|
|
 الجريمة الأولي في الوجود : عنصرية إبليس !
|
رئيس مجلس الإدارة:
طه علي البشير
مسارب الضي
الجريمة الأولى في الوجود :عنصرية إبليس !
الحاج وراق
* خلافا لما يعتقد الكثيرون من المسلمين، ومن المؤمنين عموما، فإن أول جريمة في الوجود ليست قتل قابيل لهابيل، وانما العنصرية ! واول مجرم في الوجود ابليس ، فقد عصى الامر التشريعي الالهي بالسجود لآدم ، على اساس انه من نار بينما آدم من طين ! بما يعني ان ابليس اول عنصري، وان العنصريين في كل زمان ومكان، انما يتبعون خطوات ابليس، أى (أخوان ابليس) !
هذا ما توصل إليه الباحث في الفكر الاسلامي،الاستاذ عبد المنعم مصطفي النعيمة، بعد تأمل متعمق في النصوص القرآنية.
وفيما يلي، اورد المساهمة المتميزة للاستاذ عبد المنعم التي تثبت هذه الاطروحة :
* (تتجه الاذهان في اغلب الاحيان عند السؤال عن الجريمة الاولى في الوجود، تتجه الي جريمة القتل، وهي قتل قابيل لاخيه هابيل،ولكن هذه هي الجريمة الاولى على الارض، وجريمة القتل على بشاعتها والتي تستنكرها كل الشرائع السماوية والانسانية ليست هي الجريمة الاولى والاخطر في الوجود، فالجريمة الاولى والاخطر في الوجود إنما هي جريمة ابليس.
* ابليس كان مدركاً لوجود الله، فهو بذلك لم يرتكب الجريمة التي لا تقبل الغفران (ان الله لا يغفر ان يُشركَ به) النساء ، 116، ولكنه اي ابليس، ارتكب جريمة كبرى تستوجب التحقير واللعن والطرد من قبل الله.
وابليس مخلوق لا ندركه بأدوات الحس، ولكن تأثيره وعداوته للانسان صريحة ومبنية على تلك الجريمة «ان الشيطان لكما عدو مبين) الاعراف 22 . والمعني في «كلكما» الرجل والمرأة ويمتد الخطاب للانسانية قاطبة، (ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين) البقرة 168، وتتعدد ايات القرآن في ذلك.
* خصّ الله آدم بأن نفخ فيه من روحه، وعندما تميز آدم بالعلم والمعرفة (البقرة الايات 31 ــ 34)، امر الله الملائكة بالسجود له، فسجدوا الا ابليس ابي، ولم يكن رفض إبليس للامر الالهي هو الذي اوجب دحره ولعنه، بل دوافع واسباب ابليس من وراء ذلك الرفض، فقد ابدى ابليس تحقيره للانسان «قال لم اكن اسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأٍ مسنون) الحجر 33. ويواصل القرآن في تصوير موقف ابليس الملئ بالسخرية والاستهزاء من الانسان، «ٍقال أأسجد لمن خلقت طينا» الاسراء 61 .
(أرأيتك هذا الذي كرمتَ علىّ) الاسراء 62 .
* وينبهنا القرآن لجدل وخصام ابليس، ويصف الحدث بالجسامة التي تستدعى الفهم والادراك (قل هو نبأ عظيم * انتم عنه معرضون) ص 67 ، 68 .
ويواصل القرآن استجلاء تفاصيل الحدث، (قال يا ابليس ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي استكبرت ام كنت من العالين) ص 75 .
فماهي الاسباب التي ابداها ابليس للاجابة علي السؤال : «قال انا خير منه». وعلى اى اساس بنى ابليس خيريته وافضليته ؟! «قال : خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين» ص 76 .
«قال ما منعك ان تسجد اذ امرتك قال اناخير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين» الاعراف 12.
