journey into Africa: The Life and Death of Keith Johnston, Scottish Cartographer and Explorer (1844-79) in 2004. In press: Builders of the Stevenson Road: The African Diaries of William McEwan and Donald Munro.

    Currently Council Member Royal Scottish Geographical Society, Chairman of grants panel for Transforming Your Space Programme and formerly Board Member Scottish Natural Heritage, Regional Advisory Committee Forestry Commission, etc. etc.
                  

08-26-2004, 12:09 PM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)


    سليم أغا التَقَلاوى
    ٍSELIM AGHA Altagalawy




    نبدأ ترجمة و رقة "جيمس مكارثى= James MacCarthy " عن "سليم أغا", و هى بعنوان:
    "Burton's Factotum – Selim Aga":

    فى القرن التاسع عشر كان الإنجليزي المستكشف الرحَّال "ريتشارد بيرتون = Richard Burton" يحظى بأكبر نصيب من مشاعر عنصرية ذلك الزمان. فكتاباته تكشف عن حالة عنصرية مرضية غالبة تجاه الأفارقة السود على وجه الخصوص. ( لقد عُرف بتفضيله الأفارقة المسلمين فى شمال أفريقيا على الأفارقة البانتو ), و بالرغم من ذلك فقد إستأثر أحدهم بإعجابه و تقديره الشديدين, و لا شك أن السبب الرئيسى لذلك هى كونه قد كان مفيدا له, حيث كان يدعوه " بمستخدمه الذى يؤدى مختلف المهام" أو مساعده الشامل.
    هذا الشخص هو " سليم أغا" الذى رافق "ريتشارد بيرتون" فى كل رحلاته الإستكشافية لغرب أفريقيا خلال ستينات القرن التاسع عشر, و الذى وصفه "ريتشارد بيرتون" ب: " أمين ومخلص, متمدِّن, غير متطلِّب, يستطيع الطبخ, طبيب, ذو دراية بأعمال النجارة و الحدائق, ماهر فى إستعمال السلاح لصيد الطيور, متمكِّن فى رصد الأحوال الجوية, و بصورة عامة فى إستطاعته إن يحمل عن كاهلى كل متطلبات الحياة و أعبائها ". فضلاً عن ذلك, فهو يتحدث لغة إنجليزية رصينة و إن كانت بلكنة إسكتلندية واضحة.
    من هو " سليم" ؟ ... لم أكن أعرف عنه شيئاً قبل أن أقع بالصدفة على مقال بقلم" ريتشارد بيرتون" فى "مجلة الجغرافيا = Geographical Magazine" الصادرة فى عام 1875 , يتحدث فيها عن ورقة كتبت بقلم "سليم" فى ذلك الوقت, و التى وصف فيها "سليم" أصوله و حياته الأولى كصبى يافع من مملكة تقلى الإسلامية فى جبال النوبة. لقد كان "سليم" فى حقيقة الأمر من أُسرة غنيِّة, و كان فى إنتظار أن يصبح زعيماً ضمن أطفال أحد ثلاثة أمراء كانوا يتقاسمون حكم المملكة. و فى أحد الأيام حوالى 1835 , بينما كان بالكاد يبلغ الثامنة من العمر و بينما كان يرعى خرفان و أغنام والده, تم إختطافه بواسطة إثنين من تجار الرقيق العرب, و من ذلك الوقت لم يرى أسرته أو أصدقائه مرة ً أخرى. ثم تم بيعه من تاجر رقيق عربى إلى آخر عبر مراحل على طول وادى النيل لفترة إستغرقت أشهر عدَّة حتى أنتهى به المصير إلى سوق الرقيق الكبير بالقاهرة. و بتفاصيلٍ مفعمةٍ بالحيوية وصف "سليم", ليس فقط العذاب الذى عاناه, بل كذلك الأماكن التى مرَّ بها أثناء الطريق. و رغم صغر سنه أستطاع أن يقدِّم صورةٍ واضحةٍ عن طبيعة و مناخ بلاده و عادات شعبه, كانت بمثابة وثيقة متكاملة لواحدٍ من أكثر المجتمعات التاريخية تشويقا فى أفريقيا. و بعيداً عن كل شىء, "فسليم" الصغير لا بد أنه كان يتمتَّع بقوة فيزيائية و نفسية بصورةٍ غير مسبوقة, .... لقد وُلدَ ليعيش ....

    يتبـــــــــــــــع ....

    (عدل بواسطة Tanash on 08-27-2004, 12:22 PM)

                  

08-26-2004, 11:47 AM

Nagat Mohamed Ali
<aNagat Mohamed Ali
تاريخ التسجيل: 03-30-2004
مجموع المشاركات: 1244

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    الأخ العزيز
    الأستاذ "طناش"

    هذا شرفٌ عظيم لي.
    غمرتني كلماتك بسعادة، وبرهبة شديدة أيضاً، خوفاً من أن لا أرقى لمستوى هذه المسئولية التي سأبذل كل ما في وسعي لأن أكون أهلا لها. فهذا عملٌ رائد وعظيم تحتاجه مكتبتنا السودانية التي تعاني بلا شك من نقصٍ حاد في الوثائق التي تؤرخ لممارسة الرق، مثلما هو الحال بالنسبة لبقية "المحرمات" في تاريخنا الحديث والمعاصر.
    أتمنى لهذا المشروع كل التوفيق والنجاح، واشكرك مرةً أخرى للثقة التي شرفتني بها.

    نجاة
                  

08-28-2004, 00:37 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Nagat Mohamed Ali)

    بينما توجد فى الولايات المتحدة كثير من الكتابا ت التى توثِّق لتجارب المسترقين من غرب أفريقيا, فإننا لا نجد من بينها ما يمكن مقارنته – على حد علم كاتب هذه الورقة – بما كتبه " سليم" القادم من وادى النيل. لقد تم شراؤه فى القاهرة بواسطة القنصل البريطانى بالإسكندرية " روبرت ثيربيرن = Robert Thurburn", أحد أهم التجار الكبار فى مصر و أكثرهم حظوة بثقة الخديوى محمد على. و قد وجد "سليم" معاملة حسنة فى منزل " ثيربيرن", و بدأ تحصيله العلمى هناك مبتدءاً باللغة الإنجليزية. و لمَّا كان "ثيربيرن" متعاقدٌ فى عمل يقضى بمرافقة المسافرين عبر الصحراء من القاهرة حتى السويس فى طريقهم إلى الهند و ذلك قبل فتح القناة, ( و "ثيربيرن" على معرفة ب " دو ليسيبس = De Lesseps" الذى قام بحفر قناة السويس), فإنه من غير المستبعد أن يكون "سليم" قد رافقه فى واحدة من هذه الرحلات.
    و فى الإسكندرية بمنزل " ثيربيرن" لابد أن "سليم" قد وجد نفسه أمام مهمة تعديل سلوكه الحياتى حسب ما يتطلَّبه نمط الحياة فى منزل أُوروبى غاية فى الثراء و ذو ثقافة متعارضة بشكل صارخ مع تجربته الخاصة التى مرَّ بها مؤخراً. و لابد أنَّه, للوهلة الأُولى, قد تنفَّس الصُـعداء لكون أن مصيره لم ينتهى فريسة فى أفواه الكفَّار, و هو التهديد الأقصى الذى كان يرهبه به تجَّار الرقيق المسلمين.
    و لم يكن من غير المعتاد على البيض, حتى بعد تحريم تجارة الرقيق فى المناطق التابعة إدارياً لبريطانبا, الحصول على العبيد و إصطحابهم معهم إلى أُوروبا للعمل كخدم و خادمات, و فى بعض الأحيان كزوجات. و الجدير بالذكر أن هناك فرق واضح بين العبيد المستجلبين من غرب أفريقيا الذين يتم تصديرهم من هناك إلى جزر الهند الغربية أو جنوب الولايات المتحدة, و أوُلئك الذين يتم تخصيصهم للشرق الأوسط. فبينما نجد الأوائل كانوا فى الغالب من الذكور حيث يتم تشغيلهم بصفة رئيسية فى الزراعة كعمال فى الحقول, و فرصهم فى التقدم و النماء محدودة للغاية, نجد الأخيرين يتم إستيعابهم فى المجتمع الإسلامى المحلى, و يحظى الإناث بنسبة أعلى فى هذا الإستيعاب حيث يخصَّصن عادةً كسرايا و محظيات. كما أن هناك الكثير من الشواهد لعبيد مسلمين فى الشرق الأوسط يتقدمون من درك العبودية ليحتلوا مواقع هامة فى الدولة, و فى التجارة و كقادة فى القوات العسكرية. و هذا لا يعنى بإى حالٍ من الأحوال أن ظروف القبض عليهم و ترحيلهم إلى سوق العبيد لم تكن بوسائل بشعة و خضوعهم لمعاناة و إزلالٍ كبيرين, هذا فضلاً عن التدمير و التخريب الذى و قع على مجتمعاتهم التى أُستجلبوا منها. واضعين فى الإعتبار إن هؤلاء الناجين من هذه المعاملة أللاإنسانية فى الأسر يمثِّـلون نسبة ضئيلة من مجموع الواقعين فى الأسر.


    يتبــــــــــــــــع ....
                  

08-28-2004, 04:14 AM

aymen
<aaymen
تاريخ التسجيل: 11-25-2003
مجموع المشاركات: 708

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    صديقي تناش

    مرحبا بعودتك، و لعلك ملأت رئتيك بلسما من دعاش روابي تقلي، ارض الاجداد و ملتقي الاحفاد

    استميحك بهذه الاضافة، علها تضيئ بعض ما سقط عمدا عن كتب التأريخ في المدارس..

    ايمن بشري



    صفحات مندثرة من تأريخ السُّودان الحديث...
    مملكة تقلي ... نشأتها واضمحلالها(1)

    د. عمر مصطفى شركيان
    [email protected]


    ديناميكيَّة الحياة السِّياسيَّة في منطقة تقلي، كما هي الحال في جبال النُّوبة، أثبتت عدائها للمركزيَّة وتأسيس الدَّولة. حاملين الثَّقافة السِّياسيَّة المنتشرة في وادي النِّيل السُّوداني، دافع جباليُّو تقلي عن حكمهم الذَّاتي ضد الولاء السِّياسي؛ كما لم تستطع أيَّة قوة خارجيَّة أن تبرم حلفاً محليَّاً مع أي من حكام تقلي.(2)


    تقديم

    تأريخ السُّودان، الذي تغتال فيه الحقيقة اغتيالاً، كُتب مبتوراً من كل المعالم والسِّمات الأساسيَّة التي صنعت حوادث هذا البلد، وصاغت مصائر أهله في الأمصار والسبلان. ولو دُوِّنت الحوادث التَّاريخية حسبما وقعت، ونظر الرُّواة التَّاريخيُّون إلى المصادر الموثوقة، ببصائرهم لا بقلوبهم، لذُهِل النَّاس لفرط ما رأوه من همم كانت مصروفة، وفنون مبذولة، وتقنيات شتَّى كانت معمولة بها في حكم دويلاتهم، وتسيير شؤونهم وأمورهم. ونحن إذ ندوِّن وقائع تجاربهم حتَّي نشيد بها، وندعوا إلى اعتناقها إن كانت ناجحة؛ ونحذِّر منها وننذر إن كانت إخفاقاً. ومن هذه الدُّويلات والممالك نذكر مملكة تقلي.
    تطلق تسمية جبال تقلى، والتي تبلغ ارتفاعها 5,000 قدم فوق سطح البَّحر، على مساحة قدرها 40 ميلاً مربَّعاً. وتضم في محورها التلال التي تشمل، فيما تشمل، قرى كراية، والهوي، وتاسي وجولية. وتمتد هذه السلاسل الجبليَّة شرقاً لتندمج مع الهضاب الشماليَّة-الشرقيَّة التي تعلو 3,000 قدم فوق سطح البَّحر، وتنتهي في الجِّبال الصَّخريَّة المعروفة بجبال أم طلحة، 35 ميلاً صوب الشَّرق.


    أصل سكان تقلي

    تتعدَّد الرِّوايات عن أصل سكان المنطقة، وقد أوردت جانيت جي إيوالد رواية هي – في واقع الأمر - أقرب إلى الأسطورة منها إلى الحقيقة. ذكرت جانيت أن أقوام من الفونج المسلمين يدعون (كونياب) سكنوا أبودوم التي تبعد مسافة 10 أميال من جبل تقلي. وفي يوم من الأيام، وبينما كانوا يمارسون حرفة الصَّيد، جرحوا تيتلاً وطاردوه حتى عثروا على مساكن (لابوجاب) في قلب تقلي، وهم قوم عراة وغير مسلمين. وقد أُعجب (لابوجاب) بملابس (كونياب)، وطلب زعيم الأول من مجموعة الصيَّادين (المونياب) أن يستقروا في تقلي ليعلِّموهم زراعة القطن ونسج الملبوسات. وقد قبل (الكونياب) الدَّعوة على الرَّغم من أنَّهم ظلُّوا في اتِّصال مستمر مع ذويهم في أبودوم؛ كما أنَّهم لم يتدخَّلوا في معتقدات (لابوجاب) الدِّينيَّة مثل تقديم الفتيات قرباناً لحيَّة في بئر لضمان الهطول المبكِّر للأمطار. وهناك قول أنَّهم ينتمون إلى قبيلة السقارنج: الرجل منها سقراناوي والمرأة سقرناويَّة، وإلى هذه القبيلة تنتمي خيرة - والدة إسماعيل صاحب الرَّبابة من الشَّيخ مكي الدَّقلاشي الذي تكلَّم في المهد.(3)
    من جانب آخر، تقول القصص الشَّعبيَّة إنَّه زهاء 400 عام مضى حطَّ فقير متجوِّل من الجعليين الموجودين على النِّيل قرب مصب نهر عطبرة، واستقر في هذه التِّلال، وبدأ في مزاولة النَّشاط الدِّيني الذي سرعان ما انقلب سياسيَّاً. وبهذه الطَّريقة، وبأسباب أخرى سنوردها في هذا البَّحث، أوغل نفسه في بلاط الحكم وأمسى يمارس السِّيادة والرَّيادة في هذه المملكة العريقة التي اشتهرت في القرنين الثَّامن عشر والتَّاسع عشر في وسط السُّودان. وقد ذكر المؤرِّخون أنَّ تسعة عشر حفيداً تعاقبوا على حكم المملكة دونما انقطاع: من ابن هذا الشَّيخ الجَّعلي، جيلي أبو جريدة، حتَّى المك آدم النِّيل جيلي. وقد انتشر الإسلام في المنطقة بفضل هذا الفقير، حيث تجد في كل قرية مسيد(4) الذي تمَّ تأسيسه بواسطة المسلمين الأوائل ومازال قائماً حتَّى يومنا هذا. توجد بالمنطقة أغلب الطُّرق الصُّوفيَّة، لكن معظمهم من تابعي الشَّريف يوسف الهندي. هذه المملكة، التي امتدَّت من خور أبوحبل شمالاً حتَّى تلودي جنوباً، كانت ذات شأوٍ وشأنٍ عظيمين: وقد اعترفت بها قبائل العرب التي كانت تدخل المنطقة في كل فينة وأخرى. ولا غرو في أنَّها تحدَّت، بنجاح منقطع النَّظير، الحكومة التُّركيَّة-المصريَّة لسنين عدداً.
    بتشجيع الهجرة والاستيطان في تقلي في خلال السَّنوات الأولى من الحكم، استطاع هؤلاء الحكَّام الوافدون أن يغيِّروا ديانة أهل المنطقة، وأسلوب حياتهم ولاسيَّما أنَّهم قد أدخلوا ارتداء العمامة وقولة "اللَّه يطوِّل عمرك". وبذا تحوَّل جزء من النُّوبة الذين كانوا يؤمنون بالآلهة المحليَّة، في هذه المنطقة، إلى مسلمين، وتركوا ما كان آباؤهم يعبدون من كريم المعتقدات الأفريقيَّة. ونتيجة المصاهرة والتَّزاوج مع سكان المنطقة الأوائل ظهر خليط من المجموعة التي تقطن المنطقة. أمَّا سكان الكيجاكجة، جنوب-غرب تقلي، فيمثِّلون العنصر الصَّافي من سكان المنطقة الأصليين. كحال كل القبائل العربيَّة في السُّودان، تدَّعي العائلة المالكة أنَّهم ينتمون إلى الجعليين - نسبة لإبراهيم جعل. توجد، كذلك، بالمنطقة أحفاد الفونج، وأجناس من دارفور في غرب السُّودان، والعرب الذين يشملون: البديريَّة والجوامعة وكل فروع الكواهلة وكنانة.
    وكأي نظام ملكي، فإنَّ نظام الحكم في هذه المملكة كان وراثيَّاً؛ وللمك مطلق الحريَّة في تصريف أمور البلاد والعباد، يعاونه في ذلك شخصين من أقربائه والذي يُسمح لأحدهما، وهو الجُّندي، بمقابلة المك في أية ساعة من ساعات النَّهار أواللَّيل. وكل من عزم أن يقابل المك عليه أن يقابل الجُّندي أولاً، وهو كذلك المسؤول عن المكوكيَّة في جنوب المملكة: جزيتهم وهداياهم تُسلَّم للمك بواسطته. أمَّا المعاون الثَّاني فيسمَّى سكراوي، ولا يتمتَّع بقدرٍ كبيرٍ من الصَّلاحيات كتلك الممنوحة للجُّندي، لكنَّه هو المسؤول عن الجزء الشِّمالي والشَّرقي من المملكة. في بعض الأحيان يتم تعيين الوزير؛ وشاغل هذا المنصب يكون دائماً من مقرَّبي المك. كما أنَّ مهمة اختيار مك جديد، إذا كان هناك أكثر من مرشَّح واحد، تقع على عاتق الجُّندي.
    بعد مرور ما يقارب أربعة قرون، أصبحت العائلة المالكة أرستقراطيَّاً لا يستطيع أحد أن يتطاول عليها، ولم يخل نظام الحكم من القسوة المفرطة. وقد قيل إنَّ زبانية المك ناصر كانوا يلقون بالمعارضين السِّياسيين في دوكة حجريَّة تحتوي على زيت ساخن بعد ما تصل درجة الغليان وذلك بعد منتصف النَّهار، أي في وقت الهجيرة. ونتيجة لهذا الرُّعب، هرب كثيرون من رعايا المك إلى خارج المملكة، وقد سكن أفراد منهم في مدينة الدَّلنج في ريفي شمال الجِّبال.


