|
|
 الخداع القصدى : الجانب الماكر فى أيديولوجية الإنقاذ: ابراهام مدوت باك دين
|
الخداع القصدى : الجانب الماكر فى أيديولوجية الإنقاذ
الخداع القصدى : الجانب الماكر فى أيديولوجية الإنقاذ
ابراهام مدوت باك دينق
وينيبيك/كندا
[email protected]
الملاحظ فى الخطابات السياسى لدى الحركات الإسلامية عموما، أنها لا تحمل فلسفة واضحة للنهوض والتقدم الذى يقوم على تجديد المشروع الدينى والسياسى،أو مشروع الدولة فى العالم الإسلامى ودور الإسلام كدين فىهذا المشروع ، إنما الغالب فى ميولهم هوالإنتقاء والتردد بين مفهومى الإصلاح والإحياء والتمحور حول مفهومى الأصالة والنقاء. إذ يبغون بالإحياء - والتى ترجح كفة الميول عندهم- إتباع نهج التأصيل والذى يعنى مكافحة التغريب سعيا وراء الهوية النقية ، أى العودة المباشرة للكتاب والسنة . لذلك إتسمت أدبياتهم بالهجوم على الغرب كمصدر للإنحطاط والضعف الذى يكمن فى إنهيار مشروع الدولة الإسلامية ، وأصبح الهجوم على التبشير والإستشراق موضوعين محببين عندهم.
أصل المشروعية فى الاسلام عند الإحيائيين - كما يقول رضــوان السيد- يقوم على الشريعة وليـس على الجمــاعـة مما يرهن جماعة المسلميين لحاكم مستبد أو قلة تحتكر الحقيقة والشريعة عكس الفقهاء المسلــمين قديما ، الذين يرون أن الجماعة المعصومة التى تحتضن الشريعة هى الأصــل فى المشروعية .
حركة الإسلام السياسى فى السودان ، كحركة عقائدية أصولية ، لا تختلف كثيرا عن الحـركات الإســلامية المنتشرة فى أرجاء المعمورة من حيث التخلف الفكرى والجهل بتطور تاريخ حركة الإصلاح الدينى والسياسى التى إنتهجها السلف من أصحاب الفقه الإسلامى بالتدرج إلى عهد الأفغانى ومحـمد عبدة والطهطاوى وغيرهم من العلماء الذين لم يغشاهم الضمور الفكرى ، بل إتخــذوا من الإجتهاد سنة لترويض الجــهل والتخلف . بل وأكثر من ذلك، إنها حركة حاصـــرتها "نستولجيا" الحنين إلى عهد الصلاح فى صـدر الإسـلام وخـلافة عمـر بن عبد العزيز فى محاولة واضحـة لإلغاء الإختلاف الزمنى بما يحمل من تغيرات فى البنية الفكرية والمزاج الإجتماعى للإنسان المسلم المعاصر.
وفى نبشهم لمخزون التاريخ الثقافى والروح الإجتماعية السائدة فى عهد الخلافة لم ينتشلوا غير المحورية العصبية والحـساسية المفرطة المغلف بالشهوة تجاه سلوك ومظاهر النساء الذى أصبح كابوسا يؤرق مضاجعهم وصفوة أحلامهم. لذلك إتسم الخطاب السياسى لحكومة الجبهـة منذ إعتلائها على السلطة بالعنصرية وشكلت الإنتقائية والقصدية الهادفة طابعة وقد صارت ملامح هذا الخطاب أكثر وضوحا فى الآونة الأخيرة ، خاصة مع إشتداد حدة الجدل حول نقاط الخلاف الهامة فى محادثات السلام السودانية ، وشكل موضوع العاصمة وإقتسام السلطة بالإضافة الى موضوع المناطق الثلاثة العتبة التى ظهرت عليها النزعة العنصرية لأيديولوجية الجبهة دون أغفال جذور تلك النزعة الممتدة إلى بدايات عهد الإنقاذ وتعاملهم مع حرب الجنوب.