فابليس انطلق من الاستعلاء العنصري بأنه الافضل والاخْيَر، وهو افتراء محض في وجه خالقه وآدم،. وهكذا فإن مؤسس الاستعلاء العنصري وداعيته هو ابليس بدون منازع ، والاستعلاء بالاصل والعنصر جريمة أخطر من مجرد القتل الفردي، فهو يؤدي الي الفتنة «والفتنة اكبر من القتل) البقرة 217. وكل من يتشرب الاستعلاء بالعرق والعنصر تجاه اى انسان مسلم اوغير مسلم، فهو يقتدى بابليس . * وتدل وقائع التاريخ والواقع المعاصر بأن الاستعلاء بالأصل والعنصر يولد الحسد والحقد واللجاجة في العداوة والحروب والظلم المؤسسي، ويحدث استكباراً يخل بالسلم الاجتماعي.
* وان التلميح او التصريح او المزحة بالتمييز بين البشر على اساس الاصل والعرق، تناهض القرآن وتتبنى منهج ابليس ودوافعه.
* ويدلنا تراث الانبياء علي ذلك بوضوح ، فبعد الاستعباد والاضطهاد اللذين تعرض لهما الاسرائىليون بمصر، ثم عبورهم البحرمع موسى عليه السلام ، ادعى الاسرائىليون انهم شعب الله المختار، ورفضوا النبي صلي الله عليه وسلم الخاتم لمجرد انه لم يكن اسرائىليا، فلحقهم مصير ابليس (فباءوا بغضب على غضب» البقرة 90 ويرجع استعلاء الاسرائىليين في اصله إلى استحقارهم لاسماعيل وهو الابن البكر لابراهيم الخليل، وقد استهجنوا ولادته من هاجر وهي (خادم) كوشية (سودانية)، ولذا اعتقدوا ان اسماعيل لا يستحق وراثة النبوة، ولسخرية الاقدار فاسماعيل هو جد العرب العاربة الذين تنتسب اليهم قريش.
* وقد اختارالحق عزّ وجلّ نبيه الخاتم صلي الله عليه وسلم من قريش، وانتقي اللسان العربي لرسالته، ولكنه لم ينتقِ الشعب (عكس وضع بني اسرائىل)، ومن هنا فإن الافضلية والخيرية في امته لمن يتبع نموذج الرسول صلي الله عليه وسلم، ومنهج القرآن، وليس لاصله او عنصره او عرقه.
فذلك الرجل الوسيم الصبوح «ابولهب»، هوعم النبي صلي الله عليه وسلم «لزم»، كما نقول في عاميتنا، ولم يشفع له نسبه فهو مطرود من رحمة الله لرفضه الرسالة، «تبت يدا ابي لهب وتب»، ولكن الفارسي الاعجمي الملتزم بالمنهج، سلمان (سلمان منا آل البيت)، كما قال النبي الحبيب ، واسامة بن زيد هو «الحب ابن الحب»، ولم تمنع من ذلك سحنته اوامه السوداء، فهو في ذلك اشرف واعز من صناديد قريش.
* وإن النص القرآني قاطع الدلالة في خطابه للبشرية «يا ايها الناس انّا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله اتقاكم .. »الحجرات 13.
* وهذا ما ركز عليه النبي صلي الله عليه وسلم في حجة الوداع «يا ايها الناس كلكم لآدم وآدم من تراب. لا فضل لعربي على اعجمى، اواسود على احمر الا بالتقوى» .
* ان العنصرية كريهة ونتنة، فأمر النبي صلي الله عليه وسلم بتركها .
وان ابليس هو رائد الاستعلاء بالاصل والعنصر، ذلك الاستعلاء والاستكبار الذي يؤسس للظلم بكل مظاهره الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والظلم ظلمات يوم القيامة.
* وإن كرامة الإنسان هي كرامة لكل الاعراق «ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا» الاسراء 70 ، فالتكريم والافضلية هما بحكم الآدمية، غض النظر عن القبيلة اوالعرق.
* ولهذا حين اشتكى القبطي لعمر الفاروق، واليه بمصر، عمرو بن العاص، استدعى عمر الوالي وامر ابن القبطي ان يضرب ابن عمرو، وهو يحرضه (اضرب ابن الاكرمين) ثم اعلنها عمر بن الخطاب داوية «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم اماتهم احراراً» .
فهذا هوالخليفة الراشد الثاني، يدافع عن كرامة الإنسان بغض النظر عن الدين او العرق او الأصل، سائرا على منهج القرآن ونموذج النبي صلي الله عليه وسلم .)
عبد المنعم مصطفي النعيمة
كاتب وباحث
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست