ترسيم الحدود مابين الشمال والجنوب... الخطوة العملية لفصل السودان الي دولتين ؟

Quote: على الرغم من ان احداث الاثنين الدامي كانت امتحانا عسيرا ودفعت بالبعد الاجتماعي الى واجهة الاحداث في مسار تنفيذ اتفاقية السلام، الا ان القضايا ذات البعد السياسي والاقتصادي (الاراضي.. النفط.. المليشيات) ظلت تضغط وبشدة على الطرفين لجهة تسوية القضايا العاجلة وطغت على البعد الآخر من المعادلة لا سيما في المعالجة الاجتماعية التي لا تقل حساسية وخطورة عن البعد السياسي خاصة مايتعلق منها بالاوضاع المعيشية والخدمية التي ظلت تطحن المواطنين بصورة مستمرة ومضطردة في وقت الحرب فالجوعى والمرضى سريعو الغضب. فالحديث عن بطء ايقاع تطبيق اتفاقية السلام لم ينقطع منذ التوقيع عليه في التاسع من يناير من العام الحالي 2005 وكانت الامم المتحدة الاعلى صوتا ، ففي اول لقاء رسمي لممثلها بعد رحيل قرنق مع زعيم الحركة الشعبية الجديد الجنرال سلفاكير ميارديت في مدينة جوبا الاسبوع الماضي اثارت الامم المتحدة قضية تباطؤ الطرفين في تطبيق بعض البنود التي اعتبرتها اساسية في اتفاق السلام وحددتها في تسوية بعض القضايا الخلافية العالقة قبل رحيل الدكتور قرنق، وهي الاراضي والوضع القانوني للعديد من المناطق النفطية في وسط البلاد ونشاط بعض المليشيات في تلك المناطق بالاضافة الى عدم تشكيل لجنتي الرقابة والتقويم واللجنة السياسية المكلفة بمراقبة الهدنة بين قوات الحكومة والحركة الشعبية. ورغم المخاوف التي ظلت تبديها تلك الجهات من وقت لآخر جراء البطء في تنفيذ اتفاق السلام مع مضي الزمن وتواتر الاحداث بيد ان الطرفين ا لحكومة والحركة بقيا ساكنين لم يبديا اية محاولة لتبديد تلك المخاوف، وارجع المراقبون تفسير ذلك الى الملفات الشائكة والمعقدة والمشاكل والصعوبات الداخلية التي تواجه كلاً من المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ، فالمؤتمر الوطني امامه اكثر من ملف ساخن (الغرب والشرق والتجمع) في ايدي مجموعة صغيرة ليست لديها متسع من وقت في البت في قضايا اخرى والحركة الشعبية تمر بمرحلة مخاض عبر التحول من حركة عسكرية ثورية الى حزب سياسي حاكم. قضايا تسوية الخلافات على الاراضي والوضع القانوني للعديد من المناطق النفطية التي اثارها مبعوث الامم المتحدة الى السودان يان برونك في مؤتمره الصحفي الذي عقده الاسبوع الماضي بمدينة جوبا لم تكن جديدة، باعتبارها من المسائل التي فجرها تقرير الخبراء حول منطقة ابيي وهي من الخلافات العالقة قبل رحيل قرنق، ولكن الجديد في حديث برونك هو مالفت اليه النظر بان هناك نشاطاً لبعض المليشيات - لم يسمها- في تلك المناطق وانه لا مشاكل في شمال السودان او جنوبه بل المشكلة في وسط البلاد. الناطقة باسم برونك راضية عاشوري قالت في حديث لها مع الصحافة إن اول امتحان واجهه الطرفان في تنفيذ الاتفاق كان هو تقرير الخبراء حول منطقة ابيي واشارت الى ان هناك امتحانات اخرى ستواجه الطرفين اثناء ترسيم الحدود مابين الشمال والجنوب. وقال برونك الا يقصد الوسط الجغرافي في حديثه حول ان المشكلة في وسط البلاد وليس في جنوبه او شماله وانما يقصد منطقة ابيي التي لم تتم تسوية مشكلتها بصورة نهائية، واضافت عاشوري بان تسمية تلك المناطق بالانتقالية يعطي انطباعاً بان هناك خلاف حولها وترى عاشوري ان المشاكل بتلك المناطق ليست بالضرورة سياسية وانما هي مشاكل حول الاراضي وسبل كسب العيش والتنمية او الصراع حول الموارد وتعتقد عشاوري بان هناك امل كبير لتجاوز المشكلة بصورة مرضية. وحول نشاط بعض المليشيات في تلك المناطق قالت عاشوري إن المليشيات مفهومها واسع والواقع القبلي يفرز مجموعات مسلحة وترى بان المليشيات بتلك المناطق لا تعمل لصالح طرف لانها نشأت لاسباب محلية وليست لها رؤية سياسية ولكنها تخوفت من ان تتحول او تكون لها اجندة سياسية وتابعت نحن متخوفون جدا من تحركات العناصر التي لا تدعم عملية السلام وتسعى لاحداث بلبلة وزعزعة وتسعى لتخريب الاتفاق بشكل او بآخر واردفت قائلة لا اقول ان هذه المليشيات تستطيع الاطاحة بالاتفاق ولكن يمكنها تعطيل تنفيذه او تطبيقه بالصورة الامثل. { وحول طبيعة ونوعية المليشيات جنوبية ام شمالية قالت هنالك العديد من المليشيات لا ارغب في ربطها بأية جهة معينة ولكن ما استطيع قوله هو ان المنطقة تعج بالمليشيات وانتم تعرفونها ونحن نعرفها لا تنظر بعين الرضا للاتفاقية وهؤلاء لا يوجدون في جغرافيا واحدة ولكنهم موجودون في الشمال والجنوب والغرب والشرق، وترى عاشوري بان الطرفين عالجا مشكلة المليشيات بحكمة بتخييرها الانضمام لاحد الطرفين او الدخول في برامج الـ D.D.R (تسريح واعادة نشر القوات) او التحول الى حزب سياسي. واعتبرت عشاوري هذه الخيارات موضوعية وصائبة. وحول حديث برونك بان عدم تشكيل لجنة الرقابة والتقويم واللجنة السياسية المكلفة بمراقبة الهدنة بين قوات الحكومة والحركة الشعبية سيؤدى الى عدم احراز ا ي تقدم في تنفيذ الاتفاق. قالت عاشوري بان لجنة الرقابة على الهدنة التي ترأسها الامم المتحدة ظلت تجتمع بصفة دورية ولكن لم تجد الجهة التي ترفع لها تقريرها وهي اللجنة السياسية التي لم يتم تشكيلها حتى الآن والمفترض تكوينها من الحكومة والحركة الشعبية بالاضافة الى لجنة الرقابة والتقويم ايضا الموكول لها مهمة المتابعة والاشراف على تنفيذ الاتفاق. فيما كان رد الحزب الحاكم حول هذا الامر مقتضبا وجاء على لسان عضو الوفد المفاوض الدكتورامين حسن عمر الذي قال بان كل اللجان تم تشكيلها موضحا ان اعمالها لم تنتهِ اليوم او غدا لانها مستمرة طوال الفترة الانتقالية. وكان يان برونك قد عقد اجتماعا مطولا بجوبا مع قيادة الحركة الشعبية الجديدة بزعامة سلفاكير تناول العديد من القضايا حيث طرحت الحركة اولوياتها بانشاء المؤسسات التعليمية والخدمية من مياه وطرق ومستشفيات بالاضافة الى وسائل النقل البرية والجوية والاتصالات وطرحت الامم المتحدة خطتها حول نشر قوات حفظ السلام واوجه التعاون والمساعدة التي يمكن ان تقدمها الحركة لانجاح نشر القوات وتوصيل المساعدات الانسانية للمتضررين.