أجمل ما كتب من الأدب منذ بداية الخلق وحتى الآن ..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 09:36 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-12-2005, 01:01 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أجمل ما كتب من الأدب منذ بداية الخلق وحتى الآن ..

    شفق المغيب ليس دماً ولكنه حناء في قدم المرأة ، والنسيم الذي يلاحقنا من وادي النيل يحمل عطراً لن ينضب في خيالي ما دمت حيا . وكما تحط قافلة رحالها حططنا رحلنا. بقي من الطريق أقله . طعمنا وشربنا . صلى أناس صلاة العشاء ، والسواق ومساعدوه أخرجوا من أضابير السيارة قناني الخمر ، وأنا استلقيت على الرمل وأشعلت سيجارة وتهت في روعة السماء . والسيارة أيضاً سقيت الماء والبنزين والزيت ، وهي الآن ساكنة راضية كمهرة في مراحها . انتهت الحرب بالنصر لنا جميعاً ، الحجارة والأشجار والحيوانات والحديد ، وأنا الآن تحت هذه السماء الجميلة الرحيمة أحس أننا جميعاً أخوة . الذي يسكر والذي يصلي والذي يسرق والذي يزني والذي يقاتل والذي يقتل . الينبوع نفسه . ولا أحد يعلم ماذا يدور في خلد الاله . لعله لا يبالي . لعله ليس غاضباً . في ليلة مثل هذه تحس انك تستطيع أن ترقي إلى السماء على سلم من الحبال . هذه أرض الشعر والممكن والمستحيل . سنهدم وسنبني وسنخضع الشمس ذاتها لا رادتنا وسنهزم الفقر بأي وسيلة . السواق الذي كان صامتا طول اليوم ها قد ارتفعت عقيرته بالغناء . صوت عذب سلسبيل لا تحسب انه صوته . يغني لسيارته كما كان الشعراء في الزمن القديم يغنون لجمالهم :

    دركسونك مخرطة و قايم على بولاد
    وغير ست النفور الليلة ما في رقاد
    وارتفعت صوت آخر يجاوبه :
    تأوين السفر من دار كول والكمبو
    هوزز راسه فرحان بالسفر يقنبه
    أب دومات غرفن عرقه اتنادن به
    ضرب الفجة وأصبح ناره تاكل الجنبه
    ثم نبع صوت ثالث يجاوب الصوتين:
    واوحيحي ووا وجع قلبي
    من صيدة القنص الفترت كلبي
    القاري العلم من دينه بتسلبي
    والماشي الحجاز من جده بتقلبي

    نحن هكذا وكل سيارة تمر بنا طالعة أو نازلة ، تقف ، حتى اجتمعت قافلة عظيمة ، أكثر من مائة رجل طعموا وشربوا وصلوا وسكروا . ثم تحلقنا حلقة كبيرة ، ودخل بعض الفتيان وسط الحلقة ورقصوا كما ترقص البنات وصفقنا وضربنا الأرض بأرجلنا وحمحمنا بحلوقنا ، وأقمنا في قلب الصحراء فرحاً للاشيء . وجاء أحد بمذياعه الترانزستور، وضعناه وسط الدائرة ، وصفقنا ورقصناه على غنائه. وخطرت لأحد فكرة ، فصف السواقون سياراتهم على هيئة دائرة وسلطوا أضوائها على حلقة الرقص ، فاشتعلت شعلة من الضوء لا أحسب تلك البقعة رأت مثلها من قبل . وزغرد الرجال كما تزغرد النساء وانطلقت أبواق السيارات جميعاً في آن واحد . وجذب الضوء والضجة البدو من شعاب الوديان وسفوح التلال المجاورة ، رجال ونساء ، قوم لا تراهم بالنهار كأنهم يذوبون تحت ضوء الشمس . اجتمع خلق عظيم ودخلت الحلقة نساء حقيقيات ، لو رأيتهن نهاراً لما أعرتهن نظرة ، ولكنهن جميلات في هذا الزمان والمكان . وجاء اعرابي بخروف وكأه وذبحه وشوي لحمه على ناء أوقدها . وأخرج أحد المسافرين من السيارة صندوقين من البيرة وزعهما وهو يهتف : " في صحة السودان . في صحة السودان " . ودارت صناديق السجائر وعلب الحلوى ، وغنت الاعرابيات ورقصن ، وردد الليل والصحراء أصداء عرس عظيم كأننا قبيل من الجن . عرس بلا معنى ، مجرد عمل يائس نبع ارتجالا ً كالأعاصير الصغيرة التي تنبع في الصحراء ثم تموت . وعند الفجر تفرقنا . عاد الاعراب أدراجهم إلى شعاب الأدوية . تصايح الناس : " مع السلامة . مع السلامة " . وركضوا كل إلى سيارته .أزت المحركات ، وتحولت الأضواء من المكان الذي كان قبل لحظات مسرح أنس ، فعاد إلى سابق عهده ، جزء من الصحراء. واتجهت أضواء السيارات ، بعضها نحو الجنوب صوب النيل ، بعضها نحو الشمال صوب النيل . وثار الغبار واختفي ثم ثار واختفى . وأدركنا الشمس على قمم جبال كررى أعلى أم درمان .