قهوة شندى وإباحة نساء الشمال:
رغم أن الخطاب السياسى الرسمى منذ إستقلال السودان تجاه بناء الدولة السودانية ، كان يتضمن فى كثير من جوانبة شكل من أشكال النزعة المحورية العنصرية ضد بعض الإثنيات ، إلا أن حكـومة الجبهة كانت بمثابة الجهة الأكثر راديكالية فى إستعراض الجانب العنصرى من أيديولوجيتها، إذ لم يتوانى قادتها، عبر تصريحاتهم السياسية والخطب العامة ، فى إستعراضه . وقد إستخدموا شتى الوســائل والآليات بما فى ذلك الغش والتضليل لتمكين هـذه النزعـة حتى أصبح نزعة الإستعلاء العنصري والتمييز على أساس الدين أومحابا بعض الأثنيات على الآخر جزء أساسى للتصورات الجمعية والثقافية لعدد لا يستهان به من السودانيين ، خاصة المنتميين لعناصر الجبهة ، إذ تقول لهم العقائدية والأيديولوجية أن ذلك كلة يعتبر مساومات وتسويات على حساب دين الله وشرعه.وقـد صاغوا عبارات وأطلقوا الشائعات ضمن إستراتيجيتهم الشاملة الموضوعة لمجابهة الحركة الشعبية لتحرير السودان .
شرب القهوة وإباحة نساء الشمال لجنود الحركة الشعبية لتحرير السودان، واحد من أكثر الشاعات التى تدغدغ النفوس المشحونة بالكراهية تجاه الحركة وقائدها ، وهى عبارة كثيرا ما تنسب إلى الدكتور جون قرنق فى كتابات المطبلين لخطاب الجبهة العنصرى من الكتاب والمثقفين الشمالين، و تحمل هذه العبارة مضامين ودلائل تعكس إنتقائية الجبهة وهدفيتها فى بث وتسريب نزعتها الإستعلائية العنصرية لغرض التشويهة والتمكين والسيطرة على العقول . وأنه من الغباء أن يستهين المرء بعبقرية الجبهة فى إختيار العبارة والمفردات المستخدمة فـيها لرجم وإستئصال الآخر وما يحملها من دلائل و مضامين ، خاصة وأن الجبهة فى فترة إعداد نفسها لحكم السودان ، قد هيأت نفسها ، بالدراسة والفهم المستفيض للصفات الذهنية والوجدانية التى ترتكز عليها المزاج الشعبى فى السودان بشقيه الشمالى والجنوبى.
إختيارهم لشندى لم يأت صدفة . شندى أرض الجعليين، أولاد عباس حيث الشهامة والمرؤة والشجاعة التى إتصف بها المك نمر ومساعد وفـيها كسرت شوكة الغزو التركى بإغتيال إسماعيل باشا على يد الأشاوس من أولاد جعل أهــل الفريق عمر البشير (الويل لكم يا دينكا .لا يفل الحديد إلا الحديد يا أبناء الجد . قرنق عسكرى ونحن عساكر) هذه هى الرسالة ، واضحة من حيث المضمون والدلالة والذهنية التى إرتكزت عليها. لكن ليس هذا هو المهم فى الأمر. المهم هو، هل حقا صدرت هذه العبارة الشهوانية من الدكتور جون قرنق؟ إذا كانت الإجابة نعم فمتى وأين وفى أى مناسبة ، وهل يمكن تقديم دليل قاطع يثبت المكان والمناسبة والظرف؟.
هناك قرائن كثيرة تشير إلى أن هذة العبارة لم ترد على لسان الدكتور قرنق ، منها أن " القهوة " ليست من المكيفات الشعبية فى الجنوب بالإضافة للخلفية الثقافية لقبائل الجنوب ، خاصة القبائل النيلية ، ومفهومهم للمرأة والجنس بحيث يصعب تحفيزهم على القتال بغية حصولهم على المتعة الجنسية ، علما بأن الجنوبيين، فى كثير من الأحايين أكثر تسامحا فى ما يتعلق بالمسـائل الخاصــة بالعلائق الجنسية من إخوتهم فى الشمال ، مفهوم المرأة عند الدينكا مثلا ، كونها حاضنة ومصدر ثروة هو الذى يشكـل الحضور الفعلى فى المزاج المجتعى عند الدينكا والقبائل النيلية الأخرى ، لذلك يصـعب أن يقع إشتباك بين أفراد هـذة القبائل بسبب الإنحرافات الجنسية إلا أنهم يسرعون إلى الشجار فى حال الإختلافهم حول عائدات هذة الإنحـرافات أو الزواج ، لذلك تجد أن مسائل مثل الزنا أو الاغتصاب وحتى وجود طفل غير شرعى لا يشغل بال الدينكاوى كثيرا طال ما إنه يمكن تسويتها بدفع أبقار (سبعة أبقار فى حال الزنا) بل ويستهجنون أى إشتباك يقع حول ما يتعلق بهذه المسائل، إذ يعتبرونها تافهة . هذا لايعنى غياب القيم الخلقية والضــوابط الإجتماعية ، فهذة القبائل-عكس مايعتقد أهل الإنقاذ- مازالت ثقافاتها تدعو أفرادها الى التمسك بالقيم والخلق النبيل رغم ظروف الحرب.