    تقلي قبل ظهور المكوك

    قبل أربعة قرون، كان يتكوَّن سكان الجبال الشماليَّة-الشرقيَّة من عنصر عرقي واحد؛ وكانوا يتمركزون في ثلاث مناطق: تيرمي في أم طلحة، وجبال الكيجاكجة، وتقلي نفسها. كان القوم يعبدون الآلهة الطَّبيعية وهم لها عاكفون، ويعيشون حياة بدائيَّة بسيطة تحت السيطرة الوراثيَّة للمشايخ في دارهم التي تقع في تقلارو - بالقرب من قرية الهوي - وكانوا يُعرفون باسم الهمج، هكذا تقول الأساطير القديمة. وبما أنَّ دماء السكان الأوائل قد ذابت واختلطت مع العناصر التي وفدت إلى هذه المنطقة من كل فج عميق، إلاَّ أنَّها مازالت باقيَّة لدي مواطني جبال الكيجاكجة، الذين احتفظوا بنقاء حسبهم ونسبهم.
    على الرَّغم من دخول الكيجاكجة إلى الإسلام أفواجاً خلال ثلاثمائة عام مضى، إلاَّ أنَّهم مازالوا يتمسَّكون ببعض عاداتهم وتقاليدهم القديمة، وطريقة حياتهم اليوميَّة لم تتغيَّر كثيراً.(5) كما تجدهم يمارسون حرفة زراعة الذُّرة على سطوح الجِّبال باستخدام الحشَّاشة الخشبيَّة؛ ويقومون بتربية الماشية؛ ونادراً ما كان يغامر القوم بالابتعاد عن جبالهم. قليلاً منهم كانوا يتحدَّثون اللُّغة العربيَّة، حيث أنَّ في تقلي قلَّما تجد اللُّغة المحليَّة في الاستعمال وربما أصبحت نسياً منسيَّاً. أمَّا عُمدتهم أو الجُّندي فينحدر من جنادي تقلي القديم الذي كان من الملازمين الوارثين للشيوخ الحاكمين، واستمر المنصب حتَّى خلال فترة حكم المكوك "الجعليين".
    إنَّ إقامة أهالي تقلارو في هذه الجبال الصخريَّة، والحصون المنيعة تعكس الصِّفة الحربيَّة التي كان يتميَّز بها القوم. وكان تسليحهم يشتمل على الحراب والسكاكين والحجارة. إذ يبدو أنَّ المملكة لم تتخوَّف من أعدائها في الشمال القصي أو الغرب البعيد، لكن أعدائها الفعليين كانوا قاطني المجتمعات المجاورة. مهما بُذِل من الاجتهاد، فمن الصَّعب جداً تعقُّب جذور سكان المنطقة الأولين. لكن هناك كثيراً من أوجه التَّشابه بين الكيجاكجة والكواليب، مما يدعم هذه الشبه التَّكهن بوجود سلالة مشتركة. لكن الكيجاكجة اعتنقوا الإسلام، وفضَّل الكواليب البقاء على معتقداتهم الأفريقيَّة، وقد تنصَّر جزء منهم عندما دخل التَّبشير المسيحي إلى المنطقة إبَّان الحكم البريطاني-المصري في السُّودان (1898-1956م). بإجراء البحوث المكثَّفة على سكان تُكم، وترجوك، وتقوي - الذين جعلوا الإسلام ديناً لهم - وكذلك النُّوبة في جنوب المنطقة قد يساعد في اكتشاف التَّباين بين الكيجاكجة والكواليب.
    كل ماهو أكيد، ولا ريب فيه، أنَّه منذ القرن السَّادس عشر بعد الميلاد عاش في تقلي أناس كانوا يسبِّحون اللَّه عن طريق سنن الكون؛ ولهم ملامح نوباويَّة مميِّزة؛ ولم يتم التَّزاوج والتَّمازج بينهم وبين الأجانب. هذه المجموعة البشريَّة كوَّنت النَّواة لمملكة تقلي التي نحن بصدد الحديث عنها. مما سبق يتَّضح أنَّه قبل أن تنتقل مقاليد السُّلطة إلى الحكام الوافدين، كانت بالمنطقة أنظمة حكم سياسيَّة واجتماعيَّة؛ وكل مافعلته السُّلطة الاستيطانيَّة هو تطوير النِّظام السَّائد حينذاك وإضافة شيئ من الارستقراطيَّة كثير، والاستبداد والتَّنكُّر على بعض العادات والتقاليد الموروثة، وإدخال الإسلام كعقيدة في المنطقة.


    ميلاد العائلة المالكة والمكوك الأوائل

    تقول الروايات القديمة أن شخصاً يدعى محمد الجَّعلي حضر من الشمال العام 1530م، وطاب به المقام ونال احترام أهل المنطقة الكرام وتدريجيَّاً طفق في تأسيس العائلة المالكة.(6) بيد أنَّ المعلومات عن خلفيَّة الرَّجل تكاد تكون شحيحة لدرجة العدم. فربما كان ذلك الجَّعلي من الذين انتشروا في الأرض ينشرون الإسلام بعد تأسيس سلطنة الفونج في سنار العام 1504م؛ وربما كان من المنبوذين اجتماعيَّاً في موطنه النِّيلي، أو من الهاربين من العدالة، أو ربما كان من الرحالة الهواة الذين يضربون في الأرض يبتغون فضلاً من الله ومرضاته. لم يكن هذا الشيخ الوافد حاملاً بين جنبيه آمالاً عراضاً وطموحات تفوق واقعه بكثير. كل ما يُعرف عن محمد الجَّعلي هذا هو أنَّه كان فقيراً بائساً وعلى قدرٍ كبيرٍ من التَّزهُّد. وقد وصل الجَّعلي ورفيق دربٍ له يدعى أبوحايمة (قد يكون هذا كنيته نسبة للحوم والتَّرحال)، بعد التيه في الأمصار، إلى تقلارو - التي كانت تحوي قرى الهوي وكراية. ومن هنا عثر عليهما الجَّبليُّون التَّقلاويُّون وقادوهم إلى كابر-كابر، مك المنطقة. وعندما مثَّلا أمام المك، شرعوا في تقديم مبادرات الصَّداقة. أمَّا المك، الذي أُعجب بمظهرهم النُّسكي، رحَّب بهم وأكرم مثواهم في غاية الحفاوة. بعد أن عُوملا معاملة حسنة واطمأنَّت عليهما قلوب النَّاس، طفق الزَّاهدان يعلِّمان القوم أصول الإسلام، بدءاً بإقامة شعائر الصَّلاة والإبقاء على طقوسهم الدُّنيويَّة. ومنذ ذلك التَّأريخ أصبحت عقيدة الإسلام تدخل في نفوس النَّاس.
    يدَّعي الجعليُّون في السُّودان أنَّهم ينتمون إلى إبراهيم جعل. وبما أنَّ شرف الانتماء إلى العروبة وتبنِّي الهُويَّة العروبيَّة ناجم من الشُّعور بالفخر والاعتزاز، رأت العائلة المالكة في تقلي، والنباطاب - العشيرة السائدة في البجة - بني عامر، وسلاطين الفور وملوك ودَّاي في تشاد أن يتقمَّصوا العنصر العربي، ويستجعلونه دماً سارياً في شرايينهم. إذن، من هو إبراهيم جعل هذا الذي يتشرَّف كل من ينتمي إليه، حقَّاً كان أم كذباً، ويحرث ثمار ذلك الادِّعاء في الحياة الدُّنيا؟ يقول هولت: "إنَّ دراسة سلالة إبراهيم جعل تشير إلى أنَّه حفيد العبَّاس، عم الرَّسول صلَّى اللَّه عليه وسلم".(7) وقد كتب ماكمايكل أنَّ تشبُّه سقارنج أو مكوك تقلي، أو سلاطين الفور، ومملكة ودَّاي بإبراهيم جعل يعود إلى التَّملُّق.(
    مهما يكن من أصل الجعليين، فقد رأى محمد الجَّعلي النَّاس يدخلون في دين اللَّه أفواجاً، أو هكذا شُبِّه له، حتَّى أصبح له موطأ قدم في المنطقة. ولم يمض وقت طويل حتَّى بات واحداً من الذين يُشار إليهم بالبنان في المملكة. ومن ثم وهبه كابر-كابر ابنته ليتزوَّجها؛ وانجبت له ابناً سمَّوه أبوجريدة - نسبة لأنَّ عظام ذراعه كانت ملتحمة سويَّاً بدلاً من أن تكون متفرِّقة. هكذا شبَّ الطِّفل وورث العقيدة من والده وآزره في نشر الدَّعوة الإسلاميَّة في المناطق المجاورة. وليس صحيحاً ادِّعاء بعض الباحثين أنَّ الإسلام والثقافة العربيَّة قد عرفا طريقهما إلى هذه المنطقة منذ فترة طويلة قبل قيام مملكة تقلي في القرن السَّادس عشر الميلادي.(9)
    عندما توفى كابر-كابر، اجتمع كبار القوم واختاروا حفيده أبوجريدة، الذي كان في مقتبل عمره، ليحل محل كابر-كابر كمك لتقلي. وفي نفس الوقت أعادوا تسمية أبوجريدة وأضافوا اسم "جيلي"؛ اقراراً لحقيقة أنَّه نتاج دم أجنبي، وليس منحدراً من الخط الوراثي للعرش. وقد حدَّثني محدثي، وهو من مواطني المنطقة، أنَّ أصل الكلمة يعود إلى تحريف عبارة الاستفهام العربي "جاء ليه؟" (لماذا أتى؟) لقد ورث جيلي أبوجريدة الحكم على أساس وراثي لجهة الأم، ولكن ما أن مات أبوجريدة إلاَّ وأن انتقلت الوراثة إلى جهة الأب: أي على النِّظام العربي، وهذا ما تمَّ لدي اختلاط العرب بالنوبيين في شمال السُّودان في القرن السَّابع الميلادي.
    وهكذا، أي في العام 1560م تقريباً، تم تأسيس الأسرة الحاكمة في تقلي في شخص جيلي أبوجريدة. وبنسب متفاوتة في الشهرة، حكم أبناء أبوجريدة الوارثون وتمتَّعوا بصلاحيات واسعة. لقد اشتملت المملكة التي ورثها جيلي أبوجريدة على تلال تقلي والكيجاكجة التي كانت تقع تحت نفوذ جدِّه.
    فما هي الانجازات التي تمت في عهد جيلي أبوجريدة؟ جيلي أبوجريدة، الذي كان يتمتَّع بشخصيَّة فريدة، أكمل نشر الإسلام الذي بدأ في عهد والده، وعمل على توسيع نفوذه بجلب مستوطنين إلى المملكة حتى ساهموا في بسط السُّلطة. شيَّد لنفسه مسجداً، ونقل عاصمته من قرية تقلارو، وبنى حوشه في الهوي، التي تبعد مسافة قدرها نصف ميل شمالاً. في داخل هذا الحوش توجد فولة قيل إنَّها حفرت في عهده. لقد حكم طويلاً وبعد موته دُفن في حوشه، الذي أصبح فيما بعد بمثابة المقبرة الملكيَّة. خلف أبوجريدة ابنه صابو، الذي انتقل من الهوي إلى تعودم، التي تقع على بعد 30 ميلاً صوب الغرب. هناك استمر في نشر الإسلام وتوسيع مملكته؛ وقد نقل عصا السُّلطة إلى ابنيه جيلي عمارة وعمر أبوشهيرة، وحفيده جيلي عون اللَّه، الذين حكموا المملكة على التَّوالي. فلما أتته المنيَّة تم دفنه في حوش أبوجريدة في الهوي، الذي أصبح مقبرة أقاربهم ووزرائهم.
    كان الإسلام هو العامل الأساس في تكوين وبقاء هذه المملكة: لأنَّ بحجة نشر الإسلام تم توسيع رقعة السُّلطنة، وباسم الإسلام تم دخول اللُّغة العربيَّة - لغة القرآن - وسيطرة التَّعريب على جميع أوجه نشاطات الحياة في المنطقة. وتحت دعاوي الإسلام تم فتح أبواب المملكة لرجال الدِّين والتجار والمغامرين من خارج الدويلة. عاصرت المملكة العصر الذَّهبي لدخول العرب السُّودان والتَّبشير الإسلامي. ولا غرو أنَّ ملوك الفونج تكفَّلوا برعاية رجالات الدِّين وأرسل بعضهم من سنَّار إلى جميع أصقاع السُّودان لنشر الدَّعوة؛ وهكذا وفد جزء منهم إلى تقلي. وكان أعظم من حضر إلى تقلي بغرض التَّبشير والتِّجارة هما حسن ودحسونة وتاج الدِّين البهاري في القرن السَّابع عشر الميلادي. وقد جمع هؤلاء الدعاة الإسلاميُّون بين المكسب الرُّوحي من جهة والمادي من جهة أُخرى، وقليل منهم قلما أوعظتهم ضمائرهم من الجَّمع بين الأثنين. وكان مك تقلي يخصِّص منطقة يقطنها السكان الذين هم على دين آبائهم لأحد المبشِّرين كحقل لممارسة نشاطه التَّبشيري والتِّجاري؛ وفي المقابل يدفع المبشِّر قدراً مقدوراً من أرباحه للمك. وكثيراً ما يختار بعض من هؤلاء المبشِّرين الإقامة الدَّائمة في المنطقة، وعليهم، إذن، الإعتراف بسلطة السُّلطان ودفع جزيَّة دوريَّة ثمناً لحمايتهم، ويمسوا معاهدين مستأمنين ما أوفوا بالعهد. بهذه الكيفيَّة استطاع مكوك تقلي نشر الدَّعوة المحمديَّة، وتوسيع نطاق سلطتهم، واخضاع أكثر من جبل إليهم. كما تزوج المستوطنون من السكان المحليين، وانجبوا خليطاً وهجيناً من العائلات والأفراد. لم يكن جميع هجرات العرب إلى تقلي من أجل تلاوة الصُّحف المطهرة وإقامة الصَّلاة، بل كان أغلبهم قد قصدوا المنطقة مبتغين تجارة العاج والرقيق؛ وكان بعضهم من الهاربين من العدالة في سلطنة سنار. وقد ساهم كلهم، بتمازجهم العرقي هذا، علي تعزيز سلطة المكوك حتَّى أصبحت نفوذهم في منتصف القرن السَّابع عشر هي الوحيدة السَّائدة في الجِّبال الشمالية-الشرقية. كان يقوم ملوك سنار بتعيين المهاجرين من الفونج مكوكاً على جبال رشاد، وتقوي وقدير. وأخيراً أصبحت قدير وتقوي أعظم مقاطعتين للفونج وقتئذٍ.
    عند وفاة جيلي عون اللَّه، أصبح ابنه جيلي أبوقرون خليفته؛ وقد حكم أبوقرون في الفترة ما بين 1640- 1665م. ونسبة لمركز سلطنة تقلي الإستراتيجي - بحكم موقعها الجغرافي بين سلطنتي سنار والفور - حاول سلطان سنار أن يكسب ود مملكة تقلي ليعمل الأثنان معاً على الحد من نفوذ الفور.(10) فتزوج أبوقرون الأميرة عجائب أم شيلة، ابنة السلطان الرباط بن بادي عاهل الفونج، التي جاءت إلي تقلي وفي رفقتها حاشية كبيرة، واستقرت في حوش بلولة. ومن هؤلاء السَّدنة نشأت طبقة الفونج في تقلي وبلولة.(11) على الرَّغم من العلاقات الطيَّبة التي ازدهرت بين الفونج وتقلي في عهد أبي قرون، إلاَّ أنَّ الملك بادي الثاني - المعروف ببادي أبودقن - قد شن حملة عسكرية ضد تقلي وأجبرهم على دفع جزية سنوية لأجلٍ غير مسمى. وبذلك نجد أن الأواصر الحميمة التي تُوِّجت بالمصاهرة قد أمست هباءاً منثوراً عندما أصبحت العلاقات السِّياسية في خطر محدق. إن التَّنافس بين سلطنتي الفور والفونج علي تقلي قد أدَّى إلى تفاقم الوضع وإضرام نار الفتنة. لم يستطع مؤرخو السُّودان تحديد عام العدوان وعدد القتلى والجرحى والأسرى وحجم الغنائم لدي الطرفين، وذلك لعدم وجود سجلاَّت تأريخيَّة.
    على أي حال، يعزى سبب نشوب الحرب إلى أنَّ عصبة من جماعة المك أبي قرون قد أساءت معاملة أحد أصدقاء الملك أبودقن الخلصاء، حيث اُعترض سبيله ونُهبت بضاعته؛ ولم يتوقَّف أبوقرون عند هذا الحد، بل تأبَّط شرَّاً وتحدَّى الملك بادي شخصياً. من المعروف أنَّ مكوك تقلي كانوا يفرضون ضريبة العبور على كل من يعبر مملكتهم، إلاَّ أنَّه من غير المؤكَّد أنَّ صديق بادي هذا قد دفع الرسوم أم أنَّه طغى وتجبَّر؟ ومما يُحكَى عن التحام الجَّيشين أنَّ "القتال كان يستعر بينهما نهاراً، وفي المساء يخلد كل فريق إلى هدنة ريثما يقبل الصَّباح. غير أنَّ مك تقلي كان يرسل موائد العشاء حافلة إلى الجيش الغازي كل ليلة، لأنَّهم ضيوفه، ماداموا مقيمين داخل أرضه، وإن أبدوا العداوة والبغضاء. ولما علم سلطان الفونج بحقيقة الأمر، انسحب من ميدان القتال، منهياً الحرب من جانب واحد، أسفاً على ما كان، وخجلاً من مقاتلة قوم، على هذا الحظ العظيم من النبل، يصدون العدو الغازي في النَّهار، ويكرمون وفادته في الليل، مثل الصندل الذي يعطر الفأس، كلما أمعنت في تمزيقه وتهشيمه".(12)
    كان للمك جيلي أبوقرون ابنين من الأميرة عجائب. ذينك الإبنان قد تعاقبا على حكم المملكة. إنَّ الأميرة نفسها قد أمدَّ اللَّه في عمرها ولعبت دوراً هاماً في أحداث القرن الثَّامن عشر كما سنرى في مكان ما من هذا البَّحث. بهذه الهزيمة أمست تقلي مقاطعة تابعة لمملكة الفونج، ولكن سرعان ما عادت المياه إلى مجاريها، ورجعت العلاقات الطيَّبة القديمة؛ وأصبحت تقلي ترسل محملاً مستقلاً للحجاز كدليل على استقلاليتها.
    انتقل جيلي أبوقرون إلى جوار ربِّه ودفن جثمانه في كراية. ثمَّ خلفه ابنه الكبير محمد الذي أطال اللَّه عمره في الحكم، وقد أوتي الحكمة وفصل الخطاب؛ وإنَّ وجود أجيال كثيرة ينتمون إليه حاليَّاً دليل على كثرة أبنائه عصرذاك. أعظم مافعله المك محمد هو أنَّه شيَّد العاصمة الملكيَّة في تاسي؛ وعند وفاته أصبح شقيقه عمر أبوزنتر مكاً. ومما يُحكَى عن أبي زنتر هذا أنَّه طاغية كان وقاسي القلب، وقد بات ممقوتاً من أغلب أفراد رعيته: حتى والدته كرهته، ولم يرضها حكمه التَّعسُّفي، وحبَّذت أن تنتقل السُّلطة إلى حفيدها إسماعيل، ابن المك محمد، الذي كان يافعاً يومئذٍ. ولكي تتخلَّص الوالدة من ابنها الفاشستي، المك أبوزنتر، مكرت مكراً كُبَّاراً. أعدت الوالدة، هكذا تقول الرواية، طعاماً لأبي زنتر، وأخفت في داخله سكيناً حادة، وما أن وجد المك أبوزنتر هذا الخنجر حتى صاح صيحة ملكية وجلت منها النُّفوس وبلغت القلوب الحناجر. وتحت تأثير هذا الغضب المروع المفزع، أعدم ثلاثين من خدمه. هذه المذبحة أشعلت شرارة الثَّورة التي كانت تغلي ببطء منذ زمن بعيد، ولاسيَّما أنَّ التقلاويين كانوا يدركون كيف ولج الخنجر في الطَّعام. طُرِد عمر وسدنته، وأُعلِن إسماعيل مكاً على تقلي. على أيٍ، لا توجد معلومات أخري تمكِّننا من التَّعرُّف على الظُّروف التي استطاع بها إسماعيل أن يكون محبوباً أكثر من عمه عمر، واستحقاقه مزيَّة الاصطفاء. لكن العذاب البئيس الذي كان يعانيه القوم من أبي زنتر، وعصارة ماتعرَّضوا له في حياتهم، وحصيلة تجربتهم قد أجبرهم على القبول بأي من أفراد الأسرة مكاً عليهم، مهما كانت قلة خبرته وصغر سنه. بعد معارك متقطِّعة فرَّ المك المخلوع، عمر أبوزنتر، إلى سنار ليبحث عن الدَّعم العسكري لمواجهة أعدائه في تقلي. فعل هذا عملاً بوصيَّة والدته نفسها. وفي نفس الوقت بعثت الوالدة هي الأخرى برسالة سريَّة إلى ملك الفونج، الذي كان يمت إليها بصلة القرابة، طالبة منه عدم السَّماح لأبي زنتر بالعودة إلى تقلي، واذا استطاب له الأمر، عليه أن يقتله.
    وصل أبوزنتر وأتباعه إلى سنار في وقتٍ كان يواجه فيه الملك بادي الأحمر، ملك الفونج، مشكلة أمنيَّة في جهة قصيَّة من مملكته. ظن الأحمر أن عمراً، بدلاً من أن يُقتَل في المدينة بدون مبررمقنع، قد يلقي حتفه اذا بُعِث به لتركيع هؤلاء القوم الخارجين عن السُّلطة المركزيَّة في سنار؛ ومن ثَمَّ أُسند إليه هذه المهمة. كان هذا هو شرط التَّمويل الحربي الذي قطعه الأحمر على أبي زنتر وقتما يرجع من المعركة منتصراً. أمَّا عمر، الذي حسب أنَّ فرص نجاحه ضئيلة، فقد قبل التَّحدي وهزم العصاة ولم يذر على الأرض من الخارجين دَيَّاراً. عاد عمر يطالب بوعده، فأمره الأحمر أن يعود إلى تقلي ومعه رسالة وعد بالمساعدة؛ وقد وصَّى الأحمر ربان المركب، الذين كانوا في رفقة المك المخلوع المخدوع، أن يغرقوا المركب في النِّيل الأبيض. وهكذا فعلوا، وغرق أبوزنتر ومجموعته، عدا شخصان نجيا من الموت ليحملان النَّبأ العظيم إلي تقلي، أو كما تقول الفرنجة (They survived to tell the tale).
    أمَّا المك إسماعيل، الذي اعتلى العرش العام 1705م وهو ما يزال في مرحلة الطُّفولة - كما سبق الإشارة إلى ذلك - عاش حتَّى بلغ من العمر عتيَّاً. فبالإضافة إلى عمره المديد وحكمه السَّديد، كان إسماعيل طيَّب القلب، نزيهاً كان ومتجرِّداً. وأذكر في الكتاب إسماعيل إنَّه كان ملمَّاً بعلوم الشَّريعة. ففي العهد "الإسماعيلي" بلغت حدود المملكة تكم وترجوك غرباً، وأم طلحة شرقاً، وخور أبوحبل أو النِّيل الأبيض شمالاً. والجدير بالذكر أنَّ في تلك الفترة، كانت جبال الكيجاكجة تُحكم بواسطة أحفاد المك الزَّيبق أو توراي. إنَّ أحفاد الأخير كانوا ينتمون إلى الأسرة المالكة عن طريق نسبهم إلى المك صابو، ثاني ملوك تقلي. أمَّا رشاد وتقوي، على صعيدٍ آخر، فكانتا تحت سيطرة المهاجرين من الفونج بعد أن فوَّضهم أحد مكوك تقلي الأوائل على القيام بهذا الدَّور. لم تلبث رشاد وتقوي تحت نفوذ مكوك تقلي كثيراً، وسرعان ما نالتا قدراً من الحكم الذَّاتي، واكتفتا بإرسال هدايا رمزيَّة لكل مك تقلي لحظة اعتلائه على العرش، حيث تمثَّلت هذه الهدايا في جلد الكودو، وقطعتين من ثوب ناعم، وعشرة قطع من ثوب دمُّور؛ وكذلك الرقيق الذي اشتدَّت حملات القبض عليهم في عهد المك ناصر.
    صوب جنوب-غرب المملكة، كان يقيم بعض قبائل النُّوبة الذين كانوا يخضعون لكريم المعتقدات الأفريقيَّة، ويتبعون بصورة غير مباشرة، أو بطريقة ما، إلى تقلي. هذه القبائل هي: الكواليب، اللَّيري، هيبان، وشواي؛ وربما كذلك عطورو. كل هذه المناطق، ما عدا عطورو، تقع بين تقلي وشيبون، حيث كانت توجد مناجم الذَّهب. ولمَّا كانت تقلي، التي كانت تسيطر على مناجم شيبون ومندي في القرنين الثَّامن عشر والتَّاسع عشر، ترسل حملات عسكريَّة لاستجلاب الذَّهب، كانت هذه الغارات تحكم قبضتها على القبائل التي تقع في خط سيرهم؛ وتفرض عليهم جزية معلومة غالباً ما كانت هذه الجِّزية في شكل الرقيق. ومن هنا نستنتج أن الذَّهب، كعامل اقتصادي حيوي، قد لعب دوراً فعالاً في الحياة السِّياسيَّة والاجتماعية والعسكريَّة في مملكة تقلي. أمَّا مقاطعة قدير، جنوب المملكة، فقد توارث على حكمها أسباط المهاجرين من الفونج كما كان الحال في رشاد وتقوي. وبما أنَّ مكوكهم كانوا شبه مستقلِّين إلاَّ أنَّهم كانوا يدفعون جزية أو هدايا لمكوك تقلي، وتعيين مكوكهم مشروط بموافقة مكوك تقلي. والجدير بالذِّكر أنَّ النُّوبة في كاو، وفنجور، وورني، وكلوقي - الذين أخرجهم الكواهلة من ديارهم بغير حق - وتيرا، وتلودي؛ وربما شرق مورو قد اعترفوا بسيادة مكوك قدير وكذلك، بطريقة غير مباشرة، بتقلي. امتداداً لعادات وتقاليد الفونج، كان مكوك قدير، ورشاد، وتقوي يرتدون التَّاج الملكي ذا القرنين. هذا التَّاج، الذي كان يقره مك تقلي وبموجب مرسوم ملكي، كان على درجات متفاوتة في الجُّودة والشَّكل: تخصَّص الدرجة الأولى للمكوك المذكورين سلفاً، أمَّا الدَّرجات الأخرى فكانت لاشخاص أقل رتبة، مثل مكوك الكيجاكجة والكدرو. هناك بعض التَّكهنات بأنَّ سكان الكدرو والدَّاير، غرب وشمال-غرب المملكة، كانوا يتبعون للمك إسماعيل "التَّقلاوي". تلك هي حدود مملكة تقلي قبل الهجرات الجماعيَّة للعرب، التي بدأت في أواخر عهد المك إسماعيل واستمرَّت حتَّى منتصف القرن التَّاسع عشر الميلادي.
    توفَّى المك إسماعيل العام 1773م بعد ما بلغ أرذل العمر، ودُفِن جوار قبر والده في تاسي. خلفه ابنه أبَّكر الذي عاصر عهد الهمج في سنَّار، ومن ثَمَّ استقلَّت تقلي من ربقة استعمار الفونج لها. نتيجة لهذا الاستقلال، نمت عظمة مملكة تقلي داخليَّاً وخارجيَّاً. توفَّى المك أبَّكر العام 1814م ومازال أبناؤه عمر، وأحمد، وناصر صغاراً في السِّن؛ ولهذا حاول أخوه المريود الاستيلاء على السُّلطة. ونسبة لرداءة خلق المريود، الذي لم يأبه على الرَّغم من السخط الجماهيري الذي كان يتمتَّع به، امتنع الجُّندي والمستشارون أن يضعوا أمور المملكة والرَّعيَّة في يده. واُختير عمر ليخلف والده على أن يعمل عجلون - أخ المك أبَّكر - نائباً لأبن أخيه، المك عمر. وقد قيل عن عجلون هذا أنَّه كان رجلاً عال الاتزان، وبنى النِّظام على مستو رفيع من الرِّضا الشَّعبي، ورعى ابن أخيه حتَّى بلغ أشدَّه واستوى علي عرشه، وتزوَّج له، ثمَّ استقال. في عهد المك عمر أرسل محمد علي باشا – الوالي التركي في مصر - ابنه إسماعيل لغزو السُّودان العام 1820م، والقضاء على مملكة سنَّار. مات المك عمر في سنٍ مبكِّر العام 1827م، ولم يحتار عمه عجلون كثيراً في البَّحث عن الخليفة، بل تحرَّك سريعاً لتنصيب أحمد - شقيق المك عمر - مكاً حتَّى يفوِّت الفرصة على المريود الذي كان ينتظر في الأجنحة، وطالما عاش على أمل أن يكون مكاً على تقلي في يومٍ ما.
    في عهد المك أحمد، الضعيف نسبياً، استطاع الأتراك للمرة الأولى والأخيرة التَّوغُّل في المملكة؛ حيث قاد خورشيد باشا - الذي أصبح حاكماً عاماً للسُّودان في الفترة ما بين 1826-1837م - حملة إلى تقلي. وقد حُكِي أنَّ أحمد باشا زار تقلي العام 1840م. لكن تظل المعلومات شحيحة إلى درجة العدم عن النُّفوذ التُّركي-المصري في المملكة. وإذا فرضنا أنَّ اتفاقاً للسلام قد أُبرم بين الأتراك-المصريين والنُّوبة، إلاَّ أنَّنا لم نعثر على بنود هذا الصُّلح. كان الشئ المتوقَّع أن يقبل الأتراك-المصريُّون على اتفاق أشبه باتِّفاقيَّة "البقط" المشؤومة التي عُقِدت بين النُّوبة بقيادة ملكهم، قاليدروت، والعرب تحت إمرة عبداللَّه بن أبي السَّرح العام 652م، وخاصة أنَّ الأتراك المصريين غزوا السُّودان من أجل المال والرِّجال.
    في العام 1843م استطاع مريود، العم الشرِّير الذي لم يزل يختمر حقداً على أبناء أخيه المك أبَّكر، في الخفاء تجنيد أشرار تقلي لمساعدته في تنفيذ مؤامرة اغتصاب السُّلطة. وقد نجح في قتل أحد أقارب المك أحمد، والوزير المنصور، واغتال المك أحمد كذلك، واستولى على الحكم بقوة السِّلاح. حاول ناصر، الذي كان سئ السُّمعة هو الآخر، نزع السُّلطة من عمه مريود وفشل فشلاً ذريعاً. ذهب ناصر إلى الخرطوم يتوسَّل إلى الباشاوات والبكاوات الأتراك لمعاونته لاسترداد حقِّه المسلوب، على أن يدفع ناصر في المقابل، عند استعادة ملكه، جزية سنويَّة من الرقيق والعاج؛ ووعد بأن يكون القسط الأوَّل 12 ألفاً من العبيد، وتحت دعاوي الانخراط في الجنديَّة. ابتهج الأتراك-المصريُّون، الذين لم يفلحوا أساساً في إخضاع تقلي، فضلاً عن أنَّ الطَّلب الذي هو في الحقيقة من ضمن أهداف احتلالهم للسُّودان، ومنحوا ناصراً قوة عسكريَّة استطاع بفضلها أن يعيد عرشه ويقتل مريود. كتب اسكيراك لوشر يقول:"إنَّ مصطفى باشا، حاكم كردفان يومئذٍ، قبض على ناصر. وقد وعد الأخير باحتلال تقلي إذا وضعت تحت إمرته سريَّة من المشاة، ووقتما يستتب له الأمر، سيدفع جزية مقدارها 4 آلاف من العبيد. وحينما أفلح في استعادة الملك المغصوب وقتل أخيه، ذبح كل الضبَّاط الذين كانوا معه في الحملة، وأسكن الجنود السُّود في تقلي، ورفض دفع الجِّزية". إنَّ ظاهرة التماس العون والمدد من الأجانب لحسم الصراعات السياسيَّة الدَّاخليَّة هي سمة من سمات تأريخ السُّودان؛ فاستعان ملوك النُّوبة في شمال السُّودان بحكام مصر المماليك في نزاعاتهم السلطويَّة حتَّى أدَّت هذه التدخُّلات إلى انهيار المملكة، كما استعان أمراء الميرفاب بمحمد علي باشا في مصر ضد أخوته في السلطنة في وادي النِّيل في شمال السُّودان. لذلك لم نندهش حين ذهب ناصر للأتراك-المصريين في مدينة الخرطوم مستنجداً بهم.


    ذروة المملكة... ناصر وآدم أم دبالو

    كما أبنَّا سلفاً كيف أصبح ناصر بن المك أبَّكر عاهلاً لتقلي العام 1844م، إلاَّ أنَّ أسلوب البطش والتنكيل بالأعداء قد تضاعف في عهده. وفي خلال الأربعين عام، عقب توليه الحكم، شهدت المملكة توسُّعاً هائلاً - بواسطة الدِّماء والدَّمار - وبلغت أعلى أوجها. فلم تهدأ الأحوال إلاَّ في عهد خليفة المك ناصر، وتبدَّد ذلك السَّلام بعد مجئ المهديَّة. تميَّز ناصر بالقسوة المفرطة، وكان ذا بأسٍ شديدٍ، وفعَّال لما يريد. ومما يُحكَى عنه أنَّه كان ذات يومٍ يقضي بين النَّاس في ديوانه، ويضحك بصوتٍ صاخب. وإنَّه لفي هذه الحالة، وإذا طائر ذو حظِّ نحس يمر ويردِّد صوت ناصر. عندما رأى القوم مكَّهم وقد اشتاط غضباً، أوجس كل من حوله خيفةً؛ ومن ثَمَّ أمر ناصر بإحضار ذلك الطَّائر اللَّعين. وعلى الفور تفرَّق القوم جرياً وراء الطَّائر من جبلٍ إلى آخر، حتَّى تمَّ القبض عليه، وجئ به أمامه، وقام ناصر شخصيَّاً بسمل عيون الطائر، ثمَّ أطلق سراحه مرة أخرى. وكذلك ما يُحكَى عن انتقامه قصَّة الصَّائغ الكردفاني. إذ يُروى أنَّ صائغاً بالأبيض كان يقوم بعمله وعندما سئل عمَّ يفعل؟ ردَّ الصَّائغ بتهكُّم إنَّه يصنع خاتماً لأنف المك ناصر اللَّعين، وظنَّ أنَّ الأمر قد انتهى عند هذا الحد، ثُمَّ ذهب إلى أهله يتمطَّى. بيد أنَّ ناصراً قد سمع بهذا الخبرعن طريق جواسيسه المنتشرين في أرجاء المعمورة، وعمل جاهداً على استدراج الصَّائغ إلى تقلي بحجة صناعة له فيها. وعند حضور الصَّائغ، أمره ناصر أن يغلي فضة؛ وعندما فرغ من ذلك، سأله الصَّائغ ماذا هو فاعلٌ بهذه الفضَّة المغليَّة؟ أجاب ناصر: إنَّها لصناعة خاتم لأنفك! وعلى التو انقضَّ جلاَّديه قبضاً على الصَّائغ، وقام المك ناصر شخصيَّا بصب الفضة السَّائلة في أنفه حتَّى لقي مصرعه.
    كان ناصر شجاعاً، صنديداً كان ثمَّ طاغية؛ وكان يعاقب الزناة بصورة وحشيَّة. وحينما نكث عن وعده، ورفض إرسال الرقيق إلى السُّلطات التُّركيَّة، أُرسِلت إليه حملة بواسطة عثمان بك، حيث مُنيت الحملة بهزيمة ساحقة، ولم تعاود الحكومة إيفاد قوة أخرى. كان المك ناصر ذكيَّاً ملمِّاً بفنون السِّياسة والحكم، وقد استخدم سياسة "فرِّق تسد" بمهارة بارعة في إدارة المملكة. ومن مكائده، أنَّه سمح لقبيلة الهبَّانيَّة بمهاجمة سنادرة: لكن الأخيرة، تحت قيادة شيخهم هارون، استطاعوا بعصيهم فقط هزيمة البقَّارة، الذين كانوا مسلَّحين بالحراب وعلى ظهور خيولهم أتوا. كان ناصر قلَّما يوجد في تاسي؛ حيث كان دائماً على رأس قوة غائرة على القبائل المجاورة: يضرب عليهم خراجاً يحملونه له كل عام، ويجمع الرَّقيق، ويسبُّ الماكرين. وحينما يكون في تاسي، يقضي جل نهاره جاثياً على صخرة فوق قمة جبل شالوكدوك: يلاحظ حركة العباد، ويراقب كل من لا يعمل في الحقل، أو الذي يحدق إلى نساء غيره شهوة؛ وعندما ينزل في المساء، يقضي بين النَّاس بحق أو بغير حق. ولربما توهَّم واهمون بأنَّ مملكة تقلي كانت إسلاميَّة تحكم بما أنزل الله. وقد يندهش البعض كيف كان الرعيَّة عل الدَّوام يذكِّرون بعضهم بعضاً بأحد الجناة الذي أُتِّهم في قضيَّة القتل، واختار الجاني - بمحض غباوته - الاحتكام إلى شرع اللَّه فأُعدم. فلم يكن لطف المكوك هو الدَّافع الأساس في الاحجام عن تطبيق حدود اللَّه فحسب، بل كانت الديَّة التي تدفع إلى الخزينة العامة تمثِّل ثروة ماليَّة لا يمكن الاستعاضة عنها بقتل النَّفس. وقيل إنَّ ناصراً كان ممقوتاً لمحاولاته أسلمة المجتمع التَّقلاوي، وإضفاء الطَّابع الدِّيني على الحياة العامة في كافة أرجاء المملكة.
    بدأ تسلُّط المك ناصر يزداد بين عشيَّة وضحاها، وكان ينافسه في طغيانه وجبروته ابنه الأكبر المدعو المؤمن، الذي لم يأمن القوم من شره. وقد تضاعف فساده واستبداده عندما عيَّنه والده مكاً على بلولة وأم طلحة. إذ لم يكن بمقدور القوم تحمل تجاوزاته الكثيرة حتى اختطف المؤمن خطيبة أحد رعاياه عشيَّة يوم الزَّفاف، وأصبحت هذه الفعلة القشَّة التي قصمت ظهر البعير. لم يسر تصرُّف المؤمن المواطنين الذين رأوا مفارقات شتى في ادعاءات الوالد وضلالات النجل. وكيف يغض ناصر الطَّرف عن هذه الجريمة الاجتماعية طالما كان يصبُّ على الذين يزنون بأبصارهم سوط عذاب؟ اجتمع عقلاء القوم واجمعوا على كلمة سواء: على أن يتخلَّصوا من المك ناصر، ويبايعوا ابن أخيه آدم، الذي أصبح يعرف فيما بعد بآدم أم دبالو، مكاً لهم، وقرَّروا أن يكون ذلك يوم قنصة المك، في ذلك اليوم الموعود خرج المك وأعوانه للصَّيد، فنفَّذ القوم ما خطَّطوا له. ولمَّا علم المواطنون بخبر استيلاء آدم على السُّلطة، جاء أهل المدينة يستبشرون. عندما أدرك ناصر أنَّه زُهِق من منصبه، جمع أتباعه وهرب إلى الصريف، حيث مكث فيه عاماً كاملاً دون مضايقة أو تحرش من آدم، وأخيراً طرده سكان المنطقة، ومنه ذهب شمالاً واستقرَّ في أبودوم لمدة عامين آخرين. وحينما علم بأنَّ آدم يعد العدة للهجوم عليه، فرَّ إلى السلطات التُّركيَّة-المصريَّة للمرة الثَّانيَّة طالباً المساعدة. إذ لم تنخدع الحكومة التركيَّة مرة أخرى، كما لم تحاسبه بأثر رجعي على عدم وفائه بوعده في الماضي، بل اكتفت بمنحه قطعة أرض في معفوق على النِّيل الأبيض، حيث أقام فيها واستمرَّ في اضطهاده للنَّاس حتَّى أخذته المنيَّة.
    ومن جانب آخر، هرب المؤمن إلى طريفي في الجبال الواقعة غرب تقلي، وعاش فيها حتَّى مماته؛ أمَّا شقيقه الصَّغير، الفحل، فقد حاول قيادة المقاومة المسلَّحة ضد حكام تقلي بعد سنوات قليلة من سقوط نظام والده لكنه مُنِي بهزيمة ساحقة وقُتِل. تولَّى آدم الحكم العام 1859م وعمل على بسط العدل، واطلاق الحريات العامة إلى حدٍ ما. وفي عهده سمح لكل من رشاد، وتقوي، وقدير أن تصبح مكوكيَّة مستقلَّة؛ وحوَّل العاصمة من تاسي إلى كراية؛ وازدهرت التِّجارة بين تقلي والأبيض، ومن خلال الأخيرة مع مصر عن طريق درب الأربعين.


