الشمس غابت روحت-الرحلة الحزينة للاستاذ عبدالقادر داؤود-في رثاء والدته.....

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 11:05 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-31-2004, 12:26 PM

مريم الطيب
<aمريم الطيب
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 1356

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الشمس غابت روحت-الرحلة الحزينة للاستاذ عبدالقادر داؤود-في رثاء والدته.....

    الشمس غابت
    الأحد 27 يونيه 2004


    منذ أن استقر بي المقام في منطقة الخليج وأنا أكثف من الاتصال تليفونيا بالوالدة للاطمئنان على صحتها , ولكن قل هذا الاتصال لصعوبة الخطوط وأصبح الاتصال أسبوعيا فقط , وكانت الحالة الصحية بين هبوط هذا الأسبوع ثم صعود الأسبوع التالي ثم هبوط وهكذا حتى أصبحت أعلم الإجابة قبل الاتصال فهذا أسبوع الصعود أو العكس,إلى أن تغير الجواب فجأة إلى هبوط ثم هبوط ثم غيبوبة مما جعلني أطلب إجازة طوارئ , وحسب النظم المتبعة طلب منى تقرير طبي عن حالة الوالدة ولكنى اعتذرت نظرا للقلق وضيق الوقت ووعدت بأن أحضره معى عند عودتي. مساء الجمعة واتصلت تليفونيا بالقاهرة حيث تعالج الوالدة من مدة , ثم اتصلت بالأخ صيام في قطر لعمل حجز لي على طائرة إلى القاهرة بعد ظهر السبت حيث أن الطائرة العسكرية التي ستقلنى ستغادر صباح السبت إلى الدوحة وهى الوسيلة الوحيدة للخروج من هنا , وكنت قد تعودت عليها وأصبح ركوبها مثل ركوب الأتوبيس أو القطار, وللعلم إن الطائرات العسكرية ليس لها موعد إقلاع مثلها مثل قطار كريمة أو الخطوط السودانية, انتظرت إقلاع الطائرة منذ الصباح إلى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل, وكنت قد أبغلت الأخ صيام عدة مرات بتغيير موعد الحجز إلى القاهرة ليتناسب مع الموعد المحتمل لقيام الطائرة العسكرية.حضر قائد الطائرة لإعطائنا التعليمات قبل الركوب , وكانت هذه المرة مختلفة حيث أعلن بأنه ستسافر معنا جنازة ( نعش) ومن لديه مشكلة مع هذا الوضع عليه انتظار طائرة أخرى, قلت فى نفسى هذا فأل سىء لم أنا فيه من قلق على الوالدة ثم استغفرت الله واستعذت به من الشيطان وركبت الطائرة , وجلسنا كالعادة على جانبي الطائرة وأمامنا النعش مسجى على الأرض ومغطى بالعلم, دعوت له بالرحمة والمغفرة وأنا لا أدرى من يكون أو من أي ملة ولكن المهم عندي هو إنسان ضحى بحياتة في سبيل الوطن ,هبطت الطائرة في الكويت لانزال النعش وهنا طلب الكابتن من الجميع الوقوف كما اصطف طابور من الجنود على أرض المطار وتقدم ستة جنود لحمل النعش وفى لحظة خروجه من الطائرة صاح القائد بالتحية , وكانت أول مرة أشاهد تحية عسكرية للجنازة , وهى أن يرفع الجنود اليد اليمنى ببطء ء شديد حتى تصل إلى الجبهة , تستغرق حوالي نصف دقيقة أو أكثر, هذه الحركة البطيئة مع سكون الليل تثير فعلا غصة في الحلق ونغصة في القلب وحزن عميق وتستمر التحية الى أن يوضع النعش فى سيارة وتنطلق به بعيدا حتى يتم انزال الأيادى بنفس البطء, هذا الجو العام من الحزن والكابة بالاضافة الى القلق على الوالدة فاجأنى بانهمار دموعى بغزارة لا اراديا فاخرجت المنديل أكفف الدموع ولم يخرجني من هذا الجو سوى صوت القائد يسأل إذا كان هناك من يريد الذهاب إلى دورة مياه المطار قبل الإقلاع فذهبت على الفور وغسلت وجهي واستغفرت ولكن القلق كان مستمرا,هبطنا مطار الدوحة العسكري في الخامسة صباحا فاتصلت فورا بالقاهرة واطمأننت قليلا ثم اتصلت بالأخ صيام لمعرفة بيانات الحجز الذي علمت أنه في الثانية عشر ظهرا, خرجت من مطار القاهرة حوالي الرابعة عصرا وكنت أول الخارجين حيث أنه ليس معي حقيبة سفر,فقط حقيبة يد صغيرة بها بعض الضروريات, اتصلت تليفونيا من التاكسي واطمأننت قليلا وعند وصولي البيت كانوا في انتظار الطبيب بسبب هبوط جديد في الضغط فقام الطبيب بعمل اللازم ولكنه قال يجب أن تعلموا إنها في النزع الأخير والمسالة مسألة وقت, ادعوا لها , أجهش الجميع في البكاء وكنا نحاول أن نكلمها بقدر الإمكان ولا ندرى أن كانت تسمعنا أم لا,كنت أنظر إليها على السرير ويتراء لي منظر النعش في الطائرة وأفيق لأراها على السرير مرة أخرى وكأن هذا النعش كان إنذارا لم سأواجهه في نفس اليوم, كان البعض يدعى والبعض يقرأ القران والبعض يبكى وبعد حوالي ساعة توقف التنفس فتم استدعاء الطبيب مرة أخرى الذي أكد الوفاة رسميا.
    وسط الدموع تراءى أمامي ما يشبه شريط سريع للذكريات, البيت القديم في حي المنيرة عندما كانت تصحبني إلى زيارة أولياء الله مثل السيدة زينب وسيدي زين العابدين وكان ذلك يتم مشيا وكنت أسعد جدا عندما تكون الزيارة الى سيدنا الحسين والسبب أنه سنركب الترام وكنت أرفض أن أركب معها في عربة النساء وأصر على الركوب في صالون الرجال مسببا لها القلق, كما كنت اخذ منها النقود لأدفع التذاكرللكومسارى , تزكرة ونصف (طبعا النصف لى) وقول له الست فى الصالون ثم أضع رجلا فوق رجل وأرسم الجدية على وجهى, وهى تعطينى التحذيرات بأن أجلس بعيد من الباب وان لا أنزل قبل أن تناديني وأتا أقول أناعارف المحطة , دون أت أدرى أن هذا يزيد من قلقها,وأيضا أتذكر يوم الخبيز حيث يتم العجين في حوش المنزل أو ما تسميه بئر السلم , ثم أذهب لإحضار عامل الفرن الذي أشتهر باسم عبده الرقاص لأنه كان يربط حبلا على وسطه ربما ليساعد ظهره على تحمل ثقل ألواح العجين فتجعله عندما يمشى وكأنه يرقص,ثم نتخطف أنا وأخوتي وأبناء الجيران أرغفة صغيرة أعدتها لنا تسميها ( الحننون) نأكلها وهى ساخنة بعد أن ترش داخلها بعض السكر, تذكرت أيضا يوم الزبدة والذي كانت تصنع فيه خزين السنة من المسلى البلدي المعتبر (قبل أختراع كلمة كولسترول) وتعم البيت رائحة زكية , وأيضا يوم المسقعة حيث نخطف الباذنجان المقلي ونعمل منه ساندوتشات مما يثير غضبها وقد يتسبب فى أفساد الطبخة, فتجرى وراءنا حيث نسرع جريا وقفزا نزولا على السلم فتلاحقنا بم يتيسر إلى يديها من الشباشب والقباقيب , وكنت ألاحظ أنها تهددنا فقط لأن هذه القذائف لم تصيبنا في أي مرة, تتبعها بتهديد بأنها ستخبر الوالد(يرحمه الله) عندما يحضر وننتظر بعض الوقت لفترة نقدرها أنها هدأت فنلملم المقذوفات ونصعد إليها نستسمحها ونحلفها بأولياء الله الصالحين أن لا تخبر الوالد , ولكن الطامة الكبرى أن يصادفنا الوالد أثناء الهروب الكبير وتوالى القذائف إياها , فنحاول بكل الوسائل أن نبرر فعلتنا