|
|
 تحديات زوجية بعد الطفل الأول
|
تحديات زوجية بعد الطفل الأول
يواجه العديد من الأزواج ممن ينظرون إلى الحياة نظرة وردية الكثير من المصاعب عندما يرزقون بالمولود الأول
بقلم: آن ويلوبي
أكتوبر 2005
مصطلح "زوجان عاملان بلا أطفال" يُطلق على الكثير من الأزواج الأميركيين الذين يعملون بدوام كامل دون قيود عائلية، وبسعهم إنفاق الكثير من المال على الإجازات والترفيه وشراء الملابس وارتياد المطاعم، فضلا عن التغني بالحب ونعيم الحياة وملذاتها.
لكن ما الذي يحدث حين يتأهب الأزواج للانتقال من هذه المرحلة وبناء أسرة؟
تقول آليسون (31 عاما) وهي أم متفرغة لتربية ابنتها البالغة من العمر عامين: "ظننتُ أن الحياة ستكون أحلى".
وتضيف هذه الأم المقيمة في بلدة بينتفيل بولاية أركنسا، قائلة: "لقد تخيّلتُ كم ستكون الحياة حلوة ونحن نرى هذا المخلوق الذي أنجبناه سوية ينمو، لقد اعتقدتُ أنا وزوجي أن زواجنا سيكون أكثر سحرا من أي وقت مضى".
المولود الجديد، في الواقع، يجلب معه مزيدا من البهجة والحميمية والحب للأزواج، كما تقول كريستينا بلاكليج أخصائية الاستشارات العائلية في بلدة أنثيم بولاية أريزونا، "لكن هناك أيضا بكاء الطفل المستمر والإرهاق الذي يصيب الوالدين وما إلى هنالك" ما قد يفاجئ حتى أكثر الأزواج سعادة.
أضف إلى ذلك الضغوط المالية والتحوّلات المزاجية الناجمة عن عدم استقرار الهرمونات، للرجال والنساء على حد سواء، وطائفة أخرى من المهام والأعباء المنزلية وتوقف الحياة الجنسية تقريبا، وستتغير الصورة الوردية التي كان يحلم بها الزوجان قبل تسعة أشهر.
توقعات كبرى
تؤدي الأبوة إلى انقشاع الكثير من الأوهام خاصة في ما يتعلق بالتوقعات عن كيف ستكون الحياة بعد قدوم الطفل، كما تقول كارولين كاوان أستاذة علم النفس الفخرية في جامعة كاليفورنيا-بيركلي، والمؤلفة المشاركة لكتاب: "حينما يصبح الأزواج آباءً: التغيرات الحياتية الكبرى للأزواج" When Partners Become Parents: The big life change for couples.
وتضيف كاوان: "يعتقد الكثير من الناس أنهم سيكونون مختلفين عن آبائهم من حيث توزيع مهام الأعمال المنزلية. إنه وضع تختلف فيه التصورات عن الواقع. ففي الكثير من الأحيان لا يوزع الزوجان الأعمال المنزلية بالتساوي بينهما قبل مولد الطفل، ومع ذلك فالأزواج يصابون بخيبة الأمل حينما لا تكون هذه الأعمال موزعة بالتساوي بعد مولد الطفل".
وتقول كاوان إن حديث الأزواج مع بعضهم البعض عن توقعاتهم قد يساعدهم في توقّع أو استباق ما قد يشعرون به في وضع مشابه. ويحتاج الأزواج أيضا إلى التدقيق في توقعاتهم من ناحية أساليب التربية وكيف يريدون للطفل أن ينشأ وما هي الأمور التي أحبوها أو لم يحبوها أثناء طفولتهم.
ومن المواضيع الأخرى الواجب بحثها هو ما إذا كانت الزوجة ستعود إلى عملها بعد الإنجاب مع الأخذ بعين الاعتبار أن الآراء قد تتغير بعد قدوم الطفل.
التحدي المالي
تقول بلاكليج: "تكتشف الكثير من الأمهات أنهن لا يردن العودة إلى أعمالهن رغم أن هذا لم يكن مخططا له أصلا". ففي الولايات المتحدة، لا تحصل الأم سوى على إجازة أمومة قصيرة تتراوح من ستة أسابيع إلى 12 أسبوعا، في حين أن إجازة الأمومة في بلدان أخرى قد تمتد لثلاث سنوات. تقول بلاكليج: "هذا أمر يعاني منه مجتمعنا كثيرا". فهذه الفترة القصيرة للتآلف بين الأم ووليدها تُدخل النساء الأميركيات في دوامة الصراع بين تربية الأطفال والعودة إلى العمل.
وقد يكون لهذا الأمر عواقب مالية وخيمة بالنسبة للزوجين اللذين كانا يتطلعان إلى عودة الأم إلى عملها وإلى توفر دخلين من جديد.
وقد صمّم جيوف مكنيلي (34 عاما) مدير التسويق بإحدى شركات التكنولوجيا الحيوية "جداول مالية مفصلة" لمساعدته في التنبؤ بالخيارات المالية المُتاحة له وللحد من توتره. وقد استقبل هو وزوجته كارين (30 عاما) طفلتهما ليندسي في شهر حزيران/يونيو الماضي. كارين وهي صحافية أخذت إجازة أمومة من عملها، تقول بشكل مازح: "ستكون لدينا نظرة واقعية حين يتوقف راتبي الشهري. أما الآن، وحينما أخرج للتسوّق، فإنني أحاول الاقتصاد وأحرم نفسي حتى من تناول مشروب في مقهى ستاربَكس. فأنا لا أريد أن أكون مجبرة على العودة إلى العمل قبل أن أكون مستعدة لذلك".