    تقلي إبَّان حكم المهديَّة (1882-1898م)

    في العام الثَّاني والعشرين من حكم المك آدم أم دبالو نزل محمد أحمد المهدي في قدير، عملاً بمشورة عبدالله التَّعايشي وإخوته، الذين وصُّوا المهدي بالابتعاد عن سلطات الخرطوم. ولئلا يظن أتباعه أنَّ هذه الهجرة المزعومة ما هي إلا فراراً من الحكومة التركيَّة-المصريَّة، أعلن المهدي لأنصاره أنَّه تلقَّى رسالة إلهيَّة بالهجرة المهدويَّة إلى جبل ماسة، ومن هناك سوف ينتظر تعليمات ربَّانيَّة أخرى. وبما أنَّ المهدي يفترض أن يكون قد أتى من جبل ماسة في شمال أفريقيا، غير أنَّ المهدي السياسي المحنَّك لم يتردَّد لحظة واحدة في تسمية جبل قدير باسم جبل ماسة، حتَّى يحقِّق واحداً من شروط المهديَّة الرئيسة. مهما يكن من أمر الادِّعاء المهدوي، فعلى الفور طلب المهدي المساعدة من المك آدم، الذي كانت عداوته للحكومة التركيَّة-المصريَّة غير خافية على أحد. أما آدم - العليم بأمور السياسة والساسة - فقد وافق على مبايعة المهدي والتعهُّد بعدم التَّعرُّض له، أو الوقوف في طريقه، على ألاَّ يتعدَّى المهدي على تقلي وقتما تنجح ثورته. أما الاشتراك مع المهدي في الحرب العلنيَّة ضد السلطات التركيَّة، فقد رفض آدم الاذعان لهذا الطَّلب، واكتفى باغداق المهدي بالكرم الفياض والتأييد المعنوي. كان يرى علماء آدم، أي مستشاريه وعلى رأسهم القاضي ميرغني ود تميم، غير ذلك. فقد نصحوه بقتل المهدي لأنَّه ليس بمهدي حقيقي. وإذا قتلته فسوف لن تكون مسؤولاً عن فعلتك هذه أمام اللَّه، هكذا استنصحهم آدم ونصحوه. بل أصرُّوا أنَّ الواجب الإلهي يتطلَّب قتل مثل هؤلاء الرِّجال الدجَّالين. لكن آدم رفض الخضوع لهذه الاستشارة، بل أرسل ابنه عمر مع المهدي إلى قدير للانخراط في المهديَّة. وقد تعمَّق عمر في المهديَّة، وبات يحتل مكاناً مرموقاً تحت قيادة الخليفة عبداللَّه التَّعايشي.
    لم يفقد المهدي الأمل في الحصول على المساعدة من المك آدم. وفي الأعوام الأولى من الثَّورة، أرسل رسالة الى آدم طالباً منه المال والمدد؛ ولكن آدم، بناءاً على وصية العلماء، رفض الامتثال للطَّلب. بعد سقوط الأبيض، دعا المهدي آدم لزيارته. في هذه المرة، على الرَّغم من نصيحة علمائه بعدم الذِّهاب، قرَّر آدم قبول الدَّعوة، ولم يفلح معه اصرار القاضي ميرغني الذي كان يلهث وراءه، وباخعاً نفسه عليه حسرات لعلَّه يثنيه عن عزمه، ولكن هيهات. كانت المفاجأة الكبرى عندما وصل آدم وحاشيته إلى الأبيض ليجد نفسه وأقرباءه سجناء في يد المهدي، فندم ندماً شديداً على ثقته في المهدي، ولات حين مندم. أمَّا القاضي ميرغني، الذي تفجَّر غضباً وطفق يسب المهدي ويصفه بأنَّه محتال ومخادع، فقد أُعدِم على الفور. أدرك آدم أنَّه أحسن الظَّن بالمهدي دون أن يقرأ الغيب، فكان جزاءه جزاء سنمار. فعندما اتَّهمه آدم بأنَّه نقض العهد الذي كان بينه وبين تقلي، كان المهدي ذكياً في رده، وقال إنَّه لم يهاجم تقلي. لكن هل امتنع خليفة المهدي - من بعده - من مهاجمة تقلي؟ بالطَّبع لا وسوف نرى كيف أمست تقلي مسرحاً للعمليات العسكريَّة ومصيداً للرقيق في عهد الخليفة عبداللَّه التعايشي. توفى آدم في الحبس مصفداً بالأغلال وموثقاً بالحبال في شبشة في دار الجمع خلال زحف المهدي نحو الخرطوم. أمَّا أبنائه، الجيلي، والطَّاهر، وأبوفلج الذين كانوا مع والدهم في الحبس، فقد استطاعوا أن يفروا من الاعتقال. في تقلي نفسها كان آدم قد خلف وراءه ابنيه، علي أبوزنيت والزيبق، ليديرا شؤون المملكة في غيابه. لكن تشاجر الأخوان، فأخذ علي يسيطر على غرب المملكة، بينما بقي الزيبق في تقلي. وقد قيل إنَّ أخوهما الطيِّب كان مسؤولاً على أم طلحة. لدي سماع خبر وفاة والده، أعلن علي نفسه مكاً على تقلي، ودخل في معارك ضارية مع أخويه. منذ تلك اللَّحظة بدأت مملكة تقلي تشهد تصدعاً داخلياً، وكان هذا الصراع الأسري يمثِّل البذرة الأولى للانهيار والتفتت.
    بعد وفاة المهدي في 22 حزيران (يونيو) العام 1885م، أرسل الخليفة عبداللَّه التَّعايشي عمراً، ابن المك آدم، إلى تقلي ليأتيه بدعم أهله. لكن عمراً قد قُوبِل بالغضب العارم من أخوانه لأنَّه هجر والده في تقلي وفي الأسر وانضم إلى الدَّراويش، وتمرَّغ في المهديَّة. أقفل عمر راجعاً إلى الخليفة وهو يحمل رسالة تحدِّي من تقلي. في هذه الأثناء، ابتعث الخليفة قوة عسكريَّة تحت قيادة حمدان أبوعنجة والنُّور عنقرة في شباط (فبراير) 1885م، ثمَّ لحقهما يونس الدِّكيم لإخضاع تقلي، أي بعد سقوط الخرطوم مباشرة. وقد قامت هذه القوة بمجازر بشعة، حيث قُتِل 7 آلاف شخص في منطقة سنادرة وحدها، وأُسِرت أعداد كبيرة من المواطنين. وقد ذُبِح كل من له صلة رحم بالأسرة المالكة، ولم ينج من هذه المذابح الطِّفل الصغير ولا الشيخ الكبير. وفي هذه المعارك قُتِل كل من الزيبق والطيَّب، واستطاع علي أبوزنيت أن يهرب بجلده. شملت حملات النُّور عنقرة كذلك أولاد حميد وكنانة في جنوب شرق تقلي؛ تنزع النَّاس كأنَّهم أعجاز نخلٍ منقعر. فرَّق حمدان (من قبيلة المنضلة) النَّاس في بطون الأودية والكهوف وغنم ماشيتهم وأُحرق غلالهم وبيوتهم؛ ثمَّ دخل بلاد الكواليب فاستولى على جميع ما ملكت أيديهم من غلال ومواش مع 300 رأس من الرَّقيق و120 بندقيَّة.(13) وتوغَّل أبوعنجة في قدير، وهزم مكها بوش، ويحكى أنَّ البشر والقردة فرَّوا جميعاً صوب مورُنج، أمَّا لماذا امتنع حمدان عن مهاجمة رشاد، فقد قيل إنَّه أخذ معه قرون فيلة، ابنة المك عبدالرَّحمن - مك رشاد، كخليلته حتى لا يدمِّر رشاد.
    بدأ الصِّراع الثَّقافي واضحاً في المهديَّة بين من يدينون بالإسلام ومن لا يدينون به وقد تحمَّلت عبء هذا الصِّراع القبائل الزنجيَّة التي تسكن جنوب خط عرض 13. وتنفيذاً لتعليمات المهدي بعد تعيينه أميراً على الكدرو والمندل والنيمانج وكل الجبِّال الواقعة غرب تقلي، قام عمر بشن هجمات على البعثة المسيحيَّة ومخفر أمامي تركي-مصري في الدَّلنج. لا مراء أنَّ المهدي قد استغل العامل الدِّيني كأداة رائسة في تأجيج نار الثَّورة الشَّعبيَّة التي اجتاحت السُّودان عصرئذٍ، وقد استفاد من خبرات الخليفة عبدالله التَّعايشي – الذي ورث هو الآخر العلم اللّدني من والده الذي كان فقيهاً مشعوذاً. وقد علمنا أنَّ الخليفة عبدالله التَّعايشي، حين وقع أسيراً في يد الزبير باشا رحمة في دارفور، حاول تحبيب فكرة المهدي إلى الزبير الذي رفض الأمر بشدة وزجره ثم هجره هجراً مليَّاً، وما أن لاحت لعبدالله الفرصة مع محمد أحمد حتَّى نالت الفكرة إعجابه وبدأ في استثمارها دينيَّاً وسياسيَّاً. فسجلاَّت التأريخ مليئة برجال ابتغوا السُّلطة، وبدأوا تدريجيَّاً بأخذ القيادة في كثير من الجماعات، مطلقين على أنفسهم ألقاباً طنانة. لقد أراد البعض أن يكونوا قادة دينيين ورجال سياسة على السواء. وسنحت لهم الفرصة المناسبة لتحقيق مآربهم حين حدثت تجاوزات اجتماعيَّة وسياسيَّة في حق الشُّعوب المغلوبة على أمرها. فقد نظَّم بعض رجال الدِّين، الذين امتهنوا السياسة، حملات تؤيِّد المساواة العرقيَّة وإلغاء الرِّق وأموراً مشابهة، فلقوا - في سبيل تلك الحملات – الاستحسان عند النَّاس، وفي ذكراهم بقوا. وبما أنَّ المهدي قد انتفض ضد الفساد الخلقي في المجتمع السُّوداني وسياسات الحكومة التركيَّة-المصريَّة، غير أنَّه لم يفعل شيئاً ضد ممارسة الرِّق، الذي هو أكبر جريمة أخلاقيَّة في تأريخ الحضارة الإنسانيَّة، بل تحالف المهدي مع النخَّاسين الذين ارتأوا في سياسات الحكومة الجديدة ضد علاقات الرِّق تهديداُ لمصالحهم التجاريَّة. ومن هؤلاء التجَّار الياس باشا – حاكم كردفان السَّابق – وابنه عمر في الأبيِّض، وعثمان دقنة في شرق السُّودان وآخرين ممن تحالفوا معه ضد النظام وسدنته؛ ومن أولئك السدنة نذكر: عبدالله ود دفع الله وأخوه أحمد بك دفع الله في الأبيِّض.
    فلندع أمر المهدي جانباً ونعود إلى الصراع السياسي حول السُّلطة في مملكة تقلي. فقد استطاع علي أبوزنيت أن يعيد تأسيس مركزه في كندورو، وبدأ في تكريم كل من صمد معه في هذا النِّضال الطَّويل، مثل النِّيل إدريس، الذي أصبح فيما بعد عمدة موريب. هاجم إبراهيم الخليل قرى تقوي، وأجزاء من جبال الكيجاكجة، وكذلك أولاد حميد في مية العام 1892م. لو اعتزم الخليل هذا محاربة تقلي، لوجدها مفكَّكة وآيلة للسقوط، وذلك للتشتُّت الذي أصاب أحفاد العائلة المالكة، فتفرَّق الأخوة، وسادت الخلافات، ودخلت المملكة في صراع داخلي مستميت أصبحت تهدِّد استقلاليتها وبقائها ككيان سياسي كان مستقلاً حيناً من الدَّهر وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة. هرب جيلي، شقيق علي أبوزنيت، من معتقله في القضارف العام 1891م، وتمَّ تعيينه وزيراً لأخيه المك. كان علي مستبدَّاً لدرجة تفوق استبداد المك ناصر؛ أمَّا جيلي، الذي كان يحظى بتأييد شعبي واسع، كان يرى نفسه أنَّه المك الشَّرعي، ولذلك قرَّر علي أن يقتله. احتدم النِّزاع حول السُّلطة شديداً، وفي ذلك تنافس المتنافسون. وبلغت الفتنة مداها عندما جاء أحد الحوازمة الرواوقة - يدعى ناصر - هارباً من الدَّراويش، وطالباً حق اللُّجوء السِّياسي في تقلي. لم يجد علي حرجاً من أن يتَّهم هذا المتضرع بأنَّه جاسوس المهديَّة، وحكم عليه بالإعدام. أمَّا ابن المتوسل، فقد جري إلى بيت جيلي يستغيثه من بطش علي وعصبته، ووعده جيلي بأنَّه في أيدي أمينة؛ ولكن ما أن عسعس اللَّيل إلاَّ وذهب عملاء علي إلى بيت جيلي، وأخذوا الطِّفل وقتلوه. كان ذلك في العام 1892م. بهذه الواقعة، توهَّم جيلي أنَّ عليَّاً ينوي قتله إذا وجد فرصة سانحة. لذلك، وكأنَّ جاءه رجل من أقصى المدينة يسعى فقال له إنَّ الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فأخرج إنِّي لك من النَّاصحين، اتفق جيلي مع أتباعه أن يلتقوه في بلولة، ومن ثمَّ فرُّوا إلى تاسي. وقد لحقه متطوعون من تقلي في بلولة، تحت قيادة الفكي الحسن من الكواهلة، وبايعوه مكاً على تقلي. أرسل علي قوة من الجيش يقودها الفكي عبدالكريم، شيخ شريحة من الكواهلة، ليقاتل جيلي في بلولة. انضم عبدالكريم وجنوده إلى جيلي، وشرعوا في أداء فروض الولاء والطَّاعة، وبعث عبدالكريم بخطاب إلى علي يحدِّثه فيه أنَّه هُزِم في المعركة، وقّبِض عليه أسيراً.
    لم يمض وقت طويل حتَّى أصبح جيلي على رأس قوة كبيرة من المحاربين، وخاصة عندما أرسل أخوه أبوفلج ليجنِّد أولاد حميد. تحرَّك جيلي نحو تقلي والتقى مع علي في طريفي، وعلى الرَّغم من هذه القوة، هُزِم جيلي وتقهقر صوب الجنوب إلى تدقل في جبال الكيجاكجة، حيث وصلته تعزيزات من الذين هجروا عليَّاً، والعائدين من المهديَّة، وقاتل عليَّاً وانتصر عليه، وهرب الأخير. جمع علي قوة متعدِّدة الجنسيات من تقوي، والضَّباب، وحتى الكواليب، وبات يقود حرب العصابات ضد جيلي: يهلك الحرث والنَّسل في المناطق الواقعة في غرب وشمال المملكة. أخيراً جاءت المسرحيَّة إلى نهايتها العام 1896م عندما عزَّز جيلي موقفه العسكري بالعائدين من الدَّراويش الذين هجروا الخليفة حينما لاح على الأفق كتشنر وجنوده البريطانيُّون-المصريُّون والسُّودانيُّون الذين التحقوا بالقوات الغازيَّة، وأمست هزيمة الأنصار قاب قوسين أو أدنى. وبعد المعركة الفاصلة بين الأخوين، هُزِم علي واستقرَّ في جبل الدَّاير، وبذلك انفرد جيلي بالسُّلطة: يقيم الحق، ويسوس الخلق، ويرعى العباد، ويراعي البلاد. حاول البريطانيُّون إعادة الاعتبار إلى علي، وجعلوه مسؤولاً على جبال تكم وطيشان - غربي جبال تقلي - وضمَّت هذه المنطقة لاحقاً وديلكة والموريب. عاش فيها علي حتَّى مات العام 1922م، وخلفه ابنه أبَّكر. أمَّا جيلي، الذي وقَّع اتفاقيَّة السَّلام مع الخليفة عبداللَّه التَّعايشي، رجع ونقض ذلك العهد؛ ربما قد تعلَّم من الخطأ الذي وقع فيه والده مع المهدي. وعندما هرب الخليفة إلى أبودوم بعد معركة كرري بأم درمان، رفض جيلي توفير الحماية له؛ وأمر وكيله عبداللَّه جودات - الذي سبق أن عمل ملازماً في الحرس الخاص للخليفة في أم درمان، وهرب إلي تقلي مع عددٍ من الجهاديَّة - أن يطرده من تقلي. طُرِد الخليفة من بلولة، ومنها إلى قدير، حيث اختبى فيها حتَّى خرج أخيراً ليلاقي ربُّه في معركة أم دبيكرات.
    في العام 1899م عيَّنت السُّلطات البريطانيَّة-المصريَّة مأموراً في كراية، ولكن جيلي - الذي كتب إلى حاكم كردفان بالأبيض يشكره على هذا التَّعيين - بات يتجاهل هذا المأمور، وطفق يقوم بتصريف أمور العباد والبلاد كما كان من قبل. وقد تواطأ مع حركة الشَّريف محمد الأمين في تقلي العام 1903م، وعند القبض على الأمين وشنقه علناً في الأبيِّض، وسجن أتباعه، أُخِذ جيلي للمساءلة الجنائيَّة. وحينما أبلغ السُّلطات البريطانيَّة-المصريَّة أن الأمين قد خدعه، تمَّ إطلاق سراحه. توفَّى جيلي العام 1916م بعدما تقلَّصت نفوذه وأصبحت محدودة جدَّاً، وخلفه ابنه أبَّكر الذي عاش حتَّى العام 1921م، ليتولَّى العرش من بعده أخوه آدم النِّيل جيلي.


    تقلي في عهد الحكم البريطاني-المصري (1898-1956م)

    عند اعتلاء المك آدم جيلي - المك التَّاسع عشر - على العرش العام 1921م كان السُّودان قد دخل مرحلة جديدة من تأريخه الحديث، وذلك من خلال الغزو البريطاني-المصري إليه في 2 أيلول (سبتمبر) العام 1898م، وشرعت السُّلطة الجديدة في البلاد في عمليَّة تجميع أشلاء المملكة ومحاولة إنعاش الحكم الوراثي المتهالك. لقد أضفى النِّظام الثنائي على أجهزة الحكم القديمة طابعاً تجديدياً، ولذلك نجد أنَّ تقلي أصبحت جزءاً من مجلس ريفي المنطقة في كانون الثَّاني (يناير) 1947م. جاءت فكرة رتق أجزاء المملكة في الفاتح من نيسان (أبريل) 1931م، وذلك عقب إلغاء مديريَّة جبال النُّوبة وإضافة تلودي إلى منطقة الجِّبال الشرقيَّة. شهدت المملكة تطوُّرات إداريَّة أخرى، فقد اختار المك أدم آبار كُتُري عاصمة جديدة له العام 1929م بدلاً من كراية في جبال كيجاكجة، ورفض استخدام اسم كُتُري وأطلق اسم العباسيَّة على العاصمة. كان للعاصمة الجديدة موقعاً استراتيجيَّاً هاماً، فضلاً عن كونها مركزاً تجاريَّاً واقتصاديَّاً في غاية الأهميَّة. فنجدها مصدراً للمياه، وبها طرق اتِّصالات جيِّدة بين الشَّرق والجنوب، وقريبة من السكة حديد في أم روابة، كما أكسبها فتح طريق رشاد-العباسيَّة في نفس العام وضعاً خاصاً؛ ثم انشاء محكمة تقلي تحت نفوذ المك، ومنحه سلطات قضائيِّة واسعة.
    وفي العام 1930م أصبحت عموديتي الكواهلة وكنانة في بلولة وأبوجريس وأم طلحة في الشَّرق تحت سلطات المك القضائيَّة، وارتفع تعداد السُّكَّان بإضافة 4,100 مواطن إلى المملكة. وفي العام 1932م أُدمجت الموريب وتكم (تعدادهما حينئذٍ 3,300 نسمة) إلى المملكة، وكذلك ترجوك وتقوي (2,500 نسمة) في العام التالي. باتت تقلي - باستثناء رشاد - يحدُّها من الغرب الحوازمة بناظرهم الزِّبير، ومن الجنوب أولاد حميد وكنانة تحت إدارة النَّاظر راضي كمبال، الذي أمسى كيلاً للمك في مدينة أبو جبيهة. بحلول العام 1934م ارتفعت ميزانيَّة المنطقة إلى 1,265 جنيهاً إسترلينيَّاً. وفي العام 1935م امتدَّ نفوذ تقلي القضائي إلى رشاد (7,800 نسمة)، وكذلك أولاد حميد وكنانة والكواهلة في كلوقي بناظرهم محمد (13,200 نسمة). بلغت مساحة رقعة المملكة بعد ترميمها 1,200 ميلاً مربَّعاً، وتعداد سكانها ما يربو على 47,000 نسمة، وقفزت ميزانيتها إلى 3,500 جنيهاً إسترلينياً. أصبح السكَّان خليطاً من العرب، والنُّوبة المسلمين في رشاد، والنُّوبة غير المسلمين في كاو-نيارو، وقبائل تعود أصولها إلى نيجيريا (الفلاَّتة). وبحلول العام 1937م انضم ناظر اللِّيري إلى المنطقة، وفي العام 1943م ارتفعت الميزانيَّة بإضافة 1,600 جنيهاً إسترلينياً إليها من العموديات الأربع، وبعد عامين انضمت عموديَّة تلودي وبلغت الميزانيَّة 15,000 جنيهاً إسترلينيَّاً وتعداد السكَّان 140,000 نسمة.
    تم تقسيم المملكة إلى إدارتين وتجزئة هاتين الإدارتين إلى 7 أقسام14)
    (1) الإدارة الشَّماليَّة: وتضم 3 أقسام هي تقلي والحوازمة ورشاد (مجموعة تقوي وترجوك). وتقع تحت إدارة شقيق المك – الشَّيخ حاج الطَّاهر جيلي.
    (2) الإدارة الجنوبيَّة: وتشمل 4 أقسام هي أولاد حميد – كنانة، الكواهلة في كلوقي، اللِّيري، وعموديَّة تلودي. ويدير شؤونها النَّاظر راضي كمبال.
    حينما عزم المك الاستقالة العام 1946م ليعتزل العمل العام ويركن إلى حياته الخاصة، رفض الإداريون ذلك لأنَّ إبنه كان لايزال يافعاً وليس بمقدوره أن يرث الحكم. أمَّا النِّظام السِّياسي الذي الذي أصبح سائداً في المنطقة منذ الفاتح من كانون الثَّاني (يناير) 1947م فقد كان يعرف بمجلس ريفي المنطقة، ويتكوَّن من ممثِّلي القبائل الذين يعيِّنهم محافظ المديريَّة، وثلاثة أعضاء يمثِّلون المصالح الخارجيَّة – يتم تعيينهم بواسطة المحافظ كذلك – ثمَّ الممثل التجاري – الذي ينتخبه رجال المال والأعمال في الأسواق الرئيسة في العباسيَّة ورشاد وتلودي. وجد المك آدم فرصة مواتية لرفض رئاسة هذا المجلس الموقر، فما كان من المجلس إلاَّ أن انتخب شقيقه الشَّيخ حاج الطَّاهر جيلي رئيساً للمجلس – على الأقل – خلال الثلاث سنوات الأولى من تأسيس المجلس.


    خلاصة

    فيما مضى من السَّرد التأريخي للأحداث السياسيَّة والاجتماعيَّة التي عليها قامت مملكة تقلي، نجد أنَّ المملكة كانت مستقلة أيَّما استقلال. واستطاع رعايا المملكة أنَّ ينجو من نير الضَّرائب الباهظة، التي كانت سمة العهد التركي-المصري في السُّودان (1821-1885م). بناءاً على هذا، رفض المك آدم أم دبالو دفع الضرائب حين أوفد الياس باشا – حاكم كردفان يومئذٍ – رسله من مقرِّه في الأبيِّض إلى المك "التَّقلاوي". فماذا كان رد المك آدم لرسل الياس؟ قال لهم المك آدم: "إنَّي لأدفع فقط قيمة البضائع التي أشتريها من التجَّار، لكنَّني لن أدفع لهم الضرائب." وفي تلك الأثناء، أرسل المك آدم رسالة إلى الأبيِّض مستفسراً مستنكراً عما حدث للأتراك والبيض؟ هل لقوا مصرعهم أجمعون أبتعون حتَّى باتت الحكومة تعيِّن التجَّار "الجلاَّبة" من الجعليين والدَّناقلة والشَّايقيَّة في وظائف عليا دون إعطائها لرجال ذوي شأن عظيم؟ فكان هذا الاستهجان كافياً بأن تعفى السُّلطات حاكم كردفان، الياس باشا، ومساعده، عبدالرحمن بن نجا، من منصبيهما حين رأت أنَّهما لا يحُظيان بتقدير وتوقير من النَّاس. بيد أنَّ للإعفاء دواعي أخرى تتمثَّل في التَّنافس السياسي والتجاري لتجار الرَّقيق في الأبيِّض والنتائج التي أفرزها هذا الصراع المحموم، وخاصة إذا أدركنا أنَّ أحد أسباب غزو محمد علي باشا للسُّودان كان من أجل الحصول على الرِّجال الأقوياء (الرَّقيق) لتحديث جيشه، فضلاً عن جمع المال لتوسيع نفوذ الإمبراطوريَّة العثمانيَّة. ولإشباع رغبة السُّلطة الملحَّة ومصالهم الشخصيَّة، استخدم جباة الضرائب من الأتراك والشايقيَّة والعساكر (الباشبزق) سبلاً وحشيَّة، وانتشر أسلوب الرشوة والمحسوبيَّة، حيث نجت منها مملكة تقلي بفضل استقلالها.
    يقولون دائماً إنَّ التأريخ يكتبه المنتصرون، وهكذا الحال لتأريخ السُّودان (History is written by victors). فالذين دوَّنوا تأريخ هذا البلد هم أولئك الذين تربَّعوا على عرش السُّلطة في الخرطوم سواء علينا البريطانيُّون-المصريُّون، الأجانب الذين خدموا الإمبراطوريَّة العثمانيَّة أو البريطانيَّة في السُّودان، أم الأقليَّة الحاكمة التي ورثت السُّلطة من المستعمرين. على أيٍ، هذه لمحات وقبسات من حضارة سادت ثمَّ بادت، وقد إرتأينا أنَّه من الضُّروري تسليط الأضواء عليها لإزالة الضباب الذي ظلَّ ضارباً عليها حيناً من الدَّهر، إما بسبب جهالة الجهلاء، أو تحريف المغالين، أو انتحال المبطلين. ولكن ثمة أسئلة تظل في حاجة إلى أجوبة؛ نذكر على سبيل المثال الحاجة إلى الدراسة الأثنية واللُّغوية عن سكان تقلي وعلاقتهم بقبائل النُّوبة الأخرى؛ وكذلك العلائق التي ربما ربطتهم بممالك النُّوبة القديمة على ضفاف نهر النِّيل قبل دخول العرب إلى السُّودان. وهذا يعني الانغماس في دراسة رسائل ومخطوطات الرحَّالة الذين زاروا السُّودان والمنطقة وكذلك إجراء بحث ميداني مع بعض كبار تقلي، فضلاً عن القيام بحفريات في المنطقة. فهل نحن فاعلون؟


    هوامش وإحالات

    (1) أنظر الدكتور يوسف فضل حسن: مقدمة في تأريخ الممالك الإسلاميَّة السُّودانيَّة في السُّودان الشرقي (1450-1821م)، الدار السُّودانيَّة للكتب، الخرطوم.
    (2) Ewald, J J, Soldiers, Traders and Slaves: State Formation and Economic Transformation in the Greater Nile Valley (1700-1885), USA, 1990.
    (3) أنظر محمد بن النور بن ضيف الله: كتاب الطبقات في الأولياء والصالحين والعلماء والشعراء في السُّودان، تحقيق الدكتور يوسف فضل حسن، الخرطوم، 1971م.
    (4) المسيد عبارة عن مسجد خصوصي ومدرسة لتعليم القرآن والحديث.
    (5) بالإضافة إلى الشَّهادة، التي هي ركن من أركان الإسلام الخمسة، نجد أنَّ البديَّات يمارسون بعض الطُّقوس والعادات التي تُعتبر في بعض الأوساط الدِّينيَّة بدعة منافية للتَّعاليم الإسلاميَّة. وتشمل هذه العادات التَّوسُّل إلى الخالق تحت شجرة الهجليج، وتقديم القربان للبارئ على قمم الجِّبال، وهذا هو إسلام أهل السُّودان الذي فيه تمتزج الخرافة بالعقيدة والتَّقاليد بالعبادات.
    (6) Elles, R S, The Kingdom of Tegali, Sudan Notes and Records, Vol XVIII, Part I, 1935.
    (7) Holt, P M, A Modern History of the Sudan: From Funj Sultanate to the Present Day, London, 1961; Slatin Pasha, R C, Fire and Sword in the Sudan: A Personal Narrative of Fighting and Serving the Dervishes (1879-1895), London, 1897.
    ينسب الجعليُّون أنفسهم إلى جدِّهم العبَّاس عم الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم في شبه الجزيرة العربيَّة. وإنَّهم بهذا النَّسب لفخورون، وإنَّهم لينظرون بشئ من السخريَّة والازدراء على الدَّناقلة، الذين يعتبرونهم منحدرين من العبد دنقل. وحسب الأسطورة، فإنَّ دنقل – بالرَّغم من أنَّه كان عبداً – صعد إلى مرتبة حاكم مملكة النُّوبة، وكان يدفع الجزية لبهنيسا، القس القبطي، الذي كان مسؤولاً عن المنطقة الواقعة بين صرص ودبَّة. وقد شيَّد دنقل مدينة دنقلا، التي باتت تحمل اسمه، وسرعان ما بدأ مواطنو هذه المنطقة يُعرفون بالدَّناقلة. بالرَّغم من أنَّهم امتزجوا وتصاهروا مع العرب والمواطنين المحليين، وهم كذلك يصرُّون على أنَّهم عرب، إلاَّ أنَّهم لم يسلموا من تهمة العبوديَّة والتمييز العنصري من قبل الجعليين.
    ( MacMichael, H A, A History of the Arabs in the Sudan, Vol 1, Cambridge, 1922.
    للتعرف على أصل اسم (جعل) أنظر مقال علي حليب بعنوان الأصل الزنجي لأسماء المدن السُّودانيَّة.. المعاني والأبعاد، سودانايل، 7/5/2003م.
    (9) أنظر سراج الدين عبدالغفار عمر: تأريخ الصراع في جبال النُّوبا (الفترة 1984-1996م)، الخرطوم، 1996م.
    (10) الدكتور شوقي الجمل: تأريخ سودان وادي النيل: حضاراته وعلاقته بمصر، من أقدم العصور للوقت الحاضر، الجزء الأول، القاهرة، 1996م؛ أنظر صحيفة "الخرطوم": 12/9/1995م – العدد 986.
    (11) Ibrahim, A U M, The Dilemma of the British Rule in the Nuba Mountains (1898-1947), Khartoum University Press, 1985.
    (12) الدكتور أحمد محمد البدوي: مجلة "الحوار": أكتوبر 1993م، العدد الثالث، السنة الأولى.
    (13) عوض عبد الهادي العطا: تأريخ كردفان السياسي في المهديَّة (1881-1899م)، الخرطوم، 1973م.
    (14) Kenrick, J W, The Kingdom of Tegali, Sudan Notes and Records, Vol XXXIX, Part II, 1948.
                  

08-28-2004, 05:54 AM

Elmamoun khider
<aElmamoun khider
تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    الأخ طناش
    الشكر علي المواصلة... و مجهود مقدر.. مزيد من البحث المضني.. تاريخنا يحتمل البحث والكثير من الحلقات مفقودة.. بالبحث سوف نصل إلي من نحن؟ و ماذا نريد؟ وكما للفلسفة المادية سؤالين أساسيين للحياة كذلك هذين السؤالين عند الإجابة عليهم سوف نعيش في وئام وسلام واراك بحثياً قريبا من الإجابة لذلك أتابع ما تكتب بشغف و افتقد كتاباتك عند الغياب الذي ادري انه اضطراري..
    لك الود
                  

08-28-2004, 10:33 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Elmamoun khider)

    الصديق العزيز .. أيمن

    و بعد أن ملأت رئتي من دعاش أرض الأجداد بروابى " تقلي", قرَّرت الأستقرار هناك يوماً ما, إنها مناطق غاية فى الروعة و الجمال لم أكن أدرك قبل زيارتى لها أن فى بلدنا السودان بقاع بهذا البهاء و العظمة و الإجلال. سأزين هذا "البوست" ببعض الصور من تلك البيئة أرجو أن تنال إعجابك.
    ورقة د. عمر مصطفى شركيان إضافة حقيقية "للبوست", تشكر على هذا الإسهام. كما أننى فى زيارتى لمرتفعات "تقلى" حظيت بالإقامة فى نفس المنزل الذى أقامت فيه Pro. Janet J. Ewald عندما دوَّنت دراستها حول تاريخ مملكة "تقلى", و الحقيقة أن كتابها بعنوان: "Soldiers, Traders & Slaves: State Formation and Economic Transformation in the greater Nile Valley", و عندما علم "جيمس مكارثى" بذلك إندهش بنفس القدر الذى أدهشتنى به حفرياته خلف "سليم أغا" و النتائج التى توصل لها.

    لك وافر الود و التحايا ..
                  