بالكلام والبكاء وهو لا يرد حتى يصل إلى الشقة فنقف خلفة ونحاول أن نستعطفها بالحركات من أيدينا وتعبيرات وجهنا حتى لا يرانا الوالد , فتحاول أن تخفف من المشكلة, فتقول إنها عاقبتنا , أما إذا تقرر العقاب فلديه وسيلتان أطلق عليهما أسماء بعض الحلويات,فواحدة هي الملبن وهى حلوى طرية تنتشر في احتفالات المولد النبوي الشريف والأخرى نبوت الغفير وهى حلوى شعبية جافة كانت معروفة تلك الأيام في الخمسينات من القرن الماضي , والعقاب ليس فيه من الحلوى سوى الاسم فالملبن هو سوط عنج لين له لسعة رهيبة , اذا أصابتك على مؤخرتك فهذا يعنى أنك لن تستطيع الجلوس لساعات , ونبوت الغفير خيزرانة رفيعة لاتقل لسعتها عن الملبن وكان يصر علينا أن نختار وسيلة العقاب وكلاهما مر , وبعد العقاب نتألم ونبكى بعض الوقت ثم ننسى الأمر كله ونبدأ في الشقاوة مرة أخرى.
    تذكرت عند مرضى فكانت تأخذني إلى مستشفى الأطفال المعروف بأبو الريش وتشترى الزجاجة الفارغة من البائعين أمام باب المستشفى لأن المستشفى يصرف الدواء ولا يصرف الوعاء, وكان هناك صنفين من الدواء يصرف لك أحدهما أو كلاهما (حديد وزرنيخ والثانى راوند) كما تذكرت سهرها الليل تعمل الكامدات بالماء البارد والخل لتخفيف درجة الحرارة, وأيضا مشكلة الحمام والذي كنا نتهرب منه ليس كرها في النظافة ولكن بسبب الكدمات التي تنتشر على الجسد نتيجة السقوط أثناء اللعب وخاصة منطقة الركبة والكوع وعندما تقوم هي بدعك الجسم نبدأ الصراخ بلاش الحته دى وكمان الحتة دى ودى وتقف هي ناحية الباب لمنعنا من الهرب عرايا. وتذكرت عندما كانت توقظنا صباحا للذهاب إلى المدرسة ونتهرب من القيام لكسب دقائق من النوم اللذيذ والعجيب أننا كنا نصحوا يوم الجمعة مبكرا بنفسنا حتى قبل موعد الايقاظ اليومي ولم أجد تفسيرا لذلك حتى الآن. تذكرت أيضا التعليمات المشددة بغسل اليدين قبل الأكل وقول بسم الله وأيضا قول الحمد لله بعد الأكل والتي كنت أنساها دائما وعند لومى أرد بأني لم آكل الفاكهة بعد وكأن الحمد لله لا تجوز قبل التحلية. أذكر حرصها على الصلاة وأداء سجدتي السهو في كل صلاه بالرغم من أداءها الصلاة كاملة ,حتى في آخر أيامها وهى على السرير بين الصحو والغيبوبة كانت تحرك يديها وكأنها أمام الصنبور تتوضأ, كما واظبت على الصيام طوال سنوات مرضها بالرغم من تعليمات الطبيب لها بالإفطار.وكانت لها أكلات مميزة اشتهرت بإتقانها هي الملوخية والأرز والكنافة , شهد لها الجميع بها حتى بعد أن توقفت عن دخول المطبخ كنا نطلبها منها في المناسبات.
    تراءت لي هذه الذكريات كشريط سينمائي سريع العرض يحصد أعواما في لحظات وكأني أتشبث بهذه الذكريات عوضا عن فقدان صاحبتها ولم يخرجني من هذه الحالة سوى صوت أدندانى يحدثنى عن اجراءات الجنازة وتصريح الدفن الذى ذكرنى بوعدى لقائد المعسكر بانى سأحضر له تقريرا طبيا عند عودتي هاأنذا سأعود معي بدلا عنه شهادة وفاة , وتواصل جريان الدموع.
    يرحمك الله يا أمى رحمة واسعة ويسكنك فسيح جناته إن شاء الله.
    شعرت بضيق في التنفس ففتحت النافذة وكان الظروف جميعها تعمل فى نفس الاتجاة , وجدت امامى منظرا يثير الشجن لغروب الشمس وكانه يؤكد النهاية بصدق و بحزن عميقين .

    راح النهار
    والعتمة عمت عا الجوار
    والشمس أخدت ضيها
    رحلت بعيدة عن الديار
    سابتنا من غير وداع
    وبدون أمل فى الانتظار

    الشمس غابت والظلام عم المكان

    والحزن خيم عا الشجر
    وعلى الأنام
    والطير لأعشاشه هجر
    والزهرة فقدت عطرها ونضرها
    الدمعة جمدت فى العيون........ زى الجحر
    والنفس سأمانه ضجر
    اليوم ده أصعب امتحان
    وكأننا آخر الزمان
    آه يا زمان

    الشمس غابت روحت
    أخدت همومها وحزنها
    اخدت فرحها ودمعها
    اخدت حنينها وعطفها
    راحت الى أبعد مكان
    وسابتنا نحلم بالأمان
    بتاع زمان
    نحلم بأننا فى زمان
    نطلبها وتلبى قوام
    ناخد كتير ونقول كمان
    وهى تدينا بكرم
    وبكل حنان
    زيها زى الغمام
    ومطرها يطرح فى القلوب
    ورد وحنان
    وزهور وحب وعطفها ونبت الريحان
    وتغنى وتقول نيننا نام
    وأجيبلك جوزين حمام
    ماتخافشى يادى الحمام
    أنا بضحك علشان ينام
    آه يا زمان


    ونصحى م الحلم اللى كان
    نلقاها نايمة فى سلام
    نايمة هنا
    لا موش هنا
    فى غير مكان
    أبعد كتير من أى مكان

    الفرحة غابت بى غيابك يا أمان
    يابحر من عطف وحنان
    ياكل شىء حلو فى حياتنا
    يا طيبة
    انتى بعيدة قريبة
    سبتى فراغ مايتمليش ياحبييبة


    مع السلامة
    وسلام أمانه
    للحبايب فى البعيد
    بلغيهم
    من يوم بعدتوا...... وضاع من أيامنا عيد
    وقوليهم انتوا فى فكرنا
    مكانكوا فى صميم الفؤاد
    ليكوا وحشة
    ولله طولتوا البعاد
    اوعوا تفتكروا مشاغل الدنيا
    أو فى زحمة بلاد
    انى نسينا
    مستحيل ولا عمره كان
    انتو دايما قبل كل الأهتمام
    زى زمان
    والنهاردة جت لكم بدر التمام
    استقبلوها فرحانين
    حوطوها بالمحبة والحنين
    طمنوها انشاء الله من الموعودين
    خليكوا دايما جنبها
    لأنها
    الحب جارى فى دمها

    انتوا عارفين هيا غالية عندنا
    كرموها لى خاطرنا وربنا

    ياطيبين
    وسيبونا للحزن الدفين
    ندعيلكوا بالجنه...... آمين
    ندعيلكوا بالرحمة.... آمين


    سابتنا
    ليكم سافرت من غير ميعاد
    من غير أمل تانى فى ميعاد
    ونوت تطول فى البعاد
    وتقول لنا عدوا يا ولاد
    على وشها كان فيه ابتسامة
    فيا الف والف معنى
    مرة حزن ومرة فرحة مرة مسحة من ايمان
    مرة رهبة مرة احساس باللأمان

    انتوا عافين هيا غالية عندى كم
    اللى شالت عنى هم
    اللى مسحت عنى حزن وكل هم
    راحت سابتنى للزمن

    سافرت أيوه للبعاد
    من غير ميعاد
    لكن حنتقابل هناك
    حتما حنتقال هناك
    فى يوم حنتقابل هناك
    من غير ميعاد
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de