    "مقطع من رواية موسم الهجرة إلى الشمال .. الطيب صالح "
                  

09-13-2005, 03:24 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37010

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أجمل ما كتب من الأدب منذ بداية الخلق وحتى الآن .. (Re: عاطف عبدالله)

    ان جدي كان كشجرة السيال حادة الاشواك صغيرة الاوراق،تصارع الموت لانها لا تسرف في الحياة

    من موسم الهجرة الي الشمال ايضا
    ولاحظ الوصف الادبي لرجل علمي لنباتات الصحراء xerophyte وتحوراتها المرفولجية ودلالاتها الصوفيةفي الزهد

    التحية لك عاطف عبدالله وين الغيبة
                  

09-14-2005, 01:43 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أجمل ما كتب من الأدب منذ بداية الخلق وحتى الآن .. (Re: adil amin)

    الأديب والكاتب الفنان عادل أمين
    أختيارك موفق من هذا النبع العبقري الصافي الطيب صالح ..
    أتمنى أن يسير هذا البوست لإعادة قراءة الطيب صالح ، خاصة للأجيال الجديدة التي سمعت عنه كثيرا ولم تقرأ له بعد .. فلنختار مقاطع من أعماله ، قد لا تزيدنا قناعة عن قناعتنا به ولكن ليثبت إيماننا بعبقريته وتفرده هذا الإنسان خاصة في وصفه وتحليله لإنسان السودان ، والدعوة موجهة للأستاذ عبد المنعم عجب الفيا والأستاذة الجندية والأديب الشاعر عبد القادر الكتيابي لما جمعتهم به من علاقة ولجميع الأخوة المهتمين.
    وهنا أقدم مشهدا آخر لعبقرية هذا اللفنان في كيفية الأستثمار الذكي وتسويق الحدث الروائي والأستفادة القصوى منه وبثلاثة أوجه متباينة، كما جرى لخبر عرس الزين الذي كان يمكن أن يكون عابرا وعاديا في أي عمل روائي ، حتى لو شيدت كل أحداث الرواية وبنائها الدرامي فيما بعد على ذلك الحدث أو الخبر .
    ودمت أخي الأستاذ عادل أمين