هذا المثال يوضح أن للجماعات البشرية أهداف ومواقف عقلانية متباينة ، وأنهم غالبا ما يخططون بغية إنجاز هذة الأهداف وأن تصرفاتهم تعكس حالاتهم الذهنية وبالتالى من واجب القيادة السياسية أن تستقرأ الذكاء الإجتماعى لجماعاتها لوضع إستراتيجية تحقق بها تلك الأهداف سواء أن كانت أهداف سياسية أو إقتصادية أو مكاسب عسكرية نابعة عن نشاطهم العدوانى ، فالثقافة والتصورات الجمعية هى التى توجه السلوك ولا يمكن لأى تعبير أو فعل إجتماعى مهما كانت دلالتة ، أن يكتسب أهمية لدى مجموعة بشرية مالم يتسق مع المضامين الثقافية وأطر الحياة الإجتماعية الفعلية بكل ما فيها من تواصل وفهم وإبتكار. لذلك يصعب على المرء فى الظروف العادية أن يستسلم الى الإعتقاد بأن قرنق عندما يخاطب جنودة ، كان يعتبرهم مجرد أفراد خاضعين لوجود جمعى أو خاضعين لإعمال عقل طليق غير مجسد ثقافيا بحيث يسهل دفعهم للموت بدافع الحصول على المتعة الجنسية ، ولا يغريهم فىذلك حتى بنات الحور ناهيك عن بنات الشمال.
علمانية الخرطوم وفتح أندية الشذوذ الجنسى:
السياسة والجنس؛ ما من شىء يجمعهما فى ألذهن الجمعى لعناصر الجبهة سوى التضليل . وقد كانت الفرصة مواتية لهم للمزايدة دفاعا عن أيديولوجية فقدت بريقها وقوتها الدافعة. نظام لم يبق من برنامجة غير حماية العروض والفروج . ترى هل للنفاق معنى آخر؟ .
مناورات الجبهة والضجيج التى صمت بها الآذان حول وضعية العاصمة كانت بمثابة دعاية تنم عن عنصرية بغيضة دأبت قيادات الجبهة منذ مجيئهم الى السلطة على ترويجها لكسب الشمال فى حربها ضد الحركة الشـعبية لتحرير السودان والقبائل العربية ضد القبائل غير العربية .
حجج الإنقاذيون لرفض قومية العاصمة وتصريحاتهم حولها تعكس نمط الخطاب العنصرى الذى يحاول تشويه صورة الآخر لتعميق الكراهية وزيادة حدة النفور بين الشماليين والجنوبيين وخلق جو ملائم لتبرير خططها الرامية لفصل الجنوب الكافر- ذات القيم والأخلاق غير الإسلامية- حتى يخلو الجو لنمو مجتمع معافى من الأمراض الإجتماعية فى الشمال المسلم . وقد قال احد وزرائهم فى هذا الصدد أنه لايذيـع سرا إذا قال: أن الجنوبيين هم الذين يصنعون الخمور البلدية فى الشمال وبالتالى إذا إنفصل الجنوب فإن صناعة الخمور ستزول فى الشمال. وفى هذا تبسيط مخل لهموم وقضايا الوطن . ولكن التطور غير العادى الذى إستثمرها الجبهة لصالح هذه البذاءة الفكرية هو إنضمام عدد كبير من الكتاب والمثقفيين الشماليين إلى خط الجبهة العنصرى والتسامح مع سياساتها التى حتما ستنتج عنها إنفصال الجنوب.
وقد بدأ هذا النمط الرخيص من التضليل الأيديولوجى العنصرى يزداد حدة فى الآونة الأخيرة مع إشتداد الخلاف حول المسائل الرئيسية المطروحة على طاولة المفاوضات خاصة موضوع العاصمة وتقسيم السلطة. فراحوا فى كثير من المناسبات يطلقون تصريحـات مجافية للأخلاق وأدب السياسة .
وفى هذا الصدد إختزلوا مطالبة الحركة الشعبية بقومية العاصمة فى صون حق الجنوبيين فى ممارسة الدعارة وشـرب الخمر ولعب الميسر وفتح أندية الشـذوذ الجنسى، فى إشــارة واضحة للمواطن الشـــمالى بأن هذا هو الســـلوك والخلق الطبيعى الذى وجد عليه الجنوبيين. إنة إســقاط مخــل لسـلوك الـذات، لأن عادة الشذوذ الجنسى غير منتشرة فى السودان والجنوب بالذات أبعد عنها بكثير . هذه العادة لم تظهر إلا فى فترة حكم الجبهة ، فـهم أول من فتح أندية الشــذوذ الجنسى فى السودان (سميت بيوت الأشباح) فى أول سابقة من نوعها فى تاريخ العنف السياسى المستخدم ضد الخصوم السياسيين، إذا إستثنينا "الخازوق" الذى جاء مع الإ حتلال التركى .
الأتراك - وهم أجانب وغزاة - كانوا يحشرون الخازوق فى مؤخرة ضحاياهم من السودانيين المعارضيين لنظامهم الغازى . ورغم بشاعــة الفعل ، إلا أن كونهم أجانب وغزاة، يجعل ذلك الفعل الجبان أقل وطئة على نفوس الشرفاء المناضليين من أبناء السودان فى ذلك العهد ، لكن هذا السلوك الشائن قد جاء هذه المرة من أبنا الجلدة ،
وزارات السيادة....وهل هنالك سيادة بعد مشاكوس؟
يتساءل المرء كثيرا عن معنى السيادة فى حال إدارة الدولة بنظاميين وجيشين، ومع ذلك،إمعانا فى بث الكراهية وزيادة النفور، لم يتوان وزير خارجية الجبهة مصطفى إسماعيل فى إستعراض الإستعلاء العرقى الأجوف، فصرح فى القاهرة بأن وزارات السيادة ليست من نصيب الجنوبيين.
لا أعـرف ما إذا كان هناك جنوبى يمكـن أن يستفزه ذلك التصـريح . لكــن المؤكد هو أن هذا التصريح يمكن أن يكــون له أثر سلبى إذا كان هنالك فرصة تركتها الجبهة بأن تكون الوحـــدة الخيار المـفضل للجـــنوبيين . إلا أنه مع ذلك، قــد تسعى الحـــركة الشـــعبية حتى آخــــــر لحـــظة، أيمــانا منها بالوحـــدة ،إلى المــطالبة بتولى جـنوبى منصــب ســـيادى لإغراء الجنوبيين لتخير الوحدة كما فعلت مع موضوع العاصــمة القومــية التى أرادتها عاصـــمة لكل السودانيين بينما أرادتها الجبهة عاصــمة للمسلميين. لكــن المهم فى الأمـــر هـو هـل هنالك وزارة بقت للســيادة بعد مشاكـــــوس؟ وهــل يمكــن لبكــرى حســن صالح ، بحـكم منصبة كوزير للدفاع أو الرئيس عمــر حســن البشير القــــــائد الأعلى للجيش أن يصـدر تعليمات تأمــر بنقل كتيبة مـــن جيش الحــركة من رومبيك إلى الفاشــــر؟ أنا شخـــصيا أشــك فى ذلك كثيرا. وما على إلا أن أنتظر لأرى ما سيفعله وزير المـــالية السيادى فيمــا يتعــلق بوجود نظام مصرفى علمـــانى فى الجنوب يتعامــل بالربا وآخر إســلامى فى الشمال يمقت الحـرام وكيف ســيكون موقفه وهو يجــيز ميزانية ســـنوية ذا وجهين حلال وحرام بعد العهد الذى قطـعه مع الله ونفسه بإتباع الهدى
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الخداع القصدى : الجانب الماكر فى أيديولوجية الإنقاذ: ابراهام مدوت باك (Re: merfi)
|
| Quote: وأنه من الغباء أن يستهين المرء بعبقرية الجبهة فى إختيار العبارة والمفردات المستخدمة فـيها لرجم وإستئصال الآخر وما يحملها من دلائل و مضامين ، خاصة وأن الجبهة فى فترة إعداد نفسها لحكم السودان ، قد هيأت نفسها ، بالدراسة والفهم المستفيض للصفات الذهنية والوجدانية التى ترتكز عليها المزاج الشعبى فى السودان بشقيه الشمالى والجنوبى. |
| Quote: لذلك يصعب على المرء فى الظروف العادية أن يستسلم الى الإعتقاد بأن قرنق عندما يخاطب جنودة ، كان يعتبرهم مجرد أفراد خاضعين لوجود جمعى أو خاضعين لإعمال عقل طليق غير مجسد ثقافيا بحيث يسهل دفعهم للموت بدافع الحصول على المتعة الجنسية ، ولا يغريهم فىذلك حتى بنات الحور ناهيك عن بنات الشمال. |
ذكى و لماح
يستحق القراءه
| |
|
|
|
|
|
|
| |
merfi
jini
nadus2000
Yasir Elsharif
Deng
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست