|
بعيدا عن الخلط ... انه انتصاراً للديمقراطية قبل أن يكون لشداد عضو الانقاذ
|
من وحي انتخابات الاتحاد العام لكرة القدم بعيدا عن الخلط ... انه انتصاراً للديمقراطية قبل أن يكون لشداد (عضو مجلس الشورى الانقاذي)
لا شك أن الجميع تنفسوا الصعداء فور الاعلان عن نتائج انتخابات الاتحاد العام لكرةالقدم بفوز جناح "شداد" على مجموعة النظام الحاكم ممثلة في اللواء شرطة الطيب مختار. وسعادة الفوز يأتي هذه المرة لأنه يمثل انتصارا حقيقيا على النظام الحاكم الذي كشف عن توجهاته بصراحة يحسد عليها مبديا رغبة حقيقية للاستئثار بالرياضة في سياق سباقه المحموم للزمن قبيل مشاركته السلطة للحركة الشعبية وما يتمخض عنها من قسمة قسرية للكعكة. اذا هو لهاث لهو ما يبرر ظهوره السافر في هذه الانتخابات متسلحاً بكامل الثقافة "الانقاذية" في مثل هذه المواقف من ابتزاز للخصوم وشراء للزمم وتكريس لسلطة الدولة. والانتصار بلا شك هذه المرة يكتسب طعماً آخر ، ما أفرزه ممن دلالات واضحة وبما أرسله من اشارات بينة لا تخفى الا على من "تبله" وأدمن خداع الذات. ولا شك أن أولى الدلالات هي أن التيار الديمقراطي ما فتىء من حين لآخر ومتى ما سنحت الفرصة يقتنص الفرصة تلو الفرصة لكي يعلن على الملآ بأنه الخيار الابقى والمفضل للشارع السوداني وأن النظام الحاكم ممثلاً في أتباعه (وتبعه) لا يملك سوى آلية السلطة وجبروتها، وأنها تفتقر للشرعية المزعومة تماماً وأنها في مأزق حرج تماماً لأنها باتت رغم تسلحها بسلطان الدولة وامكانياتها تواجهة العجز تلوالعجز وتلعق الهزيمة تلوالهزيمة. وهو مؤشر لمستقبل في غاية الشؤم لوكان القوم يعقلون.
ولكن ، رغم ذلك يتبقى للانتصار المهم طعم العلقم لأن شداد نفسه بشكل أو بآخر اختار طوعاً ومنذ زمن ليس بالقريب أن يكون جزءاً من من كوادر النظام عندما قبل طوعاً أن يكون عضو مجلس شورته "الاسمي". والعجيب ان يحدث ذلك في وقت سجل فيه شداد انتصارات ساحقة على النظام في ظل عنفوان الانقاذ وجبروتها للدرجة التي بات فيها بطلاً شعبيا ومكان فخر الشارع العام خصوصا في معاركه ضد ممثلي النظام (يوسف عبد الفتاح، نايل ايدام), بعد أن نجح في تحييد النظام وقطع الطريق عليه في سعيه الحثيث لابتلاع الرياضة بشكل كامل . ولكن شداد (كأي مثقف سوداني متشظي) ما لبث ان رمى بكل ذلك وراء ظهره وفضل (تسبيل عينيه) لمغازلات السلطة التي نجحت في خطب وده. هذا من جهه، ومن جهه أخرى – وبنظرة واقعية – يتبقى للانتصار شقه المعنوي المكتسب من تسييس العملية الانتخابية نفسها. ولكن على الجانب الواقعي ومن منطلق تحليلي يجد المرء نفسه غير متفائل بمستقبل الرياضة أو كرة القدم على وجه الدقة لأن شداد هو نفسه شداد المتربع على سدة الاتحاد لاكثر من ربع قرن دون انجاز رياضي حقيقي يحسب كنقلة مهمة في مسيرة تطور كرة القدم. ولكي نكون أكثر دقة فعلينا أن لا نبخس الرجل حقه من حيث المقدرات الشخصية كرياضي أصيل ولكن ذلك ليس كل شيء فالثابت أن الرجل أخلص لنفسه ولتاريخه أولاً وأخيراً ولكن تغلبت عليه انتهازيته حين كرس للتخلف بل جعل منه بمساعدة القبيلة الرياضية ثقافة لا تتورع عن اعادة انتاج نفسها بشكل شائه على المدار اللحظي. وما يجعلنا ننطلق بيقين "انتهازية" شداد هو مقدراته ودرايته بالنهضة الرياضية في كل العالم الذي يحيط بنا والثقافة الحقيقية والمنهجية العلمية التي باتت تحكم تطورها بما يجعلها منجز انساني قابل للتطبيق. ولكن رغم ذلك نجد أن كل تاريخ شداد – موازيا- لنظرائه من حيث هو مزيج من التخلف الرياضي على كافة الابعاد بدءاً من البنيات الاساسية التي لا غنى لآي نهضة عنها مروراً بشكل المنافسات العقيم ونمطية العقلية الادارية ومحليتها المريعة وليس انتهاءاً بكارثية الثقافة الرياضية التي أدواتها اعلام رياضي خائب بكافة وسائطه ومدمر لكافة القيم الايجابية التي مناط بالرياضة تجذيرها في وعي الاجيال. هي باختصار انانية مثقف يرى في تصحيح المسار وتعميم الوعي شراً مستطيراً على وضعه المتفرد نتاج تكلس الواقع الرياضي حتى يظل هو على الدوام "عراباً" أوحداً للرياضة السودانية المتهالكة.
اذا هي انتخابات من شاكلة (فسر الماء بالماء بعد جهد) رغم وعينا بمضمونها المعنوي الهام من حيث اسهامها في كسر عنجهية السلطة الحاكمة ولكن من المهم كما بينا أن نموضعه في مكانه الحقيقي من حيث أنه لا يقيل كرة القدم السودانية من كبوتها المزمنة طالما أنها اسيرة لذات العقليات التي اسهمت في فرملتها ولذات الثقافة التي لا تجيد سوى اعادة انتاج كل ما هو شائه وقبيح. وحتى اشعار آخر لا نملك سوى أن نمني النفس بأزمان متفائلة تستمد رسوخها من تهشيم كل ما هو متعفن ومنطلقة من رحابة عولمة المعرفة لا من ثقافة الاسرار وشذاذ الآفاق.
عبد الخالق السر 5/8/2004
|
|
|
|
|
|