    قالت حليمة بائعة اللبن لآمنة - وقد جاءت كعادتها قبل شروق الشمس - وهي تكيل لها لبنا بقرش :
    "سمعت الخبر ؟ الزين مو داير يعرس " .
    وكاد الوعاء يسقط من يدي آمنة . واستغلت حليمة انشغالها بالنبأ فغشتها اللبن .
    كان فناء المدرسة " الوسطى " ساكنا خاويا وقت الضحى ، فقد أوى التلاميذ إلى فصولهم ، وبدأ من بعيد صبي يهرول لاهث النفس ، وقد وضع طرف ردائه تحت إبطه حتى وقف أمام باب " السنة الثانية " وكانت حصة الناظر .
    " يا ولد يا حمار . إيه أخرك ؟ "
    ولمع المكر في عيني الطريفي :
    " يا فندي سمعت الخبر ؟ "
    " خبر بتاع إيه يا ولد يا بهيم ؟ "
    ولم يزعزع غضب الناظر من رباطة جأش الصبي ، فقال وهو يكتم ضحكته :
    " الزين ماش يعقدو له بعد باكر "
    وسقط حنك الناظر من الدهشة ونجا الطريفي .
    وفي السوق أقبل عبد الصمد على دكان شيخ علي ، محتقن الوجه ، ليس ثمة أدنى شك في أنه غضبان . كان له على شيخ علي ، تاجر العماري ، دين ماطله عليه شهرا كاملا - وقد قرر أن يخلصه منه ذلك اليوم ، بالخير أو بالشر .
    " علي . أنت يعني قايل أنا ما بخلص قروشي منك ، ولا فكرك شنو ؟ "
    " حاج عبد الصمد . كدى قول بسم الله واقعد نجيب لك فنجان جبنة "
    " يا زول جبنتك طايره عليك ، قوم افتح الخزنة دي ادني قروشي ، ولا كمان أن بقيت ما بي ضمه كمان فهمني "
    وبصق شيخ علي على " السفة " من فمه
    " كدى اقعد اتحدثك بالخبر دا "
    " يا زول أنا مو فاضي لك ولا فاضي لي خبيراتك ، باقي أنا عارفك مستهبل داير تطرتش على قروشي " . " يمين قروشك حاضرات ، كدى اقعد انحكيلك حكاية عرس الزين"
    " قلت عرس منو ؟ "
    " عرس الزين "
    وجلس عبد الصمد ووضع يديه على رأسه وظل صامتا برهة ، وشيخ علي ينظر إليه مغتبطا بالأثر الذي أحدثه . وأخيرا وجد عبد الصمد ما يقول :
    " أي لا إله إلا الله محمداً رسول الله . عليك الرسول يا شيخ علي دار حديث شنودا ؟ "
    ولم يخلص عبد الصمد دينه في ذلك اليوم
                  

09-13-2005, 10:30 AM

منوت
<aمنوت
تاريخ التسجيل: 03-18-2002
مجموع المشاركات: 2641

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أجمل ما كتب من الأدب منذ بداية الخلق وحتى الآن .. (Re: عاطف عبدالله)

    " ... رأيت الدُّهمة تتشَوْبَحْ بين النهر و السماء كأنها ممدّدة بين النار على الشاطئ و قبس الفجر الباهت تحت خط الأفق ... أشرعت أسلحتي ، يس ، حَاميم ، كافْ لامْ ميم ، قَافْ صادْ عينْ ، و كل اسم يدفعني إلى أعلى حتى عدت إلى قريب في حالتي الأولى و قلبي يتقافز و عرقي يتصبب و حالتي من الكرب و البلاء ما لا يعلمه إلا الله ... سألته و أنا على تلك الحالة ، و ما بي حاجة إلى سؤال :
    أنت شيطان أم إنسان ؟
    فأجابني و هو واقف أمامي ، و كأن ما بيني و بينه مقدار مائة فرسخ . قال بلغة عربية و لكنة أعجمية :
    شيطان ... "

    ( الطيب صالح ، ضو البيت / بندر شاه ، صفحة 112 - 113 ) .
                  

09-14-2005, 01:47 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أجمل ما كتب من الأدب منذ بداية الخلق وحتى الآن .. (Re: منوت)

    منوت يا رائع
    دعنا نبحر أكثر ونغوص أعمق في هذا البحر الذي يعرف بالطيب صالح ، فدرره ويواقيته لا تحصى ..
    ودمت يارجل يا فنان
                  

11-20-2005, 06:58 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أجمل ما كتب من الأدب منذ بداية الخلق وحتى الآن .. (Re: عاطف عبدالله)

    بالله واصل في هذا الجمال



    تعتب جداً في الفتيش

    يلا واصل ياخينا

    خضر
                  

11-21-2005, 00:32 AM

حمزاوي
<aحمزاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2002
مجموع المشاركات: 11622

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أجمل ما كتب من الأدب منذ بداية الخلق وحتى الآن .. (Re: عاطف عبدالله)

    اذا بلغ الكوز لنا الوزارة تخر له الخزائن صاغرينا
    ويأكل أكلاً ويسف سفاً ويصبح بطنه كرشاً كبيراً

    يا عاطف اخوي
    بالله انا مش شاعر
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de