08-29-2004, 02:12 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    المقال المنشور فى "المجلَّة الجغرافية = The Geographical Magazine", ذكر أن "سليم" تم أخذه إلى أُسكتلنده فى 1836 , إلا أنه لم يقدِّم أىَّ تفاصيل أُخرى. و كان "ريتشارد بيرتون" قد قال أن "سليم" ذهب إلى المدرسة فى "ميرثو = Murtho" الكائنة ب "أبردين شاير = Aberdeenshire", و لكن متابعة كل أسماء المناطق هناك بحثاً عن " ميرثو" لم تفضى إلى أى نتيجة. و عندما تذكرت أن "بيرتون" قد قال أيضاً أن "سليم" كان يتحدث بلكنة أُسكتلندية قويَّة, و كان على معرفة باللهجة "الدُّوريَّة = Doric"
    [1], توصَّلت أخيراً إلى "مورتَـل = Murtle". فى ذلك الوقت كانت "مورتَـل" قصراً ضخماً يحتل موقع جذَّاب على ضفاف نهر " دي = Dee", و ذلك على بُعد بضعة أميال غرب مدينة "أبردين = Aberdeen", و الآن هى تعتبر القاعدة لمدارس "Camphill-Rudolf Steiner".
    و كم كنت سعيداً حين إكتشفت أن المالك "لمورتَـل" خلال الجزء الأكبر من القرن التاسع عشر كان "جون ثيربيرن = John Thurburn", و قد كان هو الآخر من أنجح التجَّار فى الشرق الأوسط و شقيقاً "لروبرت ثيربيرن = Robert Thurbrun". و للصدفة الغريبة, إتَّضح أن "ريتشارد بيرتون" كان صديقاً "لروبيرت ثيربيرن", الذى وفَّر لهذا المستكشف معلومات أساسية قبيل رحلته الشهيرة إلى مدينة مكة المقدسة متنكِّراً فى صورة حاج عربى. إن "مورتَـل" تعتبر واحدة من أفضل الممتلكات فى أُسكتلندة, بمبنى صُـمـِمَ بواسطة مهندس شهير على النمط "الإغريقى المُـقـلَّد" الذى كان موضة المبانى فى ذاك الزمان, و كانت تحيط به عددٌ من المزارع المنتجة المسكونة بأصحابها.
    و قد أصبحت " اليزابث" زوجة "جون ثيربيرن", الأُم البديلة " لسليم" اليافع, و قد كان واضحٌ إمتنانه العالى لها لما احاطته به من رعاية و إهتمام وللتعليم الجيَّد الذى حصل عليه فى "مورتَـل", رغم أنه ليست هناك معلومة عن المدرسة التى تلقى فيها التعليم أو ما إذا كان قد تلقى تعليماً خاصاً. لهذا الغموض, فإن مستوى أسلوبه في ما كتبه لاحقاً فى "المجلة الجغرافية" المرموقة أثار بعض الشكوك فى ما إذا كان فعلاً قد كتبه بقلمه, و هو ما إستطاع "بيرتون" أن يؤكده.
    لقد أمضى "سليم" فعلياً عشرة أعوام فى "مورتَـل" – رغم أنه لم يتم الكشف عن المدَّة التى قضاها هناك بصورة مؤكدة – خلال هذه الأعوام أصبح " سليم" أباً لطفل من فتاة محلَّية تدعى "Jane Hunter". و هذه الحقيقة الأخيرة ما كنت لأتوصل لها لولا الصدفة التى جمعتنى بلقاء مشهود و غير متوقع. فمؤخراً, و دون أن يكون لدَّى كبير تعويل على الحصول على إستجابةٍ ما, و ضعت طلب معلومة عن "سليم أغا" فى موقع إنترنت مختص بسلسلة الأنساب ....... و بعد وقت قصير,و صلنى "إيميل" فحواه: "أنا حفيدة إبنة سليم أغا.."[2]!. كان المُرسل سيِّـدة قد بدأت توَّاً دراسة كورس فى تاريخ الأُسر, و قد نجحت بصورة دقيقة فى متابعة سلسلة نسبها و إرجاعه إلى "سليم" – فقد كانت جدتها المباشرة من أسرة أغا - , و حتى تكتمل الصدفة الغريبة و المدهشة فى آن, إتضح أنها كانت تعيش فى غرب أُسكتلندة على مبعدة لا تبلغ الخمسين ميل من منزلى الخاص فى "أدنبيرج = Edinburgh" !!

    [1] اللهجة الدُّوريَّة: لهجة يونانية قديمة.
    [2] و كانت صيغة "الإيميل" كالتالى: "I am the great, great, great granddaughter of Selim Aga … "."

    يتبـــــــــــــــــــــــــع ....

    (عدل بواسطة Tanash on 08-31-2004, 01:45 AM)

                  

08-29-2004, 05:44 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    كل الدلائل تشير إلى أنه حين غادر " سليم" أُسكتلنده حوالى العام 1846 – و ذلك بعد فترة و جيزة من كتابته لمذكراته تلك عن سنواته الأولى فى كتيب طُبع فى دار نشرٍ خاصة, و ذلك تلبيةً لرغبة أصدقائه فى أُسكتلندة, و كان عنوانه: " أحداث ذات صلة بحياة سليم أغا – مواطن من وسط أفريقيا = Incidents Connected with the Life of Selim Aga, a Native of Central Africa.", و هو الكتاب الذى على أساسه كتب "سليم" بعد فترة طويلة مقالته المنشورة فى "المجلة الجغرافية" – كان فى ذلك الوقت يبلغ التاسعة عشر من عمره كما قدر هو بنفسه ذلك.
    هذه المذكرات تحتوى على عدد من الأشعار معظمها كتب على غرار الشفافية الوجدانية لأشعار تلك الفترة, و لكنها تعكس مقدرة على إمتلاك ناصية اللغة الإنجليزية بصورة ملفتة للنظر. و بعض هذه الأشعار جاء فى صورة أناشيد شكر و تمجيد لبريطانيا و لقيمها, و قد تضمَّـنت ما يٌشبه الإحتفاء الشوفيني بمعركة "جواليور = Gwalior" فى الهند و إنتصار القوات البريطانية على المهراجا هناك. و من الواضح أن "سليم" قد تشرَّب فى وقت مبكر من عمره بالمشاعر الوطنية, و قد يكون بصورةٍ أكثر حماسة كإنعكاس لوعيهِ و إدراكه لحالته المُمَّـيزة. كما من الواضح أيضاً فى إحدى قصائده أنه قد إعتنق المسيحيَّة, و فى الحقيقة أن "بيرتون" قد وصفه بال: ( المتأثر بشدَّة بالبريسبتيريانزم ) [1] , و لعلَّه قد تأثر بالإنشقاق الدينى الكبير و التمزُّق الذى و قع فى أُسكتلندة أثناء إقامته فى ذلك الوقت, حيث تأسست أول كنيسة حُرَّة فى بريطانيا فى المقاطعة التى كان يقيم فيها. و بالتأكيد أن " سليم" قد وقع فى حب تلك المنطقة, و كما يقول " بيرتون" أنه كان يتوق توقاً شديداً لإمتلاك بيت صغير فى أُسكتلنده, حيث كان حينها سيعتبر نفسه " فى طريقه لأن يصبح ثرياً عبر دخل سنوى يبلغ أربعين جنيه".
    و عند عودته إلى أفريقيا, تطوَّع " سليم" بخدماته إلى الجمعية الملكية الجغرافية التى كانت تقود رحلة إستكشافية إلى أعالى نهر النيجر, و ذلك للتأكد من الملابسات المحيطة بمقتل المستكشف الألمانى " د. فوجل = Dr. Vogel". و على أية حال, فقد تم إختياره لمصلحة طبيب بحرى أُسكتلندى من " أوركنى = Orkney" يُدعى " ويليام بالفور بايكى = William Balfour Baikie". و فى 1857 و جد نفسه مرافقاً لرحلة " ويليام بايكى" الإستكشافية الثانية إلى أعالى نهر النيجر, ظاهرياً كخادم لكابتن إحدى الباخرتين المرافقتين للرحلة.
    لقد إنتهت تلك الرحلة بكارثة عندما إصطدمت إحدى البواخر بصخور مختبئة فى عمق النهر بقرب منطقة "جيبَّا = Jebba". و قد تم بالكاد إنقاذ الكابتن "بايكى" و ملاحيه بعد عام, عندما نجح الضابط "جلوفر = Glover", كابتن الباخرة المنكوبة " ديْ إسبرينج = Dayspring", من السفر عبر البلاد إلى "لاقوس = lagos" و سيراليون لإستدعاء المساعدة للمستكشفين و الملاحين المعزولين فى غياهب المجهول. و هناك دلائل على أن " سليم" كان مرافقاً " لجلوفر" كمترجم, و فى كل الأحوال, لقد كانت تلك الرحلة عملاً بطولياً بكل المقاييس.

    [1] Presbyterianism : الكنيسة المشيخية و هى إحدى الكنائس البروتستانتيَّة التى يدبِّر و ينِّـظم شئونها عدد من الشيوخ المنتخبون و يتمتعون كلهم بمنزلة و مرتبة متساوية.

    يتبــــــــــــــع ......
                  

08-30-2004, 03:24 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    إنه فيما بعد فى " لاقوس" حدث أن إلتقى " ريتشارد بيرتون" مع " سليم", و قد كانت لديهم عدَّة مغامرات معاً, بما فيها تسلَّق قمم مرتفعات " الكاميرون". حيث قام هناك " سليم" بالمشاركة فى تثبيت العلم البريطانى فى إحتفال رسمى مطلقاً عليه إسم " فكتوريا", كما تقتضى مراسيم ذاك الزمان فى تحديد المواقع حول العالم تشريفاً للملكة الإمبراطورة. و هناك إحتمال أن " سليم" و "بيرتون" قد ماتا سوياً عندما أصابت صاعقة صارية باخرتهما فقذفت بهما إلى سطح الباخرة.
    لقد صحب " بيرتون" معه " سليم" فى رحلته إلى أعلى نهر " الكنغو" حتى منطقة الشلالات, التى قام بوصفها"سليم" فى مقال آخر نشر "بالمجلة الجغرافية" و قد كتبه أيضاً بلغة رصينة خالية تماماً من الأخطاء. و قد إدَّعى " بيرتون"أن "سليم" قد قام برحلات و اسعة و بعيدة إلى كل من أُوروبا و آسيا و أفريقيا و أمريكا الجنوبية, إلاَّ أن كاتب هذه الورقة رغم معاناته بين مشاعر قُـرب حصوله على دلائل تؤكد هذه الإدعاءات و يأسه فى ذلك, لم يتوصل حتى الآن إلى أىَّ و ثيقة تكشف عن هذه الرحلات. كما لم أتمكن من تأكيد التقرير الذى تحدث عن وفاة "سليم" فى حرب "الجريبو" فى "ليبيريا". الحرب التى إبتلت بها تلك البلاد فى 1875 عندما ثارت بعض القبائل الساحلية المحلِّية ضد ما إعتبرته نظام حكم قمعى قوامه حكومة العبيد السابقين فى الولايات المتحدة, و حكم العبيد السابقين هذا من سخرية الأقدار التى ما كانت لتفوت على فطنة " سليم" و هو المسترق السابق, رغم أنه ليس هناك دلائل تشير إلى أىِّ الفريقين المتحاربين كان"سليم" ينحاز . هذا, و فيما يخص تلك الأحداث فقد تم توجيه رسالة عاجلة إلى إحدى سفن الولايات المتحدة الحربية للقيام بإنقاذ القوات الأميريكية من الهزيمة على أيدى محاربى " الجريبو".
    فما هى أسباب إهتمامى بكل ما جاء عاليه ؟
    بما أننى قد عملت و تجوَّلت فى شرق أفريقيا كجندى و طالب و مستكشف غابات قبل ما يقرب نصف قرنٍ من الزمان, أصبحت فى السنوات الأخيرة مهتماً بعلاقات الأُسكتلنديين بذلك الجزء من العالم – و هو ما أصبح مؤخراً موضوعاً تناولته سلسلة من الحلقات التلفزيونية بعنوان " الإمبراطورية الأُسكتلندية" – بالذات الجانب الذى يخص الرحلات و الإستكشافات. و قد بدأتْ هذه الحلقات بالمستكشف الجغرافى "كيث جونستون" من "أدنبيرج"[1] . و قد أصبحتُ أنا خلال ذلك مأخوذ بشكل متزايد بالمعلومات التى تتكشف عن مصادر سابقة غير معروفة أو غير مطبوعة, و الصدف المدهشة غير المسبوقة التى تقفز فى وجهى أثناء البحث. ( البعض يسمى ذلك موهبة إكتشاف الأشياء النفيسة و السارَّة عن طريق الصُـدفة, و لكنها على الأرجح نتيجة لمقدرة تصيُّد مُـتقنة!), و قصة " سليم أغا" غير المكتملة هى إحد الأمثلة لذلك, و لكنى سأكون فى غاية السعادة إذا بلغنى أن أحدهم فى إمكانه المساعدة فى ملء الفراغات فى هذه القصة, على الأقل فى ما يخص الخلفية الليبيرية فيها.

    * The Author: James MacCarthy, 6a Ettrick Road Edinburgh, EH10 5BJ Tel / Fax : 0131 2291916. [email protected] e-mail :

    [1] Journey into Africa : The Life & Death of Keith Johnston, Scottish Cartographer and Explorer (1844- 79) Whittle Publishing 2004.

    إنتــهــــــــــــــــــى ....
                  

08-30-2004, 10:22 PM

Omer54

تاريخ التسجيل: 02-10-2003
مجموع المشاركات: 783

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    الاخ طناش

    لاشك انه مجهود و افر و عزيمه قويمه هي التي مكنتك من هذا الانجاز. اهنئك علي هذا التفرد و

    الرصانه في البحث.


    شكرا لقد اثريت المنتدي في وقت يغص فيه بالغثاء و بذلك شكل هذا الخيط فضلا علي تميزه اضاءه

    للجميل و الموضوعي و المفيد.

    اتمني ان يتواصل عطاءك و ان تكون المثال للجميع .
                  

08-31-2004, 01:24 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Omer54)

    الأخ العزيز ..Omer54

    شكراً جزيلاً على هذا الإطراء الذى غمرنى بما لا أستحق, و أنا أنقل من خلالك هذا الإطراء إلى "جيمس مكارثى" الحفَّار خلف سيرة "سليم" الذى بفضله إستطعنا متابعة قصة " سليم" المثيرة و النادرة. هذا, و "جيمس" على موعد مع أحد أحفاد " سليم" المقيمين فى "سياتل" أواخر شهر سبتمبر, لاشك ستصلك تفاصيل هذا اللقاء من خلال هذا " البوست".
    بالطبع, هناك مازال الكثير الذى سيكتب عن "سليم" فى هذا "البوست", و أوعدك بمتابعة الموضوع إلى نهاياته, فما زال هناك و رقة " سليم" عن رحلة " الكنغو" التى ستصلنى من "جيمس" قريباً, و أعمل الآن فى ترجمة و رقة " ريتشارد بيرتون" المنشورة فى "المجلة الجغرافية" التى وصف فيها " سليم". و قد أقوم بترجمة ورقة "سليم" المنشورة فى "المجلة الجغرافية" و هى تختلف بشكل طفيف عن كتيبه الذى ترجمته فى "البوست" السابق. وسأُزين هذا "البوست" بصور طازجة من بلاد " سليم" الجميلة, مرتفعات "تقلى" الرائعة.

    لك الشكر الجزيلً, مرة أُخرى على المتابعة و الإهتمام و التشجيع, و دمت.
                  

08-31-2004, 02:16 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)


    طلب منى "جيمس مكارثى" إطلاق النداء التالى:


    ِAppeal From James MacCarthy
    نداء من جيمس مكارثى
    سـاعدوا فى تكملة سيرة " سليم أغا"

    يطلب الباحث الأسكتلندى "جيمس مكارثى" لتكملة الفراغات فى
    سيرة "سليم أغا" مِن مَن توفرت له معلومات أو فى إستطاعته المساعدة فى توفير معلومات عن "سليم أغا", الإتصال به على العنوان التالى:

    James MacCarthy, 6a Ettrick Road Edinburgh, EH10 5BJ Tel / Fax : 0131 2291916. [email protected] e-mail

                  

08-31-2004, 08:28 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    نستعرض هنا بعض "إيميلات" "جيمس مكارثى", و فى هذا "الإيميل" يعلمنى بإرساله لورقته المنشورة فى مؤسسة الدراسات السوداء و الآسيوية مرفقة مع هذه الرسالة - و هى الورقة التى أعمل على ترجمتها حالياً - و أنه تواصل مع حفيدة "سليم" بأُسكتلندة المقيمة قريباً منه, و حفيد " سليم" المقيم فى سياتل, و مؤخراً حفيد "روبرت ثيربيرن" المقيم فى إنجلترا. و يقول أنه مؤخراً قد قرأ قصة بعنوان "العبد - Slave" للكاتب "داميان لويس" و هى قصة حقيقية تحكى عن سودانى من جبال النوبة قُبض عليه و أُسترق فى تلك الأيام, و هى قصة بشعة و مؤلمة تعكس الظروف التى عاناها " سليم" فى عام 1836:

    Thank you for your message. Perhaps the best that I can do in the first instance is to forward as an attachment my recent article published by the Association of Black and Asian Studies. Since then, in addition to contacting Selim's great, great, great, grandaughter here in Scotland, I have also made contact with his great, great, grandson in Seattle, USA and only last week with Robert Thurburn's great, great, grandson living in England.

    The article above is merely an outline: much more can be obtained by finding 'Incidents Connected with the Life of Selim Aga' published on the internet by the Library of the University of Maryland, while I now have considerably more on Murtle where Selim stayed for 10 years. To provide more, it would be helpful to know what your interest is, and which part of the Sudan you come from - I have recently enquired about conditions for travel in Selim's territory (Taqali) but have not yet received any information. Provided I can gather enough material, I hope to publish Selim's story. Are you in contact with others from the Sudan? I should say that I have recently read 'Slave' by Damien Lewis which is the true story of a Sudanese (from Nuba) captured as a slave in recent times, whose horrifying story very much mirrors that of Selim in 1836.
    I would be pleased to provide any further information if you can indicate your main interest.

    Sincerely
    James McCarthy
                  

09-01-2004, 01:53 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    نبدأ من هنا ترجمة ورقة " ريتشارد بيرتون = Richard Burton" التى قدَّمت لورقة " سليم" عن رحلتهم إلى "الكنغو", و قد وصف فيها " سليم" و أكد أنه شخصية حقيقية و هو الكاتب الحقيقى لتلك المقالات التى نشرت بإسم " سليم". و قد نشرت ورقة "بيرتون " فى عدد " المجلة الجغرافية" الصادر فى يوليو 1875 , و هى بعنوان:

    رحلة إلى اعالى نهر " الكنغو" أو "زائير"


    العدد الثانى " للمجلة الجغرافية" بتاريخ مايو 1874 يحتوى على ورقة بعنوان : " أُصولى و عملى الأول كمسترق", بقلم رفيقى و مساعدى الشامل " سليم أغا". و فى الحقيقة أن جمهور القراء, فيما يبدو, قد إندهشوا بطابع و مزاج الأُسلوب الذى كتبت به الورقة, فهؤلاء الذين إطَّـلعوا على المقال كان تعليقهم بشكل عام على أنه و لابد قد كتب بقلم كاتب أُروبى, و عددٌ منهم ليس بالقليل شكَّـكَ فى أن أكون أنا بنفسى من كتب الورقة. المحرر الذى إطَّلع على المقال أدرج فى عدد يونيو صفحة 120 تعليقاً يتنصَّـل فيه عن المسؤولية, و إلى هنا إنتهت قضية مقال " سليم".
    و هنا فى مقالى هذا أُقدم ورقة ثانية بقلم " رفيقى فى الترحال", مع ملاحظاتى الخاصة عنه فى كلمات موجزة. "سليم أغا التقلاوى" و لد فى " تقلى" حوالى العام 1829 ,و التاريخ بالطبع ليس دقيقأً, إلا أن " سليم" كان متأكداً أنه فى عام 1836, عندما أُخذ إلى أُسكتلندة بواسطة صديقى الراحل العزيز صاحب الجلالة " روبيرت ثيربيرن" الذى كان قنصلاً بالإسكندرية, كان هو و قتها صبياً يافعاً فى حوالى العاشرة من العمر. إنه هناك بدأ تعلَّم التحدث باللغة الإنجليزية, أو على الأصح الأُسكتلندية بلكنة الأراضى السفلى القُـحة. و قد اصبح فيما بعد منجذباً بشدة نحو مذهب " البريسبتيريانزم" [1] . و قد كان قدره الترحال عبر مساحات شاسعة و بعيدة شملت أوروبا و آسيا و أفريقيا و جنوب أميريكا, و قد كان على الدوام يتوق توقاً شديداً إلى إمتلاك كوخٍ فى أُسكتلندة حيث كان سيعتبر نفسه إذَّاك : " فى طريقه إلى أن يصبح ثرياً من خلال دخل 40 جنية سنوياً".

    [1] Presbyterianism : الكنيسة المشيخية و هى إحدى الكنائس البروتستانتيَّة التى يدبِّر و ينِّـظم شئونها عدد من الشيوخ المنتخبون و يتمتعون كلهم بمنزلة و مرتبة متساوية.

    يتبـــــــــــــــــــــع .....

    (عدل بواسطة Tanash on 09-18-2004, 01:03 AM)
    (عدل بواسطة Tanash on 09-18-2004, 02:16 AM)

                  

09-01-2004, 06:46 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    و فى عام 1860 عاد " سليم" إلى القارة التى أنجبته و ذلك عندما تطوع بملء إرادته لمهمة التحقيق فى ملابسات مقتل " د. فوجل = Dr. Vogel " التى وقعت فى " واداى" و التى كُـلِّفت بها رحلة إستكشاف وسط أفريقيا. و لتنفيذ هذه المهمة تم إختيار الراحل " سير رودريك مورجيسون = Sir Roderick Murchison" و آخرين, إلا أنهم فى النهاية قرروا أن مقاليد أمور الرحلة يجب أن تظل فى يد الراحل " د. بايكى = Dr. Baikie". فى عام 1861 أصبح " سليم" "مساعدى الشامل", و قد رافقنى فى عدة رحلات إلى الشاطىء الغربى و على الخصوص قمة أحد البراكين غير المستكشفة و التى تعرف بجبال " الكامارون" أو "الكاميرون", و كما يؤكد مقال " سليم" الثانى فقد وصلت رحلتنا هذه حتى شلالات نهر "الكنغو". و عندما تركت " فيرناندو بو = Fernando Po" فى 1865 كان " سليم" يعتزم السفر إلى منابع نهر "النيجر", و آخر رسالة وصلتنى منه كانت من " ليبيريا".

    يتبــــــــــــــــــع ...
                  

09-04-2004, 09:27 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    إن " سليم أغا" لا ينتمى إلى ساحل " غينيا" أو إلى شعب " الكنغو" حيث الأفارقة المألوفين لدى الأُروبيين و الولايات الجنوبية لأميريكا الشمالية, فهو يحمل الملامح القديمة شبه السامية ذات الدماء الحبشية التى إختلطت, بدون شك, فى وقت سابق بالدماء البدوية نصف العربية التى مازال أصحابها يرعون ماشيتهم بجانب الشواطىء الغربية للبحر الأحمر.
    لهذا فهو ينتمى إلى ما أسميته أنا بالقبائل ذات الأصل النبيل التى تتموقع فى منطقة تقع بين شمال قبائل " الماندينجا أو الماندينجو" الغربيين, و الصومال شرق أثيوبيا. إن التكوين المُمَيَّز لهذه القبائل تم تجاهله من قبل الباحثين الذين لم " يستحسنوا" هذا الفرق الملفت لنظر أى رحَّالة.
    و " سليم" من حيث التكوين الجسمانى قد كان خليط من ذاك العرق المذكور, شعره مجعَّد قصير, و سحنته سوداء فاحمة, رأسه و وجهه بالإضافة إلى فتحتىَّ أنفه تبدوا كلها, دون أدنى شك, عربية الملامح, بينما بقية ملامحه ذات طابع أفريقى. إن شفتيه الرقيقتين العصبيَّتين تشبه تلك التى لدى " البربر", بينما قدميه و يديه توحيان بأنهما سواحيليتين.
    هذا النوع من الرجال هو بمثابة المثال لما يمكن أن يصبح عليه الأفريقى إذا ما توفر له التدريب الأوروبى الجيد, فيصبح, كما يبدو الآن, " العالِم" الذى طفقت شهرته الآفاق, الذى بمقدوره بكل جرأة أن يخترق مناطق فى عمق بلاد السود تشكل خطورة شديدة على البيض إن لم تكن مميتة. و هذا العِرق الذى يتمدد ببطء و لكن بإنتظام فى إتجاه الجنوب, بعد عدَّة أجيال ستختلط دماؤه بدماء القبائل على شاكلة قبائل " الكنغو", و سينشر الإسلام عبر أعماق أفريقيا, و سيعبِّد الطريق لتطوّر حضارى أرقى.
    إن هذا التطوّر سيحتاج إلى أمد طويل و البشرية لا تتمتع بصبر لذلك. إلا أن هذا الوضع ستعالجه قوانين الطبيعة المعروفة لدى جميع طلبة التاريخ التى تقتضى سيادة و سيطرة العرق الأرقى على العرق الأدنى, إنه تطوّر لن يعتمد على النشاطات الطارئة للقُـنصليات و الرحَّالة, و لن تدين هذه التطورات بالفضل إلى أى من الأعمال المرتجلة و المتشنِّجة و غير المنتظمة لمؤسسات البر و الإحسان و التعصب الدينى. لقد تم إنبعاث شعاع النور عبر ظلام القارة الكئيبة, و قريباً سينبلج الصُبح عن فجرٍ يَعِدُ بيومٍ كامل فى غاية الجمال.
    و الآن " مساعدى الشامل" سيتحدث بالأصالة عن نفسه. لقد تركت مقالته على مكتب " المجلَّة الجغرافية" لأبعد أى شُبهات تحاول أن تُسند هذه المقالة إلى شخص آخر غير " سليم أغا".

    ريتشارد بيرتون

    إنتهـــــــــــــــــــى ....
                  

09-07-2004, 02:08 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    Quote: إن " سليم أغا" لا ينتمى إلى ساحل " غينيا" أو إلى شعب " الكنغو" حيث الأفارقة المألوفين لدى الأُروبيين و الولايات الجنوبية لأميريكا الشمالية, فهو يحمل الملامح القديمة شبه السامية ذات الدماء الحبشية التى إختلطت, بدون شك, فى وقت سابق بالدماء البدوية نصف العربية التى مازال أصحابها يرعون ماشيتهم بجانب الشواطىء الغربية للبحر الأحمر.

    لاحظ كيف مسألة الأجناس الأفريقية " جايطة" فى راس العنصرى حد المرض " ريتشارد بيرتون" المتيَّم بالأفارقة السود المسلمين, و هى نفس نظرة المركزية الأوروبية للأجناس الأفريقية. فهو يريد أن يقول أن "جنس القرن الأفريقى", لأن ملامحه – التى يسمونها "مليحة!" - و درجة لونه تختلف عن ملامح و درجة لون ما يسمونه بال " الزنجى القُحْ !=! Typical Niger", فهذا الجنس لابد و أنه إختلط بعنصر أجنبى هو فى هذه الحالة "العرب", بل ليس العرب مباشرة و إنما أنصاف العرب!, و يقصد " البجة". و لا يدرى صاحبنا أنه ليس جنس القرن الأفريقى هم "أنصاف عرب = Simi Arab", و إنما " العرب" أنفسهم هم فى الحقيقة "أنصاف أفارقة = Simi African".
    و رغم أن أجناس أوروبا متباينة و مختلفة فى الملامح و درجة اللون, بين سلافيين و إسكندنافيين و ألمان و فرنسيين و إيطاليين و إنجليز إلخ, إلا أن هؤلاء العنصريين و أنصار المركزية الأوروبية لا يرون هذه الإختلافات, و يرجعون أصل الجنس الأوروبى كله إلى " الجنس الآرى" المهاجر منذ عهود سحيقة من " الهند", و فى فترة تاريخية لاحقة يردونه إلى الإغريق. بينما دقق هؤلاء "بالمايكرسكوب" فى ملامح و درجات لون الأفارقة, و بالتالى كل من لم تنطبق عليه صفات الأفريقى التى تخيلها خيالهم, أى ال"!Typical Niger", فهو ليس أفريقى, و عليه نجدهم يجتهدون فى تأليف من أين جاءت هذه الملامح و درجة اللون المختلفة عن التى لدى ال"!Typical Niger", متجاهلين إنتشار هذه الفروقات على طول و عرض القارة الأفريقية السوداء.
    و التركيز على إختلاف جنس القرن الأفريقي عن "خُرافة الزنجى = Typical Niger!" التى إبتدعوها, سببه إرتباط هذا الجنس عضوياً بحضارة وادى النيل القديم, أول حضارة و حجر أساس الحضارات البشرية اللاحقة, و سبب "عُـقدة" الأوروبيين و ظهور ما يسمى بالمركزية الأفريقية. ذلك أنهم يسعون إلى إبعاد أفريقيا من خلال نموذج ال "Typical Niger" عن أى صلة بحضارة وادى النيل القديم, فإن بدت ملامح و ألوان مجترحى هذه الحضارة على غير نموذج ال "Typical Niger" المزعوم, فهذا يعنى إستطراداً أن هذه الحضارة ليست إفريقية, لندخل فى تهويمات " جنس آخر" و تخريجات خيالهم المريض.
    الجدير بالذكر, أن مقارنة ما جاء بقلم " ريتشارد بيرتون" فى وصف " سليم التقلاوى", مع ما جاء فى كتاب " تاريخ الخرطوم" – بقلم محمد أحمد سيد أحمد, منشورات كتاب الأهرام – يتضح لنا أن فرية الأصل العرقى للسودانيين "الشماليين" بأنهم " عرب" أو هجين " آفروعربى" بالضبط كما جاءت عند " ريتشارد", قد زرعت فى تلافيف ذهنية السودانى " الشمالى" فى تلك الأيام, أى أيام أول حكم أجنبى للسودان, الغزو التركى. فبعد أن كسر " الترك" شوكة " الشماليين" و إسترقوهم كما القطيع, أدخلوا فى أذهانهم أنهم يختلفون عن ال "Typical Niger", إذ أنهم "عرب مسلمين!" و كان عليهم أن يؤمنوا بهذه " الفرية" ليجنِّـبوا أنفسهم مغبة الإسترقاق, ثُم أُستُخدموا فيما بعد - أى "الشماليين" – فى إسترقاق النصف الآخر من البلاد, أى ال "Typical Niger". و تأسس على هذا الإنقسام مدينة " الخرطوم", أكبر عاصمة رقيق و ماخور دعارة فى العالم, فكان نصفها أسياد و نصفها الآخر عبيد.
                  

09-14-2004, 01:46 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)



    قد تكون قرية " سليم أغا" تشبه هذه القرية التى إلطقتنا لها هذه اللقطة فى رحلتنا الشهر الماضى إلى مرتفعات تقلى.



    و لابد أن الأغنام التى كان يرعاها " سليم" قبيل إختطافه من قبل تجار الرقيق كانت لا تختلف عن هذه المصورة فى نفس المنطقة.
                  

09-14-2004, 03:05 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    كل هذه الصور أدناه أُلتقطت لوادى "العباسية تقلى" و بعضها من أعلى قمة أحد جبالها المحيطة. إنَّها من أجمل مناطق السودان.













                  

09-14-2004, 03:51 AM

كبسيبة

تاريخ التسجيل: 05-05-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)
                  

09-14-2004, 08:25 AM

أحمد أمين
<aأحمد أمين
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 3370

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: كبسيبة)

    الاخ طناش

    أتابع مساهماتك الجيدة دائما، لكن ما تقوم به الان فى هذا البوست فهو عمل متميز ورفيع وجدير بالاحترام.
    فيما يخص الكتاب الذى أشرت اليى بعنوان Slave هو كتاب صدر حديثا به سرد لتجربة فتاة سودانية من جبال النوبة تعيش الان فى لندن، تم القبض عليه بواسطة مليشيات الحكومة فى عمر صغير وتم ترحيلها الى الخرطوم حيث عملت فى أحد منازل أغنياء الخرطوم دون أجر لفترة طويلة.

    على كل القصة طويلة وقد صدقها البعض وكذبها الكثيرين كما تعرف حالنا نحن السودانيين وسياسة دفن الروؤس فى الرمال هى عادة تعودنا عليها حتى الادمان:

    http://www.bookbrowse.com/index.cfm?page=title&titleID=1361
                  

09-15-2004, 01:46 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: أحمد أمين)

    تشكر الأخ أحمد أمين على هذه الإضافة القيمة, و نعم يبدو أنه نفس الكتاب الذى أشار إليه " جيمس مكارثى" و الذى قد أفاد أن أحد الكتاب السودانيين نبههه إليه, و لكنى عن طريق الخطأ إعتبرت الضحية ذكر.
    غلاف الكتاب.
    و لمَّا كان موضوع الرق فى السودان لايمكن تجاوزه بالتعامى عنه, أو عن طريق الإعتذار المُـقتضب كما فعل حفيد المهدى " الصادق", و لايمكن بالتالى تجاوز عقلية الترك و الحكم "الثنائى" "المعشعشة" فى أذهان ما يسمى " بالشماليين", إلا من خلال فتح هذا الملف على مصراعيه و معالجته فى جانبه التاريخى/الثقافى و السياسى/الإقتصادى, و أحسب أن ما أقوم به هنا مجهود متواضع يحسب فى الجانب التاريخى / الثقافى لهذا الموضوع. و فى هذا السياق لابد بالطبع من ترجمة كتاب "Slave", و لكن الحصول على حق الترجمة فى هذه الحالة لابد منه.

    تشكر مرة على الإضافة و المتابعة و الإهتمام.
                  

09-15-2004, 02:23 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    صور لنفس وادى "تقلى" , تقريباً كلها إلتقطها من أعلى أحد قمم جباله المحيطة.





    أحد شوارع "العباسيِّة تقلى":

                  

09-17-2004, 04:25 PM

Nagat Mohamed Ali
<aNagat Mohamed Ali
تاريخ التسجيل: 03-30-2004
مجموع المشاركات: 1244

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    العزيز الأخ طناش
    لاحظت هذا الخطأ المطبعي:

    سليم أغا التقلاوى" و لد فى " تقلى" حوالى العام 1829 ,و التاريخ بالطبع ليس دقيقأً, إلا أن " سليم" كان متأكداً أنه فى عام 1939,


    لك التحايا
    نجاة
                  

09-18-2004, 01:21 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Nagat Mohamed Ali)

    شكراً الأُستاذة نجاة لتصحيح هذا الخطأ الفادح:

    نعم كتبت خطأ التاريخ 1939 عوضاً عن التاريخ الصحيح 1836 , و قد قمت بتصحيح الخطأ فى موضعه. و النص المترجم جاء فى "المجلَّة الجغرافية" كالتالى:

    Selim Agha el Tegalli was born in Tegallat, about 1829; the date of course, is vague, but he was certain that in 1836, when taken to Scotland by my venerable friend, the late Robert Thurburn, H.M's. Concul for Alexandria, he was a lad about ten years old.

    لاحظى .. H.M's لم أتمكن من معرفة المقصود بها, و أعتقد أن حذفها لم يؤثر فى معنى النص.

    وافر تحياتى و إحترامى...
                  

09-18-2004, 01:35 AM

Nagat Mohamed Ali
<aNagat Mohamed Ali
تاريخ التسجيل: 03-30-2004
مجموع المشاركات: 1244

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    العزيز الأخ طناش

    H .M's. Concul
    اختصار لعبارة قنصل صاحب (أو صاحبة) الجلالة
                  

09-18-2004, 02:29 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Nagat Mohamed Ali)

    الأُخت العزيزة نجاة ..

    شكَّيت أنها فى هذا المعنى و لكن بما أننى غير متأكد فضَّلت تجاهل المصطلح, و قد تمت الإضافة فى موضع الحزف.

    وافر الشكر و التحيَّة ..
                  

10-14-2004, 12:09 PM

عبد الله بولا
<aعبد الله بولا
تاريخ التسجيل: 03-30-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    عزيزي طناش،
    أخلص تحياتي ومحبتي،
    أرجو المعذرة عن عدم قدرتي على متابعة هذا البوست العظيم في وقته من جراء انشغالي بردود الترحيب الماراثونية تلك، ومسائل أخرى مضنية ومعقدة. قرأتُ اليوم الجزء الثاني من تحقيقك الرصين في "سيرة سليم أغا"، وأمتعني أيما إمتاع، على المستوي المعرفي التاريخي الوثائقي، وعلى المستوى الإبدعي الروائي أيضاً.
    وأسعدني، وعضَّد من ثقتي في "أجيالنا الجديدة"، أنْ وجدتُ نفسي أمام باحثٍ من طرازٍ فريد مثلك.

    سأحاول النفاذ إلى الأرشيف لقراءة الجزء الأول في الأيام المقبلة، وإلى ذلك الحين لك جزيل الشكر على هذه الإضاءة التوثيقة المتقنة الباهرة الممتعة الفريدة.

    بــولا
                  

10-14-2004, 01:04 PM

Adil Isaac
<aAdil Isaac
تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 4105

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: عبد الله بولا)
                  

10-15-2004, 02:05 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: عبد الله بولا)

    العزيز .. عبد الله بولا ..

    فاجأتْنى و أسعدَتْنى فى آن, طلَّتك البهيَّة فى "بوست - سليم التَقَلاوى", رغم ما تواجهه من مسؤوليات و مشاغل جسام ليتنى أستطيع أن أحملها منك أو أُخفف عنائها عنك, فلك جزيل الشكر على الإهتمام و التشجيع.
    و قد شعرت برهبة كبيرة حين قرأت لك:
    Quote: وأسعدني، وعضَّد من ثقتي في "أجيالنا الجديدة"، أنْ وجدتُ نفسي أمام باحثٍ من طرازٍ فريد مثلك.

    فأنت هنا تُسبغُ علىَّ ما لا أستحق, إذ أن كل دورى فى سيرة "سليم أغا" يقتصر على الترجمة و التعريف بما توصل و سيتوصل إليه الباحث الأُسكتلندى "James MaCcarthy" حول سيرة "سليم", فلولاه لما تمكنا من معرفة مصير "سليم" بعد وصوله إنجلترا. و قد كان وصولى إلى مرتفعات "تقلى" محض صُدفة, فقد توافقت إجازتى السنوية مع إجازة أحد أصدقائى من "تقلى" فسنحت لى الفرصة. فهو, أى "جيمس", من يستحق الثناء على مجهود البحث الذى مازال يصرُ على إكماله, و فى سبيل تحقيقه قد حجز فى رحلةٍ على الجمال إلى السودان لتقصى مسيرة "سليم" من "أُمدرمان" شمالاً عبر صحراء "بيوضة" و حتى "القاهرة" و ذلك عام 2005 ! , كما وضح هو فى رسالته التالية:


    I should have acknowledged your latest batch of fine photos before now, for which I thank you - i have been out of the country. I now need to reduce these to a mangeable number in order to make a final selection, though as i have said before, I am a long way from publication.

    You may like to know that I have booked a 2-week camel trek in Sudan crossing the Bayuda Desert in february 2005. The expedition, led by the renowned English desert traveller Michael Asher (who at one time spent 3 years with the Kabbabish tribe in this area) follows part of Selim's journey en route to Cairo in 1835, and so i am hoping that it will give me good background material on the conditions, which cannot have changed so much in the intervening period. However, the trip will depend on a sufficient number of people (8-12) being interested, to make it economical for the travel company (Exodus) It starts at Omdurman and diverges across the nile to take in the meroitic temples and pyramids. i only hope my rather elderly and arthritic joints are up to it!

    Best wishes
    James

    و عندما حذرته من مخاطر السفر عبر صحراء "بيوضة", فقد كِدنا أن نقضى نحبنا و نحن نحاول الوصول إلى ديارنا فى تلك النواحى, رد فى رسالته التالية:
    Thank you for yours - yes it will be a hard journey, as we will be using camels for the first time (in my case) and expected to walk part of the (200 mile) way, travelling from well to well without external support, but with local camel handlers to assist. I have experience of mules in the army in Kenya and trekking in Djebel Sahro of Morocco, but not camels. since then I have acquired two screws holding my femur together and arthritis in both hips - and will celebrate my 69th birthday next year!
    فتأمل " عنْقَدَة" و "عَصْلَجة" أولاد "الفرنجة" لمَّان يمسكوا ليهم فى حاجة !! .. و إذ أعدك بمتابعة ما يستجد فى هذا البحث, أنقل عبرك إلي "جيمس مكارثى" تثمينك المُقدَّر لهذا العمل التوثيقى.


    و أُهدِّيك ختاماً أحدى الأعمال التشكيلية لطبيعة تلك المناطق الرائعة, "شجرة الحراز" التى إجتهدْتُ, و لم أفلح, فى أخذ لقطةٍ تناسب عظمة و جلال حضورها البهىء, أتمنى أن تنال رضاك و تمنحك مساحة هروب بعيداً عن ضغط العمل و المشغوليات :


    عنوان الجزء الأول من سيرة "سليم التقلاوى" على الرابط:
    سلـيم أغـا: مذكرات مسترق سودانى من غرب السودان.

    (عدل بواسطة Tanash on 10-15-2004, 02:17 AM)
    (عدل بواسطة Tanash on 10-15-2004, 01:10 PM)
    (عدل بواسطة Tanash on 10-15-2004, 01:19 PM)

                  

10-16-2004, 00:26 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    العزيز .. عادل إسحاق ..

    تُشكر على الإهتمام و التشجيع, و على عنوان الكتاب المرفق. و إن كنت علمت بكتاب " ريتشارد بيرتون - Two Trips to Gorilla Land and the Cataracts of the Congo " مؤخراً من رسالة "لجيمس", إلا أننى لم أكن على علم بموقع هذا الكتاب على "الإنترنت", فلك وافر الشكر لتوفيرك هذه المعلومة الهامة التى حتماً سأستفيد منها عندما أترجم رسالة "جيمس" الأخيرة التى يخبرنى فيها أنه فى طريقه لإكتشاف مفاجآت جديدة حول " سليم" و "ريتشارد بيرتون" الذى كان يدعوه : بمساعدى الشامل !. فما هى هذه المفاجآت ؟! .. هذا ما سنعلمه فور إنتهائى من ترجمة الرسالة.
    لك وافر الود ..
                  

11-16-2004, 04:21 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)


    فى هذا الجزء من سيرة " سليم التقلاوى" يفاجئنا الباحث " جيمس مكارثى" بإقترابه من الكشف عن إستغلال الرحالة " ريتشارد بيرتون" " لسليم" فى كتابَةِ و وصف رحلاته, بالإضافة لمواصلة أحد مُحرِّرى كتبه اللاحقين لهذا الإستغلال, و فى الجزء القادم يكشف لنا " جيمس" أن " سليم" كان بمؤهلات تسمح له القيام بأكثر من ذلك, إنِّ " سليم التقلاوى" كان أكثر بكثير من مجرَّد تلك الكلمات التى و صفه بها الرحالة العُنصرى" ريتشارد بيرتون".



    أنهى " بيرتون" و صفه " لسليم" فى " المجلة الجغرافية" بالكلمات التالية :
    [ و الآن سيتحدث " مساعدى الشامل" بالأصالة عن نفسه. و ها أنا أترك مقالته على مكتب " المجلَّة الجغرافية" لأمنع أيَّةَ شكوك تلمِّح لكتابتها بواسطة أى شخص آخر غير "سليم أغا".]
    و يبدو لى أن فى هذا يكمن لغزٌ مُحيِّر. فالكتاب, المنسوب " لبيرتون": " تِجْوال فى ثلاثة قارات" و المنشور فى 1901 , يحتوى على باب بعنوان: " رحلة إلى أعلى الكنغو" الذى إدَّعى " و.هـ. ويلكينس = W.H. Wilkins " أنَّه كتبه من ملاحظات دوِّنت تقريباً بإختصار و على عجل فى مُذكرة بواسطة " بيرتون", مُستطرداً : [ و قد رأيت أنَّه من المناسب نشرها كما هي دون أى تغييرات, ما عدا الضرورى منها حتى يبدو المتن متماسكاً واضحاً و مقروءاً.] بينما نجد أن هناك مقدار وافر لا يستهان به فى ورقة " سليم" جاء كلمة بكلمة كما فى كتاب "بيرتون": " تِجْوال فى ثلاثة قارات", رغم و جود بعض الإختلافات.
    فعلى سبيل المثال, نجد أن رواية " سليم" واقعية و غير متأثرة بالمشاعر الذاتية, و نجدها تُهمل الألفاظ التوبيخية القاسية و التعليقات التى تتَّـسم بالمرارة تجاه سلوك " الكنغوليين" التى نلمسها فى الكتاب المنشور فى 1901 و المنسوب إلى " بيرتون". بناءاً عليه, فإنه للوهلة الأولى يبدو لنا أن " سليم" قد قام بإنتحال عمل " بيرتون" ( على الأقل فى مذكراته هذه ), و إن كان ذلك يبدو لنا ظاهرياً بتواطوء و تشجيع من " بيرتون".
    و على كل حال, ما كان " بيرتون" ليترك أى شخصٍ آخر يسرق منه الأضواء, و بالتالى فإن الإشارة هنا إلى ذلك ليس لديها أى مصداقية. أكثر من ذلك, نشر " بيرتون" مُدوَّنته الكاملة عن الرحلة, التى تحتوى على 336 صفحة فى مجلدين بعنوان: " رحلتين إلى أرض الغوريلا و شلالات الكنغو", فى 1876. و التى فيها يرجع بالتحديد إلى ورقة " سليم", المنشورة مؤخراً فى " المجلة الجغرافية", كمصدر – و هى بعنوان " رحلة إلى أعلى الكنغو", المترجم - عليه, نجد أن " بيرتون" يؤكِّد فى مناسبتين أن " سليم" هو كاتب الورقة محل الشُبهَات, و ذلك رغم التشابه حَدْ التطابق بينه و بين " ملاحظاته المُختصرة" – هذا فيما لو كانت فعلاً ملاحظاته هو. ( و فى الحقيقة أن الجزء وثيق الصلة بهذا الموضوع فى كتاب " تِجْوال فى ثلاثة قارات", رغم مزاعم المُحرِّر, يبدو مقالاً مكتملاً.)
    و ما يثير الفضول أكثر, هو لماذا كان على المُحرِّر إختيار هذه الملاحظات دون البحث فى المجلَّدين الأكثر ثراءاً و شمولاً عن الرحلتين المنشورتين قبل 25 سنة ماضية. الأمر يحتمل أكثر من تفسير, إلا أنَّه من الصعب جداً أن يحتمل تضحية " بيرتون" بسمعته, التى يتطرَّف و يغالى فى الغيرة عليها, بتأكيده حق " سليم" فى كتابة تلك الورقة مالم يكن يعتقد أن مذكراته تلك كانت فى أمنٍ و أمان, على الأقل و هو على قيد الحياة. ( لقد توفى فى 1890 ). و مازال السؤال يُـلِحُ عن لماذا كان على المُحرِّر حَبْـك هذه الحيلة مالم يكن يعتقد أنه بذلك يسمح " لسليم" بحرية الوصول إلى هذه الملاحظات كعقابٍ له لقاء خدماته المُخلصة " لبيرتون". و يظل السؤال المثير للفضول يبدو أقرب إلى الـلُّغز التآمرى, و الذى حسب علم كاتب هذه الورقة لم يتم الكشف عنه قبل الآن.

    * وصلة كتاب: " رحلتين إلى أرض الغوريلا و شلالات الكنغو = Two Trips to Gorilla Land and the Cataracts of the Congo "
    http://www.goantiques.com/detail,1876-burton-gorilla,627767.html

    يتـــــبع ..

    (عدل بواسطة Tanash on 11-16-2004, 05:39 AM)

                  

11-17-2004, 02:48 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)


    فى رسالته الثانية أدناه توصَّل "جيمس" لمعلومات تؤكِّد أن "سليم" كان بإمكانيات أكبر بكثير من ما صوَّره لنا العُنصرى الرحّاَلة " ريتشارد بيرتون":


    لقد وصلت لتوِّى بعد مُضى إسبوع فى " لندن" زُرتُ فيه عدد من المؤسسات التى توقعت أن تحتوى على معلومات عن " سليم أغا". و قد كانت نتيجة البحث مخيبة للآمال, ما عدا أنه فى اليوم الأخير عثرت فى المكتبة البريطانية على كُرَّاسة كُتبت بقلم " سليم" و نُشرت فى 1853, و هى عبارة عن خُطة بعنوان: " تحسين حياة سكان أفريقيا = The amelioration of the inhabitants of Africa " , و قد قدَّمها إلى " وزارة الخارجية = Foreign Office ". و أُسِّست الخُطة بشكل كبير على الفكرة " اليوتوبية" غير الواقعية التى تتحدث عن بناء خط سكة حديد من البحر الأحمر إلى الساحل الغربى لأفريقيا, و التى لم يتحقق أى شىء منها رغم أن " سليم" قد أنشأ من أجل هذا الهدف مؤسَّسَةْ : " من أجل حصاد محصول القطن البرِّى = For the cultivation of free grown cotton ".
    من وجهة نظرى أن ما يضيف لنا إضاءة فى هذا السياق, هو أن " سليم" فى أواخر 1840 كان قد سافر مع " جون ثيربيرن" ( شقيق " روبيرت ثيربيرن" الذى أحضر " سليم" من " الأسكندرية" إلى " أُسكُتلندة" ), و فى 1849 عاد إلى " لندن" لحشد الدعم و المساندة لخُطته. و أثناء إنتظاره لرد وزير الخارجية " لورد بالمارستون = Lord Palmerston " على خُطته, حاضر " سليم" لمدة عام بمرافقة عرض سينمائى أمريكى رائع عنوانه: " بانوراما النيل = Panorama of the Nile ", و ذلك أثناء عرضه فى القاعة المصرية فى " بيكاديللى" وسط " لندن". و كذلك يبدو أنه قد إنضم إلى بانوراما أخرى عن تجارة الرقيق, و لكنى لم أتمكن من الحصول على تفاصيل عن ذلك.
    __________________________
    يُزيِّـل " جيمس" رسالته هذه بالقول:
    إستطراداً إذا ذهبت إلى موقع المتحف البريطانى على شبكة الأنترنت, سترى تفاصيل معرض عن السودان.
    /www.thebritishmuseum.ac.uk/sudan
    و هو العنوان الذى عرضناه فى أحد البوستات بعنوان: " السودان فى المتحف البريطانى".
    و يختم:
    لقد تناولت وجبة الغداء فى " لندن" مع حفيد " روبيرت ثيربيرن" !

    (عدل بواسطة Tanash on 11-23-2004, 08:13 AM)

                  

11-20-2004, 01:17 PM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    بعثت لى " ماريون وولز = Marion Walls" - تلك التى حين بحث "جيمس مكارثى", و هو فى حالةٍ من اليأس عن أى معلومة على شبكة الإنترنت عن "سليم أغا", فوصلته بعد فترةٍ وجيزة رسالة منها, فحواها:
    I am the great, great, great granddaughter of Selim Aga
    = "أنا حفيدة سليم أغا" - رسالةً مُعربةً فيها عن عميق سعادتها للتعرف على شخص من بلاد جَدَّها "سليم التَقَلاوى", و أنها تعتبر جدَّها "سليم" رجل عظيم, و هى تعتز و تفتخر به أيما إفتخار.

    فأرسلتُ لها عشرات الصور من بلاد جَدَّها "سليم التَقَلاوى", و فى المقابل لم تبخل علىَّ بصور عائلته الكبيرة, مبديةً عدم ممانعتها فى نشرها على هذا "البوست" حتى يتسنى للمهتمين بقصة "سليم" التعرف على أُسرته. و سنستعرض هنا بعض منها, بينما وعدت هى بإرسال المزيد من الصور حيث سيستدعى منها الأمر نبش أوراق قديمة بحثاً عن صور أعضاء العائلة القدماء. هذا مع العلم أن "لماريون" بحث عن جَدها "سليم", و عدت بإرساله لاحقاً.
    و الصور بعناوينها الإنجليزية على التوالى كما أرسلتها "ماريون":


    Selim's Grandaughter


    selim's Great Grandaughter


    my Mum( LILy) Selim's Great, Great Grandaughter and my Dad
    والدة و والد "ماريون وولز".

    (عدل بواسطة Tanash on 11-27-2004, 04:05 AM)
    (عدل بواسطة Tanash on 11-27-2004, 04:09 AM)
    (عدل بواسطة Tanash on 11-27-2004, 04:15 AM)
    (عدل بواسطة Tanash on 11-27-2004, 04:27 AM)
    (عدل بواسطة Tanash on 11-27-2004, 04:34 AM)
    (عدل بواسطة Tanash on 11-27-2004, 04:46 AM)

                  

11-22-2004, 07:21 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    لاحظت أن كل الصور المحمَّلة على هذا "البوست" قد إختفت, و لا ادرى ما إذا كانت مُدة حفظها فى موقع "البورد" قد إنتهت, أم أن لذلك علاقة "بالسيرفر" الذى يخدمنى. على كلٍ سأُحمِّل هنا صور لحفيدة "سليم التقلاوى" "ماريون وولز = Marion Walls" - التى بعثت لى بهذه الصور -و إبنها "كِيفْ = Kev", و إذا لم تظهر لى بمجرد تحميلها الآن, سأكتب ملحوظة أدناه بذلك, و إذا لم أكتب هذا يعنى أن الصور ظهرت لى حين تحميلها فى هذا التوقيت:

    صورة "لماريون وولز" حفيدة "سليم التقلاوى", أُخذت فى وقت قريب:

    صورة لإبن "ماريون" "كِيفْ" مع آلة "القِربة = Bagpipes". و قد قالت "ماريون" أن للعائلة عازفين بفرقة هذه الآلة:

    صورة أُخرى "لكيفْ" بعد بلوغه الخامسة عشر من العمر, و هو عمره الحالى, مع كلبه "أوسى". و يرغب "كِيفْ" أن يصبح مُُنتج موسيقى, و هو يتقن الآن العزف على الآلات التالية:Bagpipes, Keyboard, Electric
    Guitar,Bass Guitar , و بعض الإيقاع:


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    لاحقاً سنستعرض رحلة "سليم" إلى "الكنغو", التى وصلتنى اليوم بالبريد, و أعمل الآن على ترجمتها.
                  

11-22-2004, 08:53 AM

AnwarKing
<aAnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 11481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    الحبيب جداً طناش...
    كل عام وانتم بخير...
    رغم مقاطعتي للمنبر هذه الايام الا انني لم أستطيع مقاومة اختفاء الصور من هذا البوست المميز بحق وحقيقي...
    أرجو منك مشكوراً أستخدام هذا الرابط "المعد خصيصاً" لتحميل الصور ومتعلقات هذا البوست, حتى يكتمل بهاءه ونضارته...
    لك الود وملايين الشكر على هذا الجهد وأتمنى لك ولكل مجتهد التوفيق.
    واذا ما واجهتك أي مشكلة, رجاءً لا تتردد فى الاتصال...
    أخوك أنور
                  

11-23-2004, 06:38 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: AnwarKing)

    عزيزى .. AnwarKing

    و أنت بألف خير ..

    أشكرك على العناية و الإهتمام. و كما لاحظت فإن هذا "البوست" بدون صور يفقد الكثير من معناه, و قد كنت فى حاجة ماسة منذ زمن لموقع ثابت لتحميل الصور, عثرت مرة على واحد إلا أنه للأسف لم يسمح لى بتحميل أكثر من صورة واحدة. سأستعين بالموقع الذى تفضَّـلت به لتحميل كل الصور فى هذا "البوست", و سيستغرق منى ذلك بعض الوقت لكثرة الصور. و فى حالة واجهتنى أى مشكلة, و لابد أن يحدث ذلك, سأتصل بك.

    أقبل منى فائق شكرى و إحترامى و تقديرى ..
                  

11-27-2004, 04:54 AM

Tanash
<aTanash
تاريخ التسجيل: 07-29-2002
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بقـية قـصة ... " سـليم أغـا ".. (Re: Tanash)

    شكراً جزيلاً .. AnwarKing على المساعدة, تمَّ تحميل بعض الصورة و سأسعى لتحميل البقية فى الأيام القادمة.
    وافر الشكر و التقدير ..
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de