|
الحمير : دعوة للقراءة
|
الحمير : دعوة للقراءة عبد اللطيف البوني [email protected] نقلا عن الرأى العام 27-11:
نحن في السودان نهوى اوطانا هذه الأولى، والثانية وإن رحلنا بعيد نطرى خلانا... اما الثالثة فاننا نظلم الحمير ظلم الحسن والحسين وإن شئت السودنة قل ظلم موم وملوال، فنصفه بالغباء والقبح مع أن الراحل عوض دكام يقول إن أجمل اسنان في الدنيا هي اسنان الحمار.. وقد تجاهلنا تماماً ما قدمه الحمار للتنمية في السودان فكل المشاريع الزراعية قامت على الحمير التي تقل العمال والمزارعين بل ومشروع الجزيرة كان أول مدير له واوائل المفتشين يركبون الحمير كالمزارعين تماماً ولكنهم «الانجليز» كان يصادرون حمير المزارعين التي تعجبهم بعد دفع القيمة ولكن إدارة المشروع الآن تركب «اللماتتسماش» وكبار موظفيه وكبار مزارعيه خاصة اعضاء الاتحاد يركبون «الدبل قبين» وآخرون يركبون الهايلوكس 78 . لقد تركوا الحمير لبؤساء المزارعين وما اكثرهم، وبقية ناس قريعتي راحَت كبار المتعلمين في السودان والطالعين في الكفر الآن من اطباء ومهندسين ورجال اعمال وسياسيين معظمهم درس المرحلة الابتدائية على ظهر حمار فكانوا ينتقلون من وإلى المدرسة بالحمير فالمدارس يومها كانت الواحدة منها تقام لعدة قرى متجاورة ولم يكتفوا بالركوب على ظهورها فقط بل لهم فيها مآرب أخرى ويمكن أن يُسأل هنا صديقنا الحميم دكتور فتح العليم عبد الله صاحب كتاب «عجائب الخرطوم السبع» لمزيد من التوضيح. ونحن في اللعوتة ما زلنا نذكر حمار استاذنا شيخ حامد ناظر المدرسة الذي كان يداوم على ظهر حماره ومن التلاميذ من تخصص في علفه وآخر في وضع السرج عليه وثالث تخصص في ارجاعه عندما يعير ونقول عار الحمار إذا انطلق من مربطه وجرى يطارد «حسناوات» الحمير، فانثى الحمير دائما ودودة لا تعير حتى وان كان بها شبق «هذه الفقرة نهديها للذين نسوا الحمير وعملوا فيها ولا عشرة بقرش».
الاخبار القادمة من دارفور تقول إن الحمير الأليفة قد هجرها أهلها الى المعسكرات لانهم هجروا الزراعة ومعظمها قد توحش واصبحت حميراً ضالة مثل الكلاب الضالة تجوس خلال الديار وتعبث بكل شيء وان تم السلام اليوم او غداً وعاد الناس إلى قراهم سوف تواجههم مسألة فقدان الحمير فهي أهم أداة من أدوات الانتاج، كما أن الجمعيات الطوعية العالمية التي تعمل في دارفور لن تساعدهم في استجلاب حمير جديدة أو إعادة «توليف» حميرهم القديمة لان ذلك يتناقض مع مباديء جمعيات الرفق بالحيوان في أوروبا. كما أن ذات الجمعيات لن تقوم بعمل طرق مسفلتة ومد الاهالي بعربات صغيرة ولو كانت «تيكو».. الغريب في الأمر أن الحمير لعبت دوراً كبيراً في الحرب الأفغانية ولكنها في دارفور لم تقم بهذا الأمر وربما يرجع ذلك الى الدول «الكريمة» التي مدت المقاتلين بعربات «بك أب»، مسكينة الحمير في دارفور.
للحمير افضال على البشرية كافة فهي قد علمتها الهروب، فذكر الحمير عندما تطلع الشهوة في رأسه يقطع الحبل او يقلع البربندي ويطلق لارجله وصوته العنان ؛ واحياناً يقدم خدماته بكل أدب عندما تطلب منه لزوم تحسين النسل. والحمير علمت البشرية الاضراب فالحمار احياناً «يحرن» فيتوقف عن المشي ويخفض رأسه على الأرض وينفخ بطنه ويحدث زفيراً قوياً يثير التراب وساعتها لا ينفع فيه اي ضرب ولا يملك راكبه إلا الترجل وانتظار زوال حالة الغضب عنه، الحمير علمت البشرية الثورة ، فالحمار احياناً «يفنجط» والفنجطة هي أن يتقافز الحمار في الهواء وهو في حالة ثورة فيرفع ذيله الى أعلى وتخرج منه اصوات مرعبة ويلوي عنقه إلى بطنه واحياناً يثبت رجليه الخلفيتين ويرفع الاماميتين، واحيانا يتمرغ في التراب وفي كل حالات الفنجطة يسقط كل ما على ظهره . اذن الحمير ليست دائماً وديعة وغبية وقبيحة انما لها حالات أخرى . انتهى المقال.. ولتبدأ القراءة.
|
|
 
|
|
|
|