ويشعر تود (31 عاما) زوج آليسون، مثمّن العقارات، بالضغوط المالية هو الآخر. وتعترف آليسون: "كان علينا التكيّف فعلا مع انخفاض دخلنا إلى راتب واحد. فإذا ما أردتُ شراء قميص جديد، أو إذا ما أردنا تناول العشاء في مطعم، فإنه يتعيّن علينا التفكير كثيرا في ما إذا كان الأمر يستحق ذلك".
وليست الأبوة في الولايات المتحدة رخيصة التكاليف. فالحفاظات وحليب الأطفال ومنتجات الأطفال التي لا حصر لها في الأسواق، كلها عوامل تطلق العنان لـ"مجاراة الجيران" في كل ما يفعلونه.
تقول آليسون: "لم تكن لدينا أية مشكلات مالية قبل قدوم الطفل فقد كنا نوفر المال بشكل منتظم. أما الآن، فإذا ما تشاجرنا فإنه من المرجح أن يكون المال هو السبب".
الإرهاق وسهر الليالي
يُعد الحرمان من النوم مشكلة كبيرة بالنسبة للآباء الجدد. يعيش كارين وجيوف في ضاحية تشيفي تشيس بولاية ميريلاند. وهما يعانيان من الحرمان من النوم بشكل كبير ويدركان عواقب ذلك على علاقتهما.
تقول كارين: "لم يعد لدينا الكثير من الوقت لنمضيه معا، وأحاديثنا اليومية باتت هامشية. وحين نبدأ في التحدث ينتهي بنا المطاف إلى الحديث عن طفلتنا. أما اللحظات الحميمة فقد اختفت من حياتنا الزوجية".
وفي حقيقة الأمر يتعيّن على الأزواج أن يدركوا أن توقف الحياة الزوجية والعلاقات الحميمة أمر طبيعي ومؤقت. وبوسع الزوجين التخفيف عن بعضهما من أثر السهر ليالي طوالاً إذا ما استوعبا هذه النقطة وكانا منفتحين بشأن مشاعرهما.
تقول بلاكليج: "من الضرورة بمكان أن يكون الزوجان حميمين مع بعضهما البعض بطرق أخرى. فأنا أنصح الأزواج بالخروج في موعد غرامي مرة واحدة على الأقل في الشهر، حتى لو كان هذا الموعد الغرامي في البيت". وقد يكون ذلك عشاء هادئا والطفل بجانبهما، كما تقول. لكن النقطة المهمة هي أن هذا الوقت مخصص لهما كزوجين.
ماذا الآن؟
تقول كاوان: "الرسالة الحقيقية التي أوجهها للزوجين هي إيجاد الوقت للاهتمام بالعلاقة بينهما التي تراجعت بسبب الاهتمام بالطفل. على الأزواج أن يستمروا في التحدث إلى بعضهم البعض، وعليهم الحفاظ على الصلات بينهم كي يتمكنوا من مواجهة أية مشكلات قد تطرأ والعمل على حلها قبل أن تتفاقم".
وإذا ما كانت هناك مشاعر غامضة أو غير محسومة، فلا غضاضة في الاستعانة بأفراد العائلة والأصدقاء أو بزعيم روحي أو مرشد نفساني.
وتضيف كاوان: "إذا عانى الزوجان من مشكلة فلا يعني ذلك أن زواجهما في خطر، لكن الأمر يزداد سوءاً إن لم يعالجا المشكلة، فهي قد تظهر بأشكال أخرى غير صحية بالنسبة للزواج، كما أن الأطفال يشعرون بالمشكلة ويتأثرون بها".
قد يبدأ الزوجان العاملان دون أطفال التعامل مع مقدم الطفل بقدر من السذاجة. لكنه من الشائع أن يركز الآباء الجدد كل طاقاتهم على أطفالهم ويطوروا علاقات معهم فيما يستكشفون طبيعة وقضايا الأبوة. وهناك بعض اللحظات حينما يبدأ الزوجان في التساؤل: لماذا اعتقدنا أن الأمر سيكون رائعا حقا؟
لكن الأبوة القائمة على علاقة تتسم بالمحبة أمر رائع فعلا، كما تلاحظ كاوان، وهي أم لطفلين، وبلاكليج، وهي أم لأربعة. فإنجاب طفل ليس خدعة تسويقية من عمل الأم أو العمة.
وفي حديثها عن زوجها جيوف، تقول كارين: "لقد اكتشفت بعدا جديدا في شخصيته، إن مشاهدته وهو يمارس أبوّته أمر رائع، فهذه الطفلة تربط بيننا بطريقة ما كنا نظن أنها ممكنة، إنها حقا جزء منا نحن الاثنين، وأشعر الآن بأننا أسرة وهذا يفوق كوننا زوجين من حيث الأهمية".
ويوافقها تودّ وآليسون الرأي، حيث تقول آليسون التي اكتشفت مؤخرا أنها حامل بطفلها الثاني: "لقد تجاوزنا الكثير من العقبات وأشعر الآن بأننا فريق متكامل. وإذا ما كنتُ حزينة في لحظة ما، فإنني أعرف أنه سيفعل كل ما في وسعه لجعل الأمور تسير على ما يُرام".
إن الأمر الذي ينبغي تذكره هو أن الحياة الزوجية السعيدة ترافقها آلام متناوبة. فالأزواج الذين يبحرون في عالم الأبوة ويجدون السعادة والمحبة عند أحدهما الآخر هم الذين يستطيعون تجاوز كل الصعاب وتجديد العهد بينهما في كل حين.
--------------------------------------------------------------------------------
|
|
 
|
|
|
|
محمد الامين محمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست